النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 396

  1. #1

    اقلام واراء عربي 396

    اقلام واراء عربي 396
    12/5/2013


    في هذا الملــــف:
    المقاومات حين تعود إلى وظائفها الأصلية
    بقلم: إيلي عبدو عن الحياة اللندنية
    فلسطين ليست للبيع!
    بقلم: حداد بلال القدس العربي
    هبوط عربي جديد في الملف الفلسطيني
    بقلم: صادق إدريس (كاتب مغربي) عن القدس العربي
    من قال بأن العرب بحاجة إلى تنوير؟!
    بقلم: هاشم صالح عن الشرق الأوسط
    القدس «شبعت حكي»
    بقلم: عمر عياصرة عن السبيل الأردنية
    آخر الغارات!
    بقلم: حبيب فياض عن السفير البيروتية
    الأقصى.. بحاجة لانتفاضة «رسمية»
    بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
    إسرائيل" وسياسة حافة الهاوية
    بقلم: محمد خليفة عن الخليج الاماراتية
    ماذا أصاب حماس؟
    بقلم: حسين لقرع عن الشروق الجزائرية
    المقاومات حين تعود إلى وظائفها الأصلية
    بقلم: إيلي عبدو عن الحياة اللندنية
    كان لافتاً في الخطاب الأخير للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله والذي خصصه للتعليق على مستجدات الوضع السوري وما أُثير عن تدخل حزبه هناك، دعوته ما سماه «فصائل المقاومة» في فلسطين للتنبه من عدوان إسرائيلي جديد. وإذا كان المقصود بفصائل المقاومة حركة حماس والتنظيمات التي تدور بفلكها، فإن تناقضاً كبيراً يبرز في كلام نصر الله. ذاك أن المقاومة في فلسطين المدعوة وفق الخطاب لرد عدون إسرائيلي مباغت تعد من أبرز المناصرين لثورة الشعب السوري فيما «حزب الله» يقاتل في القصير ومنطقة السيدة زينب دفاعاً عن نظام بشار الأسد.
    هذا التناقص ليس أمراً عارضاً في فهم تركيبة حركات المقاومة التي شغلت تفكيرنا السياسي لعقود مضت. فإسرائيل في خطاب «حزب الله» حليفة للمعارضة السورية وأي محاولة لإسقاط نظام دمشق يخدم بالدرجة الأولى «الكيان المُغتصب». لكن حركة حماس التي تتولى التصدي لإسرائيل على جبهة غزة تدعم هذه المعارضة بشكل علني، حتى أن بعض التقارير تتحدث عن عناصر من الحركة تقاتل إلى جانب «الجيش الحر» في جنوب دمشق.
    وبصرف النظر عن التحولات السياسية الإقليمية والدولية التي صنعت هذه المعادلة المتهافتة والركيكة، فإن ما قاله نصر الله في خطابه منذ أيام يكشف عن افتراق مقاومتين طالما ورطتا المنطقة بحروب عبثية، والافتراق هنا ليس مرده الثورة السورية وإنما وجهة النظر نحو إسرائيل التي كشفتها هذه الثورة. «حزب الله» ينظر إلى إحتمال سقوط النظام السوري كإضعاف لمحور الممانعة والذي يشكل دعامته اللوجستية لمواجهة إسرائيل. فيما حركة حماس لا تبالي بسقوط «قلعة العروبة» بعد أن باتت في محور آخر يقف في موقع الخصومة لها.
    ولعل هذا التناقض ليس اختلافاً بالنظرة الاستراتيجية حيال إسرائيل عبر التعامل مع المسألة السورية بقدر ما هو نتيجة للسرديات التي انتجها كل من الحزب والحركة المقاومان عن «العدو الغاصب» للأرض العربية. الأولى كانت امتداداً لحركة التحرر الفلسطينية بلون إسلامي سني، يتخذ من تنظيم الإخوان المسلمين له مثالاً.
    فيما الثانية امتداد لحركة المقاومة اللبنانية أيضاً بلون إسلامي شيعي يستمد نموذجه من ولاية الفقيه الإيرانية. من البديهي أن البنى التي كوّنت الحركتين حكمتا سرديتهما بالنسبة لإسرائيل، وذلك في ظل خطاب عمومي يتكئ على الرطانة القومية العروبية للتعبير عن نفسه.
    «حماس» وجدت في إسرائيل عدواً يحتل أرض فلسطين التي تعتبرها وقفاً إسلامياً سنياً فيما «حزب الله» رآها كياناً غاصباً للأراضي الواقعة في جنوب لبنان ذات الغالبية الشيعية. هذه النظرة تبدت بشكل واضح في البناء الإيديولوجي لمقاتلي الحركتين عبر تبريرات دينية تستند على تعاليم أكبر مذهبين متفارقين في الإسلام. هكذا وراء الكلام المفخم عن الطريق إلى القدس كان البعد المذهبي يرصّف الطريق. العدو بالنسبة للحركة السنّية كان غيره عند الحزب الشيعي.

    بدأ السيد نصر الله خطابه الأخير بنفي قاطع للاتهامات الإسرائيلية حول قيام حزبه بإرسال طيارة من دون طيار إلى أجواء «العدو» ليتحدث بعدها عن حساسية مفرطة تحكم مسألة حماية المقامات الدينية في سورية لا سيما مقام السيدة زينب في دمشق. محذراً من أن جماعات جهادية تريد هدمه كما حصل لمقامات مشابهة في العراق.
    إسرائيل إذاً في العقل الباطن للممانعة الشيعية ليست الغاصب للأرض العربية فقط، بل هي كل من يريد إسقاط نظام الأسد (الأقرب مذهبياً) وتدمير المقامات الدينية. أما عند «حماس» فهي كل من يخاصم مشروع الإسلام السياسي السنّي الذي يحكم قبضته تدريجياً على مفاصل الحكم في بلدان ما بعد الربيع العربي.
    لقد عادت المقاومات إلى وظائفها الأصلية التي وجدت لأجلها، حركات دينية راديكالية تتوسل محاربة إسرائيل لتنفيذ أجندات المرجعيات التي أنشأتها. وقد تكون لحظة الثورة السورية هي لحظة انكشاف هذه الوظائف التي من المحتمل أن تتصادم في ظل الصراع السني الشيعي القائم على تخوم بعض الثورات العربية.
    من يضمن ان لا نسمع أخباراً من دمشق عن معارك بين مقاتلي «حزب الله» وآخرين من حركة حماس على إحدى جبهات الصراع السوري. الحركتان المقاومتان تُمثلان تصدعاتنا الأهلية التي درجنا على تسميتها إسرائيل. 

    فلسطين ليست للبيع!
    بقلم: حداد بلال القدس العربي
    ليس من العيب ان تقع في الخطأ، لكن العيب في ان تدرك بانك واقع في خطأ وتواصل الاستمرار على نحوه، بل تحاول اكثر من ذلك اقناع الناس به، مثلما يحدث مع بعض منظومتنا العربية، واخطاؤها المشينة والهدامة لكل ما هو حق لفلسطين دولة وسيادة وشعبا، خصوصا المبادرة العربية بواشنطن، حينما سمعنا مناديا ينادي بتبادل الاراضي المقترحة الفلسطينية من طرف المجموعة العربية بقيادة قطر، التي خرجت بهذا القرار المشين، الذي تسميه مفاوضات ايجاد حل سلمي، نسألها من اين يأتي هذا السلام الذي تريدونه لفلسطين، وانتم تحاولون اخذ اغلى واعز ما لديها لتقدمونه هدية لاسرائيل؟ أتعتبرونها سلعة تباع وتشترى في مزاداتكم، من اجل كسب عطف وود اسرائيل.
    فبعد ادخال دويلات الربيع العربي في فوضى عارمة، حان وقت الرجوع لفتح بوابة المفاوضات لانهاء الصراع العربي ‘الفلسطيني’ مع اسرائيل.
    كنا نعتقد ونأمل ان تكون نصرة القضية الفلسطينية من اولوياتها، لكن هيهات ذلك بعد هذا القرار الذي صعقنا به وتأكد لنا عقم المجموعات العربية عن اتخاذ قرارات بناءة مجدية في صالح القضية الفلسطينية.
    بدلا من تلك القرارات التي لن تتحقق لان ‘ارضاء اسرائيل غاية
    لا تدرك’. فالمبادرة العربية لسنة 2002 التي لم توافق عليها
    اسرائيل، تأتي هذه المبادرة بديلا لها، لكسب مرضاة اسرائيل التي قالت على لسان ليفيني المسؤولة عن ملف المفاوضات مع فلسطين ‘ان العرب ادركوا ان الحدود من الممكن ان نغيرها’.
    وما فهمته من هذا، ان منظومتنا العربية وضعت اعترافها بالحركة الاستيطانية الصهيونية، لتكون بذلك اسرائيل قد حققت انتصارا بعد فرض موقعها على العالم العربي، وهو ما يفسر قبيل ذلك بساعات تصريحات الاخيرة لاسرائيل بانها اصبحت اكثر قوة من ذي قبل، بعد احداث الربيع العربي ومدى استعدادها لاي هجوم خارجي، تقصد به ايران، ما يبين انها استغلت الفوضى العربية العارمة لبناء كتل هائلة من المستوطنات لم يشهد له مثيل من قبل في تاريخها، بعد ان هيأت لها امريكا ذلك من خلال زيارة اوباما لاسرائيل وبعض دول الشرق الاوسط، مما يدل على ان فلسطين
    تطعن من الظهر من اجل رضى اسرائيل.
    فلسطين ليست للبيع، فهي جزء منا ونحن جزء منها، فلا تكرهونا عليكم فننهض كما نهضنا على زين العابدين في تونس ومبارك في مصر والقذافي في ليبيا … فتكونون بذلك قد اصبحتم من المرميين في مزبلة التاريخ التي حفرتها لكم اسرائيل بايديكم!

    هبوط عربي جديد في الملف الفلسطيني
    بقلم: صادق إدريس (كاتب مغربي) عن القدس العربي
    تعيش المملكة المغربية على وقع ارتدادات نوعية، جراء مشروع القرار الأمريكي، الذي نص على توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية، مما أفضى إلى وضع سياسي حافل بمواقف غير مألوفة في التعاطي مع موضوع مثل هذا بالغ الحيوية والخطورة. ولعل ثقل الصدمة التي استشعرها المغاربة قاطبة إزاء هذا الموضوع يعود إلى عدة عوامل، ليس أقلها أن المشروع ـ الزلزال صدر عن الولايات المتحدة الأمريكية الحليف التقليدي للمملكة، وبإيعاز من أطراف تشتغل في مجال حقوق الإنسان والمطالب الانفصالية، خاصة مؤسسة روبرت كينيدي لحقوق الإنسان، التي أبانت وفي أكثر من مناسبة أنها تشتغل وفق أجندات خاصة تروم تجريم المغرب من دون قيد أو شرط. وعلى إثر تحركات ديبلوماسية مغربية فائقة السرعة، وفي الوقت بدل الضائع سحبت أمريكا مشروعها ليستمر الوضع على ما هو عليه.
    بيد أن ما أثار انتباه المراقبين المحايدين الوطنيين والدوليين، هو الحالة الهستيرية التي استبدت ببعض المسؤولين السياسيين الجزائريين، الذين عبروا وبلغة بعيدة عن اللياقة وانتهاج الحياد، عن حزنهم الشديد لعدم استكمال فرحتهم بإيذاء جارهم الشقيق، لا بل هدد أحدهم بأن هذا اليوم سيكون له ما بعده، مما حدا ببعض المتتبعين للموضوع إلى القول، إن الجزائر كانت على أتم اليقين بمصادقة مجلس الأمن على هذا القرار، الذي يمس بسيادة المغرب على وحدته الترابية، وفي الآن عينه كانت جهات انفصالية قد عقدت العزم وبمساعدة لوجستية ومادية أجنبية، على المضي قدما نحو التصعيد عبر إشعال الحرائق، وتدمير ممتلكات المواطنين والعبث بالمؤسسات واستفزاز رجال الأمن واستدراجهم لارتكاب أخطاء تحسب على أنها انتهاكات لحقوق الإنسان.
    وفي المقابل انقسم الإعلاميون والمهتمون المغاربة إلى أطياف، وهم يستقرئون هذا المستجد في الساحة السياسية الوطنية، منهم من تسلح باسطوانة الخطاب الرسمي التقليدي واقتصر على انتهاج أسلوب النعامة، من دون بذل أي جهد لفهم الرسائل المشفرة للمجتمع الدولي، والمهام التي يجب القيام بها لحلحلة الموضوع، خاصة أن مشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب كحل لقضية الصحراء لم يحظ بقبول الآخر (بوليساريو)، كما أنه لم يعرف أي تنزيل جزئي أو نوعي على أرض الواقع. ومنهم من اعتبر أن اللحظات الحرجة التي تمر منها قضية الصحراء، هي نتيجة لسلوك سياسي غير سليم، وغياب الحكم الرشيد في ربوع المملكة وأخطاء جسيمة، وفرص ضائعة كان من الممكن أن تكون أدوات مساعدة لوضع حد نهائي لهذا المشكل الذي عمر طويلا.
    وفي رأينا المتواضع فإن المغرب، وعلى الرغم من عناصر القوة التي يتوفر عليها في ملف الصحراء: الوجود على الأرض والتنمية الشاملة التي لم تعرف التوقف منذ المسيرة الخضراء، ووحدة الشعب المغربي وتقدير المجتمع الدولي للإصلاحات السياسية والدستورية التي شهدتها المملكة، في فضاء إقليمي عقيم ومضطرب.. فإنه مطالب بأن ينجح في حل معادلة رياضية بالغة التعقيد، عبر إعادة النظر في السياسة المتبعة في الصحراء وغيرها من جهات المملكة، وانتهاج مقاربة ديمقراطية بحصر المعنى، تتمثل في احترام المواثيق الدولية وسيادة القانون، والقطع مع سياسة الريع العام في كل جهات الوطن من دون تمييز أو إقصاء. فضلا عن صمود سلطة الأمن أمام اندفاع بعض الانفصاليين المدعومين بقوة جهنمية من قبل جهات أجنبية معلومة. صحيح لم ينجز المغرب بعد انتقالا ديمقراطيا جذريا، يستلهم فيه الأعراف والقيم والمواثيق المتعارف عليها كونيا، لكنه اتخذ خطوات إصلاحية غير مسبوقة في عالمنا العربي الجريح. إن الصحراء المغربية موضوع بالغ الحيوية على المستوى الاستراتيجي، والأمن الدولي والاستقرار الإقليمي، ولن يكون الحل سوى، أقل من الانفصال أكثر من الحكم الذاتي.

    من قال بأن العرب بحاجة إلى تنوير؟!
    بقلم: هاشم صالح عن الشرق الأوسط
    سوف أعتذر يوما ما عن هذه الجريمة النكراء التي ارتكبتها: الإعجاب بمفكري التنوير الأوروبي! سوف أعتذر عن تلك السنوات الطويلة التي أمضيتها بصحبة ديكارت وسبينوزا وفولتير وديدرو وجان جاك روسو وفيكتور هيغو وانتهاء ببول ريكور وهابرماس وهانز كونغ ولوك فيري وعشرات غيرهم.. سوف أعتذر عن «القبوع في كهوف التنوير المظلمة» طيلة حياتي كلها. عندما كان الزائر يدخل إلى بيتي فجأة كان يجد عشرات الكتب متراكمة على الطاولة أو مستلقية على السرير تحت المخدة أو فوقها أو حتى تفترش الأرض. فيتوهم عندئذ أنها لي في حين أنها مستعارة من المكتبات الفرنسية المحيطة بالمنطقة التي أسكن فيها. كنت مسجلا في خمس مكتبات بلدية دفعة واحدة بالإضافة إلى مكتبة الجامعة. لا يوجد شارع أو حي أو حتى قرية نائية في فرنسا من دون مكتبة عامة لكي يتثقف الشعب بالمجان كما يشاء ويشتهي. هل تريدونني ألا أعجب بذلك؟ ولم تكن أمينة المكتبة تسألني هل أنا مسلم أو مسيحي، بروتستانتي أو كاثوليكي، سُني أو شيعي، لكي تعيرني الكتب! لا وجود لهذا الوباء الطائفي في أوروبا المستنيرة المتحضرة. كنت تشعر فعلا بأن الثقافة حق للناس كالماء والهواء، تماما كما حلم طه حسين بالنسبة لمصر، وكما تحلم الشيخة مي بالنسبة للبحرين وتحاول تحقيقه بقدر المستطاع.

    ولكن اسمحوا لي أن أستنكر هنا تلك المغالطة التي تحاول إيهامنا بأنه لا يوجد شيء اسمه تفاوت تاريخي بين الشعوب، وأن الجميع سواسية من حيث التطور التاريخي، وأن العرب والمسلمين جميعا معفيون من استحقاق التنوير الديني والفلسفي.. إنهم مستنيرون خلقة وليسوا بحاجة للمرور بالمرحلة التنويرية كما حصل لبقية شعوب العالم. اسمحوا لي أن أستغرب هذا الموقف الذي يرفض الاعتراف بالتأخر التاريخي للمسلمين ويخجل منه أو به. أقول ذلك وبخاصة عندما يصدر عن مثقفين مطلعين ومحترمين.
    عندما ألقي نظرة بانورامية على المشهد العربي الحالي ماذا أرى؟ أرى صورة أوروبا في عصور الانحطاط والظلام عندما كان كهنة التزمت يسيطرون على العقول من أقصاها إلى أقصاها. أرى صورة أوروبا عندما كانت لا تزال أصولية متعصبة تذبح بعضها البعض على الهوية: هذا كاثوليكي وهذا بروتستانتي. ولكن عندما أنظر إلى أوروبا الحالية أجد أن كل ذلك اختفى تماما كما لو بقدرة قادر. فأشعر بالارتياح والإعجاب. وأحسدهم من كل قلبي. ثم أتساءل مبهورا: كيف استطاعوا تحقيق المعجزة؟ كيف استطاعوا الانتصار على أنفسهم وتجاوز عصبياتهم الطائفية والمذهبية الضيقة؟ كيف استطاعوا بلورة مفهوم جديد للدين؟ عندئذ أدرك أن فلاسفة التنوير مروا من هنا. عندئذ أعرف معنى فولتير، ومعنى كانط، ومعنى جان جاك روسو. عندئذ أعرف معنى التنوير وأكاد ألمسه بيدي لمسا. هذا ما شعرت به عندما زرت سويسرا أو هولندا أو ألمانيا أو إنجلترا.. أعترف أنني مبهور بالحضارة، بالإنجازات التي حققتها البشرية. أعترف بأن تلك القطيعة الإبيستمولوجية التي نقلت أوروبا من عصر الطائفية إلى عصر المواطنية والحداثة تعجبني. وأنحني أمام الانتصار على الذات، أمام تحقيق «المستحيل» على وجه الأرض. كل تلك المجازر والحروب الأهلية الجارية حاليا أكبر دليل على أننا لم نتجاوز بعد المرحلة الطائفية للدين أو التدين. وهي المرحلة التي تجاوزتها أوروبا المستنيرة منذ زمن طويل. ثم تريدونني ألا أعجب بها؟ هناك إذن مشكلة، بل ومشكلة حقيقية في عالمنا العربي. ورجال السياسة عاجزون عن حلها. هذا ليس من اختصاصهم. وحدهم المفكرون الكبار سيحلونها إذا ما ظهروا في أرض العرب، وسيظهرون!
    سأعترف لتلك الصديقة العزيزة المثقفة والذكية جدا بأنني لم أعد أؤمن بأسطورة المهدي المنتظر الجميلة منذ زمن طويل. ولكنني جاد كل الجدية عندما أقول بأن العرب يتخبطون وأنهم ينتظرون مفكرهم الأكبر مثلما كان الألمان ينتظرونه في القرن السادس عشر فظهر لوثر، والفرنسيون في القرن السابع عشر فظهر ديكارت، والإنجليز فظهر جون لوك، والألمان مرة أخرى فظهر كانط، إلخ.. عفوا نسيت جان جاك روسو الذي أضعه فوق الجميع. نسيت أيضا فولتير، وهيغل، ونيتشه وكل فلاسفة التنوير الكبار. إنني أعتبر هؤلاء بمثابة الظهورات المشعة التي لا يجود بها الزمان إلا قليلا. نعم الفكر أولا، نعم في البدء كانت الكلمة. والكلمة العربية الإسلامية علاها الصدأ وغطاها الغبار. وهي أحوج ما تكون إلى التعزيل والتنظيف والتطهير. من سيعزل العالم العربي من تراكماته؟ أكاد أقول: تلزمنا كاسحات ألغام!
    وسأعترف لذلك الصديق العزيز الذي يتهمني «بالسلفية» لأنني أحبهم بأنها تهمة لا أنكرها وشرف أدعيه. نعم إنني سلفي بهذا المعنى، سلفي محض. ولكن مرجعياتي «السلفية» تشكل، في كل مرة، انفراجات داخل الانسدادات. إنها إضاءات تشق دياجير الظلمات. وبالتالي فشتان ما بين السلفيتين! أضيف إلى ذلك بأن مرجعياتي ليست كلها أوروبية. فالتنوير كان عربيا إسلاميا قبل أن يصبح أوروبيا. ولذلك أضيف إليهم الجاحظ والكندي والتوحيدي والفارابي وابن سينا وابن رشد والمعري وطه حسين ونجيب محفوظ ومحمد أركون وكل عباقرة العرب والمسلمين. وأخيرا لولا العيب لقلت ما قاله الفرزدق:
    أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
    القدس «شبعت حكي»
    بقلم: عمر عياصرة عن السبيل الأردنية
    مجلس النواب أراد بشبه إجماع طرد السفير الاسرائيلي، فلماذا تتلكأ الحكومة ولا تقوم بطرد السفير، أم انها تعتبر نفسها اكثر عقلانية والآخرون متهورون؟
    طبعاً هي لن تفعل ونحن نعرف حدود قدراتها تحديدا في العلاقة مع «اسرائيل»، بل سيكون جل توجهاتها فقط تخفيف الاحتقان النيابي، وتوظيفه ربما في توجيه رسائل للاسرائيلي.
    البلد تعيش على صفيح ساخن، وتتخطفها الانظار من كل الجهات (العراق وسوريا وفلسطين) وهنا ما تزال سياستنا مترددة منتظرة فعل الآخرين كي نرد او نصمت.
    إن ما جرى في مجلس النواب من هبة لنصرة القدس لن يخرج عن كونه مجرد ثرثرة لفظية، لن تتجسد الى واقع، فهو يشبه كل الإدانات السابقة واللاحقة لتهويد القدس.
    طبعاً هذا مع تقديرنا لمجلس النواب في موقفه هذا، الذي اعاد الاولوية للاقصى والقدس بعد ان تسرب النسيان اليهما في ظل زخم من التعقيدات والقضايا الاقليمية والمحلية.
    قبل اكثر من شهر، وقع الملك مع الرئيس ابو مازن اتفاقية تجديد لحماية المقدسات، وصفت في حينها بالتاريخية، يا ترى أين هذه الاتفاقية مما جرى من تدنيس للاقصى؟
    نريد أن نفهم! بالامس تم الاحتفال بهذه الوثيقة، واليوم تغيب عن المشهد ولا يحترمها الاسرائيلي، ولا يلقي لها بالاً، ونحن نصمت ونواصل ممارسة الدهلزة على الناس.
    الاعتداء على القدس والمقدسات وفق اتفاقية «الملك– عباس» اعتداء على الاردن، وعدم احترام لـ»وادي عربة» التي انتهكت مراراً وتكراراً.
    لا نريد من الحكومة تحريك الجيش نحو القدس، فهذه هرطقة لا تحتملها أدواتنا واوقاتنا وإرادات حكامنا، لكننا نريد فعلا دبلوماسيا فارقاً يحترم البلد، ويقدر القدس التي طالما تغنى بها الحكم قولاً فقط دون طحن.
    سيقولون لنا إن توتير العلاقة مع «اسرائيل» الى المدى الكبير، سيكون معادلا موضوعيا لخسران وطني على الجبهة الفلسطينية، لا سيما في ظل الحالة العامة لاستقطابات الاقليم وللمخاطر المحدقة بنا جراءها.
    نقول لهم إن سياساتكم المتراكمة، والاستفراد بالرأي هي التي اوصلتنا لفقدان عناصر قوتنا، ومن الملائم أن يتوقف الامر لأن القدس «شبعت حكي»! بينما التهويد على أشده.

    آخر الغارات!
    بقلم: حبيب فياض عن السفير البيروتية
    الغارات الاسرائيلية الاخيرة على دمشق خلقت ظروفا مؤاتية لمعادلة جديدة في الصراع بين اسرائيل ومحور المقاومة. عدم الرد السوري كان متوقعا، على ما جرت العادة في حالات مشابهة. دمشق هذه المرة، كما في كل مرة، لم ترد، لكنها، بخلاف المرات السابقة، لم تبق مكتوفة الايدي، ولم تكتف باحالة الرد الى زمان ومكان مناسبين، بل هي ذهبت الى ما هو ابعد من الرد الكلاسيكي القائم على مبدأ «ضربة مقابل ضربة»، واستعاضت عن ذلك بتبني استراتيجية رد تنطوي على عناصر عديدة ومتكاملة. الاستراتيجية هذه تحقق للجانب السوري التوازن مع تل ابيب في حالتي الردع والمواجهة، بما يضمن تجاوز مكامن الخلل في التوازن العسكري المختل لصالح الجانب الاسرائيلي. الامر باختصار ينطوي على اعادة تموضع سوري على قاعدة التحول من الممانعة الى المقاومة.
    أولا، جدية القرار السوري بالرد الفوري على اي عدوان جديد سيفقد اسرائيل فرصة القيام بضربات محدودة، وسيضعها امام أرجحية الحرب المفتوحة التي ستصبح، والحال هذه، امرا واقعا. ذلك ان عدم رد دمشق سابقا هو الذي كان يعطي العدو الجرأة للقيام باعتداءاته الجوية المتكررة على اهداف سورية، وكان يشكل له ضمانة بعدم ذهاب الامور الى حد الحرب، فيما حتمية الرد سوري من الآن فصاعدا، ستشكل رادعا لتل ابيب، لان ذلك سيضعها امام امرين: اما السكوت الذي سيطال هيبتها، واما الذهاب الى حرب لا تريدها .
    ثانيا، في ظل الهجمة الدولية والاقليمية التي تستهدفها، لم يعد لدى دمشق المحاذير التي كانت تمنعها من فتح جبهة الجولان امام اي عمل مقاوم. فالنظام السوري الذي سحبت منه «الشرعية» ولم يعد معترفا به من قبل شريحة كبيرة من المجتمع الدولي، يستطيع ان يدير ظهره لاية التزامات دولية، وان يعتبر نفسه غير مطالب ازاء ما يمكن ان تشهده هذه الجبهة. ذلك ان ما تتعرض له سوريا حاليا هو حرب مكشوفة، تبرر لها تجاوز كل الخطوط الحمر والمحظورات.
    ثالثا، ان ذهاب دمشق الى تزويد «حزب الله» باسلحة نوعية وأكثر تطورا، من شأنه أن يعزز تردد اسرائيل ازاء القيام بأي عدوان على جبهتها الشمالية مع لبنان، ومن شأنه ايضا ان يشكل عاملا اضافيا يرجح انتصار المقاومة اللبنانية في اي مواجهة محتملة.
    رابعا، ما تقدم يعزز أكثر من اي وقت مضى فرضية الترابط بين الجبهتين اللبنانية والسورية. صحيح ان فتح الجبهة اللبنانية قد لا يستدعي فتح الجبهة السورية، لكن العكس يصح. بمعنى ان «حزب الله» لن يبقى متفرجا مقابل اي اعتداء اسرائيلي على سوريا في ظل انشغالها في جبهتها الداخلية. خاصة ان موقف الحزب لا يرى في مثل هذا الاعتداء سوى محاولة اسرائيلية لاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد. ووفقا لمعادلة بسيطة، فان «حزب الله» الذي يدعم دمشق عمليا مقابل الجماعات المسلحة، من باب اولى انه لن يبقى متفرجا في حال دخلت تل ابيب معها في اي مواجهة مفتوحة.
    من الواضح ان لا أحد يريد الحرب، لكن الجميع سيجد نفسه منجرا اليها عند اية شرارة محتملة في المرحلة المقبلة. غير ان ذهاب محور المقاومة نحو استراتيجية جديدة في التعامل مع التهديدات الاسرائيلية يدفع الى مرحلة من التهدئة بعيدا عن أَنصاف الحروب... ثمة في الواقع المستجد بين دمشق و«حزب الله» ما يمكن تسميته باستراتيجية تبادل القوة وتجاوز الضعف.
    الأقصى.. بحاجة لانتفاضة «رسمية»
    بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
    تصاعدت الانتهاكات الاسرائيلية بحق المسجد الأقصى المبارك وبصورة لافتة وشديدة الخطورة مما يستدعي اليقظة والتنبه من الجانب العربي والاسلامي.
    فتكثيف عمليات الاقتحام التي تقترفها قطعان المستوطنين بحماية قوات الاحتلال الاسرائيلي، لإرضاء الجماعات اليهودية المتطرفة،بالتزامن مع الاعتداءات على القيادات والزعامات الاسلامية التي تقوم على خدمة ثالث الحرمين الشريفين التي لا تعد اهانة لذواتهم، بقدر ما هي إهانة لجموع المسلمين، تشكل انذارا يستحق دراسة مستفيضة لابعاده واهدافه من مجلس جامعة الدول العربية الذي ينعقد غدا الاحد لـ« نصرة الاقصى» او هكذا يفترض، واتخاذ القرار المقنع بدون المحسنات اللفظية، فالوقت مازال بين الايدي، واذا ما وقعت الواقعة، فلن ينفع الصراخ والعويل ومجلس الامن و غيره من ملاجئ العرب فالتجارب السابقة مريرة.
    المخطط الذي يستهدف المسجد الأقصى المبارك ونحن في ربع الساعة الاخير منه خطير للغاية، فالاسرائيليون يحاولون احداث انقلاب على كل العصور السابقة حيث كانت السيادة، والسيطرة والإدارة للأوقاف الإسلامية في القدس، فهم يخططون الان لانتزاع اقامة الصلوات اليهودية في المسجد الاقصى المبارك كخطوة اولى، كما هو الحال في الحرم الابراهيمي الشريف الذي تحول الى ما يشبه «كنيس يهودي»، هذا بالتزامن والتساوي مع العمليات التهويدية لكل ما هو اسلامي في المدينة المقدسة، توطئة لهدمه بعد ان تستتب الامور لصالح التقسيم وسلب السيادة والسيطرة والادارة من الاوقاف الاسلامية.
    المطلوب الان من العرب والمسلمين، وهم يرون الأقصى مغلقا أمام المصلين، ومستباحا من قبل المستوطنين، انتفاضة حقيقية، وثورة على الخمول واللامبالاة، انتفاضة على المستوى الرسمي نصرة لاولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

    إسرائيل" وسياسة حافة الهاوية
    بقلم: محمد خليفة عن الخليج الاماراتية
    لاتزال “إسرائيل” تلح على تذكير العرب - والعالم الحرّ - أنها فوق القانون، وأنها ماضية في انتهاكاتها داخل فلسطين وخارجها، من دون أن يردعها رادع، لذا أقدمت يوم الأحد 5 مايو/ أيار 2013 على شن هجوم عسكري ثانٍ على أهداف عسكرية حول دمشق، مكررة بذلك الهجوم الذي حدث في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، وقيل إنه استهدف منشأة أبحاث عسكرية في منطقة جمرايا في ريف دمشق . حيث قامت القاذفات “الإسرائيلية” والصواريخ الموجهة بضرب أهداف عسكرية في مناطق جمرايا والهامة وقاسيون . وتسببت هذه الهجمات في مقتل وجرح عشرات المدنيين والعسكريين . وادعت “إسرائيل” أنها استهدفت شحنة أسلحة إيرانية متجهة من سوريا إلى حزب الله في لبنان . لكن هذه الدعوى سقطت بعد أن تبين أن الأماكن التي استهدفها الهجوم كلها قطع عسكرية سورية . التصرف “الإسرائيلي” يأتي في وقت تشهد فيه الساحة السورية حرباً بين القوات النظامية وقوات المعارضة .
    الواقع أن “إسرائيل” بتدخلها هذا برهنت للعالم أنها جزء من هذه الحرب التي تستهدف سوريا وطناً ودولة، وأن لها مصلحة كبرى في تحطيم الدولة السورية . لكنها بهذا العمل جعلت المنطقة كلها على صفيح ساخن قابل للاشتعال . ومن المستبعد أن تكون قامت بتنفيذ هذه الهجمات من دون الحصول على الموافقة الأمريكية المسبقة، لأن هذا العدوان قد يتبعه رد عسكري من قبل الدولة السورية، ما يؤدي إلى انزلاق المنطقة نحو حرب إقليمية، وربما نحو حرب عالمية بعد أن تعقدت السياسة في العالم، وبرزت قوى كبرى مناهضة للهيمنة الغربية، وتسعى في الوقت نفسه لتغيير قواعد السياسة الدولية، وإعادة تشكيلها على أسس جديدة . فهل، يا ترى، تتجه الولايات المتحدة والغرب نحو المواجهة العالمية المفتوحة بحيث تكون الحرب بين “إسرائيل” وسوريا شرارتها الأولى، مثلما كان حادث اغتيال ولي عهد إمبراطورية النمسا في سراييفو عام ،1914 سبباً لاندلاع الحرب العالمية الأولى؟
    الواقع يؤكد أن المعطيات العالمية الراهنة لا تشير إلى احتمال اشتباكٍ دولي واسع، ذلك أن تداخل العلاقات الاقتصادية بين الغرب وكل من روسيا والصين يجعل من الجانبين في حاجة لبعضهما بعضاً، فديون الصين لدى الولايات المتحدة في آخر إحصائية، بلغت عشرة تريليونات دولار، وتقدم روسيا الطاقة من نفط وغاز للعديد من دول أوروبا الغربية، كما قدمت، ولاتزال مساعدات اقتصادية للدول الأوروبية المتضررة من الأزمة المالية في الاتحاد الأوروبي . لكن رغم ذلك، وبعد استقراء التاريخ الحديث، فقد تتجه الأحداث نحو المواجهة الشاملة، كما حدث قبل الحرب العالمية الثانية . ففي عام 1938 اشتدت المطالبة الألمانية بضم إقليم السوديت الألماني الذي يقع تحت هيمنة جمهورية تشيكوسلوفاكيا السابقة . فتداعت الأقطاب الأوروبية إلى مؤتمر في ميونخ بألمانيا في 29 سبتمبر/ أيلول من العام نفسه من أجل إنقاذ السلام العالمي، وكان هذا المؤتمر برئاسة الزعيم الإيطالي موسوليني، وبحضور الزعيم الألماني هتلر، ورئيس وزراء بريطانيا تشمبرلين، ورئيس فرنسا دالادييه، وقد وافق المجتمعون في هذا المؤتمر على تفكيك تشيكوسلوفاكيا والسماح لألمانيا بضم السوديت إليها . وكانت كلمات الزعماء المجتمعون كلها تشير إلى الرغبة في تحقيق السلام في أوروبا والعالم . لكن هذا المؤتمر أسهم في تأجيل فتيل الحرب عاماً واحداً فقط، حيث اندلعت الحرب العالمية الثانية في سبتمبر/ أيلول عام 1939 .
    واليوم، توحي الأجواء السائدة بين القوى الكبرى أن هناك تعاوناً واسعاً بينها ورغبة في تحقيق السلام والاستقرار في العالم، لكن في الخفاء، تضطرم نيران الحقد بين القوى الشرقية (روسيا والصين) الصاعدة، وبين القوى الغربية المهيمنة بسبب عدم وجود النوايا الحسنة بينها . ومن علامات ذلك، انفجار الأزمة في شبه الجزيرة الكورية، واستمرار المعارك العسكرية في سوريا . لذلك أوعزت الدول الغربية ل”إسرائيل” بالتدخل من خلال توجيه ضربات مدروسة لمجموعة من القطع العسكرية السورية، وبالتالي، أصبحت الحرب بين سوريا و”إسرائيل” أمراً واقعاً، وهي تنتظر الرد السوري، ما قد يؤدي إلى تفاقم الحرب وازدياد أوارها . وإذا تطور الموقف العسكري من خلال هجوم سوري مضاد، فإن الدول الغربية لن تقف على الحياد، بل ستسارع إلى نصرة “إسرائيل”، ما يجعلها في صدام مباشر مع روسيا التي اتخذت قراراً بالدفاع عن سوريا باعتبارها حليفاً استراتيجياً لها، وهكذا قد تنتقل الحرب من مكان إلى آخر، فتسارع كوريا الشمالية إلى الهجوم على اليابان، أو ضرب القواعد الأمريكية في كوريا الجنوبية، ما ينذر بحرب عالمية، لا تبقي ولا تذر .
    إننا نضرع إلى الله أن يبعد عنا شبح هذه الحرب المدمرة، وأن ننعم في أوطاننا العربية عامة، والعالم أجمع، بنعمة الأمن والأمان . فلن يستشعر هذه النعمة إلا من حرمها، ومازلنا نرى شعوباً شقيقة تذوق شعوبها مرارة غياب الأمن والاستقرار كل يوم، فيعشون خائفين مذعورين من حريق هنا، وسطوٍ هناك، وقطع طرق في أماكن عدة . لك الحمد يا ربنا، على ما أنعمت به على شعب الإمارات من نعمة الأمن والأمان والاستقرار، فاللهم أدم علينا فضلك، وقنا السوء بما شئت، وكيف شئت، إنك على كل شيءٍ قدير .
    ماذا أصاب حماس؟
    بقلم: حسين لقرع عن الشروق الجزائرية
    أنْ تخرجَ قياداتُ "حماس" في الخارج من سوريا بعد اشتداد الأزمة بها، فذلك أمرٌ يمكن فهمُه في سياق اختيار الحركة الاصطفاف إلى جانب المعارضة السورية ضد النظام، الذي واجه الانتفاضة الشعبية بقمع دموي عنيف لم تتحمّله فقررت المغادرة.
    أما أن تقوم حماس بمنع مظاهرةٍ شعبية في غزّة خرجت للتنديد بالعدوان الصهيوني الأخير على سوريا، فذلك موقفٌ لا يمكن تجرّعه، إذ أن من حق الناس الخروج في مظاهرات سلمية للتعبير عن أي موقف أو رفع أي مطلب، ولا يحق لأيّة حكومة أن تقابل التظاهر بالقمع والمنع والتضييق.
    وكما أن حماس اختارت - عن قناعة أو عن مصلحة - الوقوف إلى جانب المعارضة السورية، فمن حق بعض سكان غزة الذين تحكمهم أن يصطفّوا إلى جانب الأسد، ويرفضوا الحربَ الطائفية التي تشنها السعودية وقطر ضده بدعم من الغرب، وأن ينظموا مظاهراتٍ تشد أزره وتطالبه بالردِّ على العدوان الصهيوني.
    ولو قُمعت مظاهراتٌ مماثلة في السعودية أو قطر أو الأردن وغيرها من الدول التي تحسب نفسها على ما تسميه "معسكر الاعتدال".. لما فاجأ ذلك أحداً، فقد تعوّدت الأنظمة الشمولية لهذه الدول على منع المظاهرات المندِّدة بالحروب الظالمة التي يشنها الكيانُ الصهيوني على غزة، وكانت حماس تنتقد مواقفها وتعتبرها قمعاً وخذلاناً للمقاومة، فما بالُها الآن تسقط في نفس الفخ، وتمنع مظاهرة لمواطنين من غزة للتنديد بالعدوان الصهيوني على بلد عربي شقيق؟
    مواقف حماس تكاد تتغير بـ180 درجة منذ خروجها من سوريا إلى قطر، فقد شكر خالد مشعل، كل من ساهم في صمود غزة ونصْرها في الحرب الأخيرة على الكيان الصهيوني، وبدأ بذكر قطر ومصر ثم وضع إيران في ذيل الترتيب وذكرها على مضض، وكان ذلك علامة على نكران الجميل وإدارة الظهر لإيران التي طالما دعَّمت حماساً وكل فصائل المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح والتدريب لسنوات طويلة، وتعرّضت بسببها وبسبب "حزب الله" أيضاً، للكثير من الحصار والأذى من الغرب وأزلامه في المنطقة العربية.
    لو اختارت حماس اليمنَ أو مصر أو تونس أو الجزائر مستقرا لها بعد خروجها من سوريا، لكانت فعلاً أقرب إلى الحفاظ على مواقفها، أما أن تتخذ قطر مقرا لها فيتعّذر عليها ذلك، وستجد نفسها يومياً تتخذ مواقفَ تثلج صدورَ حكام قطر.
    وإذا كانت قطر تغدق الملايين على حماس وتعهدت بإعادة إعمار غزة، فإنها بالمقابل ساقت وفداً عربياً إلى واشنطن لتعرض عليها التنازل عن أراض فلسطينية قرب القدس بأراض فلسطينية أخرى تقع في النقب.. ماذا تساوي ملايينُ قطر إزاء هكذا مبادرة انطباحية خطيرة؟
    وبالمقابل، كانت إيران تمنح المالَ والسلاح للمقاومة دون حدود ودون طلب أيّ مقابل سياسي أو غيره، ولا ترضى بمهادنة العدو أو تقديم أية تنازلات له، فماذا أصاب حماساً حتى تستبدلها بدولة أضحت محل امتعاض عربي واسع، بسبب أدوارها المشبوهة ومؤامراتها على دول المنطقة؟ السؤال يبقى مطروحاً على الحركة التي خسرت بموقفها هذا الكثيرَ من التعاطف الشعبي في الشارع العربي.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 373
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-15, 10:47 AM
  2. اقلام واراء عربي 372
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-15, 10:47 AM
  3. اقلام واراء عربي 371
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-15, 10:46 AM
  4. اقلام واراء عربي 370
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-15, 10:45 AM
  5. اقلام واراء عربي 343
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-12, 10:37 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •