النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 398

  1. #1

    اقلام واراء عربي 398

    اقلام واراء عربي 398
    14/5/2013


    في هذا الملــــف:
    حماس وطلبنة غزة
    د. خالد الحروب (كاتب واكاديمي فلسطيني) عن الدستور
    زيارات تكريس الانقسام
    أمجد عرار عن دار الخليج
    قطر والفلسطينيون.. المهمة المستحيلة
    صالح عوض عن الشروق الجزائرية
    الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والمواجهة المطلوبة
    عبدالله القاق عن الدستور
    القدس والأقصى والفصل الأخير
    مأمون الحسيني عن دار الخليج
    آراء حول الاستهتار الإسرائيلي
    ضياء الفاهوم عن الدستور
    عن تغييب الفلسطينيين وبالأحرى غيابهم
    ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياة اللندنية
    الجيش العربي ومعركة القدس
    بسام البدارين (مدير مكتب القدس العربي في الاردن) عن القدس العربي
    جبريل وكذبة المقاومة
    حازم مبيضين عن الرأي الأردنية
    نتنياهو في روسيا اليوم: لعرقلة صواريخ «إس 300»
    حلمي موسى عن السفير
    نتنياهو ينهي الجدل حول ميزانية الدفاع: إقرار تقليص يرضي الجيش.. ولكن بشروط
    حلمي موسى عن السفير
    في ذكرى النكبة: تحرير سيناء فريضة مؤجلة
    فهمي هويدي عن السفير
    حذار من مشروع الوطن البديل
    يوسف مكي عن دار الخليج
    العربدة الصهيونية . . الدلالات والرد
    فايز رشيد عن دار الخليج
    رؤية فلسطينية فى بعض أحداث الثورة المصرية
    رنا بكر عن الشروق المصرية
    رسالة السيسى
    محمد سلماوي عن المصري اليوم




    حماس وطلبنة غزة
    د. خالد الحروب (كاتب واكاديمي فلسطيني) عن الدستور
    ليس من حق حماس ولا اي جماعة اسلامية او غير اسلامية ان تتحكم في سلوكيات المجتمع وحريات الافراد وتتجبر فيها بالقوة والقانون طالما ان تلك السلوكيات والحريات لا تعتدي على حقوق الآخرين. ما تقوم به حماس في غزة, ويناظره هوس الاحزاب الاسلاموية الاخرى بالسلوكيات الفردية وأسلمة وطلبنة مجتمعاتها, يدلل على امور كثيرة جديرة بالنقاش والكشف والنقض. في الاشهر القليلة الماضية تسارعت وتائر وتوترات الطلبنة في قطاع غزة بشكل غريب, واعادت الناس إلى المربع الاول من زمن حكم حماس للقطاع عندما شعر الناس بضغط المناخ الطالباني يهبط فجأة على حيواتهم وحرياتهم الفردية. بعدها تعقلنت حماس وتراجعت بعض الشيء عن تعليمات وقوانين اثارت السخرية مثل قانون منع المرأة من تدخين الارجيلة وسؤال كل إمرأة ورجل في اي مكان عام عن إثبات رسمي لطبيعة العلاقة بينهما, وكأن الجميع مُتهم إلى ان يثبتوا العكس, وهي سلوكيات رسمت صورة كاريكاتورية عن حركة المقاومة اكثر من اي صورة اخرى.
    بيد ان الهوس والتوتر في السلوك الاجتماعي والفردي للناس عند حماس والجماعات الدينية في قطاع غزة عاد ليفرض ذاته على المناخ المخنوق اصلا في القطاع. ففي الفترة الاخيرة هناك اخبار متلاحقة عن ممارسات قسرية تتدخل في خصوصيات الافراد وتفرض عليهم انظمة شمولية وابوية تريد ان تراقب علنيتهم وسريتهم. تتنوع تلك الممارسات بين صدور قوانين وتعليمات واضحة إلى تبني توجهات عامة غير مكتوبة لكن يُناط بالاجهزة الرسمية تطبيقها (وبحيث يتم التنصل منها في حال اشتد الرفض لها وجوبهت بمقاومة واسعة), وصولا إلى خلق المناخ العام الذي يتيح لافراد الشرطة والمباحث فرض رؤاهم هم على مسلكيات الناس, منطلقين من ما فهموه من إشارات وتعليمات عامة للحفاظ على “الفضيلة” او على “الامن الفكري” للمجتمع.
    في سياق ذلك المناخ تعدد منظمات حقوق الإنسان قائمة طويلة من انتهاكات حقوق الانسان التي قامت بها حكومة حماس في قطاع غزة, سواء بحق النساء, او الفنانين, او الكتاب والاكاديميين, واخيرا بحق مرتادي المكتبات العامة حيث اغلقت بلدية غزة ناد لتعليم اللغة الانجليزية بسبب الاختلاط ومنعت جلب واستخدام الكمبيوترات الشخصية إلى المكتبة (بسبب سوء استخدامها!). كما عادت إلى الفضاء العام الممارسة البغيضة المتمثلة في سؤال اي إمرأة ورجل عن إثبات “العلاقة الشرعية” التي تخولهما مرافقة بعضهما البعض في اي مكان. وبُغض هذه الممارسة لا يتمثل في سوء النية المُفترض في كل اثنين, بل يتجاوزه في الاتصال بأهل المرأة واخبارهم عن “إلقاء القبض” على من تخصهم وهي في رفقة رجل ما, وهي ممارسة تجسسية صبيانية تخلو من الحد الادنى من المروءة. ولا نعرف على اي اساس يمكن تبرير هذا التصرف الفوقي التجسسي الذي لا علاقة له بما عُهد من مروءات مسلكية في تاريخنا تنهى عن التجسس على اسرار الناس, وحتى عن دخول الرجل على زوجته في بيته من دون إعلامها مسبقاً!.
    الخطاب الرسمي لحماس وحكومتها يتجه دوما لنفي أي سياسة لها علاقة بكل ما ذكر اعلاه, والاحالة على مبالغات خصوم حماس ومحاولاتهم تشويه سمعتها, وتضخيم “بعض” الاخطاء التي تتم على اساس فردي. وهذا رد فعل تقليدي لأي سلطة تُدافع عن سياسات وسلوكيات صبيانية ترفضها الغالبية من المجتمع. الاجدى والاجدر بحماس, حتى لا نقول الاكثر رجولة, هو ان تواجه ذاتها وتُطلق نقاشاً فكريا وسياسيا وفقهيا داخل دوائرها حتى تصل إلى إجابات داخلية اولا ثم تناقش ذلك مع مجتمعها الفلسطيني وتعرض عليه رؤيتها كي يقبلها او يرفضها بشكل حر وديموقراطي. أما سياسة “الفرض المتدرج” و”خلق المناخ” ثم التهرب من المسؤولية فهي فضلا عن كونها مكشوفة ولا توحي برصانة وثقة, فإنها تدميرية للمجتمع وحماس معاً. على حماس ان تواجه المعضلات الكبرى التي تواجهها كل الحركات الاسلامية التي تجد نفسها في مأزق خلط الدين مع السياسة, وتحاول ان تجد اجوبة خاصة بالسياق الفلسطيني وليست “مستوردة” من اي سياق آخر. هذه المعضلات والتي يفرضها خلط الدين بالسياسة على الصعيد الاجتماعي ونرى تمثلاتها في سياسات التخبط في قطاع غزة هي عمليا كعب اخيل الاسلاموية السياسية عاجلا وآجلا.
    واحدة من اهم المعضلات النظرية والعملية متعلقة بفهم الديموقراطية من قبل الاسلاميين, الذين يفهمونها من زاوية سياسية فحسب وكآلية لهزيمة الخصوم انتخابيا ثم الوصول الى الحكم. لكن الديموقراطية هي اوسع من العملية الانتخابية إذ هي نظام اجتماعي للعيش المشترك, فإن قلنا ان هناك “ديموقراطية سياسية” تنظم التنافس السياسي والتداول على السلطة سلميا, فهناك “ديموقراطية اجتماعية” تقر بالاختلاف السلوكي والثقافي والديني والاجتماعي على قاعدة التعايش. إذا تعدت الديموقراطية السياسية على تلك الاجتماعية تحول النظام إلى نظام شمولي ابوي على النمط الستاليني او الكوري الشمالي, حيث تتدخل السلطة في التفاصيل الفردية للبشر وتتجسس على تنفسهم, وحيث تحاول ان تصهر المجتمع والبشر في قالب واحد يُنتج افرادا متماثلين ونمطيين لا يقرون بالتعددية ولا يشعرون بـ”المواطنة” إلا مع الشبيه والمتماثل وفقط. وعملية الصهر وتوحيد الافراد هي عملية مستحيلة وفاشلة حتى لو انطلقت من منطلقات دينية, لأنها ضد طبيعة الحياة وتنوعها, وعلى ذلك يشير النص القرآني الذي يقرر اختلاف البشر وعدم خلقهم على دين او ملة واحدة.
    “الديموقراطية الاجتماعية” تقرر ان المجتمع طيف واسع من القناعات والسلوكيات والحريات الفردية التي لا دخل للسلطة فيها طالما انها لا تؤثر على حقوق الآخرين. ليس من حق اي سلطة في نظام قائم على الانتخابات (او سلطة استبدادية) ان تحاسب, مثلا, فردا فوق السن القانونية على نوع المواقع التي يزورها في شبكة الانترنت, حتى لو كانت اباحية. هذا شأنه وليس شأن الدولة او السلطة. وليس من حق اي سلطة ايا كانت ان تحاسب إمراة او رجلا فوق السن القانونية يترافقان معاً من دون جبر او استغلال, فهذا شأنهما وليس شأن السلطة. عندما تنحدر السلطة اي سلطة الى تسنم دور ضابط الشرطة الاخلاقي الذي يريد ان يراقب تفاصيل الحياة وانضباطها لملايين الناس, فإنها تحفر قبرها بذاتها, والتاريخ لا غيره يقدم مئات الشواهد على ذلك.

    زيارات تكريس الانقسام
    أمجد عرار عن دار الخليج
    الزيارات المتكررة لغزة باتت ظاهرة لافتة ولها دلالات تتجاوز الهدف المعلن المتمثّل بالتضامن مع القطاع المحاصر منذ نحو سبع سنوات . إذا تذكّرنا أن الحصار على غزة كان قبل السنتين الأخيرتين أشد وأقسى مما هو الآن، يكون الاستغراب أكثر منطقية ومشروعية إزاء تكثيف الزيارات مؤخراً، وبخاصة بعد الحرب الأخيرة، علماً بأن مجلس الجامعة العربية اتخذ عام 2007 قراراً بكسر الحصار، لكن القرار ظل، كغيره من القرارات المتعلّقة بالصراع مع “إسرائيل”، حبراً على ورق .
    على مدى عامين أو ثلاثة، كانت الزيارات إلى غزة مقتصرة على قوافل التضامن التي لم يصل معظم الشق البحري منها إلى وجهته، بل تعرّض للاعتراض والمنع أو العدوان مثلما حصل للسفينة التركية مرمرة التي اقتحمتها البحرية “الإسرائيلية” موقعة على متنها تسعة شهداء، وعلى ما يبدو ستمر تلك الجريمة باعتذار وتبويس لحى وحفنة أموال واستعادة العلاقات السياسية بين تركيا و”إسرائيل”، باعتبار أن العلاقات العسكرية ما زالت مستمرة، وربما صارت أوثق في المرحلة الأخيرة . لن يكون مصير الشرط التركي برفع الحصار عن غزة أفضل حالاً من مصير قرار الجامعة العربية .
    الزيارة الأكثر إثارة للجدل إلى غزة هي تلك التي قام بها رئيس اتحاد علماء المسلمين، يوسف القرضاوي التي انتهت للتو بعد ثلاثة أيام أمضاها محاطاً بحفاوة مبالغ فيها من جانب حكومة غزة، في رسالة هي أبعد من حدود الزيارة نفسها وأكثر من كرم الضيافة المعتاد، بل لعلها تلامس غايات تجاذبية في إطار تبدّل معادلات الصراع ومفرداته في المنطقة، على نحو مؤسف . البعض منح الزائر هالة الفاتحين، وأسبغ عليه قداسة وصلت حد الانحناء وتقبيل اليدين .
    القرضاوي يحرّم زيارة القدس باعتبار أنها تحت الاحتلال، لكنّه يحلّل زيارة غزة مع أنها أيضاً تحت احتلال في محيطها وأجوائها . أما الكلام عن زيارة من دون موافقة “إسرائيل” فليس في مكانه . وإذا كانت حكومة غزة لا تنسّق لأخذ الموافقة، فالحكومة المصرية تتولى هذه المهمّة، ولو كانت الزيارات تتم من دون موافقة “إسرائيل” لكانت على مسؤولية الزائر، وإلا لما منع رئيس حركة الجهاد الإسلامي رمضان شلّح من دخول غزة في نفس اليوم الذي دخل فيه خالد مشعل .
    كان يمكن لهذه الزيارات أن تكون مباركة فلسطينياً، لو سعى أصحابها قبل إتمامها إلى العمل على رأب الصدع الفلسطيني بدل تكريس الانقسام . عندها قد تكون الفوائد أكبر من الخسارة السياسية الناجمة عن أخذ الموافقة “الإسرائيلية”، فغزة بحاجة إلى من يلم شملها مع بقية ما تبقى من الوطن الفلسطيني، وليست بحاجة إلى زيارات احتفالية تتجاهل الانقسام والاحتلال والحصار لمصلحة الاستفادة من واقع إقليمي يخدم أطرافاً ولا يحرّر أوطاناً أو يضعها على سكّة الديمقراطية .
    لو كانت زيارة القرضاوي إلى غزة بعد المصالحة لما وضع نفسه في وضع تعمّم فيه السلطة الفلسطينية على العالم أن الجواز الذي منحته إياه حكومة غزة، مزوّر لأنه لم يصدر عن جهة شرعية، مع أن الجواز الفلسطيني في أساسه لا يمثّل دولة ولا يعبّر عن حالة استقلال .
    من نافل القول إن التضامن مع الشعب الفلسطيني يكون أولاً بالعمل على إنهاء انقسامه، وثانياً بدعم صموده ومقاومته للاحتلال وانتهاكاته المتواصلة وتهويده للقدس، أما بغير ذلك فلا يعدو كونه تجارة ومزايدة .

    قطر والفلسطينيون.. المهمة المستحيلة
    صالح عوض عن الشروق الجزائرية
    كانت الجزائر رفيقة الثورة الفلسطينية منذ ولادتها، بل إن الثورة الفلسطينية ولدت في حضن الجزائر، ورضعت من لبن ثورتها العظيمة، وتدثرت بلحافها في أيام البرد القارس، وظلت الجزائر مع فلسطين وثورتها بعطاء غير منقطع.. ولم تر الجزائر أن ذلك يؤهلها لتنوب عن الفلسطينيين أو أن تقترح على الملإ حلا لقضيتهم ينقص من حقهم. وقدمت مصر عشرات الآلاف من الشهداء في الحرب مع إسرائيل، وخاضت حروبا شكلت طبيعة المجتمع المصري اقتصاديا وسياسيا ومع ذلك كله لم تقترح حلا لفلسطين بعيدا عن الفلسطينيين.. وهناك أمثلة عديدة في الوطن العربي.. فكانت فلسطين دوما بعيدة عن اللوك على ألسنة الحكام بالبخس والنقصان..
    سقطت هيبة المشيخة القطرية على أم رأسها، وظهرت عورتها كما لم تظهر من قبل، ذلك لأنها بدأت "تخلط" في القضية الفلسطينية.. والعجيب هذه الجرأة أو الوقاحة غير المسبوقة في التعامل مع الشأن الفلسطيني، وكأنهم لم يشاهدوا كيف قتل ملوك ورؤساء وحرقت عواصم وانهارت دول وغادرت أنظمة عندما كان الاقتراب من ملف فلسطين بما قد يعود عليها بضرر أو بخس.
    قطر التي وجهت طائراتها لتقصف ليبيا حتى "تنصر" ليبيين على ليبيين.. وقطر التي تفتح خزائنها للإعلاميين المرتزقة والسياسيين الحواة والمقاتلين أصحاب البنادق للإيجار.. وهكذا تبدو أنها تأمر وتنهى وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة بالشأن العربي.. هاهي على الجبهة الأخرى وبعد أن سطت على جامعة الدول العربية وحولتها إلى تابع لسياساتها.. قطر هذه تقف على رأس الوفد العربي تبدي تنازلات عن أرض فلسطين والقدس فكانت مهمتها المستحيلة.
    إنه شيء كريم أن تهب كل الفصائل الفلسطينية وعلماء الدين والمثقفون ليؤكدوا رفضهم للخطوة القطرية ويدينوها بشتى ألفاظ الاستنكار، وحتى حماس، التي ظنها البعض أصبحت في محور قطر، استنكرت هذه الخطوة العربية غير المسؤولة، ورغم تفاوت حدة نبرة اللهجة من قائد إلى آخر، إلا أنه يمكن الملاحظة بسرعة استنكار حماس وعدم قبولها بالمقترحات القطرية.. ولم يلتفت الفلسطينيون إلى الوعود القطرية بضخ الأموال النجسة مقابل صمتهم عن مقترحات التنازل عن أرض فلسطينية.

    إن الحساسية التي يتمتع بها الفلسطينيون تجاه المواقف ناتجة عن مواجهاتهم للمؤامرات عبر عشرات السنين ولإدراكهم أن من يريد بالعرب سوءا لا يمكن أن يريد بفلسطين خيرا.. وأن أي محاولة لاحتلال بلد عربي أو ضربه إنما هي عملية مقصود منها شطب القضية الفلسطينية.
    لقد تلقت مشيخة قطر ضربة في الصميم، فلقد كان بإمكانها التمويه على دورها في ليبيا وسورية وسواهما من بلاد العرب بحجج كرامة الشعوب وحقوق الإنسان والديمقراطية، ولكن هنا في فلسطين، لا يمكنها القيام بما كلفت به.. هذه فلسطين مدحور وملعون من يبيع قدسها وكرامتها، ومدحور ومذموم وملعون من ضمر لها شرا..

    الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والمواجهة المطلوبة
    عبدالله القاق عن الدستور
    الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المسجد الاقصى واعتقال المفتي العام للديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين ومنع دخول المصلين الى باحات المسجد في كل جمعة، ومواصلة الحفريات تحت المسجد في محاولة لهدمه والسيطرة عليه كما فعلت في المسجد الابراهيمي في مدينة الخليل، شكلت خطوة تصعيدية كبيرة للاردن والعالمين العربي والاسلامي وهددت بانتفاضة جديدة تشمل القدس والضفة والاراضي الفلسطينية كافة بل والعالمين العربي والاسلامي لان هذا العمل مثّل سلسلة من الاعتداءات الهمجية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في المدينة ومنع حرية العبادة فيها.
    ولعل اهتمام الاردن بهذه القضية ودعوته الى اجتماع عاجل لمجلس الجامعة الذي انعقد يوم امس على مستوى المندوبين الدائمين بشكل غير عادي يجيء في ضوء التحركات التي يبذلها الاردن لوضع حد لهذه الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي والقانون الانساني، فضلا عن كونها اخلالا صارخا بواجبات اسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال العسكري للقدس الشرقية.
    وهذا الموقف الاسرائيلي ولذي نجم عنه مطالبة برلمانية اردنية بضرورة سحب سفير الاردن من تل ابيب وطرد السفير الاسرائيلي في عمان، نجم عن غضب كبير لهذه الانتهاكات الاسرائيلية للمدينة خاصة بعد اعلان اتفاق بين السلطة الفلسطينية وبين الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني باعتباره خادما للمقدسات في الحرم القدسي الشريف.. هذا الغضب الذي تمثل في بيان مجلس النواب الاردني الحازم والحاسم تجاه هجمة غلاة المستوطنين على المقدسات وبوتيرة مستمرة ودون انقطاع في الايام الاخيرة؛ ما ينذر بمخطط مدروس وممنهج ضد هذه المقدسات خاصة استمرار قوات الاحتلال بمنع الرجال والنساء الذين تقل اعمارهم عن خمسين عاما من الصلاة بالمسجد ووضع حواجز شرطية اسرائيلية على كافة ابواب المسجد فضلا عن ادخال المئات من المتطرفين الى رحاب المسجد الاقصى من باب المغاربة ومحاولة معظمهم اداء الطقوس الدينية بدعم واشراف قوات الاحتلال.. وهذا العمل يتمثل في تجسيد نوايا اسرائيل باقامة جسر جديد وبناء قطار هوائي يربط المسجد الاقصى مع بعض المستوطنات المحتلة بالحرم القدسي. هذه الاعتداءات والاستباحات المتكررة دعت مجلس النواب الى اتخاذ هذا الموقف ومطالبته الحكومة باتخاذ اقصى الاجراءات ضد اسرائيل خاصة وان 23 نائبا برئاسة نائب رئيس المجلس حسين عطية وافقوا على عريضة من اجل الغاء معاهدة وادي عربة بين الاردن واسرائيل مطالبين المجتمع العربي والدولي خاصة مجلس الامن واليونسكو والجامعة العربية والبرلمان العربي ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومختلف المؤسسات والمنظمات الدولية وحقوق الانسان التحرك الفوري والوقوف عند مسؤولياتهم لوضع حد لهذه الانتهاكات والممارسات العنصرية الممنهجة والمتزايدة يوميا بالاضافة الى اطلاق سراح المسجونين في السجون الاسرائيلية.
    لقد اكدت الاتفاقية التي تمثلت بتولي جلالة الملك عبدالله الثاني شرف الرعاية والحماية والصيانة للمقدسات الاسلامية في الحادي والثلاثين من شهر اذار الماضي والذي اودع الاردن اوراقها في الجامعة العربية ان الاردن يقوم بدور ريادي وتاريخي على المقدسات ويسعى كعادته لحمايتها من اي عدوان اسرائيلي او تدنيس لها بشتى الوسائل مما اكسبه صفة عربية ودولية بالحفاظ عليها.. وهذه الاتفاقية جعلت اسرائيل تقوم بهذه الاعمال الاستفزازية لجسّ نبض الاردن وقيادته لمعرفة مواقفه حيال هذه الاعتداءات والممارسات مما حدا بصحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية القول: «ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يعد يمثل سوى نفسه بعد انتهاء ولايته من جميع جوانبها على الميدنة المقدسة بعد ان مرت السنوات القانونية لولايته التي بدأها في كانون الثاني وانه لا يمكن عقد اتفاق سلام معه».
    ولم تكتف اسراسيل باعتداءاتها على المقدسات الاسلامية بل اعلنت هذا الاسبوع عن مخطط اسرائيلي استيطاني جديد يهدف لبناء «296» وحدة سكنية في بيت «ايل» في الضفة الغربية ضاربة عرض الحائط بالوعود التي قطعتها لوزير الخارجية الامريكي كيري بوقف الاستيطان كمبادرة حسن نوايا لاطلاق العملية السلمية.. مما دعا الدول الاوروبية واليابان الى توجيه الانتقاد الشديد لاسرائيل والمطالبة بتجميد الاستيطان الذي ينتهك القانون الدولي ويعتبر بمثابة عمل عدواني من جانب واحد يقضي على كل اتفاق مرتقب بين الجانبين وفقا للقرارات الدولية الرامية الى الاعتراف بالحدود الفلسطينية قبل الرابع من حزيران 1967.
    فهذه الاعتداءات الاسرائيلية الرامية الى تكثيف سياساتها التهويدية وتغيير معالم القدس الشريف التاريخية والحضارية في محاولة منها لطمس الهوية العربية والاسلامية للمدينة بالجرائم الاسرائيلية المتكررة تؤكد ان هذه الممارسات غير شرعية بموجب القانون الدولي مما يتطلب من الدول العربية والاجنبية كافة القيام بواجبها لحماية المدنيين والاماكن المقدسة والحفاظ على التراث الحضاري والانساني لمدينة القدس اسلاميا ومسيحيا.
    والواقع ان سياسة التنازلات العربية وخاصة الفلسطينية تجاه الاحتلال لم تعد تجدي نفعا ولا تحفظ حقا.. خاصة وان كل البيانات التي صدرت عن العالمي العربي والاسلامي -باستثناء مواقف الاردن الوطنية والقومية والتي لقيت ترحيبا كبيرا من الاوساط السياسية العربية والاجنبية والرامية الى سحب سفير الاردن من اسرائيل وطرد السفير الاسرائيلي في الاردن عبر مجلس النواب- لا يتناسب وحجم الهجمة الصهيونية على المسجد الاقصى خاصة وان هذه المواقف العربية ما زالت اسيرة رتابة بيانات الشجب والادانة التي لم تلمس خلالها اسرائيل اية جدية في التعاطي العربي مع قضية المسجد الاقصى.
    ولعل التحذير الذي اطلقته الحركة الاسلامية في داخل الاراضي المحتلة من خطورة اقرار قانون جديد يتم بموجبه تقسيم المسجد الاقصى بين المسلمين واليهود يمثل صورة حية لممارسات اسرائيل في التعجيل لتنفيذ مخططات الاحتلال الهادفة للسيطرة على المسجد الاقصى تمهيدا لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم على انقاضه الطاهرة.. خاصة وان وزارة ما يسمى «الاديان» الاسرائيلية اعلنت في الكنيست انها تسعى الى تعديل قانون السماح لليهود باداء طقوسهم في المسجد الاقصى لاداء الصلاة في مواقع من هذا المسجد على غرار ما حدث في المسجد الابراهيمي بالخليل كما وان هذه الممارسات لم تتوقف عند هذا الحد بل انها تتواصل للسيطرة الكاملة على المدينة المقدسة والمسجد الاقصى ومحاولة طرد اهلها منها عنوة وامام اعين العالم.. هذا المشروع –التقسيم الجديد- من قبل الكنيست ليس بالجديد حيث سبق وقام عضو الكنيست اليميني المتطرف «ارييه الداد» مؤخرا بطرح مشروع قرار يقضي بتقسيم «زماني» للاقصى وهذا يعني ان الاحتلال يكرر مشاريعه بغية اختبار ردود الافعال حول مثل هذه الممارسات وصولا الى تنفيذها على الارض بشكل دائم وهذا يعني انه في حالة اقرار هذه المشاريع التهويدية فانه سيتم تقسيم ايام الاسبوع بين المسلمين واليهود بأن يحظر على المسلمين الدخول الى المسجد الاقصى في الايام غير المخصصة لهم بالاضافة الى حضر دخول المسلمين في اعياد اليهود وهذا دليل واضح على سعي اسرائيل لفرض السيطرة الكاملة على المسجد الاقصى في ضوء انشغال الشعوب العربية بالازمة السورية وثورات الربيع العربي؛ الامر الذي يتطلب من الامتين العربية والاسلامية الانتفاضة الشاملة من اجل حماية القدس وردع الاحتلال الاسرائيلي عن مشاريعه التهويدية لمدينة القدس وارغام القوات الاسرائيلية بالتراجع عن تنفيذ المخططات الخبيثة والمجرمة ضد المقدسات في مدينة القدس.
    وهذه الخطوات الاسرائيلية الممنهجة ضد المقدسات وخاصة المسجد الاقصى تستدعي من الفلسطينيين ولا سيما فتح وحماس العمل من اجل المصالحة وانهاء كل الخلافات بينهما باعتبار ان القضية الفلسطينية هي القضية المركزية وضرورة التضامن والانحياز الدائم لارادة الشعب الفلسطيني في تحقيق امانيه الوطنية واستعادة القدس الشريف وتقرير المصير.



    القدس والأقصى والفصل الأخير
    مأمون الحسيني عن دار الخليج
    لم تعش القدس في تاريخها أسوأ من هذه اللحظات . فالمدينة العريقة التي يفترض أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية المأمولة، ومعالمها الدينية الفريدة، وبالأخص أقصاها وصخرتها المقدسة، فضلاً عن أحيائها وشوارعها العتيقة، تنهار اليوم، وأمام أعين كل العرب والمسلمين والمسيحيين، تحت ضربات التطهير العرقي والاستيطان والتهويد المبرمج، فيما تتراكم الدلائل على اقتراب اللحظة التي سيقوم فيها الصهاينة بهدم الأقصى وقبة الصخرة لبناء الهيكل كما ظهر في الفيلم الترويجي للخارجية “الإسرائيلية” عن القدس . ولعل الاقتحام الأخير للمسجد الأقصى من قبل مئات المستوطنين بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لاحتلال القدس الشرقية وضمها إلى القدس الغربية، الذي لم يواجه بسوى تصويت البرلمان الأردني على طرد السفير “الإسرائيلي” من عمان واستدعاء السفير الأردني من “تل أبيب”، كان بمثابة كلمة السر لبدء الفصل الأخير والحاسم لهذه العملية التي تنزع أوراق التوت عن الجميع، وتعلن على الملأ أن الدولة العبرية واثقة من أن زمن الرد على استفزازاتها ومخططاتها التهويدية، كما حدث خلال انتفاضة النفق وانتفاضة الأقصى بعد زيارة شارون، لم يعد قادراً على إعادة إنتاج ذاته في زمن “الربيع العربي” وتهافت السياسات الرسمية العربية .
    وقبل التفصيل في أبرز الخطوات والإجراءات الاحتلالية الهادفة إلى تهويد الحرم القدسي، وإشادة الهيكل المزعوم على أنقاضه، لا بد من ملاحظة التزامن المثير ما بين هجوم قطعان المستوطنين الأخير على الأقصى، ووصول الازدراء “الإسرائيلي” لعقول ومشاعر وسياسات العرب والفلسطينيين إلى حده الأقصى، بعد تهاوي وانهيار خديعة تجميد عطاءات الاستيطان الذي أعلنه نتانياهو، بناء على اتفاق مضمر مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بهدف انتزاع تنازل جديد من الفلسطينيين والعرب، وإقناعهم بالاعتراف بالدولة اليهودية . فبعد يومين فقط على “هدية” نتانياهو التي حملها معه إلى الصين لتسويقها من هناك، وفيما كانت وزيرته تسيبي ليفني تجتمع مع كيري في روما لبحث استئناف عملية التسوية التي طلب وزير الخارجية الأمريكي مهلة شهرين لدفعها نحو السطح، كان وزير حربه موشيه يعالون يشهر قلمه ويرسم توقيعه على بناء 296 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة “بيت إيل” قرب رام الله في الضفة الغربية .
    في كل الأحوال، وبصرف النظر عن الخيوط التي تربط السعي الصهيوني المحموم لاستكمال تهويد المدينة المقدسة بالكامل، وتصفية القضية الفلسطينية مرة واحدة وإلى الأبد، بتطورات المشهدين الإقليمي والدولي الوازنة، يبدو من المهم الإضاءة على أن التنفيذ الفعلي الأخطر لمخطط هدم الأقصى بدأ منذ نحو عام تقريباً . إذ، وبموازاة زعم المستشار القانوني للحكومة “الإسرائيلية” إيهود فينشتاين أن المسجد الأقصى “جزء لا يتجزأ” من دولة الاحتلال، وأنه “يخضع للقوانين “الإسرائيلية”: قانون الآثار، وقانون التنظيم والبناء”، وهو ما سمح لقاضية محكمة الصلح في مدينة القدس بإصدار قرار قضائي تسمح بموجبه لقطعان المستوطنين ب “الصلاة في الحرم القدسي تحت حراسة قوات الأمن”، تكثفت اعتداءات المستوطنين على المسجد، بدعم علني وصريح من الشرطة والحكومة “الإسرائيلية”، وذلك بهدف خلق وقائع جديدة تحاكي ما قام به الاحتلال في الحرم الإبراهيمي في الخليل حين سمح للمستوطنين بالدخول إليه كخطوة أولى على طريق تقسيمه، ومن ثم السيطرة عليه كلياً .
    إلى ذلك، واستناداً إلى هزال الوضع الفلسطيني وانقساماته التي توفر المناخ المناسب للاحتلال كي يواصل مشاريع تهويد المقدسات، وعمليات القمع والتنكيل ومصادرة وهدم المنازل، وتأسيساً على تأييد نتانياهو لما يسمى “خطة شيرانسكي” التي تقضي بتوسيع ساحة حائط البراق، وطمس كل المعالم الإسلامية الواقعة ما بين الزاوية الغربية للمسجد الأقصى ومنطقة المدرسة التنكزية، وتهويدها، وكذلك على الجهود الحثيثة لاستكمال إقامة المنشآت على أنقاض القصور البيزنطية والأموية، بما في ذلك الكنس والمتاحف والمسارح وأماكن الختان، والحمامات العامة، كان لا بد من تقدم مؤسسات الاحتلال العنصرية، خطوات إضافية على هذا الصعيد، حيث بدأت الكنيست التي تشرع قوانين التطرف والعنصرية ضد الفلسطينيين، قبل أيام قليلة، مداولات شارك فيها مسؤولون من الشرطة الصهيونية ووزارة الخارجية، لبحث إعداد ترتيبات تسمح لليهود بأداء الطقوس الدينية في المسجد الأقصى، وذلك بعد أن أعلن مدير عام ما يسمى وزارة الشؤون الدينية “الإسرائيلية” الحنان غلات، خلال جلسة لجنة الداخلية البرلمانية، أن وزارته ستقدم إلى الحكومة أنظمة جديدة تتعلق بأداء الصلاة من قبل “مواطنين” يهود في المسجد الأقصى بهدف إقرارها، علماً أن القوانين “الإسرائيلية” الحالية تسمح لليهود بدخول الساحات ولكن لا تسمح بأداء الطقوس الدينية .


    آراء حول الاستهتار الإسرائيلي
    ضياء الفاهوم عن الدستور
    في الوقت الذي أعلن فيه كثيرون عن فقدان الأمل من تحرك عربي كبير لمواجهة التحديات الجمة التي تشهدها بلاد العرب وخاصة في فلسطين وسوريا أعرب آخرون عن تمنياتهم بأن يحتكم العرب إلى ضمائرهم في معالجة ما تتعرض له أمتهم من اعتداءات على أراضيها وسيادتها وكرامتها وحقوق أبنائها في الأمن والاستقرار والعيش الكريم.
    ومن بين وجهات النظر التي استمعت إليها مؤخرا أنه ليس أمام العرب إلا تناسي خلافاتهم التي لم يعد لها أي معنى مقارنة مع ما تتعرض له الأمة من اعتداءات مروعة مثل التي تشهدها فلسطين وسوريا واضطرابات في بلدان عربية أخرى لا مفر من وضع حد ديمقراطي لها .
    ومن بينها أيضا انه لا بد من أن يتوصل العرب إلى ضرورة التفرغ الآن لكبح جماح الصهاينة الذين ازدادت أعمالهم الاستفزازية بشكل مريع ولم يعد يفيد معهم شيء غير القوة من منطلق أنه لا يفل الحديد إلا الحديد ، وأنه لا بد من قض مضاجع المحتلين والمستوطنين لإرغامهم -على الأقل- على الانسحاب من كافة الأراضي التي احتلت عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس مع تنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية والثوابت المتعلقة بالصراع العربي الصهيوني .
    وقد أعرب بعض الناس عن رأيهم بأن لا فائدة من مفاوضات عقيمة في وقت أصبحت فيه الأطماع والنوايا الصهيونية معروفة للقاصي والداني بوضوح ما بعده وضوح وأنه لا مفر أمام الفلسطينيين من مقاومة المحتلين بكافة الوسائل وليس أمام العرب إلا مساندة إخوانهم مساندة كاملة؛ لوضع حد للعبث الإسرائيلي بكل الحقوق العربية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية .
    وأضافوا قائلين: لا بد من الكف عن اجترار أحاديث المفاوضات وإعلان أنه إذا لم تنفذ إسرائيل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالشأن الفلسطيني وتطلق سراح الأسرى دون قيد أو شرط فإن الفلسطينيين يعرفون جيدا السبيل الأمثل لمواجهة تحديات وغطرسة المستوطنين والمسؤولين الإسرائيليين العنصريين المتطرفين الذين لا يريدون الأمن إلا لأنفسهم.
    وارتأى كثيرون أيضا أن العدوان الإسرائيلي الأخير على سوريا قد أظهر للعالم أن إسرائيل قد أصبحت تشكل بكل تأكيد خطرا على أمن واستقرار الشرق الأوسط إن لم يكن على أمن وسلام كل العالم . كما ارتأوا أن هذا العمل العدواني الخطير جعل الملايين من العرب وغيرهم من محبي السلام تمني النفس أن يتوصل الإخوة في بلاد الياسمين إلى حل سياسي منطقي عاجل لأزمتها؛ يركز على مصالح الدولة السورية وشعبها وأمتها ويرتكز إلى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون والمواطنة الصالحة. وهذه في الحقيقة هي وجهة النظر الأردنية منذ بدايات الأزمة السورية.
    ومن الآراء حول الاستهتار الإسرائيلي التي أعجبتني وأعجبت كثيرين، غيري أن الصهاينة ربما يستطيعون في ظل الظروف الراهنة أن يواصلوا استهتارهم بحقوق غيرهم وقتا آخر قد يطول وقد يقصر حسب الظروف ولكنهم في النهاية سيندمون أشد الندم إذا ما استمروا في غيهم وغدرهم وإجرامهم واغتصاب بلاد غيرهم وحقوقهم والإصرار على جر المنطقة إلى انفجار لن يفلتوا هم بشكل خاص من عواقبه الوخيمة .

    عن تغييب الفلسطينيين وبالأحرى غيابهم
    ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياة اللندنية
    تؤكّد مختلف المعطيات أن عملية استئناف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية باتت وشيكة، لكن الأمر لا يقتصر على ذلك هذه المرّة، إذ ثمة أيضاً مداخلات وتطوّرات جديدة ونوعية تحيط بهذه العملية. يأتي ضمن ذلك مثلاً، توقيع الرئيس الفلسطيني مؤخّراً على اتفاقية تمنح العاهل الأردني (وليس الأردن)، حقّ الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس الشرقية، بمعنى التشارك في تقرير مصير القدس، وهذا أمر لافت ومفاجئ وغير مسبوق في السياسة الفلسطينية، التي طالما نافحت من أجل وحدانية تمثيل قضية فلسطين وشعبها، ما يثير التكهّنات بشأن مغزى ذلك وانعكاسه على طبيعة الحلول المقترحة، لا سيما في ما يتعلق بإمكان تجاوز قضية القدس في المفاوضات المقبلة، أو ربما بما يتعلّق بالانفتاح مجدّداً على الخيار الأردني-الفلسطيني الكونفدرالي.
    كما يأتي ضمن ذلك القبول العربي بفكرة «التبادلية»، والتحمّس المجاني والمتسرّع لتعديل «مبادرة السلام العربية»، التي مضى عليها عقد من الزمان، والتي تجاهلتها إسرائيل، على ضعفها وقصورها، وهو الأمر الذي حملته «لجنة المتابعة العربية لمبادرة السلام» إلى واشنطن في اللقاء الذي تم أواخر الشهر الماضي مع جون كيري وزير الخارجية الأميركية، والذي كان في عداده رياض المالكي وزير خارجية فلسطين. وهذا يعني، في ما يعنيه، منح مقترح «تبادل الأراضي» مع الإسرائيليين غطاءً عربياً، والتساوق مع وجهة النظر الأميركية بشأن التركيز في هذه المرحلة، فقط، على ملف الحدود (طبعاً قضية اللاجئين غير مطروحة البتّة)، ما يفيد بطيّ مسألة المستوطنات، وهو المعنى الآخر للانصياع للإملاءات الإسرائيلية، بدلاً من توجيه الضغوط على إسرائيل لإجبارها على الرضوخ للقرارات الدولية ذات الصلة، على الأقل.
    كذلك، فإن هذه التوجّهات ليست بمعزل عن مساعي الإدارة الأميركية لفرض نوع من «السلام الاقتصادي» القائم على وعود بتحسين شروط حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، واحتمال منح سلطتهم صلاحيات أكبر في المنطقة (ج)، على أن تتولّى الولايات المتحدة تلبية المطالب الإسرائيلية، المتعلقة بالأمن، وأيضاً، بتطبيع علاقاتها مع الدول العربية، مع ضمان الاعتراف بها كدولة يهودية، كأن إسرائيل تحتاج إلى مكافآت مجانية على احتلالاتها وممارساتها العنصرية وضربها الحائط بقرارات المجتمع الدولي المتعلقة بالانسحاب من الأراضي المحتلة، وإنفاذ حقوق الفلسطينيين!
    الآن، بديهي أن الإدارة الأميركية ترى في المناخات السائدة في المنطقة العربية، لا سيما في مصر وسورية ولبنان والعراق، بمثابة الفرصة السانحة لحلحلة الصراع العربي-الإسرائيلي، بأي شكل، لا سيما أنها تبحث عن طريقة للتخفّف من أعبائها في هذه المنطقة، إن للتركيز على أحوالها الداخلية، أو لاهتمامها بمناطق أخرى أكثر حيوية لمصالحها ولأمنها القومي. وطبعاً، فإن الأحوال في العالم العربي تبدو مهيأة لذلك، مع الانشغال بالثورات والاضطرابات، والفجوة بين الحكام والمحكومين، واستشراس النظام السوري في تدمير شعبه، وميل غالبية النظم العربية لاعتبار إيران بمثابة الخطر الداهم على استقرار المنطقة، فحتى مصر، التي باتت تحت حكم حزب «الحرية والعدالة» (المنبثق عن «الإخوان المسلمين») لا تبدي ميلاً للانشغال بقضية فلسطين (ولا بقضية السوريين) بقدر انشغالها بترسيخ سلطتها في مصر، ولو كان على حساب مبادئها.
    السؤال الآن: ما الذي بوسع القيادة الفلسطينية أن تفعله في هذه الظروف الصعبة والمعقّدة؟ وماذا بالنسبة إلى خياراتها السياسية الممكنة؟ والجواب على ذلك أن هذه القيادة، وهي ذاتها قيادة المنظمة والسلطة وحركة «فتح»، لم تقم بأي شيء من أجل تعزيز مكانتها بين شعبها، وفي العالم، ولا من أجل تحسين فرصها في مواجهة إسرائيل ومقاومة املاءاتها، لا بالطرق السلمية والشعبية، ولا بطرق المقاومة بالحجارة أو بالسلاح. فعلى عكس كل ذلك، ساهم المسار الذي اختطّته هذه القيادة في ضياع الفلسطينيين، وتنمية مشاعر الحيرة والإحباط وفقدان الأمل عندهم، كما في زيادة خلافاتهم وانقساماتهم، ويخشى أن ذلك لم يعد يقتصر على فصائلهم السياسية، وإنما بات يشمل تباين الأولويات بين التجمعات الفلسطينية، وتنامي الشعور بالاختلاف والتفارق في ما بينها.
    وهكذا، لم تكلّف تلك القيادة نفسها طوال السنوات الماضية، باعتماد خيارات بديلة أو حتى موازية، وفضّلت الارتهان للخيار التفاوضي، على الرغم من كل أحاديثها عن انسداد هذا الخيار، مع استفحال الأنشطة الاستيطانية وتغيير إسرائيل لمعالم الضفة الغربية، بالجسور والأنفاق والطرق الالتفافية والمستوطنات والجدار الفاصل، ومع تأكيدها أن إسرائيل حولت المفاوضات إلى لعبة، أو متاهة، لقضم أكبر قدر من الأراضي، وتصعيب قيام دولة مستقلة وحيوية وقابلة للحياة.
    أيضاً، لم تفعل هذه القيادة شيئاً لبثّ روح المقاومة عند الفلسطينيين في مواجهة سياسات إسرائيل الاحتلالية والاستيطانية والقمعية والعنصرية، ولا بأي وسيلة أو طريقة، بل إنها عبر مسارات التنسيق الأمني والاعتمادية الاقتصادية، خلقت واقعاً من الاحتلال المربح والمريح ليس لإسرائيل كدولة فقط، وإنما لمجمل الإسرائيليين أيضاً، الذين ما عادوا يدفعون أي ثمن للاحتلال. ووفق آري شبيط: «لم يعد الإسرائيليون يتحدثون عن سلام مع الفلسطينيين ولا عن انسحاب من أراضٍ فلسطينية أيضاً، ولا يتحدثون عن الضفة ولا عن غزة ولا عن الاحتلال، ولا عن العامل السكاني الفلسطيني والشتات الفلسطيني والشعب الفلسطيني، بل لا يكادون يتحدثون حتى عن الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، فقد كان الفلسطينيون، وما عادوا موجودين.. الغائبون الذين أصبحوا حاضرين عادوا فأصبحوا غائبين.. فقد تلاشت الانتفاضة الأولى، وهُزمت الثانية، ورُدعت دولة «حماس»، وصُد التسونامي السياسي، فلم ينجح الفلسطينيون في أن يفرضوا علينا وعي وجودهم بهجماتهم على أسوارنا... فقد ضقنا ذرعاً بالخوف منهم، وبرحمتهم، وبتذكر أنهم هناك دائماً» («هآرتس»، 2/5)
    هذا هو الواقع الذي خلقته السلطة، التي استمرأت واقعها كسلطة تحت الاحتلال، والتي نجم عنها تخليق طبقة سياسية هي بمثابة جيش من المتفرّغين في الأجهزة الأمنية والسياسية (الطفيلية)، والتي باتت ترتبط مصالحها وامتيازاتها وادعاءاتها ونمط عيشها،باستمرار الموارد المالية المتأتّية من الدول المانحة، ما يجعلها تشتغل على تكريس الواقع الراهن وصدّ أي محاولة للبحث عن خيارات سياسية أخرى.
    الأخطر من ذلك أن هذا الأمر نجم عنه قيام ثقافة فلسطنيية هجينة، ومشوّهة، لا علاقة لها بقيم الحرية والكرامة والعدالة، وهي ثقافة لا تفصل بين التحرير والحرية فقط، وإنما تبتذل مفهوم التحرير وتحوّله إلى مجرد قضية عقارية، وقضية سلطة، وأجهزة أمن وسفارات وعلم ونشيد وزيارات. والأخطر من هذا وذاك أيضاً، أن هذا الواقع نجم عنه إعلاء شأن القضايا المحلّية لكل تجمّع فلسطيني على حساب القضية الوطنية العامة، وعلى حساب قيمتي الحقيقة والعدالة. ويخشى أن كل ذلك بات يضيع الهوية الفلسطينية وإجماعات الفلسطينيين ورؤيتهم لذاتهم كشعب، وهو الأمر الذي ظلّوا يفتخرون به على مسار التفكّك، ففي هذا السياق بالذات، بات يمكن اليوم ملاحظة أن ثمة فلسطينيين (في سورية) يقتلون ويشرّدون ويعانون العذابات، في حين أن معظم كياناتهم تنكر أو لا تبالي بذلك، والمؤلم أن هذين الإنكار واللامبالاة باتا يشملان مجتمعات الفلسطينيين الأخرى التي لم تبد أي حراك مناسب للتعاطف مع معاناة فلسطينيي سورية، الذين لم يقصّروا مع أحد يوماً.
    طبعاً لم يعد ثمة أهمية عملية، بعد كل ما جرى، لسؤال ما العمل، على ضوء الواقع السائد، وتخلّي القيادة الفلسطينية عن أوراق القوّة لديها، وضمنها قضية اللاجئين، ومنظمة التحرير، والمقاومة، والقرارات الدولية، وبعدها الشعب العربي، وبوضعها شعبها أمام احد خيارين، إما استمرار الواقع الراهن، أو التكيّف في مفاوضات التسوية مع الإملاءات الأميركية-الإسرائيلية، مع محاولة تحسين شروطها. لكن، مع كل ذلك، ثمة جواب على هذا السؤال، فما هي قيمة أي «إنجاز»، أو أي كيان، إذا كان يتأسّس على تلاشي الحقوق الوطنية للفلسطينيين، وتقويض وحدتهم وإجماعاتهم كشعب؟
    ولنلاحظ أيضاً، أنه بينما كانت إسرائيل تعلن استمرارها في بناء المستوطنات والجدار الفاصل وتعتدي على المصلّين في المسجد الأقصى، وتعتقل، وتهين على الحواجز، كان ثمة فلسطينيون من هذا الفصيل مشغولون بالتهجّم على السلطة لدعمها الشاب محمد عساف الذي يشارك في برنامج «عرب أيدول»، وبالمقابل كان ثمة فلسطينيون من فصيل آخر مشغولون بالتهجّم على السلطة التي استقبلت الشيخ القرضاوي ومنحته جواز سفرها، ما يبيّن مدى التدهور في حال السياسة والثقافة والاجتماع بين الفلسطينيين.
    هكذا، فقد كنا نعرف أسباب تغييب الفلسطينيين، لكن الآن بات لزاماً علينا أن نعرف أسباب غيابهم.



    الجيش العربي ومعركة القدس
    بسام البدارين (مدير مكتب القدس العربي في الاردن) عن القدس العربي
    إستوقفتني بعض التعليقات التي نشرت على تقرير لي في القدس العربي حول إعتداءات إسرائيل على القدس والتي جاء في بعضها التشكيك بأن الجيش الأردني لم يقاتل دفاعا عن المسجد الأقصى والقدس وهي {فرية} تاريخية والحق يقال لابد من مناقشتها .
    لم أعاصر تلك المرحلة ولا استلطف إطلاقا أي محاولة للتشكيك بالمؤسسة العسكرية ليس فقط لانها المؤسسة الوحيدة التي لا زالت بعيدة تماما عن قطار الترهل وقلة الإنتاجية ومغامرات اللصوص والفاسدين.
    ولكن أيضا لانها المؤسسة الوحيدة في بلادي اليوم التي تعتبر الضامن الأساسي للإستقرار الأهلي وبقاء الدولة.
    لم أعايش بحكم السن تلك المرحلة لكن والدي وهو عسكري أردني خدم في الجيش العربي لأكثر من 35 عاما عاش تماما وبالتفاصيل معركة القدس تحديدا وشارك وجرح فيها وحمل ودفن بيديه العشرات من رفاق السلاح الأردنيين الشرفاء وأبناء العشائر الأفذاذ الذين سقطوا في تلك المعركة وغيرها.
    والدي قال لي الكثير ومات وهو يروي التفاصيل التي وثقتها بطريقتي ولم يكن للإنصاف الشاهد الوحيد الذي لا يعرف كذب الإعلام وتضليل السياسيين فبعض أصدقاء الوالد رحمه ورحمهم الله- كانوا يتسامرون معه في إستذكار الحكايات البسيطة التي تصلح لروايات التاريخ.
    تلك الحكايات رويت أمامي ببساطة وأنا طفل وبلا ماكياج وبدون مكساج وقبل ولادة مواقع النميمة الإلكترونية وفيما كان عشرات السياسيين الدجالين أطفالا يلهون بالشارع أو يلاحقون الصبايا على أسوار المدارس .
    وعايش قدامى العسكر هذه الحكايات قبل ولادة الكثير من المتشدقين من جنرالات المايكروفون الذين أنتجوا بإسم العسكر أطنانا من الجدل الفارغ والمسيء للوحدة الوطنية فيما كان الأوائل ووالدي ورفاقه يخوضون معركة الكرامة ليس تثبيتا للدولة الأردنية أو دفاعا عن القدس فقط ولكن تكريسا لدروس يتجاهلها قومي بخبث لمعاني الفداء والشجاعة والرجولة والوحدة الوطنية حول ضفتي نهر الأردن.
    للأسف هذه الحكايات وتحديدا تلك التي حصلت على أسوار القدس تمثل صفحات ناصعة يرى أصحاب القرار أنها غير جديرة بالتدوين في الكتب أو التوثيق في مناهج التربية والتعليم التي تعج بالموضوعات البائسة السقيمة التي لا معنى لها فيما تغيب قصدا وعن سابق إصرار وترصد- حكايات البطولة التي عمدت العلاقة بين الأردنيين والفلسطينيين بالدم سواء في معركة الكرامة او معركة القدس.
    أزعم شخصيا بأن هذا التغييب لملحمة الشجاعة التي قاتل فيها الجيش العربي قبل خذلانه سياسيا مقصود وله أهداف خبيثة لان صفحات هذه الملحمة كفيلة بأن يعرف كل أردني ومن شتى الأصول والمنابت بأنهم ليسوا خصما لبعضهم وبأن عدوهم الواحد الوحيد هو إسرائيل حصريا ووكلاؤها من دعاة الفتنة والإنقسام الجهويين والطائفيين.
    هذه القصص كفيلة لو وثقت ونشرت برأيي المتواضع بالرد على كل المتشدقين من دعاة فرقة الناس وتصنيفهم وتقسيمهم تحت عنوان الوطن البديل ..لذلك يتم إخفاؤها ولا تأخذ حقها في المتابعة والتحليل والنشر والترويج لانها لو حصل ذلك ستعيد إنتاج المشهد الوطني وسيفخر بها أطفالنا في المخيمات والبوادي.
    لا أعرف شخصيا كيف يمكن للمرء أن يكون في وطن بديل وهو في وطنه الأصيل؟.
    لست مؤرخا عسكريا ولا أفهم بالمعارك لكني إستمعت للصديق الباحث والمحلل المقيم في واشنطن علي يونس وهي يروي الصعوبات التي واجهها وهو يسعى لتأريخ وتأمل ما حصل عام 1967 وتحديدا على جبهة الضفة الغربية والقدس لان الرجل يريد أن يعرف كيف حصلت الهزيمة ولماذا؟.
    مفاجآت مهمة سيرويها يونس في كتاب متخصص ومنصف باللغة الإنكليزية يعمل عليه منذ ثلاثة أعوام.
    وما سمعته من تحقيقات حتى الأن لهذا الزميل يتفق بالمكان والإسم والتوصيف مع الكثير من الحكايات البسيطة التي سمعتها عن والدي ورفاقه من المقاتلين الذين رحل معظمهم عن الدنيا الفانية.
    وللعلم خدمت شخصيا في الجيش العربي وتشرفت بهذه الخدمة وعاينت بعيني الناقدة عن قرب رغم قيودي الأمنية كيف ينام ويسهر ويحرس العسكر الأردنيون وما هي عقيدتهم القتالية وكيف يحلم بسطاؤهم وقادتهم على الأغلب بيوم تجديد المواجهة مع جيش إسرائيل الذي لا يقهر ..هذه حقيقة عقيدية بعيدا عن أي مزاودات.
    قد لا يعجب كلامي كثيرين ومن كل الأصناف وتحديدا في السلطة وفي بعض الصف الفلسطيني وفي التيار الشوفيني المريض الذي يحاول خطف المايكروفون بإسم المتقاعدين العسكريين وهم منه براء.
    لكني واثق من أن ستة الاف عسكري أردني شهيد قاتلوا ببسالة لا مثيل لها والمئات من شهداء الجيش العربي سقطوا تحديدا على أسوار القدس وعلى أولادنا أو احفادنا بعد التحرير بإذن الله زرع شجرة بإسم كل شهيد من أبناء شرق الأردن الشرفاء الذين لم يقبلوا يوما الظلم أو الحيف أو العار فالحرب متواصلة ولا تقتصر على معركة واحدة والأيام دول والقدس للجميع.
    الكتاب الذي ألمحت إليه حصل على شهادات نادرة من مراجع إسرائيلية عدوة بعضها لا زال على قيد الحياة تتحدث عن الصمود الأسطوري لبعض الوحدات العسكرية الأردنية في بعض قرى فلسطين وحول القدس حيث ربط أحد الجنرالات الأردنيين إثر رفضه الإستسلام نفسه بالشجرة وتمسك بسلاحه مع مساعده بعدما بقي على قيد الحياة إثر إستشهاد جميع جنوده فسقط الرجل شهيدا خالدا مع معاونه وإلتقط له الجنرال الإسرائيلي الغريم صورة وأدى له التحية.
    البنادق قياسا ببنادق العدو كانت أقرب للخردة والذخيرة لم تكن ذات صلة بمخزن العدو ولا يوجد سلاح طيران فقط دروع قديمة من مخلفات الحرب العالمية الثانية وبعض المدرعات والقليل من الرصاص والذخائر ولوجستيات كلاسيكية إضافة لرجال حملوا أرواحهم ودافعوا عن القدس بالدم والفداء والإيمان.
    الدليل العملي على قتال أردني شرس وصل لحدود غير طبيعية في معدلات الصمود هو ندرة وجود أسرى لدى العدو مما يدلل على أن نشامى الجيش العربي قاتلوا فعلا حتى النهاية وحتى آخر قطرة دم.
    وأقولها بوضوح ردا على بعض التعليقات الساذجة: هذا هو الأردن الحقيقي وكل قطرة دم زكية لأردني سقطت في فلسطين دين في أعناق الشعب الفلسطيني والأمتين وتبعدنا اميالا عن سيناريوهات الوطن البديل فلا يجوز لأي فلسطين وفي أي زمان او مكان أن يقبل بأي بديل عن فلسطين تكريما لقطرات دماء الشهداء ولا زالت البوصلة التي لا تتجه للقدس {خائنة} كما يقول الصديق ممدوح العبادي.
    ..نعم وللتاريخ والإنصاف قاتل الجيش العربي الأردني ببسالة ورجولة على أسوار القدس وفقد الاف الشهداء ومن هزم هناك الأمة العربية وهيئة القيادة المشتركة وليس الجيش الأردني الذي تعرض للخذلان وحارب بإمكانات فنية ومالية لا يمكن تخيل بساطتها مقابل عدو مجرم وقف خلفه ودعمه ما يسمى اليوم بدول العالم الحديث.
    الجيش العربي الأردني المغوار خذلته القيادة السياسية وخذلته العنتريات القومية وخاض معركة لم يكن مستعدا لها وعلى نحو مفاجئ ودافع بشرف وشجاعة وحتى النهاية بدليل عدد الضحايا الكبير والملك الراحل حسين بن طلال قال علنا بأنه أجبر على خوض المعركة قبل أي إعداد جيد لمعركة هزم فيها بالواقع السياسيون وإنتصر فيها العسكري العربي الشريف سواء على الجبهة المصرية أو السورية أو الأردنية.
    على هذا الأساس لا مبرر للمزاودات التي لا معنى لها والتي لا تخدم احدا لان التشكيك بأداء القوات المسلحة الأردنية في معركة القدس خلافا لانه مريض وغير حقيقي لا يحرر شبرا من فلسطين ولا يرد بأي حجة مقنعة على دعاة الفتنة ولا يعيد رقما وطنيا مسحوبا.

    جبريل وكذبة المقاومة
    حازم مبيضين عن الرأي الأردنية
    من باب المزايدة الرخيصة المتهافتة، تأتي الدعوة الصادرة من أرخص دكان لتأجير البنادق، وهي تنطلق في تجارتها تحت إسم «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة»، الذي سرقته من تنظيم حكيم الثورة الفلسطينية جورج حبش، حين تمرد عليه ضابط المخابرات السوري أحمد جبريل، مع ما لايزيد عن حفنة من الزعران والبلطجية، ليقود تنظيماً اعتاد وامتهن تأجير بندقيته لكل من يدفع، ولم يكن آخرهم عقيد آخر زمن في ليبيا، الذي لقي المصير الذي يستحق على يد شعبه، فجبريل يصطف مع نظام الأسد، وقد خاض معارك غير مشرفة في مخيم اليرموك، دفاعاً عن هذا النظام، مكرساً تبعيته التي تجلّت في قتاله الشرس ضد قوات الثورة الفلسطينية، حين حاول الأسد الأب سحقها في لبنان.
    جبريل هذا، الذي عرفته شوارع عمان في سبعينات القرن الماضي، مقاتلاً ضد كل الشرفاء الفلسطينيين، يدعو اليوم، بعد أن أعلن ولي نعمته، تحويل سوريا إلى دولة مقاومة، تابعة لحزب الله، التابع لقيادة ولي الفقيه في طهران، رداً على الغارة الإسرائيلية، التي دمرت الكثير من أسلحته الصاروخية، دون أن تواجه بطلقة واحدة من نظام المقاومة والممانعة، يدعو بصفاقة مدهشة، إلى ممارسة كل أنواع الضغط الشعبي على الأردن، لفتح الحدود مع فلسطين أمام المقاومين، وهو يحسب نفسه عليهم، وليس غريباً نشر دعوته من قبل وكالة الأنباء السورية، فدمشق اعتادت خوض معاركها من غير جبهتها مع «العدو الصهيوني»، وجبهة الجولان تصمت صمت القبور، منذ أكثر من أربعين عاماً، وكانت محرّمة، ويبدو أنها ما تزال على أي عربي يفكر بمناهضة الاحتلال، ويسعى لإقلاق راحته.
    محترف مقاولات التبعية وتأجير البندقية، لم يخجل من كشف هدف دعوته البائسة، فبيان جبهته يعتبر أن فتح جبهة الجولان، بعد غلقها لأكثر من أربعة عقود، يستدعي فتح كل الجبهات العربية أمام المقاومة الفلسطينية، والمقاومين العرب، وكأن أمة العرب تعمل بالريموت كونترول، وكانت جحافل مقاوميها تنتظر تكرم الأسد بالضغط عليه، لتهب هبة رجل واحد، فتقتحم حدود الهدنة، لتؤكد دعمها ومساندتها لقوى التحرر الشعبية السورية، في معركتها لتحرير الجولان، مع أن هذه القوى ماتزال في علم الغيب، وهي ليست أكثر من قرار اتخذه الأسد، ولم نتيقن إن كان جادا في تنفيذه، وهو يعرف عواقبه.
    جبريل، الذي تخصصت مكاتبه في دمشق بتزوير جوازات السفر الأردنية، هو بالذات من حصل هذه الأيام على مقاولة استئناف العمليات الفدائية، على أن يتم ذلك من الجبهة الأردنية، والمدهش أن يتم تكليفه بالمهمة الجهادية، بعد شيخوخة غير صالحة لشخصه ولتنظيمه، واقتصار عملياته على إعلام متهالك تموله ايران، وعلى منح أنجاله ألقاباً قيادية ثورية، تعطيهم الفرصة للتشبيح والزعرنة، لم يخجل من البوح بكذبته الكبرى، عن استعداد أعضاء منظمته العاجزة، «للقيام بعمليات عسكرية على طريق تحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها»، ولم يتوان عن التصريح بولائه الحقيقي، حين أكد أن «سوريا تخوض اليوم معركة تاريخية فاصلة، في مواجهة العدوان الأميركي الصهيوني، وتدفع ضريبة مواقفها وتضحياتها من أجل فلسطين».
    نعرف جيداً أن جبريل هذا، لن يجرؤ على إطلاق رصاصة من جبهة الجولان، خشية اتهام إسرائيل للنظام السوري بالوقوف خلفها، وما يستتبع ذلك من نتائج، وهو يتوهم في نفسه قوة على التسلل إلى الجبهة الأردنية، المنيعة والعصية على أمثاله من المتاجرين بقضية شعبهم المقدسة عند كل أردني، وله نقول إن ولي نعمته أعلن فتح الجولان أمام المقاتلين، ونحن ننتظر «مراجله» فيها بدل محاولات التنصل من «المقاومة» بذريعة غلق الجبهة الاردنية في وجه جحافله وفدائييه.

    نتنياهو في روسيا اليوم: لعرقلة صواريخ «إس 300»
    حلمي موسى عن السفير
    أعلن المتحدث باسم الكرملين أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو سيصل اليوم إلى موسكو في زيارة عمل يلتقي خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وشدد المتحدث على أنه في اللقاء بين بوتين ونتنياهو سيتم تبادل الآراء حول مواضيع مركزية في العلاقات بين الدولتين. وكان لافتاً الإشارة إلى أن «اهتماماً كبيراً سيكرّس للوضع في الشرق الأوسط عموماً وسوريا خصوصاً».
    وكانت الصحف الإسرائيلية قد نشرت قبل ثلاثة أيام أن نتنياهو سيصل إلى العاصمة الروسية على عجل لمناقشة الرئيس بوتين في أمر صفقة سلاح كبيرة تتضمن تسليم سوريا صواريخ «إس 300». وأشارت الصحف الإسرائيلية أيضاً إلى أن نتنياهو ينوي مناقشة المسألة النووية الإيرانية مع مضيفه الروسي.
    وقد بدأت القصة عملياً بتسريب إسرائيل لصحيفة أميركية أمر عرض وثائق تثبت أن روسيا على وشك تسليم سوريا صواريخ «إس 300» المضادة للطائرات بعدما سددت أقساطها في مصرف روسي. وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الخميس الماضي أن الصفقة، وهي على وشك التنفيذ، وقعت في العام 2010، وتتضمن تسليم سوريا ست منصات صواريخ و144 صاروخاً عملياتياً يبلغ مدى كل منها 200 كيلومتر.
    وأشارت تلك الصحيفة إلى أن إسرائيل تحث الولايات المتحدة على العمل مع روسيا لمنع تنفيذ هذه الصفقة التي تقيد بشكل واسع عمل سلاح الجو الإسرائيلي نظراً لطبيعة هذه المنظومة ومداها وفعالية راداراتها. ويبدو أن الأمر لا يتعلق فقط بأمـيركا، بل جنـّدت إســـرائيل لهــذه الغاية كل ذخائرها الدولية ومن بينها رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون. فقد أشارت الصحف الروسية إلى أن موضوع الصواريخ الروسية إلى سوريا كان بين المواضيع التي أثارها كاميرون مع بوتين خلال لقائهما الأخير.
    وأشارت «هآرتس» إلى أن اللقاء بين نتنياهو وبوتين لن يعقد، كما يبدو، في موسكو وإنما في منتجع «سوتشي» على ساحل البحر الأسود. وخلافاً للانطباع الذي نشأ في الأيام الأخيرة بأن الزيارة عاجلة وطارئة، نقلت «هآرتس» عن المتحدث باسم بوتين قوله إن الأخير دعا نتنياهو إلى موسكو في 20 آذار الماضي، ولكن لم يتحدد موعد للزيارة. وفقط في مطلع الأسبوع، تحادث نتنياهو مع بوتين واتفقا على اللقاء اليوم. وبحسب «هآرتس»، فإن نتنياهو أثار مع بوتين في مكالمتهما الهاتفية قضية صواريخ «إس 300»، وأيضاً مع الرئيس الأميركي باراك أوباما.
    وفي أجواء الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، أعلنت إسرائيل مراراً ما اعتبرته خطوطاً حمراء، ومن بينها انتقال أسلحة متطورة غير تقليدية أو بعيدة المدى أو مضادة للطائرات لـ«حزب الله» أو سقوطها بأيدي «جهات غير مسؤولة». ونظراً لطول المعركة وتحالف روسيا مع النظام السوري، تجدد الحديث عن استئناف صفقات الأسلحة الروسية لسوريا. ومرة أخرى دار الحديث عن صواريخ «إس 300». وخلافاً لمرات سابقة لم تنكر روسيا الأنباء وحاولت، من خـــلال تصريحات وزير الخارجية سيرغي لافروف، إثارة نوع من الغموض حولها. فأعلن لافــــروف أنه لا خطـــط جديـــدة لتسليح سوريا، ولكن لا تزال هناك عقود لصفــقات ســلاح معها لم تنجز بعد.
    ومن المهم الإشارة، كما كتب المراسل العسكري لـ«هآرتس» عاموس هارئيل، الى واقع أن الأنباء عن تزويد سوريا بصواريخ «إس 300» لسوريا وإيران تنشر تقريباً منذ عقد ونصف. وحتى اليوم لم يتم تنفيذ أي من هذه الصفقات عملياً. ولكن هارئيل يستدرك قائلاً إن «السياق هذه المرة مختلف: روسيا هي الركيزة الأساسية للرئيس الأسد في معركة الحياة والموت، التي يخوضها ضد المعارضة السورية التي تحاول إطاحته في حرب أهلية».
    وأضيفت إلى ذلك الغارات الإسرائيلية الأخيرة في محيط دمشق، والتي دفعت حتى رئيس الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يادلين للإشارة في تحليل له لهذه الغارات، إلى احتمال أن «يزود الروس، الذين لم ينظروا بعين العطف إلى الغارات، سوريا بمنظومات دفاع جوي بعيدة المدى مثل «إس 300». وأضاف يادلين أن روسيا قد تكون بذلك تريد الاحتجاج على السياسة الأميركية، وكبح أي مساس بالرئيس السوري بشار الأسد.
    وقال مسؤول روسي مطلع إن روسيا «لا تفرض حظراً على بيع السلاح من هذا النوع، ونحن نفي بتعهداتنا وعقودنا مع سوريا».

    نتنياهو ينهي الجدل حول ميزانية الدفاع: إقرار تقليص يرضي الجيش.. ولكن بشروط
    حلمي موسى عن السفير
    أقرت الحكومة الإسرائيلية المصغرة أمس بالإجماع تقليص ميزانية الدفاع بثلاثة مليارات شيكل. وكان هذا التقليص موضع خلاف كبير بين وزارة المالية، التي طالبت بتخفيض ميزانية الدفاع بأربعة مليارات شيكل، ووزارة الدفاع، التي كانت تصر على ألا يزيد التقليص عن ملياري شيكل. ومن الوجهة الظاهرية، فإن الاقتراح الذي عرضه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وتبنته الحكومة المصغرة كان نوعاً من حل وسط بين الموقفين، ولكنه من الناحية العملية كان التفافاً على المشكلة، وحلاً لها يناسب الجيش.
    ومن المعروف أن النقاش ساخن في الحلبة الإسرائيلية حول الميزانية العامة، التي شهدت أكبر تقليص في تاريخها بسبب العجز الهائل في الميزانية، والذي زاد عن عشرة مليارات شيكل. ونظراً للتوافق بين المالية ومصرف إسرائيل على عدم زيادة نسبة العجز في الميزانية، اضطر وزير المالية الجديد يائير لبيد لفرض تقليصات حادة بحوالي عشرة مليارات شيكل، وزيادة الضرائب بحوالي خمسة مليارات شيكل. وبديهي أن هذا مسّ غالبية الطبقات والشرائح الاجتماعية، وخصوصاً الدنيا والوسطى. وأثار الأمر احتجاجات جماهيرية بدأت فعلاً، ويتوقع أن تزداد مع مرور الأيام، وعند إقرار الميزانية الجديدة بما تحويه من تقليصات وضرائب جديدة.
    وفي هذا الوضع يبدو أنه كان بالغ الصعوبة بالنسبة للجيش ووزارة الدفاع المطالبة بزيادة ميزانية الدفاع، خصوصاً عند عرض التحديات والمخاطر الإقليمية الجديدة. ولذلك سعى الجيش، من ناحية، لعدم التصادم جبهوياً مع وزارة المالية، خشية اتهامه بعدم الأخذ بالحسبان الواقع الاجتماعي، ومن ناحية أخرى للتظاهر بقبول إخضاعه للتقليصات شرط العودة للحصول عليها لاحقاً. وهكذا من وجهة نظر شكلية، وبسبب أن ميزانية إسرائيل كانت حتى وقت قريب تقر لعامين، وأن الجيش ينال ميزانيته في إطار خطة متعددة السنوات، فإن الجيش وافق على التقليص شرط تعويضه في ميزانية العام 2015. ومعروف أن نصف العام 2013 مر، وبالتالي يدور الحديث عن ميزانية العام 2014.
    وتؤمن قوى عديدة في إسرائيل بأن الجيش يبذر أموالاً طائلة في مشاريع لا أحد يعلم عنها شيئاً أو يخضعها للرقابة. وكان رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت قد اتهم الحكومة والجيش بتبذير ما لا يقل عن عشرة مليارات شيكل على مشاريع وهمية لمحاربة إيران. كما أن زعيمة حركة «ميرتس» زهافا غالئون قالت إنه بوسع الجيش اقتطاع حوالي عشرة مليارات شيكل من ميزانيته من دون أن يتأثر مستوى الأمن في إسرائيل. وأشارت غالئون إلى أنه «وفق معطيات مركز أبحاث ومعلومات الكنيست، فإن الاستثناءات للجيش عن الميزانية الأصلية لوزارة الدفاع تبلغ عشرة مليارات شيكل في المتوسط سنوياً، أي استثناء بنسبة 20 في المئة عن الميزانية المقرة سنوياً». وأضافت أن هذه الأموال تصرف من دون نقاش استراتيجي لسلم الأولويات ومن دون مراقبة فعلية من جانب الكنيست أو وزارة المالية. وخلصت إلى أن «الضخ الأعمى وغير المنضبط للأموال إلى وزارة الدفاع كان أساساً من بين الأسباب الأساسية لنشوء العجز الذي تحاول الحكومة ردمه».
    ولكن الجيش يعرض طوال الوقت مخاطر ومشاريع متزايدة التكلفة. وقد هدد بأن تقليص الميزانية يعني تجميد مشاريع تطوير عدد من المنظومات المهمة مثل «القبة الحديدية» و«عصا الساحر» والتزود ببطاريات عملياتية منها. وهدد الجيش أيضاً بأن التقليص سيمس فرص التزود بغواصات «دولفين» من ألمانيا باتت عماد سلاح البحرية الإسرائيلي وقوته الضاربة، فضلاً عن مخططات لزيادة هذا السلاح في إطار حماية منصات الغاز البحرية. ولا يقل أهمية عن ذلك أن الجيش هدد بتجميد مشروع شراء طائرات تدريب من إيطاليا. وكانت وزارة المالية طوال النقاشات تصر على أنها لا تطالب بتجميد مشاريع تسليحية ولا حتى تقليص تدريبات أو مخزونات طوارئ، وإنما تقليص الامتيازات الكبيرة الممنوحة للعسكريين سواء في مجالات التعليم أو عند التقاعد أو حتى في رواتبهم، خصوصاً أن هناك الكثير من المستخدمين لا حاجة ماسة لهم.
    عموماً، أقرت الحكومة المصغرة حصر تقليص ميزانية الدفاع بثلاثة مليارات شيكل وليس أربعة على ألا يتم تعويض المليار الرابع بتقليصات إضافية من الوزارات الأخرى. وقال نتنياهو «إننا جلسنا أمس حتى ساعة متأخرة حول ميزانية الدفاع، وقررت أن أعرض على الحكومة قراراً أساسه تلطيف التقليص المقترح لميزانية الدفاع، تلطيف بمليار شيكل لا يأتي على حساب الجمهور. وأود التوضيح أن الجيش بقادته، جنوده، وسلاحه ضروري لأمن الإسرائيليين، حيوي، سواء في الدفاع أو الهجوم، وهاتان جبهتان مركزيتان».
    ومن المقرر أن تبدأ الحكومة الإسرائيلية بكامل قواتها إقرار بنود الميزانية العامة قبل عرضها للنقاش الموسع أمام الكنيست للمصادقة عليها. ومعلوم أن ميزانية إسرائيل للعام 2012 بلغت 366 مليار شيكل، فيما يتحدث مشروع الميزانية الجديدة عن زيادة بحوالي 20 مليار شيكل لتغطية ديون ومشاريع تطويرية. وكانت ميزانية الدفاع الحقيقية في العام 2012 حوالي 63 مليار شيكل. وسعى الجيش للإبقاء عليها في حدود 60 مليار شيكل، وهو يعلم أنه قادر على مدار العام المطالبة بزيادات لتغطية نفقات أو لتعويض خسائر.

    في ذكرى النكبة: تحرير سيناء فريضة مؤجلة
    فهمي هويدي عن السفير
    لا أرى سبيلا لإحياء الذكرى الخامسة والستـين للنكبة التي حلت بفلسطين (في 15/5/1948) إلا بالدعوة إلى المطالبة بتحرير سيناء، لأن الصلة وثيقة بين الاثنين.
    (1)
    هذا المنطوق يحتاج إلى شرح. لذلك أرجو ألا يسارع أحد إلى تأويله أو استخلاص رسالته قبل أن أوضح ما عنيته. إذ قد يستغرب البعض إذا علموا أنني استلهمت فكرته من حديث الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع إلى رجال الجيش الإعلاميين الذين شهدوا يوم السبت الماضي 11/5 ختام ما سمي «إجراءات التفتيش» لأحد التشكيلات المدرعة بالمنطقة المركزية، إذ ذكر أن تطوير الوحدات والتشكيلات ورفع معدلات كفاءتها القتالية يتم بمعدلات غير مسبوقة، بما يضمن لها القدرة على مجابهة التحديات والوفاء بالمهام المكلفة بها في حماية الوطن.
    كنت أحد الذين دعــوا في كتــابــات منــشورة إلى الكف عن الإلحـاح غــير المســؤول على دعــوة الجــيش إلى التدخل والانقلاب على الشـرعية. ومن بين ما قلته إن جيــش مصــر الآن يخضــع لعمليــة إعــادة بناء شاملة، تستهدف استعادة عافيته وتجديد شبابه، لكي يصبح جيشاً وطنياً محترفاً يليق بدولة كبيرة مثل مصر.
    هذا الاهتمام بعافية الجيش المصري لا ينطلق فقط من إدراك لاستراتيجية المصلحة الوطنية المصرية فحسب، ولكن أية قراءة للمشهد العربي تؤيد بشدة تلك الرؤية، خصوصاً بعد تدمير الجيش العراقي وإنهاك وتدهور أوضاع الجيش السوري، الأمر الذي يجعل رفع الكفاءة القتالية للجيش المصري مطلباً عربياً ضرورياً وملحاً.
    (2)
    في تقرير «مدار» الاستراتيجي الذي صدر هذا العام عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية في رام الله أن إسرائيل لا تزال قلقة للغاية من تغــير الأوضـاع في مصر. وتخشى من أن يمس ذلك التغير معاهدة كامب ديفيد التي تعتــبرها كنزاً استراتيجــياً لا تعــوض. وهي تعتبر أن مرور عام 2012 بسلام ومن دون أن يتعكر صفو العلاقات مع مصر إنجازاً مهماً. وفي ظل النجاح الذي حققته إسرائيل على ذلك الصعيد فإنها استثمرت أجواء الربيع العربي لتجعل من عام 2012 «ربيع الاستيطان». إذ ضاعفت في ذلك العام مشروعاتها الاستيطانية أربعة أضعاف ما كانت عليه عام 2011.
    يتحدث التصوير الاستراتيجي عن التقديرات الأمنية الإسرائيلية التي تجمع على أن مصر بعد ثورة «25 يناير» 2011 سوف تختلف حتماً عنها قبل ذلك التاريخ، الأمر الذي يفرض على الدولة العبرية أن تكون مستعدة للتعامل مع مختلف الاحتمالات. ومن حيث المبدأ فإنها تعتبر الانسحاب من معاهدة «كامب ديفيد» خطاً أحمر لا تستطيع أية حكومة إسرائيلية أن تسمح بتجاوزه. ولديها الخطط اللازمة لمواجهة الاحتمال الأسوأ. ويعد ارتهان شبه جزيرة سيناء لمصلحة إسرائيل أحد المفاتيح التي تقبض عليها وتلوح بها بين الحين والآخر للضغط على مصر وابتزازها. والمتواتر في الدوائر السياسية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوح بورقة سيناء في اتصال هاتفي له مع الرئيس الأميركي حين صرح الدكتور نبيل العربي عندما كان وزيراً للخارجية بعد الثورة بفكرة فتح معبر رفح أن فلسطين غزة.
    في هذا الصدد لا مفر من الاعتراف بأن الوضع في سيناء يشكل نقطة ضعف أساسية في الموقف المصري بعد الثورة، جعلت مصر في موقف حرج كبَّلها بوضع شاذ يمس سيادتها ويهدد أمنها القومي، وهو ما ينال من كرامة البلد في حين ثار شعبه وضحى بشهدائه لكي يصونها ويدافع عنها.
    لم يعد مقبولا أن تمزق سيناء إلى ثــلاث مناطــق يتفاوت فيها ضعف الوجود العسكري المصري، ومن المخزي أن يعبر القناة في حرب 1973 حوالي 80 ألف جندي وألف دبابة، ثم يوافق الرئيس السادات بعد «النصر» على سحبها جميعاً غرب القناة في اتفاق فض الاشتباك، باستثناء 7 آلاف جنــدي و30 دبابة فــقط لا غير.
    وما عاد مقبولا أن يحظر على مصر إنشاء أي مطارات أو موانئ عسكرية في كل سيناء، ومن المحزن والمريب أن تقف أقرب دبابة إسرائيلية على بعد ثلاثة كيلو مترات من الحدود المصرية، في حين أن أقرب دبابة مصرية تبعد 150 كيلو متراً عن نفس النقطة.
    هذا بعض ما نبهت إليه الدراسة التي أعدها المهندس محمد سيف الدولة المختص بالموضوع، والتي نبه فيها أيضاً إلى وجود القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة في سيناء، ولا يجوز لمصر أن تطالب بانسحابها إلا بعد موافقة جماعية من الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن.. وتلك القوات تتبع حلف الأطلنطي وقوامها 2000 جندي، وهي تراقب مصر أساساً في حين أن هناك 50 شخصاً مدنياً يراقبون الجانب الإسرائيلي.
    التفاصيل كثيرة في هذا الملف، وكلها تجمع على أن الوضع في سيناء يمثل وصمة فرضت على مصر ثغرة في جدار أمنها القومي المصري، يجب ألا يستمر السكوت عليها بعد الثورة، ويتعذر التعامل معها إلا بعد أن تستعيد مصر عافيتها السياسية والعسكرية.
    (3)
    من سخريات الأقدار ومفارقاتها أن الرأي العام المصري جرى تشويهه خلال العقود الأخيرة، إذ نجحت أبواق الرئيسين السابقين السادات ومن بعده مبارك في قلب الصورة ومسخها في سيناء، بحيث أقنعت كثيرين بأن الخطر على سيناء يتمثل في الفلسطينيين لا الإسرائيليين. وثمة شائعة راجت في مصر تدّعي أن الفلسطينيين يطمحون في التمدد في سيناء والاستيطان بها، بحيث تضم إلى قطاع غزة في نهاية المطاف. وينسى هؤلاء ثلاثة أمور أساسية هي:
    ــ إن الرئيس جمال عبدالناصر كان قد طرح الفكرة في عام 1953، حين كان يحسن الظن بالأميركيين، وتصور أنهم سوف يساعدونه في توطين الفلسطينيين في شمال غرب سيناء، وثمة تقرير بهذا الخصوص نشره الباحـث الفلسطـيني حســن أبوالنمــل في كتاب أصده مركز أبحاث منظمـة التحـرير سنة 1978 ــ وذلك التقرير أعده المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومي في مصر بالتعاون مع وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين، وهو مطبوع بتاريخ 28 يوليو 1955. وقد نبهـني إليـه الباحـث الفلسطيـني المخضـرم عبدالقــادر ياسـيــن الذي عاصر تلك المرحلة. وهو يذكر أن الفكرة لقيت معارضة شديدة من الفلسطينيين آنذاك، وأن وفداً منهم ضم ممثلين عن الإخوان والشيوعيين والمستقلين جاء للقاء الرئيس عبدالناصر وأقنعه بالعدول عن الفكرة.
    ــ إن الإسرائيليين احتلوا سيناء مرتين، بعد عدوان 56 وبعد حرب 67، وأمضوا هناك نحو 15 عاماً، كانت الحدود خلالها مفتوحة بين غزة وسيناء، وكان من اليسير للغاية على الفلسطينيين أن يتمددوا في سيناء ويستوطنوا فيها، ولكنهم لم يفعلوا رغم أنه لم يكن هناك عائق يحول دون ذلك. وظلوا متمسكين بالبقاء في بلادهم وعلى أرضهم التاريخية.
    ــ إن فكرة توطين الفلسطينيين بصفة دائمة في سيناء مصدرها إسرائيل ولم ترد في أي مشروع أو مخطط فلسطيني. والباحثون الأكاديميون يعرفون جيداً أن الساسة الإسرائيليين طالما تمنوا أن يحلوا مشكلتهم مع الفلسطينيين عبر نقلهم إلى أي مكان في الكرة الأرضية. وإذا كانوا قد رشحوا لذلك بعض دول أميركا اللاتينية، فلا ينبغي أن يستغرب منهم أن يرشحوا سيناء أيضا، باعتبارها أقرب من الناحية الجغرافية، فضلا عن أنها تتسع لهم ويمكن أن تستوعبهم بسهولة.
    (4)
    ضعف مصر هو المشكلة، إذ بسببه لم تستطع أن تطالب بتعديل البند الخاص بانتقاص سيادتها على سيناء، رغم أن الفرصة كانت ولا تزال مواتية لإطلاق تلك الدعوة، حيث لم يعد اضطراب الأوضاع في سيناء خافياً على أحد، والتهديدات التي تمثلها تلك الاضطرابات لأمن مصر واستقرارها لم تعد موضع جدل أو مناقشة. ولا أحسب أن أحداً يمكن أن يجادل في أن ضعف مصر أدى إلى إضعاف العالم العربي برمته وإضعاف القضية الفلسطينية بالتالي، الأمر الذي يجري استغلاله بصورة مكشوفة من خلال دفع العرب إلى تقديم تنازلات مجانية مستمرة للإسرائيليين، كان آخرها طرح فكرة تبادل الأراضي مع إسرائيل لتثبيت تغولها الاستيطاني واستكمال الجريمة التاريخية المتمثلة في تغيير خرائط الواقع لمصلحتها.
    إن مصر الثورة التي لم تستقر أوضاعها لم تغير شيئا في القواعد التي أرساها نظام مبارك في علاقته بالفلسطينيين عموماً وفي شأن غزة بوجه أخص. نعم تغيرت الأجواء بصورة نسبية، ولكن القواعد لم تتغير. ذلك أوضح ما يكون في معبر رفح الذي لا يزال معبراً للحالات الإنسانية فقط كما أرادته إسرائيل، وليس ممراً دولياً أو تجارياً كما هي الحال في الممرات الحدودية في مختلف أقطار العالم.

    حذار من مشروع الوطن البديل
    يوسف مكي عن دار الخليج
    حين أعلن وعد بلفور العام ،1917 الذي تعهدت بريطانيا بموجبه بجعل فلسطين وطناً قومياً لليهود، رفض العرب ذلك الوعد، لأن البريطانيين، قدموا للصهاينة، بلاداً لا يملكون حق التصرف فيها . يضاف إلى ذلك، أن الأرض التي استهدف السطو عليها، ليست أي أرض، فهي بالنسبة إلى العرب أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، والأرض التي أسرى إليها الرسول الأعظم . وهي الأرض التي ولد فيها السيد المسيح، عليه السلام . وفلسطين في ذاكرة العرب، تحمل عنوان انتصارهم على البيزنطيين، ومجد الدولة الأموية، وقبة الصخرة، ومعركة حطين، وبطولات صلاح الدين الأيوبي .
    وهي على هذا الأساس، مهد بداية، وعنوان نهضة، ومنطلق جحافل فتوح، وهي التاريخ، في أزهى تجلياته . وقد ارتبط نضال العرب المعاصر، بالكفاح من أجل تأكيد هوية فلسطين العربية والحفاظ على مواريثها . ولذلك اعتبر التصدي للصهيونية، مشروع تحد وصراع وجود، وليس صراع حدود .
    ورغم الهزائم التي منيت بها الأمة في حربي 1948 و1967م، بقيت هذه النظرة، من يقينيات الفكر العربي . وإثر نكسة يونيو/ حزيران، خرج مؤتمر القمة العربي بالخرطوم، بلاءات ثلاث: لا صلح لا مفاوضات لا اعتراف .
    وبعد حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973م، تسللت مفردات الهزيمة إلى قاموسنا السياسي، تحت شعار العجز عن مقاومة الكيان الغاصب، رغم أن نتائج الحرب أكدت بما لا يقبل الجدل انتصار السلاح وعجز السياسة . بدأ الحديث عن واقعية سياسية، وعن خلل في موازين القوى العسكرية بيننا وبين العدو، ليتبعها رفع شعار هجوم السلام، فإعطاء قوة دفع لتحقيقه، وكسر الحاجز النفسي، وسياسة الخطوة خطوة، والتطبيع، والشرق الأوسط الكبير الذي تحول سريعاً إلى شرق أوسط جديد، ففوضى خلاقة، ومخاض ولادة جديدة . وكل مفردة من هذه المفردات، تفترض قضماً جديداً من حقوقنا .
    المحطة الجديدة، من السعي وراء تسوية سلمية مع العدو، بمبادلة الأراضي التي تم احتلالها في يونيو/ حزيران العام ،1967 ربما بأراض من صحراء النقب أو غيرها من الأراضي التي اغتصبها الصهاينة في نكبة فلسطين العام 1948 تثير ملاحظات عدة .
    فمثل هذا التنازل، لو قدر له أن يتحقق، يحمل نذر التنازل عن القدس الشريف، ومدينة الخليل . لتصبح القضية تضحية بالذاكرة التاريخية، وبالحقائق الزاهية التي صنعت مجد العرب . والأخطر من ذلك، أنها تخلق أرضية للقبول العربي بالتضحية بكل فلسطين . فالأمر كما هو مطروح، لم يعد متعلقاً باستعادة أرض بعينها، بل استبدال أرض بأرض .
    وهذا القول، ليس فرضية نطرحها للنقاش، بل هي ما يستقيم مع طبيعة الفهم للمشروع الصهيوني، باعتباره مشروعاً استيطانياً توسعياً . والموقف الصهيوني كما أكدته التجربة، ليس مع استبدال مستوطنات شيدت على أرض هي بحكم القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة أراض محتلة، بل المضي قدماً في بناء المزيد من المستوطنات، مادام العرب غير قادرين على التصدي للعدوان .
    وما دامت خلاصة معنى يهودية دولة “إسرائيل”، تعني في أبسط أبجدياتها، أن الآخرين، من العرب الفلسطينيين، هم “أغيار”، فلن تستقيم معادلة الاصطفاء من غير طردهم، فليتم استبدال الأراضي المحتلة، بأراض أخرى، لكن من خارج فلسطين، في مكان آخر عرف ب”الوطن البديل” .
    وبالتأكيد، سيقف كل الصهاينة، خلف فكرة الوطن البديل، ولن يكون بالإمكان التعويل على حكومة “إسرائيلية” من دون أخرى . فكل الحكومات “الإسرائيلية”، اليمينية واليسارية والليبرالية، تتساوى . وجميعها إذا ما أتيح لها الوصول إلى سدة الرئاسة، تواصل سياسة الزحف على ممتلكات الفلسطينيين، وبناء المستوطنات، وهدم البيوت وإقامة المعابر والجدران العازلة .
    الراعي الأمريكي لعملية السلام، أفصح عن حماسته لمشروع تبادل الأراضي، حيث أشار وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري بعد زيارته إلى الأرض المحتلة ولقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى عودة المفاوضات بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين”، لكن المبادرة العربية لن تكون أساساً لها .
    المعنى الصريح لمبادرة تبادل الأراضي، هي القبول العربي ببقاء الكتل الاستيطانية الكبرى، والتنازل عن العودة إلى حدود 1967م، التي نص القرار رقم 242 على أنها أراض محتلة، ونص على عدم شرعية احتلال الأراضي بالقوة المسلحة . وقد أكد مجلس الأمن الدولي مرة أخرى هذا القرار، في قراره رقم ،338 الذي اعتبر القرار الأول، أرضية للتفاوض للتوصل إلى حل سلمي لأزمة “الشرق الأوسط” .
    لقد رفضت بعض حركات المقاومة الفلسطينية، كحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التعديلات الجديدة على المبادرة العربية، باعتبارها مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية، ولكن هذا الرفض سيظل عاجزاً عن فعل أي شيء ما لم يتم تصليب الموقف العربي، باتجاه فكرة تحرير فلسطين .
    رئيس الحكومة “الإسرائيلية”، بنيامين نتنياهو، كان واضحاً في رفضه لفكرة التبادل، فالمفاوضات مع الفلسطينيين، من وجهة نظره، ينبغي ألا تكون محكومة بأية شروط . وقد بلغ رفضه لتبادل الأراضي، حد وصفه بالنكتة . وحسم موقفه بالقول إنه ليس لدى “إسرائيل” أراض يمكن أن نعطيها في إطار هذه الفكرة . وما دام الأمر كذلك، فإن حكومة نتنياهو تفترض أن يتم التعويض عن الأراضي الفلسطينية التي بنيت عليها الكتل الاستيطانية الكبرى، والمعابر والجدران العازلة، في مكان آخر، غير أرض فلسطين التاريخية . وذلك ما يجعلنا نحذر من الاستحضار الصهيوني لفكرة الوطن البديل .
    بالطبع لم تنشغل المبادرة الجديدة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، ولا بتأكيد عروبة القدس والحرص عليها، وتلك نقاط ضعف أخرى، يمكن توصيفها بالمثالب . وهكذا فإن الذي أمامنا لن يكون خطوة إلى الأمام، على طريق تحقيق صبوات الشعب الفلسطيني، بل سيراً على ذات السكة التي تم السير عليها منذ العام 1973م، والتي أثمرت عن استمرار تهويد المقدسات، وتسعير الاستيطان الصهيوني في أرض السلام .
    لن يستقيم ميزان العدل، إلا بالتوقف عن الركض وراء السراب، فليس أقسى من الهزيمة سوى التكيف معها، وقبولها مسلمة نهائية . فأن يبقى الحق معلقاً إلى حين، منتظراً تغيراً في موازين القوى لمصلحة الأمة، خير من تقديم التنازلات، وتلك حقائق سجلتها مدونات التاريخ، ومأثور القول، إنه ما ضاع حق وراءه مطالب .

    العربدة الصهيونية . . الدلالات والرد
    فايز رشيد عن دار الخليج
    العدوان الصهيوني الأخير على سوريا، لم يكن الأول ولن يكون الأخير، فقد سبق ل”إسرائيل” أن قصفت ما ادّعته أنه “منشأة نووية” سورية في العام 2007 ليتبين فيما بعد، أنها معهد بحثي . ثم قامت بقصف “أحد مراكز لتعزيز القدرات الدفاعية”، كان ذلك في بداية هذا العام . ردود فعل سوريا على الاعتداءات الثلاثة تتمثل في جملة واحدة تتكرر في كل مرة: “ستقوم سوريا بالرد في الزمان والمكان المناسبين” . ومع احترام رد الفعل السوري وتقدير الظروف التي تمر بها سوريا حالياً، لكن العدوان الأخير هو أكثر من عملية قصف، إنه إعلان حرب على هذا البلد العربي، جوهره صهيوني لكنه يأتي بغطاء أمريكي في كل مرة، فإعلان أوباما لتبرير العملية “إن من حق “إسرائيل” الدفاع عن النفس وهذا يمتد ليشمل حماية نفسها من نقل أسلحة متطورة إلى منظمات إرهابية مثل حزب الله”، يعد بمنزلة الإذن الأمريكي للكيان الصهيوني ليستبيح ليس الأراضي السورية فحسب، وإنما كل الأراضي العربية . إن تصريح أوباما يصب في السياق نفسه لتصريح نتنياهو الذي يبدو وكأنه يسخر ويستهزئ من العرب جميعاً حينما قال “إنّ والده علّمه المحافظة على أمن “إسرائيل”” . لكل ذلك القصف فإن الأخير كان بحاجة الى رد وردع من جنس الفعل .
    لقد سبق ل”إسرائيل” أن قامت بقصف ما ادّعته “قافلة أسلحة” في السودان، وقامت بقصف المفاعل النووي العراقي في العام ،1981 واستباحت أقطاراً عربية أخرى: تونس، ولبنان وغيرهما، وظلت كل هذه الاعتداءات الهمجية من دون ردود، وهو ما يساعد “إسرائيل” ويشجعها على المضي قدماً في هذا النهج . كان هذا أيضاً بضوء أخضر أمريكي من دون إكتراث بردود الفعل العربية ولا بالقوانين الدولية، فتصبح اعتداءاتها على الفلسطينيين وعموم العرب، على أرضهم وسمائهم ومياههم الإقليمية مسألة طبيعية، وقد سبق ل”إسرائيل” أن قامت بإسقاط طائرة مدنية ليبية، كما أجبرت طائرة ركاب سورية على الهبوط في أحد مطاراتها، وغير ذلك من أشكال العدوان .
    يلفت النظر في توقيت العدوان الأخير على قاسيون وجمرايا والهامة بعد التنازلات العربية التي أعلنها وفد الجامعة العربية في واشنطن، عن قبول الجامعة بإجراء تعديلات لحدود العام 1967 مع “إسرائيل” (هذه التنازلات قوبلت بسخرية تامة من نتنياهو من خلال تصريحات مستشاره مولخو، وأقوال تسيبي ليفني في اجتماعهما المشترك مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري) . هذا يبدو وكأن “إسرائيل” تحرص على إيصال رسالة إلى كل العرب، فحواها: إن ما لا ترضونه بالسلم سيتم فرضه عليكم بالقوة المسلحة . وإنكم ستوافقون أولاً وأخيراً على ما تريده “إسرائيل”، سواء بالنسبة للاعتراف بها “كدولة يهودية” أو التطبيع معها دون شروط مسبقة .
    من بين أهداف الدولة الصهيونية من عدوانها السافر على دمشق، إيصال رسالة إلى الولايات المتحدة، من أنها قادرة على التعامل مع ما تعتبره “تحديات تواجهها” بشكل منفرد، ودون الاعتماد على أي كان(حتى الولايات المتحدة)، فالضربة الأخيرة قد تكون مقدمة لاعتداءات “إسرائيلية” على أهداف عسكرية سورية أخرى أو مقدمة للقيام بهجوم على المشروع النووي الإيراني .
    من أهداف العدوان “الإسرائيلي” أيضاً، التقليل ما أمكن من إمكانات الجيش السوري الذي يمتلك وفقاً للخبراء أسلحة متطورة وصواريخ قادرة على الوصول إلى العمق “الإسرائيلي” . العدوان يهدف إلى قصقصة أجنحة القدرات القتالية لهذا الجيش على غرار ما جرى للجيش العراقي، وهو اختبار لوحدة ردود الفعل في مثلث التحالف السوري - الإيراني - المقاومة .
    إن من مصلحة “إسرائيل” استمرار الصراع في سوريا سنوات طويلة أخرى، فهذا يعني إخراج القدرة العسكرية السورية من معادلة الصراع مع الدولة الصهيونية .
    لقد لوحظ في رد الفعل السوري على العدوان الصهيوني الأخير، أنه جاء متقدماً وقوياً في صياغته، مقارنة مع ردود الفعل السورية على الاعتداءات الأخرى، فقد أعلن الناطق الرسمي السوري ما فحواه “أن القوة الصاروخية السورية جاهزة تماماً، وتم تحديد أهداف كثيرة لضربها في “إسرائيل” في حالة تكرار العدوان ودون العودة إلى القيادة” . كذلك جرى الحديث عن سماح سوريا للفصائل الفلسطينية بالمقاومة من الجولان . روسيا من جانبها حاولت التهدئة، وسارع وزير خارجيتها ونظيره الأمريكي إلى الاجتماع في موسكو واتفقا على عقد مؤتمر دولي للبحث في تسوية سياسية للأزمة يحضره الطرفان الحكومة والمعارضة، وسارع بوتين إلى استقبال جون كيري، وكذلك أيضاً إلى الاتصال بنتنياهو .
    يبقى القول، إن الاستخفاف الصهيوني بسوريا وبالعرب جميعاً سيظل دائماً، وستبقى الدولة الصهيونية تمارس اعتداءاتها على الدول العربية وبغطاء وضوء أخضر أمريكي (بالطبع) ما لم يرتق مستوى الرد السوري والعربي عموماً إلى “كيل الصاع صاعين” .

    رؤية فلسطينية فى بعض أحداث الثورة المصرية
    رنا بكر عن الشروق المصرية
    عندما اندلعت الثورة المصريَّة ضد حسنى مبارك فى 25 يناير 2011 لم تكن ردّات الفعل فى فلسطين مختلفة؛ فالأغلبية الساحقة، بلا شك، وقفت بجانب الثوار فى ميدان التحرير وتابعت أحداث الثورة باهتمام وقلق غير مسبوقين.
    كنا نجتمع حول التلفاز كلمّا ألقى مبارك خطابا من خطاباته، ثم ندينه ونصفه «بالوقاحة» كلمّا برر ما يحصل وألقى وعودا فارغة محاولا إرجاع المتظاهرين إلى بيوتهم وكأن شيئا لم يكن. حتى جاء يوم 11 فبراير، هذا اليوم الذى سيتذكره أجيال وأجيال من المصريين والمصريات. لكن ليس هم فقط.
    الثورة المصرية غيرَت لنا ــ نحن الفلسطينيين ــ الكثير من المفاهيم التى كانت قد تعمقت لدينا فى ديسمبر 2008 عندما أعلنت تسيبى ليفنى، وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، الحرب على غزة من قلب القاهرة. لم نكن نعلم حينها أن الشعب المصرى كان فى شوارع القاهرة يتظاهر ويحتج ضد ما نزل بحكومته من ذل وعار. وكيف كان لنا أن نعلم والإعلام المصرى يسير وفق رؤية مبارك نفسه هو وحاشيته من رجال «الأمن» والعسكر.
    من وجهة النظر الفلسطينية، مبارك لم يكن إلا أداة فى يد الصهاينة؛ فهو الرجل الذى أحكم الحصار على غزة ولم يسمح بنقل مصابيها إلى مصر حتى خلال ما يسمى بـ«عملية الرصاص المصبوب». مبارك الذى الذى صُدِّر الغاز فى عهده إلى «إسرائيل» بسعر أقل من ذلك الذى يتوجب على المصرى دفعه. النتيجة الطبيعية لذلك كانت أن وجدنا أنفسنا نقف مع الشعب المصرى.
    ●●●
    زيارتى الأولى لمصر بعد الثورة كانت فى يوليو 2011. كانت مصر فى ذلك الوقت تمر بالمرحلة «الانتقالية» تحت حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة وكان عدم الرضا عن أداء المشير محمد حسين طنطاوى آخذ بالازدياد. لذلك، لم أتوقع أن يكون معبر رفح مفتوحا أمامى. هناك فى الجانب الفلسطينى لمعبر رفح كان علينا الانتظار لساعات طويلة حتى يأمر الضباط المصريون بدخول الحافلة التالية.
    اللافت للانتباه حقا هو أن الغزِّى لا يحتاج إلى أكثر من ساعة ليكون رسميا فى الأراضى المصرية. هذه الساعة تتحول إلى خمس ساعات على أقل تقدير وأكثر من 24 ساعة لمن لا يحالفهم الحظ. على طريق العريش وسيناء كانت قوات الجيش منتشرة على نحو غير مسبوق، فالأمن الآن صار أولا وأخيرا على عاتق العسكر حتى يتم انتخاب الرئيس الجديد. ولكننى، ولأول مرَّة، لم أرهم «جنود مبارك» فهؤلاء هم الشبان الذين هتف لهم ملايين المتظاهرين «الجيش والشعب إيد وحدة».
    زياراتى لمصر تكررت كثيرا بعد ذلك، تارة بسبب بعض التسهيلات التى قُدِّمت لنا على المعبر، وأخرى لأن السفر إلى مصر أصبح فرصة لا يمكن لى إضاعتها؛ فعلى عكس مصر فى أيام مبارك، نمت علاقاتى بكثير من المصريين والمصريات الذين استطعت من خلالهم التعرف بحق عن تفاصيل كثيرة متعلقة بالثورة إضافة الى وجهات نظر مختلفة حول مستقبل مصر وعلاقتها بالقضية الفلسطينية.
    كغيرى من المصريين، لم أُرد لمرسى الفوز ولكننى رأيت فيه مرشحا أفضل من مرشح «الفلول» أحمد شفيق ولهذا وجدت نفسى سعيدة بهذا «الانتصار». فى غزة أيضا، كانت الناس تحتفل فى الشوارع سواء كانوا من نشطاء حركة حماس أو غيرها. «المهم أننا انتهينا من الفلول» هكذا كنا نقول.
    اليوم، وبعد حادث سيناء فى أغسطس الماضى والإشاعات التى تلته حول تورُّط حركة حماس بقتل خمسة من حرس الحدود المصريين، نجد أن اللوم يقع علينا لأننا احتفلنا بانتصار مرسى. «بالطبع»، كثيرا ما يقال، «احتفل أهل غزة بمرسى، كيف لا ومرسى يصدر لهم الكهرباء بينما تنقطع عنا؟ وهو يسمح لجهادييهم أن يمروا إلى سيناء ليقتلوا جنودنا؟».
    المذهل فى ذلك أن اتفاقية كامب ديفيد التى وقعها الرئيس المصرى السابق أنور السادات مع «إسرائيل» تُمسح تماما من أى نقاش يخص سيناء ووضع مصر الاقتصادى. إن هذا السلام مع «اسرائيل» هو الذى يجعل من سيناء مساحة خالية من الأمن ويجعل من جنودها فريسة سهلة لأى معتد. هذا السلام جعل من سيناء مساحة محررة بالمفهوم الشكلى فقط، «فإسرائيل» هى التى ما زالت تتحكم بعدد الجنود المسموح انتشارهم فى سيناء وأين. والمؤسف أن انتشارهم يكون بحيثية تخدم «أمن» حدود «إسرائيل» أكثر من حدود مصر ومصلحة قاطنيها.
    ●●●
    عدت إلى زيارة مصر فى أوائل سبتمبر 2012، أى بعد أسابيع قليلة من حادثة سيناء. الواجب ذكره أنه تماما بعد الحادث قررت الحكومة المصرية إغلاق معبر رفح، أى قبل أن تتم أية تحقيقات حول ماهية الحادث وهوية مرتكبيه. أصابع الاتهام وجهت إلى غزة على الفور وبدأت بعدها حالة الفوبيا حول كل ما هو فلسطينى. بدأت الصحف ومواقع الأخبار الإلكترونية تتناقل أخبارا، كثيرا ما كان يشار إليها على أنها من «مصادر رسمية» دون ذكر أى من هذه المصادر، تتهم عناصر «جهادية» فلسطينية متسللة بالجريمة. كل هذا قبل الحصول على أى دليل.
    أما فى آخر يوم من شهر نوفمبر، فوجئت حين أعطانى أحد الشبان فى ميدان التحرير بيانا ذُكر فيه أن «اتفاق وقف النار بين حماس وإسرائيل يسمح بقوات أمريكية فى سيناء ويمهد لتوطين الفلسطينيين فى سيناء وإعطائهم قطعة من أرض سيناء». هذا البيان كان قد صدر عن الحزب الاشتراكى المصرى بعنوان «الشعب يحمى الثورة ويصنع مستقبله».
    هنا يجدر بنا الإشارة إلى حقيقة تاريخية. فى ظل حكم جمال عبدالناصر، هذه الحقبة الزمنية التى كان اللاجئون الفلسطينيون فيها فى أمس الحاجة للمسكن والطعام، تم عمل مقترح بهدف توطينهم فى سيناء. الفلسطينيون رفضوا هذا المقترح إضافة إلى مقترحات أخرى جاءت بها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين التابعة لهيئة الأمم المتحدة.
    وصل الأمر ذروته فى شهر مارس من هذا العام عندما طلب منى أحد الضباط المصريين على الجانب المصرى من معبر رفح كتابة عنوانى على وثيقة اعتيادية. كتابة العنوان ليس بالأمر المستغرب فهو أمر إجرائى وعادة ما يكون كتابة اسم الحى أو الفندق كافيا. المفاجأة كانت عندما أعاد لى الضابط الوثيقة طالبا منى كتابة رقم البناية إضافة إلى رقم الشقة.
    الصحف كانت مرة أخرى تعج بالشائعات وتتهم غزة بتآمرها مع الإخوان على الشعب المصرى ومقدراته. مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين لجئوا من مخيماتهم فى سوريا إلى مصر بحثا عن الأمان وعدم اعتراف الحكومة المصرية بهم لا أثر لهما.
    ●●●
    إن علاقة حماس بجماعة الإخوان المسلمين لا يمكن إنكارها. هنا، نحن نفرق بين كتائب القسام، الجناح المقاوم لحركة حماس، وحماس السلطة السياسية التى يريد كثير منا التخلص منها ومن سلطة محمود عباس فى الضفة الغربية. إن محصلة ما يحدث اليوم فى مصر وما يصدر من شائعات حول «كره» أهل غزة لشعب يؤدى الى شعور الفلسطينى/ة فى مصر بالغربة وعدم الأمان.


    رسالة السيسى
    محمد سلماوي عن المصري اليوم
    ماذا أراد الفريق أول عبدالفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع، بدعوته الكُتاب والمفكرين والفنانين ورجال الصحافة والإعلام يوم السبت الماضى؟ إن المثقفين من جميع هذه الفئات هم الذين يقودون الآن المعارضة الشعبية التى تتصاعد مع كل يوم جديد، فهل أراد السيسى أن يقربهم أو يتقرب منهم؟ لقد كان هذا هو الشعور العام بين الحضور ونحن جلوس فى نادى الرماية بالهرم ننتظر الانتقال إلى المنطقة المركزية العسكرية بصحراء دهشور، فلم تجر العادة على أن تتم دعوة المدنيين لحضور تفتيش الحرب الذى أجراه وزير الدفاع فى حضورنا.
    لكن الحقيقة أن الهدف من الزيارة كان مختلفاً تماماً، وقد بدأ يتضح مع بداية حديث السيسى والنقاش الذى أعقبه، ولست مع من يهوون تبسيط الأمور قائلين إن الرسالة التى أراد السيسى توصيلها هى مجرد القول إن الجيش لا علاقة له بخلافاتكم السياسية، وإن عليكم أن تحلوا خلافاتكم بعيداً عنا.
    لقد كانت الرسالة التى أراد السيسى توصيلها أكبر من ذلك بكثير وكانت متعددة المستويات، فعلى المستوى الأول قام السيسى بطمأنة المجتمع المدنى من خلال رموزه الذين حضروا اللقاء على القدرة القتالية للقوات المسلحة، ممثلة فى الفرقة التاسعة مدرعات، التى نزلت إلى الشوارع والميادين أثناء الثورة، ثم عادت الآن على مشهد ومسمع من الحضور إلى مهمتها القتالية، وقد كانت بذلك تمثل جميع فرق الجيش فى استعداداتها الدفاعية فى وقت يساور الناس فيه الكثير من القلق حول ما يحدث فى سيناء أو على الحدود.
    لقد أكد السيسى بذلك المهمة الرئيسية للقوات المسلحة التى لا يفترض أن تحيد عنها إلا فى الظروف الاستثنائية، مثلما حدث أثناء الثورة.
    المستوى الثانى للرسالة لم يكن ليخطر لأحد على بال، فمع عودة الجيش إلى مهمته المقدسة كان عليه أن يستعيد ما له من «حق عرب» لدى المجتمع المدنى، وقد اختار السيسى أن يجرى تلك المصالحة التاريخية بنفسه بين القوى المدنية التى «خدشت» القوات المسلحة من خلال هتافاتها ضدها خلال المرحلة الانتقالية، فبادر بأخلاق الفرسان بالاعتذار عنها لجنوده نيابة عمن اقترفها، فحقق على الفور ذلك التقارب والوفاق المفروض بين الجيش والشعب.
    أما المستوى الثالث للرسالة فكان أكثر جوانب الرسالة أهمية، وهو أن السيسى بعد أن طمأن الحضور على قدرات القوات المسلحة، عمد أيضاً لطمأنتهم على القدرات الكامنة للمجتمع المدنى، والتى تتجلى فى أعداده الهائلة إذا أُحسن تنظيمها، وقد ذكر ذلك دون مواربة حين قال: هناك 51 مليون ناخب فى مصر، فماذا يحدث لو نزل 25 مليوناً منهم؟.. فهل فهم الحضور الرسالة؟!

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 316
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-12, 10:17 AM
  2. اقلام واراء عربي 275
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:13 PM
  3. اقلام واراء عربي 274
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:12 PM
  4. اقلام واراء عربي 273
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:11 PM
  5. اقلام واراء عربي 271
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:10 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •