اقلام واراء محلي 415
3/6/2013
في هذا الملـــــف:
- تغريدة الصباح - سفارة الكلمات
محمد علي طه - الحياة
- آليات مواجهة "الفوضى الخلاقة"
بقلم: عادل عبد الرحمن - الحياة
- قبل فوات الأوان
بقلم: يحيى رباح - الحياة
- اسرائيل لا تريد السلام
بقلم: حديث القدس – القدس
- محمد الدرة وهاجس إسرائيل من الحرب الدعائية
بقلم: راشيل شابي – القدس
- الفلسطينيون يرقبون انتفاضة ثالثة
بقلم: عاموس هرئيل - القدس
- "فتح" مطالبة باستراتيجية جديدة
بقلم:د. عاطف أبو سيف - الايام
تغريدة الصباح - سفارة الكلمات
محمد علي طه - الحياة
في كتاب " القلم والسّيف " وهو مجموعة حوارات مهمة وغنيّة أجراها المثقف الاميركي دافيد بارساميان مع المفكر الفلسطيني الكبير بروفيسور ادوارد سعيد يقول سعيد: " إنّ هناك بضع كلمات عربيّة قد دخلت اللغة الانجليزية في القرن العشرين " وهذا ليس جديداً على أيّة لغة من اللغات لأن اللغة تُغني رصيدها وثروتها مما تكتسبه من اللغات الحيّة الأخرى.
استفادت لغتنا العربيّة منذ العصر الجاهليّ حتى اليوم من اللغات الأخرى بتأثير التجارة والفتوحات والترجمات والاختلاط بشعوب العالم ففي لغتنا العربيّة كلمات كثيرة من أصول غير عربيّة مثل الآراميّة والفارسيّة واليونانيّة والرومانيّة والهنديّة والفرعونيّة والأمهريّة والتركيّة والفرنسيّة والانجليزية كما أنّ اللغات الأخرى مثل الاسبانيّة والتركيّة والانجليزية والفرنسيّة والايطاليّة والفارسيّة والعبريّة استفادت مئات الكلمات من اللغة العربيّة. واعتقد أنّ العصر الذهبي للحضارة العربيّة رفد اللغات الأوروبية، بمئات الكلمات العربية نتيجة ازدهار العلوم مثل الرياضيات والطب والفلك والفلسفة والجغرافيا والكيمياء وغيرها في مدن كانت منارات علميّة وحضاريّة يؤمّها طلبة العلم والمعرفة من المشرق ومن المغرب مثل بغداد وحلب والقاهرة وغرناطة، وصارت هذه الكلمات سفيرة اللغة العربيّة والأمة العربيّة إلى الشعوب الأوروبية مثل كلمة "ألجبر" وكلمة " الصفر" على سبيل المثال فهل يوجد إنسان على وجه البسيطة لا يعرف الصفر ولم يدرس علم الجبر أو لم يسمع به؟ كما أخذنا كلمات من اللغتين الفارسيّة والهنديّة وغيرهما وعرّبناها ثم صدّرناها إلى الشعوب الأخرى مثل كلمة " صابون " وكلمة " سُكّر" فلولانا ما عرف الغرب حلاوة السكّر وما عرف الصابون والنظافة وعندئذ قد نتخيّل أجسادهم وملابسهم وبيوتهم دون رائحة الصابون ورغوته.
يؤكد ادوارد سعيد " إن هناك بضع كلمات عربيّة " وهذا يدل على مساهمتنا القليلة في الحضارة الإنسانية في هذا القرن، ويذكر أربع كلمات عربيّة هي " انتفاضة " و" جهاد " و" حريم " و" شيخ ".
وعلى الرغم من بّعدي الفكري عن الشوفينية ومعاداتي لها فقد شعرت بالعزّة لأنّ شعبنا العربيّ الفلسطينيّ الصغير الذي لا يملك مناجم ذهب أو فحم أو ماس ولا آبار نفط ولا حقول غاز ولا غير ذلك من كنوز الطبيعة، استطاع بعرق أبنائه وبناته ودمهم أن يُدْخل إلى لغات العالم كلمة "انتفاضة" وهي كلمة ايجابية كما تعلمون وتعني ثورة شعبية ضد الاحتلال.
انتشرت كلمة " انتفاضة " في العالم منذ نهاية الثمانينات وتبنّتها شعوب عديدة ففي أيام الثورة المخملية، كان الناس في براغ يرتدون قمصان " تي شيرت " مكتوب عليها كلمة " انتفاضة " كما أن شعب جنوب أفريقيا أدخلها إلى قاموسه في محاربته للأبرتهايد.
كلمة " انتفاضة " هي سفيرة الشعب الفلسطيني إلى العالم وإلى الثورات الشعبيّة في آسيا وإفريقيا وأوروبا الشرقية واميركا اللاتينيّة وأما كلمة " حريم " و" شيخ " فهما سفيرا الملوك العرب والحكام العرب والمشايخ العرب الذين يملكون النفط والغاز وأسواق المال وشركات الطيران وشركات السفن وشركات التجارة والأبراج العالية والفنادق والكازينوهات والبارات والعاهرات والمنتجعات والملياردات من العملات الصعبة.
" انتفاضة " هي سفيرتنا إلى العالم وصورتنا أمامه.
و"حريم " و" شيخ " سفيرا هؤلاء وصورتهم!!.
آليات مواجهة "الفوضى الخلاقة"
بقلم: عادل عبد الرحمن - الحياة
تطرح السياسات الاميركية / الاسرائيلية العدوانية المستهدفة شعوب اقليم الشرق الاوسط الكبير وخاصة شعوب الامة العربية في هويتها وشخصيتها الوطنية وثقافتها القومية ووحدة تراب دولها، بالعمل على تفتيتها وشرذمتها الى دويلات دينية وطائفية ومذهبية وعرقية/ اثنية، كما يجري الآن في العراق وليبيا وسوريا واليمن ومصر وتونس والسودان والصومال وفلسطين والحبل على الجرار لباقي الدول، بهدف تعميق عملية النهب للثروات والمصالح الوطنية والقومية، والحؤول دون نهضة وتطور الشعوب العربية، وتبديد فكرة القومية العربية ومشروعها التنويري، وإبقائها خاضعة للهيمنة الاميركية / الاسرائيلية وفي ذيل حركة التاريخ.
هذا الاستهداف، الذي حقق حتى الآن سلسلة من الخطوات نحو الهدف المذكور اعلاه، حيث تعيش الشعوب العربية حالة من الانقسام لم تشهدها من قبل نتيجة وصول جماعة الاخوان المسلمين، واتساع نفوذ التيارات التكفيرية "تنظيم القاعدة" والتيارات السلفية الجهادية في اوساط الساحات العربية بفضل الثورات العربية ، التي افسحت المجال امام تلك التيارات للمشاركة والتقرير في الحراك المجتمعي صعودا وهبوطا، الذي اتسم بطابع وسمة الانكفاء والتراجع، واتساع دائرة تمزق النسيج الاجتماعي من خلال بسط نفوذها المتنامي على العديد من منابر ومجالات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وبالضرورة الدينية وتفرعاتها المذهبية والطائفية، مستفيدة من ضعف التيارات الوطنية والقومية الليبرالية. الأمر الذي أحدث انتكاسة جلية بأهداف الثورات العربية في كل الدول حتى اللحظة.
المخطط الاميركي/ الاسرائيلي ليس قدرا على شعوب المنطقة، وإذا كان ذلك ممكنا في شروط الحرب العالمية الاولى عام 1916، عندما استطاعت دول الاستعمار البريطاني والفرنسي والايطالي تقاسم النفوذ في الوطن العربي وعلى حساب مصالح وتطور الشعوب العربية ووحدتها القومية على اساس ما تم التوافق عليه فيما بينهم في اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة. فإن شروط اللحظة العربية، ورغم كل حالة التراجع والضعف، الذي تعاني منه القوى السياسية القومية والليبرالية، إلا ان إمكانية درء أخطار المخطط الاميركي / الاسرائيلي، إمكانية قائمة وممكنة، ولو اخذت الساحة الفلسطينية بكل تعقيداتها نموذجا، فإن عوامل النهوض تتمثل في الآتي:
اولا على المستوى الوطني: 1- استشعار كل القوى الوطنية، حاملة راية المشروع الوطني بالاخطار المحدقة بالمشروع الوطني، التي باتت ماثلة للعيان، والتي لم تقتصر على النخب السياسية، بل بات استشعار ذلك امراً جماهيريا عاما في الداخل وداخل الداخل والشتات. الأمر الذي يفرض على كل قوة منفردة الدعوة الداخلية لاستنهاض الذات بالوسائل المتاحة التنظيمية والكفاحية والادارية والمالية والثقافية ... إلخ 2- الدعوة لمؤتمر وطني يجمع القوى الرسمية والشعبية ومختلف قطاعات الشعب لدراسة الآثار التدميرية للسياسات الاميركية / الاسرائيلية على المشروع الوطني، واستخلاص الدروس والعبر وإقرار القرارات الضرورية للنهوض بالذات الوطنية وبأدوات الشعب الوطنية وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية، بحيث تجدد ذاتها من خلال تطوير البنى في مؤسساتها ودوائرها بحيث تصبح أداة حقيقية للوحدة الوطنية الجامعة للكل الوطني وبمعايير الوطنية الفلسطينية ، 3- الوحدة الوطنية والنهوض بها يشمل جميع القوى السياسية في الساحة، ولكن لا يجوز الخضوع لابتزاز التيارات الاسلاموية تحت اي اعتبار ما لم تخضع لمعايير الهوية الوطنية وقوانين الدستور الفلسطيني (النظام الاساسي) والقبول بالبرنامج الوطني العام سياسيا وكفاحيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا؛ 4- ما لم تلتزم قوى الانقلاب الحمساوية بقرارات الاجماع الوطني، والعودة الى جادة الشرعية الوطنية، ووأد الانقلاب وأدواته وإزالة آثاره كلها فورا وعلى الاسس التي تم التوافق عليها، فإن الضرورة تملي على القوى الحاملة لراية المشروع والاهداف الوطنية إيجاد الوسائل والسبل الكفيلة لاعادة الاعتبار لوحدة الارض والشعب والنظام السياسي الديمقراطي التعددي. لأنه لا قيمة ولا مجال لبلوغ الاهداف الوطنية ما لم تعد الوحدة الوطنية إطارا جامعا للشعب الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية. وكل حديث عن خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67 لا قيمة له، وليس اكثر من لغو وتضليل للذات والشعب، لأن إقامة الدولة الوطنية، إن قدر لها ان ترى النور مشروطة بعودة الوحدة الوطنية، لانها شرط اساسي لمواجهة التحديات الخارجية وخاصة الاسرائيلية. وللرد على كل القوى المعادية للمشروع الوطني, الاسرائيلية والاميركية والعربية المتواطئة معها، والقوى الداخلية وخاصة جماعة الاخوان المسلمين ومن لف لفهم من انصار الرؤية الاسرائيلية. 5- تعميق عملية التكامل بين اشكال النضال الاساسية السياسية والديبلوماسية والكفاحية والاقتصادية والثقافية/ الفنية والاعلامية والحقوقية والاكاديمية والصحية والرياضية. وهذا يستدعي إعادة نظر في كل آليات العمل القائمة، لأنها آليات غير مجدية، بسبب طابع الترهل، الذي يكسوها. والاهم من كل الاشكال المذكورة انفا، تعميق عملية الترابط بين السياسي والديبلوماسي والكفاحي، وخلق أدوات قادرة على تطبيق وترجمة السياسات والخطط الوطنية، واخضاع كل المؤسسات والوزارات والاجهزة لخدمة العملية الكفاحية المشتركة. بحيث تصبح القضية الفلسطينية عنوان اول في المنابر السياسية والاعلامية بمستوياتها المختلفة.
ثانيا عربيا. 1- العمل على مد الجسور مع القوى القومية والديمقراطية العربية، في محاولة لاستنهاض الحالة العربية، وخلق الشروط والمناخات القومية الايجابية للعمل العربي المشترك. ووضع برنامج قومي عام، يهدف الى تسليط الضوء على الخطر الاميركي / الاسرائيلي/ الاخواني والقطري / التركي الداهم، ووضع آليات لمواجهته في كل ساحة وفق شروطها السياسية وخصائصها الوطنية. 2 التصدي بقوة للتيارات الاصولية وخاصة الاخوان والسلفية الجهادية عبر المنابر المختلفة، والعمل على حماية وحدة الدولة في كل بلد من البلدان العربية، وتعزيز الهوية الوطنية، وتعميق الروابط بين اتباع الديانات السماوية الثلاث؛ 3 العمل مع كل قطاعات الشعب في ضوء افتضاح مخطط الجماعات الاسلاموية التخريبية، لصياغة دستور يحمي وحدة الارض والشعب في كل دولة، وإعلاء شأن القانون والنظام، ومحاربة فساد الاخوان المسلمين ومشاريعهم التدميرية. 4- النهوض بدور القوى الوطنية والقومية الديمقراطية لاعادة الاعتبار لذاتها ودورها كحاملة للمشروع الوطني في الساحات المختلفة دون تباطؤ لتتمكن من مواجهة المخططات والمشاريع المعادية. 5 ? ربط العلاقة مع اي قوة قومية او ايا كان عنوانها الحزبي او السياسي معنية بدعم القضية الفلسطينية واهداف الشعب العربي الفلسطيني، دون ان يمس او ينتقص من مكانة القيادة والمنظمة.
ثالثا عالميا تطوير التحالفات مع الدول والاقطاب المؤيدة للاهداف الوطنية الفلسطينية وخاصة روسيا والصين واليابان والهند والارجنتين والبرازيل وكل دولة تستجيب لمصالح واهداف الشعب العربي الفلسطيني؛ 2- الخروج من تحت العباءة الاميركية طالما بقيت تتساوق مع الرؤية الاسرائيلية، وما لم تعد النظر في سياساتها العدوانية تجاه اهداف الشعب الفلسطيني وخاصة اقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين؛ 3- الضغط على دول الاتحاد الاوروبي لتطوير مواقفهم لدعم التوجهات السياسية الفلسطينية، والاستفادة من كل المنابر الحقوقية والاكاديمية والثقافية / الفنية والبرلمانية لتعميق الضغط على القيادات السياسية الاوروبية، حتى تنسجم مع مصالحها، وللتعويض عما ارتكبته تاريخيا ضد مصالح الشعب الفلسطيني من خلال وقوفها في دعم نشوء دولة التطهير العرقي الاسرائيلية عام 1948؛ 4- الاستفادة من المنابر الدولية المختلفة وخاصة منبر الامم المتحدة، والتوجه فورا الى المنظمات الاممية، التي سمح تطور مكانة فلسطين في الامم المتحدة كعضو مراقب بالدخول لها، والتوقف عن التساوق مع الضغوط الاميركية. واستخدام هذه الورقة لتعزيز دور ومكانة الشعب الفلسطيني وقيادته امام الراعي الاميركي وقيادة دولة الاحتلال الاسرائيلية.
المناورة والتكتيك مطلوب مع كافة القوى والدول والاقطاب بما يخدم الاهداف الوطنية والقومية، ولكن دون إخضاع الاستراتيجي للتكتيكي، ودون إخضاع التكتيكي للاستراتيجي، وانما من خلال الربط الديالكتيكي العميق والايجابي بين المسارين والاهداف الانية والبعيدة بما يخدم النهوض بالقضية والمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني.
قبل فوات الأوان
بقلم: يحيى رباح - الحياة
هذه تحية اعتزاز للإخوة والرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقيادتهم بقطاع غزة، الذين بعد طول نفس وبعد صبر جميل قاموا بما يمكن ان نسميه (بق البحصة) وأصدروا بيانا سياسيا شجاعا وصريحا وفي غاية الموضوعية, حول الاحتمال القوي بأن ينفجر الغضب الفلسطيني في قطاع غزة ضد الاوضاع شديدة السوء على كافة الاصعدة، وضد الحكومة المقالة –حكومة حماس– على ممارساتها التي اصبحت مستعصية على الاحتمال, ابتدأ من السلوك الامني والسياسي والاجتماعي والثقافي, وصولا الى ارتفاع معدلات الجريمة واختراق السلم الاهلي, وأساليب الجباية المملوكية, ومعدلات الفقر المتوحشة, ودروب البطالة التي تلتهم عشرات الآلاف من الخريجين !!! بينما الحكومة المقالة في غزة تتهرب من كل ذلك, وتتركه وراء ظهرها باستهتار واضح, وتلجأ الى حيل ماكرة وغير مقنعة وسخيفة احيانا للفت الانظار بعيدا مثل حملة الاعلانات العجيبة عن ضبط وملاحقة المتعاملين مع العدو !!! او القرار التي تمس السلوك اليومي للمجتمع من مأكل وملبس او احتفال او عرس, او حتى البحث عن نسمة هواء على رمال الشاطئ !!! وملاحقة بعض الشباب تحت ادعاء انهم يرتدون سراويل (بنطلونات) ذات الخصر النازل, والتهديد الشديد برفع مستوى الرجولة في قطاع غزة –على حد تعبير وزير داخلية حماس –وهو تعبير غريب وغير مفهوم وليس له سابقة وليس له معنى, حتى ان الاخ موسى ابو مرزوق عضو المكتب السياسي طلب توضيحا لهذا المصطلح الغريب!!!اما الذين يحرقون انفسهم من شدة الفقر او يختنقون بالرمل تحت الانفاق, او يقتلون الناس بعمليات السطو المسلحة, او يمارسون تجارة المخدرات بكل انواعها فهؤلاء لا قيمة لهم على الاطلاق مثلهم مثل الاطفال الذين يقتلهم جنود الاحتلال وهم يلعبون امام بيوتهم بالقرب من الحزام الامني, فهؤلاء لا ذكر لهم ابدا .وقد وصل الامر في موضوع الاستدعاء الامني على سبيل المثال, الى حد ان تم استدعاء كاتب وناشط وأستاذ جامعي فلسطيني معروف, هو الدكتور ابراهيم ابراش !!!لماذا ؟؟؟لأنه كتب مقالا ينتقد فيه الشيخ يوسف القرضاوي !!!وماذا ايضا لقد طلبوا من الدكتور ابراهيم ابراش ان يعتذر علنا لمرشد حماس الجديد يوسف القرضاوي الذي يلقب الآن بأوساط المثقفين بالعالم العربي والإسلامي بأنه مفتي حلف الناتو.
هذا الذي ذكره بيان اخوتنا في الجبهة الشعبية، ليس سوى قطرة من بحر كبير في تفاصيل الاوضاع الرديئة والضاغطة والمتراكمة في قطاع غزة, الذي لا يعرف فيه الناس من اين تأتيهم الضربات القوية, من الحصار الاسرائيلي الخانق ام من عجز الوضع الاقتصادي ام من تفاقم الوضع الامني ؟؟؟ لقد طلبنا مرات عديدة في مجال الحوار الوطني من اخوتنا في حماس وبإخلاص شديد ان يتقدموا ولو خطوة واحدة نحو مراجعة الذات, ولكن حماس ردت على الكل الوطني بإذن من طين وأذن من عجين ورفضت المراجعة واعتبرت انها لا يأتيها الباطل لا من امام ولا من خلاف !!!وانظروا الى اين وصل الحال, لقد وصل الى حد الاشتعال.
يا اخوتنا في حماس:
هل لكم ان تتقوا الله في شعبكم البطل في قطاع غزة ؟؟؟
هل لكم ان تقرأوا الرسائل الذي يوجهها هذا الشعب الصبور العظيم ؟؟؟
هل يمكن ان تراجعوا انفسكم لعلكم تهتدون؟
اسرائيل لا تريد السلام
بقلم: حديث القدس – القدس
صادرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي امس ستين دونما من الاراضي في منطقة نابلس بدعوى استخدامها لأغراض عسكرية وامس الاول صادرت عدة دونمات من اراضي قرية تقوع جنوب شرق بيت لحم بنفس الذريعة الأمنية - العسكرية وهنا يدور الحديث عن إقامة «سياج أمني» لحماية مستوطنة تقوع المجاورة، وهي ليست المرة الأولى التي تصدر فيها سلطات الاحتلال مثل هذه الأوامر العسكرية بمصادرة أراض فلسطينية في مختلف أنحاء الضفة الغربية على امتداد سنوات وعقود الاحتلال الطويلة، والهدف واضح تماما وهو تعزيز وترسيخ الاحتلال والاستيطان.
لكن الغربية ان تتواصل عمليات المصادرة هذه التي تتزامن مع الكشف عن المزيد من المخططات الاستيطانية في القدس المحتلة وباقي أنحاء الضفة الغربية في الوقت الذي يسعى فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري لإحياء محادثات السلام، وفي الوقت الذي يدرك فيه الجميع ان إنقاذ عملية السلام يتطلب وقف الاستيطان ومصادرات الاراضي ومختلف الاجراءات التعسفية والانتهاكات الاسرائيلية في الاراضي المحتلة وإقرار اسرائيل بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها إنهاء هذا الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني المحتل منذ عام ١٩٦٧.
واذا ما أضفنا الى استمرار المصادرات والاستيطان الممارسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني من حملات اعتقال ودهم وحصار لغزة واعتداءات على الاماكن المقدسة في القدس واعتداءات المستوطنين المتواصلة على المدنيين وممتلكاتهم وتقييد حرية حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية ... الخ من الممارسات التي تشكل انتهاكات فظة للقانون الدولي ، فإن النتيجة المنطقية التي يتوصل اليها كل عاقل هي ان اسرائيل لا تريد السلام وان ما يجري من جهود لإحياء عملية السلام لا صلة له بما يجري على الأرض وبالتالي تبقى مثل هذه الجهود مجرد مواقف نظرية لا تقدم ولا تؤخر ان لم نقل انها تعطي اسرائيل مزيدا من الوقت لتنفيذ مخططاتها تحت ستار استمرار جهود السلام.
ولهذا نقول ان القيادة الفلسطينية أحسنت صنعا عندما أكدت للولايات المتحدة ووزير خارجيتها كيري مرارا ان استئناف مفاوضات السلام يرتبط بوقف الاستيطان وإطلاق سراح الأسرى ووقف هذه الممارسات الاسرائيلية المدانة.
ومما لا شك فيه ان هذا الموقف الفلسطيني الثابت بات واضحا ومعلنا ، وبالتالي فان على الولايات المتحدة وكل القوى المعنية بإنقاذ عملية السلام وبالأمن والاستقرار في هذه المنطقة تكثيف جهودها لإزالة العقبات الاسرائيلية وإلزام اسرائيل بالتوقف عن العبث بأمن واستقرار المنطقة .
وفلسطينيا ، تدرك القيادة الفلسطينية وكافة فصائل العمل الوطني هذا الواقع القائم وهذه التحديات الخطيرة التي تفرضها اسرائيل بتعنتها وممارساتها، ولذلك لا بد وان يخطو الكل الوطني خطوة أخرى نحو مواجهة هذه التحديات بإنهاء الانقسام المأساوي أولا وإعادة النظر في كل آليات العمل السابقة ووضع استراتيجية جديدة قادرة على مواجهة هذه التحديات واستقطاب كل أحرار العالم ومحبي العدل والحرية لمؤازرة الشعب الفلسطيني في نضاله العادل نحو الحرية والاستقلال.
محمد الدرة وهاجس إسرائيل من الحرب الدعائية
بقلم: راشيل شابي – القدس
إذا كان المرء ليصدق رواية الحكومة الإسرائيلية، فسيعتقد بأن الفلسطينيين قد انخفضوا إلى الحضيض بحيث يستطيعون تزوير حالات الموت عندهم. أو انتظر قليلاً، ربما يكون الاتهام الإسرائيلي بالتزييف في حد ذاته إشارة إلى انحدار مفرط جديد مرعب. وقد خلص تقرير إسرائيلي إلى القول بأن محمد الدرة، الفتى الفلسطيني -12 عاماً- الذي صورت مقتله في غزة في العام 2000 قناة تلفازية فرنسية عامة، لم يقتل على يد الإسرائيليين، بل انه ربما يكون في الحقيقة غير ميت على الإطلاق.
وراء في وقت تلك الحادثة، بث مراسل القناة الثانية الفرنسية، تشارلز أندرلين، للعالم فيلماً قصيراً يصور محمد ووالده، وقد علقا وسط تقاطع لإطلاق نار، وهما يحاولان الاحتماء عبثاً من صليات الرصاص، وهو المشهد الذي جعل الصبي رمزاً للوحشية التي كشفتها الانتفاضة الثانية والاحتلال الإسرائيلي. والآن، تقول إسرائيل إن تلك المشاهد ذاتها تشكل دليلاً إضافياً على وجود حملة عالمية تستهدف نزع الشرعية عن إسرائيل، وأنها تحاول بالإضافة إلى ذلك استحضار تشهير بطريقة دموية.
وهكذا تبدأ بشاعة أخرى من أعراض مرض الدعاية غير المنتهية والمستوطنة لهذا الصراع. وقد ذُكر أن إسرائيل قتلت نحو 1397 طفلا فلسطينيا غير منخرطين في أعمال عدائية منذ بداية الانتفاضة الثانية، وفقاً للمنظمة الدولية غير الحكومية للدفاع عن الاطفال في فلسطين. لكن ليست هناك أي تحقيقات في حالات وفاتهم، لأن أياً منها لم تكن بمثل رمزية وفاة محمد. وكان قد تم بث تلك الصورة التي حملت ملامح المرتعب قبل ثوان من مقتله حول العالم، وأصبحت الآن مطبوعة في قلوب العديدين. وثمة طوابع تخلد ذكراه وسميت متنزهات وشوارع باسمه وملصقات تصور تلك اللحظة الرهيبة، والتي عُلقت على شاخصات في عموم أنحاء العالمين العربي والاسلامي.
ويبدو أن الهدف من هذا التحقيق الذي أمر به بنيامين نتنياهو في العام الماضي كان يرمي إلى تزويد مؤيدي اليمين في إسرائيل بالوقود فقط –مع ملاحظة أن أي تقرير يسعى للاقتراب من الحقيقة كان ينبغي أن يكلف نفسه بالتحدث إلى والد محمد أو إلى أندرلين، أو القناة التي بثت الفيلم في التلفزيون الفرنسي. بل إن هذه الوثيقة الإسرائيلية الجديدة تعرض تشويشاً ذهنيا ولا تعرض أي دليل جديد. وقد استدرجت من المعلقين الإسرائيليين في معسكر اليمين فيضا من التعليقات على الفلسطينيين الكاذبين والإعلام الاجنبي المعادي.
لكن ما يطفو على السطح واضحاً مرة أخرى، هو تجاهل أي شيء قد يسهم به الفلسطينيون في القصة. ومن الناحية الفعلية، يقول هذا التقرير للفلسطينيين: إن كلماتكم وألمكم وخسائركم تافهة وصدمات قابلة للإزالة في هذه الرواية. ولا غرابة أن يكون والد محمد، جمال الدرة، قد قال وهو بصدد الأسف على الافتقار إلى الدعم من السلطة الفلسطينية في رام الله، أو حكومة حماس في غزة: "إن ما يحزنني هو شعوري بأنني أقف وحيداً في مواجهة آلة الدعاية الإسرائيلية".
بهذا التحقيق الأخير، تعرض حكومة إسرائيل الهاجس الذي يتلبسها وهي بصدد محاولة كسب الحرب الدعائية، وكأن هذا سيغير الأمور بطريقة سرية لكي تصبح على ما يرام. وقد وصف نتنياهو حادثة الدرة بأنها "جزء من الحملة المستمرة الكاذبة لنزع الشرعية عن إسرائيل"، لكن المشكلة هي أنه لا شيء يستطيع نزع الشرعية عن إسرائيل أكثر من احتلالها المطول وقمعها للشعب الفلسطيني -الوفيات المتصاعدة والإذلال اليومي الساحق.
وكلما طال أمد ذلك، وكلما جرت المزيد من هذه المحاولات للتعتيم أو الانحراف عن هذه الحقيقة -بدلا من وضع حد لها- فإن ذلك سيفضي إلى جعل الامور أسوأ وحسب.
الفلسطينيون يرقبون انتفاضة ثالثة
بقلم: عاموس هرئيل - القدس
عشية اطلاق المسعى لاعادة تحريك المفاوضات السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين قبل بضعة اشهر من الذكرى السنوية العشرين لاتفاقات اوسلو يخيل أن هذه فرصة للتوقف وفحص ما حصل في هذه السنين في الضفة الغربية. سلسلة جولات هناك تعزز الاشتباه بانه رغم النوايا الطيبة لوزير الخارجية الامريكي الجديد جون كيري، فان أغلب الاحتمال هو أن مبادرته الجديدة ستتحطم، مثلما حصل لمعظم اسلافه في المنصب في العقدين الاخيرين. وهذه ليست فقط الفجوات الاساسية في مواقف الطرفين في المسائل الجوهرية (القدس، الحدود واللاجئين) بل المجريات على الارض وعلى رأسها العملية المتواصلة لتوسيع المستوطنات. كل هذه تطرح السؤال هل اذا لم يكن المسعى الامريكي يأتي في مرحلة متأخرة بالنسبة للطرفين.
شاؤول ارئيلي يعتقد ان لا. ارئيلي، عقيد في الاحتياط، من كبار رجالات مبادرة جنيف ومجلس الامن والامن، شريك في المفاوضات السلمية في حكومة ايهود باراك، يزور الضفة كل اسبوع. في الرحلة معه على طرق الضفة، يشير الى زخم البناء المتجدد في المستوطنات. ولكنه يطرح بالتوازي معطيات تدل برأيه على أن قيادة المستوطنين فشلت في مسعاها لاقامة دولة فلسطينية مستقبلية وضمان ضم البلدات الاسرائيلية في الضفة الى اسرائيل.
يسكن في الضفة اليوم اكثر من 340 الف اسرائيلي، وهذا لا يتضمن اولئك الذين يسكنون في شرقي القدس. الكتل الاستيطانية، التي يتركز فيها نحو 75 في المائة من الاسرائيليين، تحتل 6 في المائة فقط من اراضي الضفة. 88 في المائة من سكان الضفة هم فلسطينيون، وفقط 12 في المائة اسرائيليون. نسبة السكان داخل الكتل: 95:5 لليهود، اما خارج الكتل – فـ 79:3 للفلسطينيين.
استنتاج ارئيلي هو أن النزعة السائدة والاغلبية اليهودية لا تكون الا في الكتل وبالتالي يقول: "لا مشكلة مادية في الوصول الى اتفاق على تبادل الاراضي مع الفلسطينيين، بحيث تحتفظ اسرائيل بنحو 4 في المائة من اراضي الضفة، معظم اراضي الكتل. قادة "يشع" للمستوطنين يغسلون لنا العقل وكأنهم منعوا الدولة الفلسطينية. عمليا، هذا لم يحصل. توجد 75 بلدة اسرائيلية خارج الكتل، ولكن في 80 في المائة منها يسكن اقل من 2000 نسمة في البلدة. وهذه ليست مشكلة لا يمكن التغلب عليها. كل ما هو مطلوب هو الشجاعة والقرار السياسي".
على مدى نحو 15 سنة من الاستعراض الجاري في المناطق، لم التقِ خبيرا يعرف افضل من ارئيلي ما يجري على الارض عمليا. ولكن في هذه الحالة يثور الاشتباه: هل يحتمل أن ما يفعله ارئيلي الان هو ما يسمى، في ماضيه البعيد في المظليين (في الايام ما قبل السياسة السليمة)، "اغتصاب الارض"؟ بتعبير آخر: هل يفسر له الحقائق على الارض وفقا لخريطته الايديولوجية؟
ومع أن المستوطنين لم يستوطنوا القلوب، ولم يقتربوا بعد من هدف مليون اسرائيلي شرقي الخط الاخضر، الذي يتحدث عنه مؤخرا بعض من زملائهم. ولكن من الصعب التجول مثلا في سلسلة جدعونيم، ذاك القطاع الطويل من المزارع والبؤر الاستيطانية فوق مستوطنة ايتمار شرقي نابلس دون التفكير في امكانية أن يكونوا ربما قد انتصروا والوضع على الارض بالفعل غير قابل للرجوع.
في شتاء 1998، كمراسل عسكري مبتدىء، زرت جدعونيم الى جانب قائد اللواء. ووصف لي قائد اللواء باستطراد اقامة البؤر الاستيطانية غير القانونية، ولكنه اعترف بنفس الوقت بان الجيش يوفر لهم الحماية. ذراع واحدة من السلطة تعلن بان البناء محظور، والذراع الثانية تحرص على امن المستوطنين في البؤر الاستيطانية والثالثة تتأكد من أنهم يتلقون المساعدة من حيث شبكات البنى التحتية واللوجستية. وبعد يومين جاء في "هآرتس" لاول مرة بان وزارة الدفاع "تبيض" بؤر استيطانية في الضفة.
في الزيارات في اثناء السنوات منذئذ، حتى في ايام عمليات الانتفاضة الثانية، كان يمكن للمرء أن يتبين بان الاستيطان في جدعونيم يصعد ويزدهر. وما بدا ذات مرة كالغرب المتوحش، هو الان شبكة مزارع مرتبة جدا حققت لها سيطرة على ارض هائلة من حيث الحجم.
في مكتب غيرشون مسيكا، رئيس المجلس الاقليمي السامرة والرمز اليميني في قيادة المستوطنين، معلق جدول متابعة لبدايات البناء في بلدات المجلس. وليس لدى مسيكا اسباب كثيرة للشكوى: فمنذ زمن بعيد لم تكن ايام جيدة بهذا القدر للمستوطنات في المناطق، قانونية وغير قانونية، داخل الكتل ووراء الجدار (زخم البناء في المجلس مسؤول على ما يبدو عن التعبير الذي التصق بالرئيس مؤخرا: هيرودوس). التجميد في بداية عهد حكومة بنيامين نتنياهو الثالثة انقضى منذ زمن بعيد. فالرقابة الحكومية ضعفت في السنة الماضية وتقلصت اكثر تحت الحكومة الجديدة، التي مكانة المستوطنين فيها أقوى من أي وقت مضى.
تقدر قيادة المستوطنين بان الحكومة معها، ولكنها تخشى أيضا من أن تنتهي فترة الازدهار بسبب الضغط الامريكي. وفي نظرة الى الوراء – وحادو النظر من النواب حديثي العهد بدأوا يفهمون هذا الان – لا شك في من هي مجموعة الضغط الاكثر نجاعة في المجتمع الاسرائيلي في العقود الاخيرة. المستوطنون، ببؤرهم في وزارات الاسكان والدفاع، التعليم، الاديان، مديرية اراضي اسرائيل ومؤخرا حتى شبكة الطبيعة والحدائق، يتركون الاصوليين وراءهم بعيدا.
في السنتين الاخيرتين يتحدث الحاخامون في الكليات الدينية عن موقعين فاتت السيطرة عليهما: وزارة المالية والنيابة العامة للدولة، وعن الحاجة في توجيه شبان مؤهلين اليهما من أجل تغيير الصورة هناك ايضا. ولو كان رجالنا يتواجدون في وزارة العدل، كما يقول هذا الفهم، لكان ممكنا التصدي بسهولة اكبر لشكاوى منظمات اليسار والمحاكم، كتلك التي أدت الى اخلاء بضع بؤر استيطانية.
ولكن يبدو أن هكذا ايضا تحقق امر غير قليل. الجدعونيم هم مثال فقط، ولكن الواقع مشابه جدا ايضا على مسافة 15كم جنوبهم، في الكتلة التي تبدأ في ارئيل في الغرب ونهايتها في بؤر استيطانية عيمق شيلو وعلى طريق ألون. ويتناول الاجماع في الرأي العام مسألة ابقاء الكتل الاستيطانية تحت سيطرة اسرائيل حتى في التسوية الدائمة المستقبلية. ولكن في العقدين منذ اتفاقات اوسلو امتد بمهارة من كل كتلة اصبع شرقا، دق اسفينا في امكانية تنمية فلسطينية مستقبلية.
بيني كتسوفار، من العصبة الضيقة لمؤسسي غوش ايمونيم، تذكر حديثا مع اسحق رابين في عهد اتفاقات اوسلو، كرئيس وزراء في حينه شرح لرؤساء المستوطنين بان في نيته بان ينقل الى الفلسطينيين كل المنطقة شمالي نابلس لان ليس فيها مستوطنات. وقد استخلص المستوطنون الدروس. كتسوفار، الذي بات منذ سنوات عديدة خارج السياسة، يستثمر الان بعضا من وقته في جولات الارشاد للزوار. وفيما يقف على جبل كبير في شرقي نابلس، قرب منزله في الون موريه، يستمتع في استعادته بنبرة حنين سلسلة الصعودات الى الارض في السبعينيات. من زاوية نظره، واضح أنه انتصر.
بؤر وهمية
على خلفية المسعى الامريكي الجديد ايضا، يبدو أن مستوى التوقعات في السلطة الفلسطينية بقي منخفضا. مسؤولون كبار في السلطة لا يشاركون في تفاؤل وزير الخارجية الامريكي جون كيري. فالفلسطينيون يشكون في أنه ليس هناك ما هو حقيقي في قسم نتنياهو المتردد بالالتزام برؤيا الدولتين وان حل النزاع معهم لا يهمه.
ومثل ارئيلي وكتسوفار، يفهم الفلسطينيون ايضا ما حصل على الارض في العقدين الاخيرين: ليس فقط مضاعفة عدد اليهود ثلاثة اضعاف بل وايضا انتشار البؤر الاستيطانية شرقا وخلق تواصل استيطاني على ارض تبدأ في الخط الاخضر وتنتهي الان تقريبا في غور الاردن. في نظرهم، تأجيل الحل لسبع سنوات بين اوسلو 1993 وكامب ديفيد 2000، وبعد ذلك في الـ 13 سنة من الانتفاضة والجمود السياسي، استغل جيدا من قبل المستوطنين. وحتى حين تلوح السلطة بتهديد الدولة ثنائية القومية يبدو أن لدى الفلسطينيين يعشعش الشك بان في هذه الاثناء سيراكم المستوطنين المزيد من الارض والمزيد من النفوذ بحيث يحبطون هذا السيناريو ايضا.
المسار البديل الذي يدرس في السلطة هو القناة الدولية. اذا ما فشلت مبادرة كيري ايضا، سيستأنف الفلسطينيون في الخريف القريب القادم التوجهات الى المحافل الدولية بهف تثبيت مكانة السلطة هناك كدولة واحراج اسرائيل. الخطوات السابقة في هذا الاتجاه، في خريف 2011 وفي خريف 2012، لم تنته بنجاح. والان تبذل السلطة جهودا لبلورة خطة مرتبة اكثر، تمهيدا للجولة التالية.
وبالتوازي، تصارع السلطة ضد اسرائيل – في الساحة القضائية والاعلامية – في مناطق ج من اقامة بؤر وهمية فلسطينية وحتى توجهات متواترة الى محكمة العدل العليا. لقد حددت السلطة لكيري موعدا نهائيا (ديد لاين): حتى 7 حزيران، كما تطلب، ستستأنف المفاوضات. واذا لا ... وبالفعل، اذا لا، فان الفلسطينيين مقتنعون جدا بانه من هنا تسير الطريق اخيرا نحو انتفاضة ثالثة ايضا.
لا سبب للانسحاب
في يوم الاثنين عقد في مكاتب حركة "مستقبل ازرق – ابيض" في كفار هيروك اجتماع بحثت فيه المفاوضات السياسية. وكان أسس الحركة مبادر التكنولوجيا العليا اورني بتروشكا، بهدف حث صيغة الدولتين، بواسطة الحوار مع المستوطنين ايضا. وشارك في البحث اثنان من اصدقاء بتروشكا في قيادة الحركة، المحامي جلعاد شير، رئيس مكتب رئيس الوزراء باراك ورئيس الفريق المفاوض مع الفلسطينيين سابقا (الذي ادار البحث)، والوزير ورئيس المخابرات سابقا عامي ايالون. كما كان هناك ضيفان مواقفهما ليست بعيدة عن الحركة: الوزير السابق دان مريدور ورئيس شعبة الاستخبارات السابق اللواء احتياط عاموس يدلين. هذه عصبة مجربة، سواء في الاتصالات للسلام أم في الجانب الامني – الاستخباري، مفعمة بالاحساس بوجوب التقدم في المسيرة السياسية. ولكن يخيل أن هم ايضا على علم بالمفارقة الثابتة في موقف الجمهور الاسرائيلي من المفاوضات: عندما يوجد ارهاب فلسطيني، لا يجب اخلاء مستوطنات لانه محظور الخضوع للارهاب. وعندما تكون المناطق هادئة، فلا يكون سبب للانسحاب. هذا بالفعل شرك اسرائيلي اصيل.
ووجه كل المتحدثون أقوالهم الى الزخم الناشىء الذي يخلقه كيري الان، ولكنهم كانوا شكاكين لفرص ترجمته الى تقدم حقيقي. مريدور، الذي لم يجد مكانه في الليكود في صيغته 2013، قال انه نشأ لدى الجمهور وهم وكأن الهدوء في المناطق يمكن أن يكون وضعا دائما. فدحر المسألة الفلسطينية عن جدول أعمال الانتخابات الاخيرة كان مؤقتا وكاذبا، قال. "الناس لا يموتون في الشوارع وبالتالي لا يوجد احساس بالالحاح"، لاحظ ايالون. الاسرائيليون لا يعرفون ان جزءا كبيرا من الهدوء يتحقق بفضل أجهزة الامن الفلسطيني".
مريدور، الذي تذكر عهده كنشيط في حركة حيروت، يرى "انجازا هائلا في أن خطوط 67 لن تكون منذ الان خط النهاية للنزاع"، ولكنه يشدد على أنه "مطلوب توافق بين السلام والاستيطان"، ويدعو الى تقييد البناء في المستوطنات بالكتل. "لا يمكن ابقاء وضع دائم لمنطقة محررة واناس محتلين"، قال. اما يدلين فادعى بان الوضع الاستراتيجي لاسرائيل تحسن بالذات بسبب الاضطرابات في العالم العربي. علينا أن نصمم حدودنا بأنفسنا، كما اوصى. ولكن ليس مثلما فعل ارئيل شارون في فك الارتباط. يدلين يتحدث عن اخلاء احادي الجانب محدود لمناطق في الضفة، في ظل بقاء مؤقت في غور الاردن، حتى انضاج تسوية دائمة. وبرأيه، فان المفتاح لفك ارتباط ناجح هو الحفاظ على الاجراء الديمقراطي: غضب المستوطنين اندلع في 2005 ايضا بسبب احساسهم بان شارون خدعهم حين تجاهل نتائج عملية التنسيب في الليكود.
وتجاهل كل المتحدثين الفيل الذي في الغرفة: مسألة قدرة الجيش الاسرائيلي على تكرار فك الارتباط مضاعف بعشرة اضعاف – اخلاء قرابة 100 الف اسرائيلي من المستوطنات خارج الكتل. يخيل أنهم لا يأخذون بالحسبان سياقات العمق التي تمت منذئذ في الجيش وعلى رأسها وجود معدل من معتمري القبعات في الضابطية الصغيرة القتالية، يصل الى 30 – 40 في المائة. هذا جيل عسكري جديد، الكثيرون فيه يعتقدون بان اخلاء يهود من تفوح وايتمار ليس شرعيا. لا يمكن تجاهل شدة المشاعر، الدينية والايديولوجية ايضا، تجاه يهودا والسامرة مقارنة بالمستوطنات المنعزلة في غزة، والتي كان خلاف فيما اذا كانت على الاطلاق تعتبر جزءا من بلاد اسرائيل.
"أنا أتحدث مع حاخامين"، قال رئيس المخابرات الاسبق ايالون. "توصلت الى الاستنتاج باننا اذا أدرنا المسيرة على نحو سليم، رغم الصدع الكبير الذي سيقع، فان الاخلاء سينفذ. ويشارك يدلين في موقفه: "توجد مبالغة في وصف التغيير في الجيش. فهم سيعرفون كيف يفعلون ذلك مثلما فعلوا في غوش قطيف. معظم الضباط سيطيعون إمرة القيادة السياسية".
في خلفية هذا النقاش النظري يوجد أيضا عدم رغبة القيادة السياسية، في اسرائيل وفي السلطة، للوصول الى اتفاق. الناس الذين تحدثوا مؤخرا مع نتنياهو فوجئوا بان يروا كم هو قليل الوقت الذي يكرسه للمسألة الفلسطينية. ايران وسوريا تشغلان باله اكثر والجلبة في العالم العربي تبرر في نظره الحذر الزائد في القناة الفلسطينية. شريكاه الجديدان في الحكومة، يئير لبيد ونفتالي بينيت، يسيران على ذات الخط معه. بينيت لا يفكر بالانسحاب من الحكومة بسبب مبادرة كيري لانه يعتقد بان على اي حال لن يخرج منها شيء. اما لبيد، في مقابلة منحها لـ "نيويورك تايمز"، فقد وضع نفسه في الوسط بل وقليلا الى اليمين من هناك. ويحتاج كيري الى الكثير جدا من الكفاءة والحظ كي يخترق هذه الجبهة.
"فتح" مطالبة باستراتيجية جديدة
بقلم:د. عاطف أبو سيف - الايام
المؤكد أن الحالة الفلسطينية تستدعي البحث عن استراتيجية جديدة للتعامل مع المستقبل الفلسطيني في ظل انسداد الافق امام الفلسطينيين في كل شيء، وفي ظل حقيقة أن الوضع الراهن ليس في مصلحة الشعب الفلسطيني ولا يخدم فرص تحقيقه لتطلعاته وتجسيد آماله. والمؤكد اكثر من كل ذلك انه يقع على عاتق حركة فتح التقدم بمثل هذه الاستراتيجية لجملة من الأسباب أولها أن صاحبة الرؤية الحالية التي تسود المشهد السياسي خاصة رؤية إقامة الدولة المستقلة وفق حل الدولتين وبوصفها القائمة على النظام السياسي الفلسطيني، والأهم ربما لأنها المعبر الحقيقي عن الوطنية الفلسطينية وعماد خيمتها. فتح قبل غيرها عليها ان تجيب على الأسئلة الكبرى، وتقدم اجابات تليق بحجم المخاطر التي يواجهها الشعب الفلسطيني، وهي اجابات يجب أن تحمل رؤية وتبصر وتدبر وتفكير عميق، وليست قائمة على ردة الفعل. فتح التي قبلت بمهمة انقاذ الشعب الفلسطيني التاريخية حين اعلنت عن الثورة الفلسطينية المعاصرة واعادت تكيف مؤسسات الشعب الفلسطيني لتصبح معبرة عن فلسطين وليست ترجمة لرغبات الزعماء العرب، يجب عليها الآن أن تنتقد نفسها وتعيد التفكير في استراتيجياتها وبرامجها حتى تقدم اجابات ثورية تقوم على نسف الواقع وإعادة ترتيب الاولويات كما فعلت عام 1965 قبل ثمانية وأربعين عاماً.
المؤكد أن البرنامج السياسي الحالي الذي يحكم منطق العمل السياسي لن يقود إلى تحقيق الحقوق السياسية الفلسطينية. وأقصد تحديداً برنامج حل الدولتين الذي مجحت إسرائيل في جعله مستحيلاً. لقد جاءت الإشارات مبكرة منذ اليوم الاول لتنفيذ اتفاق السلام بأن إسرائيل لا تريد حقاً هذا السلام. ولم تقتصر هذه الإشارات على فعاليات ومواقف الحكومة بل إن المواقف الشعبية الإسرائيلية كانت تقف ضد السلام نفسه وليس ضد الاتفاق، وربما كان اغتيال رابين المؤشر الاكثر وضوحاً في ذلك. رغم ذلك واصل الشعب الفلسطيني وواصلت "فتح "تشبثها بعملية السلام لإيمان عميق بضرورة تحقيق الكيانية الفلسطينية على أرض الآباء والأجداد. إلا أن عشرين سنة على عمر اتفاق اوسلو لم تنجب إلا المزيد من الفئران الميتة المتعفنة. علينا أن نملك الشجاعة للاعتراف بأن حل الدولتين ضمن الواقع المعطى لم يعد ممكناً، وأن إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ضمن الحالة الراهنة صعباً، وأن مفهوم الكيانية الذي سعت له فتح تحقق من حيث الاعتراف الدولي ومن حيث المؤسسات، وأن ضرب الرأس في الحائط لن يفتح طاقة في الحائط بل سيدمي الرأس.
يبدو الأفق السياسي مغلقاً، رغم الوهم الكبير الذي يريد وزير الخارجية الاميركي أن يسوقه في المنطقة تحت مظلة الاقتصاد، في مقايضة مجحفة للحقوق السياسية الفلسطينية وفي تعبير عن عجز المجتمع الدولي عن وضع يده على موضع الجرح الحقيقي. إن ما يقدمه كيري هو التعبير الاكثر وضوحاً عن فشل عملية السلام، وهو دون ان يقصد يقول بان التوصل إلى حل سلمي بين الضحية والجلاد غير ممكن، لأن المجتمع الدولي ليس وسيطاً بل هو وبصمته يقف إلى جانب الجلاد، يريد من الفلسطنينيين أن يصدقوا مرة أخرى أن رصف شارع وبناء محطة تحلية مياه يمكن له أن يسد العطش التاريخي للاستقلال والحرية. لذا فإن ما يقدمه السيد كيري هو ترجمة لعجز دفين داخل المؤسسة الدولية التي وبقسوة منقطعة النظير قدمت الشعب الفلسطيني قرباناً من اجل شهوات ونزوات الحركة الصهوينية وقدمت لها على طبق من ذهب الشعب الفلسطيني وبلاده، وساهمت معها في تشريده من أرضه. لقد ظل المجتمع الدولي منذ فجر الأزمة حتى الان شريكاً ناعماً لإسرائيل بكل مجازرها بحق الشعب الفلسطيني من خلال عجزه عن الدفاع عن قرارت مؤسساته التي هي في جوهرها غير منصفة، بل مجحفة للفلسطينيين، حتى تلك القرارات غير المنصفة لم يكن المجتمع الدولي قادراً على الدفاع عنها وفرضها على إسرائيل. وفجأة تحول المجتمع الدولي الذي قسم فلسطين وجلب المستوطنين اليهود من كل بقاع الأرض وسلحهم على حساب الشعب الاعزل، إلى مشاهد اخرس لحالة الظلم التي وقع ضحية لها هذا الشعب. إنه ذات المنطق الذي يعبر عنه السيد كيري بسندويش الشاورما الذي يريدنا أن نظن انه يعبر عن اقتصاد ناجح.
وعليه، فإن الرؤية السياسية المطلوبة يجب ان تتجسد في خيبة الأمل من هذا المجتمع الدولي المنحاز بشكل أعمى لإسرائيل. يجب أن تعرف واشنطن انها لا يمكن لها ان تواصل اغتصاب العالم دون ان يصرخ. يجب أن نقول بوضوح أن هذا لا يحقق شيئاً من تطلعاتنا وأننا إذا قبلنا بالقليل ليس لأننا لا نريد الكثير ولكن لأننا ندرك أن ما لا يدرك كله ولا يترك بعضه، وان البحث عن العدل المطلق لا يتحقق إلا في العالم المثالي الذي لا نعيش فيه. ولكن قبل ذلك يجب على فتح أن تمتلك الشجاعة لمواجهة شعبها بالحقيقة، أن تقول إن السير في الطريق لن يقود إلى أي نتيجة، وأننا وصلنا إلى طريق مسدود وان علينا أن نفكر في طرق بديلة. إن مصارحة المواطنين بذلك لا ينتقص من" فتح" فالانجازات السياسية التي تحققت لا يمكن إغفالها، ولكن يجب الإقرار بان الاستمرار في لعبة السلام لن يحقق شيئاً طالما ظلت ضمن مرجعياتها الحالية.
وتأسيساً يجب إعادة تعريف غايات المشروع الوطني ويكف يمكن لنا تحقيق هذه الغايات، اما التكلس وراء الأمل المزعوم، وانتظار تغير المواقف في الحكومة الإسرائيلية فهو ليس بأكثر من انتظار "جودو" الذي لن ياتي على ذمة صامويل بيكت. إن الخطة المطلوبة يجب ان تبحث أيضاً في سبل انهاء هذا الإنقسام الأسود وعلى من يحترفون تبرير الجلوس على كراسي الإنقسام ان يعرفوا أنهم ليسوا أبرياء من حالة الإنسداد هذه، وأن المصلحة الوطنية لم تعد تحتمل التبريرات الجوفاء للفشل. لذا عليهم أيضاً ان يراجعوا حساباتهم فحتى اسطنبول لم تعد في مامن من غضب الناس.
ولكن تظل المسؤولية الكبرى على عاتق "فتح" في البحث عن استراتيجية تعبر عن الحالة الراهنة مستندة إلى الحفاظ على الحقوق وتجاوز مخاطر حالة الانسداد القاتل.


رد مع اقتباس