اقلام واراء محلي 438
2/7/2013
في هذا الملـــــف:
- لنفاوض على أساس 181
د.هاني العقاد/ معا
- كيري: تشطيب مبنى الدولة؟!
حسن البطل/ج.الأيام
- عساف سفير فلسطين ... من المخيم للعالمية
احمد حنون/ معا
- قصة الربيع ومنابع التكفير
فراس ياغي/ معا
- الانتحار كبُنية !
سامر محمد / معا
- سقوط مرسي او اسقاط مرسي او رحيل مرسي اسرع بكثير مما توقعت
سري القدوة / معا/pnn
- مبادرة للحل...مصر والخروج من النفق
خالد كراجة/pnn
- الثورة المتجددة في مصر
رشيد شاهين/pnn
- رحيل آمن أم عناد قاتل؟
يحيى رباح/ج.الحياة
لنفاوض على أساس 181
د.هاني العقاد/ معا
جون كيري ليس مبعوثا للسلام في الشرق الأوسط تم تعينه من قبل إدارة اوباما ليقرب بين وجهات النظر الفلسطينية والإسرائيلية ويحاول إقناع كل من الطرفين بالبدء بالمفاوضات السلمية على أساس إنهاء الصراع وتطبيق مشروع الدولتين لكنه وزير خارجية اكبر دولة بالعالم , وزير خارجية أمريكا التي احتلت العراق و قسمته إلى دويلات والتي تهيمن على القرار السياسي العربي منذ زمن والتي لها قواعدها العسكرية المنتشرة بالشرق الأوسط , لم يأتي هذا الرجل إلى المنطقة لخصوص ملف السلام فقط لكنه بدا كواحد من قادة هذه المنطقة يقطنها منذ فترة وبالتالي فإنه يتواجد في المنطقة هو ومستشاريه أكثر مما يتواجد بالبيت الأبيض لسخونة المنطقة وبسبب الصراع في سوريا ليس إلا وعلى الهامش يسعي في تحريك مسيرة السلام , وهذا يتضح من موقف إسرائيل التي مازالت تضرب بمساعيه عرض الحائط ولم تأخذها مأخذ الجد , فاليوم تعلن عن البدء ببناء 930 وحدة سكنية بالقدس لتثبت أن مساعي كيري كما (هيل) المبعوث السابق للسلام في الشرق الأوسط التي لم تجدي أي نفع ولم تفلح في إيقاف إسرائيل عن تهويد وسرقة أراضي الفلسطينيين .
إن كان هدف الإدارة الأمريكية هو إعادة الطرفين للمفاوضات فقط دون مرجعية شرعية لعملية التفاوض ودون أساس ودون إطار سلام نهائي يبنى على هذا الأساس وينفذ خلال فترة وجيزة فإن هدف الأمريكان لن يتحقق لان الفلسطينيين جربوا هذه الطريقة وملوا التفاوض دون شرعيات ,وان كان هدف الإدارة الأمريكية تحقيق سلام على أساس حل الدولتين وقرارات الأمم المتحدة وشرعية هذه القرارات وان تقوم الولايات المتحدة بالتدخل المتكافئ في الصراع فإن هدف أمريكا لن يتحقق إطلاقا وسيتعثر عند كل محطة من محطات الانتقال لملفات القضايا الكبرى لأن إسرائيل لن تصنع سلام بالمجان فهي عادة ما تريد ثمن هذا السلام , وقد تقبل أمريكا بدفع الثمن لأنها تدفع لإسرائيل أكثر من ثلاثين مليار دولار سنويا وهذا رقم يعادل ميزانية نصف دول الشرق الأوسط التي نقول عنها دول غنية , لكن ليس هذا الثمن الذي تريده إسرائيل فإسرائيل تقايض عادة برفع سقف المقايضة وتتدلل كثيرا على أمها أمريكا فهي تريد أن يتفاوض الطرفان على أساس التفاوض وليس على أساس أي مرجعيات أو شرعيات, لهذا فإن الضغط الأمريكي على إسرائيل لن يحدث يوما من الأيام على الأساس الشرعي , لهذا لابد وأن يقول العرب لأمريكا وإسرائيل أن التفاوض من الآن فصاعدا لن يكون إلا على أساس قرارات الأمم المتحدة وأولها 181 القاضي بإقامة دولتين على ارض فلسطين واحدة لليهود وأخري للعرب الفلسطينيين .
هذا الأسبوع كانت زيارة كيري السابعة بالإضافة لعشرات اللقاءات مع طرفي النزاع واعتقد أن كيري فهم أن المفاوضات لن تنطلق إلا على أساس واضح وبين وبجدول زمني وبعد وقف تام وكامل للاستيطان لان هذه مبادئ حقيقية تمكن الطرفين من البقاء في مربع الجدية لحل الصراع , خلال ثمان وأربعين ساعة تنقل كيري بين رام الله و تل أبيب وعمان والسعودية أكثر من عشر مرات وقد تشهد المنطقة مفاوضات خلال الأيام القادمة لكن أتمنى أن يعي الفلسطينيين أهمية أساس المفاوضات الشرعي وليس الولايات المتحدة ذاتها , و السؤال الآن الذي غاب عن أذهان الكثيرين في معترك مرجعية التفاوض لماذا لا يتم التفاوض على أساس 181 وهو قرار التقسيم الذي صدر عن الأمم المتحدة عام 1947 ولم يطبق شقه الثاني والخاص بإقامة دولة الفلسطينيين على أرضهم , ومازال هذا القرار شرعيا وقائما ولم يسقط بالتقادم بل أن تطبيقه الآن يعيد المجتمع الدولي لدائرة الثقة في فعالية الأمم المتحدة وقراراتها التي تسعي من خلالها لفرض الأمن والاستقرار بالعالم .
لعل كيري يتناسى قرارات الأمم المتحدة ويعتبر بالتالي الولايات المتحدة هي البديل عن تلك المؤسسة الدولية التي يحتكم إليها العالم في أزماته السياسية وبالتالي فإن عودة أطراف النزاع لتفسير أي اختلاف لن يكون إلى قرارات الأمم المتحدة بل إلى رؤية الولايات المتحدة للصراع وهذا من شأنه أن يلغي مرجعيات الحل وينزع الشرعية التي حققها الفلسطينيين على المستوي الدولي , لذا فإن الفلسطينيين أمامهم إعادة دفة عملية التفاوض إلى المرجعية الدولية وتحديدا قرار 181 الذي بدورة قد يحل باقي مشكلات الفلسطينيين من القدس والدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين والحدود لأنه يعتبر القرار الوحيد الذي حدد إجراءات عملية التعايش السلمي لشعوب المنطقة , وحددها في دولتين عربية فلسطينية ودولة يهودية للإسرائيليين , وإذا أخذنا روح هذا القرار فإننا بالتالي نحقق باقي قرارات الأمم المتحدة الأخرى , وما دامت إسرائيل وأمريكا لا يوافقان على أن تكون للمفاوضات مرجعيات محددة ويقترحوا مرجعية واحد وهي مرجعية التفاوض فإن التفاوض في هذه الحالة سيجر مزيدا من التفاوض ويقضي أزمانا جديدة دون الوصول إلى الحل العادل.
كيري: تشطيب مبنى الدولة؟!
حسن البطل/ج.الأيام
يروي يوسي بيلين، أحد مهندسي "أوسلو"، في أحد كتبه حواراً دار بينه وبين أمير القدس، فيصل الحسيني ـ رحمه الله ـ رئيس فريق الإشراف على الوفد الفلسطيني في "مؤتمر مدريد" 1991.
الحوار دار العام 1997 أي قبل سنة من انتهاء السنوات الخمس لاتفاقية أوسلو، حيث سأل يوسي بيلين فيصل الحسيني: هل السلطة الفلسطينية جاهزة للدولة الفلسطينية الآن؟ فقال الحسيني: ليس بعد.. ربما يلزمنا عشر سنوات أخرى. أذكر أنني سألت محمود درويش، قبل وفاته بعام: هل نحن جديرون بالنصر الآن؟ هل نحن قادرون على وراثة إسرائيل؟ قال: ليس بعد.. ليس بعد.
درويش الشاعر ذو فكر سياسي نيّر، ويعرف الفارق بين الحق في الحرّية وبين استحقاقها، وبين النصر والجدارة فيه. الآن يقولون في إسرائيل إنها لم تكن "جديرة" بنصرها الخرافي في حرب حزيران 1967.
هذه جولة خامسة لوزير خارجية أميركي، وربما كان سبقه 16 أو 18 وزيراً منذ حرب حزيران 1967، وتستطيعون أن تعدُّوا الأسماء من جيمس بيكر إلى جون كيري؛ أو من كولن باول و"رباعيته الدولية"، إلى جون كيري الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.
في أيلول القريب ستمر 20 سنة على "أوسلو"، فإن لم يفلح كيري في جولته الخامسة ثم السادسة والسابعة، قد يذهب عباس إلى الأمم المتحدة طالباً عضوية دولة عاملة لدولة فلسطين في منظمات الأمم المتحدة.. وسيحصل عليها، بعد أن حصل، قبل عام، على عضوية دولة مراقبة، وبعدها يصبح الموضوع التفاوضي معقّداً أو سهلاً: دولة تحتل دولة!
لِنَقُل أن مشروع الدولة الفلسطينية منذ "أوسلو" قبل عقدين أشبه بمبنى متعدّد الطبقات. تأمّلوا كيف يشيدون المبنى، ولماذا كان جواب الحسيني على بيلين، وجواب درويش على سؤاليّ.
إن المبنى ـ الدولة يحتاج إلى زمن حفر الأساس، وقد يكون هذا الزمن منذ توقيع أوسلو في البيت الأبيض إلى مؤتمر "كامب ديفيد 2000". بعد ذلك يحتاج المبنى إلى زمن لرفع الهيكل متعدّد الطبقات، وقد يكون هذا الزمن منذ "خارطة الطريق" و"الحل بدولتين" إلى مفاوضات "أنابوليس" بين عباس وأولمرت.. وأخيراً، زمن ثالث "لتشطيب" المبنى بعد فترة توقف من انتهاء بناء الهيكل، وقد توقفت المفاوضات أربع ـ خمس سنوات.
في خطبته بمستهل ولايته الأولى وضع أوباما التصوُّر العام لتشطيب مبنى الدولة، وفي مستهل ولايته الثانية، اختار جون كيري أكثر السياسيين حنكة في شؤون الشرق الأوسط لتنفيذ التشطيب: الاقتصاد، الأمن، الاتفاق السياسي.. التاريخي!
الناس تتذكّر لازمة رابين الشهيرة، الذي وقّع في القاهرة اتفاقاً صعباً مع عرفات، بحضور دولي وعربي، كان شعار رابين: لا مواعيد منزّلة. رابين لاقى مقتله، وانتهت السنوات "الأوسلوية" الخمس دون اتفاق على "الوضع النهائي"، والقضايا الخمس للوضع النهائي بقيت معلّقة، سواء فاجأت "أوسلو" واشنطن والعالم أم لا، فقد حصل "اختراق" أو بدء حفر أساس السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ومن ثم احتكرت واشنطن عملية السلام، بعد عزف تمهيدي لـ "الرباعية الدولية"، أي تولّت بناء هيكل مبنى الدولة منذ مشروع بوش ـ الابن "الحل بدولتين".
يبدؤون ورشّة التشطيب كما بدأها كيري: التمديدات الكهربائية والصحية أولاً، وهذا هو مشروع بناء اقتصاد الدولة بتمويل 4 مليارات دولار، ثم مشروع مكمل هو: أين حدود أمن إسرائيل؟ وأين حدودها السياسية؟
أي تلازم حق تقرير المصير الفلسطيني في دولة خاصة به، مع رسم مسار جديد لدولة إسرائيل. مثلاً: دولة إسرائيل أم أرض ـ إسرائيل؟ دولة ديمقراطية يهودية، أم دولة يهودية ديمقراطية؟. يقول كيري: حتى في هذه الفوضى العربية يسألونه أينما ذهب: ماذا عن فلسطين؟
خلافاً لجولات سابقيه من وزراء الخارجية، كانت جولات كيري متواترة بانتظام: زيارة كل شهر منذ تعيينه، واجتماعات كثيفة أو ماراثونية ومكوكية. "تقدم حقيقي" كما يقول كيري، أو "لا اختراق" كما يقول صائب عريقات! أربعة أيّام مكّوكية. ثلاثون ساعة اجتماعات، بينها ست ساعات حتى أول الصباح مع نتنياهو، وسيعود بعد أسبوعين في جولة سادسة، وربما سابعة قبل أيلول.
120 عاماً من الصراع و20 عاماً من المفاوضات. أساس مبنى الدولة. هيكل الدولة. تشطيب مبنى هيكل الدولة.. فلسطين أولى، إسرائيل ثانية. أميركا عرّاب دولة فلسطين؟!
عساف سفير فلسطين ... من المخيم للعالمية
احمد حنون/معا
لم تكن الرحلة سهلة ولم تكن الطريق ممهدة معبدة ، كانت قاسية وصعبة بصعوبة فصول النكبة التي استمرت على الشعب الفلسطيني ، لم يكن حلمه وطموحه يتجاوز اسوار غزة المحاصرة او الضفة المغلقة او القدس المعزولة ، باحثا عن فرصة يحظى بها ليثبت قدراته او جهة ترعى صوته الرائع ، محمد عساف نال بجدارة لقب محبوب العرب مدعوما بأكثر من 60 مليون صوتا كأعلى اصوات ممكن يحظى عليها اي رئيس بالعالم ، ترسم بحفر غائر لحنا امميا يحكي ملحمة اللجوء والتشرد والنكبة وتعزف موسيقى المخيم الذي يعاني ، و الذي كان الرئيس الراحل ابو عمار يتغنى به وببطولاته من مخيم جنين جراد الى مخيم رفح جراد وبمخيم بلاطة مخيم الحصار الذي قال وصفه الرئيس ابو عمار بعد حصار طويل لمخيم بلاطة سنة 1986 بان شدودوا الحصار على الحصار وجباليا وليس حصرا، ووصولا الى مخيمات لبنان وغيرها التي شكلت رصيد القضية الدائم وعنوان معركة الوعي و الذاكرة والتطهير العرقي ، في مواجهة حرب الاسرلة والتهويد ، تعزيزا لحكاية الصمود والتحدي والحفر بالصخر حتى بزوغ الشمس ، ويحكي للقمر كل امنياته وذكريات الوطن الجميل قبل ان يتحول المخيم وتتحول غزة الى ملحمة وطنية في وجه المحتل ،ليجسدها محمد عساف ابن 23 ربيعا من مواليد 1/9/1990م, يدرس الصحافة في جامعة فلسطين، باغانيه الوطنية ليغني للكوفية والحرية والنصر ولغزة وللقدس والاسرى واللاجئين والعرب والوحدة الوطنية، ليصبح نجما فنيا واعلاميا ووطنيا ، ومع ذلك فانه مطلوب ان تمهل ولا نتوقع من عساف كل شيء فهو مثلنا قد فوجيء بالنقلة التي حدثت بحياته وارجو ان لا نحمله اكثر مسؤوليات اكبر وان نتمنى النجاح خالصا له ، وان ننشغل في بانتاج محمد عساف جديد في كافة الميادين .
تاخر بدراسته شأنه شأن ابناء المخيمات العصاميين الذين كدوا وتعبوا الى ان تنفسوا الصعداء ، بعد نضال طويل لاكمال تعليمه ولا زال ، مثله مثل الطلبة الذين يعملون فصلا ليدرسوا الفصل الدراسي الذي يليه ، عساف الابن الأوسط بين إخوته وهم أربعة بنات وثلاثة أخوة، لعائلة لاجئة تسكن في مخيم خانيونس ، عائلة تعاني من الفقر وصعوبة الحال تنتظر مساعدات الانروا .
وبذلك فان عساف يكون اول سفير فلسطيني من داخل المخيم وللمخيم وليس سفيرا لفلسطين فقط وانما سفيرا للنوايا الحسنة للامم المتحدة ، فهو بحق طيب القلب وحسن النوايا ، لم يكن ليصل اليها عساف لولا تميزه في برنامج عرب ايدول .
غراندي لعساف :"هذا السفير الرائع كل الصفات به ويجب أن نكون فخورين لأنه الآن مشهور على مستوى العالم ،ويجب أن نقول أن في هذا المكان الصعب كل الأشياء ضد النجاح، في هذا المكان نجح محمد وأصبح مشهورا جداً، وأنا قلت لمحمد إنه سيكون مدافع قوي عن اللاجئين. صحيح ان عساف جاء في زمن الانقسام الفلسطيني لكن كان مفعوله ساحرا في توحيد الفلسطينيين . ولعساف ثلاث بطاقة اللجوء التي حملتها عائلته منذ 65 عاما والبطاقة التي منحه اياها الشاب الذي يذكر ويشكر رمضان ذيب ابو نحل الذي يدرس الهندسة في مصر ، آثره على نفسه فكان نعم الايثار ، وبطاقة ثالثة ربما تكون الاولى هو موهبة وصوت عساف .
تعدى عساف الفضاء الفني والفلسطيني فتحرك العرب مناصرين ومساعدين ، توكل كرمان، الناشطة الحقوقية والحاصلة علي جائزة نوبل للسلام: قالت ان الفنان محمد عساف استطاع أن يوحد خلفه غزة والضفة وكل المدن الفلسطينية ويمكن القول بإن الفن وحدهم بقدر ما فرقتهم السياسة. ولا يمكن ان ننسى مواقف الفنان اللبناني الكبير راغب علامة - الوطنية - صاحب مقولة الصاروخ لعساف والفنانة المحبوبة نانسي عجرم صاحبة مقولة انا ساصوت لعساف ،وفنانة الخليج الاولى احلام التي ارسلت تحياتها لفلسطين التي انجبت عساف وكانت عواطفها وتعليقاتها وتشجيعها الكبير له ، وكذلك الفنان حسن الشافعي صاحب مقولة المسطرة الذي عدل على مقولة شرين عبد الوهاب التي قالت انه ظاهرة كل خمسين سنة مرة لا يتكرر ليقول انه يأتي كل 500 سنة ، اعلن عساف انحيازه للمخيم ولكل ماهو جميل من الغناء العربي والوطني ملتزم رزين يشبه فناناتين كبار مثل كاظم الساهر وراغب علامة ، وعلى طريق الشاب خالد في العالمية الفنية ، لكن الظروف تفرض عليه ان يكون اكثر من مطرب ومغني وفنان في اطار العالمية ذلك لانه انسان يحمل معاناة شعب الخيام ولسان وطنه بالحرية والعودة والاستقلال .
ولا يمكن ان ينسى ابناء شعبنا ما قاله
عساف:" بانه سيبقى فلسطيني وابن مخيم خانيونس ولن يستطيع احد شرائه أو تغييره " كيف لا والمخيم الذي شكل ثقل النضال الوطني . في حين لم يستطع الكاتب إلياس خوري المرتبط بالقضية الفلسطينية الا ان يعلن بان " محمد عساف مناسبة لتذكيرنا بأن الحرية هي مرادف للابداع، وان المقاومة ليست تجهما وسوداوية وشعارات فارغة ويأسا، بل هي افق تصنعه الكلمة والموسيقى والحكاية.المقاومة فعل حرية، والمقاومون لا يستشهدون ويؤسرون الا ليقولوا انهم ‘يستحقون الحياة’."
لاول مرة اجد نفسي اتحدث عن نفسي واروي قصتي وانا اكتب عن المخيم وعن حجم المعاناة التي واجهها عساف وحجم الصعاب التي تواجه ابن المخيم في طريق تحقيق هدفه والوصول اليه ، سوا من المنافسة الداخلية او المهارات التي يتطلبها والصعوبات التي تعترض طريقه للنجاح ذلك لان الفرد والاسرة هم المسؤولون وحدهم عن تفوقهم وعن تخطي الصعوبات ، فالانتقال من النخبة الى المخيم الى المدينة للمحافظة او على مستوى الوطن امر شاق ومحفوف بالصعاب ، وان كانت هذه هي قصة نجاح تخفي خلفها جهد وكد وكدح ، افخر ان اسرد معاناة مشتركة يشترك فيها ابناء المخيم .
لقد شهد الجميع لعساف بأثر رجعي ، لصبي لم يتجاوز العاشرة من عمره على الغناء بهذه المقدرة ، ليس فقط بصوته وانما بوصف عساف كشاهد على المعاناة ليطرح قضيته قبل صوته كظاهرة شبابية في الوقت الذي يهمش فيه الشباب ، وان وصول عساف يعد اكثر صعوبه بسبب عدم وجود جهة ترعى وتساعد وتساند المتمييزين والموهوبين ، وبحق فانه لا بد ان تشكر شبكة mbc وطاقم برنامج ارب ايدرل ، لان الوصول للشهرة لشاب من مخيم ليس بالامر السهل فهناك تحديات كبيرة وعوائق وموانع تحول ولا تساعد على الوصول اضافة للمنافسة العالية فما بالكم اذا كانت المنافسة على مستوى الوطن العربي بكامله ، برنامج مسابقات غنائي حظي بما حظي به من تغطية اعلامية وصلت العالمية فتحدثت عنه وعن موهبته صحف ومحطات غربية وحتى القنوات الاسرائيلية تناولته كظاهرة فلسطينية ساطعة ، تشير الى فلسطين مختلفة تقاوم بالفن الذي يختصر أزمانا للوصول الى تحقيق نتيجة.
غنى محمد لفلسطين وحينما غنى علي الكوفية اصبحت نشيدا عربيا اخر في الوطن والمغترب فلا تكاد ترى فضائية عربية او حفلة زفاف او سهرة عربية او فلسطينية تمر بدون ان تلوّح الكوفية عاليا واينما ذهبت بصوت عساف ، صوت يغني للحب ويغني للحياة والامل وللوطن رغم الالم .
ولا يمكن ان يكون الانصاف قرين هذا المقال اذا لم يتم الحديث عن اسرة عساف وخصوصا الام ام شادي عساف التي تمثل ارادة فلسطين - واكثر المؤمنين المشجعين المقتنعين بموهبة ابنها محمد - وعزيمة لا تلين ، شأنها شأن ام رأفت والدة الاسير سامر العيساوي وشقيقته شيرين العيساوي كنموذج في الصمود الوطني والتحدي للسجان ، ليعيد للام مكانتها الحقيقي كداعمة للارادة الفلسطينية وللانجاز والتمييز في ظل عدم توفر المؤسسة الراعية للتميز والابداع والانجاز ، ليبقى التمييز ظاهرة فردية تنشأ دونما رعاية مثل وردة تنبت بين الصخور . ومع ذلك انضم الجهد الرسمي لاحقا لرعاية عساف وقدم ما قدم من دعم في عملية التصويت وباهتمام مباشر من الرئيس محمود عباس، بحاجة له كل متميز ومبدع فلسطيني لان عدم منح التمييز الايجابي لمن يستحقون امر يستحق التوقف عنده بشكل جدي .
قصة الربيع ومنابع التكفير
فراس ياغي/ معا
في البدء كان الإستعمار في بلاد العرب، فكان التقسيم لها وفق إرادة السادة سايكس وبيكو، فأصبحت البلاد الواحده أقطار وممالك، وبعد ذلك حدث التحرر بشكلين. نوع من التحرر الثوري كمصر وسوريا والجزائر واليمن، وآخر شكلي ظاهري بإنتداب عائلات تحكم البلاد كدول الخليج مثلاً...النوع الأول حولها لاحقا لشكل من اشكال النوع الثاني في طريقة الحكم مع حفاظه على مواقف سياسه إلى حد ما ضد السياسه الغربية وفيها بعضاً من القومية...اما النوع الثاني فكان دوره أعمق من شكل التكون الأول، فقد لعبَ دوراً أساسياً في جلب النوع الأول لمستنقعه، وحين بدأ المال ينساب مطراً بين يديه، سخّرَه لقلب التحرر للتبعية، وحين وجد أن المال وحده لا يكفي، صنع مذهباً تكفيريا وأنتج أشباه العلماء لغسلِ أدمغة فقراء المسلمين، وبدأ هؤلاء يشكلون رأس حربه وخط دفاع أولي في المحاربه لصالح التابعين السارقين لأموال العرب والمسلمين وأسيادهم.
البدء كان أفغانياً لمحاربة الكفار الشيوعيين، وجاء بعده الحادي عشر من أيلول، وإنتشر ليشمل ويغطي كُلّ شيء، من فتاوى وقتل ونحر وذبح، بدأ وهابيا في نجد وتعاون مع بريطانيا وكان تحركهم دمويا فلم يبقوا أحداً يخالفهم في غزوات زعيمهم "محمد بن عبد الوهاب النجدي" الذي ضخم المسائل الفرعية المُختَلف عليها لدرجة التكفير والتفسيق، والذي إستندت جماعته لاحقا لفكر متشدد مثله، فكر الشيخ "إبن تيمية"...وتطور الأمر وأصبح لدينا شريعه سلفية وليس شريعه إسلامية، ودعوة سلفية وليس دعوة إسلامية، وفقه سلفي وليس فقه إسلامي، وتم إختصار الإسلام وعظمته في فكر تكفيري يدعو للذبح ويدعو لقتال أهل الإسلام وترك أهل الأوثان، فهؤلاء تم صناعتهم لخلق الفتن ولإستدعاء الغرب للتدخل، فحين يتحالفون مع الغرب كالحال في سوريا وما حدث في ليبيا يتم التغاضي عنهم، وحين يبدأون في مواقع أخرى دون التنسيق مع الغرب أيضا يأتي الغرب لمحاربتهم، لكن الهدف الأساس هو إبقاء الغرب مسيطرا على رقاب العباد والبلاد.
لكن "سفر التكوين" الأخطر حديثا، أن يتجمع الإخواني وعلماءه والسلفي وعلماءه في "القاهرة"، تجمع غريب، يُظهر بوضوح ان السيد واحد، السيد الغربي والسيد النفطي، والهدف، النفير والجهاد في سوريا، وحيث أن النفير يكون في سبيل الله، أي في رضاه، وفي موالاته، ويكون في الأخذ بآياته، بالإصلاح بين الفئتين المسلمتين المتقاتلتين، والتأليف بين قلوب المسلمين، وقتال من يدّعون أنها الفئة الباغية لا يكون بإرسال القتله ولا الدعوة للنفير، فأولا يجب تحديد من هي الفئة الباغية، ومن هي الفئات المؤمنة حقاً، وحيث أن الدولة الإسلامية ليست قائمه، في حين الإسلام قائم، فدرء المفاسد أهم من دعوات القتل، فالظلم في سوريا الذي كان، تحول على أيديهم إلى قتل وتدمير، تصوروا كيف كانت سوريا؟ وكيف أصبحت؟!!!! ألم يكن من الأفضل البحث عن إصلاح وتقريب بين وجهات النظر المختلفه؟!!! أم أنّ السياسه لها أهداف أخرى؟!!! والسياسة هنا لا تبتعد عن أشباه العلماء الخاضعين للسلاطين المدافعين عن أولياء نعمتهم، ومن لا يعصم دماء الأهل والمسلمين فهو الباغي، ومن يصبُّ الزيت على النار فأهدافه سياسية وليس للدين مكان فيها، ومن يحلم بأن الخلافة ستأتي من الغوطه فهو يضحك على جمهور المسلمين لأنه ينفذ سياسه وأجندات ليست عربية.
في البدء كان ربيعياً، حولوه أدعياء الدين ومُفتي السلاطين جحيماً...في البدء كان ثورة، فحولوه مُشتهيي السُلطة لفوضى وفِتن وطائفيه وتكفير وسَحل وذبح ونحر ونبش قبور...في البدء كانت حُرية، فأبوْ أصحاب الإسلام السياسي إلا أن يحولوه لديكتاتورية بإسم الدين البريء منهم، فمن ينتقد الرئيس المؤمن فهو علماني كافر، ومن ينتقد العلاقة مع الولايات المتحده، فهو يساري مُجرم وكافر، ومن يرفض ثورة القتل والتدمير في سوريا، فهو ليس فقط كافر، بل فاجر وآثم...ليست هذه الحرية التي نريد، ولا هذه الديمقراطية التي نهوى، فإما حرية حقيقية وديمقراطية تستند لثقافه في المسلك قبل الكلام، وإلا كما مصر العروبية، مصر عبد الناصر، الشعب في الشارع إلى أن ترحل تلك النُخب التي تدعي الدين وتلبس لباس السياسه التجارية كوكلاء جدد للإستعمار...هذه قصة الربيع ومنابع التكفير التي تزعمها علماء أدعياء دين وسياسه، وقد صدق رسول الله، نبينا، وسيدنا، صلوات الله عليه وسلم حين قال: عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "العلماء أُمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان، ويدخلوا في الدنيا، فإذا خالطوا السلطان ودخلوا في الدنيا، فقد خانوا الرسل، فإحذروهم وإعتزلوهم"...وهؤلاء الجدد على السياسه وحتى على الدين، قد خانوا الأمانة، وفي مصر بدأت عملية الغربلة وإعتزالهم، وفي سوريا العملية اصعب ولكن نتيجتها عروبية بالتأكيد، والقادم بإذن الله حرية حقيقية وديمقراطيه فِعليه...اللهم نحن عبادك وخَلقك..فإفعل ما تريد بعبادك وخَلقك، فأنت ألأرحم والأعلم...اللهم آميين
الانتحار كبُنية !
سامر محمد / معا
إنه لمن المؤسف أن نسمع أخبارا مأساوية كتلك التي تحدث في مجتمعنا من قتل للنفس سواء أكان تجاه بعضنا البعض، أو تجاه أنفسنا ولأتفه الأسباب، والمحزن أيضا ما قد سمعناه من حالات انتحار* تكررت في الأسابيع والأيام القليلة الماضية، والعجيب أن يكون السبب كما تردد على ألسنة الكثيرين .... الوازع الديني! (يا ما شاء الله !!) حيث إن الانتحار كمشكلة أو حتى كظاهرة لابد من تناولها ومعالجتها على مستوى أعمق من مستوى السطحية، لا في اختزال الأمر بضعف الوازع الديني دون الأخذ بعين الاعتبار جملة من الأسباب المركبة وربما التراكمية!
هذا الانتحار كسلوك مرفوض شرعا وخُلقاً، وقد نهى عنه رب العزة في كتابه "وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ" وحذَّر من عاقبته رسوله الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هنا تبرز أهمية الإنسان كإنسان حُر، ومستأمن ومسئول عن نفسه، وخليفة الله في أرضه، وعليه لزاماً أن يدرك كُنه ذاته، ومعرفتها واستبصارها "وَفِي أَنْفُسِكُمْ ? أَفَلَا تُبْصِرُونَ" .
ولو تأملنا في أسباب الانتحار ضمن إطار تشخيصي أوسع، لوجدناها أسباب ذاتية كفقدان المساهمة الروحية، و نفسية تتعلق بانفصام الشخصية, أو حالة من الاكتئاب الحاد، أو الإحباط واليأس والتأنيب المستمر، أو اجتماعية كخلاف دموي وتهديد مستمر، أو جريمة شرف لم تُغتفر، أو فقدان معنى الحب و فقدان القدرة على التواصل مع المحيط (عُزلة), أو ربما اقتصادية معيشية تحول دون توفير لقمة العيش الكريمة، أو العجز عن توفير علاج أدى إلى حالة وفاة بطيئة، وغيرها من فقدان الحق في أدني متطلبات الحياة الأساسية! على الرغم من أن أكثر الحالات انتحارا تحدث في الدول ذات الرخاء الاقتصادي والدخل الفردي المريح، إلا أن هذا بسبب طغيان المادة التي لم تجد طريقها إلى المعنى والى المساهمة الروحية!. وللعلم فإن تلكم الأسباب أو غيرها، لا تعني أبدا شرعنة الانتحار بذريعة ورخصة وعذر، وإنما إنسانيتنا تُوجب علينا النظر في الأمور بعين الرحمة والشفقة للمساعدة الجادة في معالجة المشكلة .
و يحدث الانتحار كميكانزم أول ما يحدث على مستوى الفكرة، ولأن العقل يعمل بمبدأ التضاعف، فالفكرة لديه تصبح مجموعة أفكار، وهذه الأفكار تولد مشاعر والتي بدورها تعزز الأفكار، وهكذا إلى أن يصبح الانتحار حادث في الخيال، ولأن الفكرة زُرعت في العقل الباطن، وتمت سقايتها بالمشاعر، فمن السهل أيضا أن يحدث الانتحار في أحلامنا ونحن نائمون! إذا فكرة تُعزَّز بمشاعر تؤدي إلى خيال وأحلام، ولم يبق إلا الفعل والانتحار الجسدي كخطوة أخيرة، وكم وكم من بيننا منتحرون نفسيا معرضون لتلك الخطوة!
وحتى نكون جزءا من الحل ونساهم في احتواء المشكلة، فلابد من توجيه بعض الرسائل في ذلك :
1- إن أي حادثة مؤلمة تقع في المجتمع، فالكل متضرر منها بشكل أو بآخر ولابد من استشعار حس المسئولية الاجتماعية لدى الجميع تجاهها .
2- لا يوجد أي مبرر يعطي الحق للفرد بالانتحار مهما كانت الظروف "بَلِ الْإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ" ومن يقدم على ذلك فهو كافر بنعمة وجوده في الحياة .
3- ضرورة الالتحاق بدورات التنمية والتطوير الذاتي التي من شأنها مساعدة الفرد على معرفة وبناء نفسه ومواجهة تحديات الحياة المختلفة، كما أنه ليس من العيب التوجه لأهل الاختصاص النفسي وطلب الاستشارة والعلاج .
4- على المسئولين أن يقفوا أمام ضمائرهم وقفة عُمَرية إنسانية، وأن يتحملوا واجباتهم تجاه المواطنين بالاستماع إلى شكواهم والاقتراب من همومهم وجعل الأبواب مفتوحة أمام خدمتهم ومتابعتهم .
5- نداء عاجل لمؤسسات المجتمع المدني بضرورة العمل على توعية المواطن وتمكينه من خلال برامج مختلفة، التعليمية منها والتدريبية والتشغيلية .
كما أدعو إلى إعادة تعريف بعض القيم الإنسانية والمجتمعية المغلوطة الفهم، والعمل على نشرها في المجتمع، والتي لها دور في تماسك الأفراد والجماعات، كالحب الغير مشروط، الثقة بالنفس، مفهوم الحياة، مفهوم الاستخلاف والمسؤولية والمساءلة، التفاؤل، الايجابية، الأخوة، مسامحة الذات، السلام الداخلي، مساعدة الآخرين، الرحمة، التعاطف، وغيرها من القيم التي تعمل على تمكين الإنسان من مقاربته لذاته وعدم الاغتراب عنها، وأسأل الله أن يردَّنا إلى إنسانيتنا ردا جميلا .
* الانتحار يعني قتل النفس بالنفس مع وجود النية والإرادة المسبقة لذلك .
سقوط مرسي او اسقاط مرسي او رحيل مرسي أسرع بكثير مما توقعت
سري القدوة / معا/pnn
كل التحية الي ابناء مصر وهؤلاء الحناجر المليونية الذين خرجوا في كل الميادين وينادون بإسقاط الرئيس محمد مرسي الذي فشل هو وجماعته في ادارة الحكم في جمهورية مصر العربية وهذا الفشل لم يكن مجرد فشل بل هو ناتج عن سياسة الاستكبار والاستعلاء والتفرد والانفراد التي يتبعها الاخوان وطالما عانت غزة من هذه السياسة ودفعت غزة الحزينة ثمن فشل حماس وتدفها اليوم !!!
تحية الي ثوار مصر الحقيقتين الذين خرجوا دفاعا عن الثورة ومن اجل اسقاط حكم المرشد هذا الحكم الفاسد الذي فشل وقاد مصر الي مصير معتم مجهول بدءه مرسي بأول قرار كان قد اتخذه وهو مجزرة الصحافة في مصر حيث اقال رؤساء تحرير الصحف القومية واستبدلهم بإخوان مصر ..
نفس التجربة تتكرر وستخرج يوما ما غزة كل غزة عن بكرة ابيها وتطالب بإسقاط حكم حماس في غزة ..
كل التحية الي جماهير مصر التي قالت ( لا ) كبيرة لحكم المرشد وقالت يسقط مرسي ولن تنالوا من مصر التاريخ والحضارة مهما تعالت صيحاتكم وإرهابكم لن تنالوا من الثورة المصرية ( هذا التاريخ المشرف لامتنا العربية ) ..
ملاحظات هامة .. الجماهير التي خرجت للإطاحة بالرئيس محمد مرسي تضاعف عددها عشرات المرات من تلك التي خرجت للإطاحة في الرئيس محمد حسني مبارك .. مع اني ارفض المقارنة بين الحالتين ولكن فقط لتوضيح الامر ومدى سقوط مرسي المتسارع والغضب الشعبي على حكم المرشد ..
وتلك الشعارات التي رفعها من طالبوا بإسقاط مبارك لم تكن كشعارات اسقاط الرئيس مرسي حيث كان لمرسي عبارات عبرت عن الغضب الشديد من قبل المتظاهرين ضد حكمه ..
قدرت وسائل الاعلام عدد المتظاهرين الذين خرجوا لإسقاط مرسي بأكثر من 18 مليون وهي المظاهرة الاكبر في التاريخ ..
ايضا ملاحظة .. ولكن هذه الملاحظة المهمة ارسلها للخارجية الامريكية وأيضا الي الرئيس القطري تميم بن حمد وأقول لهم بمنتهي الوضوح حان الوقت لرفع يدكم عن الثورة العربية وان قناعتي تزداد رسوخا يوما بعد الاخر أن ( ثورة بوعازيزي التونسية ) لم تكن في حسابات تجار الاخوان الجدد او من سرقوا الثورة العربية وان الربيع العربي هو ربيع اسقاط نظم الفساد في سوريا والقاهرة وغزة والسودان التي اصبحت سودانيين ..
فقط يجب علي الاخوان المسلمين كتنظيم سياسي اذا ارادوا الاستمرار في اللعبة السياسية بنجاح عليهم أن يخلعوا عباءة الاسلام ويرتدوا عباءة السياسية حيث لا يمكن الاستمرار في اللعب على عواطف ومشاعر المسلمين فان الدين ليس تجارة كما اراد تجار الاخوان في مصر أن يتعاملوا معه ضمن صفقات ( حسن الشاطر والأربعين حرامي ) حيث أن المظاهرات المليونية التي عبر عنها الشعب المصري العظيم هي الحكم الوحيد والدليل الاكيد علي سقوط مرسي المروع وجماعة الاخوان المسلمين ..
ان من يصنع التاريخ هم الجماهير .. ومن يصنع الثورة هم الجماهير .. ومن يصنع الحلم ويحمي الثورة هم الجماهير.. ومن يحمي الهدف الحقيقي للثورة هم الجماهير صاحبة الحق الأول في تحديد المناخ والوقت المناسب والضمان الأساسي لتفعيل الفعاليات الثورية الهادفة الي حماية انجازات الثورة .. هذا هو مفهوم الثورة الشعبية العارمة التي تشهدها ميادين مصر الحبيبة.. مفهوم حماية الثورة وما أردنا هنا التأكيد عليه هو حق الجماهير وحقهم في النضال الشعبي من اجل حماية انجازات الثورة وضمان عدم سرقتها .. ومن قال ان الثورة انتهت وحسم الامر في جمهورية مصر العربية يكون مخطئ ومن اعتقد ان مصر قابلة للقسمة يكون مخطئ وهو لا يرى وفقد صوابه ..
أن التاريخ لم ولن يرحم الرئيس محمد مرسي الذي قتل اكثر من مائتي متظاهر سلمي في عهده في اقل من عام واعتقل اكثر من اربعه الالف متظاهر وفي غالب الاحيان كان مصير المعتقلين مجهول وغير معروف .. وقاد مصر الي المجهول والدمار والهلاك مستغلا وضع مصر الجديد وصورة مصر في السيطرة علي الامور في البلاد من قبل تنظيم الاخوان المسلمين ..
كل التحية الي مصر العروبة مصر التاريخ والحضارة .. مصر الثورة وصوت الثوار الواعد .. كل التحية الي الابطال في مصر وحركة تمرد المليونية والي هذه البحار البشرية الهائجة التي تطالب بسقوط مرسي ..
أن واقع الحال ولغة القوة والهيمنة لا يمكن لها أن تنال من حركة تمرد ولا يمكن أن تعكس حقيقة التجربة الثورية للثورات العربية .. فبكل تأكيد سعت الثورات العربية علي ضمان حرية التعبير والانتقاد وتوجيه النقد فهذا من ابسط قواعد الممارسة الديمقراطية التي لم يتمتع بها الاخوان في مصر وسارعوا الي تكميم الافواه والسيطرة علي البلاد وسرقة الثورة المصرية باسم الدين ..
اننا نتوجه بالتحية والتقدير للثوار الابطال في ميادين الكرامة التي خرجت لمواجهة اركان اخوان مصر والتي عملت علي ملاحقة الثوار من سجن ومطاردة ومحاصرة لبرنامج التمرد الذي شكل انطلاقة واقعية لمفهوم الثورة الناجحة والمعبرة والهادفة للتغير الجزري لفساد النظم الاخوانية لما بعد ثورة الربيع العربي ..
مبادرة للحل...مصر والخروج من النفق
خالد كراجة/pnn
"تتلاطم الافكار ، تتصارع نظرات العيون ، تذرف دما عيون تصبوا الى مجد يرى نوره كل متفتح ومتنور، ترفع الحناجر اصوات تشق ارتداداتها غيوما ملبدة بالسواد ، لا تخف فان الحياة نفق تستطيع ان تجعل جدرانه تتسع اذا اردت ، او تبقي عليها مطبقتا على صدرك ، ترى نورا في نهاية النفق لا تفتح عيناك كثيرا فقد تفقد القدرة على رؤية الطريق، ركز اكثر وكن حذرا فالطريق مليء بالاشواك، وانت بحاجة الى كل قدرة على الابصار ، لا تنخدع فمن الممكن ان يكون الشعاع الذي تراه انعكاس فتضل الطريق ، دقق اكثر لتعرف مصدر النور ".
لست قلقا مما يجري في جمهورية مصر ليس لاني اعرف الى ماذا ستأول الامور، ولكن لانني ادرك انه لابد للحراك ان ينتج شيء اخر ، وخاصة ان قناعتي دائما تقودني الى الايمان بان الثبات هو الموت بعينه، وحالة الا حراك تجعل من الماء اسن ، وما تحتاج اليه مصر هو تصارع الافكار بطرق واساليب حضارية لكي تستطيع ان تتعدى المرحلة بتصميم واردة ينتج عنها عقد اجتماعي جديد يجمع كافة اطياف الشعب المصري .
فالاختلاف من سنن الحياة ولولا الاختلاف لما كان هناك تناسق وتكامل بين الظواهر الطبيعية التي ينتج عنها دائما شيئا اخر ، فالليل والنهار مختلفان لكنهما متكاملان وينتج عنها ما نسميه "اليوم " ، الفصول الاربعة مختلفة ايضا ولكنها متكاملة وينتج عنها ما نطلق عليه "العام" ،وعدم وجود احدها لا يمكن للعام ان يكتمل ، لذلك يجب ان نحافظ على اختلافنا ومعرفة كيفية ادارة خلافاتنا ، ويبقى السؤال هل ستستطيع دولة مصر الخروج من الازمة الراهنة ام ستعود الى الوراء أكثر مما عليه الان؟
لكي لا تكون النتائج وخيمة على مصر وشعبها، على جميع الاطراف والفرقاء تجاوز المرحلة والخروج بصيغة تنقذ مصر من التشرذم والانقسام ، لا بد من توفر المبادىء التالية :
اولا: على كل طرف الادراك أنه لا يستطيع الغاء الطرف الاخر، وان كل طرف له جذوره وامتداداته داخل المجتمع المصري ، وبالتالي له أفكاره ومؤيديه ومناصريه .
ثانيا: على كل طرف ان يدرك أنه غير قادر على قيادة مصر برؤيته فقط ، او دون مشاركة الاخرين ، لان المرحلة القادمة بحاجة الى كل الطاقات وليس الى طرف بعينه.
ثالثا: على كل طرف ان يدرك أن مفاهيمه وفهمه لا يكفى وحده ، وانما بحاجة الى ايجاد فهم ومفاهيم مشتركة تحمي وتحفظ على حقوق الجميع وتأسس لمرحلة من التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
رابعا : على كل الاطراف ان تدرك ان الديمقراطية والتعددية هي الخلاص الوحيد من حالة الصراع والتصارع ، وان توفر المبادىء الاساسية للديمقراطية كفيل بحماية جميع الاطراف.
خامسا: ان يقتنع الجميع أن الحوار هو الاساس ، وهو المبدأ الذي لا يمكن التنازل عنه حتى يصل الجميع الى شيء مشترك، فاغلاق باب الحوار خطيئة وخاصة بين ابناء الشعب الواحد ، فكيف يفهمون بعضهم البعض دون حوار ، وكيف يجنبون بلدهم الحرب الاهلية دون حوار ، وهذا لا يعني وقف التحركات الشعبية السلمية ولكن يمكن ان تكون موازية لها لتحقيق شروط أفضل.
سادسا : الحفاظ على حيادية الجيش المصري وعدم تدخله ما لم يكن هناك اضرار او تعدي على الممتلكات العامة او حدوث حرب أهلية ، فالجيش مهمته حماية مصر كل مصر وليس الانحياز الى طرف دون الاخر، وعدم السماح له بالانقلاب على السلطة مما يعيد الديمقراطية المصرية الى سابق عهدها بما يتعلق بحكم العسكر ، فالشعب والقوى يجب ان تكون قادرة على حل اختلافاتها لبناء دولتها المدنية .
سابعا: الابتعاد عن التعصب الحزبي والفكري، وايلاء المصلحة الوطنية العليا الاهمية الكبرى ، والاولوية الاولى لجميع الاطراف .
وانطلاقا من تحقيق المبادىء السابقة لا بد من فتح الحوار بين جميع الاطراف ، على قاعدة المشاركة والمستقبل المشترك دون المحاولة للاستئثار بالسلطة من اي طرف من الاطراف ، وان يتضمن الحوار الاتفاق على تشكيل مجلس تأسيسي من خبراء في السياسة والاقتصاد والقانون متفق عليه ، وأن لا يوجد أغلبية لطرف من الاطراف في هذا المجلس ، تكون مهمته وضع الاسس التي تأسس لدولة مصر الديمقراطية والمدنية التي يعيش فيها جميع الافراد دون تمييز على اساس الدين او العرق او الجنس ،
وان يقوم المجلس باعادة صياغة الدستور المصري بما يحقق العدالة والمساواة لجميع الافراد والاطراف ، وان يشمل الدستور حماية حقوق الانسان المصري ، ويقوم بتوزيع الصلاحيات والمهام لكافة مؤسسات الدولة بما يضمن الفصل بين السلطات "التنفيذية ، والتشريعية، والقضائية" .
بالاضافة الى تشكيل حكومة ائتلاف وطني تقوم بالتحضير لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في فترة أقصاها العام ، على أن يكون رئيس الحكومة من المعارضة ، تقوم بترسيخ قواعد واسس ديمقراطية ، وتعزيز قيم العدالة والمساواة .
اذا لم تحسن جميع الاطراف في مصر ادارة الازمة فانني اعتقد ان الامور ستنعكس سلبا ، وستكون مصر وشعبها على مفترق طرق ، اما ان يحكمها العسكر كما كانت سابقا ويرفض حينها تسليم السلطة بحجة عدم الاتفاق بين الاطراف ، او ان تدخل مصر في حرب أهلية لا يحمد عقباها من قتل وتدمير وتقسيم، او ان يستقيل مرسي ويتم التحضير لانتخابات مبكرة تعرض حركة الاخوان المسلمين عن المشاركة فيها ، وتعود الى ممارساتها السابقة التي انهكت الشعب المصري في مرحلة من المراحل .
الثورة المتجددة في مصر
رشيد شاهين/pnn
لم يدر في خلد الرئيس المصري محمد مرسي، ولا في خلد كل قيادات الإخوان المسلمين، انه يمكن أن يخرج أبناء الشعب المصري بكل هذا الزخم الجماهيري، في محاولة منهم لإنهاء هيمنة الحركة على حكم مصر، وتحويلها إلى إمارة إسلامية ضمن المخطط الإخواني في السيطرة على العالم العربي وإعلان دولة الخلافة التي يطمحون منذ ما يقارب قرن من الزمان.
لم ينطلق شباب مصر في ثورتهم ضد طغيان وفساد حسني مبارك ونظامه من اجل تغيير شخص الرئيس، أو الإتيان برئيس مكانه يحكم البلاد بطريقة لا تختلف كثيرا عنه، أو من اجل تعميق الطائفية والانحدار بالبلاد إلى منحدرات وانقسامات لن تقود إلا إلى مزيد من الانحطاط والتخلف.
الجماهير المصرية التي خرجت ثائرة على النظام السابق، كانت تبحث عن التغيير، وعن تفعيل دور مصر العربي، واستعادة أمجاد هذا البلد الذي تم تغييبه منذ استلم أنور السادات السلطة، فتحول البلد إلى "عزبة" للصهاينة والأمريكيين، وصارت "أم الدنيا" مجرد تابع ذليل تدور في الفلك الأمريكي، ولم يعد الدور المصري مؤثرا أو فاعلا على أي صعيد.
منذ قامت الثورة في قلنا إن هذا الحدث هو الأبرز والاهم والأعظم منذ عقود، هذا الحدث هو الذي سيقود العالم العربي نحو الحرية والديمقراطية وكذلك الإسلام السياسي إلى الهاوية، وستكون ثورة مصر هي بداية النهاية لكل هذه الحركات التي اعتقدت انها قوب قوسين او أدنى من السيطرة على المنطقة، كما وقلنا ان الذي خلع مبارك لن يتردد في الخروج الى الشارع وخلع أي كان إذا ما حاول توجيه الثورة باتجاه "مآلات" مجهولة او غريبة عن الثورة.
لم نجزع عندما نجح مرسي وإخوانه المسلمين، لان مقتلهم هو بوصولهم الى السلطة، حيث هؤلاء لا يعترفون بالآخر، بغض النظر عمن يكون هذا الآخر، قومي،علماني، ليبرالي، فهؤلاء لا يؤمنون إلا بجماعتهم، وهم يكفرون الجميع بما في ذلك الجماعات الإسلامية الأخرى، وعليه كنا ندعو إلى وصولهم إلى السلطة التي ستقرر مصيرهم، وها هو في مصر يتقرر بأسرع مما توقعنا وغيرنا. ليس غريبا ولا مستهجنا ان يخرج ملايين المصريين إلى الشوارع بعد ان "فاض الكيل" بهم، فبعد عام على استلام الإخوان للسلطة لم يحدث أي تقدم في أي مجال من المجالات في مصر، وكان الحاكم الجديد ينتقل من فشل الى آخر، وصار التخبط في الحكم هو سيد الموقف، كما تبدت للعيان ألاعيب الاخوان منذ اكتشف الشعب طرقهم الملتوية في الكذب والتدليس، وكيفية تحويل الدولة المصرية إلى مجرد "مزرعة" اخوانية من خلال الاستيلاء على المناصب واستبعاد كل من هو ليس إخوانيا.
لقد اعتقد الإخوان ان نجاحهم جاء نتيجة لرغبة الجماهير التي صوتت لهم في الانتخابات، علما بان هذا كان وهما جليا، لان الخيارات أمام الناخب كانت محدودة، حيث كان الخيار بين أمرين أحلاهما مر "شفيق أو مرسي". قد يدعي البعض ان مجيء مرسي كان ديمقراطيا ولا يجوز بالتالي الثورة عليه، ولكن هذه الفرضية غير مقبولة في ظل التحولات التي يقودها مرسي باتجاه الديكتاتورية، وهو على أية حال ليس الأول الذي يأتي بطريقة ديمقراطية ويتحول الى طاغية، وخير مثال على ذلك الزعيم النازي هتلر الذي أتت به الديمقراطية وقاد العالم نحو حرب يعلم الجميع الثمن الذي دفعه العالم نتيجة "جنونه".
كما ان المواقف السياسية التي اتبعها مرسي تتنافى وطموحات شعب مصر الذي ثار على مبارك، وكانت تلك المواقف تؤشر على ضحالة في الخبرة السياسية للرجل وانصياعه لقيادة حركة الإخوان كما يشير الكثير من الخبراء والسياسيين.
التقديرات بحسب المراقبين تقول بأن أعداد المحتجين ضد مرسي تفوق كثيرا تلك التي كانت ضد مبارك، وهذا يشير إلى مستوى الاحتقان في الشارع، خاصة بعد الإجراءات والمراسيم العديدة التي تم اتخاذها، والتي كانت تشي بأن الرجل لا يقوم بإدارة الدولة كرئيس وإنما يتعامل مع الوطن كجزء من حركة الإخوان، هذا عدا عن التدخلات التي لا تتوقف من قادة الحركة في صناعة السياسة المصرية، وفي مقدمة هؤلاء خيرت الشاطر الذي لم يتوقف عن الحركة من خلف الكواليس.
ما يجري في مصر، إنما دليل على ان شعلة الثورة ما زالت متقدة، وان الجماهير التي أطاحت بمبارك قادرة على الإطاحة بمرسي إذا ما استمر بسياساته التي قسمت البلد ومزقت الوحدة الوطنية، والجماهير ستكون العين الساهرة التي تحمي الثورة والوطن من أي طغاة مستقبليين، وعلى مرسي ومن سيأتي بعده ان يفهم ان المعادلة أصبحت "الجماهير هي المعلم، وهي حامية الوطن" وهي القادرة على تعديل المسار والسير قدما، وما عدا ذلك فالجماهير ستبقى في الميدان.
رحيل آمن أم عناد قاتل؟
يحيى رباح/ج.الحياة
هناك فرصة أخيرة لكي يتخذ الرئيس المصري د. محمد مرسي قراراً حكيماً، قراره هو كرئيس وليس قرار مكتب إرشاد الجماعة، لكي يسجل اسمه في التاريخ وينقذ جماعة الأخوان من نهاية دراماتيكية، وهذا القرار يتلخص في الانسحاب الآمن، الرحيل الآمن، التنحي الآمن، دون أن يضطر إلى الرحيل في نهاية المطاف بعد أن يكون قد أغرق مصر بالدماء.
د. محمد مرسي أصبح خلال هذه السنة من حكمه مدججاً بالأدلة والبراهين والحقائق والانكشافات بأن الإسلام السياسي، الأخوان المسلمين وتعريفاتهم مثل الجماعة الإسلامية وبقية "الأورطة" ليست مؤهلة لحكم دولة بحجم مصر، وموقع مصر، ودور مصر، وعمق مصر الحضاري، والخدمة الكبرى التي قدمتها مصر للإسلام والمسلمين منذ أربعة عشر قرناً.
وأهم هذه البراهين: هو ما يراه الرئيس مرسي بعينه، ولكن جماعته لا تريد له أن يعترف بما يراه، وهو احتشاد الشعب المصري على امتداد مصر من أسوان إلى مرسى مطروح يوم الثلاثين من حزيران، بعد أن كانت حركة تمرد أعلنت أن لديها اثنين وعشرين مليون توقيع، فاحتشد في ميادين مصر وساحاتها سبعة عشر مليون متظاهر بحد أدنى وحسب تقديرات "غوغل" بينما جماعته التي خدعته أعلنت أن لديها ستة وعشرين مليون توقيع، وحين جاء وقت الاختبار، الامتحان، سقطت جماعته ومن معها سقوطاً مروعاً، وظلت متقوقعة في ميدان رابعة العدوية، بعدد لا يتجاوز مئة ألف في أحسن الأحوال.
وهذه صورة رآها الشعب المصري من أوله إلى آخره، ورآها العالم، بما فيهم الدول والأطراف والأفراد الذين شجعوا الأخوان على الانزلاق إلى ما هم فيه الآن. الرهان الوحيد الذي كان متاحاً أمام مرسي طيلة سنة كاملة من وجوده في موقع الرئيس، هو أن يثبت أنه رئيس لكل المصريين، وكان هذا يتطلب أن تتعاون جماعته معه، وأن تمنحه هامشاً وفرصة، ولكن المرشد ونواب المرشد وقطاريس المرشد لم يفعلوا ذلك، بل خدعوه، وأعطوه تقديرات خاطئة جداً، ومضحكة جداً، ومهينة جداً، واعتبروه مجرد مندوب للجماعة في الرئاسة، وليس رئيسا للمصريين المسلمين والمسيحيين، المصريين في النوبا والدلتا والصعيد، المصريين في المدن والأرياف والصحاري، المصريين السلفيين والصوفيين، والعلمانيين والليبراليين، في دولة كبيرة جداً، لها مؤسساتها الكبرى وقواعدها الراسخة مثل الأزهر الشامخ منذ أكثر من ألف سنة، والجيش الذي ترجع أصوله الأولى إلى جيش أحمس، وبقية المؤسسات العلمية والثقافية، والميراث الحضاري المتراكم، وهذا كله لا يمكن أن يحكم من خلال رؤية ضيقة، لجماعة أضيق من خرم الأبرة.
بحكم أنني مثقف فلسطيني، وأنني صاحب قضية عادلة ومقدسة وتتأثر بكل ما يجري في المنطقة والعالم، فما بالكم بما يجري في الشقيقة الكبرى مصر، فقد كنت أتابع تطورات المشهد المصري، وكان العجب يصل بي إلى حد الصدمة، لماذا يفعل الأخوان المسلمون ما يفعلونه بوطنهم ودولتهم وشعبهم؟
والاستنتاج الأخير الذي وصلت إليه أن هؤلاء الذين يمتلكون الجرأة على استخدام الدين، والمتاجرة به، والتستر وراءه، يفقدون القدرة على التعلم، ويفقدون الأهلية في التطور، ويفقدون القدرة على التصالح مع أحد، خاصة وأنني من أبناء قطاع غزة، وكنت شاهداً على تجربة حركة حماس في قطاع غزة، ولم أر حماس في يوم من الأيام على امتداد ست سنوات تعترف بأي خطأ ارتكبته. أو تعترف بأي وعد وعدته وكذبت فيه، أو بتقصير لم تستطع تلافيه، وكانت تتهم الدنيا كلها ولكنها لا تتهم نفسها بأي شيء على الإطلاق، وبما أن حركة حماس هي نموذج مصغر من تكوين أكبر، فقد أدركت بوعي قاطع أن هؤلاء الأخوان ? أوافق على شطب كلمة مسلمون التي يلحقونها باسمهم للتمويه ? غير قادرين على التعلم، فعندما يصفون أنفسهم بأنهم وكلاء الله على الأرض، فإن أخطاءهم وخطاياهم تصبح في نظرهم مقدسة، وهذه هي الكارثة.
إذا ظل الدكتور محمد مرسي حتى اللحظة الأخيرة دون هامش، دون أي مساحة للتعبير عن تجربته هو كرئيس في سنة كاملة من عمره، فلا أمل أن يتخذ أي قرار حكيم، بل ربما ينزلق إلى ما هو أخطر، فيرحل مرغماً، وحينئذ قد يكون الثمن الذي يدفعه الشعب المصري فادحاً، وحينئذ سيكون العقاب الذي يمكن أن يواجهه الأخوان المسلمون أكبر وأخطر وأفدح من كل التقديرات.
أتمنى أن يثأر الدكتور محمد مرسي لنفسه ولكرامته، ويثور على جماعته، يتمرد على جماعته بطريقته الخاصة، بأن يرحل دون خسائر، دون عناد ودون مكابرة ودون أوهام ودون خضوع لهؤلاء الغيلان في مكتب الارشاد، لو فعل ذلك، سينقذ نفسه، وينقذ أجيال الشباب في جماعة الأخوان الذين لديهم طموح مشروع أن يكونوا مصريين، مصريين بالكامل، لأنهم بدون أن يكونوا مصريين أولاً، أو فلسطينيين أو جزائريين أو لبنانيين أو أردنيين أو سوريين أو تونسيين أولاً، فكيف بالله عليكم يمكن أن يكونوا مسلمين؟؟؟


رد مع اقتباس