اقلام واراء اسرائيلي 383
4/7/2013
في هــــــذا الملف
هل يستيقظ رئيسا وينام خارج القصر؟
بقلم: بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
‘الصدّيقون يقوم آخرون بعملهم’
بقلم: غيورا آيلاند،عن يديعوت
مزاج النشوة العام يغمر المتظاهرين في ميدان التحرير
بقلم: إلداد باك،عن يديعوت
ما الذي يخشاه مرسي؟
بقلم: سمدار بيري،عن يديعوت
الجيش لن يكون طرفا في السياسة او الحكم
بقلم: تسفي بارئيل ،عن هآرتس
مصر في دوامة
بقلم: عمانويل سيفان بروفيسور مستشرق،عن هآرتس
الجيش المصري قادر على احداث تحسن في الوضع الاقتصادي
بقلم: العميد احتياط د. داني آشر مؤرخ مختص في تاريخ الجيوش العربية،عن معاريف
هل يستيقظ رئيسا وينام خارج القصر؟
بقلم: بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
استيقظ محمد مرسي هذا الصباح رئيسا لجمهورية مصر، وليس من المؤكد ان يمضي هذه الليلة لينام رئيسا، كما تكتب صحيفة ‘الاندبندنت’ البريطانية اليوم.
ويوافق 84 مليون مصري على ذلك. دعا الفريق السيسي بحسب أنباء منشورة مختلفة مرسي الى التنحي. فاذا لم يكن هذا انقلابا عسكريا فهو على الأقل ضربة رحمة الجيش المصري.
يُفضل الجيش المصري على نحو عام ان يكون عمله سريا، فمن النادر جدا ان يعلن تصريحات. فان فعل فهذه اشارة الى ان الوضع في مصر خطر حقا. والحال اليوم كما كانت في 2011. بعد ان جند الجيش نفسه للمعركة أول أمس حينما أنذر الرئيس مرسي أولا واقترح أمس خريطة طريق، فلا شك في ان لحظة الحسم قد اقتربت.
يجب ان نتذكر ان أول شيء قام به الرئيس المنتخب مرسي، وهو من الاخوان المسلمين، حينما دخل القصر الرئاسي في تموز/يوليو 2012، كان الغاء ‘الاعلان الدستوري’ الذي منح المجلس العسكري الأعلى أكثر السلطات. ويقترح الجيش الآن مع عدم الاتفاق بين السلطة والمعارضة فض مجلس الشعب، حيث توجد اليوم أكثرية للاسلاميين والغاء الدستور واعلان انتخابات مبكرة.
جميع أخطاء الاخوان
تعلمت المعارضة العلمانية بواسطة ‘جبهة ثلاثين يونيو’ دروس الماضي وألقت على أحد ممثليها الكبار، وهو محمد البرادعي، مهمة اعداد ‘الفترة الانتقالية’.
واخطأ الاخوان المسلمون في مقابل ذلك كل الأخطاء الممكنة: فهم لم يستطيعوا انشاء حوار مع الشعب والمعارضة، ولم يُحسنوا وضع مصر الاقتصادي ايضا، ودفعوا الى الأمام بالمتطرفين من رفاقهم وبالايديولوجية الاسلامية بصورة أثارت امتعاض نصف الشعب، واختاروا أقل الناس قوة حضور رئيسا لهم. وهناك شيء آخر وهو أنهم ركلوا الى الخارج المجلس العسكري الأعلى من قيادة الدولة بدل ان يرعوا الحلف غير الطبيعي الذي نشأ بينهم وبين الجيش بعد عهد مبارك. وكان يمكن ان يساعد هذا الحلف اليوم مثلا.
لا يوجد للاخوان في مصر اليوم أحد سوى الاخوان، حتى ولا السلفيون. ويتصرف مرسي بالضبط مثل الزعماء العرب في اثناء الربيع العربي. وهو لم يدرك أن هذه هي النهاية مثل مبارك وصالح والقذافي وابن علي. إن الجيش معني بأن يكون صاحب القرار في مصر (فهو يملك 25 في المئة من الانتاج الوطني الخام في الدولة) من غير أن يدير الامور. وهو ينوي لذلك ايضا أن يؤلف المجلس المؤقت الذي سيدير شؤون الدولة في أكثره من مدنيين. إن الفريق عبد الفتاح السيسي أكثر واقعية من سلفه المشير الطنطاوي. ويتذكر السيسي جيدا كيف تظاهر الجمع المتحمس في ميدان التحرير على الطنطاوي ايضا، وآخر شيء يريده السيسي أن يسمع في ميدان التحرير قولهم ‘إرحل يا سيسي’.
أضاعت الولايات المتحدة الفرصة مرة اخرى
ولا يجوز ان ننسى اوباما في المعادلة المصرية. يدعو رئيس الولايات المتحدة مرسي الآن الى الموافقة على انتخابات مبكرة. وهو اوباما نفسه الذي رعى مرسي. وعلى العموم فان امريكا لا تربح في الشأن المصري، فقبل اسبوع فقط أوصت السفيرة الامريكية آن بترسون المعارضة باحترام نتائج الانتخابات. ويصعب ان نؤمن بأن امريكا التي تعلم وتسمع كل شيء، حسبما يقول المُسرب ورجل الـ’سي.آي.ايه’ السابق ادوارد سنودن، لا تنجح في استماع ما يستطيع كل واحد ان يستمعه في الشارع في القاهرة.
كانت مصر تُجند نفسها على مرسي منذ شهر نيسان/ابريل، ووقع 22 مليون انسان على عريضة تدعوه الى الرحيل. ولم تكن واشنطن وحدها متنبهة الى التجنيد العام، ويصعب عليها ان تفهم مصر. من المثير ان نعلم أقد يفكر سنودن في لجوء الى القاهرة.
وعلى العموم يبدو ان ادارة اوباما تعيش في كوكب آخر، وقد تساءلت حتى صحيفة ‘نيويورك تايمز′ التي لا تعتبر ضمن منتقدي اوباما، أهذا هو وقت اجراء وزير الخارجية جون كيري جولات مكوكية في المنطقة بين اسرائيل والفلسطينيين وكأن سورية ومصر غير موجودتين. تغير الشرق الاوسط وتغيرت ايضا ترتيبات أولوياته، لكن امريكا تختار ان تشغل نفسها خاصة بـ’تل ابيب الوادعة’ كما تُعرفها صحيفة ‘تايمز′.
لا يُظهر مرسي الى الآن علامات انطواء ازاء حركة تمرد التي تنجح في تنحيته رغم نتائج صناديق الاقتراع وتأييد اوباما. لن تتحول مصر في الغد في الحقيقة الى ديمقراطية برلمانية، لكن الشعب المصري قال كلمته مرة اخرى فهو لا يريد مستبدا غير مجدٍ واسلاميا ايضا. كما زعمنا منذ البدء بالضبط: ‘ربيع الشعوب العربي’ لم يولد من الهبة الشعبية العربية في 2011. وبدأ ‘الشتاء الاسلامي’ من جهة اخرى يتلاشى. وقد يكون هذا الشيء الايجابي الوحيد الذي يحدث، فليس من العجب ان يفضل كيري ان يقضي الوقت في تل ابيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘الصدّيقون يقوم آخرون بعملهم’
بقلم: غيورا آيلاند،عن يديعوت
إن الأحداث الاخيرة في مصر وتلك المستمرة منذ زمن طويل في سورية، تسبب قلقا في اسرائيل. ويتعلق القلق بخطر ان تنتقل الأحداث العنيفة الى حدود اسرائيل مع مصر، وبخوف أكبر من خطر مواجهة عسكرية. هذا القلق مفهوم يقوم على الفرض الحدسي، أن عدم اليقين شيء سيئ وعدم الاستقرار حولنا شيء خطر.
لكن الوضع مختلف بالفعل مع نظرة أشد وعيا، ولنبدأ بسورية، اجل ان الهدوء المطلق الذي تمتعنا به في هضبة الجولان منذ اربعين سنة يُنقَض قليلا في الآونة الاخيرة، بل قد توجد أحداث أشد على طول الحدود. لكن هذه مشكلات تكتيكية في أساسها، وقد عانت دولة اسرائيل منذ أُنشئت من مشكلة ارهاب على طول حدودها المختلفة (غزة في خمسينيات القرن الماضي، والاردن في مطلع السبعينيات ولبنان الى سنة 2006 وغير ذلك)، لكن لا واحدة من هذه المشكلات كانت خطرا استراتيجيا حقيقيا. وفي مقابل هذا فان ما يحدث في سورية يُحسن جدا وضع اسرائيل الاستراتيجي.
أولا ودونما صلة بسؤال من سيحكم سورية غدا، من الواضح ان الجيش السوري الذي كان أكبر تهديد وأكثره مباشرة ضعف جدا في السنتين الاخيرتين. فقد خسر اسلحة كثيرة ونظام التجنيد فيه في شلل، ووقع الاضرار بترسانة السلاح، كل ذلك مع الوضع الاقتصادي المتدهور سيضعف سورية باعتبارها تهديدا عسكريا مدة بضع سنوات على الأقل.
وثانيا، إن حقيقة ان حزب الله دخل برجليه الاثنتين ‘الى الوحل السوري’ ستُفضي الى سحق قوته وشرعيته في لبنان وفي العالم العربي. اذا سقط الاسد فسيُسبب ذلك ضربة بالغة الشدة لحزب الله قد تفضي الى طلب داخلي في لبنان وطلب خارجي من العالم السني كله ان يُجرد من سلاحه.
وينبغي ان نذكر الى ذلك انه كانت في اسرائيل قبل بضع سنوات جهات أيدت اتفاق سلام مع سورية (يشمل تخليا عن هضبة الجولان)، وذلك في الأساس بسبب الاسفين الذي قد ينشئه اتفاق السلام هذا بين سورية من جهة وايران وحزب الله من جهة اخرى. وها هو ذا هذا الامر قد يحدث من غير ان نضطر الى دفع شيء، وهو يشبه قولنا إن الصدّيقين يقوم آخرون بعملهم.
ونعود الى مصر، انها في الحقيقة تدخل ثانية في دوامة سياسية شديدة، لكن التأثير في اسرائيل قليل وليس سلبيا بالضرورة ايضا. فهو قليل لأن أكثر الأحداث تجري في المدن الكبيرة على مبعدة 300 كم وأكثر من حدود اسرائيل. والى ذلك فان الجيش المصري في فترة مرسي وفي كل سيناريو بعده ايضا هو المسؤول عن العلاقة مع اسرائيل، وعن حفظ الهدوء على الحدود، وما بقي هذا الجيش معلقا تماما بدعم امريكي فمن المنطق ان يستمر في محاولة منع انتقال أحداث شديدة الى أرضنا.
وفوق ذلك فان مصر ـ مثل سورية ـ ستعاني فترة طويلة من عدم استقرار سياسي وازمة اقتصادية شديدة. وسيكون كل من يحكم القصر الرئاسي في القاهرة مشغولا بالتحديات الداخلية. ويبقى خطر ان تتحول القدرة العسكرية المصرية نحو اسرائيل ضئيلا جدا.
وفي حال سورية كما في حال مصر ايضا، ليست الأحداث هناك لا تؤثر فينا تأثيرا سيئا فقط، بل قد تُبشر ايضا بتطورات ايجابية بالنسبة إلينا. أما في سورية فسيتجلى ذلك بسلطة اخرى ‘تحاسب’ ايران وحزب الله محاسبة شديدة في اليوم التالي. وأما في مصر فقد تتولى الحكم سلطة أكثر علمانية وديمقراطية قد توافق حتى على مر الوقت على تطبيع مع اسرائيل.
قبل سنة كنا نبكي لتولي الاخوان المسلمين الحكم وخشينا دعمهم لحماس، وها هو ذا حكمهم يتضعضع ويمكن ان نبدأ بـ’سحب تعبيرات القلق من العام الماضي’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مزاج النشوة العام يغمر المتظاهرين في ميدان التحرير
بقلم: إلداد باك،عن يديعوت
المتظاهرون في ميدان التحرير
ساد الهدوء الشوارع الرئيسة حول ميدان التحرير أمس في حوالي الرابعة بعد الظهر، وكان ذلك هدوءا مميزا غير عادي، اذا أُخذ في الحسبان الجو الثوري الذي أغرق هذه الشوارع مرة بعد اخرى في السنتين ونصف السنة الاخير.
وكانت حركة السيارات ثقيلة في تكاسل وبلا صافرات. ولم تُسمع في الشوارع شعارات متظاهرين مؤيدة أو معارضة. وكان يُخيل الينا لوقت قصير أن حرارة الصيف التي لا تطاق نجحت في إخضاع حركة التمرد على الرئيس مرسي وأنصاره من حركة الاخوان المسلمين. ‘هذا هدوء ما قبل العاصفة’، هدأني صاحب حانوت محلي ببسمة مليئة بالثقة والتفاؤل. ‘ستأتي العاصفة في اليوم القريب في غضون 12 ساعة في رأيي’. كيف ستبدو هذه العاصفة؟ رفض صاحب الحانوت أن يُفصل. لكن في ما يتعلق بهوية المعسكر السياسي الذي يؤيده ليست عنده مشكلة في ان يرسل اشارة خفية ثخينة بصورة خاصة: ‘وعد موقع الجيش المصري على الانترنت بأنه ستكون بعد قليل طلعة جوية خاصة لسلاح الجو فوق التحرير، فأسرع لتجد مكانا مريحا لمشاهدة المظاهرة’، حثّني.
لم نرَ الطلعة الجوية، لكن تنبؤات صاحب الحانوت بالعاصفة المقتربة تحققت أسرع مما توقع. فقد بدأ يتدفق مئات آلاف البشر على ميدان كل تظاهرات القاهرة وكأن ذلك كان بعصا سحرية. وأكثرهم من كبار السن والشباب وعائلات مع أولاد ورجال ذوي شوارب أو نساء محجبات حملوا حول أعناقهم اشارة التمرد على الاخوان المسلمين، وهي بطاقة حمراء طُبع عليها باللون الاسود الطلب البسيط من محمد مرسي وهو ‘إرحل’. ومن اجل إتمام المشهد لبس غير قليل من المتظاهرين ايضا قمصانا مع اسم حركة تمرد وقبضة يد ملاصقة له.
إن الجو في ميدان التحرير يُذكر جدا بالجو الذي ساده قبل سنتين ونصف السنة مع بدء الهبة الشعبية التي أفضت الى سقوط مبارك. هذا مهرجان شعبي ضاج واحتفالي مصحوب بألعاب نارية. وهم في المعارضة شديدو الرضى عن صورة جريان الأحداث، فهناك مظاهرات ملونة ولذيذة وفرحة. لكن كل شيء كما يعلم الجميع هنا يمكن ان يتغير سريعا. فليس معارضو النظام المليئون بالنشوة هم وحدهم من خرجوا الى الشوارع.
خائبو الآمال والشاعرون بالمرارة
خرج مؤيدو مرسي لمعركة دفاع عن مصير قائدهم ومزاجهم العام مختلف جدا، فهم ‘عنيفون’ يتجولون مع هراوات ويهاجمون كل من يعرفونه بأنه خصم لهم ولا سيما صحافيين مصريين يرونهم أعداء لله. وقد قُتل سبعة اشخاص أمس وجُرح عشرات في مواجهات شديدة بين مؤيدي مرسي ومعارضيه في حي الجيزة.
أمس في السادسة مساء انقضى رسميا موعد الانذار الذي وجهته حركة التمرد المدني، حركة خائبي الآمال والشاعرين بالمرارة من سنة حكم الاسلاميين، الى مرسي طالبين ان يستقيل. ولم يستجب الرئيس كما كان متوقعا، وقد انتظم مئات الآلاف من رجال الاخوان المسلمين في مظاهرات تأييد له في اماكن مركزية في القاهرة. وفي فروع الحركة الدينية المتطرفة جاء ناشطون في حافلات صغيرة بغرض تعزيز مظاهرة قوة الادارة في مواجهة معارضيها.
لكن ذلك لم يكن كافيا. في ساعات المساء بلغ عدد الوزراء المستقيلين من حكومة مصر تأييدا للحركة الشعبية على مرسي 12 وزيرا. كان وزير الخارجية واحدا منهم وترك أحد المتحدثين باسم الرئيس عمله ايضا.
سيتولى الجيش زمام الأمر
أوضحت الادارة الامريكية لمكتب الرئاسة في القاهرة أن السبيل الوحيدة لانهاء الازمة الحالية هي اعلان انتخابات جديدة. لكن مقربي الرئيس رغم الضغط المتزايد من الداخل والخارج رفضوا التدخل الامريكي.
وفي الوقت الذي يعزز فيه معارضو مرسي صفوف الاحتجاج الجماعي خارج القصرين الرئاسيين، أصبح الجميع يشعرون بالتوتر المتزايد قُبيل انتهاء موعد انذار الجيش المصري. والخوف الأكبر واضح وهو نشوب حرب أهلية. وتُعلق جهات المعارضة المدنية والعلمانية آمالا كبيرة ربما تكون كبيرة جدا على تدخل الجيش الذي سيفضي الى إبعاد الاخوان المسلمين عن الحكم. ‘هذا آخر يوم لحكم الاخوان’، وعدت أمس احدى صحف المعارضة في عنوانها الصحافي الرئيس.
ويبدو مع كل ذلك ان توقع انقلاب عسكري ليس واقعيا. فقد اهتم وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بأن ينشر أمس ‘خريطة طريق’ لانهاء الازمة، تشتمل على خمس مراحل. وأساس الخطة هو تعيين مجلس وزاري انتقالي يكون مسؤولا عن انهاء تحقيق الدستور المصري في غضون بضعة اشهر، وتنظيم انتخابات جديدة لمجلس الشورى وللرئاسة. وبهذا تُستجاب مطالب حركة ‘تمرد’ الرئيسة. والجيش بحسب هذه الخطة هو الذي سيراقب تنفيذ جميع المراحل. وستؤخذ هذه السلطة من السلطات المدنية من اجل تهدئة روع المعارضة.
وفي رد على ‘خريطة الطريق’ العسكرية سارع مكتب مرسي أمس الى اعلان ان الرئيس سينشر سلسلة خطوات لانهاء الازمة السياسية قبل انتهاء موعد انذار قيادة الجيش في هذا المساء.
‘هل هذه هي الحرية التي أردناها؟’
وفي هذه الاثناء أخذ يزداد التوتر بين المعسكرين. هاجم ناشطون سيارة عسكرية مرت بالقرب من مظاهرة جموع الاخوان المسلمين بالقرب من أحد المساجد الرئيسة في القاهرة. وفي مدن مصر المختلفة وقعت أحداث عنف بين المعسكرين أفضت الى عدة حالات موت.
وفي موقع جانبي بعيد عن اماكن المظاهرات الجماعية التقيت مع ابراهيم وخليل. وكلاهما في الثلاثين من عمره وكلاهما يعمل في السياحة المصرية وكلاهما علماني لكنهما مختلفان جدا في آرائهما في حركة ‘تمرد’. ‘هل هذه هي الحرية التي أردناها؟’، يحتج ابراهيم بشدة، ‘هل هذه هي الديمقراطية التي أملنا بها؟ اذا وُجد رئيس آخر فبعد سنة سينزل الناس أنفسهم مرة اخرى الى الشوارع ويطلبون تغييرا من جديد. يجب اعطاء المنتخبين وقتا لاستنفاد فترة ولايتهم وليثبتوا أهم قادرون على الوفاء بوعودهم أم لا’.
ويغضب خليل فيقول في جزم: ‘لم يعد يوجد ما يُنتظر. فقد وعد مرسي بسلسلة كاملة من الوعود التي لم يف بها. والوضع في الدولة ينتقل من سيئ الى اسوأ، والاسعار ترتفع، والبطالة تطغى.
وهبطنا من كون دولتنا واحدة من أكبر الدول السياحية في العالم الى أسفل القائمة. إن السياح لا يأتون الى هنا بسبب العنف والجريمة اللذين يضجان في كل مكان. انتهى الأمر ويجب على مرسي أن يرحل’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ما الذي يخشاه مرسي؟
بقلم: سمدار بيري،عن يديعوت
استقر رأي مرسي على عدم التخلي، وكان مقصده أمس واضحا وهو ان الرئيس المصري متمسك بكرسي الحكم الى ان ينقضي موعد انذار الجيش هذا المساء. لكنه أصبح أوضح مع حلول الظلام ان احتمالاته تنفد، وليس من المؤكد البتة أن يصمد الى مساء اليوم.
عيّن مرسي أمس رئيس الوزراء القليل الشعبية جدا هشام قنديل لاجراء حوار مع الخصم المعلن من المعارضة محمد البرادعي. وتبدو المعركة مع ‘خريطة طريق’ وزير الدفاع خاسرة مسبقا، فقد تم ارسال قنديل للتفاوض للحفاظ على سيده، لكن البرادعي سيفعل كل شيء ليُطير مرسي.
اذا وقعت معجزة ووجد حل فسيطلق الجيش صافرة تسكين لمتظاهري التحرير، وإلا فان حركة الاخوان المسلمين لا مرسي فقط يتوقع ان تتلاشى. بحسب أحد السيناريوهات فان رئيس المحكمة الدستورية هو المرشح لتولي رئاسة مجلس مؤقت الى ان تُجرى الانتخابات الرئاسية.
يجب ان ننتبه في الجو الساخن الى شخصين يظهران من وراء كتف الرئيس، وهما احمد شفيق، وهو رئيس حكومة سابق وقائد سلاح الجو في عهد مبارك، الذي خسر أمام مرسي بفرق ضئيل في انتخابات الرئاسة، وهرب من مصر وهو يهدد بالعودة والانقضاض على السلطة.
وهناك شخص أكثر جذبا للانتباه، وهو رئيس هيئة الاركان السابق سامي عنان الذي انضم أمس الى موجة الاستقالات. كان عنان في زيارة لواشنطن حينما نشبت المظاهرات التي أسقطت مبارك. ولم يوجد في نظر الامريكيين منافس أجلّ بركة منه، فهو علماني وذو ماض عسكري ولم يوصم ايضا باستغلال منصبه على حساب الجمهور. ركله مرسي قبل سنة الى منصب عديم الوزن، هو منصب ‘مستشار الرئيس للشؤون العسكرية’، واختفت آثاره الى ان كانت استقالته الصارخة.
من المهم ان ننتبه الى ان انذار وزير الدفاع السيسي ليس موجها الى مرسي فقط، بل الى ‘الجميع′ في المعسكرين، ويؤدي الجيش بهذا الاجراء المعوج دورا لطيفا مُحكما. لا توجد اشارات الى انه معني هذه المرة بتولي الحكم، فالجنرالات يدعون الرئيس والمتمردين والعلمانيين والاسلاميين، الى البحث عن حلول تحت الارض والى الاستجابة الى ‘ارادة الشعب’، أي شعب يقصدون؟ هل اولئك الذين يهددون بالهجوم على القصر الرئاسي أم أصحاب اللحى حول المسجد الكبير؟ أصبح الاخوان المسلمون يدركون انه اذا انصرف مرسي فسيفقدون القوة. ويكشف فيلم قصير سري حُمل أمس على موقع محدود المشاهدة عن دقيقة حرجة من الحديث الذي دار بين الرئيس ووزير الدفاع السيسي. ويبدو مرسي متوترا ويخزه السيسي بسؤال: ‘ما الذي تخشاه كثيرا؟’.
حينما تهدد سفينة السلطة بالغرق يسعى مرسي الى إطالة الحوار الى منتصف الاسبوع القادم، حينما يبدأ شهر رمضان. اذا نجح في كسب وقت فانه يُقدر بأن حكمه سينجو، وسيكون من الواجب عليه ان ينثر الوعود وان يُقسم بأن يدمج المتمردين في جهاز الحكم. واذا بقي مرسي على نحو ما فسيضطر الى مصالحة الشعب بغير استعلاء وألا يهدده مستعملا عناوين صحافية في صحيفة في لندن. لكن حينما يهتف الملايين ‘إرحل’ تنفد احتمالات بقائه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الجيش لن يكون طرفا في السياسة او الحكم
بقلم: تسفي بارئيل ،عن هآرتس
الحماسة التي تملكت حركات الاحتجاج لسماع بيان الجيش، الذي منح الاطراف 48 ساعة ‘للاستجابة لارادة الشعب’، كفيلة بان تشهد ظاهرا على تفسير واحد ووحيد لهذا البيان: على مرسي أن يرحل، والا فان الجيش سيأخذ الحكم. ولكن البيان غامض بما فيه الكفاية بحيث يرى الاخوان المسلمون فيه أيضا، وان كان بصعوبة، تحذيرا لمن يحاول المس بشرعية الحكم.
مثلما قبل نحو سنتين ونصف السنة، عندما أخذ المجلس العسكري الاعلى الحكم الى يديه، هذه المرة ايضا يشدد بيان الجيش على أن ليس في نيته ان يكون طرفا في السياسة او الحكم في الدولة. ولكن عندما يوضح الجيش ان في نيته وضع ‘خارطة مستقبل’ لحل الازمة، فانه على أي حال يجعل نفسه جزءا لا يتجزأ من الحكم. والاصح، هو الحكم.
بيان الجيش يضع نفسه في وضع مفعم بالمعضلات. فالطرفان، حركات الاحتجاج والاخوان المسلمين، لا يريدان حكم الجيش. كان هذا موقفهما قبل نحو سنتين، عندما واصل الجيش الحكم بعد الانتخابات للبرلمان. ومقارنة بالاخذ السلس نسبيا للحكم من جانب الجيش في اعقاب اسقاط مبارك، الفترة التي تعاون فيها الاخوان المسلمون مع حركات الاحتجاج العلمانية ورأوا في الجيش حلا مؤقتا مناسبا، فان هذه المرة الخصومة بين المعسكرات عميقة بشكل لا مثيل له.
الاخوان، الذين سيكونون اكثر المتضررين من خطوات الجيش، سيحاولون ان يمنعوا حتى بالعنف كل محاولة لالغاء انتصارهم ووضعهم في مكانة متساوية مع حركات المعارضة، التي خسرت في الاختبار السياسي في الانتخابات.
اذا اراد الجيش تطبيق خريطة طريق، فان عليه أن يضمن أولا ان يوافق الطرفان عليها، كي لا يتحول على الفور ليصبح عدوا لنحو نصف الشعب ويعرض نموذجا متجددا من نظام مبارك. الامكانية العملية هي ان يسمح الجيش لمرسي بان يكون رئيسا مؤقتا الى ان يتقرر موعد جديد وقريب لانتخابات الرئاسة والبرلمان. وفي هذه الاثناء يعين الجيش، بالتعاون مع مرسي، حكومة جديدة. فالحكومة الحالية على اي حال محطمة واستمرار وجودها كان أحد الاسباب الاساس للاحتجاج.
سؤال مهم آخر يتعلق بالدستور الذي اقر في استفتاء شعبي في كانون الاول/ديسمبر 2012 باغلبية 64 في المئة. هذا الدستور هو لب لباب الاحتجاج: فالمتظاهرون يطالبون بالغائه او تعديله بشكل جوهري. واذا اراد الجيش استقرار الدولة فان عليه ان يعلن الغاء الدستور، اقامة لجنة صياغة جديدة واقرار الدستور المعدل في استفتاء شعبي. هذا اجراء طويل ومضنٍ في اثنائه ستجد الدولة صعوبة في اداء مهامها. فضلا عن ذلك، فانه ليس من صلاحية الجيش الغاء الدستور، والسؤال هو اذا كان يريد أن يعمل في هذه المرحلة خلافا لصلاحياته الدستورية، ويحطم بذلك كل الاجراءات الدستورية التي اقرت حتى الان.
ان أخذ صلاحيات كهذه من شأنه أن يضع الجيش في مسار الصدام ليس فقط مع الاخوان المسلمين الذين يرون في انجازهم السياسي خطا أحمر لا يجب تجاوزه، بل وايضا مع حركات الاحتجاج، التي ستكون مطالبة بان تشرح كيف تسمح للجيش بان يقرر اجراءات صياغة الدستور واقراره وبالتالي خرق ما يصفونه بانه ‘قيم الثورة’ اي الثورة الديمقراطية من دون اكراه عسكري.
ان تحديد جدول زمني قصير، يومين ضاعت منهما منذ الان ساعات عديدة، كفيل بان يشهد على أن الجيش اتخذ منذ الان القرار وانه يعتزم اخذ الحكم في يديه. ولكن في الفترة الزمنية المتبقية كفيل بوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي أن يحاول ان يفرض على الطرفين تنازلات متبادلة، بما فيها تغيير مواد في الدستور، اشراك حركات الاحتجاج في حكومة جديدة وتحديد موعد للانتخابات البرلمانية التنازلات التي اذا ما اتفق عليها، سيدعو الطرفان مؤيديهم الى التفرق وبالتالي اعفاء الجيش من مواجهة المعضلات القاسية وابقائه في قواعده.
اذا حاكمنا الامور حسب ردود فعل المتحدثين من المعسكرين، فان احتمال الحوار والتوافق بين الطرفين طفيف جدا. فحركات الاحتجاج واثقة من أن موقف الجيش يعمل في صالحها، والاخوان المسلمون، المستعدون للحوار، يرفضون بحزم، علنا على الاقل، كل تنازل عن انجازاتهم السياسية والدستورية.
سيواصل الطرفان بالتالي خوض مظاهراتهم المنفصلة في القاهرة وفي مدن اخرى، التي يرتفع ثمنها بالارواح كل يوم. وهنا يكمن الخطر الاكبر الذي يخشاه الجيش. مع أن عدد القتلى قليل نسبيا، ولكن اذا ما ثارت الخواطر وأصبحت الاسلحة الكثيرة التي توجد في ايدي المواطنين سلاحا سياسيا، فان ميادين القاهرة ستشهد حمام دماء. اذا كان هذا سيكون التطور، فان المسائل السياسية ستتنحى جانبا والجيش سيستدعي نفسه ليس فقط للسياسة، بل وللشوارع ايضا. سيناريو الرعب هذا كفيل بان يقصر مدة الانذار الذي اصدره الجيش.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مصر في دوامة
بقلم: عمانويل سيفان بروفيسور مستشرق،عن هآرتس
في أيلول/سبتمبر الماضي جمعني صديق اوروبي بشخص يدعى ‘ج’ معرفة قديمة له من عهد وجوده في مصر. ‘ج’ هو عميد متقاعد، شغل في الماضي منصب محافظ في الدلتا. ‘الست قلقا من الاسلوب السلطوي لمرسي؟’ سألناه، ‘لقد بدأ يشبه أردوغان’. ‘هذا تشبيه سخيف’، اجاب بنبرة تدل على شعوره بالاهانة. قلنا له، ان رجب طيب اردوغان ايضا لا يؤمن حقا بالثقافة الديمقراطية، وهو يتطلع الى الديمقراطية الرسمية فقط، أي، الاكتفاء بتغيير الرئيس والحكومة من خلال الانتخابات؛ اما الحريات الديمقراطية فليست قريبة من قلبه. ذكرنا قول اردوغان في أن الديمقراطية هي مثل الباص ينزل منه المرء حين يصل الى المحطة.
واتفق ‘ج’ معنا، ‘واضح أن مرسي والاخوان المسلمين ليسوا ديمقراطيين. تنظيمهم مراتبي ومتصلب، وهو انتقائي في تجنيد الاعضاء الجدد (كلهم اقل من ابناء 35)، وقادته يجتهدون جدا على أن يزوج أعضاء التنظيم ابناءهم من بنات أعضاء آخرين، لخلق التراص. في برنامجهم في العام 2007 قرروا ان في دولة الشريعة يكون كل قانون يقر في البرلمان واجب الاقرار في مجلس كبار رجالات الدين. على هذه الخلفية انسحب منهم في 1969 جناح ليبرالي صغير أقام حزب الوسط ومؤخرا انسحب منهم على مثل هذه
الخلفية جناح ليبرالي أكبر بقليل، برئاسة عبد المنعم ابو الفتوح. اما المحافظون، وعلى رأيهم المرشد العام محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر، فيسيطرون على التنظيم. اما مرسي فهو دميتهما.
‘يوجد فارق هائل بين اردوغان ومرسي’، واصل ‘ج’ مبتسما. ‘لاردوغان توجد تجربة ادارية جمة، قبل كل شيء كرئيس بلدية ناجح في اسطنبول. وكرئيس وزراء قام باصلاحيات اقتصادية بنيوية وأحدث نموا اقتصاديا غير مسبوق، رفع مستوى المعيشة لكل طبقات الشعب. واسلوبه السلطوي، المس بحرية الصحافة، زج كبار الضباط في السجن، والصراع ضد القضاة، الذين هم في نظره عصابة مليئة بالافكار الغربية المناهضة للاسلام وجد تعبيره لاحقا فقط’.
اما مرسي؟ سألناه، فأجاب ‘ج’ باحتقار: ‘لا له ولا لاي من رجال الاخوان المسلمين تجربة ادارية. فلسنوات وسنوات اشتغلوا في الدعاية، في تجنيد الاعضاء وادارة المشاريع الخيرية. وحتى خيرت الشاطر جمع ماله الكبير من صفقات الوساطة مع دول الخليج. وهل هكذا يعتقدون انهم سيديرون اقتصادا اشكاليا مثل الاقتصاد المصري؟ سرعان ما سيضطرون الى دعوتنا، نحن أصحاب التجربة، لنمسك بالخيوط’.
ولكن قلت لنا بأنكم معنيون بالسيطرة وليس بالحكم، لاحظنا له. فأجاب ‘ج’: ‘صحيح سنسيطر من خلف الكواليس من خلال مواطنين موالين لنا، وربما أيضا ضباط متقاعدين مثلي. لقد تعلمنا درس سنوات 1952 2011. محظور علينا ان نكون في مقدمة المنصة فعندها سنفقد ثقة الشعب، التي اكتسبناها بالدم في 1973. الشعب يعرف ان مصلحة مصر امام عيوننا فقط’.
‘رجل حكيم’، قال صديقي بعد ان ودعنا ‘ج’. في الاشهر التي مرت منذئذ أتعلم كل يوم كم كانت صائبة حكمته. فالاضطرابات في مصر اليوم، والتي تصل الان الى الذروة بقيادة الحركة الجماهيرية ‘تمرد’ تنبع بالفعل من خروقات الشرطة لحقوق المواطن ايضا تلك الشرطة التي بقيت سادية ووحشية مثلما كانت دوما ومن انعدام الاحساس بالامن الشخصي عقب الارتفاع في الجريمة، جراء هرب عشرات الاف السجناء من السجون في شباط/فبراير 2011. لكن أساس قوتها تستمدها حركة المعارضة من الازمة الاقتصادية الاجتماعية، النابعة من الادارة الفاشلة.
أرصدة العملة الصعبة لدى مصر تقترب من الخط الاحمر؛ هكذا ايضا مخزونات الدقيق والوقود. اتفاق المساعدة مع صندوق النقد الدولي يتأخر لان مرسي يتردد في قبول شروط الصندوق، التي أساسها التقليص في الدعم الحكومي. فمرسي يخاف من ‘اضطرابات خبز′ عنيفة على نمط كانون الثاني/يناير 1977.
وقد تدهور الوضع أكثر فأكثر عقب خطوات فظة أخذها مرسي: تقديم صحافيين انتقدوا الاسلام (وان كان بشكل مبطن) الى المحاكمة، تعيين مكثف لمفتشين من الاخوان المسلمين في جهاز التعليم، اعادة الرقابة على كتب التعليم، مشروع قانون لتخفيض سن التقاعد للقضاة، الذي يعني احالة 3 الاف قاضٍ على المعاش وتعيين اعضاء الاخوان المسلمين بدلا منهم (حتى ناصر، عندما طهر الجهاز القضائي لم يقل سوى 600 قاضٍ)، والخطوة الاكثر اثارة: في الايام التي تعاني منها مصر من انهيار فرع السياحة، تعيين أحد قادة الجماعة الاسلامية محافظا للاقصر. وكانت الجماعة الاسلامية المنظمة التي وقفت خلف مذبحة 58 سائحا هناك في تشرين الثاني/نوفمبر1997.
يوم الاحد الماضي القى وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي خطابا في ندوة للضابطية العليا. في هذا الخطاب البطيء والمحسوب دعا السياسيين (اي مرسي أساسا) الى الصحوة والى أن يحل في غضون اسبوع الخلافات بين الحكومة وحركة تمرد التي أعلنت عن المظاهرات في 30 حزيران/يونيو، الذكرى السنوية لصعود مرسي الى الحكم. شعار المظاهرات هو ‘ارحل’، ذات الشعار الذي رفعته الجماهير في مظاهرات 2011 ضد حسني مبارك. واذا لم يتم تنسيق البث، كما حذر السيسي، فانه سيتعين على الجيش التدخل لحماية مصالح الامة.
سألت صديقي الاوروبي، في مكالمة هاتفية ماذا يعتقد انه سيحصل. ‘الله اعلم’، أجاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الجيش المصري قادر على احداث تحسن في الوضع الاقتصادي
بقلم: العميد احتياط د. داني آشر مؤرخ مختص في تاريخ الجيوش العربية،عن معاريف
الدراما الجارية هذه الايام في مصر تتيح لنا أن ننظر الى ظاهرة مشوقة: توجد قيادة عسكرية يمكنها أن تطيح بالحكم المدني، وامكانية الحلول محله ليس في بالها. ان الوقفة الصلبة للجنرالات المصريين خلف الشعب هي وقفة اصيلة، فهم يفهمون ان الازمنة تغيرت وان الانقلابات العسكرية لم تعد السبيل المفضل لتغيير الحكم. وقادة الجيش واعون لمشاعر الشارع المصري، التي تجد تعبيرها في الميادين وفي الشبكات الاجتماعية. وهم سيغيرون ولاءهم وسيقفون خلف كل منظومة بديلة تلبي ارادة الجماهير، شريطة أن تؤدي بسرعة الى استقرار أمني واقتصادي ووقف الفوضى.
وعلم أمس مرة اخرى بموافقة اسرائيلية على دخول قوات عسكرية مصرية الى شرق سيناء ومنطقة الحدود مع قطاع غزة، بسبب حساسية الوضع في الدولة. وبالتوازي يبدو ملموسا في قلب المصريين الحضور الظاهر للجيش على الارض وفي الجو، والى جانب الجهود للمساعدة في استقرار الامن الداخلي وحماية المواطنين في الشارع، يعمل الجيش على تغيير النظام، وقائده الجنرال السيسي طرح انذارا وطلب من رئيس مصر القانوني محمد مرسي، الاستقالة.
يتبين مرة اخرى ان أداة التغيير الاساسية في مصر، وكذا أداة استقرار الوضع، هي التنظيم العسكري. فالتاريخ المصري في الزمن المعاصر مليء بالاحداث التي كان فيها الجيش هو الجهة المركزية للتغيير، وفي معظمها كانت موجهة للحكم القائم. ففي العام 1948، فضل قادة الجيش المصري عدم المشاركة في اجتياح الجيوش العربية لاراضي اسرائيل. ولكن في ذاك الوقت لم يواجهوا بتصميم ضغوط الملك فاروق، الذي أمر بالمشاركة في الجهد العربي العام حفاظا على مكانة مصر في رأس الهيمنة للدول العربية. وكانت المشاركة في الاجتياح، والاخفاقات وقضايا الفساد التي رافقتها، أدت في 1952 بثورة ‘الضباط الاحرار’ الى الاطاحة بالنظام الملكي. وأدى صعود جمال عبد الناصر الى الحكم بمصر الى القمة من حيث صورتها والى سنوات عديدة من الاستقرار النسبي، الذي استمر حتى بعد وفاته، حين وقف على رأسها الرئيسان السادات ومبارك، اللذان كانا ايضا من خريجي المنظومة العسكرية.
وقد جاء صعود الاخوان المسلمين الى الحكم في 2011 من دون معارضة الجيش، الذي أحس قادته بمشاعر الشعب. كما أن اقالة الموالين للحكم السابق تركت الجيش تحت قيادة ضباط واعين يفهمون مكانه الخاص في المنظومة المصرية المعقدة التي مشكلتها المركزية هي الاقتصاد. فالى جانب توفير الامن في الخارج والداخل، فان الجيش هو التنظيم المؤسساتي الاكثر استقرارا وكفاءة في مصر. وهو الوحيد القادر على أن يبطئ، بل وربما يمنع التدهور الاقتصادي الذي يعزى لنظام مرسي.
ومع أن الجنرالات المصريين لا يسارعون للدخول الى السياسة، الا انهم كفيلون بان يمسكوا بلجام الحكم، او على الاقل يقفوا خلف زعمائه الجدد، اذا ما وعندما يتغير النظام الحالي. فالجيش المصري هو الوحيد القادر على احداث تحسن في الوضع الاقتصادي. وفي الطريق الى هذا الهدف من واجب محافل الجيش ان تضمن الابحار الدولي في قناة السويس (التي هي من مصادر الدخل الاساس للمالية المصرية). واستقرار الوضع الامني ورفع اعداد السياح (الذين هم أيضا مصادر دخل حيوية)؛ وضمان استمرار المساعدات الامنية ـ الاقتصادية من الولايات المتحدة؛ ونقل واحيانا حتى انتاج توريد منتظم للمنتجات الاساسية لسد جوع ملايين المصريين.
وبالتوازي مع العمل في قلب مصر يعمل الجيش المصري ايضا على ضمان جناحه الشرقي. فالمصلحة المشتركة مع اسرائيل تسمح بدخول قواته المعززة الى المناطق الشرقية من شبه جزيرة سيناء والى الحدود المصرية مع قطاع غزة. وهنا ستعمل هذه الوحدات على قمع محاولات منظمات متطرفة رفع الرأس واستغلال الاضطرابات وضعف الحكم في صالح اعمال ارهابية، بما في ذلك الاعمال التي تدعمها حماس من غزة ومنظمات اسلامية اخرى تعمل داخل سيناء.


رد مع اقتباس