اقلام واراء حماس 438
5/10/2013
حرية البول صنو حرية القول
فلسطين الآن ،،فلسطين أون لاين ،، يوسف رزقة
|
بين ما تستطيعون وما لا تستطيعون أيها الانقلابيون
فلسطين الآن ،،، صلاح سلطان
|
6 أكتوبر.. الكلمة للشعب أم للانقلاب؟!
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، محمد القيق
|
بانتظار ثورة المشاهدين العرب 2-2
فلسطين أون لاين ،،، حسام شاكر
|
درس الانسحاب من غزة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. محمد إبراهيم المدهون
|
تحية للعملاق يوسف القرضاوي!
فلسطين الآن ،،، حلمي الأسمر
|
|
حرية البول صنو حرية القول
فلسطين الآن ،،فلسطين أون لاين ،، يوسف رزقة
لست أدري ما الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها الإعلام الفلولي المصري على الجبهة الفلسطينية ضد غزة وضد حماس؟! ولست مطمئناً أنه ثمة استراتيجية مصرية جيدة وواضحة أمام الإعلام والكتاب المصريين الذين ما فتئوا يهاجمون غزة وحماس وكل فلسطيني حيثما كان ؟!
الكثير من الهجمات الإعلامية التحريضية تنطلق من أفراد مسكونين بكراهية فلسطين ، وبكراهية الإسلام ، وبكراهية المقاومة الفلسطينية. هذه الطائفة الفاسدة محدودة العدد، ولكنها عالية الصوت، وتملك أدوات التضليل الكافية. أفراد هذه الطائفة تقاتل نيابة عن إسرائيل والصهيونية، وتتلقى دعماً مالياً من خارج مصر، وهي تمثل خط الهجوم الأول لإسرائيل ، وتحظى برعايتها وحمايتها من الانقلاب .
بعض هذه الأصوات تدعو الجيش المصري للقيام بأعمال عسكرية ضد غزة؟! وكأن غزة باتت عدواً، وباتت إسرائيل جاراً وصديقاً؟! وأصوات أخرى تدعو إلى قطع الكهرباء عن غزة؟! هؤلاء لو سألتهم عن حجم الكهرباء التي تصدرها مصر لغزة لما حرروا جواباً لجهلهم أو لهزيل قضيتهم التي يتحدثون عنها؟
! غزة تستهلك ٣٢٠ ميجاوت تقريباً ، وما تورده مصر لغزة لا يزيد عن (٢١) ميجاوت؟! أي أن هؤلاء يتحدثون بلا علم ، أو يتحدثون للتضليل، ويمارسون البلطجة ضد غزة كما يمارسونها ضد المصريين أنفسهم.
جامعة الأزهر بمصر بها عشرات الألوف من الطلبة المصريين ومن الوافدين من عشرات الدول في العالم ، ولا يتجاوز عدد الفلسطينيين فيهم نسبة ١٪ ويزعم إعلام الفلول أن الفلسطينيين هم الذين يتظاهرون ، وينقل عن شيخ الأزهر أنه قرر مراجعة ملفات الطلبة الفلسطينيين ؟! مع العلم أن الطالب الفلسطيني هو الوحيد الذي يشترط في قبوله في الجامعات المصرية الحصول على موافقة أمن الدولة، وهذا إجراء أقره مبارك في السنة الأولى من حكمه ، ومازال الإجراء نافذاً حتى الآن ؟! ومع ذلك يحرض الإعلام الفاسد على الطالب الفلسطيني؟!
الإعلام الفاسد يدعو إلى إغلاق معبر رفح ؟! وهو يعلم علم اليقين أن معبر رفح مفتوح شكلاً ومغلق عملاً. من يدخلون من معبر رفح يوم فتحه ( لأربع ساعات فقط) يتراوح عددهم بين ( ١٥٠-٣٠٠) مسافر ، بينما كان يمر به قبل ٣/٧/٢٠١٣ (١٢٠٠- ١٥٠٠( مسافر. و مع ذلك يطالب هؤلاء الفسدة بإغلاقه ؟!
لقد بلغ مستوى الكراهية التي تبثها حفنة قليلة العدد من الإعلاميين والكتاب مستوى غير محتمل، حتى أنه أثر تأثيراً سلبياً على المعاملات والإجراءات في المعبر وفي المطارات، وصارت رحلة السفر من خلال هذا المعبر عبارة عن رحلة إذلال وقهر ، رحلة الإذلال لم يسلم منها حتى المسافرون للحج. يكفيك أن تعلم أن حاج غزة يركب الحافلة من ٥.٣٠ صباحاً و يظل بها حتى العاشرة مساء، دون أن يحصل على حقه في التبول؟! والمدة الطبيعية لقطع المسافة من معبر رفح حتى مطار القاهرة هي (٦ ساعات) فقط. وهذا يذكرني بما كتبه عبدالله الإيرياني القائد اليمني الذي كتب على حائط زنزانته حين احتجزه عبد الناصر كنا نطالب بحرية القول ، والآن نطالب بحرية البول؟.
بعض القصص في المعبر تحكي ما لا يصدقه العقل، كولادة امرأة في كافتيريا المعبر؟! أو إرجاع مريض بالسرطان بدون مبرر للإرجاع ، ناهيك عن الشتائم والسباب، أما مشكلة توقف شبكة الكمبيوتر فحدث عنها ولا حرج ، فهي الوسيلة التقنية المستحدثة لإرجاع المسافرين ، والمسئول هو الكمبيوتر، حتى قيل في الإعلام إن تركيا تقترح القيام بصيانة شبكة المعبر لتسهيل سفر الفلسطيني.
في غزة المحاصرة لا مشكلة مع الشبكة ، وفي مصر أم الدنيا معاناة مزمنة مع الشبكة المحترمة التي تعمل بوقود من السياسة والكراهية؟!
تحية للعملاق يوسف القرضاوي!
فلسطين الآن ،،، حلمي الأسمر
يوسف القرضاوي شيخي وشيخ ملايين المسلمين حول العالم، واعتز به وأشعر أن كل من يتطاول عليه يمسني شخصيا، وما يصدر عنه من آراء وفتاوى معتبرة لدي، ، وله مصداقية يحترمها الملايين، أما آراؤه السياسية فهي تنبع من رؤية شرعية معتبرة، ولا يلقي كلامه مرسلا بلا دليل، من الممكن أن تختلف معها، لكن هذا لا يغير من قيمته ومكانته العلمية شيئا..
أشعر بأسى عميق وأنا أرى الإعلام وقد امتلأ بشتائم واتهامات لهذا الشيخ الجليل لأنه صدع بكلمة الحق، أو لنقل ما يعتقد أنه الحق، وهذا حقه وليس لأحد أن يسلبه هذا الحق، وله أن يقارعه الحجة بالحجة لا أن يلجأ لشتمه أو رميه بالخيانة، أو صرف ادعاءات غريبة منسلخة عن العقل والمنطق، كقول الممثل حسن يوسف مثلا إنه مستلب ومخترق من قبل اليهود الذين وضعوا له شريحة في مخه!
من يهاجم الشيخ القرضاوي، فئات موتورة بلا استثناء، منهم من لا يؤمن أصلا بالإسلام فهو مارق منه، وقد وجد في «مهرجان» الاجتراء على عالم فاضل وكبير كالقرضاوي فرصة سانحة لتفريغ أحقاده السوداء على هذا الدين وأهله، فوقف يكيل له الشتائم الوضيعة التي تكشف وضاعته وسفالته وحقده على هذا الدين، ومنهم طائفيون متطرفون يرون في أهل السنة فئة من الكفار الضالين، ووجدوا في تصريحات القرضاوي وتحذيره من حملات التشييع في أوساط السنة مناسبة جيدة للانتقام منه وتصفية حسابات قديمة معه، مع أنه لا يكفر الشيعة ويتخذ موقفا معتدلا منهم ومن اشد دعاة التقريب او التفاهم بين المذاهب، وقد اغلظ الشيعة في قولهم ضد الشيخ الجليل، وكشفوا عن طوية سوداء حاقدة على أهل السنة.
ثالث فئات من يهاجم الشيخ هم من «سقط» القوم الباحثين عن الفجور والانسلاخ من أي خلق أو دين، وهؤلاء تفننوا في السخرية منه وشتمه، وبصراحة هؤلاء لا يعتد بهم ناهيك عن رأيهم!
أما آخر الفئات التي تطاولت على الشيخ، فعصابات من الساسة والصحفيين وأشباه الكتاب، ممن باعوا ضمائرهم ورهنوا أقلامهم لخدمة «من يدفع» رغبا أو رهبا، وهؤلاء لا يهمهم من يهاجمون لأنهم كالقتلة المأجورين تماما!
سيبقى الشيخ يوسف عملاقا وكبيرا ورمزا من رموز العلم والاجتهاد المعاصر، مهما تطاول عليه الصغار.
بين ما تستطيعون وما لا تستطيعون أيها الانقلابيون
فلسطين الآن ،،، صلاح سلطان
ما كل ما يتمناه الإنسان يدركه، فهناك القليل الذي يستطيعه الطغاة، والكثير الغفير مما لا يستطيعونه؛ لأنه ببساطة بيد الله الواحد القهار، ومن ذلك ما يلي:
1. استطاع السيسي أن يقول بلسان الحال: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) (النازعات: من الآية24)، فخطف رئيسا، وعين آخر، وأوقف الدستور، وأعلن الطوارئ، واختار الوزراء، وأغلق القنوات، وأطلق جنوده لقتل الأبرياء، ويستطيع أن يفتخر بأن سفيهات مصر يقلن له: اغمز بعينك نكن عندك سبايا، وآخرين يقولون لك: تسلم الأيادي، وكمِّل جميلك، لكنك قطعا لن تستطيع قوله تعالى: (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى) ((النازعات:25)، وقوله تعالى: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (الأعراف:183)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُملي للظَّالمِ، فإذا أخذه لم يُفلِتْه، ثمَّ قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (11 / هود / 102).
2. استطاع محمد إبراهيم وبعض كتائب الجيش والشرطة والمخابرات وأمن الدولة غزو البر اقتحاما في رابعة والنهضة وسيناء ودلجا وكرداسة و.... وغزو الجو قصفا في رابعة وسيناء، وإرهابا في دلجا وكرداسة، وغزو البحر خطفا للصيادين المحاصرين الغلابة في غزة لكنهم جميعا لا يستطيعون قوله تعالى: (قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (آل عمران: من الآية168)، وقوله تعالى: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) (آل عمران: من الآية154).
3. تستطيعون قتل المعتصمين والمتظاهرين لكن كسر إرادة الشعب المصري مستحيل، ولن تمنعوهم يوم القيامة أن يأخذ كل قتيل بتلابيبكم يوم القيامة ويقول: يا رب سل هذا فيم قتلني، لما أورده ابن حجر بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عمن قتل مؤمنا متعمدا، فقال: (جزاؤه جهنم خالدا فيها، وغضب الله عليه ولعنه) قال: أرأيت إن تاب وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال: وأنى له الهدى وقد سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: ثكلته أمه قاتل مؤمنٍ متعمدا، يجيء المقتول يوم القيامة وأوداجه تشخب دما آخذا رأسه بيده وصاحبه باليد الأخرى يقول: يا رب سل عبدك هذا فيم قتلني؟
4. تستطيعون حرق جثث الأبرياء بعد قتلهم، لكنكم لن تستطيعوا توقي حريق جهنم يوم يقال لكم: "وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ" (الحج: من الآية 22).
5. تستطيعون جرح الآلاف لكن لا تستطيعون: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء:80)، ولن تستطيعوا أن تمنعوا أن تكون دماؤهم لعنة عليكم في الدنيا والآخرة.
6. تستطيعون إخفاء الجريمة وكل أسبابها حتى لا يصل إليها الجن الأزرق، ولا العفاريت السوداء، لكنكم لن تستطيعوا أن تتحدُّوا قدر الله حيث قال سبحانه: (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة:72).
درس الانسحاب من غزة
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. محمد إبراهيم المدهون
ثماني سنوات مضت على انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة من جانب واحد تحت مسمى خطة الانفصال، والذي تم في سبتمبر 2005م. ومثَل مشهد تخريب المستوطنات وتفكيكها وهذا الانكفاء والانسحاب المُذل تجسيداً لقوله تعالى: "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ" [الحشر: 2].
لم يكن هذا الانسحاب الأحادي الجانب مكرمة احتلالية لقطاع غزة, شكَل العمل الفدائي المقاوم والمتطور دليلاً على فشل ذريع لإستراتيجية الاحتلال في مواجهة حماس وحلفائها في أذرع المقاومة، وتحول التفوق النوعي العسكري الصهيوني إلى "قوة محايدة" وأخلّت المقاومة ببنية الردع العسكري وأحبطت نظرية الأمن الصهيوني وتم إحلال مفهوم "المجتمع المذعور" داخل تجمعات الاستيطان في قطاع غزة.
ولقد مثلت المقاومة في غزة حينها نموذجاً لروح التضحية والفداء العالية والتي أثمرت بلغة الأرقام -وفق الإحصاءات الإسرائيلية- مقتل (1135) إسرائيلياً بينهم (112) جنديا في الفترة من 2000-2005م، وأصيب العشرات بجراح، وكان العام 2004م الذي سبق الانسحاب الأكثر فداحةً حيث قتل (140) إسرائيليا ووقعت خلال تلك الفترة (12) عملية فدائية كبرى قتل فيها (59) إسرائيلياً.
حينها اعترف قادة الاحتلال بالمقاومة الفدائية فقال (موفاز) "إن العمليات المسلحة التي عرفها الجيش الإٍسرائيلي في قطاع غزة لا تشبه أي حرب خاضتها إسرائيل قبل ذلك"، وقال (باراك) "إن الفلسطينيين أضحوا مثل الوسادة كلما وجهت لهم لكمة كلما ارتدوا بقوة"، وقال (روتشيليد) "إن الحديث عن تقليص قدرات حماس هو أمر ليس فقط مبالغ فيه بل ومحض خيال"، وقال (هابر) "لا يوجد مطلقاً حل عسكري للعمليات المسلحة من قطاع غزة".
بعد الانسحاب تواترت اعترافات القادة الإسرائيليين العسكريين والمفكرين بأن الانسحاب مثل تراجعاً واضحاً للمشروع الصهيوني وانتصاراً لخيار حماس الذي تجند حوله الشعب الفلسطيني فقال نتنياهو: "فك الارتباط يمثل انتصاراً هاماً لحماس وفكرها الذي لم يكن له مثيل في مواجهات دولة إسرائيل"، وقال يعالون: "سنجد أنفسنا نواجه (مملكة إرهاب)"، وقال ديختر: "لقد حقق الفلسطينيون إنجازاً كبيراً بإخلاء قطاع غزة وبدون مقابل سياسي"، وقال غازيت: "على إسرائيل أن تتعلم الدرس من اضطرارها لفك الارتباط عن غزة وهو أنه عاجلاً أم آجلاً ستكون مضطرة للجلاء عن كافة الأراضي المحتلة"، وقال لاندو: "إن الانسحاب من غزة في ظل استمرار العمليات المسلحة يدل على انتصار حماس وهزيمة تاريخية لإسرائيل"، وقال زعيم المستوطنين هندل: "قالوا لنا دائماً دعوا الجيش ينتصر لكن حماس هي التي انتصرت"، بينما عقب الجنرال عميدرور: "إن قوة الردع الإسرائيلية في مواجهة حماس أصابها عطب بعد تنفيذ الانسحاب من غزة".
وبعد الانسحاب التاريخي من قطاع غزة ارتفعت أصوات صهيونية عسكرية تحذر من تزايد المخاطر الأمنية على الحدود خلف "خط الهدنة"، وجاءت التهديدات من عدة مصادر عسكرية وأمنية، فقد أكد مراقبون إسرائيليون أن المستوطنات الواقعة داخل الأراضي المحتلة عام 1948، أصبحت مكشوفة أمام الصواريخ المحلية الصنع. وبناءً على ذلك زودت الأجهزة الأمنية آلاف منازل المستوطنين بوسائل حماية، إضافة إلى وضع ملاجئ بمواصلات خاصة، مما دعا وزارة الدفاع لأن تقرر رصد مبلغ خمسين مليون دولار لحماية وتحصين المستوطنات المحيطة بقطاع غزة من الصواريخ، ومن الأنفاق المفخخة.
كما أقام الجيش خط تحسين مطور، يسمى "هوبرس ب"، وهو نوع من "الحزام الأمني" بمدى يتراوح بين ثمانين مترا ومائتي متر عن جدار الفصل الحالي، وفي هذه المنطقة يعمل الأمن الإسرائيلي لمنع وصول تقنية الصواريخ إلى الضفة الغربية الملاصقة للمدن الإسرائيلية الكبرى، لما يشكله ذلك من تهديد إستراتيجي حقيقي للأمن. وعلى هذا الصعيد أجرت الشرطة الإسرائيلية بالتعاون مع الجيش وهيئة الإسعاف والإطفاء تدريباً عسكرياً مشتركاً لمحاكاة احتمال قيام حماس في الضفة، بإطلاق صواريخ ضد أهداف إسرائيلية.
من جهته اختار جهاز الأمن العام "الشاباك" أن يكشفعن استغلال حركة حماس في قطاع غزة لأعوام ما بعد الانسحاب لنقل المزيد من الخبرات العسكرية، وتنفيذ عدد من العمليات على شكل إطلاق النار ضد سيارات المستوطنين، وزرع عبوات ناسفة باتجاه حافلات إسرائيلية، والتخطيط لخطف الجنود وأسلحتهم، وجمع معلومات حول أماكن استجمام بغرض تنفيذ عمليات، واستخدام أنماط جديدة من العبوات الجانبية، واتباع آليات جديدة لصنع وتدفق السلاح، وتوفير عدد لا بأس به من خطوط توريد السلاح إلى قطاع غزة، وتطوير التصنيع المتعدد الأوجه، وتعليم وتدريب المقاتلين على استخدام السلاح وكيفية الحفاظ عليه وتخزينه، وزيادة التجارب حتى تصل إلى الدرجة المطلوبة من السلاح والعبوات والقذائف والصواريخ، وتطوير مدى صواريخ القسام، وزيادة وتنويع المخزون الإستراتيجي من الذخيرة بكافة أنواعها، بالإضافة إلى تبادل الأفكار في تصنيع الأسلحة بين الفصائل حتى غدا القسام أقرب إلى الجيش النظامي المدرب والمنظم والقوي.
وبعد الانسحاب تركزت مصادر معلومات أجهزة المخابرات الإسرائيلية على العملاء في قطاع غزة الذين تتم ملاحقتهم بشكل منتظم وفاعل من قبل وزارة الداخلية، ووسائل التكنولوجيا الحديثة وخاصة الاتصالات. علاوة على ذلك, فإن طبيعة الميدان العسكري في القطاع اختلف بصورة كبيرة عما كان الوضع عليه قبل عام 2005م، والجيش الإسرائيلي يعمل بخطة "متعددة الطبقات"، تتكون من "الدفاع والهجوم والاستخبارات"، ولديها أجنحة معروفة وأخرى سرية، وقام الجيش بتوحيد كل وسائله الاستخبارية، والاعتراض، وإطلاق النار، والاكتشاف والإصابة، والسيطرة في قبضة واحدة، ووضع محطات إنذار مبكر للصواريخ المنطلقة من غزة باتجاه الأراضي المحتلة وقبة حديدية، مع إبقاء قطاع غزة تحت المراقبة الدائمة من قبل الطائرات الاستطلاعية، ولذلك وقع الكيان الصهيوني اتفاقية لشراء كمية من هذه الطائرات بصفقة قدرت قيمتها بخمسين مليون دولار، ونشر العديد من الوحدات والكتائب العسكرية على طول الحدود الشرقية، واستخدام الطائرات المقاتلة من طراز إف16 بصورة مكثفة، وقيام الجيش بنشر وحدات عسكرية من سلاح المدفعية في محيط القطاع، وتنفيذ عمليات اجتياح محدودة، ولم يستبعد نائب رئيس هيئة الأركان السابق الجنرال "موشيه كابلينسكي" وآخرون شن عمليات برية في قطاع غزة، مع استمرار الأجهزة الأمنية لسياسة الاغتيال والتصفية المباشرة.
مثَل الانسحاب من قطاع غزة بارقة أمل فلسطيني بإمكانية الانسحاب الصهيوني من أراضٍ فلسطينية إضافية، كما مثّل هذا الانسحاب امتداداً للانسحاب الصهيوني من جنوب لبنان في مايو/أيار2000م والذي أضاء حينها طريقا جديدا للفلسطينيين في ظل فشل كامب ديفيد وانكفاء خيار المفاوضات وسقوط أوسلو وحصار عرفات بانطلاق انتفاضة الأقصى، كما رسخ الانسحاب منهجاً فلسطينياً جديداً فعالاً ومجدياً وهو المقاومة بكافة أشكالها وعلى رأسها العمل العسكري، وأثبت هذا الاندحار الصهيوني عن توفر خيارات أمام الشعب الفلسطيني يمكن الاتكاء عليها ومنحها فرصة إضافية لتحرير أجزاء إضافية من أرض فلسطين.
كما منح هذا الانسحاب ولأول مرة أرضاً فلسطينية خالصة للشعب الفلسطيني يمكن أن يطلق من خلالها مشروعه الذي يريد بعيداً عن غول الاستيطان وسيطرة الجيش الصهيوني والالتزامات بالتفاهمات والاتفاقات الموقعة.
وقد مثَل الانسحاب من قطاع غزة بوابة لحركة حماس كحركة مقاومة للدخول في انتخابات عام 2006م، وما مثلته الانتخابات ونتائجها بعد ذلك من علامة فارقة في التاريخ الفلسطيني المعاصر، وتحول جدي على مستوى التاريخ من نجاح إلى آخر.
وكان الانسحاب الإسرائيلي انتصاراً لخط حماس والمقاومة بشكل فائق وبدون تقديم أثمان سياسية مقابل هذه الانسحابات، وفي منطق الأشياء لاحقاً ما كانت حماس ستستمر في الحكم بعد فوزها في الانتخابات لو لم يكن الانسحاب من غزة الذي مثل حاضنة حماس ومشروعها ولتحقق الانقلاب على نتائج الانتخابات في العام 2007م في غزة كما تحقق في الضفة الغربية نتيجة سطوة الاحتلال وحضور واستقواء أطراف الانقلاب به، وقد مثل الإنسحاب وما تبعه من تثبيت نموذج غزة المحررة المنتصرة تحقيق انتصارات تاريخية تُحسب لغزة ومقاومتها سواء ما حدث من انتصار على الحصار وثبات أسطوري في ملحمة الفرقان الخالدة، وما كان من انجاز استراتيجي في ملحمة وفاء الأحرار، والإفراج عن آلاف الأسرى في صفقة شاليط واختطافه في غزة لمدة تزيد عن 5 سنوات ونصف، وما كان كذلك في حجارة السجيل حيث تضرب غزة تل أبيب وتُذل الكيان الصهيوني.
وكان من الممكن أن يمثل الانسحاب من قطاع غزة تحولاً فلسطينياً داخلياً عن النظرة الفلسطينية الضيقة إلى صياغة رؤية فلسطينية موحدة على أساس من إجماع وطني بعد توفر قطعة أرض فلسطينية محررة يمكن الانطلاق منها برؤية وطنية جامعة وشاملة، ولكن للأسف الشديد تكرس الانقسام الفلسطيني، وربما هذه لتباين فلسفة التحرير ومناهج العمل بين فصائل العمل الوطني الفلسطيني.
ورغم ذلك بعد الانسحاب ما زالت غزة بمساحتها الضيقة رغم الحرب والحصار والمقاطعة تمثل مشروع نواة الدولة المستقلة حقاً والتي ينبغي أن تتزايد وتنمو من أجل تثبت مشروع التحرير الذي تسنده نواة الدولة الفلسطينية المفروضة رغماً عن الاحتلال وبرامجه، وعلى الجانب الآخر يمثل ذلك حالة تحد فلسطيني ذاتي في النجاح في تقديم نموذج مشروع دولة ناجحة قادرة على الصمود والثبات والنجاح، وفي نفس الوقت قادرة على إرهاق المحتل من أجل زيادة الرقعة الجغرافية لهذه الدولة التي تولد في عملية قيصرية تحت عين الاحتلال وسمعه, تماماً كما نشأ موسى عليه السلام في بيت فرعون ومن ثم كان غرق فرعون وجنوده على يد موسى والمستضعفين معه.
قال تعالى: "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ" [القصص: 5-9].
6 أكتوبر.. الكلمة للشعب أم للانقلاب؟!
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، محمد القيق
تحت عباءة انتصار أكتوبر يحاول قادة الانقلاب على رأسهم السيسي أن يعودوا للشارع المصري بثوب وطني وإبراز أنفسهم على أنهم محررو الوطن من الاعتداء في الخارج والمنتخبين ديمقراطيا من الداخل، وهناك فارقة كبيرة تنتظر المصريين في أيام النصر التي سيكون فيها للشعب كلمة تختلف عنها في المناسبة ذاتها خلال السنوات الماضية، كما أن الانقلاب يحاول سرقة بطولات الجيش السابقة في هذا الانتصار لتعزيز وجوده وإحباط الشعب بحجة الأمن والهوية.
هي فرصة يحاول الطرفان أن يقتنصاها لصالحهما كي يعدل ميزان الحالة الراهنة في مصر؛ فالسيسي يطل على الشعب بكلمات معسولة محاولا مسح ذاكرة المقهورين في رابعة والنهضة والحرس الجمهوري وغيرها من المجازر ليبقي على بعض السيادة له داخل الجيش، وللمتابع جيدا لكلمات الانقلابي تجد أنه يحاول أخذ فرصة أخرى ممن حوله في القيادة العسكرية ويبدو من كلماته أنه مقبل على مجازر جديدة؛ هذه المرة يأخذ التفويض فيها من حجم المناسبة وحسب، غير أن مجريات الأحداث وإن صح التوقع بأن المناسبة هي الفرصة الأخيرة للسيسي فإن ذلك يعكس نفسه على الشعب والجماهير الغاضبة فماذا سيكون دورها حتى لا يستغل الانقلابيون المناسبة؟
من الواضح أن دخول ميدان التحرير مرة أخرى بعد الانقلاب من أحرار الشعب المصري يجعل المعنويات العامة ترتفع كثيرا ما يفتح المجال أمام خيارات جديدة وكبيرة وأشمل مما مضى، ولذلك فإن عنوان 6 أكتوبر من سيكون الرابح الوحيد وليس الأكثر لأن الفرصة الأخيرة هي في كسر شوكة الانقلابيين الذين يحاولون تقمص دور أبطال أكتوبر ليعززوا لغة الدم والإقصاء.
وعلى وقع الحيوية الجديدة للمسيرات وبالارتباط مع الماضي الأسود للانقلاب وما سيقوم به السيسي في فرصته الأخيرة لإقناع المتململين حوله بأنه سيطر على الأمور من خلال الدماء والعنف وعلى وقع حالة الفشل السياسي والإداري والمالي والعسكري لقيادة الانقلاب ستكون للشعب كلمة يفصل فيها حقبة من التاريخ ويسجل الخاتمة لمعاناة آلاف من أهالي الشهداء والجرحى والمصابين وملايين من الذين اغتصبت إرادتهم.
ولذلك فإن من الواجب أن تكون كلمة الجماهير وصوتهم الأعلى في ذكرى الانتصار وأن تقطع الطريق على السيسي من القيام بمسرحية وتمثيلية جديدة، وأن يفصل في عقول المواطنين بين انتصار الجيش العظيم وبين الانقلابيين حتى تنطلق عجلة التغيير لصالح الشرعية، وهذا يتطلب المسيرات الضخمة المتجهة إلى وسط العاصمة والاستمرار في الحشد والرفض للانقلاب وتوسيع دائرة المشاركة من خلال وسائل قائمة وأخرى مستحدثة حتى لا تبقى فرصة للانقلاب ويكون أكتوبر يحمل نصرين؛ نصر على الصهاينة وآخر على المتصهينين.
وللناظر جيدا إلى تسلسل الأحداث في مصر يجد أن كفة انتصار الشعب ترجح يوما بعد يوم وأن الانحدار على كل السبل لدى الانقلاب هو سيد الموقف ولذلك دخل الشعب والانقلاب مرحلة هي الأخطر والأخيرة وهي عض الأصابع والذي يصمد أكثر، وهذا يترجم في ذكرى الانتصار لمن ستكون الكلمة وفي الاعتقاد أنها للشعب لأن الظلم ليس إلا ساعة وأن الحق حتى قيام الساعة، فلعلنا نهنئ الشعب المصري قريبا بنجاح الثورة وصفع الانقلاب.
بانتظار ثورة المشاهدين العرب 2-2
فلسطين أون لاين ،،، حسام شاكر
لم يتنبّه المشاهدون العرب حتى الآن إلى مسؤولياتهم في عملية الإصلاح الإعلاميّ. وقد بات عليهم اليوم أن يشقّوا طريقهم، بأيديهم وبأظفارهم، لأنّ الاختلال الكبير في واقعهم الإعلاميّ لم يجد من يكترث به أو حتى من يلتفتُ إليه من موجِّهي السياسات والأطرافِ المجتمعيّة.
لا خيار للعرب -مشاهدين ومستمعين ومتلقِّين- سوى استجماع قدراتهم الذاتيّة لانتزاع صلاحيّاتهم المشروعة في التقويم والاعتراض والضغط. وبالقعود عن هذا الدوْر لن تتحقّق مشاركة حقيقية للجماهير العربية في تشكيل واقعها إنْ على الصعيد الإعلاميّ أو على المستويات المجتمعيّة والشعبيّة بعامّة.
لعلّ المعضلة الأولى والأهمّ هي توليد الوعي بالحاجة إلى المشاركة الإعلامية الفاعلة، وإدراك أهمية سدّ هذه الثغرة الكبرى في البيئة الإعلاميّة العربيّة، وإبصار المخزون الكامن لدى جماهير الأمّة في الحراك التواصليّ المعبِّر عن رجع الصّدى إزاء التدفّقات.
ليس المشاهدون العرب قاصرين في إمكاناتهم في زمن التشبيك المجتمعي وانتفاض الإرادات، فقدراتهم التفاعليّة الهائلة غير موظّفة بعدُ في هذا المجال. وقد يعدِّل هذا المتغيِّر المُرتقب "قواعد اللّعبة" ضمن معادلة البثّ والتلقِّي في الفضاءات العربيّة التي تستشرف مرحلة جديدة على الأرجح بعد أن تمادت بعض النُّظم في ممارسات القرصنة والتشويش.
إنّ إنضاج المشاركة الإعلامية مسؤوليّةٌ ملقاة على كاهل الشعوب والمجتمعات، وينبغي لها أيضاً أن تشغل المجتمع الأهليّ بتشكيلاته ومبادراته، وتستحثّ المجتمعَ العلميّ بتقديراته وآرائه، وتيقّظ النُّخَب وفئات الصّفوة المنصرفة عن مسؤولياتها. ولا غنى عن نهوض أطر تخصّصية مستقلّة، تتولّى التعبير عن مصالح الجمهور، بمعزل عن السلطات وأذرعها، وباستقلاليّة عن مراكز القوى والنفوذ.
ذلك أنّ الجمهور المتنازل عن حقّ التصرّف إزاء ما يَسمع ويشاهد إنّما يحرِّر عمليّاً شهادة عجزه عن صياغة حاضره وتشكيل مستقبله. ويعني ذلك أيضاً أنّ التكتّل خيار لا غنى للمشاهدين عنه، فلا فرصة لهم في تسجيل حضورهم وضمان تأثيرهم في البيئة الإعلاميّة العربيّة طالما ظلّوا أفراداً متفرِّقين، يتعامل معهم الفاعلون الإعلاميّون بمنطق الكمّ العددي المُبعثر لمعدّلات المشاهَدَة. ثمّ إنّ الإرادة المكبّلة إزاء تجاوزات إعلامية متفاقمة تغْري بمزيد من التمادي في المسالك الخاطئة، وليست قصّة الإقالة الصارخة سوى إشارة تنبيه إلى حالة الانحدار.
الإقالة الصارخة وتساؤلاتها
لم يتحرّج أحدهم في تحرير إقالة صارخة بحقّ مدير قناة فضائية يملكها، عقاباً على آراء غير مرغوبة. هي خطوة عبّرت عن درجة "الاحترام" الذي تكنّه طبقة المال والإعلام العربية لمشاهدي محطّاتها في الحواضر والأرياف والبوادي والمنافي. كما أتاحت هذه الإقالة، فرصة نادرة للتعرّف على منطق أولئك المُستَترين في الأدوار العليا لمراكز الضخّ الإعلامي ومدى قبولهم بتنوّع الرؤى، فإذا كانوا يُلقون بالمديرين من النوافذ بهذا الشكل، فماذا يصنعون مع عامّة الملتحقين بالصنعة إذا ما حادوا عن الخطّ المعتمد أو نطقت ضمائرهم؟
بقدر ما جاءت مواقف زملاء المهنة في عالم عربي فسيح، باهتةً في التضامن مع الشخصية الإعلامية المُستهدَفة والردّ على الخطوة الصارخة بحقِّها اتضح أيضاً أنّ مشاهدي تلك القناة المحترمة وشقيقاتها لم يدركوا قدراتهم على التصرّف إزاء هذا الصّلف الإداري الذي يمجِّد تكميم الأفواه ويردع من يفكِّر في تشغيل عقله وضميره.
كان ذلك التطوّر جديراً بفتح نقاش عام، بشأن حالة الديمقراطية الداخلية في البيئة الإعلامية العربية، وعن موقع الجمهور العربي ومكانته في عملية البثّ والتلقِّي، لكنّ نقاشاً من هذا النوع لم ينهض بعد، رغم تفاقم الأزمة مع قنوات تتجنّد لدعم الانقضاض الفظّ على الديمقراطية واستباحة دماء الجماهير في الميادين.
السلطة الرابعة وسلطة المشاهدين
على من يطيب له امتياز "السلطة الرابعة" أن يتسامح مع حقّ المشاهدين في إنضاج "سلطتهم". وإذا تغنّى الإعلاميّون بمقولات حرية الصحافة التي تنبذ "تكميم الأفواه" يجوز للجمهور التنادي إلى الحقّ في التصرّف إزاء ما يتمّ ضخّه عبر سمعه وبصره .
تتطلّب "سُلطة المشاهدين" آليّاتٍ تعين على المتابعة النقديّة للمضامين الإعلاميّة، وتُنمِّي ثقافة رجْع الصدى في البيئة الإعلاميّة العربيّة، من خلال الوعي بإرادة الجمهور، وتقدير المرغوب والمرفوض بالنسبة إليه، مع احترام الأبعاد القيميّة والالتزامات الأدبيّة والأخلاقيّة في هذا المجال.
لن يتأتّى ذلك دون استثارة الحسّ النقديّ لدى فئات الجمهور إزاء مضامين التدفّق الإعلاميّ، وتعزيز قدرات المشاهدين على التعبير عن آرائهم والإفصاح عن قناعاتهم بشأن ما يخاطبهم عبر الشاشات، وإشعارهم بقدراتهم الذاتيّة على التقويم والمساءلة حتى يدركوا حقّهم ويتحسّسوا إمكاناتهم في الاعتراض على المضامين المتاحة عبر التلقِّي.
يتعذّر النهوض بهذا كلِّه بمعزل عن تنمية الواقع التفاعليّ بين المُرسِل والمستقبِل في البيئة الإعلاميّة العربيّة، فما زال التدفّق يمضي في اتجاهاته الأُحاديّة السائدة.
يقتضي ذلك إرغام مراكز النفوذ الإعلامي في البيئة العربيّة على احترام اختيارات الجمهور. ولأنّ الأمر برمّته لا يتأتّى بالاقتصار على مناشدات رَخْوَة، والإعراب عن أمنيات سرعان ما تتبخّر، وإبداء رغبات غير مسموعة، فإنّ الخيار الواقعي يتمثّل حتماً في تمكين فئات الجمهور العربيّ، من وسائل التفاعل والضغط المشروعة، التي تُعين على إيصال الصوت والمطالب إلى عناوينها الصحيحة.
ما العمل مع شاشات مغموسة بالدم؟
انشغلت الجماهير العربية بالثورة على نُظُم الاستبداد، دون الالتفات إلى مساءلة مراكز النفوذ الإعلامي وتنظيم حراك ضاغط على تجاوزاتها. ما يتّضح اليوم تحت وطأة التجارب المغموسة بالدم أنّ تفكيك منظومة الاستبداد يبقى مطلباً حالماً مع إعفاء مراكز النفوذ الإعلامي من المساءلة.
ثمة وقائع كثيرة وتشابكات مثيرة يجدر الالتفات إليها، مع كلّ هذا المروق من الالتزامات الأخلاقية والانفلات من المعايير الإنسانية والتنكّر لحقوق الشعوب وحريّاتها، عبر قنوات تستعمل البثّ المباشر في تبرير القتل وخدمة تحالفها مع سلطات تسرف في التشويش والقرصنة.
إنّ التسليم باحتدام الصراع على وعي الجماهير العربية يستحثّ التساؤل الحاسم عن جدوى الانتظار ومبرِّرات تعليق أدوات النقد والاعتراض.
فهل يسع المشاهدين العرب حقّاً مواصلةُ الانكفاء في خانة التلقِّي بلا مشاركة في صياغة الواقع الإعلاميّ الذي يغمرهم؟ وهل من مكان تحت الشمس لمن يرتضي الخضوع للمؤثِّرات الواردة مع التدفّقات الكثيفة دون المبادرة إلى التصرّف؟