النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 493

  1. #1

    اقلام واراء عربي 493

    اقلام عربي 493
    8/9/2013

    في هذا الملــــف:
    اتفاقية أوسلو.. بعد عشرين عاما هل أفادت الهرولة إليها
    بقلم: شاهناز أبو حجلة عن السبيل الأردنية

    فلسطين وتطورات الحراك العربي
    بقلم: علي جرادات عن الخليج الاماراتية

    خطأ حماس في مصر
    بقلم: زيد عيسى العتوم الاردن عن القدس العربي

    هنا اصاب الاسلاميون.. وهنا اخطأوا!
    بقلم: رمضان بنسعدون عن القدس العربي

    أميركا وروسيا … اختبار القوة
    بقلم: سميح صعب عن النهار البيروتية

    بين فكي موسكو وواشنطن
    بقلم: أحمد الجارالله عن السياسة الكويتية

    الحرب على سورية: افعلها لو تجرؤ يا أوباما
    بقلم: فراس عزيز ديب عن الوطن السورية

    أوباما يضرم دائرة الشرق الأوسط
    بقلم: جميل جورجى عن الدستور المصرية

    مأزق «الإخوان»
    بقلم: عبدالله إسكندر عن الحياة اللندنية

    كلمة الرياض: العرب في ميدان اللعبة الخطرة!
    بقلم: يوسف الكويليت عن الرياض السعودية











    اتفاقية أوسلو.. بعد عشرين عاما هل أفادت الهرولة إليها
    بقلم: شاهناز أبو حجلة عن السبيل الأردنية
    عشرون عاما مرت على اتفاقية أوسلو، الاتفاقية التي داست وبلا رحمة على اللاءات الثلاثة الشهيرة (لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه) اللاءات التي أقرتها قمة الخرطوم في 29 آب 1967.
    فما هي اتفاقية أوسلو؟
    هي أول اتفاقية رسمية مباشرة بين الكيان الصهيونى ممثلًا بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس، تم توقيعها في مدينة واشنطن في 13 أيلول 1993، وسمي الاتفاق بذلك الاسم نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية التي تمت في وقت سابق من ذاك العام التي جاءت بعدما عرف بمؤتمر مدريد للسلام عام 1991م.
    ولعلي أحب دوما أن أستذكر إعلان المبادئ الذي وقعت على أساسه أوسلو، او ما عرف بخطابات الاعتراف التي تم تبادلها بين إسحق رابين، رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك وياسر عرفات التي تبين مسبقا الإطار الذي تمت على أساسه بنود الاتفاقية ويفسر لماذا جاءت الاتفاقية بهذا السوء.
    فقد جاء في الخطاب الذي وجهه عرفات لرابين في 9 ايلول 1993 أنه: (تعترف «م.ت.ف» بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن. تقبل «م.ت.ف» قراري مجلس الأمن للأمم المتحدة 242 و338. إن «م.ت.ف» تلتزم بعملية السلام في الشرق الأوسط بحل سلمي للصراع بين الجانبين وتعلن أن كل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة سوف يتم حلها من خلال المفاوضات.
    وتعتبر «م.ت.ف» أن التوقيع على إعلان المبادئ يشكل حدثاً تاريخياً ويفتتح حقبة جديدة من التعايش السلمي والاستقرار، حقبة خالية من العنف وأي أعمال تشكل خطرا على السلام والاستقرار. وطبقاً لذلك فإن «م.ت.ف» تدين استخدام الإرهاب وأعمال العنف الأخرى، وسوف تأخذ على عاتقها إلزام كل عناصر أفراد «م.ت.ف» بذلك من أجل تأكيد التزامهم، ومنع الانتهاكات وضبط المنتهكين...).
    ثم يرد رابين في نفس اليوم بكلمات مقتضبة لا يعترف فيها بالشعب الفلسطيني وحقه في الوجود على أرضه، ولكن (م.ت.ف) في إطار هلامي عام لا مدى زمني له ولا ملامح وهو (عملية السلام في الشرق الأوسط) كأنما حال لسانه يقول (عيش يا كديش).
    وليرسل عرفات في نفس اليوم أيضا خطابا لوزير الخارجية النرويجي في ذلك الوقت يوهان هولست يتعهد فيه بمحاربة العنف والإرهاب والتطبيع مع إسرائيل.
    هكذا قدمت (م.ت.ف) اعترافا بحق اسرائيل في الوجود بصك مفتوح غير مشروط ودون عون من السلاح، وإنما اعتمادا فقط على مفاوضات لا يعلم زمنها الا الله يفرض خلالها الطرف القوي قواعده على الطرف الأضعف.
    وبالنظر الى نصوصها، فإن اتفاقية أوسلو هي باختصار (احتلال نظيف مدفوع الأجر) كما أطلق عليه الأستاذ منير شفيق. فقد جاءت الاتفاقية لتكرس السيادة الإسرائيلية على كامل التراب الفلسطيني بما في ذلك الضفة وغزة، ومكنته من التحكم بكافة المعابر الى الضفة والقطاع، كما سمحت له بمواصلة الاستيطان بأريحية مطلقة، والتحكم بمصادر المياه. ثم أنها جنبت سلطة الاحتلال الصدام مع الأهالي، فانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق الآهلة بالسكان يعني ابتعاده عن الأماكن الملتهبة المتحفزة دوما للانتفاض او المقاومة وتسليم الأمن فيها للشرطة الفلسطينية، مع إعطاء الحق للجيش الإسرائيلي في العودة الى احتلال أي منطقة تحت الحكم الذاتي اذا فشلت الشرطة وقوى الأمن الفلسطينية في المحافظة على الأمن والذي هو في حقيقة الأمر (أمن الكيان الصهيوني). كما أن الاتفاقية أعفت سلطة الاحتلال من الإنفاق على التعليم والصحة والبلديات والسياحة وغيرها من الخدمات الحياتية للإهالي لتصبح مسؤولية سلطة الحكم الذاتي مع قدرة الاحتلال في التحكم بالأموال التي تستخدم في الإنفاق على هذه الخدمات.
    ورغم كل ما سبق فإنه لم يرد فيها بند واحد واضح عن زوال الاحتلال نهائيا ولا حتى تدريجيا، ولا حتى ما يشير الى استعادة السيادة على اي بقعة من التراب الفلسطيني، وصارت قضية القدس والمستوطنات واللاجئين، الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، مرهونة باتفاق (الطرفين) دون ان يكون هناك مرجعية تستند عليها تلك المفاوضات.
    لم تكن أوسلو وليدة لحظتها كما هو الحال في أي ولادة، فكل وليد يحتاج الى زمن منذ لحظة التلاقي ليبدأ جنينا في رحم حاضنته لينمو ويكبر ويتشكل ثم تكون الولادة آخر مرحلة. لأوسلو جذور، هكذا يفرض منطق الأمور وتثبته وثائق دبلوماسية أمريكية سرية تبين أن جذور أوسلو تعود إلى ما بعد حرب أكتوبر 1973، وأن استعداد منظمة التحرير الفلسطينية لتقديم تنازلات كبيرة يعود إلى ما قبل الدخول في المفاوضات أو الاعتراف بها من الولايات المتحدة. وثائق نشرها الموقع الإلكتروني لـ(الشبكة) من خلال مقال كتبه مستشار الشبكة لشؤون السياسات، أسامة خليل وهو بعنوان (جذور أوسلو: كيسنجر، منظمة التحرير وعملية السلام). ويبين اسامة خليل في مقاله هذا ومن خلال تلك الوثائق السعي المحموم لدى (م ت ف) مرة بالتلميح علنا في خطبهما ومقابلاتهما في البدايات، ومرة ثانية من خلال شخصيات فلسطينية خولها ابو عمار بالتحدث الى المسؤولين الأمريكيين، ومرة ثالثة بالتصريح باستعداد منظمة التحرير للقبول بالأعتراف بإسرائيل مقابل دولة فلسطينية محدودة في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى رغم التعنت الذي اظهرنه الولايات المتحدة واسرائيل في ذلك الوقت في رفض الاعتراف بمنظمة التحرير او التفاوض معها.
    إن الذين ما زالوا يدافعون عن أوسلو بحجة (هاتوا بديلكم)، نجيبهم بأن استمرار الواقع السابق كان وسيبقى أفضل بكثير من الوضع الراهن. فسابقا كانت اسرائيل (عدوا مغتصبا محتلا) لنا الحق في مقاومته باعتبارنا أصحاب الحق الأصيل في هذه الأرض، الضحايا الذين سلب حقهم، أما بعد أوسلو فقد اعترفنا لها نحن أصحاب الحق المسروق بالوجود وأصبحت حقوقنا نحن قيد التفاوض، وأصبح نضالنا إرهابا وعنفا يستوجب تعاطف العالم مع دولة لها الحق في الدفاع عن أمنها (بكل الوسائل)، كل ذلك مقابل ماذا؟ هيمنة إسرائيلية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً على مناطق الحكم الذاتي، وإصرار على الاحتفاظ بالقدس عاصمة موحدة وأبدية (لإسرائيل)، والتمسك بالمستوطنات القائمة والسعي الحثيث في بناء غيرها، والآن إصرار على يهودية دولة إسرائيل، الأمر الذي يمهد الطريق لطرد فلسطينيي الــ48 من مدنهم وقراهم.
    لذا أقول كما قال نزار قباني في قصيدته (المهرولون)
    ما تفيد الهرولة؟
    ما تفيد الهرولة؟
    عندما يبقى ضمير الشعب حياً
    كفتيل القنبلة..
    لن تساوي كل توقيعات أوسلو..
    خردلة!!..

    فلسطين وتطورات الحراك العربي
    بقلم: علي جرادات عن الخليج الاماراتية
    “إسرائيل” ليست تهديداً عسكرياً للأمة، فقط، بل هي تهديد سياسي لمكانتها ودورها إقليمياً ودولياً، أيضاً، ما يجعل إضعاف وضرب مراكز القوة العربية الأساسية، وأولاها مصر، بنداً ثابتاً على جدول أعمال “إسرائيل” ورعاتها الغربيين . هذا، وإن كانت فلسطين الضحية المباشرة التي لا تزال تدفع من ترابها ودم وأعمار أبنائها ثمن الأطماع الصهيونية والاستعمارية في الوطن العربي . بغير هذه الرؤية ومقتضياتها السياسية الرسمية والشعبية فلسطينياً، بخاصة، وعربياً، بعامة، يلتبس فهم الطبيعة الصهيونية التوسعية ل”إسرائيل” ويختل ميزان المواجهة معها . لذلك يقال بحق إن كل ثورات الشعوب العربية، ومنها الثورات الجارية، تبقى ناقصة، إن هي لم ترتبط بموقف واضح تجاه القضايا العربية الكبرى، وأولاها قضية فلسطين، وبموقف حاسم تجاه الدور العربي في النظامين الإقليمي والدولي، وموقع القضية الفلسطينية فيهما .
    واليوم، بعد عامين ونصف العام على اندلاع الحراك الشعبي العربي ثمة في مشهده حالة فيها التدخلات الأجنبية بأشكالها وجنسياتها، وفيها التفتيت المذهبي والطائفي، وفيها محاولات للتقسيم الجغرافي، مع ما أنتجه كل ذلك من تقتيل وتذبيح للبشر وتدمير للقدرات والإمكانات وإضاعة للاتجاه وفقدان للبوصلة . ومن نافلة القول تأكيد أن ذلك إنما يشكل ربحاً صافياً لعدو الأمة الأول، “إسرائيل”، ولكل رعاتها، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة .
    هنا ثمة لوحة توحي بوضعية عربية قاتمة تنذر -فيما تنذر- بإزاحة قضية فلسطين من جدول الاهتمام، وبتحويل الشعب الفلسطيني إلى مجرد “يتيم” يُبَر، وتسود أوساطه مظاهر الإحباط، حيث لم يشعر بالانعكاسات الإيجابية المباشرة لحركة التغيير في الوطن العربي على قضيته، ما يفسر أنه لم يستطع حتى الآن، وهو الزاخر تاريخه بالانتفاضات، وأول من خاض في العام 1987 أول انتفاضة شعبية كبرى أبهرت العالم، محاكاة هذا الحراك الشعبي العربي الواسع . يعود السبب في ذلك إلى غياب الصراحة والوضوح في موقف بعض النخب السياسية العربية التي ركبت موجة الحراك الشعبي من القضية الفلسطينية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التي تسنمت ظهر هذا الحراك . فلو كان هناك نوع من الجدية في تعامل “الجماعة” مع القضية الفلسطينية لامتلأت ميادين فلسطين بالشباب الذي يعبّر عن وحدة المعركة والمصير، ولبات هذا عاملاً مباشراً وحاسماً لتصويب مسار قيادتي الانقسام الفلسطيني في الضفة وغزة، اللتين آثرتا مصالحهما الفئوية على المصلحة الوطنية العامة وارتباطها بعمقها العربي الذي تعد قضية فلسطين مركز مكونات وجدانه .
    هنا يثور السؤال: هل اتسع الخرق في ثوب الثورات الشعبية العربية على أي راتق؟
    إن المتفحص لتفاصيل وملموس اللوحة يستطيع أن يجيب بلا، وأن يرى خطوطاً مفتوحة على آفاق أخرى مغايرة . أما لماذا؟
    فلسطين وقضيتها نواة مضمرة في الحراك الشعبي العربي . هذه حقيقة لم تتجل بشكل واضح غداة انطلاق هذا الحراك وإبان حكم من صعد إلى السلطة على كتفه، “الإخوان”، في أكثر من قطر عربي، وفي مصر بالذات . لكن تطور ثورات الشعوب العربية وتصادمه الموضوعي مع تأثيرات تدخلات رعاة “إسرائيل” الغربيين بقيادة الولايات المتحدة أفضى إلى إحداث نقلة نوعية في الوعي الشعبي العربي، عكستها وجسدتها- أساساً- الموجة الثانية للثورة المصرية في 30 يونيو الماضي، حيث تلمس الشعب والجيش والقوى السياسية الوطنية والحركات الشبابية الثورية المصرية الخطر الداهم من الشرق، سواء بوعي مغزى التكاثر البكتيري لمنظمات الإرهاب التكفيري في سيناء لاستنزاف الجيش المصري الذي تحد قيود اتفاقية كامب ديفيد من قدرته على مواجهة هذه الجماعات ومن يرعاها في السر والعلن، محلياً وإقليمياً ودولياً، أو بوعي مغزى ما يُرتب إقليمياً من دور لسيطرة “إسرائيل” أولاً، وتركيا عضو حلف الناتو المتعكز على جماعة “الإخوان” ثانياً، على المنطقة . بهذه النقلة التي أطاحت سلطة “الإخوان” في مصر تحول الفعل الشعبي المصري بتداعياته عربياً من عمل عفوي إلى عمل سياسي واعٍ يضع الاستقلال الوطني، المرادف لفك التبعية للسياسة الأمريكية، وإنهاء عربدة ربيبتها، “إسرائيل”، في مقدمة مطالبه .
    وفي ظني أن الموجة الثانية للثورة المصرية، رغم كل ما يعترض سبيلها من تحديات وعراقيل ومصاعب كبيرة، بل ومؤامرات، محلية وإقليمية ودولية، قد فتحت باباً واسعاً لتجاوز نواقص ومثالب ومآسي بدايات الحراك الشعبي ومراحله الانتقالية، بما في ذلك نقيصة غياب الموقف الواضح والصريح والحاسم من القضية الفلسطينية التي تبقى، شاء من شاء وأبى من أبى، عصب الوعي القومي عند الشعوب العربية . وهذا أمر مجرب وليس كلاماً ديماغوجياً .
    أجل، لقد فتحت الموجة الثانية للثورة المصرية آفاقاً لطرح مسألة الاستقلال الوطني في بلدان الحراك الشعبي العربي، حيث كان قيد العوامل الخارجية هو العامل الأكثر حسماً في عدم وصول هذا الحراك إلى منتهاه الطبيعي، ما دفع قواه الفعلية إلى استنتاجات عمقت من وعيها وممارستها بحيث نقلت المعركة من مجرد معركة ديمقراطية ليبرالية وصندوق اقتراع، كما شاء “الإخوان” والأمريكان، إلى مواجهة حقائق القضايا الكبرى ومفتاح كل ديمقراطية وحرية وعدالة حقيقية، وعلى رأسها مسألة استعادة الاستقلال والسيادة الوطنيين مع ما يفرضه ذلك من استحقاقات تجاه القضية الفلسطينية . ولئن كان القائد الوطني والقومي التقدمي، حمدين صباحي، حدد متطلبات نجاح الموجة الثانية للثورة المصرية بعمل سلطتها الانتقالية الجديدة على مهمات ثلاث مترابطة: “دعم الجيش في محاربة الإرهاب، وتحقيق جرعة مركزة وعاجلة من العدالة الاجتماعية، واستعادة توجهات الاستقلال والسيادة الوطنيين”، فإن الانعكاس الإيجابي لهذا الحدث المصري التاريخي بتداعياته العربية، يبقى رهناً بتوافر شرطين، يتعلق أولاهما بأن تلتقط قيادة منظمة التحرير الفلسطينية هذا الحدث الكبير وتقوم بإجراء مراجعة سياسية شاملة تفضي إلى التخلي عن أوهام “السلطة” والتنازع عليها وتقاسمها، وعن أوهام إمكان الحصول على أي إنجاز وطني فعلي من مفاوضات، جوهرها الإملاء وتعميق الانقسام واستلاب الإرادة الوطنية . ويتعلق ثانيهما بأن تكف قيادة “حماس” عن حشر أنفها في مجريات تطورات الحراك الشعبي، والمصري منه بالذات، وبأن ترضى بقواعد الإجماع الوطني، لا أن تفرض رؤيتها الأيديولوجية على قضية فلسطين وشعبها ونضاله الوطني .

    خطأ حماس في مصر
    بقلم: زيد عيسى العتوم الاردن عن القدس العربي
    لم تكن القضية الفلسطينية يوماً إلّا واقعاً حاضراً في وجدان العروبة لعقود طويلة، ولم تكن معاناة الفلسطينيين وشقاؤهم وسوء حالهم إلا ألماً وجرحاً نازفاً لمن عشق أرض فلسطين وماءها وسماءها، لكنها اليوم قد أصبحت صنّماً راكداً من التأرجح والانسداد السياسي والأيديولوجي الضحل، فدولة إسرائيل ليست في عجلة من أمرها لإنجاز السلام الموعود، والسلطة الفلسطينية بمشايخها من نخب الأجداد والأحفاد تستجدي التفاوض على استحياء، بينما حماس تعيش حالة نفسية من الانكفاء والتحوصل في قطاعٍ غارقٍ من الاكتظاظ والفقر والعزلة الدائمة، تحت مسميات وعنوانين المقاومة والتحرير والحفاظ على الحق والتراب الفلسطيني.
    عند سقوط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، لم تخف حماس سعادتها الكبيرة بما جرى، ولم تستطع أن تنأى بنفسها عن تنظيم الاخوان المسلمين في مصر، بحجة كون مصر ضرورة وحاجة ملحّة للحالة الفلسطينية الراهنة، وبرغم سياسة الإنكار الحمساوية بأن دورها موجود، فقط على أرض فلسطين وليس سواها، وأن أذرع حماس في مصر ليست إلا أصابع ناعمة من تبادل الخير والإسلام والفكر والإخوة الدافئة، لم تبرح حماس برأيي معايير الصدق والمصداقية في دفاعها عن نفسها، لكنها قالت الحقيقة وليس كل الحقيقة، فقد تحدثت عن ما فوق الأرض، وعن ما يجري عبر الحدود والمعابر، وأغفلت وأخفت قاصدة ما جرى ويجري تحت الأرض وبعيداً عن أعين شعب مصر الذي منحها فيضاً من مشاعر التأييد والتعاطف والانسجام، كونها كانت برأيه تمثل روح المقاومة والتحدي والتضحية، ليبدو بعدئذٍ ما ظهر وما أستتر من دور حماس في التعدّي والإهانة المقصودة لمصر السجون ويُهرّب المساجين المصريين والعرب، بالإضافة لدور مشئوم ومثار جدل حول قتل الجنود المصريين في سيناء وتهريب السلاح وتغذية حالة الإرهاب والعنف الذي أصبح يؤرق المواطن المصري ويفجعه المرة تلو الأخرى .
    قد تفهم مشاعر ومعايير الانسجام الفكري والروحي بين حماس جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لكنها قد أخطأت خطيئة حزب الله اللبناني بتعامله مع الملف السوري الثقيل، حيث قفز الحزب مفتخراً بذاته فوق سيادة لبنان وكرامتها ومستقبلها، ليلقي بأبنائه وأوراقه في المحترقة السورية ليدافع عن حاكم دمشق وأزلامه من القتلة والمأجورين، فأحرار سوريا قد غدو عدواً من أمامه، ولبنان المرهق بحراً متلاطماً من خلفه، أما حماس فقد رهنت سياستها وقدراتها بحزب الحرية والعدالة ومع رئيس المعزول تحديداً، وحجبت أبصارها عن ملايين المصريين الذين ملئوا ميادين مصر وشوارعها مطالبين بإصلاح ثورتهم ومسارهم السياسي والاقتصادي، ولتنعت إرادة المصريين وصوت النخب السياسية والمدنية وانحياز جيش مصر لشعبه الثائر كونه برأيها انقلابا خشناً على معايير الشرعية والديمقراطية، ولتصبح حماس بقدرة قادرٍ حبيسة كعادتها بعد ردم وإغلاق مئات المسارب والأنفاق، لكن الأهم أنها قد خسرت حضناً مصرياً كبيراً وتعاطفاً ودعماً عربياً موضوعياً، لتبقى في نفق غارق بلا آفاق.

    هنا اصاب الاسلاميون.. وهنا اخطأوا!
    بقلم: رمضان بنسعدون عن القدس العربي
    منذ نحو عشرين عاما طرح الحسن الثاني فكرة حكم الإسلاميين غداة فوز جبهة الإنقاذ بالانتخابات الجزائرية في حديث صحافي، مصرحا حينها بأنه كان على الساسة الجزائريين تسليم السلطة للإسلاميين حتى تكون بمثابة مختبر للعالم العربي حتى يرى الجميع كيف يحكمون، لكن هؤلاء لم يكترثوا لتلك الحكمة الرشيدة للحسن الثاني، فغرقت الجزائر في أعقاب ذلك في حمامات من الدماء لم تسلم منها إلى يومنا هذا.. وكان الغرب منذ انفجار الثورة الإسلامية الإيرانية ونجاح الحكم الإسلامي بتركيا فجعلا من بين مصاف الدول الاقتصادية العالمية، وسار بها الطيب أردوغان إلى مدارج الرقي.
    لكن اليوم يبدو في ظل المسار الديمقراطي أجبرت الدول العربية على سلكه لم يعودوا يأخذون الصورة النمطية التي أخذت عن التيار الإسلامي من قبل في وقت أن الناخب العربي وضع ثقته في التنظيمات الإسلامية التي اتجهت لصياغة نظم سياسية في العالم العربي عقب نحو عامين على انطلاق الربيع العربي إذا اتخذت العدالة والتنمية والنهضة بتونس والإخوان المسلمين بمصر من الحكم برنامجا وليس أيديولوجية وأن يلتزموا بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة وأن يتعاملوا مع الطبقات المسحوقة وهمومها وأن يتفهموا أكثر بمطالبها واحتياجاتها الأساسية والمشروعة في العيش الكريم لأن هذه الشريحة المعوزة يئست من أنظمة فاسدة حرمتهم من ديمقراطية ظلوا حقب من الزمن يتشوقون إليها ويسمعون بها دون أن يلمسوها ولا يروا أثرا لها في حياتهم.
    فهؤلاء هم أشد حاجة إلى هذه الديمقراطية بمفهومها الإنساني لأن الشعب العربي المقهور من المحيط إلى الخليج لم يجد إلا أن دعته الضرورة إلى تعميق البحث منذ مدة عانى خلالها الأمرين من القهر والاستبداد والفساد عن آلية أفرزت التظاهر في الشارع العربي للوصول إلى ديمقراطية حقيقية ترسخ في وعي الإنسان أساس وجوهر إنسانيته لأن ما يمكن ملاحظته في مجريات الوقائع التي تتناوب على عالمنا العربي خصوصا بشكل جارف في الأونة الأخيرة هو الخصاص المعيشي لدى السواد الأعظم الذي يعيش تحت عتبة الفقر جعله يثور من أجل لقمة العيش.
    و السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هل سينقذ الإسلاميون الطبقات المسحوقة من الفقر الذي بات يهددها في ظل لا إنسانية تنشدها ليبرالية متوحشة آخذة في الاتساع مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بسبب رفع أسعار المواد الأساسية ما أدى إلى مآس إنسانية غضت عدة دول بصرها عنها وبررتها في الكثير من الأحيان بأشكال فجة تفتقر إلى الإحساس بالعدالة الإنسانية والحس الأخلاقي من قبل ولاة أمورنا وهي أشكال براقة لم تبدو منطقية واتكأت على ممارسات يائسة حيال المقهورين أخفت خلفها لردح من الزمن تعصبا قصر حقوق العيش في أمن وسلام على بشر دون آخر في استنفار لا إنساني.
    الشيء الذي أدى إلى موجات التظاهر بالشارع العربي سياسيا واجتماعيا ما أفضى بالجوعى إلى الثورة بالعديد من الدول العربية أنهت دكتاتوريات بنعلي، مبارك والقذافي والبقية تأتي وتصاعدت التساؤلات لدى الرأي العام العربي عن وسيلة للخروج من هذا الوضع المزري فلن تجد الشعوب العربية مناصا من إيصال الإسلاميين إلى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع الشفافة والنزيهة لتحقيق الديمقراطية ليس فحسب بملامحها السياسية بل بمضمونها الإنساني العميق من أجل احترام حقوق الإنسان العربي كإنسان والدفاع عن حقه في الحرية والكرامة والحياة، فعلى سبيل المثال إن الشعب العربي يريد أن تكون القيادات الإسلامية عند مسؤولياتها في توفير الحقوق المشروعة في مقدمتها العيش الكريم ، توفير العمل وإن لم يتوفر ذلك مساعدة الأسر المعوزة ماديا كالذي طرحه حزب التقدم والاشتراكية ذي التوجهات الاشتراكية 1000 درهم شهريا للأسر المحتاجة التي لم تستطع مد يدها للتسول ، لكن حكومة بنكيرا لا زالت لم تتماش والاقتراح الصائب بالرغم من اللغط حول المسألة وليضع الغنوشي وبنكيران ومرسي مظلمة هؤلاء تحت وساداتهم ا يوم يلقون الله كتلك التي وضعها عمر بن الخطاب يوم أطعم الأطفال الجائعين وأمهم منذ 15 قرنا خلت.
    لكن الشعوب العربية لم تعد تطيق أوضاعها المزرية وأرادت أن تكون الحاكمية إلا لله لله الواحد القهار، والعبودية له وحده، ويالتالي فإن الله أقسم إلا أن يورث ـ رضه لعباده الصالحين.

    أميركا وروسيا … اختبار القوة
    بقلم: سميح صعب عن النهار البيروتية
    الاندفاع الاميركي نحو الخيار العسكري، يجعل سوريا حقل الاختبار الاساسي لمكانة اميركا الاستراتيجية في الشرق الاوسط والعالم. الرئيس الاميركي باراك اوباما يبدو كأنه اسيتقظ الآن على حقيقة اهتزاز هذه المكانة في الاعوام الاخيرة.
    ولم تكن التقارير عن استخدام السلاح الكيميائي وحدها هي التي ايقظت الولايات المتحدة وجعلتها تبدو كعملاق جريح. إذ ان إقدام الجيش المصري على اسقاط حكم "الاخوان المسلمين" في مصر، على رغم 17 مكالمة هاتفية بين وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ونظيره المصري الفريق اول عبد الفتاح السيسي، كان مؤشراً لانحدار كبير في مستوى الهيبة للولايات المتحدة بصفتها الدولة العظمى في العالم.
    قبل اكثر من 22 عاماً ، جعل الرئيس الاميركي جورج بوش الاب، العراق ميداناً لتتويج الولايات المتحدة القطب الوحيد في العالم عقب خروجها منتصرة من الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي السابق. وأتى جورج بوش الابن عام 2003 ليكمل حرب العراق وليجعل اميركا قوة قادرة على العمل بمعزل عن الامم المتحدة وليخوض عملية "بناء الامم" في العراق وفي افغانستان.
    وبعد هاتين الحربين والانهاك الاقتصادي الذي اصاب اميركا بسببهما، أتى باراك اوباما كي يستعيد اميركا من المغامرات الخارجية الفاشلة وليركز على انتشال البلاد من ازمتها الاقتصادية والاجتماعية. فانسحب من العراق وهو يعد العدة للانسحاب من افغانستان. وفي مرحلة الانهاك الاميركي نتيجة الحروب الخارجية، نهضت روسيا مجدداً لتخوض غمار مواجهة باردة جديدة مع اميركا انطلاقاً من سوريا.
    وكما يريد اوباما ان يجعل سوريا نقطة لتذكير العالم بان العصر الاميركي لم يأفل نجمه بعد، تخوض روسيا اليوم معركة استعادة المكانة الدولية التي كانت تتمتع بها ايام الاتحاد السوفياتي، ولتعيد تشكيل نظام عالمي جديد ينهي عهد القطب الواحد.
    واذا ما خسرت واشنطن المعركة في سوريا اليوم، فهي مهددة غداً بخسارة مصر في شرق اوسط يتغير بايقاع متسارع ويوفر نموا لتنظيم "القاعدة" من اليمن الى العراق الى سوريا وليبيا وشبه جزيرة سيناء. وبذلك تتحول سوريا حقل اختبار لقدرة اميركا على البقاء لاعباً وحيداً في العالم.
    وفي الوقت عينه تراهن روسيا على ان تكون سوريا المنصة التي تنطلق منها للدفع نحو تشكيل عالم متعدد القطب، يضع حداً للسيطرة الاميركية المطلقة على العالم ويفرز نظاماً دولياً جديداً معاكساً لذلك الذي ولد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
    وللمرة الاولى منذ انتهاء الحرب الباردة، يصل التوتر الى هذه الذروة بين واشنطن وموسكو. وهذا دليل آخر على الاهمية التي تشكلها سوريا في ترجيح هذا المعسكر او ذاك.

    بين فكي موسكو وواشنطن
    بقلم: أحمد الجارالله عن السياسة الكويتية
    حلفاء موسكو العرب لا يتعلمون الدرس, هذا امر لا يقبل الشك, فكم مرة ورطهم الاتحاد السوفياتي, ومن بعده وريثته روسيا, في مآزق سياسية ومعارك عسكرية وتركاهما وحدهم يواجهون الهزيمة, وليست "وكسة" العام 1967 الا المثال الاوضح في ذلك, عندما ورط الاتحاد السوفياتي مصر وسورية من خلال ما ابلغه سفيره لجمال عبدالناصر ان اسرائيل تستعد لحرب خاطفة, فما كان من ناصر الا ان اغلق مضائق تيران مشعلا حربا هزُم فيها العرب بعد ست ساعات, وطار ما تبقى من فلسطين اضافة الى سيناء والجولان, ولم يقف التوريط الموسكوفي عند ذاك الحد, اذ تبعه توريط حليفهم في العراق ومن بعده حليفهم الليبي.
    في كل مرة كان الكرملين يدفع بأولئك الحلفاء الى اقصى حدود التهور, فهذا عبدالناصر عام 1967 يرحب بالحرب ويقول:"اهلا وسهلا بالمعارك لقد اعددنا العدة لنرمي اليهود في البحر", لكن ما حصل كان عكس ذلك, وعشنا سنوات القهر حتى جاء العام 1973 وازال انور السادات بالعبور مرارة الهزيمة من افواه العرب.
    السؤال اليوم: هل الى هذا الحد مصابة الذاكرة العربية بالنسيان, ألم يتعلم حلفاء روسيا في المنطقة من عبر الماضي, فما برحوا يتبعونها في كل ما تفعله بهم الى النهاية؟ هذا ما يتبادر الى ذهن المراقب حين يقرأ خبر"السياسة" في عدد امس عن توريط روسيا الحكومة السورية في القصف الكيماوي من اجل جرها الى طاولة المفاوضات في جنيف, فهل الدم العربي رخيص الى هذا الحد عند الروس وغيرهم من الساعين الى "جنيف 2" لتحقيق بعض المكاسب وليس من اجل مستقبل سوري اكثر سلاما واستقرارا؟
    المنطقة برمتها خائفة من تبعات اي عملية عسكرية غربية في سورية, فيما العالم الذي حرم, منذ نحو 90 عاما, استخدام السلاح الكيماوي بعد الفظائع التي شهدتها الحرب العالمية الاولى, لن يتسامح بهذا الشأن مهما كانت المحاذير, لكن هذا العالم المستعد للمحاسبة هو نفسه الذي تسعى دوله تحت اليافطة الاخلاقية والانسانية الى تحقيق مصالحها, وحين تصل الى اهدافها تترك الساحة للفوضى, كما هي الحال في الصومال وافغانستان والعراق.
    المفارقة المضحكة المبكية في آن واحد, ان الولايات المتحدة الاميركية ليست افضل من غيرها في هذا الشأن, فهي عند اول منعطف تسحب جيشها من ساحة المعركة, وخير مثال على ذلك ما حصل في لبنان عام 1983 حين تركته للفوضى بعد تفجير مقر المارينز وسقوط 237 جنديا لها, حتى انها لم تدافع عن هيبتها, وهذا ما حصل, ايضا, في الصومال يوم سحبت جنودها بعد سقوط عدد منهم في الحرب.
    نعم, كلهم يذهبون الى الحرب بوعود وشعارات براقة, بل يذهبون الى الخراب والتدمير والقتل ولتحقيق مصالحهم الخاصة الا انهم لا يرسخون سلاما, فتتحول الدول التي تقع فريسة لهم دولا فاشلة, بل تعيش مقتلة كبرى لسنوات.
    وفي هذا فإن موسكو وواشنطن وجهان لعملة واحدة, فالاخيرة تخلت عن حلفائها في لحظات حرجة في اكثر من مكان, فهل يمكن الرهان عليها من جديد, لا سيما اليوم الذي تكاد تتشابه ظروفه مع ظروف الانتخابات الرئاسية التي بنى فيها باراك اوباما حملته على الوعد بسحب جيشه من العراق, وعندما فاز بدأ يمهد لولايته الثانية عبر مهادنة ايران لتجنب ارهابها ضد جنوده المنسحبين, بل انه جعلها اللاعب الاقوى في بلاد الرافدين, وتقاعس عن مناصرة الحق البحريني وغض الطرف عن الارهاب الايراني في المملكة في سبيل ذلك.
    واوباما الديمقراطي اليوم لن يكون افضل حالا من الامس, فحزبه يواجه انتخابات تمهيدية بعد اشهر قليلة ولذلك سيسعى الى تحقيق مصالح حزبه اولا عبر دفع المنطقة الى فوضى جديدة ومن ثم التخلي عنها وسحب قواته من البحر المتوسط حين تفرض المصلحة الانتخابية ذلك؟
    الروس يورطون العرب, والاميركيون يسعون الى تحقيق مصالحهم ويتخلون عن الحلفاء, فهل يتعلم العرب الدرس ام سنشهد مقتلة جديدة يتحول فيها الدم العربي صفقات على موائد المفاوضات؟!

    الحرب على سورية: افعلها لو تجرؤ يا أوباما
    بقلم: فراس عزيز ديب عن الوطن السورية
    قيل وكُتب الكثير عن اقتراب الحرب على سورية. تكاد لا تخلو صحيفة أو برنامج سياسي عبر العالم من هذا الحديث. هناك من يُتعب نفسه كثيراً في تحليل ما يجري، وهناك من حلَّلَ سابقاً وتوصل لما يحصل اليوم أمامنا، وهو ببساطة: النظام العالمي الجديد سيولد من سورية
    توالت التصريحات والتهديدات، لكن بشكلٍ عام يكفينا أن ندقق في ثلاثة تصريحاتٍ أساسية قد تختزل لنا المشهد السياسي والعسكري في المنطقة، أو ما سيكون عليه في المستقبل القريب جداً، إذا ما انطلقنا من منظورٍ واضحٍ بأن سورية جزءٌ من منظومة وليست نظاماً.
    التصريح الأول: هو ما نُقل عن السيد الرئيس بشار الأسد خلال لقائه وفداً من الأحزاب الوطنية اليمنية إذ قال: «نحن بانتظار أن يطلَّ عدونا الحقيقي برأسه لنواجهه». هذا التصريح أعادنا لما قاله الأسد سابقاً في أحد خطاباته «عندما يكون هناك من يحمل سكيناً ليقتلك فإن معركتك ليست مع السكين بل مع حاملها».
    التصريح الثاني: وهو للسيد وليد المعلم الذي أكد خلال مؤتمره الصحفي الأخير أننا تعايشنا مع سقوط قذائف الهاون فلا فرق بين الصواريخ الأميركية وقذائف الهاون. ربما هناك من نظر لهذه الجملة بشئٍ من البساطة، لكن ماعناه السيد وزير الخارجية أعمق بكثيرٍ، وهو ذاته يعيدنا لما قاله السيد الرئيس سابقاً في أحد خطاباته أيضاً: «العدو أصبح في الداخل».
    أما التصريح الثالث فهو للرئيس الأميركي باراك أوباما والذي نستطيع ببساطة أن نضعه برسم من ابتلانا اللـه بهم من مثقفين ونخب كانت ولا تزال تسخر منّا عندما نتحدث عن ارتباط أي حدثٍ في المنطقة، بما فيها مطالب الشعوب بالحرية، بأمن الكيان الصهيوني أولاً وأخيراً، عندما وضع النقاط على الحروف بالقول:
    إن أي حرب قادمة يجب أن تضمن شرطين، «أمن إسرائيل» وتدفق النفط. فأين هم من كانوا يتهموننا الآن بأننا لا نروج إلا لفكرة المؤامرة وربطها بالكيان الصهيوني من هكذا تصريح؟ إذن هل حقاً أن الولايات المتحدة وأذنابها من أحفاد الاستعمار القديم قرروا فجأة أن يشنوا الحرب على سورية، وعلينا نحن أن نصدق أنهم كانوا في السابق مجرد متفرجين، أم إن هناك أموراً طارئة جعلته في موقع المنخرط فعلياً في هذه المعركة؟ وهل أن سورية جاهزة لهذه المعركة أم إن السيناريو العراقي الذي كان أساسه قصف بغداد في أواخر التسعينيات وما تلاه من غزو للعراق هو الذي بدأ ينفَّذ فعلياً، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تبدل أمرين الأول أن حجم الأكاذيب التي تسوقها الولايات المتحدة حول ذريعة الكيماوي لم تقنع أحداً، والأمر الثاني هو إعلان هذه الإدارة رسمياً أن هذه الحرب ستتم بمباركة من الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بعد التشاور مع القادة «الإسرائيليين»!
    ماذا تعني الحرب؟
    يبدو من السطحية بمكان اعتبار التهديدات بشن الحرب على سورية أمراً جديداً وحديثاً، فهذا الأمر حسب ما رسموا وخططوا كان يجب أن يتم منذ الفيتو الأول والثاني في مجلس الأمن، لكن إطالة أمد الحرب وصمود سورية بثالوثها المقدس، مع تمسك كل من روسيا والصين بالشرعية الدولية جعلا الأمر يتوقف عند أسوار طموحات «آل ثاني» و«آل سعود». أدركوا بعد ذلك أن الحل هو باستنزاف سورية من جميع النواحي، مع التلويح الدائم بضرورة الحل السلمي من باب رفع العتب، تحديداً أن ما تحدثوا به وبثّوه للمعارضة من شرط تنحي الأسد، كان بمثابة مؤشر قطعي على استحالة انعقاد أي مؤتمر لإيجاد حل سياسي.
    بات مستعربو النفط يضعون أنفسهم في مواجهةٍ مع شخص السيد الرئيس. كان الأسد ولا يزال يدفع ثمن صراحته وعدم مجاملته أحد في المواقف المفصلية، لم ينس مستعربو النفط أنهم بنظره أشباه الرجال، ولعلها المجاملة الوحيدة التي أطلقها في حياته، لأنهم لا يستحقون فعل الشبهة أساساً. هم ثلة من مخنثي الفكر والانتماء، لم تسمح لهم بيئتهم الحاقدة وحقدهم الدفين على كل ما هو عروبي منذ زمن عبد الناصر حتى الآن التفكير بالجملة، لكنهم هرعوا ولا يزالون للثأر منه ومنها. حاولت العصابات المسلحة التي تأتمر مباشرةً من أجهزة المخابرات الأميركية و«الإسرائيلية» السيطرة على مراكز القوة التي تُرعب أعداء سورية، إن كان منصات الدفاع الجوي أو ما يسمونها هم «مخازن الأسلحة الكيميائية». من هنا ومع تساقط العصابات المسلحة في مراكز قوتها ومع ما يحكى عن اصطياد عدد من العناصر التي دخلت سورية سراً من حملةِ الجنسيات المعادية وغيرها، الذين يقودون العمليات على الأرض، كان لابد من تدخل الأصيل بعد أن أخفق الوكيل.
    قد يبدو الأمر وكأنه حرب إعلامية من أجل ضرب الروح المعنوية للقوات العربية السورية وللمواطن السوري الذي حمل شعار «نشوي الفولاذ ونأكله، لكن لن نركع أبداً»، من مبدأ أن اسم البوارج الأميركية وحده قد يثير الرعب والخوف في نفوس السوريين فيتخلون عن قيادتهم وجيشهم. لكي نعي تماماً ماذا يعني الأمر حرباً نفسية تسبق الحرب على الأرض، علينا فقط أن نبدِّل من طريقة طرحنا للتساؤل بمعنى آخر:
    لن نقول إن التهديدات بشن الحرب على سورية قد انتهت أو تراجعت، أو ماذا ستفعل الصواريخ المعادية بمراكز قوتنا، لأن علينا أن نعي أن هناك من أنهى الا ستعدادات لكل الاحتمالات وسيرد أياً كانت النتيجة. لن نقول إن مجلس العموم البريطاني رفض مشاركة بريطانيا بالحرب، مع أن القرار ليس ملزماً لحكومة كاميرون بل علينا أن نرفع القبعة وننحني لكل من أوصل بعد عامين من الحرب على سورية دولة تدعي أنها عريقة في الديمقراطية كبريطانيا لهذه الحالة من التخبط السياسي. لن نسأل ماذا ستستخدم الولايات المتحدة من أسلحة في هذه الحرب بل علينا أن نسأل ماذا أعددنا نحن من بنك أهداف يطال الجميع ودون استثناء، كردٍّ على هذه الحرب. لا تقل لي ماذا يحمل الجندي الأميركي أو الفرنسي من عتاد، بل قل لي ماذا يحمل من قيم وقضية لكي يحارب من أجلهما، عندها سأجيبك أنك إن كنت على حق وتحمل من الحضارة والإنسانية ما تحمله، منذ أن كان البعض يتلهى أجداده بأكل لحوم البشر، عندها فقط عليك أن تعي ماذا تعني الحرب على سورية.
    هي ليست يوم القيامة بمفهومه كنهاية للعالم، ولكنها وبمعنى أدق يوم الحساب لكل قطرة دمٍ بريئة سقطت في فييتنام والعراق وأفغانستان وحتى مالي، وصولاً إلى منطقتنا العربية التي أغرقتها «دشاديش» النفط ببحرٍ من الدماء.
    حرب المأزومين بداية الانتحار
    يقولون إن أوباما قطف كل ورود البيت الأبيض ليجري استفتاء بينه وبين نفسه، هل يشن الحرب على سورية أم يتريث. لا يبدو التريث في مصلحته تماماً كما أن شن الحرب يتعارض مع مصالحه. أشرنا سابقاً في أكثر من مقال عن فكرةِ أن الآخر مأزوم، ونحن لا نقول هذا الكلام من باب رفع المعنويات، لكن هي حقيقة وهذه الحقيقة أثبتها كل من أوباما ووزير خارجيته في مؤتمرهما الصحفي الأخير. ففي الوقت الذي أكد فيه كيري أن الحكومة السورية استخدمت السلاح الكيميائي كان المتحدث باسم البيت الأبيض قد سبقه بعدم وجود أدلة على ذلك. كان واضحاً حرصهما على سوق الأكاذيب لإقناع الرأي العام الأميركي أولاً واسترضاء الكيان الصهيوني ثانياً. فهل من عاقلٍ يشرح لنا ماذا يعني أنه استشار القيادة الصهيونية في مسألة استخدام سورية للسلاح الكيميائي، أو حتى أنه يستشهد بمنظمات ساقطة كالجامعة العربية لا تمثل إلا نفسها ولا تمثل شعوبها للحديث عن غطاء لهذه الحرب؟
    الدليل الآخر على تخبط الإدارة الأميركية هو تصريح باراك أوباما الأخير عن أمن «إسرائيل» وضمان تدفق النفط، فهو بمثابةِ مقتل له ولدبلوماسيته، فهو قال إن الحرب يجب أن تضمن أمرين أمن إسرائيل وتدفق النفط. فإذا افترضنا أن القيادة السورية هي من ضربت الكيماوي والضحايا كلهم قتلوا بسلاحها، ولكننا من ناحيةٍ ثانية لا نستطيع محاربتها لأن أمن إسرائيل في خطر، فعن أي دوافع إنسانية تتكلم؟
    هل أدرك بعض الذين مازالوا في غياهب الربيع العربي أن كل ما يجري هو فقط من أجل ضمان أمن الكيان الصهيوني. من ناحيةٍ ثانية ألا يعني هذا التصريح أن أي شعب في دول الخليج العربي يقرر أن يثور على طغاته سيكون مصيره الحرق والذبح والسحل، إن كانت ثورته تلك تتعارض مع أمن الكيان الصهيوني أولاً ومع ضمان تدفق النفط ثانياً؟
    هم لا يفكرون ماذا سيضربون بقدر ما يفكرون ماذا سيتلقون. لكنهم ببساطة يسعون لسيناريو محدَّد يضمن ولوج العصابات المسلحة نحو العاصمة والمراكز الهامة، مستغلين حالة من الضياع المفترضة قد تصيب القيادة بعد حدوث العدوان، وهذا الأمر بات مكشوفاً من خلال ما يجري الإعداد له شمال الأردن. يعلم أوباما تماماً أنه يملك خيار البدء لكن هيهات منه تحديد قرار انتهاء الحرب ونتائجها، وإن انسحب بعد كل هذا التصعيد فإن الكارثة أعظم لأن هذا الأمر معناه في السياسة أننا بتنا في زمن بات فيه التصريح بالتصريح والصاروخ بالصاروخ فعن أي أحاديةٍ عالميةٍ تتحدثون بعد اليوم. عن أي مصادرةٍ لمقدرات الشعوب ومعاقبتها بحججٍ واهية؟ بالتالي هو بكل الأحوال يدرك أن زمن الهيمنة الأميركية قد ولّى، فلربما يحاول أن يخرج بشيء من الكرامة لدرجة طلب فيها عبر وسطاء أن تكون الضربة محدودة لا تستدعي رداً سورية، لكن ما زاد تخبطه أن الجواب كان واضحاً وصريحاً: لك أن تبدأ، وعلينا أن ننهي ونقطة على السطر.
    حرب على سورية تستجديها «المعارضة السورية» فعن أي حل سياسي تتكلمون؟
    يبدو التصريح الروسي عن ضرب الحل السياسي في حال شن الحرب على سورية، تجسيداً واضحاً لما تريده إرادة الشعب السوري والمعارضة الوطنية السورية. من خلال ما جرى في الأيام الماضية، كان السؤال الذي يسأله المواطن السوري بغض النظر عن تأييده للقيادة السورية من عدمه:
    هل من يستجلب التدخل الخارجي وقصف سورية بالطيران من حملة الجنسية السورية، يريد اقناعنا أن الصواريخ هذه ستميز «انتماء المواطن»؟ هل يمكن أن نتفاوض على المستقبل السياسي لسورية مع إحدى الأدوات من حملة الجنسية السورية والذي قال بغبطة «اتفقنا مع اصدقائنا الفرنسيين والأميركيين والبريطانيين على توجيه ضربةٍ عسكرية لسورية»! عن أي سورية يتحدث؟ هل حقاً هو يتحدث عن سورية الوطن الذي نعيش فيه والذي يريد أن يقصفه هو وحلفاؤه؟ كيف يمكن للعبد أن يمنحنا الحرية، وكيف يمكن للرخيص أساساً أن يفاوضنا على وطنٍ بحجم سورية ثمنه بثمن قطرات الدماء البريئة التي روته!
    حقيقة هذا السؤال يجب أن نطرحه بجديةٍ اليوم، على من لا يزال مقتنعاً أن في حروب الوطن هناك شيء اسمه طرف ثالث، باعتبار أن من يحارب مع العصابات المسلحة مهما تعددت مسمياتها من جيش حر إلى جبهة النصرة بات ميؤوساً منه، لكننا نتحدث عن تلك الطبقة التي تريد أن تقنعنا بنرجسيتها أنها ضد القتل وتساوي بين القاتل والمقتول، تساوي أيضاً بين من يدافع عن الوطن كي لا يتكرر سيناريو أبو غريب في سورية وبين من يتسول غزو بلاده وهو جالس في الفنادق الفارهة. من هنا كان السؤال الذي يطرحه المواطن عن أي حل سياسي نتحدث؟ هل يمكن لنا بعد اليوم أن نجلس على طاولة المفاوضات مع أي شخصٍ هلل وفرح لهذه الحرب، بل إن هناك الآن من يتسابق ليعلن أنه هو من أقنع الأميركيين بشن هذه الحرب فهل من الممكن أن يكون هذا الشخص يهدف لبناء وطن؟ كيف للمواطن السوري أن يصدِّق أن من باع وطنه مرة لن يبيعه ألف ألف مرة؟
    حال المواطن السوري الآن يقول: أتمنى لو تحدث الحرب فعلاً، حيث أنني أثق بالانتصار على العدو ولكن هل بعد كل ذلك سيأتينا من يقول تعالوا إلى حل سياسي؟ هذه الحرب إن حصلت فيجب أن نوجه صاروخنا الأول باتجاه جنيف 2، وما قد يتبعه، دون أن نتخلى عن المعارضة الوطنية في سورية والتي أعلنت وجاهرت أنها ضد أي عدوان، ومع هذه معارضة ومع المستقلين يمكننا ببساطةٍ إعادة تكوينِ عقدٍ اجتماعي سياسي سوري لا يستثني أحداً إلا الذين قامروا بمصير وطنهم، عندها فقط يكون للانتصار الآتِي لا محالة معانٍ كثيرة، اقتلعت ما كان في الوطن من طفيليات وإن كان الثمن باهظاً، ولكن الأثمان كلها ترخص من أجل سورية الوطن. عندها فقط نعود للتصريحات الثلاثة لنختزل المشهد ونقول:
    عدونا أطل برأسه، بعد أن أخفق وكلاؤه بإصابة الهدف عبر صواريخه، فكان لابد من التدخل لأن أمن إسرائيل وما يتبعها من «إسرائيليات النفط» أهم. لذلك لا تنظروا إلى تهديداتهم بالحرب من باب الدولة القوية التي تحاول فرض هيمنتها، بل انظروا إليها من باب ما يمكن تسميته «صحوة الموت». أيها السوريون أنتم الآن تكتبون التاريخ من جديد.

    أوباما يضرم دائرة الشرق الأوسط
    بقلم: جميل جورجى عن الدستور المصرية
    من المؤكد أن أوباما يتخبط فى سياساته وأن هناك شيئاً من الرعونة ولا أقول أوباما على اعتباره هو متخذ القرار وليس صانعه وواجهة الإدارة الأمريكية ولكن أقصد المسئولين عن السياسة الخارجية الأمريكية وذلك التوجه فى السياسة الذى ظهر على نحو جلى فى أعقاب انتهاء الحرب الباردة، وذلك عندما أعلن بوش الأب فى أحد تصريحاته بأن الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تلجأ العنف
    وتتوسع فيه كوسيلة للدفاع عن مصالحها الخارجية وذلك دون أن تخشى خطر وقوع صدام عالمى أو حرب عالمية وبالفعل قد بدأ الرجل فى تنفيذ ما قاله مع حرب الخليج وتدخل القوات الأمريكية.. وقد سار بوش الابن على نهج بوش الأب عندما قام بغزو العراق وكانت هذه أول واقعة من نوعها بعد انتهاء عصرالاستعمار التقليدى الذى كان يعتمد على القوات ويستخدم القوة فى احتلال الدول. واليوم نرى أوباما يسير على ذلك النهج وذلك بالتدخل فى سوريا.. وهذا أيضا يحتاج إلى قراءة التاريخ من جانبه هو والمسئولين عن ذلك القرار وأن يكون على دراية بطبيعة منطقة الشرق الأوسط الجيواستراتيجية ويعلم ما هى الحقائق والثوابت حول هذه المنطقة وهى التى قال بها هنرى كيسنجر فى كتابه سنوات التحول Years OF upheaval فماذا قال وهو ما يجب أن يستوعبه أوباما قبل اتخاذ ذلك القرار الخطير الذى من شأنة أن يضرم دائرة الشرق الأوسط بالنيران وبالتالى يمكن أن يضرم دائرة العالم ونصبح أمام حرب عالمية ثالثة التى قد تحدث عنها بوش الابن قبل رحيله بعدة شهور من حكمه وقال إن منطقة الشرق الأوسط بما فيها من متغيرات قد أصبحت على شفا الحرب العالمية الثالثة والتى سوف تكون هى نقطة أو مركز اندلاعها. والغريب أنهم يعلمون أن هناك حرباً عالمية ثالثة يمكن أن تندلع أو أنها سوف تندلع وأنها حرب لن تبقى أو تذر وسوف تحمل فى طياتها نهاية البقاء المادى لذلك العالم الحاضر ومع ذلك فهم يعملون على تعجيل الخطى نحو هذه الحرب.. كما أنهم يعلمون تاريخيا وطبقا للعديد من النبوءات التوراتية بأن قلب ومركز هذه الحرب سوف يكون منطقة الشرق الأوسط وقد يحتاج ذلك الأمر المزيد من التفصيل لا تسمح به المساحة. الثوابت التى يجب أن يعرفها والتى سردها هنرى كيسنجر اليهودى الأصل هى أن منطقة الشرق الأوسط هى بمثابة منطقة شراك خداعية أن لم يتوخ المرء الحذر سرعان ما تنزلق قدماه.. القاعدة الثانية هى أن أى صراع مهما كان حجمه يمكن تدويله أى يصبح صراعا دوليا ومن ثم فإن عملية توجيه ضربة عسكرية لسوريا أمر ينطوى على قدر كبير من الخطورة وذلك للعديد من الأسباب هى أن طبيعة الظروف فى المنطقة تساعد وتعجل على نحو كبير بتدويل ذلك الصراع واندلاع الحرب العالمية المتوقعة إذ إن معدل العنف قد زاد فى هذه المنطقة على نحو كبير وأن العديد من الدول المحورية منها كالعراق وليبيا والسودان تعانى من حالة تفكك وصراعات طائفية.. وقد كان ذلك أيضا بفعل هذه السياسات الأمريكية التى تعمل للأسف لصالح المخطط الصهيونى وأيضا ما هى إلا أداة لتنفيذ هذه السياسات وقنطرة تعبر عليها.. وأن ما يحدث ليس من صالح الولايات المتحدة الأمريكية على الأمدين القصير والطويل.

    مأزق «الإخوان»
    بقلم: عبدالله إسكندر عن الحياة اللندنية
    تتعامل السلطات المصرية مع محاولة اغتيال وزير الداخلية على انها بداية لمرحلة جديدة من المواجهة مع جماعة «الإخوان المسلمين». وقد لا تكون المحاولة مجرد دافع لدى السلطات لتشديد الاجراءات الامنية وتوسيع احكام حال الطوارئ لمواجهة الارهاب الذي بدأ يضرب في قلب العاصمة فحسب، وانما قد تكون اغراء من اجل محاصرة «الإخوان» وحلفائهم، وصولاً الى قرار منعهم من العمل السياسي.
    ولا تعوز السلطات الحجج الامنية في مثل هذا الاتجاه، بعدما ترافق العنف الذي تشهده تظاهرات «الإخوان» في مدن كثيرة مع الارهاب المسلح في سيناء. على نحو بات الربط، في الاعلام المصري على الاقل، قائماً بين الظاهرتين على نحو يضع «الإخوان» والجماعات الاسلامية المتشددة والارهاب المسلح في موقع واحد.
    ومثل هذا الربط يسّهل كثيراً على السلطات المصرية التصدي لمعارضة «الاخوان»، وحلفائهم، للحكم الانتقالي وخريطة الطريق السياسية التي وضعها، بعدما باتت المطالبة بعودة محمد مرسي الى الحكم مستحيلة.
    يجتهد الكثيرون في مصر، من انصار الحكم الجديد، من اجل اظهار الجوهر العنيف لدى جماعة «الإخوان»، والجماعات الاخرى التي انبثقت عنها، منذ مرحلة التأسيس مروراً بتجارب كثيرة، في العهدين الملكي والجمهوري، وصولاً الى الوضع الراهن. ويلاحظ هؤلاء انه في كل تلك المراحل، كان لدى «الاخوان» تنظيم خاص ينفذ اعمال عنف تستهدف الحكم والخصوم السياسيين، ولم تكن مقنعة تصريحات النفي من قيادة الجماعة للعلاقة مع العنف وتنظيماته وتأكيداتها على النهج السلمي والدعوي لعملها.
    وكما في كل المراحل السابقة، لا يبدو ان نفي قيادات في «الاخوان» للعلاقة بمحاولة اغتيال وزير الداخلية واستنكارها للحادث ترك اي تأثير سياسي. لا بل كانت المحاولة والنفي مناسبة لحملة واسعة على «الاخوان» وتاريخهم وعلاقاتهم مع تنظيمات او مجموعات تعلن تبنيها العنف والارهاب نهجاً في العمل السياسي. ليواجه «الاخوان» حالياً مرحلة من الاصعب في تاريخهم، تفوق في صعوبتها مرحلة المواجهة مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
    كانت تواجه قيادة «الإخوان»، لدى الاصطدام مع السلطة الحاكمة في المراحل السابقة، خيار دخول السجن او الهروب واللجوء الى الخارج. وفي الحالين لم تكن مضطرة الى اعادة نظر جذرية في ايديولوجيتها وعملها. اما اليوم فإنها تواجه خياراً مصيرياً، يتعلق بمستقبلها كجماعة سياسية في النسيج الوطني المصري او كتنظيم انحاز الى خيار العنف واستغلال الفوضى الامنية والمأزق السياسي للسلطة من اجل فرض نفسه في هذا النسيج.
    من الواضح، حتى الآن، ان القيادة الحالية لـ «الجماعة» لا تزال تحت وطأة طردها من الحكم وانهاء مشروعها السياسي عنوة. وتبدو غير قادرة على استيعاب معنى المعارضة الشعبية الواسعة التي واجهتها عندما كانت في الحكم، ومعنى رغبة غالبية المصريين في استعادة الهدوء والعودة الى حياة طبيعية. ويبدو ايضاً ان هذه القيادة غير قادرة على قراءة اخطائها، لا بل تعمّق مضاعفات هذه الاخطاء لاعتبارها ان الاستمرار في التظاهر والاعتراض وحده يعيدها الى الحكم او آلة المشاركة فيه على اقل تقدير. فتغرق أكثر فأكثر في التجاور مع العنف والاعمال الارهابية، ما يخرجها أكثر فأكثر من النسيج السياسي الوطني ويضعها في خانة التنظيمات المتشددة والارهابية.
    بالتأكيد مثل هذا الوضع يضع مصر امام مستقبل صعب جداً وربما حرب أهلية تتجمع نذرها في اصرار الجماعة على التظاهرات العنيفة في الشوارع، لكنه في الوقت نفسه يجعل من شبه المستحيل تكرار تجربة وصول «إخواني» الى الرئاسة عبر الانتخابات.
    وسيستمر هذا المأزق «الإخواني» ما دامت القيادة الحالية مستمرة في نهجها وفهماً للمرحلة، وما لم تقدم على اعادة قراءة تجربة الجماعة كاملة بكل شفافية، وعلى اصلاح نفسها من الداخل على اسس ديمواقراطية واعادة النظر في مشروعها السياسي على قاعدة العمل السلمي والعلني ونبذ كل انواع العنف والاكراه.

    كلمة الرياض: العرب في ميدان اللعبة الخطرة!
    بقلم: يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
    يحيط بمنطقتنا العربية حزام خطير من الأزمات المتصاعدة، حروب بالنيابة عن قوى إقليمية، فإيران حاضرة في العراق بشكل يفوق الاحتلال الأمريكي وضمن سياسة منهجية ومخططة سلفاً حل جيشه وقوته الأمنية فأصبح مسرحاً للتفجيرات وحروب الطوائف والعشائر فيما يشبه الغياب للدولة التي أحاطت نفسها بأحزاب طائفية أبعدت بقية مكونات الشعب وساء سلوك النهب والفساد الإداري بحيث أصبحت مستلزمات الحياة من مياه وكهرباء وغذاء مأساة لبلد غني إلى حد التخمة بإمكاناته المتعددة النفطية والزراعية وطاقات بشرية لديها «التحدي والاستجابة» لو وجدت نظاماً تعددياً يكفل الحقوق للجميع في دولة ديموقراطية..
    سوريا على خط التقسيم، وإلى جانب الحرب بين الدولة والشعب فداخل المعارضة من ينطلق من مذهبه وطائفته وقوميته، واستهداف سوريا لم يكن وليد اللحظة فقد كانت على خط النار من الأربعينيات الميلادية وحتى اليوم، وحكاية حكم الأسد جزء من خطة ما يحدث الآن، ولا أحد يتصور النهايات القادمة والشكل الذي ستكون عليه سواء بثبات الأسد الذي تحاربه تركيا كقوة إقليمية ولو بلسان سياسي لا عملي، وإيران التي جندت إمكاناتها للمحافظة على النظام وقد لا تسير الأمور في اتجاه وحدة هذا البلد طالما التعاطي مع قضاياه صار جزءًا من حرب باردة تقودها عدة دول ومنظمات وجبهات..
    إسرائيل أصبحت تحتفل بزوال جيش العراق وسوريا فأصبحت جبهتها الشمالية بعيدة عن أي تهديد، وكان لابد من التوجه للجيش العربي الأقوى في مصر تحت نظام الإخوان المسلمين وبمؤامرة محكمة أعدت من قبل تركيا وأمريكا وعدة دول عربية وأجنبية، لكن اللحظة التي كشف بها الشعب خطة التقسيم والإغراق بحروب داخلية أبطله الحس الواعي للشعب والجيش والأمن، وهنا جاء الاستنفار العجيب من قبل الدول التي حاكت السيناريو وسقط بفعل وعي وطني غير مسبوق حشد كل قواه ضد الخطط المرسومة، فكان رد الفعل الأوروبي - الأمريكي والتركي استعمال سلاح المعونات والمبادلات الاقتصادية وحرمانها من صفقات السلاح وقطع الغيار تحت مفهوم نقض الشرعية، وهو الباب المفتوح لخطط الهجوم السياسي وقد تظهر الشهور القادمة صورة المؤامرة بوجهها الحقيقي من خلال التحقيقات مع عناصر السلطة، وهو ما يسقط الشكل والمضمون لتلك الخيوط التي نسجت في تلك الدول..
    من يظن أن المواجهة ستقف عند تلك الحدود يغالط الواقع، فنحن أمام موقف عربي خطير جداً، ويكفي أن السودان سهلت مهمة إيران في بناء قاعدة عسكرية لها، وتحاول مع الحوثيين صناعة دولة لهم، وهناك خيط واصل بين إيران وإسرائيل وكل الاحتمالات بنشوء حروب قادمة جزء من خلق كيانات ستشهد حروب المئة عام ما لم تكن الدول العربية ونخص دول مجلس التعاون ومصر واليمن والأردن على توافق تام في صياغة مشروع مشرقي عربي يتناسى الحساسيات أمام احتمالات الخطر القادم في توسيع دائرة التعاون الاقتصادي أولاً والأمني أولاً كذلك، فإن خيوط المؤامرة كبيرة ولن تستثني أحداً مهما ظن أن الصداقات دائمة، ونسي أنها لا تعزز إلا بالمصالح والقوة الناعمة والخشنة بالاعتماد على الذات.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 451
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-17, 11:41 AM
  2. اقلام واراء عربي 450
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-17, 11:40 AM
  3. اقلام واراء عربي 449
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-17, 11:40 AM
  4. اقلام واراء عربي 448
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-17, 11:39 AM
  5. اقلام واراء عربي 439
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-07, 09:37 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •