نجم.. حب فلسطين وكراهية المقاومة
بقلم عصام شاور عن الرأي
|
إذهبوا فأنتم الطلقاء
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
|
نائبٌ للرئيس عباس الآن .. لماذا ؟
بقلم رامي قاعود عن فلسطين الان
|
يا لَها مِن مِيتةٍ سَوِيّة
بقلم كمال أبو شقفة عن فلسطين الان
|
ردا على "معاريف"
بقلم عريب الرنتاوي عن فلسطين اون لاين
|
لِمَ تمّ دفن استطلاع مـؤسـسـة زغـبـي
بقلم حلمي الأسمر عن فلسطين الان
|
الدور السياسي لعلماء الدين
بقلم سري سمّور عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
لم أقل لرئيس الوزراء
بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
8-12-1987 م ... انتفاضة الحجارة
بقلم حسن أبو حشيش عن الرأي
|
|
نجم.. حب فلسطين وكراهية المقاومة
بقلم عصام شاور عن الرأي
شاءت الأقدار أن يكون التهجم على المقاومة الفلسطينية وتلفيق الاتهام لها هي آخر كلمات أحمد فؤاد نجم في السياسة، حيث وافته المنية بعدها بيومين فقط مما منعني من الرد على اتهاماته الباطلة، ولكن عندما أراد بعضنا تحويله إلى "نجم" و" بطل" وشاعر الشعراء _ ليس حبًا به وإنما بسبب عدائه للمقاومة في غزة وتساوقه مع موقف الانقلابيين في مصر كما "حاولوا" جعل السيسي بطلا _ وجدت أنه لا مفر من الاعتراض على تقدير من لا يستحقون التقدير حتى لو أصبحوا الآن في " دار الحق"، لأن اتهاماتهم الباطلة ما زالت منشورة في وسائل الإعلام.
أحب العوام والغوغاء "أغنية" لشعبان عبد الرحيم يقول فيها: أنا بكره (إسرائيل) وشمعون ويا شارون.. وبحب عمرو موسى وكلامه الموزون، وعلى هذا المنوال نسج "نجم" قصائده الشعرية ومدحه المادحون، ومما قاله نجم: ( يا واد يا يويو يا مهلبية.. فوق الصواني سايحة وطرية) وفي أخرى يقول: (نويت أصلى صرصور دخلي.. هرشلي مخي قعدت أفلى.. وشوشني قلي شوف القزازة..دوقلك شوي فيها اللزازة)، وبسبب هذا الكلام وكلام آخر يمس المقدسات والمحرمات ولا علاقة له بالشعر أو الأدب اشتهر شعبولا وأصبح أحمد فؤاد " في عيونهم" شاعر الفقراء والكادحين وربما الثائرين.
في آخر أيامه تساءل نجم عن المذابح التي اقترفتها منظمة إسلامية فلسطينية ضد الجنود المصريين، وما إذا كانت تلك الأفعال تخدم القضية الفلسطينية أم تخدم العدو الإسرائيلي، وقال بأن تلك المنظمة لا تنتمي إلى الشعب الفلسطيني، ونحن نؤكد عدم صدق شاعر الانقلابيين في أي كلمة قالها والافتراءات التي افتراها على غزة والمقاومة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني برئ من كل التلفيقات التي تصدر عن الاخرين لجهلهم أو لوشوشات صراصيرهم أو لحقدهم وتآمرهم وتساوقهم مع المحتل الإسرائيلي وإن قالوا: "نحن نكره إسرائيل".
ختاما فإننا نؤكد على احترامنا لكل من يدعم فلسطين وقضيتها ولو بكلمة، ولكن تبرير حصار غزة وتشويه المقاومة الفلسطينية وتحريض الشارع المصري ضدها يخدم العدو الإسرائيلي والعلمانيين والانقلابيين في المنطقة، ويتناقض مع الادعاء بحب فلسطين أو الوقوف إلى جانب أهلها .
8-12-1987 م ... انتفاضة الحجارة
بقلم حسن أبو حشيش عن الرأي
26 عاما على انطلاقة الحجر الفلسطيني، على انتفاضة الحجارة، على مصطلح الانتفاضة، على ثورة أطفال الحجارة، حيث كان يوم الثامن من ديسمبر عام 87 م شاهدا على ثورة جيل خطط له الاحتلال أن يذوب وينسلخ عن هويته, ويخرج من قاعدة الصراع، تطبيقا لقول (غولدا مئير ) الزعيمة الصهيونية : الكبار سيموتون والصغار سينسون. هذا كان مخططهم ومؤامرتهم.
فجاء الرد مزلزلا من جيل الشباب الذي كبر وترعرع بعد الاحتلال الصهيوني عام 67 م. لقد شكلت انتفاضة الحجارة مرحلة فاصلة متجددة من مسيرة النضال الفلسطيني، حيث نقلت القضية الفلسطينية نقلة نوعية، وأخرجتها من الموت السريري التي دخلتها بعد خروج المقاومة من بيروت عام 82 م، وحركة الانشقاقات عام 83 م، وحصار المخيمات في بيروت عام 85، وتشتت المقاتلتين في البلدان العربية بعيدا عن دول الطوق. .. فنفخت فيها الحيوية وتجديد الطاقات والدماء بروح جديدة، وفكر مختلف، وثقافة متطورة. كذلك عملت الانتفاضة على نقل الثقل الكفاحي والجهادي ولأول مرة من الشتات والحدود الى قلب فلسطين وداخل المخيمات والمدن والقرى، وهذا أعتى وأقوى وأكثر فعالية في تحقيق الأثر.
لقد كشفت الانتفاضة عوامل القوة الذاتية لنا، ومقومات الانتصار الداخلية، فبدأت الانتفاضة بالحجر والمقلاع والإطارات المشتعلة والحواجز، ثم تطور الأمر إلى الزجاجات الحارقة وحرب السكاكين والسلاح الأبيض، ثم انتقل الفعل إلى السلاح الناري والعمليات المسلحة والقنابل، إلى أن وصلت في نهاياتها للسيارات المفخخة والعمليات الاستشهادية. كل ذلك بتخطيط ذاتي، وتفكير محلى، وأدوات وطنية مصنوعة محليا، فلم ينتظر المنتفضون و الثوار دولا داعمة، ولا محاور راعية، ولا مالا مُسيسا، ولم يخضعوا للعصا العالمية ولا للجزرة الدولية. انها حركة ثورية حركت مكامن العزة والكرامة لدى شعب اقترب من الموات، ولدى أمة أراد حكامها لها الخيانة والتبيعة والذل والهوان والتآمر، ولدى شعوب الأرض الثائرة على الظلم والاستعمار.
رسمت انتفاضة الحجارة خارطة الوطن السياسية والفصائلية، وشهدت خفوت وأفول عناوين عملت واجتهدت ونجحت في أمور وأخفقت في أخرى, وشهدت بروز ثوب جديد للتيار الإسلامي بكل مكوناته الحركية، وبذلك تغيرت خارطة الميدان وخارطة القيادة وخارطة السجون وخارطة كل شيء في فلسطين. كما أنها اكتشفت مقومات الوحدة الفلسطينية في فعل يُغضب الاحتلال، حيث انخرط فيها وبمستويات متباينة سكان قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس وشعبنا في الأراضي عام 48 م ومخيمات اللجوء والشتات.
أستطيع القول انها بوابة كل الفصائل نحو التواجد والقوة واعادة الاعتبار، وهي كانت سببا لإنعاش الحركة الوطنية بكل ألوانها السياسية، فهم جميعا مُدانين لها، لذا الكل مُطالب أن يعمل على تسجيلها وتخليدها ونقلها للأجيال، لأن الذكرى للأسف تراجعت وتاهت بين ذكريات انطلاقات الفصائل، فالجهاد يحتفل في 6-10، والشعبية في 11-12، وحماس في 14-12، وفتح في 1-1، وهكذا بقية الفصائل، ويمرون سريعا على 8-12 التاريخ الذي له فضل على الجميع بعد فضل الله. نحن نحتاج لإعادة الاعتبار للبعد الوطني للانتفاضة، واستحضارها بقوة قبل استحضار أي موقف حزبي وفصائلي.
كل التحية لشهداء فلسطين في انتفاضة الحجارة، والتحية لكل من ألقى حجرا وأشعل إطارا وكتب على جريدة الانتفاضة ( الجدران ) شعارا او علق علما وراية، تحية لكل من جُرح وأُعتقل...كانت سبع سنين لفتح جديد لكل فلسطين.
إذهبوا فأنتم الطلقاء
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
رحل مانديلا الإنسان، والمناضل، والرئيس، عن (٩٥) عاما بعد ان ضرب مثلا في الزعامة، وقدم نموذجا في الإنسانية. الرجل اكتفى من الرئاسة بأربع سنوات بعد خروجه من السجن، ولو شاء ان يحكم أربعا أخرى بحسب قوانين جنوب أفريقا لأمكنه ذلك بفوز ساحق في الانتخابات، ولكنه زهد فيما هو حقه بالقانون، ليعطي شعبه والشعوب الأخرى درسا في السياسة والزعامة.
لقد احتفت وسائل الاعلام بوفاة منديلا وبسيرته، وهو احتفاء يستحقه الراحل، وتستحقة دولة جنوب أفريقا التى ضربت مثلا في النضال ضد التفرقة العنصرية على أساس اللون والعرق، وضربت مثلا في التسامح مع البيض بعد انتصار السود وتسلمهم الحكم. لقد قاد مانديلا ما يسمى في القانون بالعدالة الانتقالية، والتي قامت عندهم على قاعدتي ( المصارحة، والمصالحة. ) لقد تقدم الرجل الأبيض باعترافاته كاملة عن جرائمه حين كان في الحكم، وطلب ما ضحيته، وهو هنا الرجل الأسود قبول اعتذاره، ومسامحته، وقد كان. ويقال ان مئات الآلاف شاركوا في هذه العملية الطويلة قررها مانديلا بديلا عن القصاص، والانتقام.
لقد سعدت بوسائل الاعلام العربية التي احتفت بالمعاني الإنسانية في سيرة الرجل الحافلة بالخير والعطاء الإنساني، فجنوب أفريقيا دولة تستحق الاحترام إذ انها من اكثر الدول إحساسا بمعاناة شعبنا في فلسطين، وهي دولة تكاد ان تنفرد بتمثيل نبض أفريقيا، ونبض الإنسانية. غير أنني عتبت على الاعلام العربي حصره مفهوم المصارحة والمصالحة بجنوب أفريقيا وبمانديلا، ففي العالم العربي ضرب الرئيس محمد مرسي مثلا إنسانيا فذا في تنازله عن حقه، ومسامحته لمن اعتقلوه يوما وعذبوه عذابا شديدا. ومثل ذلك فعل الاخوان حيث تركوا امر من ظلمهم عشرات السنين لله عز وجل، ولم يتقدم احد منه بشكوى ضد من أساءوا وظلموا، ولو فعلوا ما لامهم أحد، غير ان العفو والصفح الجميل، كان لهم عزما ومنهجا.
واعتب على وسائل الاعلام التى لم تلتفت جيدا في هذه الحالة الى التذكير بالسنة الأولى والمثل الأعلى في التاريخ البشري، حيث ضرب لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم المثل، والنموذج في التسامح والعفو الكريم، والصفح الجميل، حين فتح مكة، وخضعت له الرقاب، فأطلق سراحها على ما كان منها من ظلم، وقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء.
نعم ربما شعر بعض رجال الاعلام بالتباس في نموذج محمد مرسي، والإخوان، بسبب الظرف السياسي الملتبس، ولكن هذا الشعور الملتبس لا وجود له في سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ومن حق الإسلام على إعلامنا ان يؤصل للمفاهيم الإنسانية بردها الى أصولها في السيرة النبوية وفي الشريعة الإسلامية. نعم لم يكن مانديلا مسلما عقيدة، ولم يكن الاول، ولكنه طبق تعاليم الإسلام في باب العفو والتسامح، من خلال ما عرف في باب العدالة الانتقالية بالمصارحة والمصالحة، ومن ثمة استحق الذكر الكريم كلما ذكر الناس هذا الخلق الجميل.
الإسلام مبادئ وتعاليم وأخلاق وسلوك، لا يحتكرها المسلم دون غيره، فالإسلام جاء للكافة، ولكل الحق في ان يأخذ من تعاليمه، حتى وإن لم يتبع المسلمين عقيدة وشريعة.
لم أقل لرئيس الوزراء
بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام
قبل اسبوع، كان لأصحاب الرأي والفكر وأساتذة الجامعات لقاء ثانٍ مع رئيس الوزراء إسماعيل هينة، تحدثوا جميعهم في الشأن الفلسطيني، ومنهم من شرق في حديثه، ومنهم من اتجه إلى الغرب، ولكن جميعهم تحدث بصراحة وثقة في صلب الموضوع.
لقد أصغى رئيس الوزراء إسماعيل هنية إلى المتحدثين، وانتبه لمجمل الآراء، واستفسر، وسجل بعض الملاحظات، وقدم في نهاية اللقاء موقف حركة حماس؛ الذي عكس الحرص على المصالحة الوطنية، والباحث عن المشاركة الفعلية في القرار السياسي الفلسطيني، والساعي للخروج من حالة الجمود السائد.
لقد بحت شخصياً بموقفي السياسي أمام رئيس الوزراء، بين رضى البعض وغضب البعض الآخر، ولكنني حرصت على أن أفصح عما سكن نفسي من وجع فلسطيني، وعما جال في خاطري من هموم سياسية، ومع ذلك، فقد اكتشفت أنني لم أقل لرئيس الوزراء ما يلي:
1- مصالح الشعب الفلسطيني الاستراتيجية أهم بكثير من مصالحة المرحلية، لذلك يتوجب عليكم مناصرة الشعوب العربية بلا تردد، مع التأكيد على حق الشعوب في اختيار حكامها من خلال الانتخابات الديمقراطية؛ التي اوصلتكم شخصياً لرئاسة الوزراء.
2- أنت رئيس وزراء المقاومة الفلسطينية، وأنت صاحب التأثير المباشر على وجدان الأمة العربية والإسلامية، ومن أراد أن يثكله شعبه، وأن يهان علانية أمام الجماهير، فما عليه إلا أن يناصبكم العداء، فانتم بما تمثلونه من مقاومة تظلون عنوان الكرامة العربية، ومن ارتعبت منه إسرائيل سيرتعب منه كل حاكم وأمير وغفير في المنطقة.
3- غزة شامخة رغم حصارها، فلا تنتظر حتى يعترف بوجودك في غزة الآخرون، وإنما عليك أن تمارس فعل المقاومة اليومي حتى ينشد رضاك الآخرون، فأنت القضية بعدالتها، وأنت عنوان المقاومة الصلبة التي يتحرك لها الشامي والمغربي.
4- لا تقلل من شأن الشعب الفلسطيني الذي وثق فيكم، ولا تخفض من سقف المقاومة، فلا تضيق على نفسك متسعاً ببقائك رئيس وزراء أفرزته انتخابات تشريعية باركتها اتفاقية أوسلو، عليك أن تسقط اتفاقية أوسلو بشكل عملي، وعليك أن تناقش خيارات أخرى، وبدائل تمكن الناس في قطاع غزة من إدارة شئونهم الحياتية بعيداً عن اتفاقية أوسلو.
5- عليك أن تقود المرحلة، وتسعى إلى تكوين الجسم الوطني القادر على تمثيل كل الفلسطينيين في الداخل والخارج، وذلك من خلال الدعوة لعقد مؤتمر جماهيري كبير، يضم كل الأحزاب والقوى السياسية، ويضم الشخصيات الوطنية والكفاءات السياسية الراغبة في العمل الجماعي، لصير الإعلان عن ميلاد قيادة جماعية موحدة للشعب الفلسطيني، قيادة أكبر من قيادة أوسلو، تتوافق على برنامج سياسي مشترك.
6- إن الدراية الجيدة بالمتغيرات الإقليمية لتفرض على حركة حماس أن تجري تغييرات جوهرية على قيادة مكتبها السياسي، طالما كانت فلسطين أهم من كل التنظيمات، وطالما كانت الفكرة التي تقاتل من أجلها حركة حماس أهم من كل القيادات، وأعز شأناً من المواقع السياسية التي تشغلها بعض الشخصيات.
7- القائد هو المبادر، عليك أن تبادر بطرح الأفكار القادرة على استيعاب طاقة الشباب الفلسطيني، وفتح باب التدريب على السلاح للجميع دون استثناء، حتى يتم تشكيل الجيش الشعبي الفلسطيني، فالمعركة مع العدو الصهيوني مؤجلة، ولكنها حتمية.
الدور السياسي لعلماء الدين
بقلم سري سمّور عن المركز الفلسطيني للاعلام
ليس في الإسلام «رجال دين» بل علماء دين، علما بأن مصطلح «رجال الدين» ظهر بعد الثورة الفرنسية، وكان في أوروبا ثمة نقمة على هؤلاء بسبب مساوئ حكمهم شبه الفعلي وتزاوج مؤسسة الكنيسة مع طبقة الإقطاع والنبلاء، في حين أن عالم الدين المسلم لا يحصل على مكانته بالطريقة التراتبية القائمة في الديانة المسيحية أو اليهودية أو البوذية أو الهندوسية، وإذا كان هناك مؤسسة أو مؤسسات لعلماء الدين فهي ليست مؤسسات كهنوتية، كما أن عالم الدين المسلم ليس مطلوبا منه أن يعترف أمامه المذنب بذنبه بل هذا ليس للنبي-صلى الله عليه وآله وسلم- بل إن ما حصل مع ماعز والغامدية في واقعة الرجم المعروفة أنهما توجها للنبي باعتباره الحاكم المنفذ لشرع الله وليس باعتباره وسيطا لتوبتهما أمام الله، لأن علاقة العبد بربه في الإسلام مباشرة ولا تحتاج وسيطا، ويجب عدم التهاون في تداول المصطلحات خاصة الوافدة من الغرب، ولو بذريعة وقف الجدل.
والبعض يحاجج بأن كلمة «عالم» تطلق على من ابتكر شيئا جديدا في أحد العلوم التطبيقية أو الإنسانية، فما الذي ابتكره علماء الدين؟ وهذا الطرح ينم عن جهالة؛ فعلماء الرياضيات أو الفيزياء المعاصرين ليسوا مثل رول أو آينشتاين من حيث فكرة الابتكار وتأسيس النظريات، ولكن لديهم أبحاثا أو فهما للنظريات والقوانين في مجال اختصاصهم، فهم بذلك علماء، كما أن علماء الدين الذين درسوا العلوم الدينية المختلفة علماء في هذا المجال؛ فمثلا المتخصص في علم الحديث الشريف لديه علم في تخريج الأحاديث وتفصيلات المتون والأسانيد والجرح والتعديل، بل إن الجرح والتعديل بحد ذاته علم له أصوله وقوانينه.
وطريقة تحصيل العلم الشرعي قد تكون بالتلقي عن شيوخ أو علماء متمكنين مجازين، أو من خلال الدراسة في كليات وجامعات ومعاهد، وقد يقوم البعض بالدراسة الذاتية من الكتب الموجودة، ولكنه يبقى بحاجة إلى إجازة يحصل عليها من علماء آخرين في حال رغب في الإفتاء أو ما شابه.
وقد كانت علاقة العديد من علماء الدين في بلاد الإسلام مع الحكام عبر العصور يشوبها التوتر، إما بسبب الرأي من مسائل دينية مثلما حصل مع الإمام أحمد بن حنبل فيما عرف بفتـنة القول بخلق القرآن، حيث أن السلطة السياسية التي كان يمثلها العباسيون قد لجأت إلى استخدام سطوتها وجلد ظهر الإمام الجليل لأنه رفض النزول عند رأيها الذي تبنى فكر المعتزلة، وهي بالمناسبة مدرسة فقهية لها علماؤها ومتكلموها، وكما حصل مع ابن تيمية في مسائل عدة ومنها ما تعمل به المحاكم الشرعية جميعا من كون الطلاق في جلسة واحدة لا تحسب منه إلا طلقة واحدة لا ثلاثة وإن تلفظ الزوج بها، وقد مات ابن تيمية في السجن، على خلفية رأيه المعمول به حاليا!
والسبب الآخر لاصطدام العلماء بالسلطة السياسية القائمة في عصورهم سياسي؛ حيث أنه في مراحل معينة قد يخالف رأي أو موقف الحاكم موقف العالم المستند إلى نصوص شرعية أو إلى اجتهاد مغاير، وقد رأينا أن بعض العلماء كان صمودهم وإصرارهم سببا في إنقاذ الأمة من أخطار داهمة مثلما حصل من العز بن عبد السلام إبان حكم المماليك، وكان موقفه كما يجمع غالبية المؤرخين سببا في انتصار مصر على الغزو المغولي في معركة عين جالوت.
ولا يمكن القول بعدم تدخل علماء الدين في الشأن السياسي؛ لأن النصوص تمتلئ بما يرتب وينظم الحالة السياسية للأمة، من آيات كريمة أو أحاديث شريفة، فهل الذين يطرحون هذه المقولة جهلة بهذه النصوص، أم أنهم يرغبون بحذفها وتجاهلها؟!
كما أن هؤلاء الذين يتشدقون بمثل هذه المقولة لا مانع لديهم من أن يكون عوفاديا يوسف مثلا زعيما دينيا وسياسيا في الكيان العبري، وأن يفتي فتاوى سياسية لخدمة حزبه وطائـفته الدينية، باعتبار أن إسرائيل دولة علمانية خالصة بزعمهم، فيركزون هجمتهم على العلماء المسلمين...اللهم إلا إذا وافقوا أهواءهم وآراءهم السياسية!
وسلطة علماء الدين كانت وما زالت وستظل أدبية أخلاقية، وليست تنفيذية إلا في بعض المجالات مثل مؤسسات الوقف وإدارة المساجد مثلا، ولكن ليس هناك ما يمنع عالم الدين من لعب دور سياسي، فلا مانع من ترشحه لانتخابات ذات صبغة سياسية، أو تعيينه في منصب سياسي، فكما يحق لمن درس الرياضيات أو الاقتصاد أو العلوم العسكرية، بل من لم يدرس شيئا أن يتبوأ هذه المناصب فلا مانع من أن يتولاها عالم دين، والقول المكرور بأن عالم الدين سيعتبر نفسه مقدسا وما يصدر عنه كأنه وحي السماء في مسائل دنيوية هو قول سخيف؛ فإذا كان رأي العالم أو حتى الصحابي والتابعي في علوم الدين يؤخذ ويرد فكيف في شؤون الدنيا؟ولم نعلم أن علماء الدين، بسوادهم الأعظم، قد طلبوا أو تصرفوا على أن ما يطرحونه حق ما سواه باطل من منطلق القداسة والمكانة.
ولمعرفة الحكام عبر العصور بمدى تأثير العلماء والمشايخ على الناس وأهمية دورهم فقد قربوا بعضهم من بلاطهم، ونشأ مصطلح «وعاظ أو علماء السلاطين» ومن الناحية الشرعية والمبدأية لا مانع ولا ضير في أن يتقرب الحكام من علماء الدين والمشايخ، بل إن هذا أمر مندوب محمود، ولكن المشكلة تكمن في استخدام هذه الفئة في الترويج لأمور محرمة يفتي هؤلاء بأنها حلال، أو بمبالغتهم في مديح الحكام بما ليس فيهم، وتضليل الناس عبر المنابر والكتب والفتاوى فيتحولون إلى ما يشبه شعراء البلاط...وقد أخذ الإمام مالك بن أنس مالا من هارون الرشيد، ولكنه رفض أن يغادر المدينة المنورة لتعليم أولاد الرشيد، وقد كان لحسن علاقة الإمام بالخلافة العباسية أثر طيب في أمور شتى منها إقناع الإمام للخليفة بعدم إعادة بناء الكعبة كي لا يسن سنة تجعل البيت لعبة بيد الحكام، فتسقط هيبته من قلوب الناس، ولكن مالكا وأمثاله لم يجاروا الحكام في مخالفة الشرع أو إصدار فتاوى مفصلة على مقاس أهواء ورغبات الحكام، مثلما فعل بعض العلماء؛ فالعلماء ليسوا سواسية مثلهم مثل الفئات الأخرى في هذا الأمر.
ولكن المشكلة الأكبر التي واجهت علماء الدين هي اعتمادهم على المال الذي بيد الحاكم في معيشتهم، مما سهل له التحكم بالمؤسسة، وتجنب غضبهم أو دعوتهم للتصدي له؛ فمحمد علي باشا والي مصر في القرن التاسع عشر تمكن من تحويل مؤسسة الأزهر الشريف القائمة ذاتيا من تبرعات ومساهمات الشعب منذ قرون إلى مؤسسة تتبع الدولة عبر إغداقه المال عليها وإغواء المشايخ –بدهائه المعروف- بأن مال الدولة أكثر وربما أفضل من مال التبرعات، فصار تعيين رئيس مشيخة الأزهر أمرا منوطا بالسلطة السياسية وقد سار من بعده على نهجه حتى الآن.
وقد حاول شاه إيران لعب نفس الدور مع علماء الشيعة وإتباع الحوزات العلمية إلى مؤسسة حكمه سنة 1906م بإلغاء اعتماد الحوزات على أموال الخمس وغيرها مما تحصل عليه الحوزة من العامة فتنبه علماء الحوزة إلى الأمر ورفضوا الفكرة بقوة أجبرت الشاه على التراجع عن قراره، وهو أمر جعل الحوزة مستقلة بل خرج منها بعد عشرات السنين من يقود ثورة تطيح بالنظام الشاهنشاهي وهو الخميني.
والعلماء في التعاطي مع الشأن السياسي ينقسمون إلى ثلاثة أقسام؛ الأول وهم الغالبية يلتزمون الحياد وعدم الخوض في القضايا السياسية الراهنة وينكبون عن الوعظ والترغيب والترهيب، وسرد سير السلف الصالح بلا ربط يذكر مع الواقع، وذلك خوفا من بطش النظم الحاكمة أو سلطة الاحتلال الأجنبي، ويعللون ويبررون بأن إصلاح القلب والنفس مقدم على القضايا الأخرى، أو درء الفتنة، أو أن الأمة تعاقب من ربها بسبب معاصيها!
وقسم ثان يمالئ النظم الحاكمة أو حتى الاحتلال الأجنبي، ويـصبح صوتا لها ويفتي بما تريد، أو بما يعلم أو يحس أنها تريد، مع مدح مبالغ فيه، فقد سمعت أحدهم يقول لزعيم عربي مات قبل سنين:والله إنك لأعدل من عمر!...وهو أو زميله ذكر أبا بكر وعمر وغيرهما من كبار الصحابة والخلفاء ثم توجه بكلامه لذاك الزعيم قائلا:كانوا مثلك! ويحظى هؤلاء عادة بامتيازات ومنافع شخصية ومعنوية، ولكن ذكرهم يمحى بزوال الحالة السياسية التي يحيونها حتى لو كانوا حائزين على درجات علمية متقدمة.
وقسم ثالث قليل يواجه النظم الاستبدادية سواء بالنصح أو بتجييش الناس ضد سياسات الحكام، أو بالوقوف في وجه الاحتلال الأجنبي بالجهاد بالسنان أو اللسان؛ ولنا في التاريخ القريب والبعيد أمثلة على ذلك، مثل وقفات ابن تيمية والعز بن عبد السلام ضد التتار، وفي عصر الاستعمار الغربي الحديث كان بعض العلماء والمشايخ مثل عبد الكريم الخطابي في المغرب وعمر المختار السنوسي في ليبيا وعبد الحميد بن باديس في الجزائر وعز الدين القسام في سورية وفلسطين مواقف رجولية مشرفة ضد المحتل الإسباني أو الإيطالي أو الفرنسي أو الإنجليزي، وقد استشهد عز الدين القسام في معركة مع جيش الانتداب الإنجليزي في أحراش يعبد بفلسطين وهو الشيخ القادم من جبلة السورية الأزهري التعليم، وكان الشيرازي وهو عالم دين شيعي قد أفتى بالثورة ضد الإنجليز مما ساهم في اشتعال ثورة العشرين بقوة في العراق(بعكس موقف السيستاني من احتلال الأمريكان)، مما يعني أن عالم الدين بغض النظر عن مذهبه ومدرسته يمكن أن يقوم بهذا الدور المهم.
ولا شك أن انخراط علماء الدين في حرب الاحتلال فيزيائيا أو نظريا له أثر كبير جدا في حشد الجماهير ورفع معنوياتها وتحقيق إنجازات على الأرض، حيث أن عالم الدين حينما يخاطب الناس فإنه يربط دنياهم بآخرتهم وبيده نصوص تجعل للمجاهد والشهيد مكانة سامية، وهذا ما استفز المستعمر المحتل وجعله يسعى دوما لتفريغ مؤسسات العلوم الشرعية والمنابر من محتواها التعبوي.
وكان بمكنة العلماء الذين سلكوا هذا الدرب المليء بالصعاب والذي قد يؤدي بهم إلى السجن أو القتل أو العقاب بطرق مختلفة أن يسهبوا في شرح أحكام الوضوء، وأن يغرقوا في تـفصيلات مسائل الحيض والنفاس أو مقدار صدقة الفطر، فيسلمون وهم يقنعون أنفسهم ويقنعون بعضا من العامة أن هذا فقط دورهم، ولكنهم اختاروا أصعب الدروب.
ولهذا خلّدهم التاريخ، وكانوا وما زالوا وسيبقون منارة يهتدي بها من سيسير على نهجهم، مع العلم أنه في زمانهم ليس شرطا أن يكونوا أكثر علما وحفظا للمتون والشروح وتحصيلا للدرجات العلمية من غيرهم، فما خلدهم أن علمهم لم يبق في الإطار النظري المجرد، أو لم يقتصر على مسائل العبادات وشروح العقيدة وغيرها، بل إن كل من لا ينتسبون للمذهب الحنبلي يجلون موقفه وصموده وصبره في مسألة خلق القرآن، مع أن مسنده فيه كثير من الأحاديث الضعيفة مثلما يقول المحققون، فمكانة الرجل عظمت أكثر بسبب موقفه أكثر من رأيه الفقهي في قضايا أخرى أو علمه ونتاجه المكتوب.
بيد أن الأمة جميعا بمن فيها حتى من يتبنون أفكارا غير إسلامية تحترم وتجل العالم والشيخ الذي يقارع المحتل، ولكنها حياله أو حيال أي عالم دين يتصدى للنظم الاستبدادية تكون منقسمة بتأييده سرّا أو جهرا، أو معارضته حد التشكيك بنيته والطعن في شخصه وعائلته، وهي مسألة نلحظها بوضوح.
ولهذه المفارقة أسبابها المختلفة؛ منها أن المحتل يظل أجنبيا غريبا لا يدين بدين الأمة ولا ينطق بلسانها بعكس الحاكم المستبد، ومنها أن الحاكم يتحكم بمجموعة علماء ويظهر أنه مع الإسلام الصحيح، بل يذهب حد الزعم أن من يعارضه يخالف الشرع!
وبعد الثورات العربية انتقل الخلاف إلى أوساط مجموعة العلماء أنفسهم؛ فمنهم من شجع ودعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية بالفتوى ومن على المنبر وبالمقال والكتاب، وهؤلاء أنفسهم اختلفوا حول حاكم معين أو نظام سياسي قامت ضده ثورة، ووصل الأمر أن يشهروا ببعضهم على الملأ، وطبيعي أن ينتقل الأمر إلى الجمهور في الشارع العربي والمسلم فينقسم الناس بين مريد لهذا العالم أو ذاك في رأيه مما يجري، أو ناقم عليه ناعتا إياه بأوصاف قبيحة.
ولا بد من خطوط عريضة يجتمع عليها العلماء للخروج برأي موحد، ونبذ أي عالم أو مؤسسة تـبـيح الاستبداد أو تشجع القتل من أي حاكم كان، بأي ذريعة كانت، وهذا يبدو بعيدا لأن الأمة منقسمة مذهبيا وسياسيا، وعلماؤها عموما انخرطوا في هذا الانقسام البغيض بطريقة أو بأخرى.
ومع ذلك يبقى دور العلماء السياسي أصيلا ومطلوبا في هذه المرحلة، ولا بد للعلماء أن يضطلعوا بدورهم فإن رأى بعضهم أن التخلص من المستبد أمر مقدم على غيره، ورأى آخرون أن هذا مجلبة لفتنة أشد تراق فيها دماء كثيرة وجب حقنها، فليجتمعوا على كلمة سواء وميثاق شرف بينهم، كي لا تظل الأمة منقسمة في رأي علمائها مثلما هي منقسمة بين أحزابها وسياسييها ومـثـقفيها، وهذا الميثاق بات حاجة ملحة في هذه المرحلة بالذات...فهل سنراه يوقع قريبا، ويلتزم به من يوقعونه؟!
نائبٌ للرئيس عباس الآن .. لماذا ؟
بقلم رامي قاعود عن فلسطين الان
تحسبا لمغادرة محمود عباس رئاسة السلطة فى حال رفضه الترشح لانتخابات رئاسية جديدة أو حصول أي طارئ يجعل منصب الرئاسة فارغا , نادي عدد من أعضاء حركة فتح فى الآونة الأخيرة بضرورة تعيين نائب لرئيس السلطة , وكان من ابرز المطالبين بذلك اللواء توفيق الطيراوي عضو اللجنة المركزية للحركة ورئيس لجنة التحقيق في ظروف موت الرئيس ياسر عرفات , والمحسوب على التيار المناصر لعباس, , فى حين خرجت أصوات أخرى من قيادة حركة فتح وغير محسوبة على تيار عباس تعارض تعيين نائب للرئيس .
ما يستدعي التساؤل أن تلك التجاذبات جاءت فى ظل أجواء ضغوط أطراف إقليمية تحاول إقناع الرئيس محمود عباس بالموافقة علي عودة شخصيات معينة الى مظلة السلطة , ورغبة قيادات فتحاوية بتعيين الأسير مروان البرغوثي خلفا لعباس , تزامنا مع إعلان الطيراوي أن لجنة التحقيق فى وفاة عرفات لديها قناعات كاملة بأن عرفات توفي اغتيالا ! , وتوجيه أكثر من طرف أصابع الاتهام الى الكيان الصهيوني بقتل عرفات.
يتضح من الخلاف الحاصل بين قيادة حركة فتح ما بين مؤيد ومعارض لتعيين نائب للرئيس, أن السلطة مقبلة على جملة من الأحداث تشبه إلى حد كبير الوضع الذي كان قائما فى عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات وما تعرض له لاستحداث منصب رئيس وزراء يتمتع بصلاحيات أخرجت عرفات من المشهد السياسي الفلسطيني. ما ينذر بإمكانية تعرض عباس لما جرى لعرفات, الأمر الذي تتوقع حدوثه حركة فتح وتخشي سحب بساط السلطة من تحت أقدامها ووضعها أمام تحديات منها:
فى حالة فراغ منصب رئيس السلطة تحت أي ظرف فإن رئيس المجلس التشريعي و القيادي فى حركة حماس د.عزيز دويك يتولي منصب الرئاسة لمدة 60 يوما, الى حين إجراء انتخابات رئاسية.
دعوة فتح لتعيين نائب لرئيس السلطة هو استحداث جديد يتعارض مع نص القانون الأساسي الفلسطيني الذى لا يملك عباس تغييره, فالمجلس التشريعي الفلسطيني هو صاحب الولاية القانونية و الجهة المخوّلة بذلك بموجب المادة (رقم 120) من الدستور المؤقت.
فى حال نجحت حركة فتح فى تعيين نائب لعباس, هل ستستطيع تسويقه داخليا أو على مستوى الفصائل الفلسطينية وكذلك على المستويين الإقليمي والدولي ؟ أم إن استحداث منصب نائب للرئيس تسعي من خلاله حركة فتح للاحتفاظ بمنصب رئاسة السلطة فقط؟.
إن إثارة قضية تعيين نائب لعباس الآن وفى الوقت الذي تتسارع فيه الأحداث بوتيرة مرتبطة بالتقلبات الإقليمية والدولية, وسعي المجتمع الدولي للملمة الملفات السياسية واستئناف المفاوضات الفلسطينية مع الكيان الصهيوني, والجولات الخارجية التى قام بها عباس, ومحاولة بعض أطراف إقليمية إعادة قيادات سابقة من حركة فتح لتتقلد مناصب فى السلطة؛ يضع عباس أمام خيارين: إما أن يستجيب للضغوط الإقليمية ويبدي تغييرا في مواقفه، ما سيضعفه ويقلص عدد مناصريه داخل حركة فتح, أو أنه سيبقى مصرا على رفضه، ما سيضع الرجل فى مواجهة مصير سلفه الراحل ياسر عرفات، ويشرب من الكأس نفسه، وهذا ما تخشاه حركة فتح؛ فتستبق الأحداث لتطالب بتعيين نائب لعباس.
يا لَها مِن مِيتةٍ سَوِيّة
بقلم كمال أبو شقفة عن فلسطين الان
أعمار الأمة المحمدية بين الستّين والسبعين، وقليلٌ منهم ما يتجاوز عمره ذلك، والكيّس الفَطِن من يغتنم هذه الأوقات ويُعمر دنياه بالقربات، ويَعضّ على دينه وأخلاقه وقِيَمه حتى يلقى ربه راضياً مرضياً، لن أكون هنا شاعرياً عاطفيا، ولن أكون خطيبا، ولن أجترّ العواطف أو أستثيرها، لكنها لحظات قلّما يعيشها الواحد منا، استمعت لخطبةٍ أبكتني وأبكت جموع الحاضرين وعلى مدار خطبة الجمعة، هنا في غزة الجريحة وفي أحد مساجدها وبلا موعدٍ مسبق ساقتني الأقدار هناك بلا حول مني أو قوة مثل ما ساقتني الأقدار لكتابة هذا المقال ، وقف خطيب الجمعة على منبره وبصوت خافت تحدث ، لم يُهدد أو يتوعد، ولم يُزمجر أو يتصنع أو يتكلف ، حكى قصصاً عن حسن الخاتمة حدثت في غزة ، ما أروعها ! وما أعظم أثرها ! واحدةٌ لشابٍ من الجنوب يعظ الناس ويخطب فيهم ويذكرهم بالله ، ويدعوهم إلى كل فضيلة، ثم يَؤم فيهم ويركع ويرفع من ركوعه ثم يسجد لكنه لم يقم من سجوده ، يا الله مات على هذه الهيئة!! ويلقى ربه يوم البعث كذلك ، وثانيةٌ تحدث مع إمام آخر في منطقة الدرج أيضا يموت وهو يصلي في الناس إماما، وثالثة لفتاة صالحة من منطقة الرمال بغزة ، تخرج مسافرة إلى السعودية بعد خطبتها من شاب ليُكملا حياتهما وعند وصولهما السعودية طلبت منه أن تبدأ حياتها الجديدة بعمرةٍ تقرباً إلى الله ، وما أن لبست زِيّ الإحرام قاصدة البيت العتيق إذ بحادث طرق يَخطف حياتها وتلقى ربها بلباس الإحرام، إنها قصص واقعية حدثت في غزة الشهر الماضي ، ولِعظم الموقف فإنني أعزّي أهلهم وذويهم ، لكنني أهنؤهم بذلك لأن ما حدث لذويهم إنما هو علامة خير وصلاح ، إنها لحظات هامة وحاسمة ومفصلية في حياة الجميع ، الغني والفقير ، الكبير والصغير ، الغفير والوزير، لا فرق بينهم كلهم سواء ، أبيضهم وأسودهم ، سيدهم وحقيرهم ، المتعلم والجاهل ، والتاجر والعامل ، الكل سيلقى ربه ، شاء الواحد منا أم أبى ، قاتل وجاهد أو اختبأ وانزوى ، عاش منعّماً ومكرما ، أو مبتلى ومعذبا ، لكن الأهم من ذلك هو كيف سيلقى الواحد منا ربه ، وكيف يغادر هذا العالم المشهود إلى العالم الغيبي ، وكيف سينتقل من الحياة الدنيا الى الحياة الأبدية الأزلية السّرمدية ، إنها قصص واقعية لحسن الخاتمة ، ليست للتسلية والمتعة ، لكنها للعبرة والذكرى ، إنها ذكرى لكل من له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد ، ذكرى لكل من يتاجر بعذابات الناس ، وذكرى لكل من يكذب على الناس ويخون ، في الدنيا ربما يستطيع سياسي أن يكذب على شعبه ، وربما يستطيع صاحب مال أو جاه أن يشتري اللّحى والذّمم ، وربما يكون الواحد دُميةً لكنه مقبول بين الشعوب والأمم ، وربما يُصالح الواحد شرق الدنيا وغربها لكنه بغبائه يهجر ذويه وشعبه ، وربما يستطيع ساقط أن يتتبع عورات المسلمين ، وربما يرتضي عاشق شهرةٍ أو مالٍ أن يأكل حق غيره وماله ، كل ذلك وأكثر ربما يحدث في الحياة الدنيا ، لكن في ساعة الحسم ، وفي ساعة اللّاعودة ، لا المال ولا المنصب ولا الشهرة ولا الشهوة تنفع ، وما غير العمل الصالح ينفع ، وفي قِصص سوء الخاتمة عبرة لأولي الالباب.
لِمَ تمّ دفن استطلاع مـؤسـسـة زغـبـي
بقلم حلمي الأسمر عن فلسطين الان
مؤسسة زغبي العالمية شركة أمريكية خاصة تعنى بالدراسات والبحوث التسويقية واستطلاعات الرأي.
تأسست في العام 1984 على يد جون زغبي، أبحاث الشركة واستطلاعاتها مرجع للعديد من وسائل الاعلام والحكومات والتنظيمات السياسية، وتقوم بعمل هذه الأبحاث والاستطلاعات في أكثر من 70 بلدا حول العالم، ويوجد مقر الشركة الرئيسي في نيويورك ومكاتب في فلوريدا وواشنطن ودبي، وهي تتمتع بمصداقية عالية.
بمناسبة مرور ثلاثة شهور على الانقلاب في مصر، أجرت المؤسسة استطلاعا شاملا عن أحوال مصر، وبشكل محايد، وقيل إن تمويل الاستطلاع جاء من دولة خليجية لمعرفة مدى التغييرات التي حدثت في مصر بعد «استثمارها» مالا كثيرا هناك لتعديل مزاج الشعب المصري، وتخليصه من حبه للحكم الذي انلقب عليه العسكر، ولكن نتائج الاستطلاع جاءت على غير ما تشتهي تلك الدولة، فلم يطب له أحد، بل تم تجاهله على نحو شبه كامل في كل وسائل الإعلام، خاصة المصرية منها، وتلك الخليجية طبعا ، فماذا قال الاستطلاع؟ ولم تم دفنه على هذا النحو المريب؟
سأحاول هنا أن أجمع شتات الموضوع في مختصر مفيد، بعد أن تمكنت من تنزيل نصه الكامل عن الإنترنت، الاستطلاع يخلص إلى ما يلي..
الثقة فى المؤسسة العسكرية انخفضت من 93% فى يوليو/تموز (شهر الانقلاب) إلى 70% فى ايلول سبتمبر، أما القضاء فقد انخفضت الثقة فيه من 67% فى أيار/مايو إلى 54% فى ايلول/سبتمبر، أما عن الشرطة فتعتبر النسبة مستقرة نسبيا بـ 52% فى مايو مقابل 49% فى سبتمبر.
أما نسبة الثقة فى الحكومة الانتقالية فهناك42% فقط لديهم ثقة فى الحكومة الانتقالية بينما فقد 52% من المصريين الثقة فى الحكومة.
أما القادة السياسيون فالسيسي يحتل أعلى نسبة تأييد 46% بينما يرفضه 52 % أما الرئيس المؤقت عدلى منصور فلم تتجاوز نسبة الثقة فيه 39% بينما يرفضه 58 % أما الرئيس المنتخب محمد مرسي بلغت نسبة تأييده 44% بينما رفضه 54 % من المصريين!
أما القوى السياسية فبلغت نسبة مؤيدى الاخوان فى سبتمبر 34% (26% فى مايو و24% فى يوليو) بينما رفضهم 59 % من المصريين.. أما حزب النور فانخفضت نسبة تأييده إلى 10 % مقابل 86% لا يثقون فيه، ومثله جبهة الانقاذ التى تدنى تأييدها إلى 13% مقابل رفض 84 % من المصريين لها وعدم ثقتهم بها، أيضا تراجعت شعبية حركة تمرد حيث قال 62% من المصريين إنهم لا يثقون بحركة تمرد مقابل 35 % يؤيدونها، أما نسبة المصريين الذين ليس لديهم ثقة في أي حزب فبلغت فى سبتمبر 17 % بعد أن كانت فى مايو 39%. أما الجزء الأخطر من الاستطلاع حول تقييم المصريين لعزل مرسي بعد مرور3 شهور على العزل حيث أبدى 46% من المصريين تأييدهم لعزل مرسي بينما رأى 51% أن قرار عزله بهذه الطريقة لم يكن صوابا بعد ما تبعه من نتائج ورأى 35% ان مصر احسن حالا بعد 30 يونيو و46% قالوا انها صارت أسوأ بينما رأى 18% انه لم يتغير شيء.
أما عن موقف المصريين من المصالحة وادماج الاخوان سياسيا فيرى 50 % من المصريين ضرورة حظر الاخوان سياسيا بينما يرى 42 % ضرورة وجود صيغة جديدة لادماجهم سياسيا بينما يرى 79 % من المصريين أهمية المصالحة الوطنية بشكل عام مستقبلا ويرفضها 21 % وفى نفس الوقت يرى 35% من المصريين ان جماعة الاخوان هى العقبة أمام تحقيق المصالحة بينما يرى 23% أن الجيش هو العقبة ويرى 17% أن المزاج العام هو العقبة لتحقيق المصالحة!
هل عرفنا الآن لم تم دفن هذا الاستطلاع، ولم يكد يعلم به أحد؟
ردا على "معاريف"
بقلم عريب الرنتاوي عن فلسطين اون لاين
بمناسبة جولة جون كيري الثامنة للمنطقة، وحديثه عن “تقدم ما” طرأ على مسار التفاوض الفلسطيني – الإسرائيلي، وبصورة تزامنت مع تقديم واشنطن “رؤيتها” للاحتياجات الأمنية الإسرائيلية عند قيام الدولة الفلسطينية تروج “معاريف” الإسرائيلية أن الأردن يفضل بقاء الشطر الغربي من غور الأردن تحت السيادة الإسرائيلية .
ليست هذه المرة الأولى التي تروج فيها إسرائيل لمعلومات من هذا النوع ... وفي كل مرة كان يصدر فيها موقف إسرائيلي مشابه، كانت الحكومة الأردنية ترد بالنفي والاتهام: نفي أن يكون للأردن موقف كهذا أو أن لديه مخاوف من قيام دولة فلسطينية على حدوده الغربية... واتهام لإسرائيل بالسعي لزرع الفتنة ومحاولة تسويغ أطماعها في الغور وتسويقها على حساب الأردن في اطار مسعاها للسيطرة على الغور، توطئة لفرض سيادتها عليه.
الحكاية الإسرائيلية قديمة، ولقد نُسجت أولى خيوطها في أزمنة التأزم وانعدام الثقة بين الأردن ومنظمة التحرير في سبعينيات القرن الفائت وثمانينياته، لكن مياها كثيرة جرت في نهر الأردن منذ ربع قرن على وجه التحديد، أي منذ فك الارتباط بين الضفتين، وبالأخص في السنوات الأربعة عشر الفائتة، أي مذ تولى الملك عبد الله الثاني مقاليد السلطة، وهو الذي عُرف بتركيزه الشديد على “الأجندة الوطنية الأردنية”، ولم يظهر أي ميل من أي نوع، لتوسيع الولاية الجغرافية للعرش الهاشمي أو منافسة الأشقاء على السيادة في عقر دورهم على قاعدة أن الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين.
وذهب الأردن في عهد الملك عبد الله الثاني، إلى أبعد مدى في تأكيد موقفه القائل بأن قيام دولة فلسطينية مستقلة أو قابلة للحياة على الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، لا يشكل مصلحة فلسطينية عليا فحسب، بل ويعتبر مصلحة وطنية أردنية عليا كذلك، وخط دفاع أول عن وجود الأردن وهويته وأمنه واستقراره، وسيظل هذا الخطاب يتردد على ألسنة المسؤولين الأردنيين بلا كلل ولا ملل منذ بواكير عهد الملك عبد الله الثاني وبداياته وحتى يومنا هذا.
لكن ذلك لا يبدو كافياً على ما يبدو، لإقناع الجانب الإسرائيلي بأن الأردن لا يطمع بالسيطرة على الضفة الغربية ولا يطمح للعب دور بديل للدور الذي تضطلع به المنظمة والسلطة والقيادة الفلسطينية ... وفي كل مرة كانت فيه المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية تقترب من تناول ملفات الوضع النهائي، كانت “المصادر” الإسرائيلية تبدأ بالحديث عن محاولة أردنية لعرقلة انسحاب إسرائيل من الغور وتسلميه للفلسطينيين، في محاولة لزرع الوهم بأن إسرائيل جادة في الجلاء عن هذه المناطق، وأن ما يمنعها من فعل ذلك، هو الأردن وضغوطه التي لا تنقطع على الإدارة الأمريكية ؟!
مع أن القاصي والداني، يدرك زيف هذه الأكذوبة، فلا إسرائيل بوارد الانسحاب عن الغور ولا تفكيك المستوطنات أو وقف الاستيطان، ولا القبول بقيام دولة فلسطينية سيدة ومستقلة ... لكن لا بأس من البحث عن “شريك” لإسرائيل لا يرغب في رؤية الفلسطينيين وهم يبسطون سيادتهم على أرضهم، والأردن هو “أقرب” الأطراف التي يمكن إلقاء اللائمة عليها، وتحميلها أوزار التوسعية الإسرائيلية النهمة لابتلاع الأرض وتبديد السكان والحقوق.
غور الأردن، يحتل مكانة استراتيجية في نظرية الأمن الإسرائيلية، فهي الوصل لقطع التواصل الجغرافي والديموغرافي بين الفلسطينيين وعمقهم العربي بعامة، وامتدادهم الأردني بخاصة، وللغور موقع حاسم في “الحرب على الإرهاب”، ولمواجهة خطر “الجبهة الشرقية” التي تارة يتهم العراق بالسعي لإقامتها، وأخرى تتهم إيران بذلك، وإسرائيل ليست بحاجة لـ”مذكرة” أردنية لتجديد عزمها الاحتفاظ بسيطرتها على هذا الشريط الاستراتيجي والتلال المطلة عليه.
في مواجهة موجة الأكاذيب والمزاعم هذه، ولقطع الطريق على مشروع “الفتنة” الذي تسعى إسرائيل في إنفاذه، ومن أجل نقل الضغوط عن أكتاف المفاوض الفلسطيني إلى كاهل المفاوض الإسرائيلي، أقترح أن تشرع القيادتان الأردنية والفلسطينية ، في ترسيم الحدود بين الضفتين الشرقية والغربية، على أن يجري إيداع نسخة عن خرائط الحدود الدولية بين الدولتين الأردنية والفلسطينية في الأمم المتحدة.
ويستتبع ذلك حكماً “دسترة فك الارتباط”، وهو الأمر الذي رحبنا به من قبل، وفي هذه الزاوية بالذات، شريطة ألا تتحول عملية الدسترة إلى “فك الارتباط” بين الدولة ومواطنيها الأردنيين من أصول فلسطينية، وأن يتم الأمر برمته من على قاعدة التفاهم والتوافق بين مختلف الأطراف ذات الصلة، الدولة والشعبان والمنظمة.
لقد آن الأوان لترسيم الحدود مع الدولة الفلسطينية التي يعترف الأردن بها رسمياً على حدود 67، وبهذه الطريقة وبهذه الطريقة فقط، سيكون بمقدورنا أن نلقم بحجارتنا الصلبة، كل الأبواق النابحة بالأكاذيب والفتن والمؤامرات.