"آفي" الذي جعلناه مستوطناً
بقلم فايز أبو شمالة عن الرأي
|
منابر وخطباء بين الواقع والمأمول
بقلم ممدوح بري عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
تفجيرات إرهابية وتفويض باطل
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
|
في ظلال ثورة 25 يناير
بقلم إياد القرا عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
الحصاد الدبلوماسي لاستراتيجية التفاوض
بقلم نقولا ناصر عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
آفاق المصالحة المجتمعية
بقلم إبراهيم المدهون عن الرأي
|
جنيف ليس بديلا
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
|
شهادة وفاة لخطة كيري
بقلم أيمن أبو ناهية عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
|
"آفي" الذي جعلناه مستوطناً
بقلم فايز أبو شمالة عن الرأي
قلت للسجان "أفي" في سجن نفحة الصحراوي: سيأتي السلام، وستنكسر أقفال السجن، ونعيش على هذه الأرض في وئام. فرد السجان "آفي" قبل أكثر من عشرين عاماً؛ أثناء انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، وقال: أتمنى أن يتحقق السلام سريعاً، فقد استلفت مالاً، واشتريت لنفسي بيتاً في إحدى مستوطنات الضفة الغربية.
قلت للسجان "آفي": وكيف تشتري بيتاً في مستوطنة تعرف أنها زائلة.
قال السجان "آفي": أعرف أنها زائلة، ولكنني اشتريت البيت كي أحصل على تعويض مادي كبير حين يصير إخلاء المستوطنة بعد التوقيع على اتفاقية السلام.
هكذا كان يفكر غالبية المستوطنين اليهود، هكذا كان ظنهم السيئ بالمستوطنات، وما خطر في خيالهم أن القيادة الفلسطينية ستعترف يوماً بمبدأ تبادل الأراضي، لتعترف بوجود المستوطنين على أرض الضفة الغربية، بعد أن اعترفت القيادة الفلسطينية في أوسلو بوجود إسرائيل على أرض فلسطين المحتلة سنة 48.
استرجعت حواري مع السجان "آفي" وأنا استمع لنتانياهو في مؤتمر دافوس، في يناير 2014، وهو يقول: إنني لا اعتزم اخلاء أي مستوطنة اسرائيلية. قلت ذلك في الماضي واكرر ذلك اليوم، لا انوي اخلاء أي مستوطنة او "اقتلاع" أي مستوطن إسرائيلي، وإن مسألة التوقيع على اتفاق مع الفلسطينيين غير واردة وحتى على اتفاق اطار.
إن هذه الصراحة في التعبير عن الموقف الصهيوني، والتي صدرت عن نتانياهو بعد لقائه مع الوزير جون كيري، لا تعكس ثقة اليهود بأنفسهم، ووثوقهم برسوخ قدمهم الاستيطانية الصهيونية على أرض الضفة الغربية، ولا تحاكي اطمئنان اليهود على مستقبلهم في المستوطنات، التي يحسبونها حقاً تاريخياً لهم، إن تصريحات نتانياهو تعكس التحول الاستراتيجي في مزاج اليهود ونفسيتهم، التي باتت مقتنعة تمام الاقتناع ان كل ما يطلبه اليهودي سيتحقق، بل أن كل ما يمكن أن يتمناه اليهودي، أو يحلم فيه سيتحقق في النهاية، والفضل في ذلك لا يرجع إلى ذكاء اليهود، وقوة إرادتهم، وإنما الفضل يرجع إلى غباء القيادات العربية التي سهلت لليهود تحقيق أحلامهم، وتثبيت أقدامهم.
فماذا تبقى للمفاوضين الفلسطينيين بعد كل هذه الصفاقة والوقاحة الصهيونية؟
قد يقول المدافعون عن نهج المفاوضات: إننا لا نريد أن نتحمل مسئولية فشل المفاوضات، وإننا نريد أن نكشف حقيقة العدوان الصهيوني للرأي العام العالمي، وقد يقول بعضهم: إننا لا نمتلك الحيلة أو الوسيلة إلا طريق المفاوضات الصعب، وقد يقولون: انظر حال العرب من حولنا، وانظر حالنا، فالانقسام سبب نكبتنا وخراب بيتنا.
على أولئك المدافعين عن المفاوضات جاء الرد الحاسم من عضو الوفد المفاوض المستقيل الدكتور محمد شتية، الرجل الذي تغلب انتماؤه للوطن على انتمائه للقيادة، فقال كلمة حق عكس فيها مشاعر الشعب الفلسطيني؛ الذي بات لا يحلم بالخلاص من المفاوضات، وإنما أضحى يتمنى التخلص من قادة خط المفاوضات الذين ضيقوا متسع العمل المقاوم، وحشروه في ملف بائس على طاولة المفاوضات تنمو عليه الطحالب، وتفوح منه رائحة العفن.
من المؤكد أن السجان "آفي" يعيش اليوم في مستوطنة، فقد جعلته قيادتنا مستوطناً.
آفاق المصالحة المجتمعية
بقلم إبراهيم المدهون عن الرأي
يعتبر دخول نواب وقيادات حركة فتح لقطاع غزة، بموافقة الحكومة الفلسطينية بعد غياب دام سبع سنوات خطوة ايجابية ومؤثرة في اتجاه المصالحة، وستكسر الكثير من الجليد وتشابك العلاقات الوطنية، والمنتظر منها أن تهيئ الأجواء لمبادرات أخرى نحو إعادة اللحمة وإنهاء الإنقسام الفلسطيني.
في السابق قدم العديد من قيادات حركة فتح لغزة، كان أبرزهم نبيل شعث وسفيان أبو زايدة وجبريل الرجوب، إلا أن هذه المرة حملت طابعا مختلفا وأكثر ايجابية وأملا، فهذه الزيارات تأتي استجابة لمبادرة رئيس الوزراء اسماعيل هنية ودعوته العلنية لان يكون هذا العام عام المصالحة، بالإضافة أن القادمين جزء مباشر من الانقسام، وأعضاء فاعلون في توتير الساحة، وعودتهم تحمل رسالة استجابة لإنهاء الملف والقفز عن تعقيدات ورواسب الأحداث السابقة.
لا شك أن مبادرة هنية وقراراته حملت أفقا حقيقيا لإتمام المصالحة، وأعطت بارقة أمل لإنهاء ملف الإنقسام، ومجرد استجابة وقدوم هذه الوفود القيادية واستقبالها بهذه الحفاوة يعتبر مؤشرا إيجابيا، وخطوة فتحاوية في الاتجاه الصحيح لتعزيز الأمل.
لا يوجد انقسام مجتمعي في قطاع غزة، فالنسيج متماسك وسليم، فاستطاع المجتمع بنفسه ترميم ما افسدته الخصومة السياسية وموجة الاقتتال، وبفضل تركيبته المتجانسة مذهبيا وعشائريا وقيميا ووطنيا، تخلص من الأعراض السلبية للأحداث.
وكان لسلوك الحكومة الفلسطينية الحكيم دور مهم أيضا، بتهيئة البيئة المناسبة لتهدئة النفوس واستيعاب المتغيرات وإعادة اللحمة، فلم تنتهك وتعتدي على الحقوق، وفرضت القانون ورعته، وتخلصت من حالة الفلتان ولم تتغول على الخصوم ومنحت المجتمع مساحة واسعة من الحرية.
ما يعلق الان من آثار سلبية مجتمعية بسبب الانقسام يعود لأمرين اثنين، الأول الانقسام الوظيفي والاقتصادي، فهناك جهتين تقومان بتزويد الرواتب والمعاشات لقسمين كبيرين من الموظفين، الأول مستنكف والثاني على رأس عمله، مما أدى لانقسام في الولاء والتبعية وطبيعة التفكير والسلوك، والأمر الآخر ما علق من قتل ودماء اثناء فترة الاقتتال المحصورة، وهذه تعالج عبر فرض قيم التسامح والتغافر مع تعويض معنوي ومادي لأهالي الضحايا، فكل من اصيب يجب ان يعالج ويعوض ومن قتل فهو شهيد.
المجتمع الفلسطيني اليوم جاهز ومتأهب لطي صفحة الانقسام وترتيب أوراقه لمواجهة التحديات، فلا يوجد غالب أو مغلوب، فجميعنا خاسرون ومتراجعون، والقضية الفلسطينية تمر بمرحلة معقدة وصعبة، ولن نمر بسلام قبل ان ننجز المصالحة وننهي مرحلة الانقسام، وينتظر من اصحاب القرار مواقف ايجابية وحاسمة.
جنيف ليس بديلا
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
( لن أخلي أي مستوطنة، ولسنا قريبين من توقيع اتفاق إطار، وما يسعى اليه جون كيري هو مسلك لإدارة المفاوضات، وليس اتفاق إطار). هذا ما قاله نيتنياهو في (دافوس)، وهو موقف سياسي ثابت، ويتكرر بصياغات مختلفة، واحسب أن العبرة ليست في أيديولوجية الموقف الصهيوني، وثباته ، وإنما العبرة التي يجدر أن نتوقف عندها فلسطينيا تقول إنه لا أمل لنا في المفاوضات، وقد آن آوان الإعلان عن فشلها، والعودة الى المقاومة، بحسب ما قال محمد اشتية المفاوض المستقيل، وهنا يجدر ألّا نلتفت الي تصريح عزام الأحمد القائل : إن الوقت غير مناسب للمقاومة لأن إسرائيل قوية ؟!.
في البدائل عن المفاوضات ثمة من يبحث عن ( جنيف ) لفلسطين، أي يدعو للعودة الى خيار المؤتمر الدولي الذي رفضته دولة الاحتلال ، واستعاضت عنه الأطراف بمدريد،وارتضت منظمة التحرير يومها أن تكون جزءا من الوفد الأردني، ومع ذلك لم تحافظ المنظمة على البعد الدولي ، ولا على البعد العربي ، ودخلت في مسار سري ثنائي في أوسلو. وهو اتفاق تنصلت منه لاحقا الدول العربية، ووصفته بالاتفاق المنفرد. ولست أدري هل دعوة أفراد من السلطة ( لجنيف / مؤتمر دولي ) يعبر عن موقف رسمي، أم يعبر عن موقف شخصي، أم أن الأمر هو تعبير عن إحباط، أم أنه من باب ذر الرماد في العيون.
جنيف ليس من البدائل الممكنة أو ذات الجدوى، والبدائل الممكنة تنحصر فيما يقدر عليه الفلسطيني، ومنها العودة إلى المقاومة، وتوحيد الشعب على خيار مواجهة الصلف الصهيوني. وربما يحتاج هذا الخيار الى قرار جريء بحل السلطة، وإنهاء الاحتلال ( الديلوكس) قليل التكلفة.
وإذا تأملنا ما قاله اشتية مؤخراً بأننا كنا نخدم ( انفسنا أولا ، ثم المجتمع الدولي، ثم اسرائيل )، والآن صرنا نخدم ( اسرائيل أولا، ثم المجتمع الدولي ثانيا، ثم انفسنا) ، وهو قول مثير للدهشة والاستغراب، لا سيما حين نصححه بحسب الواقع والمشاهدة، بالقول : إن السلطة خدمت اسرائيل أولا، منذ توقيع أوسلوا، وإزاحت عن ظهر الاحتلال كلفته المالية وغير المالية منذ اليوم الاول من تشكيل السلطة، ومازالت الخدمات تقدم بشكل مضطرد دون مراجعة للحسابات، ولم تحقق خدمة حقيقية للشعب الفلسطيني، بمقياس التحرير وتقرير المصير.
ومن البدائل رفع اليد الثقيلة عن حماس ، وعن المقاومة في الضفة الغربية، وهي ورقة رابحة في يد الفلسطينين، ومؤلمة جدا للمحتل الذي تعوّد على خدمات مجانية تقدم له بيد السلطة. التنسيق الأمني هو شكل من أشكال الخدمات المجانية التي تقدمها السلطة للاحتلال، وبإمكانها أن توقف هذه الخدمة، التي تقدمها الأجهزة الأمنية.
جنيف ليس بديلا، والانضمام الى المؤسسات الدولية ليس بديلا ، وإن كان تعبيرا عن موقف اليأس من خيار المفاوضات العبثية، وهو ورقة شكلية لأن إرادة تفعيل الخيارات شبه منعدمة، حتى وإن علت الأصوات المنادية بذلك.
شهادة وفاة لخطة كيري
بقلم أيمن أبو ناهية عن المركز الفلسطيني للاعلام
أخيرًا وضع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه النقاط على الحروف، بإعلانه أن "اتفاق الإطار" الذي يروج له وزير الخارجية الأميركي جون كيري ينص على إقامة دولة فلسطينية صورية بلا معابر أو حدود أو أجواء أو عاصمة، مع بقاء الكتل الاستيطانية غير المحددة، والاعتراف بيهودية (إسرائيل)، واعترافه أن "العملية السياسية تصطدم بحائط مسدود".
إن كيري يطرح فكرة تبادل السكان، الذي سيكنس ويسلخ أكثر من مئتين وخمسين ألف فلسطيني من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م إلى أراضي السلطة الفلسطينية، أي إخراج سكان فلسطينيين من تلك الأراضي، واستبدال بهم نحو 100 ألف مستوطن من أصل 700 ألف يقيمون في الضفة الغربية المحتلة، مع بقاء التكتلات الاستيطانية الرئيسة التي تسيطر عمليًّا على أكثر من نصف مساحة الضفة، الأمر الذي يجعل الدولة الفلسطينية المزعومة عبارة عن "حارات" في قرية أو "ضواحٍ" في مدينة، وبذلك ما يتبقى للفلسطينيين لا يتجاوز ما مساحته 40% من الضفة؛ ليبيح الاحتلال لنفسه حق معاملة المكنوسين من سكان القدس وبقية الضفة الغربية وفق قوانينه الاحتلالية، وفي مقدمتها تقييد حرية حركتهم، بعكس ما هم عليه الآن من امتلاكهم حرية الحركة، ما يتيح لهم تسيير قوافل حجيج إلى الأقصى ليرابطوا فيه ويدعموا اقتصاد المقدسيين، وذلك كي تبقى هذه المستوطنات شوكة في حلق الكيان الفلسطيني فيما لو أقيم، وقواعد إستراتيجية مساندة لنقاط المراقبة الأمنية، وربطها معًا لتكون فواصل جغرافية وديموغرافية تشتت الأرض الفلسطينية، وتهدد أمنها، وتكون خط الهجوم الأول على الفلسطينيين في حال حدوث أي تغيير محتمل، خاصة أن احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة هو حديث الساعة.
وليكون هذا التبادل في حال الموافقة عليه باكورة مشروع تهجيري لبقية فلسطينيي الداخل المحتل، وبطرق شتى؛ توطئة لتحقيق الحلم الصهيوني بـ"يهودية الدولة"؛ بهدف خلق مساحات جديدة لاستيعاب يهود جدد ينوي الاحتلال جلبهم من دول شتى في العالم، ولعل فرنسا أولى هذه الدول؛ لتبديد التطور الديموغرافي الفلسطيني الذي يفوق التطور الديموغرافي اليهودي، ما يعني زيادة عدد اليهود في فلسطين؛ لموازاة التطور الديموغرافي الفلسطيني.
أعتقد أن خطة كيري ليست من صلب "خريطة الطريق"، ولا تمت بأي صلة قرابة إلى (كامب ديفيد) الأولى ولا الثانية، بل هي خطة أمنية مكتملة الأركان للاحتلال، وأعتقد أنها جاءت مكملة لاتفاقية (أوسلو) من عام 1993م في عملية خنق الاحتلال الأراضي الفلسطينية من الجهات الثلاث (الشمال والجنوب والغرب)، وبقيت الجهة الشرقية الرابعة، ألا وهي الحدود الأردنية - الفلسطينية التي تسمى الأغوار، وإبقاء حرية الحركة والتنقل عبر المنفذ الوحيد إلى الأردن بيد الاحتلال ونيرانه، تمامًا كما هو الحال في قطاع غزة المربوط فقط بمعبر رفح مع الجانب المصري، وحرمان السلطة أي حق سياسي واقتصادي وقانوني على المعابر، وبذلك يكون الاحتلال قد ضمن عدم تدفق الفلسطينيين المحتمل من الشتات إلى أراضي فلسطين، خاصة بعض العائلات الفلسطينية الهاربة من جحيم الحرب في سوريا.
إن الذي يحكم جولة كيري للمفاوضات والتسوية هو ما يسمى "القانون الحديدي" المتفق عليه إسرائيليًّا وأميركيًّا، ألا وهو الاستمرار بالمفاوضات إلى ما لا نهاية، وممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية أوروبيًّا وأميركيًّا وعربيًّا، بالتلويح بإيقاف الدعم المادي لها لتبقى وتستمر بالمفاوضات، واستغلال الظروف الصعبة وحالة فوضى في الدول العربية وحالة الانقسام الفلسطيني، في محاولة لانتزاع تنازلات إضافية من الفلسطينيين.
فنحن سعداء حين رفض الشعب الفلسطيني هذه الخطة الخطيرة على قضيتنا وشعبنا، وكان يجب على عبد ربه أن يكون أكثر جراءة بإصداره شهادة وفاة لخطة كيري بأن يقول: إن منظمة التحرير عاجزة عن القيام بأي خطوة دون إجماع فلسطيني كامل، بدلاً من أن تضع كل بيضها في سلة فصيل معين يسيطر عليها وعلى السلطة، وبيده سر المفاوضات، ويحتفظ لنفسه دون غيره توقيع الاتفاقات السرية والعلنية مع الاحتلال منذ 20 عامًا.
منابر وخطباء بين الواقع والمأمول
بقلم ممدوح بري عن المركز الفلسطيني للاعلام
يؤلمنا حقاً اعتلاء منابر الجمعة من قبل خطباء ألفوا الرتابة الوظيفية، وعهدوا أنفسهم لخدمة الاستبداد السياسي ونشر ثقافة الطغيان أملاً براتب وإكرامية، فمنذ عقود وربما قرون خضعت رسالة المسجد لأهواء الحاكم المستبد ورغباته، ومنع الخطيب من التفوه بقضايا الشأن العام على اعتبار أنها من المحرمات وكبيرة الكبائر، وغالباً ما تقوقعت رسالة المسجد واختزلت في عرض قضايا لا تمس جوهر احتياجات الأمة (رغم أهميتها) على شاكلة الطهارة والنَفاس حتى تبلدت مسامع رواد المسجد ومريديه.
كثيراً ما أسهمت الرتابة الوظيفية والتبعية وخيانة الأمانة والعهد لدى بعض الأئمة والخطباء في نشر ثقافة سياسية مضحكة تدعم الاستبداد والظلم وتدعمه، حيث أضحى صعباً على كثيرٍ من الأئمة والخطباء توضيح وشرح حَدث سياسي مؤلم أصاب الأمة، ويكتفي بعضهم بكلمات مجتزئة مبهمة يتم تكرارها في كل جمعة ولا تمس الحقيقة بشيء غير أنها كلمات فرضها عليهم السادة أصحاب القرار. يصول ويجول - فضيلة شيخ الاستبداد - مظهراً حزنه وعويله على واقع أهلنا في ارض الشام والكنانة والسواد، جل كلماته توحي برفضه مجمل المطالب الشعبية، معتبراً إياها مؤامرة خارجية تستهدف الأمة، وكأن الأمة كانت في خير رغيد، وكأن حكامها أمناء لم يتآمروا على شعوبهم، وكأنهم لم يعقدوا معاهدات تحالف مع أعداء الأمة، رغم تلك الجرائم البشعة ما زال فضيلة الإمام الشيخ المبجل يعلن بتبجح فاضح أحقية حكم طغاةٍ استبدوا شعوبهم ونهبوا مقدرات الأمة وباعوها بثمن بخس.
فكرة استغلال الطغاة للمؤسسة الدينية في المشرق العربي قديمة منذ الأزل، وكثيراً ما استغل المعبد والكهنوت بأساليب خبيثة ووسائل إغراء يمتلكها الطغاة إما بالمال ومَنح الأراضيين والهبات والعطايا وأحياناً بالقوة والبطش وتدمير المعابد والهياكل.
شيدت المعابد في بلاد المشرق القديم وأنفقت لأجلها أموال طائلة سلبت من رقاب العبيد والعوام، حيث عاش رجال المعبد حياة رغيدة، ومنذ عهد الأسرة الفرعونية الأولى أضحى للمؤسسة الدينية تأثير ومكانة لدى الخاصة والعامة واتسع شأنها حين أسهمت في توجيه اتجاهات عوام الناس وأفكارهم، وربطتهم بتبعية مطلقة بالفراعنة مدعية بأنهم الآلهة وبيدهم وحدهم هطول الأمطار وانبعاث الزرع وحلول البركة، وأصبح لدى كهنوت المعبد حظوة وصوت مسموع يسايرهم الفرعون وتبجلهم الأسرة الحاكمة.
قاوم رجال المعبد ومؤسسة الكهنوت بكل قوة متاحة حركات الإصلاح ودعواتِ رفض فكرة تعدد الآلهة، ورفضوا المطالب الداعية لعدم خضوع المؤسسة الدينية لأشكال التبعية السياسية، وقتل وعذب وسجن كل من رفض الخضوع لكهان المعبد واتهم بالزندقة منذ عصر الفراعنة مروراً بمملكة داود وسليمان وما تخللها من فساد أعضاء المحفل الديني في القدس وما وقع على آل عمران من تجنٍ وظلم بسبب دعواتهم الإصلاحية مروراً بالعصر الحديث وموقف علماء الأزهر من حملة نابليون على مصر عام 1798م حيث تشعبوا بين متخاذل ومقاوم لنابليون وجيشه وبين مقلد ومجدد.
وأخيراً:
لم يختلف موقف الإمام الأكبر – شيخ العسكر - وبابا الكنيسة القبطية وحزب النور السلفي من ثورة 25 يناير 2011م في مصر عن تلك الرتابة الوظيفية والتبعية العمياء التي مارسها كهنوت المعبد لدى الفراعنة وأنظمة الاستبداد، ومنذ أقدم العصور البشرية زينوا الاستبداد وتآلفوا معه، عشقوا التبعية وحياة العبودية. تجمعهم الاستكانة والتقليد ورفض التجديد. اضفوا الشرعية على حكم الطغاة وخدروا رعاياهم بنصوص شرعية مجتزأة، تبادلوا الأدوار مقابل العيش الرغيد.
ختاماً:
رغم الرتابة الوظيفية ومسح الجوخ ما زال هناك علماء يحملون لواء الحق عاشوا وعذبوا وسجنوا وماتوا لأجله ومن اجله، نتذكر هنا سيرة سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وأبي ذر الغفاري واحمد بن حنبل والعز بن عبد السلام وعبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا وعبد القادر الجزائري والشيخ المقراني وعمر المختار وعبد الكريم الخطابي والإمام المهدي والسنوسي والألوسي والشوكاني والإمام حسن البنا والشيخ احمد ياسين وثورة طلاب الأزهر هذه الأيام ضد الطغيان وحكم الأقلية.
الحصاد الدبلوماسي لاستراتيجية التفاوض
بقلم نقولا ناصر عن المركز الفلسطيني للاعلام
لقد كان رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر خلال زيارته الأخيرة لدولة الاحتلال الاسرائيلي إسرائيليا أكثر من الإسرائيليين، ومن المؤكد أن بضع عشرات ملايين الدولارات التي تقدمها بلاده كمساعدة للسلطة الفلسطينية في رام الله ليست ثمنا كافيا للصمت الفلسطيني الرسمي على التصريحات العنصرية والاستفزازية والمهينة للشعب الفلسطيني التي أطلقها خلال زيارته ولا على انحيازها السافر لدولة الاحتلال منذ تولي مقاليد الحكم فيها، وهي تصريحات وهو انحياز جديران بإغلاق كل الأبواب الفلسطينية في وجهه.
لكن استقبال الرئيس محمود عباس له كان مناسبة تذكر من ناحية بالإرث الكارثي الذي تركته الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين دولة الاحتلال على المكانة الدولية للقضية الفلسطينية ولممثلها "الشرعي والوحيد"، وتذكر من ناحية ثانية بالعلاقات الدولية الاستراتيجية التي جنتها دولة الاحتلال من توقيع تلك الاتفاقيات، وتذكر من ناحية ثالثة بقول الشاعر: "من يهن يسهل الهوان عليه"!
إن إعلان السنة الحالية 2014 عاما لتضامن الأمم المتحدة مع الشعب الفلسطيني، وتأييد 138 دولة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67/19 بمنح فلسطين صفة دولة غير عضو فيها في 29/11/2012 إنما هي حقائق لا يمكن إغفالها أو عدم تقدير الشعب الفلسطيني لها ولأصحابها.
لكنها حقائق ترسم صورة زاهية للتضامن الدولي مع فلسطين تخفي الفشل الدبلوماسي الذريع الذي تمخض عن استراتيجية التفاوض التي يلتزم بها مفاوض المنظمة منذ انعقاد مؤتمر مدريد عام 1991.
فهذه الاستراتيجية لم تسقط المقاومة الوطنية لدولة الاحتلال فحسب، ولم تسقط المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية العربية لها فقط، بل أسقطت المقاطعة الدبلوماسية والسياسية الدولية لها كذلك، ليبلغ عدد الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع دولة الاحتلال الآن (157) دولة، منها دولتان عربيتان هما الأردن ومصر.
والممثل "الشرعي والوحيد" لعرب فلسطين لم يعد يخيّر دول العالم بين علاقاتها مع ستة ملايين "إسرائيلي" وبين علاقاتها مع مليار ونصف المليار مسلم وعربي، ولم يعد موقف هذه الدول من دولة الاحتلال هو الذي يحدد علاقاتها مع فلسطين والدول العربية، بعد أن أعفاها مفاوض المنظمة من خيار صعب كهذا.
والملاحظ أن الصين والهند مثلا لم تقيما علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال إلا عام 1992، أي في السنة التالية لمؤتمر مدريد، ومثلهما فعلت الجمهورية السوفياتية السابقة كازاخستان، لتلحق بها عام ألفين دولة صديقة للشعب الفلسطيني مثل سريلانكا، على سبيل المثال.
لكن الاحتفال السنوي ب"استقلال إسرائيل" في فنوم بنه، عاصمة فيتنام، التي كانت ثورتها منارة يهتدي بها ثوار فلسطين من أجل التحرر والحرية وتقرير المصير، قد يكون هو المثال الأبرز على الحصاد الدبلوماسي المر لاستراتيجية التفاوض الفلسطينية.
فهل يعود مستغربا أن تتبجح بعد ذلك سفيرة دولة الاحتلال السابقة في تايلاند يائيل روبنشتاين بالقول إن "إسرائيل جزء من آسيا. نحن ننتمي إلى آسيا وننظر إلى آسيا كبيتنا" (فنوم بنه بوست في 3/7/2009)؟!
لقد حققت دولة الاحتلال من توقيع تلك الاتفاقيات إنجازين استراتيجيين، الأول استعمارها الاستيطاني الذي حظي وما زال بتغطية إعلامية واسعة، لكن الإنجاز الدبلوماسي الذي حققته بفتح أبواب القارتين الإفريقية والآسيوية على مصاريعها أمامها ما زال مغيبا عن وعي الرأي العام بالرغم من كونه أبعد وأعمق أثرا في دعم الاحتلال ودولته واستيطانه.
فعلى سبيل المثال، لقد أصبح حجم التبادل الاقتصادي والدفاعي بين دولة الاحتلال وبين الهند والصين وغيرهما من الدول الاسيوية يعود عليها بدعم مالي يكاد يعادل ما يقدمه لها راعيها الاستراتيجي الأميركي.
ففي العشرين من الشهر الجاري، ذكرت دائرة الإحصاء المركزية في دولة الاحتلال أن صادراتها إلى آسيا ارتفعت بمعدل (21%) من إجمالي صادراتها عام 2013 الماضي، أي أقل بواحد في المائة فقط من صادراتها إلى الولايات المتحدة.
وفي سنة 2012 السابقة أصبحت الصين ثاني أكبر سوق أجنبي لدولة الاحتلال بعد الولايات المتحدة، وخلال النصف الأول من العام الماضي بلغ حجم التبادل التجاري الصيني مع دولة الاحتلال (10) بلايين دولار أميركي.
والعلاقات الهندية مع دولة الاحتلال اليوم "تشجع تعاونهما الاستراتيجي" كما كتب خلال الشهر الحالي د. يتسحاق جيربيرج الدبلوماسي السابق والأستاذ بجامعة حيفا في مجلة "دبلوماسي & فورين أفيرز" الهندية، التي تقرؤها النخبة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية في الهند.
فالهند اليوم هي أكبر مشتر للأسلحة من دولة الاحتلال، وأكبر شريك عسكري لها، وأكبر شريك اقتصادي لها في آسيا بعد روسيا، وهذه "الشراكة" لا بد لها إن عاجلا او آجلا أن تحيّد، أو في الأقل أن تنعكس سلبا على استمرار دعمها السياسي الرسمي والشعبي الثابت للشعب الفلسطيني.
لقد وصف القرن التاسع عشر بالقرن البريطاني الذي هيمنت فيه الامبراطورية التي لم تكن تغيب الشمس عن مستعمراتها، ووصف القرن العشرين بالقرن الأميركي الذي هيمنت فيه امبريالية الولايات المتحدة، واليوم يوصف القرن الحادي والعشرين بالقرن الآسيوي أو بالقرن الصيني كونه يشهد صعود الصين والهند وروسيا كأقطاب عالمية في صنع القرار الدولي.
وفي القرون الثلاثة نجحت الحركة الصهيونية ثم دولتها في التعلق الطفيلي بأذيال القوى العظمى التي هيمنت عليها وسخرتها لخدمة مشروعها الاستعماري الاستيطاني في مركز الفصل بين مشرق الوطن العربي وبين مغربه، وكل الحقائق الراهنة تشير إلى أنها تكاد أن تكرر في "القرن الآسيوي" ما فعلته في سابقيه.
فهي تكاد أن تنجح في ذلك بمساعدة حيوية من استراتيجية التفاوض الفلسطينية، لتتحول "حقائق" التضامن الدولي المشار إليها إلى مجرد مظاهر لفظية للتضامن لا ترقى أبدا إلى علاقات دولة الاحتلال المتنامية بتسارع لن يمضي وقت طويل قبل أن تتحول إلى علاقات استراتيجية مع قوى عظمى صاعدة في آسيا، بخاصة الهند والصين.
وقد كانت مفارقة ذات دلالة حقا أن يعلن الرئيس عباس في جنوب إفريقيا خلال مشاركته مؤخرا في جنازة الزعيم الراحل نلسون مانديلا انه "لا نطلب من أحد مقاطعة إسرائيل" لأنه "لدينا اعتراف متبادل معها"في ذات الوقت تقريبا الذي دعت فيه "جمعية الدراسات الأميركية"، وهي الأقدم والأكبر في بلادها، إلى مقاطعة الجامعات ومراكز الأبحاث في دولة الاحتلال.
لقد كانت القارة الآسيوية حاضنة وداعمة تقليدية لفلسطين وشعبها وثورته المعاصرة قبل أن يعطيها مفاوض المنظمة ضوءا أخضر فلسطينيا يعفيها من موقف يمكن أن تكون فيه فلسطينية أكثر من "الممثل الشرعي والوحيد" للفلسطينيين في علاقاتها مع دولة الاحتلال، أو متضامنة أكثر من العرب مع أشقائهم في فلسطين.
ومفاوض المنظمة يفاوض اليوم وهو مجرد من سلاح المقاومة باختياره، وارتهانه للمظلة العربية لمفاوضاته قد حول هذه المظلة إلى سلاح للضغط عليه لا على دولة الاحتلال وداعميها، وبالرغم من رهانه على "تضامن " المجتمع الدولي، فإن إسقاطه لسلاح "المقاطعة" الدولية لدولة الاحتلال جرده من هذا السلاح كذلك.
في ظلال ثورة 25 يناير
بقلم إياد القرا عن المركز الفلسطيني للاعلام
يحيي الشعب المصري الشقيق اليوم الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير 2011، حيث الصراع بين طرفي الثورة ، الأول متمثل بالثوار وعلى رأسهم الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي والحركات والمجموعات الشبابية، حيث تم عزلهم وقتلهم واعتقالهم وزجهم في السجون دون وجه حق.
والطرف الثاني المتمثل بالنظام السابق لكن بأشكال وألوان جديدة تستهدف استعادة النظام السابق المتمثل بالفلول، حيث تم على مدار الشهور الستة الأخيرة تغيير وجه الثورة وإعادة النظام السابق بكل مكوناته والقضاء على طموح الشعب المصري في بناء نظام سياسي ديمقراطي حقيقي يستطيع أن ينهض بمصر في القرن الحادي والعشرين بما يليق بها من تطور اقتصادي وتكنولوجي ودور سياسي حقيقي، اندلعت من أجله ثورة 25 يناير.
الحديث عن الواقع المصري في الوقت الحالي مؤلم ، في ظل ما يحدث من زج ما يزيد عن 20.000 شخص من معارضي الانقلاب في السجون ، وقمع المتظاهرين والتفجيرات التي تحدث بين الفينة والأخرى بغض النظر عن فاعلها، وتراجع مصر بشكل حاد عن دورها المهم والبارز في المنطقة العربية ، وأي نهوض مصري يعني تلقائيا نهضة عربية وإسلامية لتتصدر دورها التاريخي.
المظاهرات التي يخرج بها الشعب المصري اليوم وبشكل متواصل على مدار 6 شهور تدعو للتوقف أمام إصراره على نيل حقوقه في تحقيق أهداف الثورة التي انطلقت في 25 يناير، وما حدث بعد 30 يونيو لن يثنيهم عن هذا الحق وكل التوصيفات والإجراءات التي تستهدفهم.
نجاح الشعب المصري في استعادة ثورة 25يناير هو انطلاقة جديدة نحو بناء نظام سياسي عربي حديث ، وتحديداً في مصر لما لها من ثقل جيوسياسي يميزها عن غيرها من دول الربيع العربي، وتأكيد على أن الشعوب العربية قادرة على النهوض وتقديم النموذج الحقيقي للعالم جميعاً أن ما قبل 25يناير لن يعود مهما كانت المحاولات.
ثورة 25يناير ليست مصرية فقط بل إنسانية ضد أنظمة قمعية مارست و مازالت القتل والقمع والترويع ضد الشعوب، وإن نجاحها ولو بعد حين أمر مهم وسيتحقق بإذن الله بإرادة وإصرار الشعب المصري على ذلك لأنه لا يملك أي خيار آخر لاستعادة حريته.
مصر بحاجة لاستعادة الثورة التي قدمت وستقدم للقضايا العربية ما انتظرته من سنوات وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي ترتبط بمصر ارتباطاً وثيقاً بحكم الواقع والتاريخ والإخوة التي نسجها قادة مصريون رووا بدمائهم الطاهرة أرض فلسطين.
تفجيرات إرهابية وتفويض باطل
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
استنكر الجميع التفجيرات الأخيرة في مصر، وممن استنكر العمليات جماعة الإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية وباقي الأحزاب الثائرة ضد الانقلاب في مصر، ولا يجوز القبول بمثل تلك الأعمال التي قد تتسبب بإزهاق الأرواح البريئة وخاصة من المسلمين، ولكن لا يجوز التعامي عن المتسبب بها وخاصة مع وجود دلائل وقرائن تشير إلى الفاعل وكذلك لا يجوز الشطط واتهام الإسلاميين وقلب الحقائق حتى يتحقق الهدف من تلك الأفعال الإجرامية.
السلطات الانقلابية في مصر بحاجة ماسة إلى تفويض عاجل لقتل الثوار الذين أقسموا على الخروج يوم 25 يناير لإنهاء الانقلاب، التفويض الشعبي للعسكر لم يعد متوافرًا كما حدث في 30 يونيو(خروج مئات الآلاف ضد حكم الإخوان)، بل قاطع الشعب المصري استفتاء الدم حتى لا يسفك الانقلابيون المزيد من دمائه، وبذلك لم يبق أمام الانقلابيين سوى " العمليات التفجيرية" لحيازة التفويض باسم " مكافحة الإرهاب" ولذلك تم تنفيذها قبل يومين من 25 يناير الموعد المحدد كبداية لإنهاء الانقلاب.
حكومة الانقلاب أعلنت القبض على أحد منفذي تفجيرات القاهرة ويدعى " محمد بكري هارون"، والمفاجأة أن المذكور كان معتقلا لدى أمن الانقلاب منذ ثلاثة أشهر وكانت عملية اعتقاله فريدة من نوعها، حيث تم اختطاف زوجته وطفلته (عامان) كرهائن حتى اضطر إلى تسليم نفسه، ونسي الانقلابيون كل تلك التفاصيل وقد فضحوا أنفسهم بأنفسهم.
رئيس تحرير وكالة أنباء فلسطينية استنكر تلك الأعمال وصب جام غضبه على الإسلاميين ولم يكتف بذلك، بل وصف العمل بشرع الله_ ربما دون قصد _ بأنها أدوات حكم في غاية الانحطاط والانتقام ضاربًا مثلًا قانون "السن بالسن والعين بالعين "، دون أن يدري بأن ذلك القول جزء من الآية الكريمة " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص.. إلى آخر الآية الكريمة"، نحن لا شأن لنا بمن يريد النفاق للانقلابيين أو إظهار المثالية الزائدة ولكن ليس على حساب الإسلام والمسلمين وليس على حساب العقيدة.
ختاما فإننا نكرر رفضنا للعمليات التفجيرية في مصر وفي غيرها ولكننا نؤكد أنها " لا شيء" مقارنة مع المجازر التي ارتكبها الانقلابيون ضد الشعب المصري في رابعة والنهضة وباقي ميادين الحرية، كما أن تلك التفجيرات لا تعطيهم التفويض أو الحق في ارتكاب المزيد من الجرائم لتثبيت انقلابهم والاستمرار في اختطاف الشرعية.