اقلام اسرائيلي 536
23/1/2014
في هــــــذا الملف
الحرب الاهلية في سوريا تطرق ابواب لبنان
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
كيف لم نر ذلك يأتي!
بقلم: ايتان هابر،عن يديعوت
استصال جذري للمتطرفين في غزة
بقلم: تسفيكا فوغل عميد احتياط،عن اسرائيل اليوم
نبوءات الغضب
بقلم: صوفيا رون موريا،عن معاريف
أفول نهج التسوية
بقلم: غادي شماني لواء احتياط كان قائد المنطقة لاوسطى، سكرتير عسكري لرئيس الورزاء ،عن هآرتس
نتنياهو في نعلي آدم فيرته
بقلم: رويت هيخت،عن هأرتس
الاستيطان والسرطان
بقلم: تسفي برئيل،عن هارتس
الحرب الاهلية في سوريا تطرق ابواب لبنان
بقلم: عاموس هرئيل،عن هآرتس
‘أعلنت جبهة النصرة، وهي منظمة سنية متطرفة تعمل في الأساس في جنوب سوريا وتستمد الالهام من القاعدة، أعلنت مؤخرا فتح مكاتب في مدينة طرابلس في شمال لبنان. وما زال مبلغ صدق الاعلان، الذي نشر بواسطة حساب تويتر متصل بالمنظمة، غير واضح ولم ينشر الى الآن أي تقرير صحفي عن ‘مكاتب المنظمة في طرابلس′. لكن الاستنتاج من الاعلان ومن سلسلة أحداث اخرى في الدولة في الاشهر الاخيرة واضح وهو أن الحرب الاهلية السورية وصلت الى لبنان ومعها ايضا منظمات الجهاد العالمي التي هي من بنات القاعدة الفكرية.
إن العملية الانتحارية في يوم الثلاثاء في الحي الشيعي من بيروت، الضاحية، كانت الثانية من نوعها في الضاحية منذ بداية الشهر. في المرة السابقة قُتل فتى كان يقود سيارة مفخخة حينما كان على مبعدة نحو من 100 متر عن واحد من مقار القيادات المركزية لحزب الله. واعتقدت اجهزة الامن اللبنانية في البدء أنها كانت عملية انتحارية لكنها خلصت بعد ذلك الى استنتاج أن السائق ربما خدعه مُرسلوه الذين استعملوا المواد المتفجرة في السياسة من بعيد دون علمه. وتحملت منظمة تسمى جبهة النصرة اللبنانية يبدو أنها فرع من النصرة السورية، المسؤولية عن العملية يوم الثلاثاء.
إن المنظمات السنية المتطرفة مسؤولة ايضا عن تفجير مشابه حدث هذا الشهر في مدينة هرمل الشيعية في البقاع اللبناني، وعن اطلاق قذائف صاروخية على الضاحية، وعن عملية في سفارة ايران في بيروت في تشرين الثاني الماضي. وفي خلال ذلك قُتل مسؤول حزب الله الكبير حسن اللقيس في عملية اغتيال في بيروت، يوجد لبنانيون ينسبونها الى العصابات المسلحة السنية ويتهم آخرون اسرائيل بها. وبرغم أن حزب الله يبدو الآن يتلقى الضرب في هذه المعركة أكثر مما يهاجم (وهو في الحقيقة يهاجَم بنفس الطرق التي فرض بها الارهاب على لبنان مدة ثلاثة عقود)، فان المنظمة لا تقعد مشلولة. فقبل أقل من شهر قُتل في بيروت محمد شطح، وهو وزير سابق من قادة المعسكر المعادي لسوريا، في عملية منسوبة الى حزب الله. ورُفعت في جنازته رايات سوداء لمنظمات الجهاد السنية على نحو فاجأ كثيرين من المشاهدين وهذه شهادة اخرى على التطرف الذي أخذ يكتسح الدولة.
تحاول الحكومة الانتقالية اللبنانية وقواتها الامنية أن تُداور بين معسكرات الصقور ولا يكون ذلك بالتلطف المطلوب دائما. في مطلع هذا الشهر مات في السجن اللبناني ماجد ماجد وهو قائد منظمة سنية متطرفة اسمها ‘كتائب عبد الله عزام’ كانت مسؤولة عن عدة هجمات على بلدات شيعية وعن اطلاق صواريخ كاتيوشا على اسرائيل. وقد اعتقل ماجد الذي كان يعاني من مرض الكلى، بعد حصار طويل. وتبين أن الاستخبارات اللبنانية تبين لها أن ماجد اعتاد أن يُعالج في مستشفى في صيدا وهو الوحيد في جنوب الدولة الذي يمنح علاج تنقية الكلى الذي كان يلائم وضعه، باسم مختلق.
وأقام رجال الاستخبارات حاجزا لاعتقاله لكن حراس ماجد الذين كانوا في السيارة أمامه لاحظوهم فرموا بقنبلة يدوية ونجحوا بأن يُهربوه من ذلك المكان. وانتظرت الاستخبارات اللبنانية في صبر الى أن يحاول ماجد التسلل الى المستشفى للعلاج التالي، وفي هذه المرة اعتقلوه. ومات ماجد في السجن لا بسبب التعذيب كما يبدو بل بسبب عدم وجود العناية الطبية.
إن النشاط السني القوي قد أحدث توترا جديدا بين لبنان واسرائيل بسبب حالتي اطلاق صواريخ كاتيوشا (في آب وكانون الاول من العام الماضي) ومقتل الجندي شلومي كوهين في موقع الجيش الاسرائيلي في رأس الناقورة في 15 كانون الاول. وقد سلم قاتل كوهين، وهو جندي في الجيش اللبناني من الطائفة السنية، سلم نفسه في الغد الى السلطات، وهو معتقل وسيحاكم في محكمة عسكرية بحسب الوعود اللبنانية للامم المتحدة ولاسرائيل ايضا. وفي اسرائيل يُقدرون أنه تأثر ايديولوجيا بالمنظمات السنية المتطرفة برغم أنه لم يكن عضوا رسميا لأية منظمة.
وتبين بعد ذلك أن اتصالات مكثفة بين اسرائيل ولبنان في ليلة الحادثة منعت تصعيدا شديدا على الحدود. فقد نقلت الامم المتحدة تقارير جارية من الطرف اللبناني بعد ساعة من اطلاق النار وأسهم ذلك في تهدئة النفوس. واجتمعت اللجنة المشتركة بين الاطراف الثلاثة من غد الحادثة وأبلغ جيش لبنان عن أمر اعتقال مطلق النار والتحقيق معه. وفي التحقيق زعم مطلق النار أنه خشي أن يكون كوهين يعرضه للخطر (وهذه رواية لا تؤكدها الحقائق)، لكنه اعترف في الوقت نفسه بأنه أطلق النار على سيارة جندي من الجيش الاسرائيلي حينما كانت تسير في الجانب الاسرائيلي من الحدود.
واقتنعت اسرائيل سريعا بأن مطلق النار عمل من تلقاء نفسه وبأن لبنان سيعمل على اعادة الهدوء الى المنطقة، لكن اسرائيل احتجت مؤخرا للبنان والامم المتحدة على اقوال قالها ضابط رفيع المستوى في جيش لبنان، في خطبة في مرج عيون وعد فيها بأن الجيش سيستمر في حماية السيادة اللبنانية وهو قول فُسر بأنه معاضدة للجندي الذي أطلق النار في رأس الناقورة. ويتوقع أن تجتمع اللجنة الثلاثية بعد اسبوع للقاء آخر.
وما زال يوجد في الجو خطر آخر هو نشوب نزاع بين اسرائيل وحزب الله بسبب الازمة التي دُفعت اليها المنظمة في داخل لبنان. لا يعتقد قادة جهاز الامن في اسرائيل أن هذا الخطر فوري، فهم يرون أن حزب الله قلق جدا من الحرب الاهلية في سوريا وهو يخشى جدا ردا عسكريا شديدا من اسرائيل يمنعه من أن يقامر بعمل عسكري على اسرائيل. لكن اسرائيل يجب عليها أن تأخذ في الحساب أن الزعزعة العظيمة في سوريا وفي لبنان قد تؤثر آخر الامر تأثيرا شديدا جدا فيما يجري في حدودها الشمالية ايضا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
كيف لم نر ذلك يأتي!
بقلم: ايتان هابر،عن يديعوت
ما المفاجيء في أمواج التسونامي التي تتحطم على الشاطيء. إنه المفاجأة نفسها. فترى انسانا يجلس في مقهى بالقرب من الشاطيء، وفجأة تأتي موجة ضخمة من مكان مجهول وفي ثانية أو دقيقة يزول المقهى وتزول القهوة ويزول الانسان. وكذلك الامر مع الزلزال حيث يجلس انسان في مكتبه في الطابق 16 في برج مكاتب، يتحدث الى زوجته هاتفيا ودون أي تحذير سابق تحرك الارض أسسها حتى إن الرجل لا يستطيع أن يقول ‘سلام’ بالهاتف.
‘إن المثال الأكثر واقعية هو العملية الارهابية في برجي التوائم في نيويورك. هل فكر شخص ما في الطابق 98 في ذلك المبنى دقيقة واحدة أو ثانية واحدة فيما سيحدث؟ بل إن كارثة الانفجار بسبب تسرب الغاز في هذا الاسبوع في القدس تشبه ذلك حيث كانت عائلة قد ذهبت للنوم فرحة منشرحة الصدر، فماتت في خلال ثوانٍ.
أحسن اهود باراك وصف ذلك حينما تحدث عن ‘إزهار الكرز′: إن ضربات البرد لشجرة الكرز لا تُرى، وفي صباح ما تزهر ازهارا رائعا دون انذار سابق.
‘ إن هذه الامثلة بالطبع ليست جيدة، فالدولة ليست مقهى ولا برج مكاتب بل ولا عائلة مفاجأة أو شجرة كرز. فالدولة في أكثر الاحوال لا تختفي دفعة واحدة، ويمكن أن توجد اشارات تحذير من الأحداث الآتية. ولا يكون لهذه الاشارات في احيان كثيرة أية قيمة.’
لكن ما الذي يحدث حينما يحدث؟ يتحدث طلاب زئيف جابوتنسكي وأشياعه الى اليوم في فخر عن علامات التحذير التي حذر بها اليهود في اماكن الجاليات وأنهم اذا لم يقضوا عليها في الوقت فستقضي هي عليهم. وهم خصوصا اليوم أول من يقفزون محاولين القضاء على كل اشارة تحذير قائلين إنها هراء وسخافات ونبوءات غضب، وأنه لا أحد مات الى اليوم من كلام سخيف.
ماذا نقصد بهذا؟ يجب أن تكون أصم وأحمق وصغيرا كما قيل في التلمود كي لا تلاحظ ما يجري في هذه الايام في الساحة السياسية. يُخيل إلي أن سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، كان هو المسؤول عن المقولة والسياسة التي جاءت إثرها وأساسها أننا لن ننجح في أن نهزمكم بالارهاب (لأنكم تملكون فيما تملكون ‘شباك’ ممتازا)، فسنحاول اذا أن نهزمكم في الساحة السياسية، وبعبارة اخرى أدرك الفلسطينيون أن صور الدم والنار وأعمدة الدخان لا تخدم أهدافهم فانتقلوا الى حيث يوجد لهم تفوق من البدء تقريبا.
لا تعترف أكثر دول العالم بالاحتلال وبالمستوطنات التي نشأت في الاراضي المحتلة. وقد رأت أن كل مستوطنة قطعة من حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والحياة الجديدة. يستطيع نفتالي بينيت ورفاقه أن يصرخوا الى الغد متحدثين عن حق الآباء وارض الآباء وعن كواشين من الكتاب المقدس، وحتى لو كانوا على حق تماما فان العالم في القرن الحالي يسد أذنيه.
بعد أن أدرك الفلسطينيون أن عطف العالم ممنوح لهم (ويشمل ذلك عطف الولايات المتحدة بل كندا بل ميكرونيزيا ايضا) تقدموا لقطع أنابيب الاوكسجين السياسية والاقتصادية عما يسمى عندنا ‘تحريرا’ و’خلاصا’ و’العودة الى صهيون’ وما سيسمى دائما ‘احتلالا’.
إن المقاطعة الاوروبية في الحقيقة غير مشعور بها الى الآن في اسرائيل، بل إن التصدير الاسرائيلي الى اوروبا زاد في 2013. فماذا سيكون في 2014؟ قد تكون الغيوم أخذت تتلبد فوق رؤوسنا.
اخطأنا حينما فكرنا في ايام خلت أن امريكا العظيمة صديقتنا السابقة ستقف عن يميننا وتحبط التدبير الفلسطيني الذي جر اوروبا. لقد أضحكتم واشنطن. فقد تبين للامريكيين قبلنا كما يبدو أنهم يستطيعون العمل باستخدام الاوروبيين على دولة اسرائيل وتكون أيديهم نقية. قالوا لنا دائما رأيهم في ‘التحرير’ الذي هو ‘احتلال’ في رأيهم ورددنا عليهم بغمزة.
إن المشكلة الحقيقة الكامنة وراء المقاطعة الاقتصادية وربما السياسية الممكنة ايضا (وليتنا نكون مخطئين) أنه قد تغرق العالم بعدها أو معها ايضا موجة سلب دولة اسرائيل شرعيتها. وهذه ازمة شديدة ومدعاة الى اوقات صعبة في عالم جزء غير صغير منه معادٍ للسامية في الحقيقة. وسيصعب على دولة اسرائيل جدا آنذاك أن تُدبر حياتها.
ليتنا نكون مخطئين ويكون مخطئا معنا ايضا 100 من قادة الجهاز الاقتصادي والاقتصاد الاسرائيليين الذين هبوا مؤخرا الى رئيس الوزراء ليحذروه من الآتي. لكن اذا كان هذا هذا هو الطريق والاتجاه لا سمح الله فاننا نستطيع أن نُخرج من الدرج المغبر الأشرطة القديمة وننشد معا ‘العالم كله ضدنا’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
استصال جذري للمتطرفين في غزة
بقلم: تسفيكا فوغل عميد احتياط،عن اسرائيل اليوم
إن درجات رد الجيش الاسرائيلي و’الشباك’ على نشاط حماس الارهابي، التي تميز السياسة الحالية ربما تُحدث ردعا وقتا قليلا لكنها لن تفضي الى وقف التهديد الارهابي الذي يشوش علينا حياتنا. فلا يكفي اغتيال هذا النشيط أو ذاك للتمكين من العيش في أمن في دولة يفترض أن تحمي سيادتها. ولن يفضي سوى عمليات مبادر اليها ومفاجئة ومؤلمة دونما صلة باعمال وكلاء الارهاب، بحماس الى فهم أن امكاناتها قد انقضت وأن طاولة التفاوض هي الخيار الوحيد الباقي لها.
إن ضربة شديدة فقط لاولئك الذين يرسلون المنتحرين ومنفذي العمليات، الذين لا يتجرأون على فعل ذلك بأنفسهم ولا يؤمنون باللقاء مع الحور الـ 72، والذين عندهم ما يخسرونه، ستنجح في إحداث ردع يأتي بحياة سليمة طبيعية عن جانبي الجدار المحيط بقطاع غزة.
مع كل احترامي للمطلعين على الامور، يمكن التوصل مع حماس في قطاع غزة الى اتفاق اطول كثيرا واسرع من رقصة التانغو بلا ايقاع التي ترقصها تسيبي لفني وأبو مازن. فحماس التي هي السيد الوحيد في القطاع تخضع لضغط يهدد قدرتها على الاستمرار في حكمه. فالمصريون الذين كانوا الى وقت قريب حماتها أصبحوا يرونها عدوا لدود ويعاملونها وكأنها مجذومة.
يتجول أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية في أنحاء العالم وهو مستمر في بسط خدعة السلام في كل مكان مع تجاهل مطلق لحماس التي تشبه من وجهة نظره حبة بطاطا ساخنة في موقد لا ينوي أن يطفئه. إن سوريا التي كانت تستضيف ‘مكتب خارجية’ حماس مشغولة بحروبها وهي تدرك التهديد الداخلي في وجود منظمة ارهابية في داخلها، بل إن الحاكم التركي اردوغان الذي جعل كل سفينة ممكنة تبحر الى غزة لم يعد متحمسا لصحبة الارهابيين المتطرفين، هذا الى أنه نشأت في داخل القطاع في السنوات الاخيرة منظمات كثيرة تعارض علنا ‘النهج اللين’ الذي تنتهجه حماس في حربها للكيان الصهيوني، وهي تهدد زعامتها العسكرية والمدنية.
كل ذلك معا وكل واحد منها على حدة أفضى بحماس الى أن تجري حسابات، والى أن يستقر رأيها على ترتيب أولويات للبقاء، والى أن تحدد في الأساس كيف تدفع أثمان مستهلكاتها لوجود السلطة المدنية، وقد تجلى الحل الافضل الذي وجدته بـ ‘الموافقة على اطلاق النار’ للفصائل المتطرفة في داخل حماس ومنظمات الجهاد المختلفة. وهذه الموافقات التي تشتمل ايضا على موافقة على التهريب وبث ألغام عند الجدار وحفر أنفاق، تُمكّن من تخفيف ضغوط عسكرية ارهابية وتحصل حماس مقابل ذلك على ‘هدوء مدني’ في داخل القطاع. وقد مكّنت تلك الموافقات ايضا من انشاء قواعد الارهاب في سيناء التي تنفذ مرة في كل بضعة اشهر ‘تجربة وسائل’ موجهة على اسرائيل وهي تستولي على اراض كثيرة تجعلها رهينة.
أوصي الجميع منا أن ندرس كيف يواجه الملك عبد الله محاولات المنظمات الارهابية الاستقرار في الاردن، وأن ننظر في طريقة علاج الفريق السيسي المصري لحماس في قطاع غزة، وأن ننتظر في شوق لنرى كيف سيعامل اولئك الذين أطلقوا الصواريخ من سيناء على اسرائيل. لا يوجد ما يُفعل، ويجب الاعتراف بالحقيقة غير الطيبة: إن القادة العرب يدركون طاقة التهديد الكامنة ويعرفون علاج الارهاب العربي أفضل من وزير الخارجية الامريكي جون كيري ورئيسه براك حسين اوباما.
إن بقاء الاسد المتوقع في سوريا وحاجته الى الاعتماد على الروس، والحكومة المتوقع أن تنشأ في لبنان، والزعامة التي لا هوادة فيها لعبد الله في الاردن والفريق السيسي في مصر، واتفاقات الدول الغربية مع ايران، ‘تخنق’ أنبوب تزويد المنظمات الارهابية بالوسائل، وتضائل فضاء عيشها على الارض. وأخذ يكبر احتمال موجة ارهاب. لم يدرك أبو مازن بعد أن الارهاب أخطر على وجود السلطة الفلسطينية من التخلي عن القدس وعن حق العودة، ولا تفهم حماس الى الآن أننا بدأنا نضيق ذرعا بالخروج في عملية مرة كل سنة. اذا كنا نرغب في الامتناع عن ضربنا في داخل مدننا، فان هذا هو الوقت للمبادرة وللعمل في بيوت اولئك الذين يريدون الشر لنا كي نهزمهم وألا ننتظر قذيفة صاروخية توقع ضحايا منا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نبوءات الغضب
بقلم: صوفيا رون موريا،عن معاريف
‘في نيسان 2007 عرض شمعون بيرس، الذي كان في حينه نائبا لرئيس الوزراء ايهود اولمرت، في واحد من خطاباته التي لا تحصى رؤيا تعليمية. فقد أعلن بيرس بانه ‘لا حاجة لتعليم التاريخ. ففي عصر الانترنت لا معنى لحفظ كم شخصا قتل نابليون’. وليس بيرس هو السياسي الوحيد الذي يزعجه تعليم التاريخ، وذلك لان المؤرخين درجوا على أن يذكروا السياسيين بامور كان الاخيرون يفضلون نسيانها.
ولا سيما عند الحديث عن التاريخ الجديد الذي لا يعنى بحملات نابليون. السياسة اليوم هي تاريخ الغد. والاحداث التي قبل 20 سنة تصبح تاريخا. هذا الاسبوع اجتاحت البلاد موجة نبوءات غضب اقتصادية. وكأنه لا يكفي الجفاف، فقد استيقظ مواطنو اسرائيل ذات صباح صاف واكتشفوا ان الاقتصاد الاسرائيلي قد ينهار. ففي ظل انعدام التقدم في المسار الفلسطيني، كما يتبين، فان الاقتصاد الاسرائيلي سيدخل في ركود عميق، والزمن سيتوقف عن السير والوقود سيرتفع ثمنه اكثر فأكثر. العالم سيعزلنا اذا لم تقم هذه السنة دولة فلسطينية. سيف مسلط على رقابنا وصلنا الى نقطة درك اسفل غير مسبوقة في ان العالم كله ضدنا، أولهم الحبيبة واشنطن.
رؤيا بيرس لالغاء تعليم التاريخ يدحر جانبا مقارنة برؤياه عن الشرق الاوسط الجديد. فاطلالة قصيرة الى الماضي تفيد باننا سبق ان كنا في هذا الفيلم. في ايلول 1991 طلب الرئيس الامريكي في حينه بوش الاب من رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينه اسحق شمير الموافقة على مشاركة اسرائيل في مؤتمر دولي يبحث في المسيرة السياسية بين اسرائيل والدول العربية وقبل كل شيء في المسألة الفلسطينية. شمير، الذي خاف من ممارسة الضغط على اسرائيل كي توافق على التنازلات، رفض.
هدد بوش بانه اذا لم تشارك اسرائيل في المؤتمر، فان الولايات المتحدة لن توافق على منحها ضمانات لقروض بمبلغ 10 مليار دولار. وكانت اسرائيل بحاجة للمال كي تستوعب هجرة مئات الالاف الذين وصلوا في بداية التسعينيات من الاتحاد السوفييتي السابق.
لن نوافق على اعطاء ضمانات لمال يستثمر في المستوطنات، قال بوش الاب.
مسألة الضمانات الامريكية لاستيعاب الهجرة اصبحت الموضوع المركزي لانتخابات 1992. ووافق شمير في نهاية المطاف على السفر الى مؤتمر مدريد، ولكن هذا ايضا لم يجدِ نفعا. حزب العمل، الذي تنافس على الكنيست برئاسة اسحق رابين عاد وحذر بانه بسبب عناد شمير لمواصلة البناء خلف الخط الاخضر فان عشرات الاف المهاجرين سيبقون دون مأوى، وستتحول واشنطن من عشيق الى عدو، والاقتصاد الاسرائيلي سينهار.
شمير هزم في الانتخابات. حكومة برئاسة رابين وقعت بعد نحو سنة على اتفاق اوسلو أ. وانستنا الهزات الامنية والسياسية مسألة الضمانات. قلة حرصوا على أن يسألوا اذا ما سألوا على الاطلاق اين المال. وماذا حصل لـلمليارات العشرة اياها.
اسرائيل حصلت على الضمانات. وتبين أن الحديث لا يدور عن منحة بل عن قرص بفائدة منخفضة. وسرعان ما اختفى المال. بسبب انهيار البورصة، بسبب الحاجة الى دفع ديون الكيبوتسات، بسبب الارتفاع في اسعار الشقق. أما التدهور الامني الذي تسببت به مسيرة اوسلو، وتوقف البناء خلف الخط الاخضر فقد جعل من الصعب على المهاجرين شراء شقق خاصة بهم. من هو معني بكل ثمن الدفع الى الامام باقامة دولة فلسطينية، من الافضل له الا يتعلم التاريخ. يا له بيرس من محق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أفول نهج التسوية
بقلم: غادي شماني لواء احتياط كان قائد المنطقة لاوسطى، سكرتير عسكري لرئيس الورزاء ،عن هآرتس
في الايام التي يستعد فيها الاسرائيليون والفلسطينيون لمعركة الاتهامات على فشل المفاوضات، يجدر فحص السبب الذي يجعل مبادرة كيري مآلها الفشل حتى قبل أن تبدأ، وما هو مطلوب عمله كي لا يسبب ذلك تصعيدا نتيجته قد تكون تصفية احتمالات التسوية.
في العقود الاخيرة تكمن جذور النهج الامريكي من المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين في قرار 242 ولاحقا في مؤتمر مدريدن في اتفاقات اوسلو وفي العروض السخية لايهود باراك على ياسر عرفات. عناصره الاساسية هي حل على اساس حدود 67 في صيغة معدلة مع تبادل للاراضي. على المفاوضات ان تكون مباشرة، مع الامريكيين كوسيط نزيه وكمورد للضمانات والحوافز. الشريك في الطرف الفلسطيني هو قيادة منتخبة، تعترف بحق اسرائيل في الوجود، وفي الحالة موضع الحديث محمود عباس، رئيس فتح ورئيس م.ت.ف كممثلة الفلسطينيين في الضفة، في غزة وفي الشتات.
ولكن هذا الفهم لم يعد ذا صلة كأساس يمكن أن يتم فيه التقدم نحو حل دائم. فالمشروع الاستيطاني تلقى دفعة دراماتيكية في السنوات الخمسة الاخيرة ووصل الى حجوم لن تسمح باخلاء كل المستوطنات، ولا حتى معظمها. فالكتل الاستيطانية تمتد على مناطق واسعة، واحتمال تحقيق خطوة تبادل للاراضي بنسبة 1:1 كما يطالب الفلسطينيون دون المس باحتياطات حيوية من الاراضي داخل الخط الاخضر ليس قابلا للتنفيذ. أما المطلب الاسرائيلي، المبرر من ناحية أمنية، لمواصلة السيطرة في غور الاردن، لفترة زمنية قد تستغرق بضعة عقود فيشكل عائقا آخر في وجه التسوية. ومع ذلك، مع الرغبة الطيبة من الطرفين، يمكن الوصول الى نموذج يقوم على أساس استئجار الاراضي لفترات زمنية طويلة.
تميل اسرائيل الى تفضيل نموذج المفاوضات الثنائية، خشية أن يستدعي ادخال جهات دولية الضغوط عليها. واصبح الامريكيون جزءاً من مشهد المفاوضات كجهة وسيطة ومحفزة بل ونجحوا في كسب ثقة الطرفين، وربط مصر، الاردن والسعودية في الدعم العلني للتسوية، والضغط على الفلسطينيين حين طُلب منهم ذلك. ولكن الاخطاء العسيرة التي ارتكبتها ادارة اوباما بالنسبة لحسني مبارك، التردد وعدم الثبات في الموضوع السوري، والمغازلة المهووسة لايران، ساهمت في عدم الثقة شبه المطلقة بين الدول العربية والولايات المتحدة. وفي اسرائيل ايضا لا يثقون باوباما وبوزير خارجيته. وفي الساحة الفلسطينية الداخلية، ادت انتخابات 2006 للمجلس التشريعي الفلسطيني والتي فرضت على اسرائيل والفلسطينيين من كونداليزا رايس بدعم من الرئيس جورج بوش، ادت الى نقل مركز الثقل في الشرعية الفلسطينية الداخلية من السلطة الفلسطينية الى حماس في غزة، الامر الذي جعل من الصعب على رئيس السلطة ان يتخذ خطوة هامة تنطوي على حل وسط دون موافقة حماس.
الولايات المتحدة هي الصديقة الوحيدة التي يمكن لاسرائيل ان تعتمد عليها، ولكن سنوات ادارة اوباما هي سنوات ضائعة. في السنوات الثلاثة التالية، حتى قيام الادارة التالية، ينبغي لاسرائيل أن تعمل مع الولايات المتحدة ودول العالم، بما في ذلك الدول العربية، كي تسعى الى حل دائم. حدود 67 لم تعد ذات صلة ومطلوب ان يقول الامريكيون ذلك بصوت عالٍ. على المفاوضات ان تكون متعددة الاطراف، اقليمية وان تضم الاردن، مصر ودول الخليج. وذلك من اجل ادخال حماس الى المعادلة في شروط تكون مقبولة من اسرائيل ولاسناد القيادة الفلسطينية في التنازلات اللازمة.
في هذه الاثناء على اسرائيل ان تمنع اندلاع العنف من خلال اتخاذ سياسة موسعة لتحسين الاقتصاد الفلسطيني وتحسين نسيج الحياة في الضفة، وفي نفس الوقت العمل على حفظ قدرة الردع في غزة من اندلاع عنف غير مضبوط. وبالتوازي على اسرائيل ان تكف عن تثبيت حقائق ناجزة تقلل من فرص التسوية في المستقبل، وتبذل جهدا حقيقيا لانفاذ القانون على الهوامش غريبة الاطوار الاخذة في الاتساع في يهودا والسامرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نتنياهو في نعلي آدم فيرته
بقلم: رويت هيخت،عن هأرتس
نُشر قبل بضعة اسابيع من هياج قضية المعلم آدم فيرته، الذي استدعي لمساءلة قبل الاقالة لأنه صدرت عنه آراء يسارية في الفصل الدراسي الذي درس فيه، نشر أمر قضية اخرى وهي أن اللجنة الادارية في جامعة حيفا استقر رأيها على عدم منح البروفيسور اسرائيل أومان لقب دكتوراة الشرف على إثر تصريحات يمينية له.
الحديث في ظاهر الامر عن قضيتين موضوعهما ‘الاسكات’ والاضرار المهني بسبب التعبير عن موقف سياسي فقد تحدث فيرته عن عدم اخلاقية الجيش الاسرائيلي، وعبر البروفيسور أومان عن شكوك في امكانية التعايش العربي اليهودي، وأوصى ببناء جدار حول السكان العرب في مناطق الاحتكاك بالسكان اليهود. وأطلقت في فضاء الفيس بوك الذي ثار في الايام الاخيرة عقب الانباء عن المعلم من كريات تفعون اسئلة أطلقها يساريون بارزون مثل: ‘أين كان كل اليساريين حينما استقر رأي جامعة حيفا على ابطال الجائزة للبروفيسور أومان؟’.
لكن المقارنة بين القضيتين مخطئة بل قد تكون خطيرة لأنه فضلا عن أن أومان وفيرته موجودان في فضاءين مهنيين واجتماعيين مختلفين تماما فاومان استاذ كرسي جليل ذو صيت عالمي وفيرته معلم شاب يدرس في مدرسة ثانوية فان العقوبات التي فرضت عليهما تختلف تمام الاختلاف، ففي حين مُنع اومان جائزة تشريف، سُلب فيرته شعوره بالامن الشخصي وربما يُقال من عمله. وفي حين مُنع اومان التشريف أصبح فيرته ضحية حملة صيد ذات رأسين: جهازي (شبكة أورت ووزارة التربية التي لم تدافع عنه)، وجماهيري (الجمهور الذي أمطره بالشتائم والتهديد وكان ذلك في جملة ما كان عن طريق صفحة فيس بوك ميخائيل بن آري).
واذا قارنا مع كل ذلك بين الحالتين فان الاستنتاج هو أن اومان يستطيع التعبير عن آرائه، وأن أكبر خطر يتوقعه هو ألا يحصل على زيادة بسبب ذلك؛ أما فيرته فلا يستطيع أن يفعل ذلك لأنه قد يدفع ثمن ذلك مصدر رزقه بل قد يعرض أمنه الشخصي للخطر. والفرق بين العقوبتين في الحالتين يشبه الاختلاف الجوهري بين الشعور بحكة غير لطيفة وخوف دائم.
إن سبب الفرق الجوهري بين شدة العقوبتين هو أن المؤسسة الحاكمة والجمهور اللذين يسيطر اليمين عليهما اليوم يريان أناسا مثل فيرته والافكار التي يعبر عنها تهديدا وجوديا يعرض هيمنتهم ومنظومة قيمهم للخطر. إن البروفيسور اومان يعرض مواقف قد لا تطيب لآذان عدد من الاكاديميين، لكنها تطابق بهذا القدر أو ذاك مواقف السلطة: فكلامه عن عرب اسرائيل ليس أكثر تطرفا من اقتراح وزير الخارجية افيغدور ليبرمان عن تبادل السكان. ومواقفه لا تعترض على عدالة نهج السلطة فليست فيها دعوة الى التغيير أو الى تحول في الوعي. لكن فيرته في مقابله يعترض على الايديولوجيا السائدة ويشوش على مسار استدخالها التربوي في النفوس ويدعو الى تمرد فكري، ولهذا فانه تهديد وجودي تشعر المؤسسة والجمهور بحاجة الى مكافحته كل واحد بطريقته واسلوبه: أما الجهاز فبالقوانين والتهديد بالاقالة، وأما الجمهور فبالتنديد والاقصاء والتهديدات.
يتحدث كثيرون من نسل التصحيحيين وطلائعيي اليمين في البلاد الذين عمل عدد منهم أو يعملون اعضاء كنيست ووزراء في الحكومة، يتحدثون عن الشعور بالمطاردة الذي كان يصاحب آباءهم في سنوات حكم مباي، حينما كانوا يتمسكون بالمذكرة غير الصحيحة. إن التمييز المهني والاقصاء الاجتماعي والاسكات العنيف مشاعر كانت جزءا من تجربة حياتهم. وقد تغلغلت الى طفولتهم وضيقت خطواتهم سنين كما يزعمون. ويعرف بنيامين نتنياهو ابن البروفيسور بن تسيون ذلك أفضل من الآخرين.
إن نماء اليمين الذي أحرز على إثر عقد حلف بين المضطهدين طائفيا واجتماعيا وسياسيا قلب الهيمنة رأسا على عقب وغير اتجاه دائرة الاضطهاد. فقد تولى التصحيحيون والشرقيون والمهاجرون مقاليد الحكم الذي كان يقصيهم قبل ذلك، ويبدو الآن أنه قد حانت نوبة عدد منهم على الأقل لحماية هيمنتهم باعمال اضطهاد واسكات لآراء اخرى. إن مضطهَّدي الأمس أصبحوا مضطهِّدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الاستيطان والسرطان
بقلم: تسفي برئيل،عن هارتس
‘إن اسوأ نذير يؤدى الى انسان حينما يبلغه طبيبه قائلا ‘كشفنا عن كتلة ورم’. بعد ذلك يبدو أن الحياة تقف على شفا النهاية. وفي ذلك الوقت يكون ما زال يوجد أمل أن يمكن استئصال الكتلة الخبيثة، ووقفها بعلاج كيماوي والحصول على بضع سنوات عيش اخرى، لكن المعالج يصبح منتميا الى فئة جديدة، فقد أصبح ‘المرض’ فيه. وحينما يشير التشخيص الى ثلاث كتل خبيثة يختفي ما بقي من الأمل ايضا ويبقى التوقع المعذب للوجبة التالية من مسكنات الألم. لكن يتبين أن الدولة، بخلاف المواطن البسيط، تستطيع أن تعيش جيدا مع الكتل، بل إنكم اذا منحتموها كتلا اخرى تنبعث حية من جديد.
بُشرنا في الاسبوع الماضي بأن رئيس الوزراء وجد لنا كتلة اخرى رابعة أو ربما خامسة. وهي أصغر في الحقيقة من الثلاث التي سبقتها لكنكم تعلمون أن الكتل الصغيرة تكبر سريعا ولا سيما اذا لم تعالج في الوقت. أنظروا ما الذي حدث لغوش (كتلة) عصيون التي تطورت في غضون سنوات قليلة من عدة مبان متنقلة لتصبح فضاءا مدنيا يشمل مدنا كبيرة مثل افرات وبيتار عيليت. وبدأت الفيه منشه والكنا حياتهما حيين صغيرين متواضعين وكذلك معاليه ادوميم ايضا. وقد أخذت تكبر وكأنها تعاني خللا في هرمونات النمو حتى إن الرئيس بوش أدرك أنه لا مناص وأنه يجب الاعتراف بـ ‘الواقع′. هل تريدون كتلا؟ ستكون كتل.
وكان لهذا التنازل في ظاهر الامر تسويغ لأن أكثر من 85 بالمئة من المستوطنين يسكنون في الكتل المجاورة للخط الاخضر. ويمكن بجراحة حذرة سهلة نسبيا ضمها الى دولة اسرائيل ومنح الفلسطينيين تعويضا مناسبا بعقارات اذا وافقوا، والاستمرار في العيش. لكن في ذلك الوقت وقبل أن يولد الاتفاق على حجم الكتل وما الذي يجب اقتلاعه في الاساس، أظهرت صورة الـ إم.آر.آي علامات مقلقة جدا. فالى الجنوب من غوش عصيون توجد كتلة الخليل التي لا يجوز بالطبع اهمالها أو اقتلاعها لا سمح الله. وظهرت بعد ذلك بصورة سافرة علامات كتلة جديدة في غور الاردن نحن مجبرون على ضمها الى دولة اسرائيل، وتوجد الآن البشرى الجديدة وهي ‘كتلة بيت إيل’.
‘يوجد قضاة في القدس′، قال بيغن في 1978 في ابتهاج بعد أن قضى القاضي الفريد فيتكون بأن ولادة بيت إيل على ارض فلسطينية بعد أن أُعلنت منطقة عسكرية كما ينبغي هي ولادة حلال. ولم يوجد في 2012 من يصيح مبتهجا ولم يكن يوجد ما يُبتهج به. فقد قضت المحكمة العليا بأن التابعة الجديدة لبيت إيل وهي جفعات الاولبانة غير قانونية وأمرت بهدم عدد من بيوتها. ولم يكن يوجد فجأة قضاة آخرون في القدس. لكن اسرائيل ليس وحيدا. فسيكون عندنا كتلة بدل حي غير قانوني. وأصبح هذا تطورا جديدا للمرض لأنه اذا كان يُحتاج قبل ذلك الى مقدار كبير من البيوت والمستوطنين لانشاء ‘كتلة’ فقد أصبح الامر عكسيا هذه المرة. فهم أولا يعلنون عن وجود الكتلة ثم تُرى بعد ذلك لأن الكتلة لم تعد مصطلحا جغرافيا أو سكانيا بل أصبحت الكتلة مصطلحا سياسيا، أو أصح أن نقول إن الكتلة هي الطبقة العليا. فالذي يسكن في الكتلة مستقبله مضمون اذا قيس بمن ساء حظه وولد في مجرد مستوطنة. لأنهم سيحاربون عنه محاربة لا هوادة فيها ومن اجله سيقتطعون اراضي من الدولة بشرط أن يستريح في سلام فوق الصخور الجرداء.
إن الكتلة هي ايضا منزلة اقتصادية، فالذي يشتري بيتا في كتلة يكون آمنا من الاجلاء وهو يستطيع أن ينشيء مصنعا ويغرس اشجارا يتمتع بثمارها وأن يبيع بيته ايضا بسعر أعلى كثيرا من بيت ذلك البائس الذي يسكن في مستوطنة ربما تُخلى.
‘إن ‘الكتل’ تمنح شرعية كاذبة لمجاميع المستوطنات تلك التي نشأ بعضها خداعا وبعضها بأوامر عسكرية ‘حلال’ وكلها بخلاف القانون الدولي. وهو مصطلح يفترض وكأن ذلك مفهوم من تلقاء ذاته أن مجرد استعماله يمنح المستوطنات حصانة. ‘آه، هل أنت كتلة’، ستقول الجرافة للكرفان، ‘لم أعرف. المعذرة’؛ أو: ‘لم أعلم أنه توجد لكِ كتل في الضفة، اعتقدت أنها مجرد توابع′، ستقول واشنطن للقدس. بقي فقط اخراج الخريطة وأن تلف بخط احمر كل مستوطنتين أو ثلاث مع زيادة بؤرها الاستيطان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس