أقــلام وآراء إسرائيلي (609) الاثنيــن 21/04/2014 م
في هــــــذا الملف
لا تدعوا أبومازن يلقي المفاتيح
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
الاحتلال سيستمر
بقلم:زئيف شترنهل،عن هآرتس
قدس الذهب والقمامة والطين
بينما تغرق القدس بالقمامة ولا سيما في احيائها العربية، فان البلدية تعد بان نرى تحسنا في السنتين القريبتين
بقلم:نير حسون،عن هآرتس
لعبة الشرك
ضاقت الادارة الامريكية ذرعا بالمحادثات الاسرائيلية الفلسطينية لكن كيري مصر على متابعتها
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
لا تدعوا أبومازن يلقي المفاتيح
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
لا يدور الحديث عن مواضيع جديدة أو شروط معيقة. فقد تعهدت اسرائيل بتنفيذ ‘النبضة الرابعة’ في اطار الاتفاق لاستئناف المفاوضات، بما في ذلك تحرير السجناء الاسرائيليين، وخرقت هذا الشرط.
وبالنسبة للحدود، عارضت اسرائيل فصل البحث في الموضوع بدعوى أنه يجب رؤية كل الاتفاق كرزمة واحدة، ولكن هذا الموقف أفشل حتى الان المساعي للتقدم في المفاوضات .
لم يعد ممكنا قبول ادعاءات اسرائيل في هذين الموضوعين. فتحرير السجناء لا يرتبط على الاطلاق بالبحث الجوهري في مستقبل العلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين، وعرضه كشرط جديد مضلل، مثلما أوضح وزير الخارجية الامريكي.
وفي نفس الوقت، فان تعريف حدود اسرائيل لا ينبغي ان يكون متعلقا باتفاقات اخرى. فترسيم الحدود سيوضح نطاق المستوطنات التي ستشملها اراضي اسرائيل، يشق الطريق لتحديد حدود القدس، يمنح الفلسطينيون الاطار الاقليمي لدولتهم، يحدد حدود الحلم المسيحاني الاسرائيلي ويصب مضمونا حقيقيا لفكرة الدولتين. النقاش والاتفاق في مسألة الحدود لا يمسان بالمبدأ الذي يقول: ‘لا شيء متفق عليه الى أن يتقف على كل شيء’، وذلك لانه يمكن القول ان كل اتفاق يتحقق في مسألة الحدود يكون خاضعا للاتفاق الشامل.
أقوال عباس بعيدة عن أن تشهد على الرفض، ولكنه يوجد تخوف من أن الاحباط العميق النابع من انعدام التقدم ومن رفض المطالب الفلسطينية سيدفعه الى حل السلطة و ‘تسليم المفاتيح الى اسرائيل’. هنا، وليس في امكانية الانتفاضة، يكمن التهديد الذي في فشل المفاوضات فرض المسؤولية التشغيلية المباشرة عن المناطق على اسرائيل.
فاضافة الى العبء المالي الهائل والتحديات الامنية التي يفرضها الاحتلال المباشر على اسرائيل سيجعلها هدفا للعقوبات الدولية. ان مطالب عباس منطقية، وهي ستكون اختبارا لجدية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الاحتلال سيستمر
بقلم:زئيف شترنهل،عن هآرتس
ليست المطالبة المرفوعة للفلسطينيين بالاعتراف بدولة يهودية صدفة أو قليلة القيمة. فهذا هو السبيل للطلب من الفلسطينيين بأن يستوعبوا هزيمتهم التاريخية وأن يعترفوا بالملكية الحصرية لليهود على البلاد بأسرها. بهذا المفهوم، في نظر الاغلبية السائدة لا فرق بين العرب مواطني اسرائيل وبين العرب سكان المناطق، فالمواطنة على أي حال تعتبر معاملا قانونيا، قابلا للالغاء، وفي كل حال متدنية عن الانتماء القومي.
وحسب هذا النهج فان القومية هي منتج تاريخي أو مخلوق الاهي آخرون سيقولون مخلوق طبيعي بينما المواطنة هي ماهية مصطنعة، ثمرة قرار تعسفي. في فكر اليمين حظيت القومية اليهودية بانتصار مطلق عندما احتلت البلاد، في سياق استمر منذ بدء الهجرة الاولى وحتى مجرد يومنا هذا. ذروتاه كانتا حرب الاستقلال وحرب الايام الستة، وكلتاهما ينتميان الى التواصل السلوكي. بهذا المفهوم لا فرق بين احتلال اجزاء من البلاد قبل 1949 وبعدها وليس للخط الاخضر اي معنى غير كونه خط وقف مؤقت للنار.
يعتقد اليمين على أصنافه بانه يعبر عن الاجماع الصهيوني وبقدر كبير الحق معه: فمنذ بداية الطريق كانت الخلافات في الرأي داخل الحركة القومية اليهودية حول الوسائل وليس الاهداف. وبين مباي والاصلاحيين دارت رحى حرب على السلطة وليس على جوهر القومية اليهودية. كما أن حركة العمل التاريخية لم تعترف بالحقوق القومية للفلسطينيين، وكذا في أوساط زعمائها ومفكريها، كانت سيطرة اليهود في البلاد مغروسة في التاريخ، وليس في الحق الطبيعي لبني البشر في أن يكونوا أسيادا لانفسهم. وعلى حد نهجهم فان التاريخ يسبق دوما ارادة، احتياجات وتطلعات بني البشر. ولم تكن القيم الانسانية في مركز التجربة الفكرية لمباي وهي حتى اليوم لم تستوعب حقا في حزب العمل.
وعليه، فمن ناحية قادة الحكم الاسرائيلي، فان اصطلاح ‘الاتفاق’ معناه استسلام الفلسطينيين بلا شروط. ومن أجل ان يكون الحق الحصري لليهود على البلاد كاملا ومعترفا به، فان الفلسطينيين ملزمون بان يسلموا بدونيتهم. وينغرس هذا المفهوم عميقا في الوعي الاسرائيلي وهو مشترك بين اليمين والوسط بكل فروعهما، وفي بلدات المحيط ومعظم سكان غوش دان، حزب العمل والليكود: كلهم يرفضون فكرة المساواة في الحقوق بالنسبة للعرب. ولهذا فسخيف التوقع من الجيش ان يتصرف في المناطق بأدنى حد من النزاهة مثلما يصعب وصف المحكمة العليا كحريصة على المعاملة المتساوية تجاه اليهود والفلسطينيين. فمنذ بداية الاستيطان وحتى عهدنا، تتصرف هذه المؤسسة، التي يزعم أنها رمز لليبرالية والديمقراطية، مثل الجيش، الشرطة والمخابرات، كذراع من اذرع الاحتلال.
وعليه، فلا يوجد في هذه اللحظة أمل في ان تتبلور أغلبية لاتفاق نزيه. وحتى لو افترضنا بان يقع بالمعجزة انشقاق في الليكود بقيادة رئيس الوزراء الذي يقرر محاولة ان يدخل التاريخ كديغول وليس كابن البروفيسور نتنياهو وتتوفر الاغلبية اللازمة، فانه لن يعتبر شرعيا في نظر اجزاء واسعة من السكان ولن تكون لاحد الشجاعة لتطبيق السياسة الجديدة. وعليه فان احتلال البلاد سيستمر وستصادر الارض من اصحابها لغرض توسيع المستوطنات وسيطهر غور الاردن من العرب وستجد القدس العربية نفسها مخنوقة من الاحياء اليهودية وكل فعل من السلب والغباء يخدم التوسع اليهودي في المدينة سيحظى بمباركة محكمة العدل العليا. ان السبيل الى جنوب افريقيا ممهد ولن يعاق بحاجز الا عندما يعرض العالم الغربي على اسرائيل خيارا لا لبس فيه: التراجع عن الضم ولفظ دولة المستوطنين او أن تكون مقصاة لشدة النبذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
قدس الذهب والقمامة والطين
بينما تغرق القدس بالقمامة ولا سيما في احيائها العربية، فان البلدية تعد بان نرى تحسنا في السنتين القريبتين
بقلم:نير حسون،عن هآرتس
مسألة النظافة (أو القذارة) لشوارع القدس وقفت في مركز حملة الانتخابات الاخيرة لرئاسة البلدية. موشيه ليئون، المرشح الذي حاول اسقاط نير بركات من رئاسة البلدية، لاحظ في موضوع النظافة البطن الطرية لبركات. ‘عندما يكون السكان قبل كل شيء فان المدينة ستكون نظيفة’، أعلن السطر الاول في برنامج ليئون الذي وعد بمئات عاملي النظافة الجدد في المدينة.
ومع أن ليئون خسر في الانتخابات، الا ان هذا القسم من الحملة بالذات اصاب مشاعر السكان: فالعديد من المقدسيون يشعرون بان مدينتهم قد تكون تتطور فقد بنيت فيها السينما سيتي وقصر الرياضة ‘هأرنيه’، في شوارعها يجري الماراثون والسباقات، وطرق جديدة وواسعة تشق فيها. ولكن في الطريق اهملت الشوارع القديمة، حدائق الالعاب والمراكز التجارية حيث لا تزال تسود القذارة. وحتى بركات نفسه اعترف في الحملة الانتخابية بانه ليس راضيا على مستوى النظافة في المدينة (واتهم الهستدروت في افشال مساعيه للتصدي للمشكلة من خلال خصخصة خدمات النظافة). وفي الولاية التالية، كما وعد بركات، سيكون تغيير حقيقي. اما الان، بعد سنة من الانتخابات فقد حان الوقت للفحص اذا كان ثمة تحسن أم ان القدس لا تزال مدينة قذرة.
المشكلة هي أنه من الصعب قياس مستوى القذارة في مدينة من 800 ألف نسمة بحيث أنه عمليا هذا سؤال ذاتي يبين اساسا ما هي توقعات سكان المدينة وزوارها. وفي البلدية يستخدمون مقياس عدد الشكاوى الهاتفية الى المركزية البلدية بالنسبة للقذارة. ولكن هذا المقياس منحاز الى مستوى التوقعات: فاذا كان السكان اعتادوا مستوى قذارة معينة، وفهموا بان لا مجال للتوقع من الجهاز البلدي فانهم لن يكلفوا أنفسهم عناء الاتصال.
توجد أماكن ليس في شأنها شك من ان القذارة ليست موضوع توقعات بل رائحة: الاحياء الفلسطينية من شرقي القدس وعلى نحو خاص تلك التي بقيت خلف جدار الفصل. في الطرف الاخر من السور، حيث يسكن 70 – 100 الف نسمة انهار تماما جهاز توفير الخدمات البلدية، بما في ذلك النظافة وجمع القمامة. وقد اتسع عدد السكان في هذه الاحياء بوتيرة سريعة وباتت الشوارع تبنى بلا تخطيط. وتوجد في الشوارع حاويات قمامة قليلة جدا والمقاولون المحليون الذين تشغلهم البلدية لا يستوفون الوتيرة. والنتيجة هي أكوام متجمعة من القمامة، تحرق في احيان كثيرة لتنشر رائحة فظيعة. اما الوضع في باقي احياء شرقي القدس فأقل سوء بقليل، ومع ذلك من السهل ملاحظة الفرق بين شطري المدينة حسب كمية القذارة في الشوارع، حسب عدد حاويات القمامة وعمال النظافة.
في محاولة للاجابة على السؤال اذا كانت القدس ملوثة واذا كان ثمة تغيير ايجابي او سلبي، وزعنا استطلاعا على الانترنت. الاستطلاع كما ينبغي التشديد، ليس علميا فالعينة لا تستجيب للقواعد الاحصائية ولا تمثل كل سكان المدينة ومع ذلك يمكنها أن تشكل مؤشرا على احساس السكان. 119 مستطلع اجابوا على الاستطلاع، ونحو ثلثهم تطوعوا باسمائهم.
نحو نصف السكان (57) اجابوا بان القدس ‘قذرة’ او ‘قذرة جدا’. اغلبية مطلقة من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أيضا بان القدس تحمل عن حق اسمها كمدينة قذرة وانها ملوثة اكثر من مدن اخرى في البلاد. ثلاثة اعتقدوا بانها المدينة الاقذر في الدولة.
ومع ذلك، فان معظم المجيبين يشعرون بان القذارة تتعلق أساسا باجزاء في القدس لا يسكنون فيها، وذلك لان فقط 25 منهم اجابوا بان شارعهم قذر أو قذر جدا. أي اجزاء؟ الاغلبية تعتقد بان شرقي القدس، الاحياء الاصولية ومركز المدينة هي المناطق الاكثر قذارة.
ولعل نير بركات يمكنه أن يجد شعاع ضوء في أن قدرا اكبر من المستطلعين يعتقدون بانه طرأ في السنة الاخيرة تغييرا ايجابيا طفيفا (29) من اولئك الذين يعتقدون انه طرأ تغيير سلبي (6). ولكن الاغلبية (70) يعتقدون انه لا يوجد تغيير على الاطلاق.
وفي الغالب يوجه اصبع الاتهام الى البلدية، على الاهمال المتواصل في تنظيف المدينة. من احاديث مع السكان ومع اصحاب مناصب يتبين بان للبلدية توجد مشكلة نقص في عمال النظافة، رغم اضافة بضع عشرات العمال مؤخرا. اضافة الى ذلك توجد مشكلة نقص في الرقابة على العمال وفي معاقبة المخالفين في مجال النظافة. وفي صالح المقدسيين يقال انهم لا يتهمون البلدية فقط، بل ويتهمون انفسهم فقط. فالكثيرون يحتجون على النقص في ثقافة النظافة بين سكان المدينة والاستهتار بالمجال العام. ويشكو الكثيرون من اصحاب الكلاب الذين لا ينظفون وراء حيواناتهم، وآخرون من ملقي أكياس النايلون ومن المستجمين في الحدائق. وكتبت احدى المشاركات في الاستطلاع تقول ان ‘حان الوقت لفرض غرامات ليس فقط على ايقاف السيارة بل وايضا على القاء القمامة في الساحة العامة، بما في ذلك على اصحاب الكلاب، مثل كل مدينة سليمة في العالم’.
وفضلا عن القذارة المعروفة بواقي السجائر، اكياس النايلون والاغلفة المختلفة تعاني المدينة أيضا من قذارة المادة اللاصقة والسوداء التي ترفق بطوب الارصفة الذي ترصع به اجزاء واسعة من البلدة القديمة والمناطق المحيطة بها. ومع أن القذارة تنبع اساسا من السير الكثير على الارصفة، الا أنها كونها حساسة للقذارة ويصعب ازالتها تعطي المكان احساسا بالنتن. فحدائق الالعاب الكبرى تعاني من روائح قذرة تبث في كل صوب (حديقة الجرس مثلا) أو من بقايا المعلبات (حديقة الاستقلال مثلا). ويبدو أن البلدية تجد صعوبة في التغلب على ذلك.
‘القدس ليست قذرة’، يقول مدير عام البلدية الجديد (شهرين في المنصب) أمنون مرحاف، ‘توجد مناطق نظيفة في مستوى معقول زائد، مثلا سوق محنيه يهودا، وتوجد مناطق قذرة. أنا لا اقبل الوصمة التي تقول ان سكان القدس يتسببون بقذارة اكبر. فالقدس بسبب تميزها والاف سنواتها، تبدو في صورة جيدة أقل بقليل. كما أني لا اسارع الى أن القي بالمسؤولية على المقيم ولا أدعو الى تغيير السكان. هذه مسألة البيضة والدجاجة: اذا كان مستوى النظافة أفضل، فان دافع الناس للحفاظ عليها سيكون أعلى’.
1100 عامل يعملون في قسم الصحة العامة في المدينة، الذي بلغت ميزانيته هذه السنة 390 مليون شيكل، مقارنة بـ 360 مليون شيكل في السنة الماضية. في ايار سيضاف نحو 40 مليون شيكل آخر، بحيث أن ميزانية كل السنة ستبلغ 430 مليون شيكل بفضل منحة حكومية عالية تلقتها البلدية، ضمن امور اخرى بسبب عاصفة الثلج في بداية الشتاء والتي اضرت جدا بالرحاب العام في المدينة وتطلبت ترميما باهظ الثمن. وفي البلدية يشيرون الى سلسلة اصلاحات ستحسن الوضع تجميد عشرات عاملي النظافة الجدد وعشرات مراقبي النظافة، نصب حاويات وحملات نظافة في الاحياء وكذا تغيير تنظيمي في تقسيم المدينة الى احياء جغرافية. ويرمي التقسيم الجديد الى منع الوضع السخيف الذي ينظف فيه عامل في قسم ما الحديقة وعامل من قسم آخر القذارة التي على الرصيف المجاور للحديقة، دون أي تنسيق.
ويشير مرحاف الى عدة مشاكل أساسية في القدس تفرض مصاعب على نظافة المدينة: كثرة السكان، ولا سيما في الاحياء العربية والاصولية، حقيقة أن هذه مدينة تاريخية بلا تخطيط حديث وكذا اخفاقات في التخطيط الحديث الذي جرى في المدينة. ‘عندنا مناطق مع تخطيط تاريخي من عهد هيرودوس وقبله والادخال الى هناك سيارات النظافة وسيارات الكناسة هو أمر متعذر’، يقول مرحاف. ‘ولكن حتى في حي راموت الذي خطط له في السبعينيات ارتكب اخفاق تخطيطي باعث على الصدمة إذ بنوه دون غرف للقمامة ولهذا فانك ترى ‘الضفادع′ (حاويات على شكل ضفادع) البشعة والاشكالية على التشغيل’. ويرى مرحاف في ‘الضفادع′ التي تميل الى الانزلاق وتلويث محيطها ‘عقب أخيل لتحدي النظافة في المدينة’. في السنوات الخمسة القريبة القادمة تخطط البلدية لاستبدال 1.800 ضفدع بحاويات قمامة مدفونة في الارض.
‘اضفنا سبعة مسارات اخلاء جديدة للقمامة. استوعبنا 100 عامل نظافة في السنة الاخيرة، نحن ننتقل الى مغروسات القمامة وبدلا من الضفادع، نضيف حاويات قمامة في الشوارع ونؤهل محبي النظافة ونشدد انفاذ القانون، ولن نكتفي بالغرامات بل وسنرفع لوائح اتهام’، كما يعد المدير العام. ‘اعتقد ان الناس سيرون تحسنا دراماتيكيا في غضون سنة سنتين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
لعبة الشرك
ضاقت الادارة الامريكية ذرعا بالمحادثات الاسرائيلية الفلسطينية لكن كيري مصر على متابعتها
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
تتحدث احدى القصص الكلاسيكية في الصحافة العبرية عن محرر ليلي في صحيفة ‘دافار’ ربما كان زلمان شيزار صعب عليه أن يواجه كثرة الأنباء التي تدفقت عليه من العالم فجمعها جميعا في خبر واحد جعل عنوانه: ‘العالم مثل قِدر فوارة’.
إن مجموعة الازمة الدولية ‘انترناشيونال كرايزس غروب’ هي منظمة تتابع الازمات في العالم من الميدان. وتتولى العمل في هيئة أمنائها مجموعة جليلة من الرؤساء ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية واساتذة الجامعات ورجال الاعمال وأكثرهم متقاعدون. وأنا أشارك في مباحثات هذا المنتدى منذ بضع سنين. كان المؤتمر في الرباط في نهاية الاسبوع الماضي شاذا في تشاؤمه. فقد تم استعراض الازمات في العالم واحدة واحدة من اوكرانيا الى سوريا، ومن فنزويلا الى افغانستان، ولم يبدُ حل في الأفق. فالعالم يجري بلا قواعد لعب واضحة والشيء الأساسي أنه لا توجد رؤيا ولا زعيم ولا رب بيت. فامريكا ضعيفة ومستخذية ومنطوية على نفسها. ومجلس الامن في شلل. وانتقد المتحدثون بكلام شديد نوعية الساسة الذين يرأسون اليوم كل واحدة من الدول. فقد تبين أننا لسنا وحدنا في هذه القضية المؤلمة (كانت البشرى الايجابية الوحيدة مع بالغ السخرية، مفاوضة ايران. فهي تتقدم الى الآن تقدما حسنا ويُبدي الايرانيون استعدادا لوقف مشروعهم على شفا القنبلة الذرية؛ والعالم مستعد للتسليم بذلك).
يوم الخميس عاد الى هذا البلد مارتن اينديك رئيس فريق الوساطة الامريكي. فلم تنجح تسيبي لفني وصائب عريقات في أن يلتقيا مع غيره. والتوقعات متدنية. ويُقدر الامريكيون أن نتنياهو وأبو مازن ايضا مهتمان باستمرار المحادثات ومستعدان للتوصل الى صفقة يصاحبها افراج عن سجناء. ووعد كيري أبو مازن أن يُفرج في هذه المرة ايضا عن مخربين من مواطني اسرائيل. وقد أُفرج في صفقة شليط ايضا عن مواطنين اسرائيليين ولم يعلُ صراخ. ولم يشاركه نتنياهو في الوعد. وقد سحب كيري غير مختار ورقة اللعب الوحيدة التي كانت معه وهي الافراج عن بولارد. إن بولارد وهو ابن اليمين الضائع، والعزيز على البيت اليهودي، والشخص الذي يقض مضاجع اوري اريئيل وأشباهه، كان يفترض أن يُتم العمل.
ولم يحدث ذلك. فقد كان بولارد مقدسا ما كان وسيلة في نضال اليمين للادارة الامريكية، لكن في اللحظة التي أصبح فيها شيئا في صفقة رزمة مع الفلسطينيين، فقد سحره. فلم تعد توجد ترتيبات فصح للافراج عنه ولا مظاهرات مشحونة بالدموع أمام القنصلية الامريكية. لا بولارد.
إن الذي يتابع في عطف الجهد للافراج عن بولارد هو أبو مازن خاصة. ففي اثناء المحادثات بين الامريكيين والفلسطينيين أُثير اسم مروان البرغوثي. وقدر الاسرائيليون أن الحديث عن ضريبة كلام، فأبو مازن يفضل أن يبقى في السجن، لكنهم اخطأوا، فأبو مازن يؤمن بأن الافراج عن البرغوثي سيمنحه انجازا يؤثر في الشارع الفلسطيني ويجدد الثقة بالمسيرة. ولا يفترض أن يُفرج عن البرغوثي في الصفقة الحالية بل في صفقة سجناء اخرى اذا ما حدثت وحينما تحدث. لكن من يعلم: ربما يكون البرغوثي هو الحل الذي يُخلص نتنياهو من الازمة في ائتلافه الحكومي.
تعذيب متبادل
أصبحت المحادثات بغيضة الى الجميع. وأُصلح فأقول: الى الجميع تقريبا، فكيري يجريها وكأنه مقامر في كازينو يصر على الاستمرار على وضع ماله على عجلة الروليتا آملا أن تقف العجلة عند رقمه مرة واحدة.
وحينما تحمل الرسالة كان يؤمن بأنه سيتوصل الى اتفاق سلام؛ ثم تضاءل بعد ذلك ليصبح اتفاق اطار؛ وتضاءل بعد ذلك ايضا ليصبح اقتراح اطار امريكيا؛ وأصبح بعد ذلك أفكارا فقط. وفي نهاية المطاف تُنفق فخامة شأن امريكا كلها على صفقة هامشية مريبة ستطيل التعذيب المتبادل فقط. إن الامريكيين مستمرون على الوساطة فقط لأنهم يخشون النتائج المدمرة لتفجير المحادثات. وتحولت المحادثات من وسيلة لاحراز اتفاق الى هدف؛ فهذا ما أراده نتنياهو من البداية وهو ما يريده الآن ايضا.
ولهذا السبب نشأ توتر بين البيت الابيض ووزارة الخارجية الامريكية فقد ضاق البيت الابيض ذرعا بالمحادثات، وكيري مصر على الاستمرار. وقد نشرت هذا الاسبوع في صحيفتي ‘نيويورك تايمز′ و’واشنطن بوست’ مقالات دعت كيري الى الاعتراف بالفشل والى صرف نشاطه الى مواضيع أكثر سخونة. ولم تكن المقالات المنشورة صدفة. فقد حاول فريق كيري أن يستخلص دروسا وأن يضائل مشاركته لتصبح حضورا سلبيا ولتمكين الفريقين من اجراء محادثات مباشرة. لكن ذلك لم ينجح الى الآن لأن عدم الثقة بين الرُبانين يفضي الى الشلل. وكلاهما يستغل الامريكيين ليُلاعب الآخر .
تستطيع امريكا أن تحيا دون تفاوض ودون اتفاق. والسؤال ما الذي سيحدث لاسرائيل والفلسطينيين. يبدو أن الطرفين يسيران مثل أعميين الى واقع الدولة ذات الشعبين. واسرائيل تهددها موجة ارهاب من المناطق ومقاطعة دولية ونهاية المشروع الصهيوني. أما السلطة فيهددها الانتقاض. ويستطيع أبو مازن أن يحيا دون دولة لكن سيصعب عليه أن يحيا دون مكانة رئيس دولة. ومثله كل مؤسسة فتح. ويوجد في المقاعد الخلفية من كتلة البيت اليهودي الحزبية عدد من الهواة يتمنون اللحظة التي تنتقض السلطة الفلسطينية فيها، بيد أنهم لا يدركون أنها ستنتقض الى داخل بيتنا.
هذا وقت الاعتزال
إن النبي إشعياء في واحدة من نبوءات الخراب يُفصل سلسلة الكوارث التي ستصيب الدولة حينما يُبعد الله تأييده عنها. ‘جعلت وزراءهم فتيان ويحكمهم مراوغون’. إن هذه الآية تعبر تعبيرا صادقا عن رأي تسيبي لفني في نفتالي بينيت وحلفه مع يئير لبيد. إن حيلة هذين الاثنين فرضت على نتنياهو شراكة ائتلافية لم يكن يريدها، وهي شراكة غير ممكنة. فما بقي لبيد مصرا على عدم الجلوس مع الحريديين يظل نتنياهو عالقا مع بينيت وتُساق الدولة الى هاوية.
لو كان الحديث عن مسألة ايديولوجية وقضايا كالقدس والحدود وحق العودة لأمكن أن نتفهم المعارضة. لكن أن يكون ذلك الافراج عن عدد من القتلة من مواطني اسرائيل؟ في صفقة شليط ايضا أُفرج عن مواطنين اسرائيليين. فلماذا لا يمر اليوم ما مر آنذاك.
استقر رأي لفني على أن تحارب لاستمرار المحادثات. وأصبحت هذه حربها الآن لا غير. أما بينيت في مقابل ذلك فقد اقتنع بأنه لن تكون صفقة. وهو يعتقد أن نتنياهو يرسل لفني الى لقاءات لا نفع منها.
وتعلم لفني أنه ما بقي بينيت في الداخل فلا احتمال لصفقة تقريبا. ويدرك الفريق الامريكي ذلك ايضا. لكن اذا أصبح بينيت في الخارج فلن تكون حكومة.
وسيدخل حزب العمل فقط اذا مضى نتنياهو الى الرئيس وعرض عليه اتفاقا ائتلافيا جديدا، وميزانية جديدة وتوجها جديدا الى التفاوض. وسيقبل اليمين في الليكود حزب العمل اذا جاء مع الحريديين فقط لكن لبيد يعترض على الحريديين.
إن الامر السياسي معقد. حينما نافس بينيت في رئاسة البيت اليهودي أقسم ألا يكون المفدال.
ففي الانفصال هدد المفدال بترك الحكومة لكنه تمسك بالمقاعد. وفقد في واقع الامر قدرته على التأثير واضطر آخر الامر الى ترك الحكومة ايضا. ولهذا اختار أن يهدد في الدقيقة الاربعين بدل أن يهدد في الدقيقة التسعين فبذلك يستطيع أن يُحدث الاجراء قبل أن يفوت الوقت.
وهو يعلم أن رفاقه يحاولون تسكين النفوس من وراء ظهره. إن اعضاء المفدال يخشون البقاء في الخارج؛ ولا يسارع أوري اريئيل وجماعته من الحريديين المتدينين الى التخلي عن مواقع القوة التي تبوأوها. ويوجد مرج واضطراب لكن الجميع سيُكيفون أنفسهم آخر الامر مع إنذاره.
يبدأ كل شيء بعدم ثقته بنتنياهو وهو ثمرة المدة التي عملها معه. ‘حينما تصاغ صفقة إعرضها علي وسأقرر’، قال نتنياهو. وفي يوم الخميس قبل اسبوعين دعاه نتنياهو الى لقاء فجاء من جولة في الجنوب. وسمع في الطريق أن أبو مازن توجه الى منظمات الامم المتحدة، فقال بينيت: ‘فجر أبو مازن الصفقة الآن، فلا يوجد ما يُتحدث فيه’.
وسكّنه نتنياهو. ‘هذا رمزي مصيره الدرج. ولن يحدث شيء بذلك’ (ولد توجه أبو مازن الى الامم المتحدة من تلكؤ في القرار الاسرائيلي على الصفقة خلافا للوعود الامريكية. وأساسه عدم الفهم والتسرع الزائد. ورد نتنياهو بعقوبات ليس لها معنى فوري، بموافقة الامريكيين وبعلم الفلسطينيين. وأيدت لفني العقوبات).
في يوم الخميس الاخير عاد نتنياهو فعرض على بينيت الصفقة. ‘هل سيرجع الفلسطينيون عن توجههم الى الامم المتحدة؟’ سأل بينيت فأجابه نتنياهو: ‘لا’. فاستشاط بينيت غضبا. ‘كنتم تقولون لي منذ اسبوعين إن ذلك سخافة وترهات وتقولون الآن إنه يجب التسليم؟ ليس ذلك واردا في الحساب’. وبعد ذلك فورا صدر عنه الاعلان الذي يهدد بترك الحكومة.
إن بينيت على يقين من أن هذا وقت غير سيء لترك المحادثات، فالعالم مشغول باوكرانيا لا بنا.
ولسنا مهمين كثيرا. وقد خرج قُبيل عيد الفصح للتنزه في مختيش رمون ورمى الكرة الى ملعب نتنياهو. فبينيت على يقين من أن نتنياهو ليس له ائتلاف حكومي آخر وأنه لن يتجه الى انتخابات فهو يكره المخاطرة.
واستعدت لفني للقاء آخر مع اينديك وعريقات آملة أن يتحرك شيء. وقد حصرت عنايتها في النظر الى الامام الى المحادثات. نظرت زوجة لوط الى الوراء فتحولت الى عمود ملح، فلم تشأ لفني أن تكون مثل زوجة لوط.
في السعادة والفقر
في الاسبوعين الاخيرين جُست المغرب مع اصدقاء من الشمال الى الجنوب، من جبال الاطلس الى الصحراء الغربية. وما كنت لأُجهد القارىء بذكر هذا الامر لولا خشيتي من أن تُغلق هذه النافذة الرائعة الى العالم العربي ايضا في غضون سنة أو سنتين بسبب التدهور السياسي أو بسبب ضرورات أمنية، كما أغلقت في واقع الامر النافذة الى مصر. فتحسن المسارعة الى السفر. إن كل شيء على ما يرام الى الآن، فالباعة في الاسواق يكثرون قول ‘شالوم’ (سلام) و’ما شلومخة’ (كيف حالك) و’حفال عل هزمان’ (خسارة على الوقت)، ويتذكر السابلة في القرى النائية في شوق ما كانت ترويه لهم جداتهم عن الايام التي كان يسكن اليهود فيها بينهم. وحينما يسمعون قصصا مشابهة في اوكرانيا وبولندة والمانيا يرفض القلب قبولها ويرفض تصديقها: فليست الاشواق هي التي تفصلنا عنهم بل المحرقة، لكن أمر مغادرة اليهود للمغرب مختلف.
نشأت في المغرب صناعة صغيرة حول سياحة التعرف على جذور اليهود، وهي تحيط بالمقابر والكنس ودكاكين بيع التحف التذكارية في الاسواق بالطبع. ويمكن أن تجد هنا وهناك شمعدانات عادية من صنع اسرائيل أصبحت قديمة في المغرب كي تباع للاسرائيليين من جديد.
إن أمزارو قرية صغيرة في غور الردع غير بعيدة عن الباب الى الصحراء الغربية. وبيوت قصبتها القديمة مصنوعة من الطين المضغوط. وفي الفناء الصغير تسكن الحيوانات الداجنة. ويحيا بالقرب منها أو فوقها الناس، وقد رُمم الكنيس في القرية باموال جمعية يهودية. وليس فيه تابوت القدس بل كوة للتابوت فقط، لكن روح القدس تغطيه. ويروي شاب من شباب القرية اختص باعمال السياحة كيف كان يحيا المسلمون واليهود جنبا الى جنب في سعادة الى أن استقر رأي اليهود على المغادرة في أول موجة بعد نشوء الدولة، وكانت الموجة الثانية في ستينيات القرن الماضي. يصعب اليوم أن نقيس مقدار السعادة عن مبعدة عمر جيلين. لكن الامر المؤكد أن أبناء التاركين أصبحوا أقل فقرا مما كان آباؤهم فهم يعيشون في فرنسا أو في اسرائيل. ويقومون هم وأشباههم بزيارات الى القرية للتعرف على الجذور تكون مؤثرة حتى ذرف الدموع، لكن نشك في أن يكون أحد منهم يريد العودة ليحيا هِميّاً في أمزارو في غور الدرع في بيت من الطين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس