في هذا الملـــــف:
موحدون دعما للأسرى
بقلم: حديث القدس – القدس
ســـلام علــى يــافـــا
بقلم: زهير الدبعي – القدس
الاعتقال الاداري ..... التعذيب الممنهج !
بقلم: الدكتور عيسى ابو زهيرة – القدس
"مائة عام" على النكبة الفلسطينية !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
هيبة الصحافة ليست مكرمة حكومية..؟
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
رسالة من تحت الدماء إلى سيادة الرئيس: القانون أولاً
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
نتنياهو يؤكد رفض السلام
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
أسس القيادة الجامعية
بقلم: أ.د.علم الدين الخطيب – الحياة
ابو مازن في روسيا.. خطوة في الاتجاه الصحيح
بقلم: خالد مسمار – الحياة
أسماء الوزارات اهم من أسماء الوزراء
بقلم: د.ناصر اللحام – معا
دون دعما للأسرى
بقلم: حديث القدس – القدس
يتواصل اضراب المعتقلين الاداريين عن الطعام منذ أربعة وعشرين يوما وسط تصاعد ملحوظ في فعاليات التضامن الشعبي والرسمي دعما لخطوتهم النضالية ومطلبهم العادل بإلغاء الاعتقال الاداري التعسفي وغير القانوني، وفي نفس الوقت تزداد الخطورة التي تهدد حياة المعتقلين المضربين فيما تواصل السلطات الاسرائيلية تعنتها رافضة الاستجابة لمطالبهم، وهو ما يثير التساؤل: كيف يمكن تحقيق الإنجاز المطلوب وفي نفس الوقت تجنيب المعتقلين المخاطر الحقيقية التي تتهدد حياتهم ؟
ان ما يجب ان يقال هنا ان هذا الاضراب يستند الى سلسلة طويلة من النضالات والتجارب والاضرابات التي خاضتها الحركة الأسيرة على مدى عقود من الزمن حققت خلالها انجازات كثيرة، وقدمت في نفس الوقت تضحيات جساما دفاعا عن حقوق الأسرى وفي مواجهة السياسة الاسرائيلية التعسفية التي تستهدفهم جسديا ومعنويا، ليثبت الأسرى في كل مرة ان ارادتهم الصلبة وعزيمتهم التي لا تلين وإيمانهم بعدالة قضية شعبهم، أقوى من جبروت السجان وإجراءاته.
الا ان انجازات الأسرى لا يمكن عزلها عن مختلف أشكال التضامن والفعاليات التي دعمت دوما نضالاتهم سواء على المستوى الشعبي او الرسمي ولا عن التحرك الفاعل لدى مختلف المحافل الدولية لدعم الأسرى ونضالاتهم وللضغط على الحكومة الاسرائيلية للاستجابة لمطالبهم واحترام القانون الدولي.
ومما لا شك فيه ان اضراب المعتقلين الاداريين الحالي وصل الى مرحلة حساسة تتطلب حشد كل أشكال التضامن الشعبي والرسمي وتكثيف التحرك السياسي والدبلوماسي لدى المنظمات الدولية والمؤسسات الحقوقية لتقوم بدورها بهذا الشأن. ولهذا بات ضروريا طرق كل الأبواب الممكنة بحثا عن دعم وإسناد للمعتقلين المضربين عن الطعام.
وتخطئ اسرائيل خطأ جسيما اذا ما اعتقدت انها تستطيع الاستفراد بالمعتقلين المضربين، بل عليها ان تدرك ان كل شعبنا بفصائله الوطنية ورئاسته وحكومته وممثله الشرعي الوحيد منظمة التحرير يقف خلف أسرى الحرية ويدعم نضالهم العادل تماما كما يقف الى جانبهم كل أنصار العدل والحرية في العالم.
واذا كانت هذه الجولة النضالية في مواقع الأسر هي معركة إرادات كما كان الحال دوما فإننا على ثقة بأن إرادة المعتقلين الاداريين وأسرى الحرية عموما ستبقى كما عهدناها إرادة صلبة قوية قادرة على كسر غطرسة وجبروت القوة والتعسف والتنكر للشرعية الدولية، إرادة القابضين على الجمر المؤمنين بعدالة قضيتهم والرافضين لهذا الواقع الذي تريد اسرائيل فرضه: واقع الانتهاك المتواصل لحقوق الانسان والتنكر الواضح للقانون الدولي.
ولهذا كله فإن شعبنا موحّد اليوم خلف معتقليه وأسراه يدعم نضالهم العادل ويطالب المجتمع الدولي وخاصة الأمم المتحدة وسكرتيرها العام بان كي مون وكافة المنظمات والمؤسسات الحقوقية الى التحرك للضغط على حكومة الاحتلال لإنهاء ما يسمى بالاعتقال الاداري الذي يشكل وصمة عار في جبين الدولة التي يحلو لها التشدق بأنها الدولة الديمقراطية الأولى في الشرق الأوسط.
ســـلام علــى يــافـــا
بقلم: زهير الدبعي – القدس
تجاوزت أهمية يافا كونها أكبر مدينة عربية صرفة في فلسطين لأن القدس وحيفا كان فيهما نسبة عالية من اليهود وبنسبة أقل طبريا وصفد.
يافا كانت أكثر من مجرد ميناء يعتبر مدخل القدس الذي لا بد أن يعبره الحجاج المسيحيون القادمون عبر البحر. وكان ميناؤها يصدر ملايين صناديق البرتقال اليافاوي الذي ما زالت إسرائيل تصدر نفس البرتقال الذي زرعه أجدادنا إلى أوروبا وتدمغ كل برتقالة باسم (jafa). يافا مدينة الصحف والفنادق والمؤسسات والنوادي الثقافية والرياضية ويافا كذلك مدينة حضنت أعداداً كبيرة من مدن وقرى فلسطين. يقول يوسف هيكل رئيس بلدية يافا حتى العام 1948: " لقد ذكرت – فيما تقدم _ أن مدينة يافا كانت " أم الغريب " لأن كثيرين من سكانها أتوا إليها من مدن أخرى مثل نابلس وطولكرم والخليل وغزة. وأصبحوا فيها يافيين منظمين، ولهذا فإن يافا كانت بوتقة كبيرة تصهر فيها عناصر سكانها، وتجعلهم يافيين فعلاً وقولاً ".
احتلال يافا وتهجير أهلها هو ترجمة حية لخطورة الاستيطان على وجودنا المادي والمعنوي لأنه يستهدف أجيالنا ويلاحقهم بالفناء. يقول المفكر اليافي هشام شرابي: " الهجرة غير الاقتلاع لأن تغتصب أرضي وأفقد وطني وبيت أجدادي ومرتع طفولتي هو نوع من أنواع الاغتيال ".
بدأت تل أبيب على شكل سقائف على الشاطئ الشمالي ليافا وبعد أربعين عاماً فقط ابتلعت يافا فيزيائياً وهويةً، لتصبح يافا الحي الفقير المهشم والمهمش من أحياء تل أبيب بعد تهجير معظم أهلها، وأسر من بقي من اليافيين داخل سياج شائك يَفرض على الداخلين إليه والخارجين منه الحصول على تصريح بعد هدم عدد من أحيائها وحشر أهلها داخل منطقة محصورة ونهب كل أرضها وبياراتها وفنادقها ومكتباتها ومستشفياتها ومساجدها ومنازلها وصحفها. يقول اليافي رجا العيسى صاحب جريدة (فلسطين) إحدى الصحف التي كانت تصدر في يافا: " نهب المحتلون كل معدات جريدة (فلسطين) الطباعية، وكل مخازن الورق، وكل أملاكها المادية حتى مجموعات الصحف القديمة ".
هل جرى اقتلاع وتهجير أهالي يافا واغتيال مدينتهم بسبب القعود وعدم مقاومة المشروع الصهيوني؟ حقيقة أن اليافيين بادروا إلى مقاومة المشروع الصهيوني منذ القرن التاسع عشر فقد بادروا إلى تأسيس اللجان (الإسلامية المسيحية) التي عبرت عن رفض فصل فلسطين عن سوريا ورفض وعد بلفور. وتواصلت مقاومة اليافيين في كل المراحل حتى أن الإنكليز هدموا مساحة كبيرة من الأحياء القديمة في يافا في حزيران 1936.
واتصف اليافيون خلال مقاومتهم في العام 1948 بالشجاعة والاستبسال والعناد والاستعداد للتضحية. يقول مناحيم بيغن زعيم عصابة ( الاتسل ) الذي أصبح رئيساً للحكومة الإسرائيلية في العام 1977. يقول عن مقاومة أهالي يافا في العام 1948:
" لقد تخضبت الأرض والحجارة والأطلال بالدماء، وفي غرفة المراقبة تهشم رأس "تسادوك" برصاصة اخترقته، وأخذت فرقة إسعاف الميدان تنقل القتلى والجرحى، لقد سقطوا بالعشرات وكانت الدماء تقطر من جراحاتهم ومن قلوبنا أيضاً ... وراح "غيدي" يعيد تنظيم الصفوف من جديد، ولكن العدو كان يقظاً واشتغلت عنده رشاشات شفنداو الثقيلة فكست المنطقة كلها بنار جهنم. وكانت هجمات العرب المعاكسة عنيفة بحيث تداعت وحداتنا المقاتلة تحت وطأتها واضطرت إلى الانسحاب، وملئ الفراغ بقوات جديدة من الاحتياطي وكررنا على العدو، ولكننا هُزمنا في الجولة الثانية كما هزمنا في الجولة الأولى. إلى أن قال: لقد هاجمنا يافا بأفضل قوانا، وأحسنها تدريباً ومرانا في القتال، هاجمنا خمس مرات في يومين وليلتين، وفي المرات الخمس رددنا على أعقابنا، وحملنا من ميادين المعركة أبطالاً أعزاء حملناهم مضرجين بدمائهم ".
لعب دور تفوق المشروع الصهيوني في الأسلحة والذخائر والتدريب والمعلومات دوراً كبيراً في احتلال يافا وتهجير أهلها فقد قصفوا يافا في ثلاث ليال 28،27،26 نيسان بقنابل المورتر بمعدل (85) قذيفة في الساعة الواحدة فخلت شوارع يافا من الناس، وتعطلت الأعمال وبدأ الناس يبحثون عن مخرج لحياتهم التي حوّلها الحصار والقصف إلى جحيم لا يطاق. ولكن الجحيم الأقسى والأشرس كان بعيداً عن يافا في أهوال اللجوء والتشريد.
وتفصح وثيقة من قسم الوثائق في المكتبة العامة لبلدية نابلس صورة واحدة من ملايين صور المعاناة المركبة التي فرضها الاقتلاع والتهجير والتشريد على أهالي يافا، وهي عبارة عن طلب من مواطن يافي يطلب تشغيله في عمل حتى لا يفترسه العوز والجوع، وهذه اقتباسات من الطلب الموجه إلى مدير لجنة شؤون اللاجئين في نابلس ومؤرخة في 21 شباط 1949:
" إنني لاجئ وصلت إلى نابلس في 7/4/1948 مع عائلة مكونة من والدتي وأختاي الاثنتين إحداهما قتل زوجها في الأحداث الأخيرة ولها أربعة أطفال وليس لهم من يعيلهم سواي. خرجنا من بلدنا يافا في التاريخ المذكور ولم نحضر معنا شيئاً من أثاث بيتنا لاعتقادنا بعودة مبكرة. وقد كان معي مبلغ (175) جنيهاً ظننت أنها ستكفينا في غربتنا ولكنها صرفت وجرفت معها ما تملك والدتي وأختاي من مصاغ. أنهيت الثالث ثانوي بكلية الفرير بيافا، أجيد الإنكليزية والفرنسية، وأجيد الطباعة على الآلة الكاتبة العربية والإنكليزية عملت مع خالي تاجر البرتقال والأسماك في يافا ".
تفوق المشروع الصهيوني علينا في كمية ونوعية السلاح وفي الذخائر والتدريب والمعلومات والحرب النفسية، وهذه كلها كانت عوامل مؤثرة في هزيمتنا التي أنتجت نكبات خلال الأعوام الستة والستين الماضية إلا أن العامل الأكثر أهمية من كل ما ذكرت كان في قدرة المشروع الصهيوني على العمل بصورة مؤسسية منظمة وبوجود غرفة عمليات عسكرية واحدة وقيادة واحدة، أما نحن فقد أنهكتنا الخلافات والصراعات والأداء المرتجل. فقد صدر أمر بتغيير قائد حامية يافا عادل نجم الدين بميشيل العيسى فتولى القائد المقال الغضب وانسحب من يافا في 30/ نيسان / 1948 مع (300) مقاتل مع أسلحتهم وعتادهم.
متى ندرك أن المقاومة ليست شجاعة ومروءة وإخلاصا وتضحية فحسب، وإنما هي بالإضافة إلى ذلك جهد موحد وجهاد وحدوي وقدرة على العمل بروح الفريق. بل مع الأسف إن الدول العربية التي دفعت بوحدات من جيوشها بعد (أيار) 1948. لم تعمل هي الأخرى تحت قيادة واحدة، بل كان كل منها يعمل بدون الحد الأدنى من التعاون والتنسيق. لذلك فإن الوحدة الوطنية ليست موقفاً سياسياً ولا برنامجاً انتخابياً ولا مقابلة في فضائية وإنما هي شرط من شروط البقاء ورفض الفناء. وليست الوحدة قضية تحتاج إلى مباحثات وصفقات تستغرق أعواماً طويلة.
حمى الله أجيال شعبنا وأمتنا من كل الانفصاليين الانقساميين حتى ولو قاموا بطلاء انقسامهم بشعارات الوطن والدين والمقاومة. ورغم الأداء الرديء لكثير من المشتغلين بالسياسة في وطننا على تنوع قبائلهم، والآثار الوخيمة على الوطن والشعب والقضية، فإن الآلاف العشرين من أهلنا وأبناء شعبنا الصامدين في يافا رغم القوانين العنصرية وإجراءات التضييق والملاحقة، فإنهم متمسكون بالصمود والبقاء. سلام على كل واحد منهم، على الأطفال، وكتبهم وألعابهم وأحلامهم، وسلام على الشباب والصيادين واللذين يرفعون الأذان في المساجد واللذين يقرعون الأجراس في الكنائس، و كل الذين يترجمون حبهم ليافا بجهد واع وعمل مخلص وفعل وحدوي.
الاعتقال الاداري ..... التعذيب الممنهج !
بقلم: الدكتور عيسى ابو زهيرة – القدس
مع حديثنا مجددا عن الاعتقال الاداري انما نقصد التضامن الانساني والاخلاقي مع معركة الامعاء الخاوية الجارية في سجون الاحتلال العنصري من اجل وقف سياسة الاعتقال الاداري التعسفية وغير الحضارية ، وهذا التضامن العاطفي والاخلاقي والوطني من ناحية ،لا بد وان يحمل في طياته منهجا علميا يشرح ويفسر ويحلل الوسائل والادوات القضائية العنصرية في تزييف الواقع القانوني والامني والعسكري المتبع ضد اسرانا اسرى الحرية والكرامة والحياة كي ندرك حقيقة التعذيب الهمجي المتبع ضد الاسير الفلسطيني ، من ناحية اخرى .
لقد لاقت سياسة الاعتقال الاداري ادانة واصواتا معارضة داخل اسرائيل نفسها من قبل مؤسسات انسانية ومن شخصيات اسرائيلية رسمية رأت في الاعتقال الاداري وصمة عار لاسرائيل . وها هو كاتب مميز بمواقفه الايجابية المساندة لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال يكتب في مجلة صوت الاسير مقالا بعنوان ( الاعتقال الاداري وصمة عار لاسرائيل فمتى نتخلص منه ومن سلبياته وانتهاكه لحقوق الانسان الاساسية ؟) وذلك بتاريخ 17 نيسان 1994 .
واعتبر وزير العدل الاسرائيلي السابق تساحي هنغبي الاعتقال ( مصيبة وغير محتملة او مستوعبة في دولة ديموقراطية ) ، واعترف البروفيسور الاسرائيلي عمانوئيل عزوس ( ان الاعتقال الاداري يمس بصورة خطيرة بحقوق الانسان ).
ان الاعتقال الاداري غير القانوني شكل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان الاسير الفلسطيني وتميز بعد اتفاقيات اوسلو بالطابع الشمول وباتباع سياسة تجيد الاعتقال للاسرى عدة مرات وتحت مبررات مفتعلة غير سليمة ، الامر الذي ترك ومازال اثارا نفسية واجتماعية صعبة على الاسرى واهاليهم ، وقد اطلق الاسرى على الاعتقال الادارى بعد اوسلو العدو المجهول الذي يتربص بهم في كل لحظة كونهم يزجون في السجن دون ان تتاح لهم فرصة الدفاع عن انفسهم ولعدم معرفة المدة التي سيقضونها في السجن . ورغم ان الاحتجاجات المتواصلة محليا ودوليا على سياسة الاعتقال الاداري ادت الى تخفيف عدد المعتقلين حيث وصل عددهم في نهاية 1999 الى (155 ) ، الا ان الوضع عاد الى مكانة سيئة في عام 2014 ووصل عدد 200- 300 وفق نادي الاسير اي ما نسبه 5- 7% من المجموع العام للاسرى وهى نسبة عالية وغير مقبولة قانونيا وانسانيا وحضاريا ؛ وكل الاحتجاجات الدولية لم تصل الى مستوى يلزم اسرائيل بالغاء الاعتقال الاداري من قوانينها ،بل ذهبت دولة الاحتلال الى تعزيز عنصريتها من خلال التشريع الاخير الذي يمنح المحاكم الاسرائيلية الحق في رفض الصفقات السياسية .ان خطر الاعتقال الاداري يبقى قائما ومؤذيا ما دامت الاوامر العسكرية والامنية الخاصة به لم تلغ وما دام مرتبطا بمفهوم الامن الاسرائيلي العنصري .
يرتبط الاعتقال الاداري بعملية تعذيب بشعة تلازمه وتجعل من الاعتقال ايام سوداء لا تطاق البتة ، والتعذيب كما جاء في تعريف اعلان حماية الاشخاص من التعذيب الذي اعتمدته الجمعية العامة للامم المتحدة يوم 9 كانون اول 1975 وهو نفس التعريف الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب ( اي عمل ينتج عنه الم او عناء شديد جسديا او نفسيا يتم الحاقة عمدا بشخص ما من قبل احد الموظفين الرسميين او بتحريض منه لاغراض مثل الحصول من هذا الانسان او من انسان اخر على معلومات او اعتراف اومعاقبته على عمل ارتكبه او يشتبه به في انه ارتكبه .. او تخويفه او تخويف اشخاص اخرين ..... ولا يشمل التعذيب الالم او العناء الذي يكون ناشئا عن مجرد جزاءات مشروعة لها او مترتبا في حدود تمشي ذلك مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ) .
دأبت السلطات الاحتلالية منذ عام 1967 وعبر كل من جهاز الامن العام ( الشين بيت ) وقوات الجيش والشرطة على اساءة معاملة وتعذيب المعتقلين الفلسطينيين اثناء التحقيق والاحتجاز ما ادى الى استشهاد عدد كبير منهم ، واكدت على شيوع ظاهرة التعذيب في السجون ومراكز التحقيق الاسرائيلية عدد من مؤسسات حقوق الانسان في العالم وبشكل خاص منظمة العفو الدولية في تقاريرها المختلفة ، ومؤسسات اسرائيلية مثل بيتسليم وجمعية حقوق المواطن . ومن الامثلة المشهورة على التعذيب قضية نافسو الضابط الشركسي في الجيش الذي اعتقل عام 1980 وحكم عليه من قبل محكمة عسكرية بالسجن الفعلي لمدة 18 عاما وبالطرد من الجيش . ادعى نافسو ان اعترافاته اخذت بالقوة والتعذيب ، بينما انكر رجال الشين بيت ذلك تحت القسم وبعد ان رفضت المحكمة العسكرية الخاصة بالاعتراضات التماسه توجه الى المحكمة العليا التي قررت في ايار 1987 تخفيف الحكم عليه الى السجن 24 شهرا، حيث اتضح ان المحققين ادلوا بشهادات زور وتعذيب مروع .
ظل الانكار الاسرائيلي بممارسة التعذيب اتجاه المعتقلين الى العام 1987 حيث بدات بعدها في الاعتراف والقبول والتصريح في استعمال الضغط البدني والنفسي على المعتقلين الفلسطينيين باعتباره من الاسلحة الضرورية في كفاح دولة الاحتلال للعنف و " الارهاب " وفق دعايتهم . وقد جاء ذلك على اثر قضيتن اثارتا فضيحة انسانية في اسرائيل ( قضية باص 300 بتاريخ 12-4-1984 عندما اختطف فلسطينيان حافلة اسرائيلية فداهمت قوة اسرائيلية الباص واعتقلت المختطفين وكانا سليمين وقد تم الاعلان رسميا عن مصرعهما اثناء عملية الاقتحام ، وتبين بعد ذلك انهما لم يتوفيا نتيجة اصابتهما اثناء مداهمة الباص وانما تمت تصفيتهما بعد اعتقالهما ، وهذه قضية مشهورة جدا بين صفوف الحركة الوطنية الاسيرة . تشكلت لجنة خاصة( لجنة لاندوا ... التي راسها موشية لاندوا رئيس محكمة العدل العليا السابق )، للتحقيق في هذه القضية وتبين ان عددا من قادة الشين بيت خططوا للتشويش على عمل اللجان التي حققت في هذه القضية .وانتهت اللجنة الى نتيجة ، ا ن الضغط النفسي والتعذيب الجسدي على المعتقلين كان من الممارسات البشعة لدى المحققين في جهاز الامن العام والجيش والشرطة . لقد لعبت لجنة لاندوا دورا سلبيا في وضع الاساس القانوني الفعلي للسماح باستخدام اساليب التعذيب حيث قررت الكنيست بتاريخ 8-11-1987 قبول التوصيات والنتائج التي خلص اليها التقرير وطلبت من الحكومة العمل بمقتضاها . ان الدرجة المعتدلة ( وفق وصفهم ) من الضغط الجسدي والنفسي التي تحدث عنها تقرير لاندوا يعود الى المزاج الامني وقرار المحقق دون سواه ، ولما كان الامر الذي يهم المحقق اولا هو الحصول على اعتراف ، فانه والحالة هذه يجد نفسه مندفعا نحو التمادي في ممارسة الضغط والتعذيب الجسدي والنفسي ؛ ( يمكن للقارئ العودة الى اصدار رزق شقير ، هكذا تكلم المعذبون في الارض ، 130 رواية عن التعذيب عن التعذيب اثناء التحقيق في المعتقلات الاسرائيلية كما وردت على السنة ضحاياه ، مؤسسة الحق ، رام الله ، 1992 ).
اضافة الى تواطؤ النسق القضائي في عملية التعذيب ، نرى دورا سلبيا للاطباء العاملين في قسم التحقيقات في مساعدة رجال الشباك في ممارسة التعذيب ؛ فقد كشفت الصحافة الاسرائيلية دورا، للاطباء العامليين في قسم التحقيقات ، من خلال قيامهم بتعبئة استمارة( الاهلية الطبية ) والتي تلزم الاطباء بان يشهدوا اذا كان المعتقل قادرا على تحمل الحبس الانفرادي وتقييد حركته وتغطية راسه ووجهه والوقوف فترات طويلة وغيرها من اليات تعذيب نفسي وجسدي ؛ وهذه الاستمارة تهدف الى اختبار قدرة المعتقل على تحمل التعذيب . اوضحت رابطة اطباء من اجل حقوق الانسان في المؤتمر الدولي حول التعذيب المنعقد في دولة الاحتلال عام 1997 ان تعبئة هذه الاستمارة من قبل الطبيب تعتبر مصادقة على التعذيب بالوسائل العنيفة خلافا للاعراف والقواعد الطبية .
ومما يجدر ذكره ان الحكومة الاسرائيلية صادقت في شهر تشرين الاول عام 1991 على اتفاقية مناهضة التعذيب والتي تنص على الزام كل طرف باتخاذ الاجراءات التشريعية والادارية والقضائية لمنع اعمال التعذيب في اي اقليم يخضع لاختصاصها القضائي ، ولكنها عمليا لم تلتزم بتطبق بنود هذه الاتفاقية الدولية ،ولم تردع حالات الموت التي حدثت في اقبية التحقيق لمعتقلين فلسطينيين ولا الاحتجاجات الدولية وانتقادات منظمات حقوق الانسان حكومة الاحتلال عن الاستمرار في مواصلة تعذيب المعتقلين الفلسطينيين عامة والاداريين خاصة . وقد اعترف عامي ايلون رئيس الشاباك الاسرائيلي السابق في رده على طلب المحكمة العليا الاسرائيلية تبرير استخدام الهز العنيف للاسرى( بان التعذيب انجع الوسائل لمكافحة ما اسماه" بالارهاب ")؛ اما الناشطة الاسرائيلية في حقوق الانسان " دافنا غولان " فقالت ( جميعنا يعرف ان علينا ان نضع مراة امام قضاة المحكمة العليا وامام اعضاء الشاباك والنيابة العامة والشرطة والاطباء فهم جميعا قد لعبوا دورا في ستار التعذيب ومعهم كل الذين قالوا ان التعذيب مسالة ضرورية ) .
اخيرا تحية الى المناضل والاسير ايمن اطبيش وعدنان شنايطة واسرى عوفر والنقب ونفحة وريمون وكل اسير مضرب عن الطعام في هذه المعركة المهمة للاسرى جميعا .
"مائة عام" على النكبة الفلسطينية !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
مرّ إحياء ذكرى النكبة السادسة والستين، كما كل عام، لم تشهد هذه الذكرى أي جديد أو ابتكار أو فكرة غير متكررة، القدرة على إبداع طريقة أكثر تميزاً لإحياء هذه الذكرى ـ الجريمة تجاوزت الأجيال التي أعقبتها، أقول ذلك، وأنا أتصفّح بعض الأخبار التي يتم تداولها حول كيفية احتفال العالم في ذكرى مائة عام على الحرب العالمية الأولى، فهذه ذكرى متميزة وبحاجة إلى إحياء متميز، انقلاب في طريقة التعامل مع التاريخ وانقلاب على الأفكار المحفوظة المكررة عن ماهية التاريخ، فهل التاريخ يصنعه المنتصر؟! أم يصنعه الأقوى، أم لا هذا ولا ذاك، فالتاريخ يكتبه من لم يحظ بفرصة بلوغ أحداثه، من مؤرخين ومراجعين ودارسين، وإذا كان كذلك ـ فرضاً ـ فعلى ماذا يستند هؤلاء لكتابة التاريخ.. هنا يكمن الانقلاب في الفكرة المبدعة، هذا العام، ستفتح دار المحفوظات الوطنية في بريطانيا أرشيفها للعامة، متضمناً رسائل الجنود أثناء الحرب، تلك الرسائل التي لم تبلغ المرسل إليه، لأن الرقابة احتجزتها بسبب توفر معلومات ذات صبغة أمنية، في هذه الرسائل ـ الشخصية تماماً ـ معلومات حقيقية عن مجريات هذه الحرب، بعيداً عن نفاق الساسة، وتبعية وسائل الإعلام، فأصحاب هذه الرسائل كانوا أبعد من أن يسوقوا معلومات بقدر ما كانوا يهدفون إلى تناول حقائق من منطلقات شخصية، لذلك من المتوقع أن تتحول هذه الرسائل إلى تاريخ حقيقي لبعض وقائع تلك الحرب التي يرويها الساسة ووسائل الإعلام في ذلك الوقت.
الحرب التي نتحدث عنها، هي تلك التي غيرت وجه التاريخ المعاصر، وهي كانت مجرد حرب، لم تدرك أطرافها أنها ستتوسع لتصبح حرباً عالمية، وكانت بنظر المؤرخين في ذلك الوقت، آخر الحروب، لكنها لم تكن كذلك، إذ باتت تعرف بالأولى، بعدما قامت الثانية، واتخذت تلك الحرب التي نتحدث عنها رقماً بعد حوالي عقد من بدايتها، ورغم الحرب العالمية الثانية، إلاّ أن الحرب الأولى، كان لها التأثير الأكبر على تغيير خارطة العالم السياسية، وإذا ما تجاوزنا خصائصها العملياتية، باعتبارها أول حروب الخنادق، وبداية استخدام الدبابات والأسلحة الكيماوية، إذا ما تجاوزنا ذلك، فإن هذه الحرب هي التي أنهت حكم الأرستقراطيات الأوروبية الناجمة عن تداعيات الحروب الصليبية، وكذلك تاريخاً لسطوع النازية وبواكير الثورة البلشفية، ولعل الأهم من ذلك كله، بروز الولايات المتحدة الأميركية كقوة عظمى، إذ انها لم تشارك في هذه الحرب مشاركة فعلية، الأمر الذي أدى إلى أن الدول الأوروبية، على جانبي تلك الحرب، المنتصرة كما المهزومة، فقدت قدراتها الاقتصادية والتمويلية، لحساب بروز أميركا، الأمر الذي أدى إلى اعتماد الدولار بدلاً عن الذهب كمعادل للتبادل التجاري والنقدي على المستوى العالمي.
لكن لا يمكن الحديث عن تلك الحرب، العالمية الأولى، من دون التعرف على آثارها المدمرة على القضايا العربية عموماً، وقضية فلسطين بالدرجة الأولى، على الأقل في مجالين؛ الأول عبر اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت مغانم الحرب على المنتصرين، بريطانيا وفرنسا، وكان هناك تقسيم البلدان العربية بينهما، علماً أن المفاوضات بين فرنسا وبريطانيا حول تلك القسمة، لم تكن كما انتهت إليه فعلاً فيما بعد، إذ ان فلسطين كانت من نصيب فرنسا باستثناء مناطقها الشمالية حتى حيفا، لكن بريطانيا كانت قد أصرت على أن يكون انتدابها لفلسطين وبأي ثمن، وتبين فيما بعد، أن هذا الإصرار، يعود إلى نوايا بريطانيا في منح فلسطين كوطن قومي لليهود، فبعد عام من سايكس بيكو، كان وعد بلفور، وهو المجال الثاني والأهم لارتباط نتائج الحرب العالمية الأولى بالنكبة الفلسطينية. وكان يمكن أن يظل وعد بلفور طي الكتمان، لولا أن نتائج الحرب العالمية الأولى أدت إلى سقوط القيصرية في روسيا، وقيام الاتحاد السوفياتي، حيث عثر على وثائق وعد بلفور لدى الخارجية القيصرية، وتم الكشف عنه عام 1918، أي بعد عام واحد من تاريخ الوعد، لولا ذلك، لما أمكن التعرف على الدور البريطاني في قيام دولة إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني.
لتلك الحرب أوجاعها العربية، فالعرب هبوا لمساعدة الحلفاء ضد الاستعمار العثماني، لكن لم يحصدوا سوى وعود لم تنفذ، الوعد الوحيد الذي تحقق هو وعد بريطانيا لليهود في فلسطين، مقابل وقوفهم إلى جانب بريطانيا تحديداً، والحلفاء عموماً، ومن تاريخ تلك الحرب وتداعياتها، يمكن القول إن العرب، منذ ذلك الوقت وحتى الآن، ما زالوا يراهنون على وعود، لن تتحقق، وان العرب آخر القوميات التي لا تستفيد من تجاربها التاريخية.
تلك الحرب، كانت العامل الأساسي في تغيير عصبة الأمم إلى الأمم المتحدة، هذه الأخيرة وبعد تأسيسها إثر الحرب العالمية الثانية، بدأت مشوارها بعد ثلاث سنوات بالاعتراف بدولة إسرائيل، رغم قرار التقسيم الذي اتخذته هي ذاتها، لكن ذلك، أيضاً، أدى إلى قيام ثورة يوليو المصرية عام 1952، والتي فجرت تاريخاً جديداً للقومية العربية من دون أن تنجح في تغيير خارطة سايكس ـ بيكو.
الحرب العالمية الأولى، بعد مائة عام من اندلاعها، لا تزال هي الحدث الأبرز والأهم على صعيد كل ما يجري في العالم هذه الأيام، وفي القلب منه، استمرار النكبة الفلسطينية!!
هيبة الصحافة ليست مكرمة حكومية..؟
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
لم نكن بحاجة إلى شرطي ملتحٍ ينهال ضرباً على الصحافيين حتى نعرف موقع مهنة الصحافة بالنسبة للنظام السياسي الفلسطيني ككل وحركة حماس بشكل خاص، فلدينا تجربة طويلة ومريرة على امتداد الوطن من ضرب وتكسير كاميرات واعتداء واعتقال لأبناء هذه المهنة التي يفترض أنها تشكل سلطة ورقابة على النظام السياسي ولكنها في الحقيقة كيس الملاكمة التي يركلها الجميع ولكن بقدمه.
لم نكن بحاجة إلى أن نسمع غضب الحكومة وسيل الاعتذارات حتى نعرف أن الصورة التي انتشرت بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي والكفيلة في دول العالم بإقالة وزير الداخلية وربما الحكومة، قد أحرجت الحكومة إلى الحد الذي يجعلها تتبرأ من هذا الفعل وتخجل منه وتقدم اعتذارا للصحافيين وتعلن تشكيل لجنة تحقيق وتوقيف المعتدين، هذا كاف، ولكن لأن التجربة في قطاع غزة سجلت اعتداءات سابقة لم تعلن الحكومة عن أية إجراءات بشأنها لأنه لم يتم ضبط قواتها متلبسة بالجريمة، هذه المرة كان للصورة فعل السحر كي تجعل الجميع يتسابق في إدانة المشهد الذي انتشر بسرعة.
ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها الاعتداء على الصحافيين وأظن أن لدى الحكومة ما يكفي من الشكاوى التي لم تفكر حتى بالتدقيق فيها، فالاعتداءات تمت خلسة وكانت قواتها أكثر ذكاءً في المرات السابقة من ذلك الشرطي في نزع الأفلام المحشوة داخل الكاميرات أو حتى بالتفتيش في الهواتف المحمولة التي ربما قد تكون التقطت مشهداً ما، لكن هذه المرة كما يقولون "الفضيحة بجلاجل" ولم تترك للحكومة خيارات إلا الإسراع في التنديد في محاولة منها لامتصاص الفضيحة.
هذا لا يعني أن الحكومة متواطئة أو أعطت تعليمات مباشرة بالاعتداء على الصحافيين، لكن جملة الاعتداءات السابقة التي مرت دون حساب شجعت عناصر الأمن على ممارسة هذا السلوك ضد الصحافة، فلو أن الحكومة أعلنت سابقاً عن فصل رجل أمن واحد أو محاكمة من اعتدى على صحافي لأدرك رجال الأمن أن هذا خط أحمر ولما صدمت الحكومة بهذه الصورة، ولكن صمت السنوات السابقة لا بد وأن يصل إلى هذا المستوى.
هذه هي جريمة الحكومة، التواطؤ بالصمت على تجاوزات سابقة كانت أخطر كثيراً من الصور التي انتشرت في ذكرى النكبة وكنت شاهدا على بعضها وكتبت فيها عن إهانة وضرب صحافيين، والحق أنني كنت أعرف أن هذه الحكومة لن تهتم بالأمر ولن ترسل مندوبا ليسألني عن ذلك، ولن تشكل لجنة تحقيق حتى تطلب شهادتي التي نشرت جزءا منها في مقالات سابقة لأن الأمر لم يتم ضبطه بالصوت والصورة، ولو كانت الحكومة توقفت سابقاً لما وصل رجالها إلى هذا المستوى من ركل الصحافيين.
لن يقبل الصحافيون بأقل من محاكمة وحكم لكل الذين اعتدوا عليهم، وحتى تبرئ الحكومة ساحتها عليها أن تسرع بالمحاكمة وإلا سنستمر نحن الصحافيين بتحميلها المسؤولية، ولن نقبل باعتذار لا يرتبط بإجراءات، لأن هذا الأمر تكرر سابقاً، وإذا ما قامت بمحاكمة الجناة فإنها ستسجل سابقة مهمة في حماية الصحافيين، خصوصاً وأننا على أعتاب حكومة وحدة وطنية وستساعد على تحصين الصحافة أما الحكومات القادمة.
الصحافة مهنة المتاعب، ودائماً هناك صراع بين حكومات تخطئ وصحافة تقف بالمرصاد وبالكلمة وبالصورة وبالتقرير وهذا طبيعي، ومن المعروف أن هناك توازنات للقوى في كل المجتمعات وكل قوة تفرض حضورها واحترامها وهيبتها لا أن تطلب من غيرها التكرم عليها بذلك، فالهيبة ليست مكرمة تعطيها الحكومات للصحافة والتي يفترض أنها ند لأية حكومة، أن تستمر الصحافة في تسول الاحترام وطلب الحماية عاجزة عن فرض هيبتها، فإن المشكلة هنا ليست في الحكومات التنفيذية بل في عاملي تلك المهنة، والحق أن الجسم الصحافي في فلسطين ساهم في استمرار النيل من الصحافيين ولم يضع حداً لتلك الخروقات.
فالجسم الصحافي منقسم وموزع على القوى والأحزاب وبالتحديد الأحزاب الحاكمة، وجزء كبير منها يمارس التزلف تجاه أحزابه التي تفرض قوائم المرشحين وجزء منها لصيق بالأجهزة الأمنية يتآمر على زملائه من الحزب الآخر، وأن معظم قادة هذا التجمع ليسوا شخصيات عامة قادرة على الوقوف في وجه السلطة بل من البسطاء، ووصل الأمر إلى ترشيح موظفين بدرجة رئيس قسم كان كل همه أن يصبح مديراً في الحكومة، فكيف سيقف مدافعاً عن زملائه في وجه الأجهزة الأمنية والحكومة؟؟
إن ما يحدث للصحافيين على امتداد الوطن وآخرها ذلك الشرطي من اعتداء واعتقال لم يعد يحتمل، وتتحمل مسؤوليته نقابة الصحافيين بنفس المستوى الذي تتحمله الحكومة، فهذا ليس أول اعتداء وفي كل مرة كان الأمر يمر دون عقاب ممهداً للاعتداء في غزة أو الاعتقال الذي يليه في الضفة بتواطؤ كبير من معظم الصحافيين، وبذلك فقد أُكل كل واحد منهم يوم أكل الصحافي الأسود.
ذات مرة وفي إحدى مقابلاته حين كان شمعون بيرس رئيس وزراء إسرائيل بعد اغتيال اسحق رابين عام 1995 عندما سئل عن الشخصية التي يخافها رئيس الوزراء أجاب "إيلانا دايان" وهي صحافية إسرائيلية تجري مقابلات في القناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلي، وقد شاهدتها في عدة مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين كانت بالنسبة لهم عبارة عن محقق يقوم باستجوابهم لاستخراج المعلومات وبعضهم يتصبب عرقاً في المقابلة.
أما الصحافية التي أرسلت نتنياهو للقضاء في فضيحة "نتنياهو بار أون" في ولايته الأولى هي "إيلانا حسون" من تحقيق صحافي لاحقت فيه خيوط القضية كما محققي الروايات البوليسية، وتمكنت من تسليم رئيس الوزراء للقضاء العام، وفي سؤالنا المنطقي: هل سمعتم عن مسؤول يخاف من صحافي في فلسطين ؟وعندما يحدث ذلك حينها يمكن القول أنه سيتم احترام الصحافيين وسنتحدث عن هيبة الصحافة، أما استمرار استجداء الحماية والرحمة كأن الصحافيين مجموعة من المساكين فإن الأمر يبدو مقلوباً.
وحين تغيب صحافة التحقيق والاستقصاء وحين تعجز الصحافة عن ملاحقة الفساد، وحين تعجز عن الإطاحة بوزير أو قائد جهاز أمن، وحين تمر كل ممارسات الأمن ضدها دون حساب وحين لم تتمكن من الضغط لمحاكمة أحد المعتدين عليها فإن لدى الصحافيين فهماً خاطئاً لمهنتهم وعليهم مراجعة أنفسهم والكف عن التعاطي مع أنفسهم كباعة خضار.
في يوم الصحافة العالمي الماضي كنت ضيفاً على تلفزيون فلسطين وبحضور الزميل عبد الناصر النجار نقيب الصحافيين، سألني الصحافي القدير إبراهيم ملحم عن سر عدم خشيتي عندما أكتب بجرأة ضد النظام السياسي القائم في غزة أجبت "لأن رئيس الوزراء هو الذي يجب أن يخاف مما أكتب وليس أنا الذي ينبغي أن يخاف، فالصحافة من يستطيع الإطاحة بموقعه وهو لا يستطيع الإطاحة بقلمي" فلو أدرك الصحافيون ذلك سيتوقفون عن تسول الحماية وسيخافهم الأمن لا العكس.
رسالة من تحت الدماء إلى سيادة الرئيس: القانون أولاً
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
لماذا القانون أولاً، لأن المؤشرات الرقمية المتعلقة بالجرائم المرتكبة ضد النساء باتت تبعث على القلق، مع التأكيد على أن حالات القتل لم تصل للحد الذي يمكن أن يُطلق عليها ظاهرة، إلا أن مؤشرات العنف في المجتمع تتجه نحو التصاعد المضطرد سنة بعد أخرى بسبب عدم معالجتها، وهذا ما تظهره على الأقل الأعداد، وما تشي به مسوح المكتب المركزي للإحصاء المتعلقة بالعنف، ما يجعلنا نحسم بأن العنف في المجتمع الفلسطيني وليس ضد المرأة قد غدا ظاهرة متأصلة بشكل عام، تحتاج إلى سياسات منهجية تستهدف معالجتها واجتثاثها من جذورها. وفي آليات المعالجة، يقف القانون في الصدارة. لذلك، نشأت فكرة حملة إصدار قانون العقوبات، الذي لا يخدم مصالح المرأة وحمايتها فقط، بقدر ما هو حماية للمجتمع والحفاظ على أمانه، منعاً لاستمرار الظاهرة في التصاعد وبما يصعِّب معالجتها والشفاء منها.
وتقف ثلاثة مصادر وراء استشراء وتصاعد وتيرة العنف في مجتمعنا حسب المسوح المعتمدة، عنف الاحتلال والعنف من الحيز والبيئة الخارجية والعنف الأسري. وتترابط حلقات العنف الثلاث مع بعضها لتولِّد ديناميات تغذي العنف وتعيد انتاجه بأشكال متنوعة. وهنا أشير إلى أن عنف الاحتلال ليس صدفة، بل عنف منهجي يقع بشكل مباشر وغير مباشر على نصف الأسر الفلسطينية، والذي يهدف إلى نزع الأنسنة عن فرائسه.
وفي الحيز الخارجي المحيط، يتعرض خُمْس الطلبة في المدارس وخُمْس الشباب في الشارع إلى أحد أشكال العنف، وبالتالي يقذف الضحايا مخزون عنفهم المركَّب واضطهادهم وجنونهم باتجاه الضعفاء الواقعين في نطاق سيطرتهم وولايتهم، وهم الأطفال والمسنون والنساء والبنات في نطاق أسرهم.
ففي نطاق الأسرة، يتعرض نصف الأطفال وثلث النساء للعنف وما يعادل نسبة 8% من المسنين إلى أحد أشكال العنف الممارس من أحد أفراد الأسرة، ومنها بشكل خاص تعريضهم للإهمال ومنع العلاج. فقد أفادت ثلث المبحوثات المتزوجات في مسح مكتب الإحصاء في العام 2011، تعرضها إلى أحد أشكال العنف من قبل الأزواج، لكن ثلثي المعنفات آثرن الصمت ولم يلجأن إلى أي مصدر من مصادر الحماية، كما اشتكى أكثر من نصف الأطفال تعرضهم للعنف من أحد أفراد الأسرة.
من هنا نعتبر بأن القانون ينبغي أن يأتي أولاً، لأن القانون الذي ينطلق من الواقع ويُنفذ يصنع التغيير، دون أن أقع في تهميش باقي السياسات الضرورية الموازية للقانون التي تشكل مع بعضها محددات الاستراتيجية المنشودة لمناهضة العنف المجتمعي التي تعالج السبب والمسبِّب. لماذا القانون أولاّ، لأن المجرمين وخاصة مرتكبي جرائم قتل النساء يستندون إليه، لتبرير جرائمهم وتخفيف عقوبتهم، وتمرير تحتها جرائم مالية وثأرية.
لماذا القانون أولاً، لأننا نريد القياس على نظرية استبعاد العامل المتهم بتأصيل العنف وتكريسه والمشار إليه بالأصابع العشر، من أجل الوصول إلى العوامل الأخرى المسؤولة والمحفزة للعنف والجريمة، وعلى وجه الخصوص قتل وتعنيف النساء التي أثارت الرأي العام مؤخراً. وفي نظرية الاستبعاد المعطوفة على طريقة الأطباء في استبعادهم التدريجي للاحتمالات المختلفة المسببة للمرض المستعصي، المؤسسة على استبعاد مرض تلو مرض، لوضع اليد على المرض الحقيقي والسبب المسؤول عن زيادة العنف المجتمعي بجميع أشكاله، لإعمال باقي التدخلات وعلى رأسها الاستراتيجية الشاملة التي تمس جميع المحاور التي ينبغي العمل بها.
من تحت الدماء رسائل عديدة لا بد من توجيهها، إلى الأحزاب السياسية والكتل النيابية بأن يتوخوا تجسير الفجوات القائمة بين معتقداتهم ونظرياتهم والتوجه العملي بشجاعة ودفع قانون العقوبات الفلسطيني الخالي من أشكال التمييز ضد المرأة نحو الإقرار والصدور، بالتجاور مع قانون حماية الأسرة، وعدم وضع التعارضات بين الأولويات الوطنية والاجتماعية.
والرسالة قبل الأخيرة إلى المؤسسات النسائية، توخي التنسيق والتكامل مع بعضها لضمان حملة قوية لإصدار القانون، فالفعاليات المشرذمة لا تصب في خدمة الأهداف التي من أجلها نشأت الفكرة. فقرار النزول للشارع ليس بالقرار السهل اتخاذه دون تحضير وتدقيق وصولا للنجاح، فالفعالية الهزيلة توصل رسائل مغلوطة حول تجاوب المجتمع والنساء مع الحملة، وتوصل رسائل مشوشة حول توحد الحركة النسائية والتفافها حول مطلب صدور القانون. وهنا لا بد من التدقيق بالتمييز بين تقييم الفعاليات النسوية قياسا بغيرها، فالفعاليات المنظَّمة للتضامن مع الأسرى، على سبيل المثال، مهما كانت ضامرة، لا تتهم بعدم التفاف المجتمع حول قضيتهم، بينما تتهم الفعاليات النسوية الضامرة بالعزلة وضمور التأييد المجتمعي لقضيتها.. فهلاّ انتبهنا؟!
نتنياهو يؤكد رفض السلام
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، أكد بعد لقائه وزير خارجية الولايات المتحدة في مؤتمر دافوس لمدة ساعتين قبل يومين إصراره على "عدم إخلاء أي مستوطنة بالضفة.."، واوضح بشكل لا لبس فيه حسب ما نقله موقع صحيفة "معاريف" الالكتروني في مؤتمر صحفي يوم الجمعة الماضي ردا على سؤال بخصوص إخلاء المستعمرات:" قلت في الماضي وأكرر ذلك اليوم، لا انوي إخلاء أي مستوطنة او (اقتلاع) أي إسرائيلي". ليس هذا فحسب، بل ان رئيس ائتلاف اليمين المتطرف الحاكم، أشار إلى ان "مسألة التوقيع على اتفاق مع الفلسطينيين غير واردة، وحتى على إطار اتفاق". معتبرا ان "الاميركيين يتحدثون عن اقتراح خاص بهم لاطار لادارة المفاوضات، وأن الحديث لا يدور عن اتفاق بل عن مسلك للتقدم". ولخلط الامور عاد نتنياهو للقول " انه لا يعرف ما ستسفر عنه جهود وزير الخارجية الاميركي جون كيري، مضيفا، ان اللقاء الذي عقده معه في دافوس امس كان جيدا". وللتضليل أكثر، قال رئيس حكومة إسرائيل: " نريد ان نرى دولتين، دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، ولكن قبل ذلك، نريد اعترافا بـ"يهودية " الدولة الاسرائيلية، لأن هذا هو جذر المشكلة، وليس الدولة والمسألة الفلسطينية".
من يقرأ مواقف نتنياهو يلحظ بشكل واضح ودون اية رتوش او مساحيق، انه ليس معنيا بخيار السلام لا من قريب او بعيد. وليس مستعدا لاكثر من طرح عبارات غامضة ومتناقضة حول الدولة الفلسطينية، بهدف إيهام المراقبين غير الملمين بالعملية السياسية، ان زعيم الليكود لديه "الاستعداد" للقبول بـ"خيار الدولتين"، لكن الحقيقة تقول غير ذلك، ولمن لا يعرف، فإن مجرد طرح لغم "يهودية" الدولة الاسرائيلية ينسف العملية السياسية من جذورها. أضف إلى ان الحاكم الاسرائيلي، اشار سلفا، الى انه لن "يخلي اي مستعمرة في الضفة" ولن يسحب اي مستعمر من اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967.
أضف إلى ذلك، هناك لاءات إسرائيلية معروفة سلفا، منها: لا عودة للاجئين الفلسطينيين؛ ولا انسحاب من القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية؛ ولا انسحاب من الاغوار الفلسطينية؛ والاصرار على التدخل الساخن في اراضي الدولة الفلسطينية وقتما تريد وفي المكان الذي تريد ودون سابق إنذار، ان نتنياهو يتخوف من دولة " حليفة " لايران؟! وهناك الغام اخرى لا تقل اهمية عما ورد في التعديلات للحدود والمعابر والاجواء والمياه الاقليمية والثروات الطبيعية... إلخ. النتيجة النهائية للموقف الاسرائيلي من عملية السلام، هي نسفها من جذورها. وتبديد جهود وزير خارجية الادارة الاميركية جون كيري.
هناك بعض من يحاول التذاكي من الاسرائيليين والاميركيين وغيرهم، ممن يتحدثون عن ضرورة الوصول لقواسم مشتركة، وتقديم تنازلات متبادلة من الطرفين لتجاوز العقبات الموجودة. وينسى هؤلاء ان القيادة الفلسطينية، كانت منذ حوارات أوسلو في 1993 وقبل ذلك عندما وافقت على البرنامج السياسي في 1974 (النقاط العشر) واعلنت على الملأ قبولها بخيار إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، كانت قدمت سلفا التنازلات المطلوبة منها، لانها عمليا قبلت بنصف ما منحها إياه قرار التقسيم الدولي 181، اي قبلت بـ 22% من مساحة فلسطين التاريخية. وبالتالي الحديث عن تنازلات متبادلة، هو شكل استفزازي وعدواني يستهدف تبديد المشروع الوطني الفلسطيني بحده الادنى، المتوافق عليه والمقبول عمليا من القطاعات العظمى من الفلسطينيين.
من يريد تحقيق السلام وتنفيذ خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، عليه ان يلزم إسرائيل باستحقاقات التسوية السياسية وفق مرجعيات السلام وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، غير ذلك تكون الجهود الاميركية، شكلا من السير إلى المجهول، والتغطية على السياسة الاستعمارية الاسرائيلية.
أسس القيادة الجامعية
بقلم: أ.د.علم الدين الخطيب – الحياة
إن القيادة الجامعية الجيدة والتي تسعى لتحقيق الأهداف المنشودة تعتمد على عدد من الأسس السيكولوجية والتي من أهمها ما يلي:
أولا: تحديد مركز كل فرد: ويقصد بها توصيف عمل كل فرد من العاملين في الجامعة.
وهذا يعني تعريف كل فرد بالأعمال المطلوبة منه ودرجة إتقانه لهذا العمل, وهذا يؤدي إلى عدم تداخل المهام، لأن عدم وجود هذا التحديد وهذا ما هو جار في بعض جامعاتنا ويجعل هناك صراعا على الاختصاصات وتداخلاً في العمل, ما يؤدي إلى ضياع الجهد وتكرار العمل وإيجاد الخصومات الشخصية بسبب التنازع على تلك الاختصاصات. أما تحديد الحد الأدنى لدرجة الاتقان المطلوبة, لأن عدم معرفة الفرد لأثر جهوده في القيام بأعباء وظيفته يضعف مقدار الجهد الذي يبذل في سبيلها, أما تلك المعرفة فتؤدي إلى نوع من الاستقرار الانفعالي يساعده على أداء عمله بحماس بدلا من أدائه بفتور.
ثانيا : تهيئة الفرص لكل فرد كي يعمل إلى أقصى حد تسمح به قدراته: لأن تهيئة مثل هذه الفرص للفرد من الوسائل الفعالة التي تشجعه على بذل الجزء الاكبر من طاقته الكلية للعمل فاعتقاد الفرد في وجود فرص النمو أمامه عامل قوي يدفعه للنمو الحقيقي وهذا ما تفتقر إليه بعض جامعاتنا فالترقيات التي تحدث في تلك الجامعات تعتمد على أهل الولاء وليس أهل الخبرة ما يؤدي لأن تخسر الجامعات كثيرا من الجهود المبدعة الخلاقة.
ثالثا: تقديم الثناء حينما يلزم: يعتبر هذا المبدأ من المبادئ المهمة في العلاقات الانسانية والادارية الجيدة. لأن القيادة في الإدارة الجامعية تتطلب الوقوف على جميع مشكلات أعضاء الكلية أو الجامعة, ويجب الثناء على كل من استطاع أن يعالج مشكلة من المشكلات بطريقة فعالة, كما يجب توجيه الثناء لمن يستحقه في أقرب فرصة ممكنة, لأن التأخر في توجيه الثناء أو المديح أسوأ من عدم توجيهه في بعض الأحيان. وهذا ما تفتقر إليه بعض جامعاتنا لأن الإدارة تفهم هذا المبدأ بطريقة خاطئة. فهم يعتقدون أن توجيه الثناء أو المديح يشعر الموظف بانه صاحب فضل على الجامعة ولا بد للموظف أن يشعر دائما أنه مهما فعل فإن هذا واجبه وأن الجامعة صاحبة فضل عليه, والحقيقة أن هذا الفهم يرجع إلى عدم تحديد مركز كل فرد.
رابعا: تبليغ كل عضو من أعضاء الجامعة مقدما بالتغيرات التي ستؤثر في عمله: يجب على إدارة الجامعة في حالة اضطرارها لإحداث تغييرات وظيفية أو في الواجبات التي يكلف العامل في الجامعة وخاصة عضو هيئة التدريس إبلاغه بذلك مقدما وبمدة زمنية كافية لجعله يتأقلم نفسيا مع التغير الجديد, ويجب أن لا يكتفي بنشره إدارية أو قرار إداري, وهذا ما تفتقر إليه بعض جامعاتنا لدرجة أنه يصدر أحيانا قرارا بتغيير رئيس الجامعة, ويتم تنفيذ ذلك في غضون ساعات معدودة من صدور القرار ودون إبداء الأسباب فبالله عليكم كيف سيكون حال الجامعة وحال رئيسها عندما يتم ذلك!
ابو مازن في روسيا.. خطوة في الاتجاه الصحيح
بقلم: خالد مسمار – الحياة
خطوة صائبة ومهمة تلك التي خطاها الأخ أبو مازن تجاه روسيا الاتحادية. الكل الفلسطيني يشخص بناظريه منتظراً ما سيفعله رئيسه تجاه التعنت والصّلف الصهيوني ممثلاً بحكومة نتنياهو وما يصدر عن وزرائها التي كان آخرها تصريح تسفي ليفني التهديدية لشخص الرئيس ابو مازن، وما يتسّرب او ما يقال على لسان الراعي الاميركي، وزير الخارجية جون كيري، والذي يصّب تماماً في مصلحة كيان الاحتلال.
تفاءل العرب وتفاءل الفلسطينيون في بداية مكوكية كيري وما صدر عنه من ايجابيات تجاه الحل النهائي.
لكن سرعان ما تبّدل الحال عندما اقتربت الشهور التّسع، التي وافقنا على السير خلالها في المفاوضات، على الانتهاء.
كان الحديث عن الحل النهائي خلال تلك المدة.. فتراجع الى الحديث عن إطار.. ثمّ عن إطار للإطار ! ثم الى التمديد لنهاية العام.. ويبدو انهم يريدوننا ان نستمر في المفاوضات الى ما لا نهاية... (واصبر يا حمار تا يجيلك العليق )!
لكن قيادتنا وعت الدرس مبكراً ! نعم بعد عشرين عاماً.. ولكن ان تكون صاحياً خير من ان تكون مضروبا على دماغك.
الوضع من حولنا ليس سهلاً.
الكل فيه يتخبط.. والكل مشغول بمشاكله، والاحتلال يستغل الاوضاع.. فهذه فرصته ليتشدّد ويماطل بل ويتوعد.
فهل ننتظر ما سيجود به علينا كيري وما تمليه علينا خطته ؟! وكما يقال.. المكتوب واضح من عنوانه. فلم يعد شيء مخفياً علينا. كان هناك (جنيف) للمشكلة الدولية مع ايران.. والآن (جنيف) اخرى بالنسبة لسوريا.. فلمَ لا يكون لنا – نحن الفلسطينين..جنيفنا ؟! اعتقد ان خطوة الاخ ابو مازن الى موسكو هي خطوة موفقة.
فالاتحاد الروسي له وزنه العالمي حالياً.. ويحسب حسابه، وعادت موسكو لتتبوأ موقعها على الخارطة السياسية العالمية، فلم تعد الولايات المتحدة الاميركية هي المهيمنة على مقدرات النظام الدولي ولم تعد وحيدة القرن في هذا العالم والمنفردة فيما يرسم له.. ابو مازن خطا خطوة في الاتجاه الصحيح اعتقد انها ستربك المحتل الصهيوني كما تربك كيري.
المهم الاستمرار في هذا النهج، ما يعطى المعنوية العالية لجماهير شعبنا الفلسطيني اننا لسنا وحدنا في مواجهة التعنت الاميركي – الاسرائيلي.. وعلينا ان نصبر في مواجهة التحديات القادمة وهي صعبة ومريرة ونتحرك لمواجهة المحتلين حتى نجبرهم على الانسحاب من أرضنا ومائنا وهوائنا وسمائنا ولن تخذلنا امتنا.. ولن يخذلنا احرار العالم الذي اصبح، اكثر من اي وقت آخر، يتفهّم قضيتنا ويدعمنا في المحافل الدولية.
والنصر دائما حليف الشعوب المناضلة.
أسماء الوزارات اهم من أسماء الوزراء
بقلم: د.ناصر اللحام – معا
منذ قيام السلطة الفلسطينية منتصف التسعينيات ، اضطرت القيادة الى اقامة الحكومة والوزارات واجهزة الامن على عجل ، بل ان الزعيم عرفات اقامها في وقت قياسي لا يصدق ، وانتقل من حالة الانتفاضة وحظر التجول الى مرحلة الدولة والحكومة دون فترة تبريد ، ما يفسر الكثير مما حدث .
اما الان وبعد عشرين عاما بالضبط ، فان الوقت ملائم لاعادة قراءة الامور بطريقة استراتيجية ، وتؤكد جميع التجارب الناجحة ان الخطط المستعجلة لا تصنع تاريخا ناجحا لمؤسسات الحكم ،وان الوزير العنتري الذي يقول انا الوزارة والوزارة أنا ، ويملأ الدنيا صراخا . يفشل وسيفشل الحكومة معه ، فهذا موديل قديم مهترئ وعيب ان نتحدث عنه او نقبل وقوعه لان الوزارات اليوم عبارة عن جداول وخطط واليات عمل واضحة . وان ما ينفع البلاد والعباد هو الخطط الاستراتيجية التي يمتد افقها الى عشرين عاما قادمة على الاقل ، وهذا ما حدث في ماليزيا وتركيا وايران وكوريا ، وهذا ما قاله السيسي في برنامجه الانتخابي .
الولايات المتحدة الامريكية ، وهي اكبر دولة في العالم بها 14 وزارة ، وباقي النواحي تديرها هيئات تشرف عليها الدولة ، ولو تأملنا اسماء وزارات الحكومة الامريكية لوجدنا انها لا تعبر عما تفعله امريكا بالعالم أبدا . وقد يلفت انتباهنا هناك وجود وزارة شؤون خدمات المحاربين القدامى !! وهي وزارة استحدثتها الاحزاب بعد حرب فيتنام لاسترضاء العسكريين وضمان سكوتهم .
وفي الصين 22 وزارة ، لا تعبر سوى عن التخصص ، فهناك وزارة العلوم والتكنولوجيا ، والى جانبها وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات ، وهناك وزارة الامن العام ، والى جانبها وزارة امن الدولة وهكذا .
اما في اسرائيل فهناك ارتباك كبير في الوزارات ، لان الوزارات يجري تشكيلها لاسترضاء احزاب الائتلاف وليس لحاجة الجمهور ، فهناك 17 وزارة و25 وزيرا ، وكل مرة يجري استحداث وزارة لاسترضاء حزب ما ، مثل وزارة اعمار النقب ، ووزارة اعمار الجليل ، وفي اسرائيل وزارة الامن مختلفة عن وزارة الداخلية ـ ، وهناك وزارة الجبهة الداخلية ووزارة البنى التحتية مع انه هناك وزارة الاسكان والاستيطان والاستيعاب والمهاجرين ...
وفي فلسطين يجب ان يكون هناك استراتيجية طويلة الامد للحكومات ، فبعد وقوع الانقسام وانقسام الوزارات ، ضاعت الاسماء كما ضاعت التخصّصات ، ولا احد يعرف لماذا جرى الغاء وزارة الرياضة ولماذا ؟ ولا يملك اي أحد لماذا جرى الغاء وزارة الاعلام وبقيت وزارة الاعلام ؟ ولماذا يجري توحيد وزارة التعليم العالي مع وزارة التعلم تارة ، وفصلها من جديد تارة اخرى ؟ وهناك 4 وزارات مختصة بالمال وانفاق المال مثل وزارة اشغال عامة ووزارة عمل ووزارة اقتصاد ووزارة مالية ونحن مفلسون !!!!
وزارة البيئة ضاعت ، وربما تعود قريبا ، وهل تختلف وزارة التكنولوجيا عن وزارة الاتصالات ام هي نفسها ؟ وهل هناك خطة للاسماء وأبعادها ؟
اما وزارة التخطيط فقد انجبت 4 وزارات منذ اسسها د نبيل شعث ، انجبت وزارة الخارجية ووزارة التخطيط ووزارة المرأة ووزارة الاشغال العامة ! الى جانب هيئات كثيرة يصعب تعدادها الان ، وذات يوم كان هناك وزارة المنظمات غير الحكومية ولم نعد نسمع عنها شيئا ولم نعرف لماذا جرى انشاؤها ومن ألغاها ولماذا ؟
وزارة المرأة تختلف عن وزارة الشؤون الاجتماعية ، ووزارة الاسرى تختلف عن نادي الاسير . ووزارة الزراعة تختلف عن الرصد الجوي وكلاهما مستقلان عن وزارة المياه . اما وزارة الطاقة ( رغم ان هيئة البترول تدار من جهة اخرى ) فالمفروض انها تجيب على اسئلة مستقبلية وتشارك وزارة التخطيط ناهيك عن وزارة الحكم المحلي والبلديات ، وان كان ذلك غير ممكن من دون وزارة الخارجية . اما وزارة شؤون القدس فقد جعلت باقي الوزارات تقول لنفسها : هناك وزارة للقدس فلماذا نشغل انفسنا نحن بالقدس !
مجرد أسئلة يسهل الاجابة عليها في حال امتلكنا خطة عمل واضحة للمستقبل ...


رد مع اقتباس