النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 02/06/2014

  1. #1

    اقلام واراء عربي 02/06/2014

    اقلام عربي 02/06/2014

    في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
    كيري في عمان.. لماذا عاد الآن؟!
    ماهر ابو طير – الدستور الأردنية
    الســلام لا يعــنـي الاســتـســلام
    ضياء الفاهوم – الدستور الأردنية
    أولوية القضية وليس فتح والسلطة وحماس
    باسر الزاعترة – الدستور الأردنية
    «حماس» العودة لفلسطين وليس للأردن أو غيرها
    صالح القلاب – الرأي الأردنية
    أساطير السياسة الإسرائيلية وإسكات التاريخ العربي الفلسطيني
    محمد بن سعيد الفطيسي – الوطن العمانية
    السيسي يصالح الداخل ويلتحق بمجلس التعاون؟
    جورج سمعان – الحياة اللندنية
    الانتخابات المصرية: ضربة أخرى لـ «الإخوان»
    محمد صلاح – الحياة اللندنية
    فخ «الإخوان».. والإعلام العشوائي!
    أمـــل عبـــدالله الهــدابي – الإتحاد الإماراتية
    ما يحتاجه الإخوان المسلمون!
    حلمي الأسمر – الدستور الأردنية
    هل يواجه لبنان مع النازحين السوريين ما واجهه مع اللاجئين الفلسطينيين؟
    اميل خوري – النهار اللبنانية
    الخطاب الأخطر في لبنان
    خير الله خير الله – العرب اللندنية
    إسرائيل تضرب "الحزب" إذا وَضَع يده على لبنان!
    سركيس نعوم – النهار اللبنانية
    الخليجيون وإيران: لتبنى الثقة أولاً
    عوض البادي – الحياة اللندنية
    إيران تحاصر السعودية
    أسعد البصري – العرب اللندنية















    كيري في عمان.. لماذا عاد الآن؟!
    ماهر ابو طير – الدستور الأردنية
    في المعلومات أن وزير الخارجية الأمريكي سيصل إلى عمان وسيلتقي مسؤولين رسميين هنا، إضافة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
    الأرجح أن هناك ملفين رئيسين يتأبطهما كيري، شراً أو خيراً، اولهما ملف الحكومة الفلسطينية، وشراكة حماس بهذه الحكومة، وهي شراكة تأمل واشنطن ضمنيا ان تحوِّل حركة حماس من حركة مقاومة الى حزب سياسي شريك في السلطة، بشروط واشنطن.
    ثانيهما ملف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية المتعثرة، وهو تعثر لم يكن غريبا، لأن الحكومة الاسرائيلية كما سابقاتها تشتري الوقت عبر لعبة التفاوض، لإكمال مصادرة ارض الضفة الغربية وتهويد القدس.
    منذ اوسلو حتى اليوم، نفذت اسرائيل اهم مراحل في مشروعها الاستراتيجي، بأقل كلفة ممكنة مقارنة بفترات سابقة.
    وفقا لآراء محللين فإن واشنطن لا تعترض على المصالحة الفلسطينية ولاعلى شراكة حماس في الحكومة، ما دامت قد تصبح مصالحة وظيفية في نهاية المطاف، أي تخلي حماس ضمنيا عن حدَّتها ميدانيا، نحو معايير سياسية، ومجرد الشراكة في الحكومة الفلسطينية، يعني قبول ذات مظلة الالتزامات السياسية التي تنطبق على رام الله الرسمية.
    هذا مع الإقرار هنا أن حماس اصيبت بحمى المواءمة بين واقعها وما حولها، وليس ادلَّ على ذلك من الهدنة الميدانية الثابتة التي لا يتم خرقها عبر حدود غزة.
    لو كانت المصالحة الفلسطينية بلا شراكة في الحكومة، لاعترضت عليها واشنطن، لأن المصالحة بلا شراكة في الحكومة، أقل في فاتورتها على حماس، من الشراكة في الحكومة.
    كيري على الأغلب يريد توظيف المصالحة والشراكة في الحكومة لغايات توريط حماس في شرعنة التفاوض، وإدخالها ضمنيا الى الملف الثاني الذي بحوزته، أي المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وبالتأكيد لا يمكن أن نفصل المباركة الامريكية لحكومة الشراكة، عن الهدف النهائي لواشنطن بحيث تتحول المصالحة الى جسر لتقليم أظافر حماس.
    في المقابل فإن تل أبيب لديها رأي مختلف ضمنيا، وليس أدلَّ على اعتراضها على كل مخطط المصالحة والشراكة في الحكومة الجديدة، من منعها لوزراء في الحكومة المنتظرة من مغادرة غزة الى رام الله، وتل ابيب هنا، تريد ذات الهدف الأمريكي غير انها تطبقه بطريقة مختلفة.
    كل مشروع المصالحة والشراكة في الحكومة بات عنصرا يتم توظيفه في الملف الثاني، أي المفاوضات، فإسرائيل تستفيد من المصالحة والشراكة للاعتراض وعرقلة المفاوضات بذريعة التقارب بين حماس والسلطة، فيما حماس تريد المصالحة للخروج من ضنك الإقليم وحصاره، والسلطة الوطنية تريد المصالحة لغايات الضغط على إسرائيل، من جهة، ولغايات استعادة مساحتها من الضفة الى غزة، ولهدف يتعلق بمد ظلال أي حلّ محتمل على كل الأرض الفلسطينية، حتى لا تبقى غزة خارج قدرة عباس، اذا حدث هناك حل.
    كيري يصل الى الأردن، وليس معروفا إذا ما كان سيتوجه الى تل أبيب، ومهمته هذه المرة معقدة، اذ كان يجول ويصول حاملا ملفا واحدا ثقيلا، وإذ به أمام ملف مواز يساعد أو يعرقل ملفه الأول، وهو هنا يريد الربط بين الملفين بشكل واضح، لاستحالة فصلهما عن بعضهما البعض، أي حكومة الوحدة من جهة، والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من جهة أخرى.
    هواجس حماس ما زالت حادة، وهي تستطلع توظيفات مبكرة للمصالحة والشراكة في الحكومة، بما يصب في مصلحة الإسرائيليين، وليس أدلَّ على ذلك من توجسها خيفة من نية رام الله إلغاء وزارة الأسرى واستبدالها بهيئة.
    هذا يعني أن فواتير أخرى مقبلة سيتم تنزيلها باسم الشراكة والوفاق والمصالحة، على اكتاف حركة حماس، ما يعني أن كل مشروع الشراكة مهدد بشكل أو آخر.
    قبل ان يصل كيري الى عمان، سنكتشف أن اطرافا كثيرة ستسعى لحسم هذه الملفات قبيل قدومه، وبعضها سيظل عالقا لمفاوضة الوزير كيري عليه.
    هذا يقول في المحصلة ان كيري الذي فشل بكل مهمته، قد تنتظره خاتمة اكثر سوءا لمهمته، في ظل توقيت زيارته وتعقيدات المشهد خلال الفترة الماضية.
    يضيع الوقت فلسطينيا، بقصص مختلفة، فيما إسرائيل تضع مدماكا جديدا كل صباح في مشروعها، وتصير مهمة العالم مشاغلتنا، حتى تتاح الفرصة للاحتلال، لإكمال مشروعه.
    زيارة كيري لن تكون كسابقاتها هذه المرة.

    الســلام لا يعــنـي الاســتـســلام
    ضياء الفاهوم – الدستور الأردنية
    بعد أن استمعت إلى خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الأربعاء في مجموعة من دعاة السلام الإسرائيليين أثناء زيارتهم لمقر الرئيس في رام الله لمست أن أبا مازن مخضرم في النصال السياسي وتمنيت أن يكسب جولة النضال السلمي التي يقودها لصالح الشعب العربي الفلسطيني ولو عن طريق إقناع إسرائيليين بضرورة تكثيف عملهم من أجل السلام القائم على شيء من العدل.
    وقد صفق الضيوف لمضيفهم بحرارة أكثر من مرة ما يشير إلى تأييده فيما ذهب إليه من دعوة صادقة إلى إحلال سلام قائم على العدل وليس على الاستسلام في وقت يواصل المستوطنون الإسرائيون المتطرفون إشعال نيران الصدام مع المدافعين عن حرمة المسجد الأقصى المبارك وكافة الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة وعن حقوق أسرى الحرية وأهلهم وعن أشجار زيتون الفلسطينيين وبيوتهم وممتلكاتهم بدعم عجيب غريب من حكومة تدعي استعدادها لإجراء مزيد من المفاوضات من أجل تحقيق السلام.
    الحقيقة التي لم تعد بخافية على أحد أن هاك طغيانا في كافة أراضي فلسطين المحتلة عام 1948بعنصرية وقحة واستفزازات متواصلة مخجلة لكل صاحب ضمير وأن هذا الطغيان يتم على مرأى ومسمع من العالم المغلوب معظم أبنائه على أمرهم وأن هناك طغيانا متواصلا آخر متعدد الأشكال ضد أهالي الضفة الغربية وحصارا وحشيا ضد أهلنا في قطاع غزة الأشم كما أن هناك تحد سافر لمنظمة الأمم المتحدة التي أدارت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ظهرها لقراراتها وقوانينها وأظهرتها عاجزة تمتما عن القيام بأهم أدوارها .
    وصباح يوم الخميس قرأت خبرا على بريدي الإليكتروني تستنكر فيه وزارة الإعلام الفلسطينية اقتحام مقر جريدة الأيام الفلسطينية في رام الله وتناشد العالم ومنظمة الصحفيين العالمية التدخل لإدانة هذا الاقتحام ومنع تكراره . واسمحي لنا أن نقول للصهاينة بالنيابة عنك أن استمرار مثل هذه الأعمال البربرية لا بد أن يقابل بأعمال تقض مضاجع من يقومون بمثلها والذين لا يريدون أن يفهموا لغة السلام أو لغة الوساطات التي تهدف إلى إيجاد حل للقضية الفلسطينية يرى أصحابها أنها معقولة ؟
    ولعل ما يراه أهم الوسطاء هو إنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين حسب حدود الرابع من حزيران عام 1967 وخاصة بعد اعتراف 138 دولة من دول العالم بدولة فلسطين في 29 نوفمبر 2012 وزيارة قداسة البابا فرانسيس الأول لدولة فلسطين قبل أيام وإبداء مشاعره النبيلة المتعاطفة مع أهلها ودعواته المباركة لوضع حد لعذابات أهلها من مسلمين ومسيحيين وإلى إقامة السلام في أرض السلام. والجدير بالذكر أنه أثناء زيارة قداسته للأردن وفلسطين الحبيبين تجلى رجال الدين المسيحي الكبار أيضا في الدفاع عن حقوق الأطفال والأسرى وكافة الفلسطينيين وعن القيم التي لا بد أن تسود بين الناس لحل خلافاتهم بالحوار والتفاهم وإعطاء كل ذي حق حقه دون مواربة أو مماطلة أو صلف أو غرور أو ادعاءات ما أنزل الله بها من سلطان .
    ومع تمنياتنا بأن يقوى صوت العقل عند اليهود المسالمين أكثر وأكثر وأكثر بحيث يسمعون صوتهم إلى كل البشر في أسرع وقت ممكن ضد الأعمال الصهيونية البشعة التي لم تعد تحتمل وذلك حتى يساهموا بوضع حد للمآسي التي يعاني منها الفلسطينيون يوميا ، والتي تفاقمت كثيرا في الآونة الأخيرة استغلالا لما تشهده بلدان عربية من نزاعات مخيفة لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى متى يضع عقلاء الأمة نهاية لها ،نقول إن على جميع الفلسطينيين في داخل بلادهم وخارجها أن يكثفوا نضالاتهم في كافة المجالات ، وليس في مجال السياسة فقط ، إذا هم أرادوا استعادة حقوقهم السليبة في حبيبتهم فلسطين العربية الأبية . وكما قال كثير من أصحاب الفكر والرأي السديد فإن على الجميع أن يستعد بكل قواه من أجل ذلك وخاصة في مجال قض المضاجع التي لا يفهم الصهاينة لغة غيرها .
    لقد أعطى أبو مازن فرصة أخيرة للسلام القائم على شيء من العدل عسى أن يفهمه الغاصبون لأراضي غيرهم فهما دقيقا وقبل فوات الأوان كما أن عليهم أن يفهموا جيدا جدا أيضا أن السلام لا يعني الاستسلام أبدا . وإن لم يتيقنوا من ذلك واستمروا في طغيانهم دون اغتنام الفرصة الأخيرة للسلام فإنهم لا يبقون لكافة أبناء فلسطين ومن يساند ثوابتهم العادلة من شرفاء العالم إلا بذل أقصى التضحيات من أجل ما يؤمنون به وأن يتأكدوا من أن التمنيات وحدها لا تكفي إن لم تكن مدعومة بما يجعلها تتحقق وخاصة في مواجهة من يحرمون الحلال ويحللون الحرام ولا يقيمون وزنا للقيم الإنسانية ولا لتمنيات المسالمين الذين سوف يضطرهم الصهاينة أن يضعوا نصب أعينهم قول أمير الشعراء أحمد شوقي :
    وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

    أولوية القضية وليس فتح والسلطة وحماس
    باسر الزاعترة – الدستور الأردنية
    لو كنا نفكر بمنطق فتح أو السلطة أو حماس، لربما احتفلنا مثل آخرين بما يجري الآن من مصالحة بين فتح وحماس، وحكومة الوحدة التي أعلن عن رئيسها ووزير خارجيتها (لم يتغيرا)، وسيعلن عن بقية وزرائها اليوم كما قيل، لكننا نحاول التفكير من خارج الصندوق، وبعيدا عن لغة المحاصصة، وأيضا بعيدا عن تلك الفزاعة التي تحمل كل مصائب القضية لحكاية الانقسام، لكأن كل شيء كان على ما يرام قبل أن يحدث ما حدث منتصف العام 2007!!
    ما يعنيني شخصيا ومثلي كثيرون هو القضية ذاتها، وهي أكبر من حماس ومن فتح، ومن السلطة في آن معا، لاسيما أن الثلاثة يعيشون حالة تيه، فالسلطة صممت لخدمة الاحتلال، ولا زالت بكل أجهزتها وفية للتنسيق الأمني معه، وترتبط به ارتباطا كاملا في كل شيء، أي تتنفس من رئته بتعبير أدق، بما في ذلك قادتها الذين يتحركون ببطاقات (في آي بي) التي يمنحهم إياها (هل كان بوسع عزام الأحمد أن يدخل غزة من معبر بيت حانون لو لم يكن الصهاينة راضين عن ذلك؟!)، وفتح التي تحولت من حركة تحرر إلى حزب سلطة تحت الاحتلال في ظل القادة الجدد الذين يرفضون المقاومة رفضا أيديولوجيا، وحماس التي تاهت حين دخلت انتخابات أوسلو، ومن ثم اضطرت إلى تحمل أعباء غزة وأهلها بعد الحسم العسكري الذي يبدو أنها استدرجت، فيما تعرض فرعها في الضفة إلى استباحة غير مسبوقة تبعا لذلك، مع أنها حولت القطاع إلى قاعدة للمقاومة، وخاضت معركتين باقتدار مشهود.
    حل هذا التيه للقضية برمتها لا يمكن أن يتأتى بهذه المصالحة التي نحن بصددها، وللعلم فنحن لا نقبض أبدا بروباغندا نتنياهو الرافضة للحكومة والمصالحة، ولو كان رافضا لها حقا، لرفضتها أمريكا أيضا، بدل أن تدعو رئيسها (الحمدالله) لزيارة واشنطن.
    الإسرائيليون يدركون تمام الإدراك حقيقة المسار الذي ترسمه المصالحة العتيدة، وهم فرحون به أيما فرح، لكن طريقة نتنياهو دائما هي الابتزاز. ألا تلاحظون كيف يتعامل مثلا مع مفاوضات النووي بين أمريكا والغرب؟
    ولكن ما هو المسار الذي تمضي فيه المصالحة العتيدة، ويفرح به الإسرائيليون؟ الجواب بسيط جدا، فهم سيحصلون على حكومة وحدة لا تغير شيئا في المسار السياسي والأمني للسلطة. وحين يبقى وزير الخارجية في مكانه، وحين يعلنون عن بقاء التنسيق الأمني (مقدس بحسب تعبير عباس)، وحين يذهبون أبعد من ذلك بالحديث عن شطب وزارة الأسرى الموجود حاليا في الحكومتين قبل المصالحة، ويؤكد عباس أيضا أن الحكومة “تنبذ الإرهاب”، يعني المقاومة، وتعترف بالقرارات الدولية، حين يحدث ذلك كله، فهذا يعطي المراقب مساحة واسعة للتأمل في المسار الجديد.
    المسار بكل بساطة هو منح عباس الأقرب فرصة استعادة شرعيته التي فقدها في العام 2006، سواءً وقع اتفاقا نهائيا، أم بقي يتشبث بما يسميها الثوابت، ويرفض التوقيع، بينما يتعامل مع الاحتلال كدولة جارة، وينسق معها أمنيا، ويعقد معها اتفاقيات طويلة المدى مثل اتفاقات الغاز والمياه.
    سيقولون إنها الانتخابات، وإنها الصناديق، وتلك لعمري مقولة حق يراد بها باطل، فالصناديق ليست قدرا بالنسبة لشعب يقع تحت الاحتلال ويتوزع ثلثا أبنائه في المخيمات وشتات الأرض، ولا توجد قوة على الأرض تمكنهم من قول رأيهم جميعا، وليس فئة منهم فقط. ولا تسأل هنا عن انتخابات تتم والمسدس في رأس الشعب (في الداخل)، ونداؤه “إذا انتخبت حماس، فانتظر الحصار من جديد”.
    الأولوية للتحرير وليس للديمقراطية، وللتذكير، فقد كنت شخصيا ضد دخول حماس لانتخابات أوسلو، وضد مسار أوسلو وسلطته أيضا، وكررت مئات المرات أن هذه سلطة صممت لخدمة الاحتلال، ما يعني أنني لا أفعل ذلك لأنني خائف من فقدان حماس لأغلبيتها في التشريعي (ليس ذلك مؤكدا في الأصل).
    ما يعنيني، والكثير من ابناء الشعب الفلسطيني، بل أغلبية الشعب في الداخل والخارج هو مصير القضية، وهنا يمكن القول إن ما يريده عباس هو استعادة غالبية البرلمان بالتحالف مع آخرين، ونقل تلك الغالبية إلى المجلس الوطني للمنظمة بدعوى عدم إمكانية إجراء انتخابات في أي مكان خارج فلسطين (لماذا يمكن إجراؤها داخل فلسطين، أليس لأن الصهاينة يقبلون بذلك؟!)، وبعد ذلك يستمر عبث المفاوضات، ومعه التنسيق الأمني، ولو سنوات طويلة، فيما يعلم الجميع أن نتنياهو لن يقدم لعباس ما سبق أن قدمه باراك في قمة كامب ديفيد صيف العام 2000. أليست هذه هي ثمار المصالحة التي يبشروننا بها؟ إنها هي ولا شيء غيرها، لكننا نعول على شعب عظيم ننتظر أن ينتفض ضد هذا العبث كله، تماما كما انتفض من قبل نهاية أيلول من العام 2000، ولكن هذه المرة ببرنامج ورؤية أكثر وعيا، وبدعم شارع عربي أكثر حيوية، حتى لو قيل إن قوى الثورة المضادة قد نجحت في كبح جماحه مرحليا بأموالها، ومؤامراتها المدعومة من أمريكا والغرب، وللمفارقة من الصين وروسيا أيضا!!

    «حماس» العودة لفلسطين وليس للأردن أو غيرها
    صالح القلاب – الرأي الأردنية
    لا ضرورة إطلاقاً لأن يدخل نائب «مراقب» الإخوان المسلمين على خطِّ الذين دأبوا على «الترويج» لما يسمونه :عودة حركة «حماس» إلى الأردن فالمفترض أن حركة المقاومة الإسلامية منظمة فلسطينية لا يجوز ولا يحق لها ان تتدخل في الشؤون الداخلية الأردنية وهذا يتطلب قبل أن تحاول هذه الحركة، ولو محاولة، إيجاد موطئ قدم لها في هذا البلد أن تتخلص من عضوية إثنين من قادة الجماعة الإخوانية (الأردنية) في قيادتها العليا التي هي مجلس الشورى الذي للتنظيم الدوليّ (الإخواني) فيه حصة الأسد والذي بناءً على هذا يعتبر هو المسؤول عنها تنظيمياً وسياسياً وتمويلاً.. وفي كل شيء.
    لا صحة إطلاقاً لما نُسب لـ»المجاهد» أسامة حمدان، المقيم في ضاحية بيروت الجنوبية والمعتمد كسفير لحركته في بلاط حسن نصر الله، من أنَّ هناك إتصالات أردنية-»حمساوية» وان هناك إتفاقاً على أن قيادة هذه الحركة ستقوم بزيارة إلى عمان بقيادة خالد مشعل لِتُطْلِعَ الأردنيين على خفايا المحادثات الفلسطينية-الإسرائيلية ولتؤكد لهم رفضها لـ»الوطن البديل».. هذه المعزوفة التي غدت مقرفة وممجوجة.
    إنه لا توجد أي اتصالات وعلى الإطلاق لا سرية ولا علنية بين الحكومة الأردنية وبين حركة «حماس» وإنه غير وارد وبتاتاً السماح لهذه الحركة بفتح مكاتب لها في عمان أو في أي مكان آخر من الأراضي الأردنية.. والصحيح أنه بإمكان قادة هذه الحركة أن يقوموا بزيارات عائلية، وكأفراد، إلى الأردن مثلهم مثل مسؤولي باقي التنظيمات الفلسطينية.. أما حكاية المكاتب والإقامة الدائمة فإنها غير واردة على الإطلاق.. والشقيُّ من إستمرَّ في تكرار أخطائه والسعيد منْ إستفاد من هذه الأخطاء.
    إن المفترض، وبخاصة وقد تم إنجاز هذه الخطوة الهامة على طريق «المصالحة» والوحدة الوطنية الفلسطينية، أن تضع حركة «حماس» حداً لعيش المنافي والتنقل بين العواصم وأن تعود قيادتها إن ليس إلى الضفة الغربية فمؤقتاً إلى قطاع غزة.. أمَّا هذه الوضعية التي من غير الجائز إستمرارها فإنها ستبقى تشكل عبئاً ثقيلاً على قراراتها وأنها ستبقى تفرض عليها أنْ تكون جزءاً من محاور المنطقة وجزءاً من الصراعات العربية والإقليمية التي ليس لقضية فلسطين أي علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد.
    ثم وإنه كان على حركة «حماس» أن تتجنب محاولة تسويق معلوماتها الإستخبارية المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية فالأردن يعرف عن هذه المفاوضات أكثر كثيراً مما تعرفه حركة المقاومة الإسلامية.. ثم وأنه غير جائز لا أخلاقياً ولا سياسياً أن تكون هناك محاولة لدق أسافين في العلاقات التي لم تصل في أي يوم من الأيام إلى هذا المستوى الراقي من التنسيق والتكامل بين القيادة الأردنية وقيادة منظمة التحرير والسلطة الوطنية.
    ربما إنَّ إخواننا في «حماس» لا يقبلون النصيحة إلاَّ من «إخوانهم» ومن الشيخ يوسف القرضاوي ومن بعض العواصم التي تأوي كبار قادتهم.. وعلى الرحب والسعة.. لكن ومع ذلك فإنه واجب قومي ووطني وفلسطيني أن نقول لهم أنه لا مكان لهم إلاَّ في فلسطين وإن عليهم أن يخرجوا من كل هذه التداخلات المكلفة ويُنهوا علاقاتهم السياسية والتنظيمية والمالية بـ»إخوان» مصر وبالتنظيم الدولي لهذه الجماعة وأن يتخلوا عن عودتهم الأخيرة لـ»إيران» وقيادة الولي الفقيه وأنْ يتخلصوا نهائياً من حكاية «فسطاط الممانعة والمقاومة» وأن يكونوا صادقين في خطوة «المصالحة» والوحدة الوطنية وأن يذهبوا هرولة بعد هذه الخطوة، التي يجب ألاَّ تكون مجرد مناورة بدوافع آنية وظرفية، لولوج أبواب منظمة التحرير التي تكرست على مدى كل هذه السنوات الطويلة كممثل شرعي ووحيد لهذا الشعب المناضل والمكافح العظيم وكناطق بإسم القضية الفلسطينية.
    إنه غير لائق وغير جائز أن تبقى هذه الحركة تتلطى في زوايا العواصم العربية التي تستضيفها لا من أجل سواد عيونها ولا من أجل فلسطين كما أنه غير جائز أن تستمر هذه الحركة بهذا الإرتباط المكلف مع الإخوان المسلمين ومع حزب الله.. فالمفترض أنها حركة وطنية فلسطينية مستقلة وأنها تختلف عن كل هذه التنظيمات التي تصْطفُّ إلى جانب نظام دمشق والتي غدت أيدي قادتها ملطخة بدماء أبناء الشعب السوري مثلها مثل أيدي قادة عصابات :»أبو الفضل العباس» و»فيلق القدس» و»عصابات أهل الحق».. وباقي الشراذم الطائفية التي تم إستيرادها من العراق وإيران للوقوف إلى جانب الباطل وضد الحق والأخلاق الإنسانية.

    أساطير السياسة الإسرائيلية وإسكات التاريخ العربي الفلسطيني
    محمد بن سعيد الفطيسي – الوطن العمانية
    كثيرة هي المحاولات الصهيونية لتزيف التاريخ وطمس الحقائق على ارض الطهر والرسالات فلسطين، وعلى رأس تلك الحقائق التاريخية المراد تزييفها وتحريف معالمها، تأتي قضية الأرض والوطن، أي فلسطين ارض فلسطينية عربية خالصة أم هي ارض يهودية الأصل، وبالطبع فإن ذلك لن يكون من السهل التعرف عليه في ظل هذا الكم الهائل من الدراسات والأبحاث الغربية واليهودية التوراتية المتفردة بكتابة وصياغة التاريخ الفلسطيني ككل، والتاريخ الفلسطيني القديم على وجه الخصوص، وذلك في ظل الندرة المعرفية العربية عن التاريخ العربي على الأرض الفلسطينية وخصوص القديم منه، وهو ما تعتمد عليه الدراسات المعاصرة في إثبات ملكية الأرض وأصولها التاريخية، وذلك بهدف تثبيت حق اليهود التاريخي على هذه الأرض الفلسطينية العربية المسلمة، وتضييع القضايا العربية ما بين صراع التاريخ والايديولوجيا والسياسة.
    لذا فقد خرجت العديد من الدراسات الغربية واليهودية المعاصرة، والتي تشير إلى مناصرة تلك الفكرة القائلة بأن لليهود حق الأرض والمنشأ والوطن التاريخي على هذه الأرض العربية الغالية، وأنهم هم أصحابها الأصليون والتاريخيون، وبناء على تلك التواريخ المزورة والحقائق المشوهة والوقائع المحرفة تم إسكات التاريخ العربي الفلسطيني على هذه الأرض الغالية على كل إنسان مسلم وعربي، حيث تمت عملية كتابة التاريخ القديم لفلسطين منذ البداية (على أيدي الغربيين في أحضان التوراة، فهي التي شكلت المرجعية التي تكاد تكون وحيدة لهذه العملية بحيث أسدل ستار كثيف على ماضي فلسطين القديمة فلا يرى إلا من خلال ما تقصه عنه الحكايات التوراتية، وبهذا المعنى فإن تاريخ فلسطين القديم ليس إلا تاريخ اليهود فيها، أما ما يخرج عن الإطار اليهودي فليس له إلا وظيفة واحدة هي أن يكون ملحقاً بهذا الإطار أو حاشية ثانوية للمتن الأصلي، دون أن يمتلك الحيثية التي تؤهله للتعامل معه مستقلاً بنفسه، متخلصاً من صفتي الإلحاق والتبعية، وهذه الحالة هي التي ينطبق عليها وصف الأستاذ وليد الخالدي بأنها “اعتقال التاريخ الفلسطيني بالعهد القديم (التوراة) أو هي في الحقيقة “إسكات التاريخ الفلسطيني” وفق تعبير كيث وايتلام ).
    وقد كانت مشكلة النقاشات الدائمة، وخصوصا التاريخي منها، حول هذه القـضية ـ أي قضية الأرض وأصولها التاريخية ـ وبالتالي جل القضايا السياسية المعاصرة والتي يعتمد عليها للتوصل إلى الحسم في الكثير من الخلافات التاريخية والسياسية بين العرب واليهود من جهة، والفلسطينيين والصهاينة من جهة أخرى تنبع من اختلاق إسرائيل القديمة على أنها الأساس الحضاري والإنساني والتاريخي لهذه الأرض العربية، وذلك بناء على تلك الدراسات التاريخية المتوفرة، والتي كان أغلبها بأقلام يهودية وغربية خالصة، والتي أثبتت بناء على تلك الدراسات المحرفة، أن هذه الأرض التي يعيش عليها الفلسطينيون اليوم هي ارض يهودية خالصة، وانه لا حق للفلسطينيين في الادعاء بحق التجذر التاريخي والحضاري على هذه الأرض وهذا الوطن العربي، وان فلسطين مجرد تابع حضاري وجغرافي لما يطلقون عليه بإسرائيل القديمة في التاريخ.
    وقد تعرض الكثير من الكتاب والدارسين المتعرضين بالنقد والبحث والتمحيص لهذه المرحلة من التاريخ الحضاري القديم على ارض الطهر والرسالات فلسطين إلى الاغتيال والاضطهاد، وخصوصا أولئك الذين تمكنوا من فهم أبعاد تلك الحقائق المزورة والتي طالما أخفتها كتب التاريخ اليهودية والغربية الصهيونية، (ومن أشهر أعلام هذا التيار المتحرر توماس طومسون الذي فقد وظيفته كأستاذ جامعي عام 1993 في إحدى الجامعات الأميركية بسبب آرائه الثورية تلك، وهو صاحب كتاب التاريخ القديم للشعب الإسرائيلي، وكيث وايتلام صاحب كتاب اختلاق إسرائيل القديمة .. إسكات التاريخ الفلسطيني، والكتابان مترجمان للعربية وغيرهم كثيرون ولتصبح بعد ذلك أسفار التوراة التاريخية على محك علم الآثار أسفارا لا تاريخية ألفت في أواخر العصر الفارسي / أوائل العصر الهلينستي كأخيولة أدبية استعانت بتأميم بعض من الأساطير والملاحم البطولية والأحداث السياسية بالمنطقة وقامت بتوليفها في شكل خاص لتعكس المزاج النفسي والاجتماعي لمؤلفيها لتبرير الشرعية السياسية لكيانهم بفلسطين (مقاطعة يهودية) في مرحلة ما بعد السبي تحت الحكم الفارسي بحيث توحي بوجود كيان متماسك موهوم لهذه الجماعة المسماة ببني إسرائيل منذ فجر التاريخ).
    لذا فإننا ومن خلال هذا الطرح، سنحاول اختصار نقاط التزوير التاريخي والتي اعتبرها اليهود والغربيون الصهاينة، المرجعية التاريخية والسياسية لهم، للتعريف بملكية الأرض والوطن العربي الفلسطيني، ومنها اعتبار جل المطالبات العربية لملكية هذه الأرض باطلة، وقد وجدنا ضرورة أن يكون لكل أصحاب الأقلام العربية المعاصرة كلمة ما في هذا الشأن، ودور في إثبات الهوية العربية على هذه الأرض التاريخية العربية ولو باختصار، وكتابة التاريخ الحاضر الغائب على تلك الأرض العربية الغالية، وان كان بمجرد إعادة صياغة للتاريخ والأفكار، وخصوصا ما كان غائبا أو مغيبا منها عن أبناء هذا الجيل، وعلى وجه الخصوص تاريخ فلسطين العربية القديم، والوقوف في وجه التحريف والتزييف الصهيوني للتاريخ العربي ككل، والفلسطيني بوجه خاص.
    كون هذه الأرض العربية الفلسطينية هي لب الصراع العربي مع إسرائيل، وهي الحاضر التاريخي والماضي الحضاري لكل المسلمين والعرب في هذا العالم، ومن دون التمسك بهذه الأرض كأرض عربية تاريخية وجغرافية خالصة لن يكون للمسلمين والعرب أي قضية أخرى تستحق الوقوف عليها أو مناقشتها بشكل مطلق، كما أننا ومن دون إعادة الاعتبار للتاريخ الفلسطيني وللوجود العربي على هذه الأرض، لن نتمكن من فهم بعض الأبعاد المغيبة عن هذه القضية، وخصوصا البعد المكاني والزماني اللذان كان دائما لب المشكلة واصل المعضلة التاريخية مع اليهود، ومنها انطلقت جل خلافاتنا وصراعاتنا السياسية والاقتصادية والحضارية المعاصرة مع المستعمرة الإسرائيلية وقادتها السياسيين في الوقت الراهن.
    فبداية ينكر كتاب التاريخ اليهود المكان على التاريخ الفلسطيني، (فرغم إجماعها على تسمية هذا المكان باسم فلسطين إلى جانب العديد من الأسماء التوراتية نجد أنها لا تعترف بأن شعباً يسمى الفلسطينيين كان يسكن هذه الأرض، حيث ترى هذه الدراسات أن هذه الأرض (فلسطين) كانت ضيقة وفقيرة وقاحلة وعند قدوم الإسرائيليين إليها اتسعت وأصبحت غنية مخضرة)، أي أن هذه الأرض كانت ارضا معدمة ومهملة وبلا شعب، فلما جاؤوا إليها أحيوها وطوروها وأصبحوا شعبها، ويؤكدون أن هذه الأرض لا يصلح لها إلا الإسرائيليون، وبالتالي فإن أحقيتهم لهذه الأرض نابعة من وجودهم الأصلي على ارض معدمة لا وجود للحياة فيها من جهة، وكونهم كانوا الجنس الذي أصلحها وأعاد إليها الحياة، وبالتالي فإن أي جنس آخر قد يأتي بعد ذلك إلى هذه الأرض، لن يتعدى كونه لاجئا تاريخيا عليها، وهو ما أشارت إليه جولدا مائير في تصريح لها لصحيفة صنداي تايمز بتاريخ 15/ يونيو / 1969 بقولها: ليس هناك شعب فلسطيني … ولم يكن الأمر أننا جئنا وأخرجناهم من الديار واغتصبنا أرضهم، فلا وجود لهم أصلا.
    كما تنكر تلك الدراسات كذلك البعد الزمني للوجود العربي الفلسطيني وذلك من خلال إنكارهم للوجود التاريخي لهذا الشعب بشكل مطلق كما سبق واشرنا، على اعتبار التاريخ الكائن قبل وجود الشعب اليهودي هو حقبة مغيبة من التاريخ، ولا يمكن اعتبارها جزءا منه، بل هي فترة “ما قبل التاريخ” رغم أن تاريخ إسرائيل لا يمثل إلا شريحة بسيطة في نسيج التاريخ الفلسطيني الواسع (إلا أن الدراسات التوراتية تجاهلت التاريخ الفلسطيني كاملاً، واعتبرت أن تاريخ فلسطين مرتبط ارتباطاً كاملاً بوجود إسرائيل، وبدلاً من تقسيم التاريخ إلى الحقب المتعارف عليها كالعصر البرونزي، والعصر الحديدي، نجد أن هؤلاء الدارسين يقسمون التاريخ الخاص بفلسطين إلى فترات مأخوذة عن التوراة العبرية، فهم يعتبرون الفترة التي سبقت وجود إسرائيل فترة “ما قبل التاريخ” وبذلك فهم يتجاهلون الكنعانيين رغم أنهم يسبقون الوجود الإسرائيلي بأكثر من ألف سنة، أما فترة وجود الإسرائيليين الأولى فيسمونها “فترة تاريخ إسرائيل الأول” وهذه المرحلة تشمل عصر الآباء وعصر الخروج والغزو والاستيطان، ثم تأتي مرحلة مملكتي داود وسليمان الموحدتين، وممالك إسرائيل ويهودا المقسمة ثم المنفى ثم الإصلاح ومن خلال ذلك فالدارسون التوراتيون لا يعترفون أن تاريخاً صنع على هذه الأرض قبل وصول الإسرائيليين، فالتاريخ مرتبط بهم، والحضارة أيضا نتاج وجودهم).
    ولو قبلنا نحن كعرب تلك الادعاءات المبنية على امتلاك الأرض لليهود منذ قرون ـ ببعديها المكاني والزماني للتاريخ العربي في فلسطين ـ لكان كذلك للمكسيك حق من ذلك المنطلق في أجزاء من الولايات المتحدة الاميركية، وللأسبان حق في المكسيك، وللعرب حق في اسبانيا، لذا فإننا مطالبون كعرب بإعادة الاعتبار لتلك الحقبة الزمنية من التاريخ الفلسطيني القديم، وإعادتها إلى أصلها التاريخي والجغرافي، وإعادة كتابتها من جديد بكل إتقان ومهنية تاريخية، وذلك حتى تتبين الحقائق المشوهة، ويتمكن الجيل العربي القادم من معرفة حقيقته التاريخية على هذه الأرض وانتمائه العربي والتاريخي والحضاري إليها، مع التركيز على مرحلتين حاسمتين وهما مرحلة نشوء الحضارة، (ومرحلة بدء التدوين التاريخي، وذلك يقتضي أيضاً بمواصلة الدراسة التاريخية للفترة الفارسية والهلنستية لأنه حتى في هذه المراحل يوجد إنكار للتاريخ الفلسطيني، وذلك عن طريق التحرر من سيطرة الدراسات التوراتية والتوراة العبرية المتخصصة في هذا الشأن، والبدء في البحث والتقصي في الجامعات العربية والأكاديمية حول هذه الحقبة الزمنية من التاريخ الفلسطيني من الناحيتين المكانية والزمانية، وغيرها من الوسائل الحديثة كالتنقيب والكشف عن الآثار، وذلك بهدف استخلاص تلك الحقائق المغيبة للأصول الفلسطينية العربية في هذه الفترة من التاريخ، وبذلك فقط سنتمكن نحن العرب والمسلمين من فهم أبعاد أهم قضايانا المصيرية العربية والإسلامية الراهنة، وهي القضية الفلسطينية العربية، وتاريخها القديم والمتجذر في أصله وعروبته.

    السيسي يصالح الداخل ويلتحق بمجلس التعاون؟
    جورج سمعان – الحياة اللندنية
    لم تغير الانتخابات المصرية كثيراً في المشهد السياسي في البلاد. لم ينتظر المصريون النتائج بفارغ صبر. عرفوها ويعرفونها سلفاً، منذ أن أطاحت «الثورة الثانية» الرئيس «الإخواني» محمد مرسي. كانوا على يقين تام بأن المشير عبدالفتاح السيسي هو الرئيس المقبل مثلما كان الحاكم الفعلي طوال الأشهر الفائتة. كان الخوف ألا يحصد وزير الدفاع هذا العدد الكبير المتداول هذه الأيام. لو أن الأرقام المليونية تراجعت كثيراً عن تلك التي ملأت الميادين في 30 حزيران (يونيو)، أو عن تلك التي نالها الاستفتاء على الدستور الجديد، لعُدّ ذلك تراجعاً في شعبيته. كان يجب أيضاً ألا تكون نسبة المقترعين ضعيفة مقارنة مع الانتخابات التي حملت الرئيس مرسي إلى سدة الرئاسة. من شأن هذا الأمر أن يؤشر إلى قوة «الجماعة» التي نادت بالمقاطعة. وهنا مرد اللغط الذي يحيط بالنسب المتداولة هذه الأيام! وهي أظهرت في أي حال ضعفاً في الإقبال مرده إلى هذه المقاطعة، وأيضاً إلى عزوف جمهور كبير من الشباب الذين وجدوا في الشهور الأخيرة أن يد رجال الشرطة والأجهزة الأمنية باتت شديدة الوطأة. كأنما هؤلاء يحاولون الثأر مما حل بهم أثناء الحشود والتظاهرات.
    لم يبدل فوز السيسي إذاً في المشهد السياسي العام المألوف من قرابة سنة. لكن قواعد اللعبة تغيرت بالتأكيد. سيكون المشير بعد اليوم في الواجهة مباشرة وليس وراء الستارة. كان وراء حكومة حازم الببلاوي الذي استقال أو أُقيل بطريقة لا تليق بالرجل الذي لم يتوان عن استجابة النداء. حمّلوه مسؤولية عدم تحقيق حكومته الكثير مما كان يتوقعه الذين خرجوا بالملايين إلى الشوارع. والحقيقة أن أحد عشر شهراً مرّت على الحكم الانتقالي ولم يتحقق الكثير. لا في عهد الحكومة الأولى للببلاوي ولا في عهد الحكومة الحالية للمهندس ابراهيم محلب. مهندسو «خريطة الطريق» جميعهم يتحملون المسؤولية. وعلى رأسهم وزير الدفاع الذي لا يمكنه، بعد تشكيله حكومته الأولى، أن يتنصل أو ينأى بوجهه عن الصورة، فيُلقى اللوم على الوزارة ورئيسها. بات في الصدارة. لن يختبئ خلف ملاءة تحجبه عن العيون والأنظار الشاخصة إليه. وسيكون بمواجهة مباشرة مع الناس الذين علقوا عليه آمالاً واسعة.
    والخوف الفعلي هو أن المصريين الذين يقاسون من ثلاث سنوات ونيف يتوقعون من رئيسهم المعجزات في مجالات مختلفة. ليس أولها الأمن ولا آخرها تحريك عجلة الاقتصاد. وعلى هذين العنوانين يتوقف نجاح الحكم الجديد أو فشله. ولا تشي التجارب المعروفة بإمكان النجاح سريعاً، خصوصاً في مجتمعات تعيش على وقع استقطاب وانقسام أهليين حادين، كما هي حال المجتمع المصري. العنوانان مترابطان ولا يمكن فصل الملف الاقتصادي عن الأمني. قطاع السياحة المشلول وما يتركه من آثار على ارتفاع نسبة البطالة، وتردد المستثمرين في الخارج والداخل، والديون الداخلية والخارجية التي أرهقت الخزينة وهزت العملة المحلية ورفعت نسبة التضخم، وإعادة تفعيل المصانع... كلها ملفات لن تستعيد عافيتها من دون توافر الحد الأدنى من الاستقرار والثقة بمستقبل الأوضاع المهتزة منذ ثلاث سنوات. أتاحت المساعدات الخليجية حتى الآن فرصة لالتقاط الأنفاس، لكن الخزينة المصرية لا يمكنها الاعتماد طويلاً على هذه المساعدات. كما لا يمكن دول الخليج وغيرها أن تتكفل إعالة الشعب المصري لأشهر وسنوات! الاعتماد الأول والأساس على الداخل. ولا يمكن تالياً نجاح أي خطة اقتصادية ما لم تحظَ بإجماع أو توافق شعبي. وكلاهما ليسا متوافرين اليوم في ظل لغة السلاح.
    يتوقف الأمر إذاً على طريقة تعامل الحكومة الجديدة مع «الإخوان المسلمين» ومن يدور في فلكهم من حركات تشدد. والسؤال: هل تواصل المؤسسات الأمنية والعسكرية حملتها عليهم من أجل استئصالهم، وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً، أم أن الرئيس الجديد سيحاول استيعابهم بعدما انتهى من معركة الرئاسة؟ لا بد من المصالحة التي تبقى أسيرة التوقيت المناسب. فهل يتقبل الشارع اليوم مثل هذه المصالحة أم لا بد من انتظار بعض الوقت فيما الجيش يحقق تقدماً واسعاً في مطاردة الجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء حيث لا تزال هناك بعض الجيوب. ويتوقف الأمر على موقف «الجماعة» ومدى تجاوبها مع الحلول السياسية، والسؤال هنا هل يمكنها الدخول في مساومات وهي في موقع ضعف، أم أنها ستعتمد في المرحلة المقبلة سياسة المزيد من التصعيد؟ ربما كان على رعاة «خريطة الطريق» أن يعتمدوا منذ إطاحة الرئيس مرسي نهجاً أكثر تسامحاً فلا يضعوا كل شرائح «الإخوان» في سلة واحدة. كان عليهم مخاطبة قطاعات واسعة منهم في محاولة لاستيعابهم بدل دفعهم جميعاً إلى حائط مسدود فيحشرون في الزاوية.
    لم يكن مطلوباً أن تمتحن المؤسسة العسكرية قدرتها وحضورها في تاريخ مصر في مواجهة حضور «الجماعة» التي أساءت الى نفسها والى المصريين. فلا خلاف على أنها قفزت إلى قطار «الثورة» متأخرة وسعت إلى مصادرتها لمصالحها وبرامجها. وراكمت سريعاً غضباً شعبياً واسعاً على نهجها في «التغول» و «التمكين» والسعي إلى إقصاء الآخرين، وتهديدها هوية الدولة ووحدة مكوناتها... وما كان عليها أخيراً أن تلجأ إلى مثل هذا العناد وتجازف بمصيرها ومستقبلها بعد عقود من العمل السياسي المتكيف مع الظروف والأوضاع المختلفة. ألم يتعامل الجيل الحالي منها بحنكة وليونة مع الخصوم والحلفاء والمجلس العسكري إثر اندلاع «ثورة 25 يناير»؟ ألم يلجأ إلى سياسة الهجوم والتراجع؟ وقف هذا الجيل مع الشباب في الساحات، وواجههم في كثير من المحطات. رفع التحدي في وجه الجيش حيناً وهادنه حيناً آخر. وكذلك فعل في مواجهة المؤسسات والقوى الأخرى من القضاء إلى أجهزة الأمن والإعلام... هذه البراغماتية هي التي سهلت وصول «الإخوان» إلى مواقع السلطة. فأين هم من ظروف المرحلة وما تقتضيه من واقعية؟ هل يعودون جزءاً من اللعبة السياسية التي مارسوها في السنوات الثلاث الماضية وما قبلها بدل هذا العناد؟
    التوجه نحو المصالحة يبدد بلا شك مخاوف قطاع كبير من الشباب الذين لم ترق لهم عودة معظم رموز عهد الرئيس مبارك إلى الواجهة خصوصاً أثناء الإعداد للحملة الانتخابية. ويخشون عودة المؤسسة العسكرية إلى إدارة شؤون البلاد لعقود جديدة. مثل هذه العودة تعني أن مصر قد تمر بمرحلة طويلة كتلك التي مرت بها تركيا في ظل حكم الجيش قبل وصول «حزب العدالة والتنمية» إلى السلطة العام 2002. أي أن اللعبة السياسية ستظل تحت قبضة شديدة وثقيلة تحكمها قواعد الساعة العسكرية. ستكون هناك خطوط لا يجوز للسياسيين تجاوزها. والخطير بعد «ثورتي 25 يناير و30 يونيو» أن أي تحرك مقبل إلى الميادين سيكون هذه المرة بمواجهة الجيش مباشرة. في الثورتين السابقتين، «انحاز» الجيش إلى الشباب في الساحات والشوارع. لم يكن المتظاهرون في مواجهة معه. كانوا يواجهون عنوانين محددين: الأول حسني مبارك وأركان حكمه وحزبه، والثاني محمد مرسي و «إخوانه». لكن أي تحرك اليوم سيأخذ طابع المواجهة بين الناس والعسكر.
    إذا كان الأمن والاقتصاد و «الجماعة» من التحديات الملحّة أمام الرئيس الجديد، فإن الشباب يبقون التحدي الكبير. ولا يخفي هؤلاء اليوم قلقهم من عودة الدولة البوليسية. ويخشون أن تسقط شعارات الحرية والديموقراطية وضرب الفساد وتحقيق العدالة تحت وطأة الحملات لترسيخ الأمن واستعجال الاستقرار ومحاربة الإرهاب. ولن يكون سهلاً على هؤلاء التسليم طواعية بعودة مصر إلى أحضان العسكر. ثمة رهان على الناس العاديين الذين كسروا حاجز الخوف، ولا يزالون يشعرون بأن الثورة مستمرة. وكما حصلت ثورتان في أقل من سنتين يمكن أن تقوم ثورة ثالثة إذا لم تتقدم الدولة المدنية والديموقراطية. وإذا غابت شعارات العدالة والكرامة والحرية. وإذا غالى بعض رجال العسكر والأمن في التخطيط لتغيير معالم الميادين والساحات ليسهل تقطيع أوصال أي تحركات مقبلة.
    وإذا كان عامة المصريين يلحّون على أوضاعهم الداخلية، فإن أهل الإقليم، خصوصاً أولئك الذين مدوا يد المساعدة للحكم الجديد، ويبدون استعداداً لدعم مؤسسته العسكرية بكل ما تحتاج إليه، ينتظرون عودة مصر سريعاً إلى موقعها في الإقليم من أجل ترميم النظام الأمني العربي. ومن أجل إعادة الحد الأدنى من التوازن مع دول الجوار الكبرى التي تحاول التغلغل في كل مفاصل العالم العربي. ويدرك المشير السيسي الآتي من المؤسسة العسكرية أن الأمن الوطني لبلاده لا يكتمل بتوفير الاستقرار في الداخل فحسب. إن تعزيز الأمن الوطني المصري يرتبط بما يحدث في الشرق الأوسط الكبير. والتاريخ حديثه وقديمه حافل بالشواهد. والسؤال: هل يكون السيسي مستعداً لإحياء «إعلان دمشق» الذي ضم دول مجلس التعاون ومصر وسورية إثر تحرير الكويت من قوات صدام حسين، ولكن هذه المرة مع الأردن بدلاً من سورية؟ ثمة رغبة خليجية تستعجل بناء طوق أو قوس عربي واسع من مصر إلى الأردن، بل يتجاوز المملكة الهاشمية ربما إلى باكستان، للضغط على الطوق الذي تضربه إيران حول المشرق العربي وشبه الجزيرة. فهل يلبي المشير النداء سريعاً لأداء دوره في الصراع المحتدم، أم سيقع ضحية استنزاف داخلي لا يتوقف؟

    الانتخابات المصرية: ضربة أخرى لـ «الإخوان»
    محمد صلاح – الحياة اللندنية
    هل أجريت انتخابات الرئاسة المصرية وفقاً للمعايير الدولية التي تضمن الشفافية والنزاهة وعدم التزوير أو تزييف إرادة الناخبين؟ عند الإجابة بالطبع من «الإخوان» وأنصارهم وداعميهم أفراداً وجهات ودولاً، فالانتخابات ونتائجها بالنسبة لهم جميعاً مهزلة وتزوير ومسرحية. أما شهادات منظمات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية المصرية فيسهل المزايدات عليها، والادعاء بتحالف بعضها مع السلطة! لكن بشهادة جهات خارجية راقبت الانتخابات، كالاتحادين الأوروبي والأفريقي ومنظمة «كوميسا» وتجمع الساحل والصحراء، فإن الانتخابات تمت في نزاهة، ونتائجها عبرت عن إرادة الشعب المصري.
    هل جرت خروقات ووقعت تجاوزت؟ بكل تأكيد نعم، لكنها بحسب كل الأطراف، بما فيها حملة حمدين صباحي، لم تكن لتؤثر في النتائج. أما لماذا أصيب الإعلاميون المعادون لـ «الإخوان» تحديداً بالفزع، فخرجوا على قواعد المهنية وصرخوا عبر برامجهم على الفضائيات المصرية واتهم بعضهم الناس بالتخاذل وتوعد آخرون منهم الشعب بأن حكم «الإخوان» قادم إذا لم يخرجوا من بيوتهم ويتوجهوا إلى لجان الاقتراع، فلسببين: الأول يتعلق بغياب المعلومات عنهم بأن خبرة الانتخابات المتتالية جعلت اللجنة القضائية المشرفة على العملية تتخذ إجراءات سرعت من إدلاء الناس بأصواتهم، فلا يحتاج الأمر إلى أكثر من دقيقة بينما كان يستغرق أكثر من ربع ساعة لكل ناخب في الاستحقاقات السابقة. والثاني أن الإعلاميين سيطر عليهم قلق وتوتر وشعور بخطورة أن يأتي رئيس بشعبية وأصوات تقل عن مرسي، هم عاشوا أجواء صراع أقرب إلى الحرب بين فريقين، وليس مجرد منافسة انتخابية. والإعلاميون وضعوا ميثاقاً غير مكتوب بينهم لاختيار رئيس يفوق مرسي في عدد الأصوات «واشتغلوا على كده» وحرصوا على إشعار الناس بالخطر... تماماً كما في كرة القدم: شجع بأي أسلوب لأنه لن تبقى في النهاية سوى الأرقام والنتائج.
    عموماً أظهرت الانتخابات أن الحملتين كان لديهما أخطاء جوهرية في الحشد، حيث الاهتمام بالتكسير أي النيل من المنافس (كما في حملة حمدين) على حساب حشد الناخبين، أو الانشغال بالرد على التكسير، أو الاعتماد على الشعبية والقبول والوهج الذي يتمتع به المرشح من دون الاهتمام الكافي بالحشد، كما في حملة السيسي.
    علاوة على أن مسألة إعلان نتائج الخارج بينت أن السيسي ناجح ناجح، وأظهرت أنه ليس هناك معركة تنافسية، والمهم أن الانتخابات كشفت حجم الفراغ السياسي الذي تعانيه مصر، فلا توجد قوى سياسية وراء المرشحين. الحزب الوطني كان لديه سماسرة انتخابات، و»الإخوان» كان لديهم إغراءات (زيت وسكر وخلافه) بينما السيسي وحمدين ليس لديهما تنظيمات سياسية حقيقية وإنما مواطن لديه أمل في الخروج بالبلاد من المرحلة الحالية. وأظهرت الانتخابات بعض الاعتقادات الخاطئة: أن القبائل لديها قدرة على الحشد، أو أن الطرق الصوفية مؤثرة، أو أن الفضائيات تشكل الرأي العام، فلو لم يكن لدى الناس دوافع فإنهم لا يتحركون.
    السيسي قدم نفسه كرجل دولة في 30 حزيران (يونيو) و3 و26 تموز (يوليو) وحصل على الشعبية، لكن الحفاظ عليها والتحفيز يحتاج إلى شغل وعمل، خصوصاً في ظل حرب التكسير التي تعرض لها الرجل من التنظيم الدولي للإخوان وكارهي الجيش من «الثورجية» وجهات خارجية بينها دول كقطر وتركيا. لم يعمل داخل مصر للحفاظ على شعبية الرجل إلا الإعلام الذي يخطئ أحياناً ويمنح مجاناً المشككين الفرصة و»الإخوان» المادة التي تمكنهم من مواصلة العمل على إفشال العملية السياسية.
    لاحظ أيضاً أن الفترة كانت طويلة جداً، سنة كاملة من 30 حزيران (يونيو) حتى الآن، كان طبيعياً أن ينخفض فيها وهج شعبية الرجل مع محاولات حرقه، وكذلك الظروف الحياتية الصعبة التي عانى منها الشعب المصري تحت وطأة الفعل الثوري المستمر!!
    عموماً انتهت الخطوة الثانية من خريطة الطريق السياسية، وتلقى التنظيم الدولي للإخوان الضربة الموجعة الثانية، بينما حلفاؤه ما زالوا على مواقفهم داعمين المستحيل، وتكفي الإشارة إلى أن الانتخابات مرت في سلام، ولم يعكر صفوها تهديدات الإخوان أو وعيد «أنصار بيت المقدس»، وسريعاً ستحتل المرحلة الثالثة والأخيرة من خريطة الطريق مكانها، إذ يتعين قبل منتصف تموز (يوليو) المقبل، ووفقاً للدستور، أن تبدأ إجراءات الانتخابات البرلمانية التي ستشهد بالتأكيد صراعاً آخر، أو قل أخيراً، بين الدولة بنظامها السياسي ورئيسها وقوى المعارضة فيها من جهة وبين الإخوان وأنصارهم من جهة أخرى، وحتى يأتي موعدها سيظل الحديث عن تزوير الانتخابات الرئاسية تلوكه ألسنة بعضهم من كارهي الدولة المصرية، بينما المتهمون بالتزوير، وهم بالملايين، يحتفلون كل يوم في الميادين والشوارع حين ينام «الإخوان» يحلمون بمرسي يعود في غضون يومين إلى مقعده الرئاسي!

    فخ «الإخوان».. والإعلام العشوائي!
    أمـــل عبـــدالله الهــدابي – الإتحاد الإماراتية
    أثق تماماً أن كثيرين في داخل مصر وخارجها قد وقعوا فريسة دعاية سوداء دبرتها وخططت لها جماعة «الإخوان المسلمين» والتنظيم الدولي جيداً من أجل الانتقاص من شرعية الرئيس المنتخب لمصر المشير عبدالفتاح السيسي.
    لقد أدركت جماعة «الإخوان المسلمين» منذ فترة أن الرهان الأساسي للرئيس الجديد سيكون على معدلات التصويت، إذ لم يخف السيسي نفسه رهانه على هذا معلناً ثقته في نزول أربعين مليون مصري للتصويت لمصلحته في الانتخابات الرئاسية، ومن هنا كانت بداية التخطيط «الإخواني» المحكم لضرب شرعية الرئيس الجديد.
    الجماعة تدرك منذ سنوات أن المعركة هي بالأساس معركة «صورة» ومعركة دعاية بدرجة موازية، واستغلت في ذلك انتشار عناصرها المكثف عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإجادتها الفائقة استغلال هذه الوسائل في تحقيق أهدافها، ولا ينبغي أن ننسى أن نشر «الهاشتاج» المسيء للمشير السيسي قبل فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية كان بمنزلة «بروفة» لمقدرة الجماعة الاتصالية وفاعليتها النسبية في مضمار وسائل التواصل الاجتماعي، وهو أمر لم تفطن حملة الدعاية التابعة للمشير السيسي له جيداً، بل اكتفت بالتهوين من أثر ذلك، وتعاملت مع الأمر من دون مبالاة أو على الأقل لم تمنحه الاهتمام الذي يناسب خطورته وحجم تأثيره السلبي.
    إحدى إشكاليات النخبة المصرية أنها استسلمت للفكرة القائلة بأن جماعة «الإخوان المسلمين» تمتلك من الغباء السياسي والإعلامي ما هو كفيل بتدمير البقية الباقية لها في الحياة السياسية والإعلامية، وهذا صحيح بالنسبة إلى قيادات الجماعة الخشبية المتعجرفة، ولكنه قد لا يكون صحيحاً تماماً بالنسبة إلى شباب الجماعة، وهم من بيدهم القرار في المرحلة الراهنة في ظل غياب الهرمية التنظيمية والتسلسل الإداري الصارم للجماعة.
    لا أفهم كيف يصدق المجتمع الدولي عشرات اللقطات المصورة ومجموعات متفرقة من الصور الفوتوغرافية للحكم على معدلات التصويت في الانتخابات الرئاسية المصرية وأنها شهدت إقبالاً متواضعاً! ولا أفهم أيضاً كيف يترك الإعلام المصري نفسه فريسة لحملات «الإخوان» على وسائل التواصل الاجتماعي، ويخرج علينا الكثير من مقدمي البرامج المتلفزة مساء اليوم الأول من التصويت بسيناريوهات متشابهة وممجوجة حول ضعف الإقبال والصراخ والعويل الذي لا يليق لا بالإعلام ولا بالحديث عن مرشح يدرك الجميع أنه صاحب الأغلبية المطلقة في الوعي الجمعي المصري في المرحلة الراهنة!
    من ناحيتي لا أستغرب موقف كثير من الصحف الغربية التي وصفت فوز المشير السيسي بأنه ضعيف، وذلك لسبب بسيط هو أن الغرب يريد الرئيس الجديد لمصر ضعيفاً مستسلماً لإرادة الغرب، وما يؤكد ذلك أن السيسي ذاته قد استبق الانتخابات بالإعلان عن أنه سيواجه العالم بأصوات أربعين مليون مصري. والغرب يدرك مغزى هذه الرسالة جيداً ولا يريد تكرار تجربة عبدالناصر، بل يريد رئيساً «جريحاً»، ومن هنا التقت إرادة الغرب مع إرادة جماعة «الإخوان المسلمين» في الترويج لفكرة ضعف الدعم الشعبي للرئيس الجديد في مصر!
    قد لا يدرك كثيرون محركات وديناميات السياسة الخارجية للقوى الكبرى جيداً، وينخدعون بخطابها السياسي، ونشاهد كيف أن المحللين السياسيين ينبرون في تحليل الخطاب السياسي لهذه العاصمة أو تلك حيال حدث ما، ويستغرقون في تفنيد معاني المفردات وكأننا بصدد تفسير نصوص مقدسة، مع أن الواقع يجافي مثل هذه الكلمات التي تخفي أكثر مما تعلن ولا يمكن الأخذ بها كبرهان على مواقف وسياسات!
    أما الإعلام المصري الخاص فقد وقع كثير من قنواته في خطأ مهني فادح وتسرع وتعامل مع أحداث اليوم الانتخابي الأول بعشوائية مستهجنة، وتستحق الدراسة بالفعل باعتبارها حالة من حالات غياب المهنية والوعي السياسي والإعلامي الاحترافي. فقد شاهدنا جميعاً حفلات «النواح» والصراخ والضجيج المبالغ فيه، وتابعنا كيف سقط بعض مقدمي البرامج في القنوات الخاصة المصرية في الإساءة إلى جمهورهم بشكل غريب، وأشاع هؤلاء جميعاً أجواء من الإحباط لا داعي لها وسقطوا فريسة سهلة بل بالغة السهولة للدعاية الإخوانية السوداء التي نجحت في اصطياد كل هؤلاء وإيقاعهم في شباكها!
    إنها العشوائية التي أدت إلى إخراج هذا المشهد الكوميدي في لحظة سقوط قد لا تتكرر لشريحة واسعة من الإعلام المصري الخاص، فلا إعداد جيداً ولا مقدرة على التحليل الإحصائي المبتكر القادر على التفاعل مع الأحداث وإدارة الأزمات بشكل عقلاني رشيد، بل هي العشوائية والتسرع اللذان طغيا على موقف في غاية الأهمية، حيث لا مكان مطلقاً للتسرع والانفلات الإعلامي.
    أخطر ما تركته هذه العشوائية أنها وفرت فيما بعد مادة خام للترويج لادعاءات الإعلام الموالي لـ«الإخوان المسلمين» ووسائل التواصل الاجتماعي حول زيف النتائج الرسمية، فالكل تقريباً بات يستعين بلقطات لهذا المذيع أو ذلك أو فقرة من برنامج عرض على فضائية داعمة للمشير السيسي حول ضعف إقبال الناخبين! وكأن هذا الإعلام الخاص الذي يفترض أن يقدم الدعم والمساندة لشريحة عريضة من الشعب المصري في اختياره لرئيسه المشير السيسي قد تحول في لحظة غياب للعقل إلى داعم لمعارضيه ومساند لهم، بل أصبح مثل «الدب الذي قتل صاحبه»! البعض من مؤيدي نظرية المؤامرة يرى أن هذا الفزع كان مقصوداً وأن بعض أصحاب الفضائيات الخاصة يشاطرون الغرب أهدافه ويحاولون النيل من شعبية الرئيس وإيقاعه فريسة للضغط حتى قبل أن يجلس على كرسي الرئاسة كي تتوافر لهم فرص كافية لـ«ترويضه» سياسياً والإفلات من أي استحقاقات قد يفرضها السيسي لمصلحة الشعب المصري.
    أعتقد أن الحملة الرسمية للفريق السيسي كان ينبغي عليها لجم كل هذه الأكاذيب التي تناقلها من يضعون أنفسهم في خانة مؤيدي المشير طيلة اليوم الأول للانتخابات الرئاسية، فهناك شائعات تم ترويجها بدافع حث الناخبين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وهي شائعات مسيئة بالدرجة الأولى للمشير ووطنيته ورسالته التي أخذها على عاتقه، ولعل القول بأن الرجل قد يعتذر في حال عدم وصول نسبة التأييد إلى المعدل الرقمي الذي يطمح إليه هو نموذج على هذا الهراء، إذ لا يليق برجل حمل رأسه بين يديه لتخليص مصر وشعبها من استبداد الجماعة الإرهابية أن يتخلى عن مسؤوليته الوطنية والتاريخية لعدم حصوله على نسبة كذا أو كذا من أصوات الناخبين، ناهيك عن أن ترديد مثل هذا الكلام، ولو بغرض نبيل، ربما يسيء لرجل شاهد الجميع مقدرته على التحكم في أعصابه وردود أفعاله ورباطة جأشه وثباته الانفعالي خلال لقاءاته المتلفزة التي عقدها قبل الانتخابات.
    السؤال الآن: هل يواصل الإعلام المصري والعربي مسايرة نظيره الغربي في محاولات الانتقاص من شرعية الرئيس المصري المنتخب؟ ولماذا يستسلم الكثيرون للدعاية السوداء للإعلام الإخواني ويكذبون أرقاماً وإحصاءات تشير إلى حصول الرئيس الجديد على تأييد شعبي لم يسبقه إليه رئيس مصري في التاريخ؟

    ما يحتاجه الإخوان المسلمون!
    حلمي الأسمر – الدستور الأردنية
    كل حركات الانشقاق التي نأت بنفسها عن جماعة الإخوان المسلمين كان مصيرها الانزواء والفشل وذهاب الريح، وحتى حزب التحرير، الذي كان احد أشهر وأكبر الانشقاقات، لم يحظ بما حظيت به الجماعة الأم من تأثير وأهمية على الساحة، بل إن الحركات الصغيرة، سواء كانت جهادية مقاتلة أم دعوية اصلاحية، لم تستطع أن تنافس حضور الإخوان وتأثيرهم على المستوى الدولي، وثبت أن من «يناطح» هذه الجماعة كالثور الذي يناطح حائط إسمنت، فقد تمرست على ما يبدو في مواجهة حملات الاقتلاع والتهميش والقمع، وبنت «أدبيات» متوارثة منذ أجيال في مواجهة «الابتلاءات» والمحن، تستدعيها حينما يقتضي الأمر، وقد ذهب كل من وقف في طريق الجماعة، وناصبها العداء، وبقيت هي حاضرة بقوة، في بلد «المولد» وفي غيرها من الساحات، على اختلاف في حجم الحضور، إذ أن الجماعة لديها ديناميكية كبيرة على التكيف مع مختلف الظروف، سواء تحت الأرض أو فوقها، أو بين بين!
    قد تنجح حركات الانشقاق في خلخلة قناعات البعض بالجماعة، وقد تشجع المتأرجحين على الهروب بعيدا، ولكن الجماعة بقيت مستعصية على التشظي، وقد أدرك هذا الأمر كثير من منتسبيها، فآثروا البقاء «داخل الصف» ومحاولة التغيير من داخل البيت، والحقيقة أنهم لم ينجحوا كثيرا في هذا المسعى، وإن تجنبوا ما يمكن أن يلحق بهم هم من آثار سلبية نتيجة لخروجهم من الصف.
    إن عملية «أخونة الإخوان» إن جاز التعبير، لا يمكن ان تتم إلا من الداخل، وحتى الآن، تثبت الأحداث، ومسار تاريخها، انها تفتقر إلى الآلية الفاعلية في إعادة إنتاج نفسها، وإعادة هيكلة التنظيم، وربما يعود هذا الأمر إلى كثرة المحن التي مرت بها الجماعة، وربما إلى ما هو أكثر من ذلك، فتعاقب السنين وطول الأمد، يبني على الأشياء طبقة من التكلس، تفقدها اللياقة اللازمة، وتجعل من أي تغييرات جذرية في غاية الصعوبة.
    ما يحتاجه الإخوان الآن، بعد كل ما مر بدعوتهم، هو نوع من التقويم العلمي البحت لمسيرتهم، مع الاستعانة بأصحاب رؤية من خارج الصف، وباحثين محايدين، ودارسين، لأن هذه الجماعة ليست ملكا لمن يحمل بطاقة العضوية، فقد غدت جزءا من تاريخ الأمة، وميراثها الدعوي والحضاري، وما تفعله في هذه الساحة أو تلك، تمتد آثاره على كل الساحات، و»يدفع» ثمن أخطائها غيرها ممن لم ينتسبوا لها يوما، ولهذا صار لزاما على حركة بهذا الحجم والتأثير أن تتخير مكان أقدامها، وتستبين مسيرها: من أين وإلى أين!
    أما من ينشد «تغيير» الحركة بالانشقاق، والشغب عليها، فهو لا يخدم إلا من يسعى لشرذمة الجماعة، وإنهاكها، وإشغالها بمزيد من المحن، وكل هذا يعيق حركتها، ويتسبب بمزيد من المعاناة لها، وبالتالي، يضع العقبات في طريق تحقيقها لأي إنجاز، مما ينعكس سلبا وإيجابا على مكونات المجتمع العربي كافة!.

    هل يواجه لبنان مع النازحين السوريين ما واجهه مع اللاجئين الفلسطينيين؟
    اميل خوري – النهار اللبنانية
    عندما لجأ عدد كبير من الفلسطينيين إلى لبنان سبّب هذا اللجوء بداية مشكلة إنسانية واجتماعية تولت "وكالة الغوث" الاهتمام بها، ما جعل الدولة اللبنانية لا تبالي كثيرا بعددهم ظناً منها أنهم لا بد عائدون إلى ديارهم بعد أشهر. لكن هذه المشكلة ما لبثت أن تحولت مع الوقت مشكلة سياسية ثم أمنية انقسم اللبنانيون حولها، فكانت حرب السنتين التي طالت 15 سنة لتصبح حرب الآخرين في لبنان، وإذا بسلاح الفلسطينيين اللاجئين في لبنان، والذي كانت وجهته الاراضي الفلسطينية لتحريرها من الاحتلال الاسرائيلي، يتحول إلى الداخل اللبناني ويخضع مناطق فيه لسيطرته ويخرجها عن سيطرة الدولة أو يقيم فيها دولة ضمن الدولة، حتى ان اتفاق القاهرة لم ينفع في الحفاظ على ما تبقى من سلطة الدولة اللبنانية وسيادتها، فاضطر لبنان للتخلص من الفلسطينيين المسلحين الى القبول مكرها بوصاية سورية عليه دامت ثلاثين عاما... وصارت المشكلة التي يواجهها لبنان بعد ستين عاما من وجود اللاجئين الفلسطينيين على ارضه مشكلة قبول بتوطينهم كأمر واقع لأن كل شيء يدل على أن أبواب عودتهم إلى ديارهم باتت شبه مقفلة خصوصا إذا لم تقم الدولة الفلسطينية الموعودة كي يتحول اللاجئون الفلسطينيون في الدولة المضيفة رعايا لهذه الدولة او تلك ويعاملون كما تعامل رعايا دول اخرى.
    وها ان النازحين السوريين إلى لبنان اليوم، وقد بلغ عددهم حتى الآن ثلث عدد اللبنانيين، يخلقون للدولة اللبنانية مشكلة انسانية واجتماعية لا يقوى وضعه الاقتصادي والديموغرافي على تحمل أعبائها خصوصا في غياب المساعدات التي يحتاج إليها، وهي لا تزال غير كافية وفي اطار الوعود الكلامية. وليت لجوء السوريين إلى لبنان يقف عند حدود المشكلة الانسانية والاجتماعية وما تحدثه من منافسة للعامل اللبناني وحتى لأصحاب المهن الحرة فتزيد حجم البطالة فيه، إذ يخشى إذا طال أمد هذا اللجوء أن يتحول مشكلة سياسية ثم أمنية أخطر من تلك التي أحدثها اللجوء الفلسطيني. وما "عراضة" الانتخابات في السفارة السورية في لبنان سوى وجه من وجوه هذه المشكلة، بحيث انها تحولت مهرجانا وليس عملية اقتراع منظمة ومنضبطة كما حصل في دول اخرى لجأ اليها سوريون.
    إن أخطر ما في اللجوء السوري إلى لبنان بكثافة هو عدم تنظيم الدخول والخروج وتوزّع هؤلاء اللاجئين على مختلف المناطق في لبنان وعدم إقامة مخيمات لهم في مناطق محددة كي يصير في امكان الدولة ضبط الدخول والخروج منها والتحقق ممن تنطبق عليه صفة اللاجئ لا صفة الزائر أو السائح وصاحب عمل.
    فقد تبين من عملية الانتخابات الرئاسية السورية ان عددا كبيرا من الناخبين لا تنطبق عليه صفة اللاجئ لأنه يتنقل بين سوريا ولبنان ولا خوف على حياته، وانه إذا كان من المؤيدين للنظام فإن في استطاعته ان يكون لاجئا في مكان آمن يخضع لسيطرة هذا النظام.
    لذلك بات على الدولة اللبنانية ان تتدارك منذ الآن خطورة وجود عدد كبير من اللاجئين السوريين ولا تقع مرة أخرى في خطأ ما واجهته مع اللاجئين الفلسطينيين عندما تحوّلوا من مشكلة إنسانية إلى مشكلة سياسية وأمنية، خصوصاً إذا بقي عدد لا بأس به من اللاجئين السوريين في لبنان لأسباب شتى وصاروا جزءا من سياسته الداخلية وانقسموا بين مؤيد لهذا الحزب او التيار ومناهض له او مؤيد للنظام في سوريا او مناهض له، فيخلقون عندئذ حالة لااستقرار في لبنان بعدما عانى من هذه الحالة مع اللاجئين الفلسطينيين لأنه لم يتدارك أخطار وجودهم قبل أن تقع. فمن واجب الحكومة أن تباشر درس مقترحات تنظيم لجوء السوريين بدءا بفرزهم بين من تنطبق عليه صفة اللاجئ ومن لا تنطبق عليه هذه الصفة توصلا إلى خفض عددهم وتحديد مناطق للجوئهم فيها كما فعل الأردن وتركيا، فيكفي لبنان فوضى في غياب الدولة القوية لا بل في ظل فراغ بدأ في أعلى منصب في الدولة وقد يتمدد، لا سمح الله، ليشمل كل السلطات.

    الخطاب الأخطر في لبنان
    خير الله خير الله – العرب اللندنية
    هناك ما هو أخطر على لبنان من العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا لميشال سليمان الذي انتهت ولايته وعاد إلى منزله. هناك على الصعيد العملي ما هو أخطر بكثير من الفراغ الرئاسي. لذلك، قد يكون مفيدا هذه الأيّام التركيز على ما يتعرّض له لبنان ككلّ، أي كدولة مستقلة، أقلّه نظريا، تسعى إلى إيجاد مكان لها على خريطة الشرق الأوسط من جهة، وتأمين حدّ أدنى من الرفاه والحرية والكرامة لشعبها من جهة أخرى.
    هذا لا يعني بأي شكل أن انتخابات رئاسة الجمهورية غير مهمّة. على العكس من ذلك، لهذه الانتخابات أهمّية استثنائية، لا لشيء، سوى لأنّه تنفّذ من خلال تعطيل الانتخابات، عن سابق تصوّر وتصميم، محاولة أخرى للقضاء على الوطن الصغير.
    لا حاجة إلى الحديث طويلا عن المخاطر التي يتعرّض لها لبنان. تكفي قراءة سريعة في الخطاب الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله للتأكد من أن البلد مستهدف. كلّ ما فيه بات مستهدفا، بدءا برئاسة الجمهورية، وصولا إلى آخر موقع في الدولة.
    كشف الخطاب واقعا جديدا. يتمثّل هذا الواقع في أنّ “حزب الله”، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، يعتبر لبنان في جيبه. تجاوز “حزب الله” لبنان. للمرّة الأولى في تاريخ البلد، هناك من يقول إنّه يحمي الدولة والمؤسسات ورئاسة الجمهورية والكيان. هناك من يعتبر الدولة مشاعا له يستطيع أن يفعل بها ما يشاء، ساعة يشاء، بالطريقة التي يشاء، وبالوسائل التي يختارها. يبدو الخطاب الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” أخطر خطاباته بكلّ المقاييس. تجاوز عبر هذا الخطاب كلّ الحدود وليس حدود البلد فقط. أكّد أن لا رئيس جديدا للجمهورية إذا لم يكن هذا الرئيس يمتلك مواصفات معيّنة وضعها له الحزب، أي إيران التي تحدّد له سياسته، وما يجب أن يفعله داخل لبنان وخارجه.
    بات على رئيس الجمهورية أن يكون مثله مثل أي نائب لبناني مسيحي في قضاء جزين أو النبطية أو مرجعيون أو المتن… أو جبيل، وحتّى كسروان، حيث لا يمكن لمرشح الفوز في الانتخابات من دون أصوات “حزب الله” أو توابعه. هناك بالطبع، استثناء اسمه قضاء المتن الشمالي الذي استطاع فيه بعض النوّاب، مثل سامي الجميّل منع الحزب من احتكار التمثيل النيابي لهذا القضاء… وهناك نوّاب أحرار يمثّلون الضمير المسيحي واللبناني في آن. هؤلاء ينتمون إلى الأقضية التي لا نفوذ فيها على الأرض للحزب.
    يندرج ما نشهده حاليا من اعتداء موصوف على مؤسسة رئاسة الجمهورية في سياق سياسة مدروسة تصبّ في إلغاء لبنان لا أكثر ولا أقلّ. هذا الكلام ليس مبالغات بمقدار ما يعكس واقعا بدأ يتبلور في اللحظة التي قرّر فيها “حزب الله” الانخراط، إلى أبعد حدود، في الحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه. تورّط الحزب في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري بعدما طلبت منه إيران ذلك. هذا كلّ ما في الأمر. كان مطلوبا منه التورّط في تلك الحرب بغض النظر عن الثمن الذي يدفعه حاليا، أو الذي سيضطر إلى دفعه عاجلا أم آجلا.
    شكّل دخول الحزب عسكريا إلى سوريا ضربة لكلّ ما بقي من سيادة لبنانية وحدود معترف بها بين بلدين عضوين في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة. جاء التدخل إلى جانب قوات النظام السوري من منطلق طائفي ومذهبي. وضع الحزب الانتماء المذهبي فوق أي انتماء آخر بمجرّد أن إيران طلبت منه ذلك. هذا تطوّر جديد على صعيد الشرق الأوسط كلّه.
    كان ذنب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أنّه اعترض على تصرّفات الحزب والتزم الدستور، الذي أقسم على احترام نصّه، فكانت النتيجة حربا شعواء عليه.
    امتدت هذه الحرب الآن إلى تأديب المسيحيين جميعا عبر التأكيد لهم أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون مثل أيّ نائب ماروني من جزين أو المتن الجنوبي أو جبيل أو بعلبك أو الهرمل. أي يفترض برئيس الجمهورية أن يكون مجرّد موظّف، برتبة نائب، يعمل لدى «حزب الله»، ويسعى، في كل ساعة من ساعات النهار، إلى استرضائه وحتّى المزايدة عليه عندما يتعيّن اتخاذ الموقف المطلوب اتخاذه.
    قرّر «حزب الله» أن يكون هو الدولة. حيّد السنّة مؤقتا عن طريق موافقته على تشكيل الحكومة الحالية برئاسة تمّام سلام، الشخصية الوطنية التي تتمتّع باحترام واسع في معظم الأوساط. أراد عمليا التفرّغ لمعركة رئاسة الجمهورية ومن خلالها لمعركة أكبر بكثير تتمثّل في المشاركة في إعادة رسم خريطة المنطقة.
    كيف يحصل ذلك؟ إنه يحصل عن طريق ربط البقاع اللبناني والمربّعات الأمنية التابعة للحزب فيه وفي المناطق اللبنانية الأخرى بالأراضي السورية، خصوصا بالساحل السوري… وذلك بما يؤمّن حماية ظهر الدولة العلوية، في حال لم يعد من خيار آخر غيرها أمام بشّار الأسد.
    بات مطلوبا بكلّ بساطة رئيس للجمهورية اللبنانية ينخرط في هذه اللعبة الخطرة التي تجري على حساب لبنان. لم يكن ميشال سليمان الرجل الصالح لمثل هذا الدور. على العكس من ذلك، تمسّك الرئيس سليمان، الذي خرج مرفوع الرأس من القصر الجمهوري ساعة انتهاء ولايته، بإعلان بعبدا.
    رفع إعلان بعبدا عاليا من أجل حماية لبنان، في وقت يبدو مطلوبا، أكثر من أي وقت، أن لا يوجد من يحمي الوطن الصغير بحدوده المعروفة ونظامه القائم.
    قبل فترة وجيزة وخلال الأزمة الطويلة التي رافقت تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية، قال الرئيس حسين الحسيني كلاما في غاية الأهمّية. وصف ما يمرّ به لبنان بأنّه «أزمة كيانية». إنّها أزمة كيانية بالفعل، وليست مجرّد أزمة مرتبطة فقط بتهميش المسيحيين اللبنانيين إلى أبعد حدود. إنّها أزمة مرتبطة بمستقبل لبنان الذي صار فيه من يصيح، من دون بعض من حياء وخجل، أنه “يحمي” كلّ شيء في البلد، أي أنّه وصي عليه.
    هل يمكن أن تكون هناك وصاية جديدة على لبنان؟ هل هذا مسموح… أم بات كلّ شيء ممكنا مع انهيار سوريا ككيان، بعد شبه الانهيار الذي حصل في العراق؟

    إسرائيل تضرب "الحزب" إذا وَضَع يده على لبنان!
    سركيس نعوم – النهار اللبنانية
    عن سؤال: هل تعتقد أن أميركا وإيران ستتوصلان إلى تفاهم؟ أجاب أحد أبرز المسؤولين نفسه، في تجمع يضم غالبية الجمعيات والمنظمات اليهودية الأميركية الفاعلة، قال: "أنا لا أعتقد أن إيران وأميركا ستتوصلان إلى تفاهم خلال سنة. إيران تتحدّث عن سنة، وأميركا تتحدث عن احتمال تمديد التفاوض ستة أشهر أخرى. أنا عندي تقارير تشير إلى أن إيران حقَّقت تقدّماً في منشأة "أراك" النووية وغيرها. وهذا أمر لا يمكن الرجوع عنه. وأعتقد أن إيران بعد الاتفاق "ستفلت" في المنطقة، أو عليها وفي العالم، وستتدخل في دول عدة مستفيدة من إلغاء العقوبات المفروضة عليها ومن المصالح المتبادلة بينها وبين هذه الدول. لا يمكن التخلُّص من إيران إلاّ بهزيمتها عسكرياً. وبذلك يضعف "حزب الله" ويسقط الأسد". علَّقت: السيناريو الذي تشير إليه مهم. لكن هناك سيناريو آخر ينطلق من الاتفاق بين إيران وأميركا الذي فرضته عوامل عدة، منها الأثر السلبي للعقوبات على الأولى، واشتراك الاثنتين مع دول إسلامية عدة والمجتمع الدولي في محاربة الإرهاب الإسلامي، الذي يهدّد الجميع. ردّ: "هذا السيناريو مهم، لكن لا أعتقد أنه سيُنفَّذ". قلت: سمعت في واشنطن كلاماً من أكثر من شخص يشير إلى اقتناع السعودية بأن الخطر الأول عليها هو من إيران، وإلى أن الخطر الذي شكَّلته إسرائيل عليها تراجع كثيراً، وتالياً إلى أن هناك التقاء مصالح بينهما، وربما أكثر من ذلك. ما رأيك؟ سألتُ. أجاب: "العداء لإسرائيل صار في مرتبة متأخرة. إيران وحّدت أعداءها ضدها رغم اختلافاتهم الكثيرة، وخصوصاً دول الخليج، وذلك بسبب مصالحها الحيوية. لكن ذلك لا يعني أبداً أن العداء العربي أو الخليجي وتحديداً السعودي لإسرائيل قد انتهى. والسلام البارد بين مصر وإسرائيل دليل على ذلك، تضاف إليه مظاهر العداء الأخرى من الشعب المصري. لكن الخطر الجدي والمباشر الآن على كل هؤلاء هو إيران. هناك اقتناع خليجي مبني على معلومات بأن إسرائيل ستضرب "حزب الله" عسكرياً، وبطريقة مختلفة عن ضربه عام 2006، إذا وضع يده على لبنان. احتمال الحرب الأهلية في لبنان وارد". ماذا عن إسرائيل والفلسطينيين؟ سألتُ. أجاب: "أوباما لم يتعاطَ بهذا الملف، تركه لوزير خارجيته كيري، لاعتقاده أنه لن ينجح في إقفاله، أي في حلّه. وكان مصيباً، إذ لم يحصل اتفاق حتى الآن على الأقل، ولن يحصل. على كل دعني أعود قليلاً إلى السعودية وروسيا. نشرت جريدة أميركية، في أثناء زيارة الأمير بندر بن سلطان موسكو صورة له مع الرئيس بوتين. كان هو ضاحكاً في حين كان بوتين جامداً. سألت البعض في البيت الأبيض، وفي مجلس الأمن: ماذا تعني لكم هذه الصورة؟ فسألوني: أي صورة؟ ولما أوضحت لهم أجابوا: لم نرَها. وقد دلّ ذلك في رأيي على عدم اهتمامهم بهذا الموضوع". ثم تناول الحديث التخفيضات التي أدخلت على موازنة وزارة الدفاع الأميركية، وعلى مشروع تقليص عديد الجيش الأميركي إلى نحو 450 ألفاً. فقلت: صحيح أنكم متفوّقون تكنولوجياً مدنياً وعسكرياً، وبما لا يقاس، على العالم كله ودوله الكبرى. لكن ألا تعتقد أن أميركا بحجمها ودورها العالميين تحتاج إلى جيش عديده أكبر من ذلك؟ ألا تعتقد أن التكنولوجيا مهمة جداً، لكن العنصر البشري مهمّ بقَدرِها، وربما أكثر أهمية؟ إسرائيل مهمة تكنولوجياً، وتستطيع في الوقت نفسه خوض أربعة حروب مرة واحدة. هل تستطيع أميركا ذلك؟ أجاب: "معك حق، العنصر البشري مهم جداً... على كل، أخشى أن يكون أوباما ملتزماً التوصل إلى اتفاق مع إيران لأنه لم يُنجز شيئاً في ولايته الأولى، ولا في ما انقضى من ولايته الثانية على الصعيد الخارجي. وهو يريد شرعية أو مكانة تاريخية. أميركا لم تعطِ السيسي (مصر) طوافات عسكرية لمحاربة الإرهابيين في سيناء. هل هذا معقول؟ وكوريا الشمالية ستستمر في إطلاق الصواريخ، والصين لن تفعل معها شيئاً. وإيران لن تغيِّر سلوكها مثلهما، وإن بعد توصلها إلى اتفاق نووي. تذكّر الاتفاق النووي الذي وقَّعته أميركا قبل سنوات مع كوريا الشمالية. هل دام؟ طبعاً لا، فضلاً عن أنه لم يُنفّذ".
    ماذا في جعبة مسؤول أميركي يتعاطى "الاستراتيجيا" في "إدارة" أميركية مهمة جداً؟
    بدأ الحديث عن أوكرانيا، بسبب المشكلة التي حصلت بينها وبين روسيا حول شبه جزيرة القرم، فقال: "الرئيس أوباما اتخذ إجراءات عقابية. لكن أميركا ليست في وارد خوض حرب عسكرية (Land War) مع روسيا إذا استمرت في "التقدم"، أي إذا انتقلت من القرم إلى داخل أوكرانيا".
    هل يعني ذلك أنه قد يستعمل سلاحه الجوي والصاروخي؟ سألت.

    الخليجيون وإيران: لتبنى الثقة أولاً
    عوض البادي – الحياة اللندنية
    لا مصلحة لأحد في منطقة الخليج من وجود صراع بين العرب والإيرانيين، ولا مصلحة لأحد بأن تبقى الخلافات هي ديدن العلاقات بين دول الخليج العربية وإيران. وفي الوقت نفسه لا تحل الأمور بالخطابات والتصريحات وإبداء المشاعر الطيبة والرغبة في تحسين العلاقات، فالقضية الرئيسة وراء عدم استقرار هذه العلاقات وتوسع سوء الفهم والخلافات والنزاعات عدم الثقة المزمن بين الطرفين، والتجربة الخليجية - الإيرانية في التفاهمات المرحلية لم تؤد إلى بناء ثقة تسمح بالبناء عليها لمستقبل أفضل للجميع.
    لقد طبع عدم الثقة العلاقات الإيرانية - الخليجية في مراحل تاريخية مختلفة، وشكل هذا العامل عائقاً رئيساً أمام بناء علاقات سليمة وطبيعية بين الطرفين تسهم في إيجاد مناخ سياسي آمن في المنطقة، وإيجاد منظومة أمنية تتمكن من خلالها الأطراف من النأي بمنطقتهم الاستراتيجية عن النزاعات والتوترات التي تزيد وتيرة عامل عدم الثقة.
    خلال العقود الماضية وعلى رغم وجود علاقات ديبلوماسية ثنائية بين دول المنطقة وإيران، إلا أن هذه العلاقات كانت دائماً ضحية لهذا العامل، لأنها لم تنجح في إيجاد ثقة تسمح بالسير بهذه العلاقات إلى مستوى يسمح ببناء سلام واستقرار لمنطقتهم.
    يعود سبب انعدام الثقة كما يراه الخليجيون إلى أن إيران تريد الهيمنة على المنطقة، وتتدخل في شؤون دولهم الداخلية مهددة بذلك وحدة نسيجها الاجتماعي على أسس طائفية، والعمل الدؤوب على تصدير ثورتهم.
    هناك خطابان في إيران: خطاب إيران الدولة الذي يقول بالانفتاح والتعاون والرغبة في إيجاد الحلول، وخطاب إيران الثورة الذي هو خطاب عقدي يناقض خطاب الدولة ويعمل بمعزل عنها، لأن هدفه النهائي هيمنة إيران على محيطها وعلى أمتها الإسلامية، وتحقيق حلم الثورة بأن تكون ثورة لكل المسلمين.
    ويعود سبب انعدام الثقة كما يراه الإيرانيون إلى أن دول الخليج دول تابعة للشيطان الغربي الذي يعادي الثورة الإسلامية في إيران ويريد القضاء عليها، إذ دعموا صدام حسين في حربه ضدهم، وسياسات هذه الدول لا تختلف عن سياسات الغربيين في هذا الجانب، فهم يريدون إيران ضعيفة وغير مستقلة في سياستها الخارجية، ويشجعون الغرب على التدخل في شؤونهم وفرض العقوبات عليهم، لكي لا ينجحوا في تحقيق طموحاتهم العلمية والتقنية والاقتصادية وبالتالي نجاحهم السياسي، وفوق هذه يضطهدون الشيعة في بلادهم ومن واجبهم حمايتهم.
    كيف يمكن بناء الثقة بين الدول الخليجية وإيران والتوفيق بين رؤيتين وموقفين يتناقضان في جوهرهما، بل إن أحدهما وهو الإيراني يحمل في كنهه خطراً وجودياً كما يراه الخليجيون؟
    قُدمت العديد من المشاريع والرؤى والأفكار التي حاولت الإجابة عن هذا السؤال، ولكنها جميعاً تتبخر عندما تصدم بالواقع، فالثقة المطلوبة للنجاح في تهدئة الأوضاع والانطلاق في البحث عن مستقبل آمن للجميع في المنطقة لا تتحقق، إذ تكذب الأفعال كل الأقوال.
    هل من مسار آخر يمكن للطرفين العربي الخليجي والإيراني اتباعه أو تجربته لتجاوز هذه العقبة الكأداء من عدم الثقة، والانتقال نحو المستقبل بأمان واطمئنان لكلا الطرفين، وبروح من الثقة والتعاون والتكامل بما يخدم السلام الإقليمي وحتى السلام العالمي؟
    ربما تكون دروس التاريخ مفيدة في هذا الجانب، وأهمها الدرس الأوروبي الذي تجاوز بعد الحرب العالمية الثانية الشرخ العميق الذي أصاب القارة وتقسيمها بين معسكرين، أحدهما يحمل آيديولوجيا شمولية ويسعى لانتصارها في كل مكان، وهي الآيديولوجيا الشيوعية.
    أراد المعسكران تجنب السماح لأي ظروف أن تقودهم إلى حرب عالمية ثالثة، فأوجدوا على رغم حربهم الباردة أطراً ومؤسسات تتيح لهم تحقيق هدفهم النهائي، وهو عدم الانزلاق إلى المواجهة العسكرية وإدارة الأزمات وحل القضايا العالقة بين المعسكرين، وإيجاد مناخ سلمي للتعايش بين أنظمة سياسية واجتماعية واقتصادية مختلفة، وبالتالي الحفاظ على السلام الذي فرضت حدوده نتائج الحرب العالمية الثانية.
    انطلقت في الخمسينات فكرة عقد مؤتمر عام للأمن والتعاون في القارة الأوروبية لأجل تحقيق هذه الأهداف، وبعد أخذ ورد على كل المستويات الإقليمية والدولية لأعوام عدة ومفاوضات طويلة عرفت بعملية هلسنكي، عقد المؤتمر في هلسنكي عام 1975، وأقر المؤتمر ما عرف باتفاقات هلسنكي أو إعلان هلسنكي. كان الأهم في هذه الاتفاقات التي أدت إلى تأسيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا هي المبادئ العشرة التي اعتمدتها هذه الوثائق، وشكلت القاعدة التي حكمت العلاقات بين الدول المشاركة في هذه الاتفاقات، والمبادئ هي:
    - المساواة في السيادة، واحترام حقوق السيادة كافة.
    - الامتناع عن التهديد واستخدام القوة.
    - حصانة الحدود.
    - عدم المساس بوحدة الدول.
    - حل الخلافات بالطرق السلمية.
    - عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
    - احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية بما فيها حرية التفكير والمعتقدات.
    - المساواة في الحقوق، وحق تقرير المصير للشعوب.
    - التعاون بين الدول.
    - تنفيذ الالتزامات والتعهدات الدولية كافة بنية صادقة بما ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي.
    وإذ التزمت الدول الموقعة هذه المبادئ تحقق لها في النهاية السلام المرجو، وتجاوزت أوروبا الحرب الباردة بسلام، وأصبحت منظمة الأمن والتعاون الإطار الأكثر أهمية في إدارة العلاقات بين الدول المنتمية لها وذلك بالعمل على منع النزاعات وإدارة الأزمات، والتعامل مع قضايا ما بعد الصراعات وغيرها من القضايا.
    لقد شكلت المبادئ العشرة لإعلان هلسنكي والالتزام بها القاعدة الرئيسة لإيجاد الثقة المطلوبة بين أطرافها المختلفة، فهي قد تكون أيضاً القاعدة الرئيسة في إيجاد الثقة المطلوبة بين دول الخليج العربية وإيران.
    لما لا نطلق في المنطقة مساراً مشابهاً بالمبادئ نفسها؟ لعلنا ننتقل بعلاقاتنا من وضع عدم الثقة إلى وضع يسمح لنا جميعا بأن نتعاون بما فيه خير منطقتنا واستقرارها، ولما لا يقوم مجلس التعاون لدول الخليج العربية بأخذ زمام المبادرة في هذا الشأن، ووضعها أمام إيران لتبدأ عملية حقيقية لبناء الثقة المطلوبة والضرورية لعلاقات جوار تخدم الطرفين؟

    إيران تحاصر السعودية
    أسعد البصري – العرب اللندنية
    منذ صرح رحيم صفوي القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، والمستشار العسكري للمرشد الأعلى بأن حدود بلاده تمتد إلى سواحل لبنان نشهد انكماشا في مقاومة للمشروع الإيراني في العراق وسوريا. أدرك الجميع الخيال الإمبراطوري الحقيقي الذي يستبد بالدولة الفارسية، إلى درجة أن صفوي أعلن أنها المرة الثالثة في التاريخ التي يصل فيها نفوذ بلاده إلى لبنان. بلغت قوة إيران درجة استيعاب سنة العراق بشكل كامل، لا كما يصور بعض الكتاب بأن هناك انشقاقات شيعية.
    الانتخابات العراقية تحت فزاعة “داعش” أصابت السنة بالإحباط. والانتخابات القادمة في سوريا تبشر بإحباط سني مماثل. الكثير من السنة يعانون كراهية لذواتهم، يشتمون تاريخهم ودينهم ويعبرون عن إعجاب بالمشروع الصفوي الإيراني. المثقفون السنة منقسمون إلى قسمين. الإخوان المسلمون الذين يقولون بأننا لم نتبع تركيا كما تبع الشيعة إيران ويروجون لنموذج أردوغان السلطان الظافر. وهذا مطلب غريب لسببين؛ السنة العرب ثقافتهم قومية بشكل طبيعي وقلبهم مع العرب، والثاني هو أننا لم نلمس خطوات تركية مغامرة تجاه العراق وسوريا مشابهة لموقف إيران المغامر. من ناحية أخرى كثيرون يرون بأن العروبة هي الخلاص ويتطلعون إلى نجاح تجربة المشير عبدالفتاح السيسي. الخلاص من الإسلام السياسي، وكسب ثقة الأقليات، ومواجهة إيران بشيء آخر غير الدين الإسلامي السني.
    المصالحة السرية في المنطقة جعلت الجو المتلبد يهدأ، وهذا جيد للكتابة لأنها تمنحنا فرصة للتأمل. في النهاية الشيعة لا يمقتون السنة بل يحتقرون الصحابة. والسنة لا يمقتون الشيعة بل يحتقرون عبادة البشر والقبور، وهذه قضية يمكن حلها ضمن حرية التعبير فقط. أي أن الخلاف المذهبي ليس هو المشكلة بل الرغبة الإيرانية في التوسع والتغيير الديمغرافي للمدن كما فعلوا ببغداد وحلب وحمص والفلوجة. لماذا نجحت السياسة السعودية في مصر والبحرين، ولكنها لم تنجح كثيرا في العراق وسوريا؟
    بتاريخ 30 مايو 2014 عرضت صفاء الأحمد وهي صحفية شيعية سعودية فيلما في الـ”بي بي سي”، تناولت فيه بشكل وثائقي أحداث العوامية شمال القطيف واصفة محافظة القطيف بأنها حاشدة بغليان منذ عام 2011 حتى اليوم. كيف استطاعت إيران نقل المعركة إلى داخل السعودية؟ وكيف يمكن لهذا الفيلم أن يتم تسجيله لثلاث سنوات بدعم من الـBBC؟ الفيلم يصور المتمردين أحياء ثم ينتظر حتى يُقتلوا في هجمات إرهابية ضد الشرطة السعودية، فيعرض جثثهم ويذهب إلى تصوير مقابرهم. مَن وراء فيلم صعب كهذا؟
    نعلم بأن الشيعة في المنطقة الشرقية ليست لديهم مطالب سوى إعلان دولة تابعة لإيران، وتنظيم معسكرات تدريب استعدادا للمواجهة، وإعادة بناء القباب فوق قبور البقيع. فجعفر الصادق يقول “مَن زارني غفرت له ذنوبه ولم يمت فقيرا”. وإيران تريد نفط السعودية ونفط العراق لكي لا تموت فقيرة. كيف استطاعت إيران تحويل الأنظار عن مئات آلاف القتلى والمهجرين السوريين والعراقيين إلى عشرين قتيلا في القطيف معظمهم سقط في تبادل إطلاق نار مع الشرطة السعودية؟ الخارجية السعودية أقدم خارجية في المنطقة وأكثرها خبرة فما المشكلة؟ المشكلة أن السعودية اعتمدت على مستشارين عراقيين في الشأن الإيراني والعراقي، وهؤلاء لم يقوموا بتضليل القيادة السعودية فحسب، بل قاموا بتضليل الشارع الخليجي. أقترح أن تتشكل لجنة تراجع توقعات المستشارين العراقيين، وإذا تبين أن توقعاتهم تقع ضمن التضليل فيجب تسريحهم والتخلص من ضررهم.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 21/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 01:06 PM
  2. اقلام واراء عربي 20/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 01:05 PM
  3. اقلام واراء عربي 19/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 01:05 PM
  4. اقلام واراء عربي 18/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 01:04 PM
  5. اقلام واراء عربي 08/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-06-03, 12:58 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •