أقــلام وآراء إسرائيلي الخميس 31/07/2014 م
في هــــــذا الملف
احتكاكات بين الجنرالات والساسة في اسرائيل
بقلم: عاموس هرئيل،عن هأرتس
هكذا نجرد غزة من السلاح
بقلم: حاييم آسا،عن معاريف
بعد وقف إطلاق النار وليس الآن
بقلم: أفرايم هليفي،عن معاريف
بطريقة أولمرت
ذرائع إسرائيل التي تستعملها لقصف المدنيين فارغة لا تثبت للمعايير القانونية الصحيحة
بقلم: ب. ميخائيل،عن هأرتس
إسقاط الحكم في غزة
أمام إسرائيل إمكانيتان، إما تغيير الأهداف والقضاء على حماس أو انهاء الحملة بردع مشابه للردع حزب الله في 2006
بقلم: يوعز هندل،عن يديعوت
احتكاكات بين الجنرالات والساسة في اسرائيل
بقلم: عاموس هرئيل،عن هأرتس
أمس، في اليوم الـ 22 للحرب في قطاع غزة، زاد سلاح الجو في الهجوم على الاهداف في القطاع وضرب اهدافا لحماس في اماكن أقرب من السكان المدنيين المكتظين في قلب مدينة غزة مع اماكن اخرى. ولزيادة الهجمات صلة بالخسائر غير العادية التي مني بها الجيش الاسرائيلي في القتال أول أمس حيث قتل عشرة جنود في ثلاث حوادث منفصلة.
مع الزيادة في قوة الهجمات الجوية قد توجد ايضا عمليات برية للجيش الاسرائيلي، لكنه لم يطرأ الى الآن تغيير حاد على سياسة استعمال القوة الاسرائيلية في القتال برغم الخسائر. ويبدو أن اللغة المنضبطة التي استعملتها القيادة الاسرائيلية ـ رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الاركان ـ في المؤتمر الصحافي مساء أول أمس لم تكن عرضية. فالقادة يعتقدون أنه توجد في الحرب ايام تجتمع فيها أخطاء تكتيكية تتلوها خسائر وأنه يجب على الدولة أن تعرف كيف تتحملها وأن تتمسك باستراتيجيتها العامة، اذا كانت تؤمن بأنها ما زالت صحيحة. ويبدو مع الحذر المطلوب أن اسرائيل ما زالت تتجه الى انهاء العملية في غضون بضعة ايام اذا لم تعد حماس لتشوش على خططها. وما زال القصد الى الآن الى إتمام العثور على الانفاق وتدميرها بقدر المستطاع واجلاء القوات عن القطاع، مع ادراك أن الثبات في الشريط الضيق الذي يتمسك به الجيش الاسرائيلي الآن على الحدود يصبح خطيرا كلما مر الوقت. وتوجد في كفة الميزان من جهة خشية تعقد آخر للامور والنقد الدولي، وفي الكفة الاخرى الخوف من أن نُرى خسرنا المعركة ومن دفع ثمن عاما وسياسيا باهظا.
تكرر الاستخبارات وعلى إثرها القيادة السياسية والمستوى العسكري الاعلى في الايام الاخيرة مرة بعد اخرى تشخيصين: الاول أن الضرر الذي أصاب به الجيش الاسرائيلي حماس في العملية ضخم، فقد خسرت المنظمة أملاكا عسكرية وستصاب بعد ذلك بضرر سياسي لأن السكان الغزيين سيحاكمونها على نتائج معركة فاشلة ثالثة مع اسرائيل في غضون خمس سنوات ونصف. والثاني – أن حماس تتمنى الهدنة بسبب ما أصابها. ويُجمع القادة والجنرالات ورجال الاستخبارات على أن الجمهور لا يدرك الى الآن عظم الضربة التي اصابت حماس، وستتضح أبعادها وآثارها حينما ينقشع الغبار فقط.
تملك الاستخبارات والقادة الكبار بالطبع معلومات لا نطلع عليها. لكن ما نملكه هو تفضيل حماس الظاهر. فمرة بعد اخرى في المواجهة يقترح وسيط خارجي هدنة لكن المنظمة هي التي ترفضها أو تنكثها وحينها تضاف مطالب جديدة. ويبدو أنه لا توجد هنا مشكلة انضباط لأن من المعلوم أن أكثر اجهزة القيادة والسيطرة للذراع العسكرية ما زالت تؤدي عملها. وينشأ انطباع أن حماس ما زالت تصر على شروط تراها حرجة ولا سيما بسبب الثمن الذي دفعته عن أنها هي التي بادرت الى الحرب. ويصعب عليها أن تهادن الى الآن دون تخفيف الحصار على غزة. وربما تؤمن حماس ايضا بأنها تستطيع الاستعانة بمال قطري كي تزيل اضرار الحرب في القطاع.
برغم إنكار حماس يبدو أنه حدث أمس تقدم ما لمواقف الطرفين وأن التفاوض غير المباشر سيستمر. من المهم للجيش الاسرائيلي الاستمرار على علاج الانفاق حتى الخروج من الميدان، وهذه مهمة تراوح التقديرات المتعلقة بانهائها بين بضعة ايام واسبوع (ولن يكون واضحا آنذاك ايضا تماما هل أصيبت الانفاق جميعا). فما زال أمام اسرائيل الى الآن ثلاثة امكانات للخروج من القتال. الامكان الاول اعلان هدنة بلا تسوية كما حدث في واقع الامر بعد عملية الرصاص المصبوب في 2009.
ويعتمد هذا التوجه على فرض قادته الوزيرة تسيبي لفني آنذاك هو أنه يكفي ردع قوي لضمان الهدوء. والامكان الثاني هو الخروج باتفاق وإن يكن عاما وغامضا وغير موقع عليه. وهكذا سلكت اسرائيل بوساطة مصرية بعد عملية عمود السحاب في 2012. والامكان الثالث هو الاستمرار على ضرب حماس بكامل القوة مع الأمل في أن يحرز بعد ذلك ردع أقوى أو حتى حسم. وقد يكون هذا ممكنا في الاساس بعملية برية كبيرة تخشاها الحكومة، ولم يهييء الجيش الى الآن القوات المطلوبة في ظاهر الامر لتنفيذها.
إن استطالة العملية وتراكم الخسائر يأتي معهما، وليس ذلك مفاجئا، دلائل على احتكاكات أولى بين المستويين السياسي والعسكري. لم يحب نتنياهو ويعلون توجيهين عسكريين في اليومين الاخيرين، في الاول بين ضابط رفيع المستوى أن رئيس الوزراء حصل على تقرير كامل عن الانفاق في حزيران 2013. وعلى إثر الثاني اقتبس من كلام ضابط أرفع رتبة يقول إنه يجب على الحكومة أن تقرر هل توسع العملية البرية أم تنهيها. ويبدو أن التصريح الثاني زيد تطرفا في تقارير وسائل الاعلام عن اللقاء ولم يعبر عن تحد حقيقي لتقديرات المستوى السياسي. ويعبر التصريح الاول عن نقطة احتكاك أكثر اقلاقا. إن مسألة الانفاق ستكون في مركز المناوءة السياسية والاستخبارية بعد أن ينتهي القتال. وقد لا تكون لحقيقة أن الجمهور لا يرى العملية الى الآن نصرا لامعا بعد زوال اجماع ايام القتال، قد لا تكون لها آثار سياسية فقط بل قد يكون لها ايضا تأثير في الصراعات والتعيينات في قيادة الجيش العليا.
وقد أخذت تنشأ بين يدي ذلك مشاجرة كبيرة حول الميزانية. فالجيش الاسرائيلي صار يُقدر كلفة العملية بنحو من 5 مليارات شيكل. وهذا مال سيطلبه الجيش – واصبحت هيئة القيادة العامة تستغل تفجير ناقلة الجنود المدرعة القديمة التي قتل فيها سبعة جنود من جولاني في معركة الشجاعية لطلب تطوير منظومة ناقلات جنودها المدرعة.
في المستوى التكتيكي، تثير الحوادث الكثيرة المصابين أول أمس مرة اخرى تساؤلات تتعلق بتقدير الامور الذي استعمل في بعض الحالات. فالجنود الخمسة الذين قتلوا بهجوم من نفق في داخل اسرائيل قرب ناحل عوز (وهو نجاح ثالث لحماس في المعركة) أصيبوا قرب برج فيلبوكس اسمنتي ملاصق للسياج الحدودي. وهناك ضباط فاجأهم قرار إبقاء البرج فيه جنود وقت القتال. ويبدو أنهم لم يحرصوا في الجيش على سلوك عملياتي صحيح للقوة التي هوجمت. نشرت حماس أمس فيلما قصيرا يثير القشعريرة وثق الهجوم على الفيلبوكس. وكان حديث محمد ضيف من مخبئه مع بث الشريط محاولة من المنظمة لتثبيت صورة نصر لها.
أما اطلاق قذائف الهاون التي قتل بها اربعة من سلاح المدرعات فكان يمكنه بالقدر نفسه أن يصيب مئات المدنيين من غير سكان المنطقة الذين يملأون المنطقة قرب الحدود ويلتفون بلا صعوبة على حواجز الشرطة العسكرية. حينما تمد عائلات موائد النزهات قرب نصب «حيتس شحور» (سهم اسود) قرب كفار عزة على بعد مئات الامتار عن الحدود التي يجري فيها القتال، يبدو أن شيئا ما مختل في الرقابة العسكرية على ما يجري. ويرتبط هذا ارتباطا مباشرا بحادثة ناقلة الجنود المدرعة واصابة غرفتي عمليات القيادة اللتين ركبتا سيارات جيب غير مدرعة قرب الحدود، في واقعتين جبتا حياة ستة ضباط ومقاتلين.
يجب التفريق هنا بين عدالة نضال اسرائيل لتهديد القذائف الصاروخية وانفاق حماس وشجاعة الجنود والقادة في الحرب، وبين الاخطاء والفروق الكثيرة التي يكشف عنها في استعداد الجيش البري. فالحرب في غزة تكشف مرة اخرى عن مبلغ احتياج الجيش الى تنظيم شامل مجدد بعد أن تنتهي الحرب برغم الانجازات الكثيرة التي يتمدح بها قادته. وتثور هنا سلسلة مشكلات في مجالات مثل اعداد القوات والمعدات التي تستعملها والنظرية القتالية وخطط العمليات. وتوجب كلها تحقيقا شاملا بعد أن تنتهي المعارك.
وُزع العدد الجديد من المجلة العسكرية «معارك» على المشاركين هذا الاسبوع. وبرغم أنها طبعت قبل أن يبدأ التصعيد في المناطق تبدو مقالتان منها ذواتي صلة بالمواجهة الحالية ايضا. يحلل العميد أمير أبو العافية قائد فرقة احتياط العملية البرية في الجيش الاسرائيلي. «يبدو أن القوات البرية في الجيش الاسرائيلي ما زالت تسلك وكأننا نستعد لحرب هي حرب يوم الغفران. وحتى لو كانت القوات البرية تلاحظ التغييرات في محيط القتال بصورة صحيحة فانه ما زالت عناصر قديمة راسخة في تصورنا القتالي في البر قد يستغلها العدو لحاجاته»، كتب. «يعمل حزب الله وحماس ايضا باستراتيجية تعتمد على الدفاع في اطار حرب عصابات. وكلاهما يستعمل مجموعات صغيرة وسريعة ومرنة هدفها إحداث سلسلة عمليات تشويش ومضايقة في نطاق واسع».
ويسأل مقدمان يشتغلان بالاستشارة التنظيمية هما تمار بيرش ويوتام اميتاي، يسألان في مقالة اخرى: «هل اختفى التمسك بالمهمة؟». ويحلل الاثنان أداء الجيش الاسرائيلي في هذا المجال في الانتفاضتين وفي حرب لبنان الثانية وبعدها، وفي السنوات التي انتقلت فيها اسرائيل الى ادارة مواجهات عسكرية محدودة. ويوجزان فيقولان إن «خصائص الواقع الحالي تجعل من الصعب على القادة والمقاتلين التمسك بمهامهم كما يتوقع منهم بحسب قيم الجيش الاسرائيلي». وهذه ايضا مادة للتفكير بعد أن تنتهي الحرب التي سيحاول الجيش الاسرائيلي أن ينهيها مع أفضل نتائج ممكنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هكذا نجرد غزة من السلاح
بقلم: حاييم آسا،عن معاريف
بعد 23 يوما من القتال حققت اسرائيل عدة انجازات هامة. يكمن الانجاز الاكبر في القبة الحديدية التي تبث معنى كبيرا لكل المنطقة، لحزب الله، لسوريا ولايران، الذين اقاموا كل قدراتهم الهجومية على منظومة ضخمة من المقذوفات الصاروخية والصواريخ الباليستية التكتيكية.
أما الانجاز الثاني فيكمن في تعطيل المشكلة المحلية التي نشأت بشكل مهدد والمسماة «الانفاق». وسيؤدي تعطيلها الى انهاء دورها الاستراتيجي. سيتحدد حل من الجانب الاسرائيلي، وبذلك تنتهي هذه القصة.
والذي لا ينتهي هو نية حماس في مواصلة معارضتها لوجود اسرائيل. والذي لا ينتهي بنجاح هو الاخر – مكانة حماس السياسية – الاجتماعية في غزة. بمعنى أن احتمال تطور عسكري جديد في غضون زمن غير طويل هو احتمال عال للغاية.
وعليه، فهل يمكن الاكتفاء بهذه النتيجة، وانتظار الجولة التالية؟ أم السماح لحماس «بكسب» شيء ما من هذه المواجهة، والسماح لاسرائيل ايضا بكسب شيء ما. نعم، الكل رابح Win-Win. غريب؟ على الاطلاق لا. ان جوهر الحل يكمن كما أسلفنا في حل المعادلة: حماس تطلب التحرر من الحصار البحري، اسرائيل من جهة ثانية تطلب تجريد غزة من القدرات الهجومية .
منظومة جمع المعلومات الاستخبارية مع منظومة رقابة يؤديها مراقبون – مفتشون يمثلون اسرائيل، الولايات المتحدة، روسيا، مصر وربما مندوب اوروبي في كل ما يتعلق بالحركات المادية للاليات، القوات، المواد الخام وكذا الاموال والبضائع. من جهة اخرى منظومة رقابة اضيق، وربما ذات منظومة الرقابة التي تعنى بفحص كل السفن التي تدخل الى الميناء البحري لغزة وهكذا يتوقف الحصار. منظومة جمع المعلومات والرقابة هذه، والتي تستند الى منظومات جمع المعلومات الاستخبارية المتطورة التي لدى الغرب – ولا سيما اسرائيل والولايات المتحدة – ستمنح المنظومة الاستخبارية في اسرائيل سيطرة حرجة، وأكثر من ذلك، كل فحص يستدعي دخولا الى منطقة غزة، او تعطيلا للتهديد يجري برعاية الامم المتحدة. بمعنى أن اسرائيل لا تكون مطالبة بانتظار أزمة مع حماس في شكل اختطاف أو اطلاق صواريخ كي تدخل الى الداخل. فهي يمكنها أن تفعل ذلك فقط على الاشتباه ودون أن تفقد غرام واحد من الشرعية.
لغرض ضرب مثال، لو كان يتعين على اسرائيل أن تعالج الانفاق الهجومية لحماس قبل نصف سنة، وكانت الالية المقترحة هنا موجودة، لكان بوسعها أن تطلب تعطيلها تحت علم الامم المتحدة، دون أن تنتظر أزمة على نمط اطلاق حماس للصواريخ او الاختطاف في الخليل.
هذا المفهوم، باللغة المهنية، يسمى MFO Miltinational Forces of Observers) وهو كفيل بان يشكل هدفا على المستوى العملياتي ـ التكتيكي (تجريد غزة مقابل ازالة الحصار)، بادارة مندوبي الامم المتحدة وتحت رعاية مجلس الامن وبمشاركة اسرائيلية. لقد طبق مفهوم الـ MFO بعد اتفاق السلام مع مصر، مستند الى منظومات بدائية (وسائل رقابة)، ولكنه خلق قدرا من الثقة بين الدولتين.
على منظومات جمع المعلومات ذات الصلة أن تستند الى الطائرات الصغيرة وطائرات الاستطلاع التي تعمل بشكل متواصل وتمشط المنطقة بجساسات من أنواع مختلفة، وتخلق صورة وضع حديثة في كل لحظة. وقد سبق لمثل هذه المنظومات ان اقترحت ايضا عندما اقترح تجريد هضبة الجولان لغرض تسوية سلمية مع سوريا.
ان خلق «عنصر ثقة» (وان كان محدودا) بين الطرفين هو حجر أساس ضروري لخلق أجواء لوجود نوع ما من التسوية في المنطقة. وكل هذا، بعد ان تصفي اسرائيل كل الانفاق في غزة. بمعنى – ليس فورا، في حالة أن يبحث أحد ما عن سبيل لمهاجمة هذه الفكرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
بعد وقف إطلاق النار وليس الآن
بقلم: أفرايم هليفي،عن معاريف
من التقارير عن المكالمة الهاتفية التي أجراها أول أمس براك اوباما مع بنيامين نتنياهو يتبين أن الرئيس الامريكي تبنى فكرة تجريد القطاع كهدف بعيد المدى وليس كأحد مطالب اسرائيل للانهاء الراهن للمعارك بين حماس والجيش الاسرائيلي. ومن المعقول أن يكون هذا الموضوع صخرة خلاف اخرى بين الولايات المتحدة واسرائيل في الفترة القريبة القادمة.
ما هو التجريد وما هي الشروط التي يمكن فيها تحقيقه وفرضه؟ الطريق الاساس لتجريد دولة أو منطقة من السلاح هو حمل أحد الطرفين المقاتلين الى وضع يستسلم فيه بلا شروط. هكذا حصل مع المانيا واليابان بعد هزيمتهما في الحروب العالمية. فقد أجبرت هاتان القوتان العظميان الى وضع سلاحهما وتوقفت الجيوش المنتصره في اراضيهما وفرضت نزع السلاح عنهما.
الطريق الثاني هو التجريد الطوعي – سواء كخطوة انتقالية بين الطرفين المتقاتلين أم كطريق لانهاء النزاع. في نهاية حرب الاستقلال تقررت بين اسرائيل وبعض من الدول العربية مناطق مجردة من السلاح. في اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر وافقت الدولتان على تجريد سيناء، باستثناء حق القاهرة في الاحتفاظ في المنطقة بقوات محدودة. والحالة البارزة من الفترة الاخيرة هي حالة ايرلندا الشمالية، حيث توصلت بريطانيا والجناح الارهابي من منظمة التحرير الايرلندية الى اتفاق على التجريد، بينما في وقت اللقاءات كان المخربون الايرلنديون لا يزالون يقتلون جنودا بريطانيين.
في المباحثات التي جرت في السنوات الاخيرة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية طرحت غير مرة مطالب اسرائيل لتجريد الدولة المستقبلية من أنواع من السلاح ثقيلة ومتطورة. ويدور الحديث عن تسوية متفق عليها، وليس عن تجريد مفروض بعد استسلام فلسطيني دون شروط.
لا بديل ثالث يمكن فيه تحقيق التجريد. الخطاب في اسرائيل في هذا الموضوع هذه الايام يجري على ما يبدو حول فرضية أن «تجريد غزة» هو بديل عن هدفين آخرين – تسوية أو ترتيب بين اسرائيل وحماس أو اسقاط المنظمة.
ان مطلب تجريد غزة لم يندرج ضمن الاهداف الاصلية لحملة «الجرف الصامد». وزير الدفاع الاسبق شاؤول موفاز بلغ الجمهور بانه هو الذي طرح الاقتراح في محادثات مع رئيس الوزراء وعرض خطة مفصلة لتنفيذه. ولكن طرح مثل هذه الاقتراحات الان سابق لاوانه. فاسرائيل لا ترى سيناريو يتقرر فيه تعايش بينها وبين حماس في أي وضع كان، ولهذا فان مطلب التجريد كجزء من شروط انهاء «الجرف الصامد» مثله كمطلب التوقيع منذ الان في هذه المرحلة على الاستسلام. مثل هذا المطلب سيصبح واقعيا بعد الحسم وليس قبله.
وعليه فلعله من المناسب أن نرى في نهج اوباما من مطلب التجريد تبنيا لرؤيا اسرائيل في كل ما يتعلق بمستقبل قطاع غزة. في نظره يعد تجريد غزة هدفا واقعيا ومرغوبا فيه، ولكن ليس بديلا عمليا عن النتيجة في ميدان القتال. تحقيق النصر يترك الرئيس الامريكي في ملعب القدس.
يتناسب هذا النهج والنهج التاريخي لرؤساء الولايات المتحدة تجاه اسرائيل. فعشية حرب الايام الستة فضل الرئيس الديمقراطي جونسون الا تخرج اسرائيل الى حرب ضد مصر وان تختار خطوة دولية تؤدي الى فتح قناة السويس. وعندما تبين له بان القدس قررت التوجه نحو الحرب، تنحت الولايات المتحدة جانبا وبعد الايام الستة هتفت للمنتصرة.
في حرب يوم الغفران، ساعدت الولايات المتحدة في قطار جوي نقل الى هنا عتاد قتالي كثير، ولكن عندما أوشكت اسرائيل على اسقاط الرئيس المصري السادات وهدد الروس بالدخول مباشرة الى المعركة، هدد البيت الابيض الجمهوري القدس بالعزلة. وفاجأ السادات ووافق على مطلب اسرائيل الدخول في محادثات مباشرة على المستوى العسكري لترتيب انهاء القتال، والولايات المتحدة في صورة الرئيس نيكسون ووزير الخارجية كيسنجر هتفت لاسرائيل وفي النهاية حققت انجازا: معاهدة سلام بين العدوين في ساحة البيت الابيض.
بعد ثلاثة اسابيع من بدء معارك «الجرف الصامد» تؤيد الولايات المتحدة حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ولكنها تبحث عن الحسم وليس عن بديل في شكل «التجريد».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
بطريقة أولمرت
ذرائع إسرائيل التي تستعملها لقصف المدنيين فارغة لا تثبت للمعايير القانونية الصحيحة
بقلم: ب. ميخائيل،عن هأرتس
أُحصي حتى لحظة كتابة هذه السطور أكثر من 1100 قتيل فلسطيني. ولا شك في أن هذا العدد سيزيد. وإن نحوا من 80 بالمئة من القتلى مدنيون؛ «غير مشاركين» ـ بحسب الاسم البائس الذي منح للبشر الذين هُشموا بالمتفجرات. إن أكثر من 220 منهم أولاد صغار، وفيهم نحو من 120 امرأة اربع منهن على الاقل حوامل.
لكننا لسنا مذنبين. فنحن أبرياء واخلاقيون كما نحن دائما لأننا لم نتعمد ولم نعلم ولم نرَ. فقد حاولنا حقا وأبلغنا سلفا. وهل «يخطر بالبال أننا…؟؟»، بالطبع لا.
إن طريقة الدفاع هذه في المجال الجنائي أوجزها ايهود اولمرت. فقد نجح مرة بعد اخرى في التخلص بها من شتى لوائح الاتهام الجنائي التي رفعت عليه. وكرر قوله مع وجه بريء وعينين معذبتين، بصوت مهين: «لكنني لم أتعمد. ولم أعلم ولم أرَ. ولم يقولوا لي. وهل يخطر بالبال أصلا أن أقترف جريمة؟؟ أأنا؟؟؟…».
وقد نجحت الطريقة الى أن كفت المحكمة عن قبولها فأدانته.
ويقع في الظن الآن أن حكومة اسرائيل تبنت «طريقة اولمرت» وبدأت استعمالها بجد في مجال سياسة الامن والدعاية: «لم نعمد ولم نعلم ولم نُرد، وهل يخطر بالبال أصلا أن نصيب مدنيين؟؟ أونحن؟؟؟…».
إنها طريقة اولمرت في احسن احوالها.
فمن المناسب لذلك أن نبين للحكومة واذرعها عددا من المبادئ الاساسية في المنطق والقانون. إن دعوى «لم أتعمد» يمكن، وإن يكن ذلك بصعوبة كبيرة، أن تبدو نصف معقولة فيما يتعلق بالاولاد القتلى الخمسة الأوائل. ومع موت الولد العاشر تبدأ تبدو جوفاء. لأن عشرة اولاد موتى ليسوا عن غفلة. إن ذلك على الأقل اهمال (والاهمال بلغة القانون يعني «عدم معرفة النتيجة وعدم الرغبة فيها ايضا»). وحينما يبلغ عدد جثث الاولاد خمسين، وتتراكم النساء الميتات، فلا شك أنه لم يعد الحديث عن اهمال. بل هو تسرع (وهذا باللغة القانونية يعني «معرفة النتيجة لكن عدم الرغبة فيها»).
وحينما يقتل الولد المئة، والمرأة الثمانون، و»غير المشارك» الثلاثمئة بقصف موجه جيدا وبقذائف مع عنوان، لا يعود التسرع كافيا بل يصبح ذلك تعمدا ونتيجة قرار. وثمرة فاسدة لأمر عسكري معلوم وإرادي يعلم جيدا أن اولادا ونساءا وشيوخا وعاجزين وأبرياء سيقتلون. ولا يعود قول «لم أتعمد» ناجحا.
ثمة ذريعة اخرى مقرونة بعمل نقاء الراحتين وهي أن حماس تختبيء بين المدنيين. وتختبئ في المستشفيات. وتستعمل الأبرياء دروعا حية. ولهذا يجوز قصف بيت لأن رجلا من حماس ضيف في احدى الشقق، ويجوز قتل عائلة كاملة لأن أحد أبنائها ضابط شرطة.
وهكذا يصبح كل بيت في اسرائيل هدفا مشروعا مثل هذا المنطق الفاسد لأنه لا يوجد بيت ليس فيه جندي. ويجوز قصف كل مقهى لأنه يوجد فيه دائما رجل أمن ما يشرب القهوة.
ويحسن أن نذكر ايضا أن هيئة القيادة العامة للجيش الاسرائيلي تقع في قلب القلب الضاج لسكان مدنيين وعلى بعد 200 متر عن مستشفى ايخيلوف. فهل يعتبر ذلك رخصة لقتل كل سكان مركز تل ابيب وكل اطباء ايخيلوف ومرضاهم لاصابة قادة الجيش المستترين بينهم؟.
إن الاصرار الاسرائيلي على اعادة استنساخ هاتين الذريعتين اصبح يبدو سخيفا وغبيا ومنافقا ومدعيا للسذاجة كذاك الفيلم القصير على الاقل الذي بدا فيه الطيار والجندية الرحيمان يقيان حياة مدنيين استهدفوا لكاميرا القصف.
ومن المثير للاهتمام أن نعلم هل يوجد فيلم أحدث ايضا. فيلم يُعلم فيه الطيار الجندية أنه لاحظ اولادا بالمنظار لكنها تجيبه هذه المرة بحسب مضمون ملصقة بلدية أور يهودا: «أُدخل في أمهم». لأنه يبدو أن هذا هو مضمون الاوامر العسكرية، بحسب النتيجة. ويصعب التطهر من هذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
إسقاط الحكم في غزة
أمام إسرائيل إمكانيتان، إما تغيير الأهداف والقضاء على حماس أو انهاء الحملة بردع مشابه للردع حزب الله في 2006
بقلم: يوعز هندل،عن يديعوت
ينبغي الحديث بجدية عن اسقاط حكم حماس. خلافا للادعاءات التي نعرفها بالجملة منذ عهد «الرصاص المصبوب»، فان البدائل ليست أسوأ. فهي سيئة بذات القدر. ما الفرق بين داعش وحماس عند الحديث عن المس باليهود؟ فالانفاق ستحفر بذات الشك وبذات الاسمنت الذي نقل من اسرائيل، والصواريخ ستنتج على أساس ذات الدافع.
ينبغي الاعتراف بان حماس كحاكم، لا تحقق حتى ولا ذرة استقرار. جربنا. هذا لا ينجح. الدولة يمكنها أن تعيش الى جانب منظمة ارهابية فقط اذا كان الردع ناجحا. اذا ما كوي وعي الخصم بألم الماضي. هكذا حصل مع منظمة حزب الله. اتفاقات وقف النار وقرارات الامم المتحدة في 2006 لا تساوي شيئا، ذكرى الضاحية بالمقابل تنجح منذ ثماني سنوات.
تدير اسرائيل حرب استنزاف طويلة مع الفلسطينيين في قطاع غزة منذ العام 2000. اطلقوا من هناك النار قبل فك الارتباط وشددوا اطلاق النار بعده. كنت هناك كرجل احتياط في ايام الغضب الشهيرة لبداية الانتفاضة الثانية – حين كانوا يكرهوننا برعاية عرفات. رأيت منذئذ مرات عديدة كيف يكرهوننا برعاية حماس. التيار السياسي في غزة لا يؤثر على شدة الكراهية، يؤثر فقط على الوسطاء المحيطين. منذ صعدت حماس الى الحكم أصبحت حرب الاستنزاف طريق حياة. والتسلح المجنون برعاية ايران حدد الاتجاه.
كل ما يتبقى هو ذنب اسرائيلي. غياب التفكير بعيد المدى. شارون وعد بان تخترق غزة بعد الصاروخ الاول ولم يفِ بذلك. بعد وعد التالون في الطابور ولم يفوا. لا يوجد استثناء – المسؤولية ملقاة على الجميع.
لقد بدأت هذه الحرب كحملة محدودة. هكذا قرر اعضاء المجلس الوزاري، بما في ذلك اولئك الذين ينتقدون رئيس الوزراء. وتحددت الاهداف مسبقا، غامضة عن قصد. الهدوء، ضرب حماس والردع هي الانجازات التي يمكن دوما الجدال فيها. انجازات يمكن دوما الادعاء بالملكية عليها باثر رجعي. اما الانفاق فأصبحت هدفا عملياتيا في ظل الحركة.
أمام اسرائيل توجد امكانيتان: الاولى هي تغيير الاهداف، التوقف، التخطيط والانتقال الى حرب اخرى لاسقاط حكم حماس. يوجد لهذا ثمن يتضمن اعداد الاقتصاد لاشهر طويلة من القتال وتجنيد واسع جدا للاحتياط. لا يوجد حسم عسكري آخر، رغم تصريحات السياسيين. هذا ممكن ولعله يتم، ولكن هذا أيضا قرار ثقيل الوزن يتطلب شرح للجمهور الاسرائيلي وليس شعارات فارغة لوسائل الاعلام.
الثانية هي انهاء هذه الحملة مع ردع على نمط لبنان. خلق اعتبارات كل فعالية مقابل المنفعة لدى حماس لاول مرة. ولهذا الغرض ينبغي ترك أثر على حماس ولشدة الاسف على السكان المدنيين في غزة ايضا. الامتناع عن اصابة الابرياء، وليس الامتناع عن اصابة المؤسسات والاحياء التي تطلق منها النار. واذا ما محيت أحياء – فلا مفر. اذا كانت حاجة لضرب مستشفى لتدمير قيادة الطوارىء لحماس – فليتم هذا. سندعو بصوت عال الى الاخلاء، ونتحدث في وسائل الاعلام الدولية، وننشر معلومات استخبارية عن المواقع المدنية التي تستخدمها حماس، ولكن ندمر ونجبي ثمن. في زمن كتابة هذه السطور ليس واضحا بعد اذا ما، متى وكيف سيتم وقف النار، ولكن واضح أنه يجب أن يأتي مع كي واضح للوعي.
على اسرائيل ان تضع كواتم على الاذان وتطلق النار. اما الصراع على الشرعية فنديره في كل الاحوال في اليوم التالي. يعرف الجيش كيف ينتصر بقرار سياسي. واحيانا أكثر من الاستراتيجية والسياسة، يتبقى فقط السماح للجيش الاسرائيلي بالسحق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس