في هذا الملف

 المعارضة الكويتية تتظاهر للمطالبة بإسقاط مرسوم تعديل قانون الانتخابات

 أمير الكويت يحذر من الفوضى

 الإفراج عن عضوين من الأسرة الحاكمة أوقفا بسبب «تغريدات» مؤيدة للمعارضة

 الكويت.. جذور الأزمة وسيناريوهات الحل

 أمير الكويت: ليس عيبا وجود مثالب بالحكم

 تباين بالكويت بعد استكمال الترشح للانتخابات

 عبدالصمد : الكويت تواجه تحديات وتمر بمنعطف تاريخي مهم وحاسم

 الكويت تتبرع لمنظمات أردنية وعربية بـ 80 ألف دولار

المعارضة الكويتية تتظاهر للمطالبة بإسقاط مرسوم تعديل قانون الانتخابات

فرانس24،روسيا اليوم

تظاهر الآلاف من أنصار المعارضة الكويتية ليل الأحد للمطالبة بإسقاط مرسوم تعديل قانون الانتخابات الذي أصدره أمير البلاد الشيخ صباح أحمد الصباح والذي تعتبره المعارضة وسيلة لتشكيل برلمان جديد موال للحكومة.

النيابة العام توقف المعارض مسلم البراك عشرة أيام بتهمة الإساءة لأمير البلاد

تظاهر عشرات الالاف من مناصري المعارضة الكويتية ليل الاحد بمناسبة الذكرى الخمسين لاعتماد الدستور الكويتي وانطلاق الحياة البرلمانية ولرفض التعديل الذي اجراه امير البلاد على نظام الانتخابات.

وهتف المتظاهرون "الشعب يريد اسقاط المرسوم"، في اشارة الى مرسوم تعديل نظام الانتخابات الذي اصدره امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح والذي تعتبر المعارضة انه يهدف الى المجيء ببرلمان موال للحكومة.

وياتي ذلك فيما تتمسك المعارضة بمقاطعة الانتخابات التي دعا اليها الامير في الاول من كانون الاول/ديسمبر بسبب تعديل نظام الانتخابات.

وبموجب التعديل، بات على الناخبين الاقتراع لمرشح واحد بدلا من اربعة في النظام القديم.

وقال النائب الاسلامي السابق خالد السلطان امام المتظاهرين الذين تجمعوا في الباحة مقابل مبنى البرلمان، "القضية هي لابطال حق الشعب الكويتي في المشاركة في السلطة ... وذلك للانفراد بالسلطة والتصرف في ثروات البلد".

وشدد السلطان على ان المعارضة "لا تنفذ انقلابا ولا خروجا على الحاكم ... لا احد في الكويت ضد ال الصباح".

من جهته، قال النائب الليبرالي السابق مشاري العصيمي ان "القضية هي انتهاك الدستور ... اليوم نحن هنا لندافع عن دستورنا".

وعلى عكس التظاهرات الاخيرة التي شهدت مواجهات عنيفة، لم تسجل اي اعمال عنف في هذه التظاهرة.

واصيب حوالى 150 شخصا و24 شرطيا بجروح طفيفة اثناء تفريق ثلاث تظاهرات كبيرة نظمتها المعارضة خلال الاسابيع الماضية رفضا لتعديل لنظام الانتخاب امر به الامير.

وقدر النظمون عدد المشاركين في تظاهرة الاحد بمئتي الف شخص، الا ان مراقبين مستقلين قدروا العدد بخمسين الفا.

وكانت الكويت اصبحت عام 1962 اول دول خليجية تعتمد دستورا وتطلق ديموقراطية برلمانية.

الا ان الديموقراطية الكويتية الخاصة ظلت دائما موضع انتقادات. فبالرغم من منح البرلمان صلاحيات تشريعية ورقابية حقيقية، ظلت صلاحية تشكيل الحكومة في يد الامير وظلت اسرة الصباح الحاكمة تمسك بالحقائب الوزارية المهمة.

وشهدت البلاد ازمات سياسية كثيرة، خصوصا منذ 2006. وحل البرلمان الكويتي تسع مرات، ست منها منذ 2006.

وكانت المعارضة حققت فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية الاخيرة التي نظمت في شباط/فبراير، الا ان المحكمة الدستورية الغت هذه الانتخابات في حزيران/يونيو واعادت البرلمان المنتخب في 2009 والذي كان يسيطر عليه الموالون للحكومة.

الا ان الامير حل في نهاية الامر البرلمان المعاد ودعا لانتخابات جديدة.

وتطالب المعارضة التي يشكل التياران الاسلامي والقبلي مكونا رئيسيا فيها، باصلاحات ديموقراطية كبيرة، بما في ذلك الحد من سلطة اسرة الصباح التي تحكم الكويت منذ اكثر من 250 سنة.

واكدت المعارضة مرارا مطالبتها بحكومة منتخبة وبتشريعات جديدة لتعزيز المحاسبة ومكافحة الفساد وبتشريع قيام الاحزاب.

وساهمت التجاذبات السياسية في توقف المشاريع الانمائية بالرغم من الثروات الطائلة التي تملكها الكويت. وبلغت الفوائض التراكمية اكثر من 400 مليار دولار بفضل اسعار النفط المرتفعة.

وتملك الكويت عشر الاحتياطي النفطي العالمي..

أمير الكويت يحذر من الفوضى

UPI

فيما تشهد الساحة السياسية في الكويت تأزماً غير مسبوق بين السلطة والمعارضة، جدد أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، دعوته إلى صون تجربة بلاده البرلمانية، مقرّاً بأنه «تشوبها بعض المثالب». وقال أمير الكويت، أول من أمس، لمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ50 للتصديق على الدستور الكويتي، «عشنا زهاء خمسة عقود من العمل البرلماني بما حملته من نتائج وممارسات بحلوها ومرها، ولكي نقطف ثمار مسيرتنا البرلمانية علينا أن نصون تجربتنا بالتقييم الموضوعي والنقد الذاتي البناء، فليس عيباً أن تشوبها بعض المثالب». وأضاف «لكن العيب في تجاهل تلك المثالب والتهاون في إصلاحها والتخلص منها».

وبعدما أشار إلى «أننا نتفهّم الاختلاف حول سبل إصلاح أمورنا»، أضاف «نتقبل النقد والنصح للارتقاء بمؤسساتنا، كما نرحّب بل ندعو إلى المساءلة والمحاسبة لأي مسؤول عن أي خلل أو قصور أو اعتداء على المال العام أو انتهاك القانون وتجاوزه».

وأشار إلى أنه «بصوت العقل نعالج مشاكلنا»، معتبراً أن «تأمين مسيرتنا الديموقراطية يتطلب الاتزان في تعاطي الأمور بالحكمة والروية وحسن التقدير والبعد عن الانفعال والتهور».

وفي موازاة تأكيده «ثقتنا بحسن نوايا الجميع وحقهم في التعبير عن رأيهم»، نبّه أمير الكويت إلى «أننا لسنا وحدنا في الميدان، وهناك مصالح وأهداف وغايات لأعداء هذا الوطن نربأ بأن يكون أبناؤنا أدوات ووقوداً لها من دون أن يعلموا».

ودعا الى «أن نتباصر حول المستفيد الأكبر من تعريض البلاد للفوضى والقلاقل، ونتساءل أين تصب نتائج هذه الفوضى في المحصلة النهائية».

وشدد على «أن التحدي الأكبر والأهم هو تحدي الديموقراطية. فالديموقراطية التي نريد تعزز الأمن ولا تقوّضه. والحريات التي نرغب تكرس الاستقرار ولا تهدده. توحد الصف ولا تفرقه». وأشار إلى أنه «لن يكون الأمن والاستقرار بديلاً للحرية والديموقراطية، بل هما صنوان متلازمان». في هذه الأثناء، أفرجت السلطات الكويتية عن الشيخ عبد الله سالم الصباح والشيخ نواف مالك الصباح، وهما عضوان في أسرة آل الصباح الحاكمة، كانا أوقفا بسبب تغريدات اعتبرت مسيئة للحكومة. وقال الشيخ عبد الله سالم الصباح، عقب إفراج السلطات عنه، عبر حسابه على «تويتر»، «طلبت منهم تحويلي الى النيابة حتى أبرّئ نفسي من الاتهامات المفجعة، لكن أصرّوا على توقيعي بتعهّد فقط وإخلاء سبيلي».

وأوضح الشيخ عبدالله أنه تم التحقيق معه بتهمة إهانة الأمير والتحريض على نظام الحكم، لكنه استنكر هذه الاتهامات.

من جهته، أكد خالد الصويفان، محامي الشيخ نواف، الإفراج عن موكله دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

أمير الكويت يدعو إلى صون التجربة البرلمانية رغم عيوبها

الإفراج عن عضوين من الأسرة الحاكمة أوقفا بسبب «تغريدات» مؤيدة للمعارضة

الإمارات اليوم

دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الى صون تجربة بلاده البرلمانية التي «تشوبها بعض المثالب»، فيما أفرجت السلطات الكويتية عن الشيخ عبدالله سالم الصباح والشيخ نواف مالك الصباح، وهما عضوان في الأسرة الحاكمة أوقفا بسبب تغريدات اعتبرت مسيئة للحكومة.

وقال أمير الكويت في كلمة له، أمس، بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال50 للمصادقة على الدستور الكويتي، «عشنا زهاء خمسة عقود من العمل البرلماني بما حملته من نتائج وممارسات بحلوها ومرها، ولكي نقطف ثمار مسيرتنا البرلمانية علينا أن نصون تجربتنا بالتقييم الموضوعي والنقد الذاتي البناء، فليس عيباً ان تشوبها بعض المثالب». وأضاف «لكن العيب في تجاهل تلك المثالب والتهاون في اصلاحها والتخلص منها».

وقال «نتفهم الاختلاف حول سبل إصلاح أمورنا، نتقبل النقد والنصح للارتقاء بمؤسساتنا، كما نرحب بل ندعو للمساءلة والمحاسبة لأي مسؤول عن أي خلل أو قصور أو اعتداء على المال العام، أو انتهاك وتجاوز للقانون».

وأشار الى انه «بصوت العقل نعالج مشكلاتنا، إن تأمين مسيرتنا الديمقراطية يتطلب الاتزان في تعاطي الامور بالحكمة والروية وحسن التقدير والبعد عن الانفعال والتهور». وقال «شهدنا ما تعرضت له شعوب وأمم أعماها الجهل والتعصب، فعصفت بوحدتها الفتن ومزقت شملها وحاق بها الخراب والدمار».

وأضاف «لن أكرر ما سبق وإن حذرت منه، ولن ننسى أبدا أن الكويت أمانة غالية في أعناقنا وان ما نعيشه من أمن وطمأنينة وحرية ورغد عيش هي نعمة كبرى لا يدرك قيمتها ومعناها إلا من فقدها».

وقال «إن الدول التي تنعم بظلال الحرية والدستور والقوانين والمؤسسات والمجالس المنتخبة، وتمتلك جميع الادوات الدستورية للرقابة والمحاسبة تكون ممارستها محكومة بالروح الوطنية والتمعن بمعاني القسم البرلماني العظيم ومتطلباته، وإعادة النظر في الكثير من المفاهيم المغلوطة والأعراف المشوهة التي عمل البعض على ترسيخها عن طريق الأمر الواقع».

وأضاف «كما تستوجب أيضاً ايصال نبض الشارع وهمومه الى المؤسسات لا أن تجر المؤسسات الى الشارع». وقال «نؤكد ثقتنا بحسن نوايا الجميع وحقهم في التعبير عن رأيهم، غير اننا لسنا وحدنا في الميدان، وهناك مصالح وأهداف وغايات لأعداء هذا الوطن نربأ بأن يكون أبناؤنا أدوات ووقوداً لها من دون أن يعلموا».

ودعا الى «أن نتباصر حول المستفيد الاكبر من تعريض البلاد للفوضى والقلاقل، ونتساءل أين تصب نتائج هذه الفوضى في المحصلة النهائية؟».

وقال «ان التحدي الأكبر والاهم هو تحدي الديمقراطية، فالديمقراطية التي نريد تعزز الامن ولا تقوضه، تدفع الانجاز ولا تضعفه، والحريات التي نرغب تكرس الاستقرار ولا تهدده، توحد الصف ولا تفرقه».

وأشار الى انه «لن يكون الأمن والاستقرار بديلاً للحرية والديمقراطية بل هما صنوان متلازمان يمثلان ضمانة أساسية لأمن كل مجتمع واستقراره، ولنا فيما آلت إليه الدول ذات الانظمة الدكتاتورية خير شاهد ودليل».

وتابع «علينا ان ندرك حجم المخاطر المتكاثفة التي تتنامى نذرها على المنطقة بأسرها، ويتساقط شررها حولنا، وأن نحسن مراقبة الاحداث التي تحيط بنا بعين واعية وبصيرة ثاقبة حتى نتقي شرورها ونتجنب آثارها وإسقاطاتها».

من ناحية أخرى، قال الشيخ عبدالله سالم الصباح الذي أفرج عنه صباح أمس عبر «تويتر»: «طلبت منهم تحويلي الى النيابة حتى أبرئ نفسي من الاتهامات المفجعة، لكن أصروا على توقيعي بتعهد فقط وإخلاء سبيلي». وبدوره أكد خالد الصويفان، محامي الشيخ نواف، الافراج عن موكله دون الادلاء بمزيد من التفاصيل.

وكان الشيخ عبدالله أوقف، الاربعاء الماضي، بينما أوقف الشيخ نواف مالك الصباح بعد يوم. وقال الشيخ عبدالله، وهو حفيد أحد الاخوة المتوفين لأمير الكويت، إنه تم التحقيق معه بتهمة اهانة الامير والتحريض على نظام الحكم، واستنكر هذه الاتهامات.

وكتب العضوان الشابان في الأسرة الحاكمة على «تويتر» تغريدات داعمة للمعارضة الكويتية، التي تنظم احتجاجات متكررة ضد تعديل مثير للجدل أقره الامير على نظام الانتخابات في البلاد. واعتبرت هذه التغريدات مسيئة للحكومة.

الكويت.. جذور الأزمة وسيناريوهات الحل

العربية نت

تصاعدت حدة الأزمة السياسية في الكويت خلال الأسابيع الأخيرة، بدءاً من المرسوم الأميري بتعديل قانون الانتخاب وتقليص عدد أصوات الناخب من أربعة أصوات إلى صوت واحد، مروراً بدعوة المعارضة لمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة في أول ديسمبر/كانون الأول وتظاهرات 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واعتقال عدد من النواب المعارضين قبل الإفراج عنهم ومظاهرات 4 و11 نوفمبر/تشرين الثاني، انتهاء بتأكيد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في 6 نوفمبر أن الخيار حالياً بين دولة القانون والفوضى في التشديد على رفض طلبات المعارضة بإلغاء تعديلات قانون الانتخابات.

وفي ظل تفاعلات الأزمة الكويتية المتواترة تعددت التحليلات بشأن توصيف الوضع السياسي الحالي في الدولة الخليجية الغنية، وطرح طرق لتجاوزها المعضلة السياسية الراهنة التي اقتربت من نقطة "اللعبة الصفرية" التي تقلل من فرص الوصول إلى حلول توافقية بين الحكومة والمعارضة.

ويسعى الباحث السياسي أكرم ألفي، عبر هذه الورقة البحثية، إلى إلقاء الضوء على تطورات المشهد السياسي الكويتي وأطرافه المتنازعة عبر تبنى منظور إدارة الأزمات السياسية، معتبراً أن الحكومة والمعارضة مازالا في منطقة خيار "المواجهة القابلة للحل".

وينتهي الباحث إلى توقع "تصفية" الأزمة قبل الأول من ديسمبر موعد الانتخابات المقبلة عبر تنازلات مفاجئة للطرفين، محذراً من الوقت نفسه من أن تدحرج "كرة الأزمة" نحو "النقطة الصفرية" قد يدفع الدولة الخليجية إلى "هاوية" الفوضى أو المواجهة التي لا يرحب بها أي من طرفي الأزمة.

أصل المشكلة: البرلمان والسياسة في الكويت

اعتمدت الأسرة الحاكمة في الكويت (آل الصباح) طوال تاريخ قيادتها للقبائل في الكويت منذ نحو 400 عام استراتيجية الحلول الوسط ونادراً ما لجأت إلى خيار "المواجهة" في التفاعل مع الأزمات. وقاد تراكم الخبرات السياسية لدى أسرة آل الصباح إلى الحفاظ على بقاء واستقرار النظام رغم مروره بهزات هي الاعنف في منطقة الخليج والتي بلغت ذروتها مع الغزو العراقي في 2 أغسطس 1990.

ويمكن القول إن الشيخ عبد الله السالم الصباح (1895 – 1965) وضع حجر الأساس لنموذج الديمقراطية التوافقية في الدولة الخليجية الحديثة عبر دستور 11 نوفمبر 1962، حيث قام بمنح الحراك السياسي امتيازات برلمانية حديثة ومتقدمة (بناء على تفاعلات تلك الفترة الزمنية عربياً) مقابل تثبيت حكم أسرة آل الصباح. وقد صيغ الدستور على قاعدة حق القبائل والتجار، من خلال الانتخابات، المشاركة في الحكم ومراقبة الحكومات مقابل منح الأسرة الحاكمة الشرعية واختيار الحكومة.

وعزز هذه الصيغة قيام الشيخ عبد الله السالم الصباح بأداء القسم الأميري أمام مجلس الأمة في 1963 رغم مرور 13 عاماً من توليه السلطة.

ونجحت هذه الصيغة "التوافقية" في إضفاء خصوصية سياسية على الكويت التي كانت تتقم بخطوات "ديمقراطياً" على دول عربية قديمة وعريقة سياسية في المقابل رفع سقف طموحات التجار والقبائل في المشاركة بالحكم.

وقد ما ترجمته ثلاثة استجوابات للحكومة في عمر البرلمان الأول احدهما كان لأحد افراد الأسرة الحاكمة وهو جابر العلي السالم الصباح وزير الكهرباء والماء في ذلك الوقت.

وخلال انتخابات 1967 رفضت عدد من الشخصيات القبلية والتجارية محاولة النظام بعد وفاة الشيخ عبد الله السالم الصباح (1965) تزوير الانتخابات وهي الأزمة التي قامت الحكومة بحلها من خلال تفريغها وصياغة تحالفات متشابكة تحول دون انتقال المعارضة إلى قواعد قبلية واقتصادية مؤثرة وهو ما يسمى باستراتيجية "تفريغ الأزمة".

وجاء عام 1976 ليحمل ملامح كافة الأزمات السياسية في تاريخ الإمارة الحديث، حيث قام الأمير صباح السالم الصباح بحل مجلس الأمة لأول مرة بسبب ما اعتبرته السلطة محاولة "البعض" استغلال الديمقراطية والدستور لتحقيق مكاسب شخصية واثارة الأحقاد وتضليل الناس.

وظلت الكويت دون برلمان لنحو خمس سنوات قبل إجراء انتخابات 1981 والتي تمت بناء على تعديل للدوائر الانتخابية من 10 إلى 25 دائرة لتقليل نفوذ المعارضين في ذلك الوقت لصالح القبائل والشخصيات المتحالفة مع النظام.

وفي مجلس 1985، بدا أن قوة النواب في مجلس الأمد قد تدفع الاسرة الحاكمة إلى دخول ازمات داخلية كانت تعتبرها الأخطر من مواجهة النواب والمصالح المتشابكة بين القبائل والتجار، حيث تم في هذا المجلس استجواب وزير العدل سلمان الدعيج الصباح الذي بادر بالاستقالة ثم استجواز وزير النفط علي الخليفة الصباح ومعه ثلاثة وزراء اخرين هم وزراء المالية والإعلام والتربية في مواجهة هي الاقوى بين النواب والحكومة انتهت بقرار حل مجلس الأمة للمرة الثانية.

ودشنت ازمة 1986 خيار حل مجلس الأمة لانهاء الأزمة بين النواب والحكومة في تفضيل لخيار "عزل الأزمة" عبر تبني آلية فض البرلمان بحثاً عن برلمان جديد أكثر تعاوناً مع الحكومة بعد وقت طويل من انعدام الحياة البرلمانية. وهنا تبقي الكويت مجدداً دون برلمان لنحو 6 سنوات تخللها ازمة الغزو العراقي الذي منح شرعية جديدة لأسرة آل صباح وبالتوازي اعطى القبائل والتجار والنواب قدر كبير من الشرعية السياسية لطرف ثاني في معادلة السلطة بالدولة الخليجية الغنية.

وهي الوضعية التي تبلورت خلال انتخابات 1992 التي اسفرت عن برلمان كان بمثابة مجلس إعادة تأسيس للدولة الخليجية وبرز نوع من التوافق العام مع استفادة كافة الكتل من شرعية "التحرير" عبر دور الأسرة الحاكمة في حشد التحالف الدولي بغرض التدخل لهزيمة الجيش العراقي.

بالتوازي كانت ادوار القبائل والتجار والمثقفين في رفع المعنويات وسط الكويتيين في الداخل والخارج وخلق نوع من الحشد العام والالتفاف حول أسرة آل الصباح من أجل تحرير البلاد من الاحتلال.

وهو ما انعكس بشكل مباشر في عمل مجلس الأمة العائد بعد غياب، فخلال الفترة من 1992 إلى 1996 لم يجري مجلس الأمة سوى استجواب واحد فقط لأحمد الربعي وزير التربية والتعليم.

وانتهت مرحلة "هدنة التحرير" مع انتخابات ١٩٩٦، حيث فاز عدد من المعارضين بمقاعد في مجلس الأمة رغم استمرار نظام الـ٢٥ دائرة الانتخابي.

وبحسب العديد من المراقبين فإن هذه الانتخابات مثلت نقطة تحول في مسيرة الديمقراطية النيابية، حيث تغيرت نحو ٥٠٪ من الوجوه البرلمانية وتداول شعارات سياسية خلال المعركة الانتخابية بشأن الاصلاح السياسي والحديث بشكل واضح عن دور البرلمان في التشريع والرقابة الحكومية. وفي هذه الانتخابات حصل ممثلي الاسلام السياسي (السني والشيعي) على ١٦ مقعداً من أصل ٥٠ بقيادة السلفيين الذين فازوا بـ٩ مقاعد مقابل ٣ فقط في انتخابات ١٩٩٢ فيما حصدت الحركة الدستورية الإسلامية (الممثل السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) على مقعدين فقط مقابل ٣ في برلمان ١٩٩٢ وخمس مقاعد للائتلاف الإسلامي الوطني (الشيعي). بالتوازي تحمل المنبر الديمقراطي مهمة تمثيل التيار الليبرالي بثلث نواب.

وانعكست تركيبة مجلس الأمة "المسيسة" علي التفاعلات البرلمانية، حيث شهد عدة استجواب ابرزها استجواب وزير الإعلام (في ذلك الوقت) سعود الناصر الصباح بشأن كتب في معرض الكتاب ووزير الداخلية محمد الخالد الصباح. وجاء استجواب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد الكليب بشأن وجود أخطأ في طباعة المصحف ونوقش هذا الاستجواب خلال شهري أبريل ومايو وانتهى بطرح الثقة بالوزير وقبل الدخول في أزمة طرح ثقة صعبة تهدد تماسك الحكومة كان قرار الشيخ جابر الأحمد الصباح بحل مجلس الأمة في منتصف عام ١٩٩٩، ليصبح ثالث برلمان يتم حله في تاريخ الكويت السياسي الحديث.

وخلال انتخابات ١٩٩٩، نجح النظام الكويتي في إدارة العملية عبر سياسية "العزل" لقوى الاسلام السياسي والليبراليين في الشارع الكوتي من خلال خطاب التهديد السياسي لاستقرار الاقتصاد ولمجمل المكاسب الاقتصادية والاجتماعية للكويتيين.

ويشير إسلاميون كويتيون - عند مراجعة تجربة هذه الانتخابات - إلى أن الحكومة تمكنت من إدارة اللعبة السياسية بدرجة عالية من الكفاءة والحنكة حيث قامت بتحييد القضايا الخلافية مع مجلس الأمة وترك البت فيها للمجلس اللاحق وهو ما نجح في تفويت الفرصة علي الإسلاميين وغيرهم من مرشحي المعارضة في تسخين الأجواء الانتخابية، وخسر الإسلاميون في هذه الانتخابات مقاعد بارزة متمثلة في النواب خالد السلطان وإسماعيل الشطي.

ومن هنا جاء مجلس ١٩٩٩ ليعكس نوعاً من التوافق بين البرلمان والحكومة، حيث لم يحدث في عمر هذا المجلس اي استجواب لأحد أفراد أسرة آل الصباح . في المقابل شهد مواجهة "لفظية" ساخنة بين النواب المنتمين للتيار الإسلامي والحكومة والتي اصطف معها أغلب النواب القبليين والتيار الليبرالي.

وكان برلمان ٢٠٠٣ على موعد مع تحولات تاريخية في الحياة السياسية الكويتية، يمكن وصفها بمرحلة "الانتقال الأصعب"، حيث شهد هذا المجلس نقل السلطات الأميرية إلى مجلس الوزراء بسبب مرض الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح في ٢٤ يناير ٢٠٠٦، والذي تولى السلطة بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد الصباح في ١٥ من نفس الشهر، ومن ثم مبايعة الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح في ٢٩ يناير.

وهكذا تمت عملية نقل السلطة بنجاح، فيما كان يخشى المراقبون أن تزعزع من استقرار الدولة الخليجية الغنية وتدفعها نحو صراعات داخل الأسرة الحاكمة، ولكن قدرة "آل الصباح" على التماسك وتعاون مجلس الأمة قاد الدفة نحو انتقال سلس ودون تداعيات خطيرة. وبالتوازي كان هذا البرلمان هو الذي اقر حق المرأة في التصويت والانتخاب في مايو ٢٠٠٥ .

وفي المقابل، كان مجلس الأمة (٢٠٠٣- ٢٠٠٦) ساحة صراع بين الحكومة والمعارضة والمتحالفين معها بشأن قانون الدوائر الانتخابية، وهي الصراعات التي قادت ثلاث نواب من المعارضة للقيام بخطوة تعد هي الأولى في تاريخ البرلمان الكوتي بتقديم طلب استجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد، وهو ما كان بمثابة خط أحمر بالنسبة للأسرة الحاكمة والحكومة، مما دفع أمير البلاد إلى إصدار قرار حل مجلس الأمة في ٢١ مايو ٢٠٠٦ والدعوة لانتخابات جديدة.

وكان هذا القرار هو الرابع بحل مجلس الأمة، وبمثابة "فتح هاويس" الصراع السياسي في الكويت التي شهدت خلال الأعوام الستة (2006 -2012) حل خمسة مجالس نيابية واستقالة الحكومة سبع مرات.

وجرت انتخابات ٢٠٠٦ وسط صراع حاد في الشارع السياسي الكويتي بين الحكومة والمعارضة وكانت الدوائر الانتخابة والإصلاح السياسي ودور مجلس الأمة محاور هذا الانقسام والتي توازت مع بروز خريطة اجتماعية جديدة بصعود لقوة القبائل التي تدعم رموز المعارضة وانحياز كتلة من طبقة التجار للمعارضة وتذمر الموظفين الكويتين في المؤسسات الحكومية والذين يمثلون ٩٠٪ من قوة العمل الكويتية من عدم الحصول على رواتب وامتيازات مناسبة في ظل ارتفاع سقف الطموحات والتوقعات مع ارتفاع أسعار النفط عقب الغزو الأمريكي للعراق.

وجاءت نتيجة الانتخابات بمثابة "صدمة"، حيث لم ينجح تيار الحكومة في بسط نفوذه على المجلس الجديد فيما تقدم الإسلاميون بقوة، وفشلت المرأة في الحصول على أي مقعد في أول انتخابات تشارك فيها. وحصدت المعارضة الكويتية على ٣٣ مقعداً من أصل ٥٠، وفاز الإسلاميون بمفردهم بـ ٢١ مقعداً (١٧ للسنة و٤ للشيعة) في مقابل ١٨ في المجلس السابق. وتراجع عدد النواب الموالين للحكومة من ١٩ نائباً إلى ١٣ فقط وحصل الليبراليون على ٦ مقاعد.

وخلال دورة هذا المجلس تم تمرير قانون تقليص الدوائر الانتخابية من ٢٥ دائرة إلى خمس دوائر. واستغلت المعارضة الأغلبية في استجواب وزير الصحة حينذاك أحمد عبد الله المبارك الصباح والذي دفع الحكومة للاستقالة ولكن الأزمة الأشد جاءت في مارس ٢٠٠٨ مع طلب طرح الثقة في وزير النفط علي الجراح الصباح وشعور الحكومة بأن المعارضة تعرقل خططها للاصلاح وتشجيع الاستثمار الأجنبي في البلاد ليقوم أمير الكويت بحلس المجلس في نفس الشهر من 2008 للمرة الخامسة.

وهكذا أجريت انتخابات مايو 2008 وفقاً لقانون الدوائر الخمس، وهو القانون الذي صب بشكل مباشر لصالح التيار الإسلامي والقبائل، فقد ظهر بوضوح أن تقليص عدد الدوائر يزيد قدرة التيار الإسلامي المنظم والقبائل الكبيرة على الحشد لمرشحيها في مواجهة المرشحين المستقلين والليبراليين رغم أن التغييرات كانت تهدف بالأساس لمنع شراء الاصوات وحمل المرشحين على التركيز على سياسة طويلة الأجل بدلاً من مطالب محلية لقلة من الناخبين مثلة بناء مسجد في حي ما.

واعتبر المقربون من السلطة في الكويت وقتها أن القانون الجديد للدوائر بمثابة "قفزة للمجهول".

وبالفعل دشنت الانتخابات مرحلة هيمنة الإسلاميين على مجلس الأمة، حيث ارتفع نصيب الاسلاميين السنة إلى 22 مقعداً مقابل 17 في برلمان 2006 وخمس مقاعد للإسلاميين الشيعة، فيما تراجع تمثيل "الإخوان" ممثلة في الحركة الدستورية الإسلامية إلى ثلاثة مقاعد مقابل ستة في مجلس 2006. ولم تنجح أي سيدة في دخول مجلس الأمة للمرة الثانية على التوالي.

وكان من المنطقي أن يتحول مجلس 2008 إلى برلمان أزمة، فقد شهد موجة استجوابات صعبة من المعارضة الإسلامية بدءاً من طلب وليد الطبطائي واخرين لاستجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح بذريعة تردي الخدمات واستشراء الفساد الإداري وتردد الحكومة في قراراتها.

وتكرر طلب استجواب رئيس الوزراء في مارس 2009 من النائب فيصل المسلم وثالثاً من نواب الحركة الدستورية الإسلامية في 2 مارس 2009 بعد اعادة تشكيل الحكومة بنفس تشكيلها، ليصبح جلياً أن الصراع بين المجلس بتشكيلته الجديدة والحكومة وصل إلى الذروة، وأن التناقضات أصبحت عصية على الحل التوافقي.

وفي ظل وضعية "اللعبة الصفرية" داخل مجلس الأمة بدا ان حل البرلمان للمرة السادسة أصبح هو الخيار المتاح، وعجل استجواب رابع للشيخ ناصر المحمد الصباح في 9 مارس بالقرار ليتم حل المجلس في 18 مارس 2009 بعد اقل من 9 أشهر من انتخابه.

ودشن الحل السادس لمجلس الأمة مرحلة " استعراض القوة" في الكويت، التي قامت على قوة انتخابية للإسلاميين والقبليين المتحالفين معهم والقوى الليبرالية الغاضية من تهميشها مقابل حكومة مصممة على الحفاظ على تركيبتها وقيادتها وغير قادرة على حشد الأصوات في الانتخابات لصالح مواليها الذين تحولوا إلى عبء أكثر منهم داعم داخل البرلمان.

وفي ظل استمرار الصيغة التوافقية لدستور 1962 التي منحت أسرة آل الصباح الشرعية التأسيسية والسيطرة على الحكومة التنفيذية والتي تجددت بشرعية التحرير في 1991 رفضت الحكومة تقديم التنازلات في مواجهة معارضة تسعى بشكل كبير إلى ممارسة النفوذ على السلطة مدعومة بقدراتها على حشد الأصوات والتمثيل البرلماني ومستخدمة سلاح الاستجواب التي منحها اياه توافق الاستقلال.

إرهاصات الأزمة السياسية الراهنة

عندما أجريت انتخابات 2009، كان قد تم حل مجلس الأمة ثلاث مرات واجبرت خمس حكومات على الاستقالة خلال 3 سنوات.

وظن البعض أن اللعبة ستصل لنهايتها في 2009 عبر البحث عن النقاط المشتركة واستعادة صيغة جديدة من توافق 1962. صيغة تعيد الشرعية عبر توافق بين القبائل التي غيرت انحيازاتها من الحكومة في الستينيات والسبعينيات إلى المعارضة والتيار الإسلامي في التسعينيات عبر تشكيلاته الاخوانيد "الحركة الاسلامية الدستورية" والسلفية "التحالف الإسلامي السلفي" و"التجمع السلفي"، كما ظهر اقتراب الممثلين السياسيين للشيعة الذي يمثلون نحو 30% من السكان تقريباً ( التحالف الإسلامي الوطني والميثاق الإسلامي الوطني) من الحكومة على حساب المعارضة.

وجاءت نتيجة الانتخابات لتظهر إمكانية اعادة تأسيس للتوافق، حيث انتهت بانضمام 20 نائباً جديداً لمجلس الأمة ووصل اربع سيدات مرة واحدة إلى البرلمان بعد "خصام" دام ثلاث سنوات منذ اقرار قانون تصويت وترشيح النساء وارتفاع التمثيل الشيعي من خمسة نواب إلى تسعة أغلبهم كانوا يرفعون شعارات وخطاباً غير طائفي ومتصالح مع السلطة.

في المقابل،اصبح لحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان) ممثلاً وحيداً وتراجع تمثيل السلفيين إلى 11 نائباً فقط ليتقلص نفوذ التيار الإسلامي إلى 12 نائباً مقابل 22 خلال مجلس 2008. في المقابل عاد "التكتل الشعبي" المعارض من خلال أحمد السعدون ومسلم البراك. وعزز الليبراليون حضورهم بثمانية نواب. بالتوازي فاز مرشحو القبائل بنصف المقاعد (25 مقعداً من أصل 50) وهو التمثيل الذي جاء على حساب التيارات الإسلامية من خلال قيام القبائل بانتخابات فرعية لاختيار مرشحيها.

لقد أفرزت انتخابات 2009 مجلساً أكثر توافقا مع السلطة "نظرياً" ولكنه كان مجلساً "قلقاً"، حيث حامت حول اعماله شبح الأزمات السياسية من خلال استغلال المعارضين بقوة لأداة الاستحواب بعد اضعاف تمثيلهم عبر الانتخابات.

وفي المقابل، سعت الحكومة لتأكيد انتصارها وسيطرتها قاد هذان المعاملان إلى إفشال القدرة على صياغة "ديمقراطية توافقية" جديدة تحول دون استمرار التأزيم في الساحة السياسية الكويتية.

وبدأت المواجهة سريعاً بتقديم مسلم البراك استجواباً لوزير الداخلية جابر الخالد الصباح وطلب طرح الثقة في الوزير والذي سقط امام تشكيل الحكومة لجبهة واسعة من النواب تحول دون تمرير محاولات طرح الثقة واجبارها على الاستقالات المتتالية. وتلاه طلب فيصل المسلم في نوفمبر 2009 استجواب رئيس الوزراء واعقبه طلب استجواب جديد لوزير الداخلية من مسلم البراك واخر من النائب ضيف الله بورمية لوزير الدفاع جابر مبارك الحمد الصباح على خلفية انفحار الاديرع.

وانتهى استجواب رئيس الحكومة في ديسمبر 2009 بتقديم 10 نواب بطلب عدم إمكان التعاون في سياق 4 استجوابات للحكومة خلال شهر واحد قامت بالتعامل معها من خلال المواجهة داخل المجلس وعدم الهروب إلى خيار حل البرلمان متحصنة بالأغلبية المتوفرة لها، حيث تم رفض طلب عدم التعاون مع رئيس الوزراء في 16 ديسمبر 2009 بأغلبية 35 نائباً مقابل تأييد 13.

وفي ظل تحصن الحكومة بالأغلبية الجديدة التي راهنت أنها ستمنحها قدراُ من الستقرار وفرض قواعد جديدة للعبة السياسية، هبت رياح "الثورات" العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا وتصاعد حركة الاحتجاجات في البحرين. وهو ما تم ترجمته كويتياً في تظاهرات غير مسبوقة للمعارضين نقلت بها ساحة الصراع من داخل مجلس الأمة إلى الشارع في استعراض لقوتها الشعبية وقدراتها على تغيير "المعادلة" التي فرضتها انتخابات 2009.

وشهد شهر نوفمبر 2011 ذروة الصدام بين الحكومة والمعارضة التي لجأت إلى الشارع، حيث مثل شطب الاستجواب المقدم من المعارضة لرئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد في 15 نوفمبر، بشأن قضية الاشتباه في تقديم الحكومة رشاوي لعدد من نواب مجلس الأمة ثمناً لمواقفهم المؤيدة لرئيس الوزراء، بداية تدحرج كرة الثلج التي تدحرجت وتضخمت بسرعة بفعل التأثر بالمحيط العربي "الثوري" وبحث المعارضة عن فرصة للعودة بقوة للمشهد بعد اخراجها من البرلمان وفي ظل تعنت حكومي بفعل الثقة في الأغلبية بمجلس الأمة.

وجاء وأد استجواب رئيس الحكومة ليمنح المعارضة الفرصة لاستعراض العضلات ونقل المعركة إلى الشارع في سابقة غير معهودة بدولة تجمل تراثاً طويلاً من المعارضة والحريات السياسية والإعلامية. ففي مساء 15 نوفمبر حشد 20 نائباً من المعارضة لتظاهرة في ساحة الأرادة. وهي التظاهرة التي قادت نحو مئة من الشباب وعدد من النواب لاقتحام مجلس الأمة وقاعة عبد الله السالم، في حادثة وصفها أمير الكويت بـ"الأربعاء الأسود".

ومثل "الأربعاء الأسود" نقطة التحول لساحة الأزمة من داخل البرلمان إلى الشارع، ليسارع النظام باستخدام نفس الساحة عبر حشد تجمع مضاد رفع شعار "الله يحفظ يا كويت". ولتشهد الكويت العاصمة مشاهد غير مألوفة من اعتصامات أمام قصر العدل للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين في احداث 16 نوفمبر.

ودفعت الحكومة ثمن احتدام الصراع، حيث بحثت الأسرة الحاكمة عن حل سريع لنزع فتيل الأزمة وكان في استقالة جديدة لحكومة الشيخ ناصر المحمد في 28 نوفمبر والتي تكررت 7 مرات منذ توليه المنصب لاول مرة في 2006.

ولكن هذه المرة ليخلفه جابر مبارك الحمد الصباح في 30 نوفمبر 2011 بعد اقل من اسبوعين من أزمة اقتحام مجلس الأمة وبعد أيام من تأكيد أمير الكويت أنه لن يقيل رئيس الحكومة. وهنا شعرت المعارضة انها انتصرت باللجوء إلى الشارع واقحامه في السجال، بينما همس البعض بدور الخلافات داخل اسرة آل الصباح في انهاء حكومة الشيخ ناصر المحمد وهو الهمس الذي منح المعارضة تصميماً اكبر لاستغلال ما يشاع عن خلافات في الأسرة المتماسكة ظاهرياً لتحقيق مزيد من المكاسب. وبالفعل تم حل البرلمان في 6 ديسمبر 2011.

في هذه الأجواء التي تميل للمعارضة، جاءت انتخابات 2 فبراير 2012 والتي افرزت برلماناً تهيمن عليه المعارضة التي حصدت 34 مقعداً (68%) وفازت الاسلاميون من الإخوان المسلمين والتيار السلفي بـ23 مقعداً (46%). في المقابل خرجت المرأة خالية الوفاض بعد ان سجلت دخولاً تاريخياً في انتخابات 2009 وتراجع نصيب الليبراليين إلى مقعدين فقط. وهكذا خرج برلمان معارض إسلامي من رحم الاحتكام للشارع ولم تنجح محاولات إدارة الأزمة عبر التغييرات الداخلية برئاسة الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح في استمالة الشارع الذي تعاطف بشكل واضح مع مطالب المعارضة في تغيير قواعد "اللعبة السياسية".

وكما كان متوقعاً لم يستمر برلمان المعارضة طويلاً والذي شهد 8 استجوابات للحكومة خلال أربعة أشهر بمعدل استجواب كل أسبوعين. وهذه المرة لجأت السلطة إلى القضاء في استخدام ورقة جديدة في الصراع السياسي، ليصبح القضاء والشارع جناحي الأزمة الجديدة، حيث أصدرت المحكمة الدستورية في 20 يونيو 2012 حكماً ببطلان حل مجلس 2009 وإجراءات الدعوة لانتخابات 2012 بسبب أن طلب حل برلمان 2009 جاء من وزارة زالت عنها الصفة باستقالاتها مما يخالف المادة 107 من الدستور.

ونتيجة استخدام الأوراق الجديدة (الشارع والقضاء)، شهدت الكويت حالة استثنائية في تاريخها السياسي بقيام المحكمة الدستورية بحل برلمان للمرة الأولى وعودة برلمان منحل، فيما فشل الأخير وسط الزخم السياسي والجماهيري في البقاء بحيث تم حله للمرة الثانية في 7 أكتوبر 2012 والدعوة لانتخابات في أول ديسمبر 2012.

الأزمة الراهنة: مواجهة قابلة للحل

مع حل برلمان 2009 خلال أكتوبر 2012، صعدت المعارضة الكويتية من الاعتصامات والتظاهرات احتجاجاً على مرسوم الضرورة بتعديل النظام الانتخابي (صدر في 19 أكتوبر) وتقليص عدد أصوات الناخب من أربعة أصوات إلى صوت واحد فقط، والتي سعت من خلاله الحكومة الكويتية الحيلولة دون تكرار تجربة انتخابات فبراير 2012 والتي جاءت بأغلبية مطلقة للمعارضة. وفي ظل قدرة المعارضة على حشد عشرات الألاف ورفض الحكومة في تقديم تنازلات دخلت الكويت أزمة سياسية هي الأعنف منذ كتابة دستور 1962.

ويبدو للوهلة الأولى أن الأزمة تتجه إلى مرحلة الصدام المباشر واجراء انتخابات مجلس الأمة في اول ديسمبر دون المعارضة التي تقاطعها وفي ظل اصرار الحكومة على اجراءها.

وهو الأمر الذي وضح في كلمة أمير الكويت يوم 10 نوفمبر بدعوته للكويتيين إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة من أجل "تعزيز الديمقراطية"، محذراً من تعريض البلاد للفوضى. في المقابل اعلنت المعارضة استمرار التظاهرات كل يوم أحد ورفضها المطلق للمشاركة في الانتخابات المقبلة التي من المقرر اجرائها بعد ثلاثة أسابيع فقط.

ويقول محللون إن المصالحة أصبحت ضرباً من الوهم في ظل استخدام الحكومة لسياسة العصى والقوة باعتقال عدد من النواب من بينهم النائب الشهير مسلم البراك (عقب تظاهرة 21 أكتوبر) قبل الإفراج عنهم بكفالة.

وبالتوازي رفع المعارضة لسقف الخطاب السياسي من خلال توجيه خطاباً مباشراً لأمير البلاد والذي قال فيه البراك "لن نسمح لك - يا صاحب السمو- أن تسحب الكويت إلى جحيم الأوتوقراطية (حكم الفرد).. لم نعد نخاف سجونك وهراواتك".

ولكن في المقابل، فإن الأزمات السياسية في الكويت خلال العقدين الماضيين تدلل على بحث الأطراف عن حل "حافة الهاوية"، عبر تقديم التنازلات قبل بلوغ الصدام مرحلة اللاعودة. وهو ما وضح في استقالة الشيخ ناصر المحمد في نهاية نوفمبر 2011 عقب تأكيد أمير الكويت أنه لا نية على الإطلاق لاستقالة الحكومة والرضوخ لطلبات المعارضة.

في المقابل مازالت المعارضة الكويتية تحافظ على "شعرة معاوية" مع النظام والأسرة الحاكمة، حيث أكد ممثلوها (في 6 -11) أنها لا تسعى لاسقاط الننظتم وانما تسعى فقط لحكومة منتخبة، معتبرة أن الإساءة للأمير هي اساءة لكل أبناء الكويت. وهو ما يدلل على إمكانية الحل لهذه المواجهة. ولفهم هذه الوضعية علينا قراءة التحالفات الحالية لطرفي الأزمة وحجم الخسائر التي ستنجم عن عدم حلها في الوقت المناسب.

الطرف الأول:

الأسرة الحاكمة (آل الصباح) والتي تدرك جيداً أن قيادتها للبلاد قبل الاستقلال جاء على قاعدة العقد الاجتماعي مع طبقة التجار القادمة من شرق شبه الجزيرة والتي سعت للتفرغ لمصالحها من خلال هذا العقد مع الأسرة الأكثر دراية بالحكم وشؤونه ودشن هذا الاتفاق دستور 1962 الذي منح النواب حق استجواب الحكومة ومراقبة اعمالها. وبالتوازي فإن الاسرة الحاكمة تخشى أن تتم عملية انتقال للسطة ممكنة في المستقبل القريب في ظل صراع سياسي مما يهدد تماسكها على عكس عملية انتقال السلطة في 2006. وكذلك فإن الأسرة الحاكمة غير قادرة على تحقيق اختراقات نوعية في صفوف المعارضة وهو ما دللت عليه النتائج الضعيفة لاجتماع أمير البلاد مع شيوخ العشائر في 22 أكتوبر الماضي. في المقابل، فإن الاسرة الحاكمة تعتمد بشكل رئيسي على شرعيتها التاريخية ورفض الأغلبية لسيناريو الفوضى او محاولات زعزعة اسس حكم الأسرة.

الطرف الثاني:

المعارضة والتي تعرف أن استمرار الارتكان على الشارع صعب للغاية، حيث إن الكويتيين يعتبرون تاريخياً أن مكان المعارضة هو البرلمان. وهي تعتمد حالياً على تحالف ما بين التجار والقبائل التي تقف بجانبها. ولعل جزء من ضعف المعارضة هو تنوع مشاربها، حيث تتشكل من قلب إسلامي من الحركة الدستورية الإسلامية "حدس"واجهة الإخوان المسلمين والتيار السلفي والذي يتشكل من "التجمع السلفي" ممثل "جمعية إحياء التراث" و"الحركة السلفية" المنشقة عن "التجمع السلفي" في 1996 و"حزب الأمة".

وهناك التيار الليبرالي الممثل في "المنبر الديمقراطي" و"التحالف الوطتي الديقراطي" والذي يضم اغلبية القوميين العرب و"التيار التقدمي" و"كتلة العمل الشعبي". وهناك أيضاً الحركات الشبابية مثل "كافي" و"نهج" و"السور الخامس". والكتلتان الإسلامية والليبرالية القومية لهما تحالفات مع القبائل وطبقة التجار.

ويدرك كل من الطرفين أن عدم حل الأزمة سيقود إلى خسائر للجانبين، فعلى صعيد الحكومة فإن مقاطعة المعارضة للانتخابات قد يقود لبرلمان فاقد الشرعية وفي نفس الوقت يفتح الباب للمعارضة لخيار التصعيد في الشارع السياسي وما يستتبعه من أزمات مع القبائل والفئات الابرز في المجتمع الذي لا يقبل تاريخياً سياسة القمع للمعارضين.

بالتوازي، فإن المعارضة تدرك أن الشارع السياسي لن يقبل حراكاً بلا نهاية وفي نفس الوقت تخشى انفضاض جزء من التحالف عبر اغراء السلطة للتجار بصفقات حكومية جديدة في سياق الخطة الخمسية الجديدة.

ويمكننا إجمال المشهد السياسي الكويتي في ضرورة اعادة صياغة العلاقة التعاقدية بين الشعب الكويتي والأسرة الحاكمة لتجاوز حالة "نصف الديمقراطية" بحسب وصف الكاتب الكبير الأستاذ عبد الرحمن الراشد (30 – 10-2012)، حيث سيكون من المفيد للمعارضة والحكومة ادراك سقف القوة المتاح. فالكويتيون لن يقبلوا بمحاولات رفع سقف المطالب للاطاحة بأسرة الصباح ولكنها في المقابل لن تقبل فرض الوصاية على شعب يتعاطى مع الديمقراطية وحرية التعبير كخبز يومي.

فيجب أن تسعى المعارضة لحوار وايجاد مشتركات مع الحكومة تحمي الكويت من حالة الجمود السياسي خلال السنوات المقبلة. وفي المقابل، فإن الحكومة يجب أن تدرك ان خبرة سنوات تعطيل السياسة قبل الغزو العراقي (1986-1990) لا يمكن تكرارها اليوم.

ولكن رهان الطرفين على انتصار كامل في اللحظة الأخيرة قد يقود إلى الفوضى وزعزعة استقرار منطقة الخليج في لحظة إقليمية فارقة.

دعا إلى صون التجربة البرلمانية

أمير الكويت: ليس عيبا وجود مثالب بالحكم

الجزيرة نت

قال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح السبت إنه ليس من العيب أن تشوب تجربة بلاده بعض المثالب، وإنه يتقبل النقد والنصح، ويدعو إلى مساءلة ومحاسبة كل مسؤول عن الاعتداء على المال العام ومنتهكي القانون ومتجاوزيه.

ووجه أمير الكويت كلمة لمواطني بلاده بمناسبة الذكرى الخمسين للتصديق على دستور البلاد، قال فيها إن الكويت عاشت زهاء خمسة عقود من العمل البرلماني وإن قطف ثمار هذه المسيرة يتطلب صون التجربة بالنقد الذاتي البناء، "فليس عيبا أن تشوبها بعض المثالب".

وقال إنه يتفهم الاختلاف حول سبل الإصلاح كما يتقبل النقد والنصح للارتقاء بالمؤسسات، ودعا لمساءلة ومحاسبة أي مسؤول عن أي خلل أو قصور أو اعتداء على المال العام أو انتهاك وتجاوز القانون.

وأضاف أمير الكويت أن تأمين المسيرة الديمقراطية يتطلب الاتزان في تعاطي الأمور والبعد عن الانفعال والتهور، وأشار إلى "ما تعرضت له شعوب وأمم أعماها الجهل والتعصب فعصفت بوحدتها الفتن"، وأضاف "ما نعيشه من أمن وطمأنينة وحرية ورغد عيش هي نعمة كبرى لا يدرك قيمتها ومعناها إلا من فقدها".

وتابع الصباح القول إن الدول التي تنعم بالحرية والدستور والمؤسسات والمجالس المنتخبة وتمتلك الأدوات الدستورية للرقابة والمحاسبة تكون ممارستها محكومة بالروح الوطنية وإعادة النظر في "المفاهيم المغلوطة والأعراف المشوهة التي عمل البعض على ترسيخها عن طريق الأمر الواقع".

مظاهرات وإصلاح

وفي إشارة لما شهدته الكويت من مظاهرات تخللها عنف في الأيام الأخيرة، تحدث الأمير عن ضرورة نقل نبض الشارع وهمومه إلى المؤسسات لا أن تجر المؤسسات إلى الشارع.

وأضاف أنه يثق بحسن نوايا الجميع وحقهم في التعبير عن رأيهم، غير أن هناك مصالح وأهدافا لأعداء الوطن "نربأ بأن يكون أبناؤنا أدوات ووقودا لها من دون أن يعلموا".

وأشار إلى أن الأمن والاستقرار ليسا بديلا للحرية والديمقراطية بل هما صنوان يمثلان ضمانا لأمن المجتمع واستقراره.

كما لفت إلى أن هناك مخاطر تتنامى نذرها على المنطقة بأسرها، ودعا إلى مراقبة الأحداث المحيطة بعين واعية، وأضاف أن بلاده تقف أمام مرحلة هامة حافلة بالتحديات ولا تحتمل التهاون والتراخي.

وتشهد الكويت منذ أسابيع توترا متصاعدا بين السلطة والمعارضة ومظاهرات احتجاجية، بسبب صدور مرسوم أميري بتعديل النظام الانتخابي الشهر الماضي في ظل غياب البرلمان، وهو ما عدته المعارضة "انقلابا على الدستور".

وتنظم الاحتجاجات عادة وبشكل سلمي في ساحة الإرادة المواجهة لمقر مجلس الأمة، لكن بعضها امتد إلى شوارع قريبة وأسفر عن اشتباكات، وتقول الحكومة إن المظاهرات التي تحدث خارج المناطق المخصصة لها ومن دون تصريح غير مشروعة.

تباين بالكويت بعد استكمال الترشح للانتخابات

الجزيرة نت

وسط أجواء سياسية يشوبها التوتر، أغلق في الكويت باب الترشح للانتخابات البرلمانية المزمع إقامتها في الأول من ديسمبر/كانون الأول بعد عشرة أيام من البدء في استقبال الترشيحات, وشهدت إدارة الانتخابات في اليومين الأخيرين إقبالا كبيرا على الترشح، وهو ما فسره مراقبون بضغوط حكومية مورست على مواطنين للترشح لإنجاح العملية الانتخابية.

وقد فاقت أعداد المرشحين من خاضوا الانتخابات منذ العام 2003. حيث تقدم 387 مواطنا للترشح, غير أن معظم القوى والكتل السياسية قد قاطعت الانتخابات ترشحا وانتخابا. حيث لم يترشح 38 نائبا سابقا في مجلس 2012 المبطل. بالإضافة إلى مقاطعه اجتماعية من قبل المواطنين وأصحاب الديوانيات ومكونات اجتماعية عريضة كشف عن رفض شعبي غير مسبوق.

ويرى محللون أنه ولأول مرة تفتقد الإدارة العامة للانتخابات رموزا سياسية أمثال أحمد السعدون وخالد السلطان وعبد


إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً