المقالات في الصحف المحلية
|
المقالات في الصحف المحلية
|
حديث القدس اسرائيل وحدها تتحمل المسؤولية !!
بقلم: أسرة التحرير
ملامح المشكلة... بدون رتوش أو ماكياج!
بقلم: زياد ابو زياد
اختطاف المستوطنين ... رسالة لاسرائيل والقيادة
بقلم: ابراهيم دعيبس
هل هي مجرّد أدوات؟
بقلم: محمد عبيد
إضراب الأسرى ... في رحاب التضحية
بقلم: محمد الخطيب
متى يبدأ عهد الرئيس السيسي؟
بقلم: سليم نصار
أطراف النهار .. ورئيسهم العاشر "إشكالي"
بقلم: حسن البطل
إسرائيلياً.. داعش تفتح ملف غور الأردن!!
بقلم: هاني حبيب
وماذا عن معبر رفح ..!
بقلم: أكرم عطا الله
الإفقار والمديونية ضد الاستقلال
بقلم: حمادة فراعنة
حياتنا – نتنياهو يقمع أبقراط
بقلم: حافظ البرغوثي
مدارات - من حكاية العفريت
بقلم: عدلي صادق
تغريدة الصباح – تغريدة لروح فارس بيك الخوري
بقلم: حنان باكير
نبض الحياة - الاتهامات الباطلة
بقلم: عمر حلمي الغول
"الثورة العراقية" ضد المالكي أم حربه على "فقاعة" الإرهاب؟
بقلم: بكر ابو بكر
قصة ديمة ومأساة فلسطينيي سوريا
بقلم: علي بدوان
مقالات جريدة القدس,,,,,
حديث القدس اسرائيل وحدها تتحمل المسؤولية !!
بقلم: أسرة التحرير
أثارت قضية اختفاء ثلاثة مستوطنين بين الخليل وبيت لحم ضجة كبرى في اسرائيل بدأت بالحديث عن احتمالات اختطافهم او عدم معرفة أسباب اختفائهم الحقيقية وانتهت بالقول بلسان رئيس الوزراء نتانياهو، بانها فعلا عملية اختطاف واخذت اسرائيل التعامل مع هذه القضية على هذا الاساس واتخذت اجراءات ضد مواطني محافظة الخليل وشنت حملة تفتيش واعتقالات واسعة.
الملفت للانتباه بشكل خاص في هذا الموضوع، ان اسرائيل سارعت الى تحميل السلطة الوطنية المسؤولية الكاملة عما يجري وعن سلامة وأمن المستوطنين الثلاثة وطلب نتانياهو من الرئيس أبو مازن المساعدة على إعادة المخطوفين وقال ان القول بأن العملية تمت في منطقة تحت سيطرة اسرائيل ليس كافيا لان الذين خططوا ونفذوا عملية الاختطاف جاؤوا على حد قول نتانياهو، من مناطق السلطة وهي التي تتحمل المسؤولية، وهاجم حكومة الوفاق الوطني لانها تضم حركة حماس التي تدعو الى تدمير اسرائيل كما قال، وادعى ان حماس تعمل على نقل عملياتها المسلحة من غزة الى الضفة، اي انه باختصار يستغل هذا الحادث لكي يواصل انتقاداته وهجمته على حكومة المصالحة التي بدأها، كما هو معروف، قبل عملية الاختطاف هذه.
وهذا المنطق الذي يمارسه نتانياهو ليس جديدا وانما هو استمرار للبحث عن أية ذرائع واهية لتحميل السلطة الوطنية المسؤولية عما يجري بينما الواقع يؤكد انه هو وحده المسؤول عن الجو المشحون والمتوتر الذي تعيشه منطقتنا بسياساته ومواقفه المغرقة بالتطرف. لقد أكدت السلطة مرارا وتكرارا وبلسان ابو مازن نفسه انها ضد العنف ومع التنسيق الأمني وقد سبق لها ان أعادت أكثر من مرة جنودا او مدنيين او مستوطنين اسرائيليين الى مناطقهم بعد ان القت القبض عليهم في المناطق التي تحت سيطرتها، وهي تواصل سياسة اللاعنف والتمسك بالتفاوض وسيلة وحيدة للتعامل مع القضية، وتتحمل انتقادات واسعة من جهات فلسطينية جراء ذلك ومع هذا لا تتراجع وتتمسك بهذا النهج.
والذي يجب ان يدركه نتانياهو انه هو الذي يعطل المسيرة السياسية والمفاوضات بسبب الاستيطان الذي لا يتوقف والتهويد المستمر في القدس وغيرها ومصادرة الأرض وتهجير المواطنين وتأكيد التمسك بالقدس "الموحدة" عاصمة أبدية لاسرائيل وعدم الاعتراف بمرجعية حدود 5 حزيران 67 وعدم الاستعداد للانسحاب من الأغوار وعدم الاستعداد لتنفيذ اتفاق الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى واستبدال ذلك بقانون ىمنع الافراج عن أي أسير فلسطيني.
وفق هذه المواقف فمن هو المسؤول فعلا عما يجري هل هو ابو مازن والسلطة الوطنية ام نتانياهو وحكومته ؟ والجواب واضح ولا نقاش حوله.
ان شعوب المنطقة تتطلع الى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وخلق روح التعاون بدل التطرف ، والعيش بأمان بدل حالات التوتر التي لا تتوقف.
ملامح المشكلة... بدون رتوش أو ماكياج!
بقلم: زياد ابو زياد
تشهد المنطقة أحداثا دراماتيكية متتالية تجعل من الصعب تحديد الموضوع الذي يمكن أن يختاره المراقب للكتابة أو التحليل. فهناك إضراب المعتقلين الفلسطينيين عن الطعام والذي قارب الشهرين وبات العديد منهم في صراع بين الحياة والموت ، وهناك انهيار الجيش الطائفي في العراق وانفتاح الأبواب على مصراعيها أمام كل الاحتمالات بما في ذلك تقسيم العراق وتحوله إلى بؤرة دامية للصراع العرقي والطائفي أكثر ألف مرة مما هو كائن حتى الآن ، وهناك المستوطنون المختطفون في جنوب الضفة الغربية والحملة الاسرائيلية المكثفة للبحث عنهم.
وقد ترددت كثيرا قبل الكتابة في الموضوع الأخير لأن التطورات المتسارعة على الأرض قد تجعل أي تحليل أو استنتاجات غير ذات معنى.
لقد بادرت إسرائيل كعادتها إلى تحميل السلطة الفلسطينية والرئيس عباس مسؤولية ما حدث، بينما بادرت بعض الشخصيات الناطقة باسم السلطة إلى نفي التهمة بحجة أن الاختطاف وقع في المنطقة " ج " الواقعة تحت السيطرة الأمنية الاسرائيلية والتي يمنع الأمن الفلسطيني من العمل فيها ، ورغم هذا النفي إلا أن التلفزيون الاسرائيلي أكد أن هناك تعاونا ميدانيا وثيقا بين الجانبين وأن لقاءات على أعلى مستوى تتم بين رجال الأمن الاسرائيليين والفلسطينيين حول هذا الموضوع رغم أن المحللين العسكريين الاسرائيليين الذين أدلوا بدلوهم في أجهزة الاعلام الاسرائيلية لم يعولوا كثيرا على الأجهزة الفلسطينية وأكدوا أن إسرائيل تعتمد بشكل مكثف على الجهد " الاستخباراتي " – جيش العملاء - الذي تقوم به أذرعها المختلفة للوصول إلى معلومات تفيد في الوصول إلى المختطفين.
ونظرا لأن كل لحظة قد تأتي بجديد فإنني لا أستطيع أن أتناول الحادثة نفسها بالتعليق ولكنني أريد أن أعلق على بعض الأمور الجانبية التي لها صلة وتأثير في الموضوع.
بداية بالتنسيق الأمني. الكل يعرف شروط الرباعية للحديث مع حركة حماس أو أية جهة فلسطينية ، فهذه الشروط تطالب بنبذ الارهاب والاعتراف بحق دولة إسرائيل في الوجود والاعتراف بالاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. وإذا ما نظرنا إلى هذا الموضوع بالمقابل لوجدنا أن الحكومة الاسرائيلية تمارس إرهاب الدولة ضد الشعب الفلسطيني من خلال استمرار الأنشطة الاستيطانية ومصادرة الأراضي والاعتقالات والمداهمات والاعتداء على الحريات ، وأن الحكومة الاسرائيلية لا تعترف بالدولة الفلسطينية ولا بحقها في الوجود ، ولوجدنا أن إسرائيل لا تحترم الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية وفي مقدمتها اتفاقية واي ريفر عام 1996 التي وقعها نتنياهو نفسه والتي كان من أبسط بنودها فتح شارع في الخليل أمام حركة الفلسطينيين وهو شارع الشهداء ... والذي لم يتم فتحه حتى الآن.
هذا هو الحال ، إسرائيل لا تلتزم بأي شيء وتسمح لنفسها بخرق كل الشروط والبنود والاتفاقيات ونحن نلتزم وننفذ ونتعرض في نفس الوقت للضغط والاتهام بأننا لا نعمل ما فيه الكفاية!
لقد تعالت أصوات فلسطينية وما زالت تتعالى بين الحين والآخر تطالب السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني ولكن هذه الأصوات لم تلق آذانا صاغية ويبدو أنها لن تلقى مثل تلك الآذان لأن هناك قرارا فلسطينيا بالالتزام المطلق بالسلام وبذل كل جهد ممكن لاقناع العالم بأننا دعاة سلام !!...حتى لو لم يؤد هذا القرار لأية نتيجة سوى استمرار الاستيطان والضم والقمع والاحتلال ، على أمل ... لعل وعسى!
والتصريحات المسجلة بصوت الأخ صائب عريقات عضو اللجنة المركزية ل«فتح» ، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة وكبير المفاوضين والتي تداولها موقع الفيسبوك ونفاها الأخ صائب تثبت أن هناك جدلا عنيفا داخل القيادة الفلسطينية حول جدوى الاستمرار في التمسك بالقرار الآنف الذكر وطرح تساؤلات جدية حول لماذا لا تغير القيادة نمط عملها وتلجأ إلى استخدام الامكانات الأخرى المتاحة أمامها والتي يمكن أن تحدث تغييرا جديا في الوضع وتحول دون استمرار الاحتلال والاستيطان إلى ما لا نهاية.
رغم الاعلان عن المصالحة إلا أن الأنباء تفيد بأن الأجهزة الأمنية في الضفة والقطاع ما زالت تمارس نفس العمل ، ففي غزة يتم إطلاق النار على ناشط من فتح وإصابته بجروح بليغة ويتم اعتقال ناشط آخر والاعتداء بالضرب المبرح عليه وزجه في السجن إلى جانب كثيرين من رفاقه ما زالوا في سجون حماس ، وفي الضفة ما زالت تتم ملاحقة نشطاء حماس من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية وما زال آخرون منهم يقبعون في سجون السلطة وكل ذلك تحت ستار أو شعار التنسيق الأمني.
وقد أصبحت السلطة الفلسطينية رهينة الدعم المادي الذي تتلقاه من الدول المانحة ولا تملك اتخاذ أي قرار قد لا ترضى عنه الدول المانحة ، كما أصبحت رهينة ترضخ للابتزاز تحت طائلة ما يسمى بالتنسيق الأمني ولا تستطيع وقفه أو تجميده لأنها ستجد نفسها متهمة حينذاك بدعم الارهاب والارهابيين.
وأما إسرائيل ، فإنها تتمتع بثمار التنسيق الأمني مع السلطة دون أي ثمن تدفعه بالمقابل ، وتجد نفسها غير مكلفة بدفع فواتير احتلالها للأراضي الفلسطينية لأن الدول المانحة تتحمل ذلك العبء ، وبنفس الوقت تقوم بنهب المصادر والثروات الطبيعية في الأراضي المحتلة سواء الأرض أو المياه أوالمحاجر والكسارات أو البترول أو ثروات البحر الميت أو غير ذلك، فلماذا العجلة في إيجاد حل للصراع يفقدها هذه الثروات.
الوضع برمته بحاجة إلى إعادة صياغة وسواء تم الوصول إلى المستوطنين المختطفين أحياء أم لا وسواء انتهى إضراب الأسرى الفلسطينيين دون وقوع ضحايا أم لا، فالموضوع ليس المختطفين ولا الأسرى وإنما هو استمرار الاحتلال والاستيطان والتنكر لحق الشعب الفلسطيني بالعيش بحرية وكرامة فوق أرضه في دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ، وإلى أن يتحقق ذلك فإن كل شيء متوقع وعلى الجانبين وعلى القيادة الفلسطينية أن تعيد النظر بكل سياساتها وتقييم جدوى الاستمرار في نهجها الحالي أو الذهاب في اتجاه آخر أقله ما ورد في شكوى الأخ صائب عريقات في تسجيل الفيسبوك .
اختطاف المستوطنين ... رسالة لاسرائيل والقيادة
بقلم: ابراهيم دعيبس
من يتابع تحرك القيادة السياسية ووسائل الاعلام في اسرائيل يدرك اهمية عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة في منطقة الخليل. فالكل مشغول ومهموم ويقدم الخبراء والمحللين لدراسة الابعاد والمعاني من هذه العملية، ومن رئاسة الوزراء حتى قيادة الجيش والمخابرات بكل اقسامها لا شغل لهم سوى البحث عن هؤلاء الثلاثة واجراء الاتصالات مع الولايات المتحدة والرئاسة الفلسطينية.
المستوطنون الثلاثة صاروا هم القضية ... اما وجودهم اساسا في الخليل فليس مهما ... وتوسع الاستيطان في كل مكان وتهويد القدس واقتحامات الاقصى المتكررة ورفض مرجعية حدود 1967 ورفض الانسحاب فليس مهما. وتشريع القوانين ضد الافراج عن الاسرى والاعتقالات المستمرة وعمليات القتل المتكررة للفلسطينيين فليس مهما.
ورفض الاعتراف بحكومة التوافق رغم اعتراف العالم كله بها، وفرض القيود السياسية والاقتصادية على الشعب الفلسطيني، وتعطيل المفاوضات واغلاق اية افاق للحل السياسي السلمي فليس مهما .. المهم فقط هم هؤلاء المستوطنون الثلاثة المخطوفون .. صاروا هم القضية ..ومع ان العملية تمت في المنطقة الخاضعة للسيطرة الامنية الاسرائيلية ورغم قول الرئيس ابو مازن ان التنسيق الامني مقدس، ورغم تمنيات احد اعضاء فتح الكبار بعودة المخطوفين سالمين الى اهلهم و «بيوتهم» الاستيطانية فقد حملت حكومة نتانياهو الرئيس والسلطة المسؤولية كاملة.
ان اسرائيل تعتقد واهمة انها تستطيع مواصلة الاستيطان وتهويد القدس واقتسام الزمان والمكان في المسجد الاقصى، وتعطيل المفاوضات والحل السياسي والتحكم في مصير الضفة والشعب الفلسطيني وان يقول لها الفلسطينيون شكرا او ان يظلوا مسلوبي الارادة والحركة ولا حول لهم ولا قوة .. وهي بالتأكيد مخطئة كما يعترف اسرائيليون كثيرون وكما يدرك العالم كله ذلك الا القيادة المتغطرسة والمغروره بجنون القوة والسيطرة والتوسع بقيادة نتانياهو واعضاء ائتلافه الحاكم الذي يتباهى معظمهم «بأرض اسرائيل» التاريخية ويرفض أية حلول سياسية.
إن عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة تبدو محكمة جيداً وقد تم التخطيط لها بدراسة وتقييم بدليل إن كل الاجهزة والمخابرات الاسرائيلية عجزت عن اكتشاف اية آثار بعد اكثر من 48 ساعة من تنفيذ العملية، وقد تكتشف إسرائيل المخطوفين وقد تعتقل المنفذين وقد تتم عمليات قتل هنا او هناك، الا إن الامر الاهم في هذه العملية إنها رسالة واضحة الى إسرائيل والقيادة الفلسطينية.
الرسالة الى إسرائيل، وهذا ما يقوله المراقبون الاسرائيليون انفسهم ان سياستها الحالية المدمرة لكل امكانات التسوية والسلام لن تمر بهدوء وعملية الاختطاف هذه قد تكون بداية سلسلة من العمليات المسلحة او الاختطاف المماثل لاحقا، وقد تتطور الامور الى انتفاضة جديدة، وعلى إسرائيل بدل التمادي في سياسة التوسع والتنكر لكل الحقوق الفلسطينية وتحميل المسؤولية للاخرين، ان تعيد تقييم سياساتها ومواقفها، لان الضغط لا يولد سوى الانفجار. بدل العيش بسلام واستقرار وتعاون كما يتمنى جميع المخلصين ودعاة السلام في المنطقة ونحن منهم.
الرسالة الثانية هي للقيادة الفلسطينية وحكومة التوافق الوطني الباهتة...وخلاصتها أن الشعب الفلسطيني فاض به الكيل مما يرى ويجري، وإن التعامي عن رؤية الواقع والحقائق لن يحل أية مشكلة...لم يبق من الحل السياسي الذي نأمل به شيء. نحن نتحدث عن ضرورة وقف الاستيطان وهم يزيدون الاستيطان. نحن نتحدث عن ضرورة تحرير الاسرى وهم يسنون القوانين ضد الافراج ليس عن الدفعة الرابعة والاخيرة فقط من الاسرى وإنما عن أي أسير آخر. نحن نتمسك بالتفاوض وهم يتحدثون عن «أرضهم وحقوقهم» ورفض ما يسمونه أية «تنازلات». نحن أمام ابواب مغلقة وما نزال نصر على طرق هذه الابواب...نحن نتحدث عن مصالحة بينما يهاجم أحدنا الآخر وننقسم على انفسنا اكثر. نحن نتحدث عن القدس العاصمة بينما نهدم مؤسساتها من صحة وكهرباء وغيرها بالديون المتراكمة على السلطة نفسها أساساً.
إننا مطالبون بإعادة تقييم جادة لأوضاعنا لا مجرد إغماض الاعين أو دفن الرؤوس في الرمال والركض وراء السراب.
أن الشعب الفلسطيني فاض به الكيل مما يرى ويجري، وإن التعامي عن رؤية الواقع والحقائق لن يحل أية مشكلة...لم يبق من الحل السياسي الذي نأمل به شيء. نحن نتحدث عن ضرورة وقف الاستيطان وهم يزيدون الاستيطان. نحن نتحدث عن ضرورة تحرير الاسرى وهم يسنون القوانين ضد الافراج ليس عن الدفعة الرابعة والاخيرة فقط من الاسرى وإنما عن أي أسير آخر. نحن نتمسك بالتفاوض وهم يتحدثون عن «أرضهم وحقوقهم» ورفض ما يسمونه أية «تنازلات».
هل هي مجرّد أدوات؟
بقلم: محمد عبيد
التطورات المتسارعة التي أخذها احتلال تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المعروف اختصاراً باسم "داعش"، مناطق شاسعة شمالي العراق، وتمدّده جنوباً باتجاه العاصمة بغداد، وما يحمله ذلك من تهديد وجودي للعراق والمنطقة، يحمل على التساؤل حول كثير من التحليلات التي رأت في حركات الإرهاب والتكفير التي حاولت وما زالت تحاول إيجاد موطئ قدم في أكثر من دولة، عربية أو إفريقية، مجرّد أداة للاستعمار الجديد، أو وسيلة تستخدمها القوى العظمى لتبرير وشرعنة تدخلها العسكري والسياسي السافر في الشؤون السيادية لكثير من الدول .
ولو أخذنا المواقف الأولية التي اتخذتها قوى عظمى دولية وإقليمية من هذه التطورات الخطرة، التي يمور بها العراق لكانت إثباتاً لا يدع مجالاً لمشكك أن هناك حالة تواطؤ غير مسبوقة تستهدف العراق دولة وشعباً، لا نظاماً سياسياً وحكومة .
البداية بالطبع تتمثل في الموقف الأمريكي، الذي لم يغادر خانة التلويح ب"كل الخيارات"، ما يعني عملياً الإقرار بالفشل وترك العراق لمصيره المحتوم، الذي أرادته واشنطن ولندن له، منذ اليوم الأول للغزو والاحتلال قبل أكثر من أحد عشر عاماً، المتمثل في تحويله إلى مجموعة دويلات تحكمها طوائف أو أقليات، في ظل فسيفساء دينية وعرقية كانت على الدوام مصدر غنى وقوة، وباتت حالياً مصدر تفتيت وتشظٍ، أما بريطانيا فهي دولة اللا موقف، وهذا نابع بالضرورة من الأفول المتسارع الذي تعانيه على صعيد وجودها كقوة دولية .
روسيا تلقفت اللحظة، وسارعت إلى تحميل واشنطن ولندن و"مغامرتهما" في العراق مسؤولية ما آلت إليه الأمور، ومع أن الطرح وجيه وسليم نظرياً وعملياً، إلا أنه على مستوى سياسي يكشف أمرين اثنين، الأول تشفي موسكو بالولايات المتحدة، والثاني تسجيل نقاط جديدة على حسابها، في خضم الصراع السياسي العالمي الذي تخوضانه في أكثر من ملف ومكان .
أما حلف شمال الأطلسي فلم يغادر موقع وموقف الولايات المتحدة، وأكد أن لا وجود لنية التدخل أمام هذا التهديد الخطر، ويبدو الموقف طبيعياً ومتوقعاً، في ظل حسابات الربح والخسارة الدولية .
المثير أكثر من هذا أو ذاك، الموقف التركي، فأنقرة هي الجهة الدولية الوحيدة - حتى الآن - المكتوية بنيران "داعش"، من خلال اختطاف طاقم قنصليتها، لكنها أكدت أنها لن تطلب من برلمانها تفويضاً لتدخل عسكري لتحرير وحماية رعاياها، الأمر المناقض تماماً لما كان في مناسبات أخرى قريبة جداً .
ولا ضرورة بالتأكيد لتحليل موقف المنظمة الدولية الكبرى ممثلة بالأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون، الذي دعا إلى أكبر تضامن دولي، كونها لا تستطيع ولا ينبغي لها أن تحيد عن الدور المرسوم .
"داعش" يتمدّد كما كان يحلم تنظيم "القاعدة" منذ ظهوره في المنطقة، والعالم يترك العراق وحيداً لمواجهة مصيره، والأخير يبدو أكثر سلبية، إذ إنه يسمح لهذا التنظيم بمواصلة مخططه، من خلال الصراع السياسي بين حكومة مشكوك بتمثيلها حملت راية صراع سياسي مانحة إياه صبغة طائفية، وكانت فاعلاً رئيسياً في تحوله إلى حرب أهلية مذهبية فتحت الباب أمام تغلغل وبروز قوى الإرهاب والتكفير، ومعارضين كثر يطالبون بإسقاطها، ودولة في صيغة إقليم ذي حكم ذاتي شمالي البلاد ترى فرصة لتحقيق الانفصال وإيجاد كيانيتها بأي ثمن كان، وفي ظل كل هذا هل يكون "داعش" مجرّد أداة؟
إضراب الأسرى ... في رحاب التضحية
بقلم: محمد الخطيب
ليس مستهجنا على من يقدمون ارواحهم فداء للوطن، ان يكونوا مقدامين ومستميتين في الحفاظ على كبريائهم وكرامتهم ، مرابطين خلف حقوقهم وموثرين الآخرين على ذواتهم، كونهم قد اذابوها في بحر الوطن وجعلوا من تضحياتهم جسورا تمر من عليها قوافل العزة.
فها هو الوقت يمر وما زال، يحمل في طياته الاما وجوعا وعطشا وانّات تعتلج في صدور الاسرى المضربين عن الطعام الرابضين في سجون الاحتلال ومعتقلاته، ومقابل ذلك وفي الوقت ذاته، آلم وصبر وجلد وحسرة ولوعة تلهب صدور الأهل والاحباب في الوطن تضامنا مع ابنائهم واخوانهم.
فالالم يا سادة هنا وهناك ... وما زالت رحى الحرب دائرة، "حرب الارادات " حرب ما بين عزل لا يملكون من مقومات التصدي الا الارادة وما بين سجان يمارس اقسى انواع الظلم والبطش ناكرا لكل القوانين ونافيا لكل القيم الانسانية بالرغم من ادعائه الزائف بها.
فقرار الاضراب عن الطعام، لم يأت عفو الخاطر، بل جاء عقب احساس عميق بالظلم والجور الذي يمارسه الاحتلال ضد ابناء شعبنا الفلسطيني ، فالاعتقال الاداري اللامبرر "، مع ادراكي التام انه لا مبرر لبقاء الاحتلال وقوانينه ". هو عصارة حنظل قانون بريطاني استعماري بائد توارثته دولة الاحتلال لتصنع منه كابحا للفجوة القانونية الاضطهادية ضد ابناء شعبنا بحجج واهية لا تصل الى حد الإدانة بل تراوح في وحل الإتهام. فهي تعتقل وتحاكم بالقانون المذكور دون محاكم لتدرأ عن ذاتها هاجس الرعب بما هو اكثر ارعابا!
وعليه فقد جاءت الخطوة الرائدة - " القرار "، من قبل الاسرى البواسل ، بهدف الغاء هذا القانون " قانون الاعتقال الاداري ". ولعلي اذكّر كل من لا يعرف بأن انتصار اولئك الابطال سيكون نصرا لكل الفلسطينيين كونه سيعتقهم من الاعتقال الاداري مستقبلا في حال الغائه . ولهذا فليس مطلوبا من اخواننا المعتقلين فحسب التصدي لهذا القانون والمطالبة بإلغائه كما وليس مطلوبا من اهلهم وذويهم فقط ، بل المطلوب ان تكون الخطوة جماعية وعلى المستويين الرسمي والشعبي.
فعلى المستوى الشعبي، يجب ان تتضامن كل شرائح المجتمع مع الاسرى المضربين دون الالتفات الى المسميات التنظيمية والفصائلية كونه من المعيب تغليب الخاص على العام ، وان لا يكون التضامن مقتصرا على ذوي القربى، فمن المحزن حقا ان نرى في خيمة الاعتصام افرادا بعدد اصابع اليد وفي ارقى الحالات لا يتجاوز عددهم رقما بالكاد يشار اليه !!! وفي المقابل ترى الالاف يتهافتون على مشاهدة المباريات الكروية او احد المسلسلات وكأن اولئك المضربين البواسل ليس لهم علينا حق بالتضامن معهم، وكأن تضحياتهم كانت لذواتهم وليست لكل ابناء الوطن، وفي هذا السياق لا بد من همسة في كل اذن ابناء الشعب الفلسطيني:-
حين يدعى احدنا الى فرح او يشارك في مأتم يقول بملء الفم ( هذا واجب ) ومن العيب ان لا نقوم بالواجب !
عظيم هذا الشعور ولكن اليس عيبا التخلي عن الواجب الوطني بدعم الاسرى والتضامن معهم؟
فإذا كان حضور الفرح والمشاركة في المآتم واجب ، فإنني ارى ان " تاج الواجب ووسامه " هو التضامن مع الذين يخوضون الحرب لأجل الوطن والمواطن ، فهروبكم من واجبكم الوطني هو اهدار للكرامة الوطنية التي يمثلها اولئك المحاربون بأمعائهم وإرادتهم.
اسمحوا لي يا سادة ان اذكركم بمشاعر لا تشعرون بها، وان كنتم تشعرون فإني اود تأكيدها :-
حين يعود احدكم من العمل فأول ما يفكر به ويسأل عنه هو الطعام، فيتناول وجبة الغداء او العشاء ومن ثم يعود لممارسة حياته مجددا، علما بأن الوقت الذي مر ما بين الوجبتين، لا يتجاوز الست او السبع ساعات، وفي كثير من الاحيان ما تحصل مشادات بين الازواج جرّاء الخلاف على نوع الطعام او ملوحته او قلويته !!! فما بالكم في الرجال الذين يمضون الايام والاشهر وهم ممتنعون عن الاكل والشرب إلا الماء ولعق الملح ؟؟؟..... طوبى لهم، والمهانة لكل من يؤثر ذاته على الجماعة.
اما على المستوى الرسمي، فلعل من اكثر الواجبات الحاحا تجاه تلك القضية والمنوط بالقيادة الفلسطينية ، القيام به هو الاتي:-
•التقدم بشكوى رسمية الى الهيئات الدولية والأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الانسان.
•اصدار بيان من اعلى المستويات السياسية الفلسطينية يحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن كل ما يطرأ من خطر على حياة المضربين.
•تنظيم حملات رسمية محلية ودولية لإظهار معاناة الاسرى بشكل عام والمضربين منهم بشكل خاص وفضح ممارسات الاحتلال بهدف خلق رأي عام محلي ودولي.
•المشاركة الفعالة من قبل اعضاء منظمة التحرير لجنة تنفيذية ومركزية والمجلس التشريعي والوزراء والمجلس الثوري وكل القيادات الوطنية في التضامن مع الاسرى البواسل .وبشكل مستمر ما دام الاضراب مستمرا.
•تنظيم حملة اعلامية واعية دائمة لإبقاء قضية الاسرى حاضرة في الذهن ويلهج بها كل لسان.
•نشر ملصقات وصور الاسرى المضربين في كل اماكن التجمعات كالجامعات والمدارس والمعاهد والاسواق والشوارع العامة.
•تنظيم زيارات متتابعة لأسر واهالي الاسرى المضربين لرفع معنوياتهم وتحسس آلامهم.
•اصدار قرار رسمي بالاضراب ليوم واحد من كل اسبوع والاحتشاد في ساحات المدن وتغطيته اعلاميا.
•الضغط من خلال المحافل الدولية لإستصدار قرار دولي يرمي الى تشكيل طاقم طبي فلسطيني يشارك في الاشراف على الوضع الصحي للمضربين وخاصة المرضى.
هذه المقترحات تشكل اسهاماً متواضعاً قد يكون زهرة في بستان النضال الذي يخوضه الاسرى.
وختاما تحية الى كل اولئك المحاربين بأمعائهم وأجسادهم النحيلة ، تلكم النخبة الذين ابوا ان يضحوا بكرامتهم ، فإن كان هناك ما يستوجب التضحية لأجله فيجب ان تكون التضحية بالروح وليس بالكرامة.
متى يبدأ عهد الرئيس السيسي؟
بقلم: سليم نصار
«إني عازم على أن تشهد مرحلة البناء المقبلة بمشيئة الله تعالى، نهوضاً شاملاً على المستويين الداخلي والخارجي. كل هذا، لكي نعوّض ما فاتنا، ونصحح أخطاء الماضي، ونؤسس لمصر المستقبل دولة قوية، محقة، عادلة وآمنة... دولة تنعم بالرخاء، وتؤمن بالعلم والعمل، وتدرك أن خيراتها يجب أن تكون من أبنائها... ولأبنائها».
هذه باختصار اللافتات الكبرى لمشاريع الرئيس المُنتَخَب عبدالفتاح السيسي، ضمنها خطاب التنصيب بعد تسلم مقاليد السلطة من المستشار عدلي منصور، رئيس جمهورية مصر المؤقت.
ولوحظ أن عدلي منصور، المنتهية رئاسته، لم يغادر القصر قبل تقديم النصح لخلفه. وهي نصائح مختارة جمعها من اختباراته السابقة، ومن مهمته المؤقتة كمدبر لشؤون البلاد ومراقب لأحوال العباد.
قال في كلمة الوداع: «تقتضي الأمانة أن أحذر من جماعات المصالح التي تود أن تستغل المناخ السياسي الجديد لطمس الحقائق، وغسل السمعة، وخلق عالم من الاستفادة الجشعة. إن شعب مصر يود ألا تعود هذه الفئات... وألا تعود أيامها».
وكان واضحاً من طبيعة اتهامه وتحذيره بأن المتزلفين والمنتفعين من عهد حسني مبارك سيحاولون الظهور من جديد لنهب الثروات الوطنية، وجني المكاسب بطرق غير شرعية.
ويُستفاد من الرسالة المعنوية التي يريد عدلي منصور توجيهها إلى خلفه، وإلى كل حاكم، تُختَصر بالمحافظة على السمعة العطرة، والعمل على تنظيف الفساد المعشش في أجهزة الدولة منذ ربع قرن تقريباً.
في تعليقه على نصيحة عدلي منصور، شكره السيسي مرات عدة، ووصفه بأنه كان رئيساً قديراً، صبوراً، حكيماً، خلوقاً، محباً للوطن. ثم عبَّر عن امتنانه وتقديره الخاص للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز على المبادرة التي أطلقها من أجل دعم مصر. وكان العاهل السعودي قد دعا إلى عقد مؤتمر للمانحين بهدف مساعدة مصر على تجاوز أزمتها الاقتصادية.
وذكر خبراء أن الدعوة شبيهة بـ «مشروع مارشال» الذي ساعد أوروبا على التغلب على أزمتها الاقتصادية الخانقة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ويرى الاقتصاديون أن مصر لا تحتاج إلى معونات، بل إلى استثمارات توظف آلاف الشبان العاطلين من العمل، وتحرك المشاريع المجمَّدة طوال ثلاث سنوات بسبب انشغال المجتمع المصري بالتظاهرات والإضرابات. وكان من نتيجة الاضطرابات المتواصلة توقف الاستثمارات الخارجية، وعزوف السياح عن ارتياد المنتجعات المصرية ومواقع الآثار. وكان من الطبيعي أن تتأثر بتلك المقاطعة الطويلة أعمال الفنادق والمطاعم والملاهي الموجودة في القاهرة والإسكندرية ومختلف المدن الأخرى.
لهذه الأسباب الملحّة، ركز السيسي في خطابه أمام الحضور الواسع من قادة عرب ورؤساء وفود دولية، على أهمية مساندة مصر عبر الدعوة التي طرحها العاهل السعودي، أي دعوة مؤتمر المانحين الذي قد يُعقد خلال شهر رمضان المبارك... أو بعد موسم الحج.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد استقبل نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي حمل له تحيات أخيه الملك وتمنياته بالتوفيق لجمهورية مصر العربية. وبعد انتهاء مراسم التنصيب، عقد الرئيس السيسي جلسة محادثات رسمية مع الأمير سلمان في حضور الوفد المشارك المؤلف من: الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز، نائب وزير الخارجية، والدكتور عبدالعزيز خوجة، وزير الثقافة والإعلام، والسفير أحمد بن عبدالعزيز قطان. كما حضر من الجانب المصري رئيس الوزراء إبراهيم محلب، ووزير الخارجية نبيل فهمي.
وكانت مناسبة لإعلان رئيس مصر عن شكره العميق لمبادرة العاهل السعودي التي حفّزت الدول الصديقة على تشجيع هذه الخطوة الاقتصادية المهمة.
وحول هذا الموضوع، أكد الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، أن الإمارات ماضية في دعم مصر خلال المرحلة المقبلة. وحرص أثناء وجوده في القاهرة على معرفة الخطط الشاملة لإنعاش الاقتصاد المصري. وقد اطلع على عرض قدّمه فريق المكتب الرسمي للمشاريع التنموية التي تنفذها الإمارات، في حضور إبراهيم محلب. وجدَّد دعم بلاده جمهورية مصر العربية التي تسعى إلى تركيز دعائم الاستقرار، وتعزيز مقومات النمو والتطور بما يكفل تحقيق طموحات الشعب وتطلعاته.
ومن وعود الرئيس المصري الجديد، يتكرر السؤال حول أهمية الاستقرار السياسي في تأمين المناخ الملائم لتحقيق مبادرة العاهل السعودي والدول المؤيدة مصر مثل الإمارات والكويت.
يوم الاحتفال بتنصيب السيسي رئيساً، أصدر «حزب الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، بياناً يعلن فيه رفضه الاعتراف بفوز الرئيس الجديد. وجاء في البيان أيضاً: «إن الحزب لا يعترف بالنظام الانقلابي، ولا بأي قرارات صدرت، أو ستصدر، منذ 3 تموز 2013 حتى عودة الرئيس المُنتَخَب محمد مرسي إلى منصبه رئيساً لجمهورية مصر العربية».
ودعا الحزب كل القوى الثورية والوطنية «إلى استعادة روح الميدان الواحد، ومواصلة نضالها عبر اصطفاف وطني وتلاحم ثوري يقضي على الثورة المضادة، ويُسقط الانقلاب العسكري، ويعيد مصر إلى مكانتها اللائقة بين الأمم، عبر نظام ديموقراطي حقيقي يعبِّر بصدق عن إرادة الشعب المصري».
وأشار الحزب إلى أن الإعلان الرسمي عن تنصيب السيسي رئيساً هو والعدم سواء، ولن يفتّ من عضد الثوار، بل سيزيدهم إصراراً على استكمال مشوار ثورتهم.
ومن المؤكد أن هذا التهديد المعلن ستترجمه «الجماعة» بلغتها العملية السابقة، أي لغة الاغتيالات والعنف. كل هذا بهدف منع السيسي من تحقيق تطلعاته الوطنية وتنفيذ ما وعد الشعب بتنفيذه.
بعض المنشقين عن «الإخوان»، مثل الدكتور كمال الهلباوي، الرئيس السابق للتنظيم الدولي لـ «الإخوان»، يرفض مضمون البيان، ويقول إن «الإخوان المسلمين» لم يحزموا أمرهم بعد، وإن المستقبل وحده يكشف عن مخططاتهم.
ويرى الهلباوي أن هذا التنظيم انقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول، مَنْ شارك وساهم في صناعة العنف. ومثل هذا الفريق لن ينخرط في الحياة السياسية بعد اليوم. والثاني، سيجمِّد نشاطه بانتظار ما ستُسفر عنه الأحداث. والثالث، يضم الغالبية من الذين سقطوا ضحية الأوهام الخاطئة، وهم حالياً يفكرون بإقامة محكمة للقيادات التي تسببت في العنف الذي حدث في مصر.
وتتوقع دوائر خارجية أن ينتقل نشاط «الإخوان المسلمين» إلى العواصم الأوروبية مثل: لندن وبروكسيل وباريس، حيث يلقون بعض الحماية، ويستغلون جمعيات حقوق الإنسان. والدليل أنهم أصدروا «وثيقة بروكسيل» بهذه الروحية. في حين تعتبرها الدولة المصرية محاولة تهرّب من المأزق الذي وضع «الإخوان» أنفسهم فيه.
في حديثه عن سياسة «التسامح والتصالح»، قال الرئيس السيسي إنه مستعد لإجراء مراجعة كاملة تتعلق بالممارسات غير القانونية التي ارتكبها رجال العهد الماضي. ولكنه استثنى «الإخوان» من هذه المعاملة، معتبراً أنهم ينازعون الدولة على مسؤولياتها وصلاحياتها.
في خطابه الأخير، وعد السيسي ببذل كل جهد كي تحصل المرأة المصرية على تمثيل عادل في المجالس النيابية والمواقع التنفيذية. كما دعا المصريين إلى الحرص والتأني في اختيار نوابهم في البرلمان الجديد. ووعد بإكمال الاستحقاق الثالث، آملاً من الشعب منح أصواته لمَنْ سيحيل النصوص الدستورية إلى قوانين ملزمة.
رئيس «لجنة الخمسين» التي صاغت الدستور، الدكتور عمرو موسى، دعا إلى تشكيل تحالف انتخابي يكون النواة لولادة حزب جديد في مصر. وهو يسعى لأن يجيّر نتائج هذا التحالف إلى الرئيس الذي يدعمه الجيش، ولكنه يفضل أن يأتي الدعم الآخر من البرلمان. هذا، مع العلم أن البرلمان المقبل لن يمتلك السلطة التشريعية فقط، وإنما هو يشترك في وضع السياسة العامة عبر حكومة الغالبية.
ويتوقع المحللون أن يركز المرشح الناصري حمدين صباحي اهتمامه على معركة الانتخابات النيابية مع أمله بتشكيل تحالف يضم كل القوى المطالبة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وإلغاء اتفاقية «كامب ديفيد» التي تطبّع العلاقات مع إسرائيل.
وهناك مَنْ يجزم بأن «الإخوان المسلمين» سيقدمون أصواتهم لحمدين صباحي، بهدف جعله رئيس الكتلة النافذة في البرلمان الجديد، بل رئيس الكتلة التي تمنع حزب مبارك من العودة إلى الساحة السياسية.
في هذا السياق، ظهر اسم مؤسس حركة «تمرد» محمود بدر كشخص طامح لخوض المعركة الانتخابية أيضاً. وقد برَّر خطوته بالقول: لا بد من المشاركة السياسية الفعلية بدلاً من الاحتجاج والتظاهر. إن مصر مقبلة على مرحلة مهمة من تاريخها. لذلك، قررنا المساهمة في هذه المرحلة بحزب يُدعى «الحركة الشعبية العربية».
هذا الأسبوع، قررت القاهرة العودة إلى عضوية «الاتحاد البرلماني الدولي» بعد تعليق استمر حوالى سنة. وتزامن القرار مع دعوة رئيس إثيوبيا الدكتور مولاتو تيشومي الرئيسَ السيسي، يطلب منه المشاركة في القمة الأفريقية التي ستُعقد في غينيا الاستوائية بعد أسبوع. والغرض من الدعوة، كما أعلنتها إثيوبيا، تفعيل اللجنة الوزارية المهتمة بوضع شروط التعاون في شأن الدول المنتفعة من مياه النيل.
كذلك تلقى الرئيس السيسي رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يدعوه فيها إلى زيادة حجم التعاون في شكل وثيق، ويطلب منه القيام بزيارة رسمية في أقرب وقت ممكن. علماً أنه كان وعد بأن زيارته الأولى خارج مصر ستكون إلى المملكة العربية السعودية...
مقالات جريدة الأيام,,,,,
أطراف النهار .. ورئيسهم العاشر "إشكالي"
بقلم: حسن البطل
"أذهب إلى المستوطنات. أجلس معهم. أبكي معهم. أقول لهم: هذا قرار حكومة إسرائيل.. وهذا حسم دولة ديمقراطية. لا مفر لنا"!
هكذا كان جواب رئيس دولة إسرائيل العاشر، رؤوبين ريفلين، على سؤال: ما موقفكم لو قررت الحكومة إخلاء عشرات المستوطنات شرقي الجدار.
سيبكي؟ نعم، فقد بكى عندما كاد يخسر لصالح مئير شتريت، منافسه الأقوى من بين ستة مرشحين لمنصب الرئيس العاشر لدولة إسرائيل. يقولون، في العربية، عن العين غزيرة الدمع إنها "ممراح".
بعد رئيس دولة تاسع، هو "الاشكالي" بدوره شمعون بيريس، لجهة خلافاته السياسية مع رئيس الحكومة نتنياهو، سيكون الرئيس العاشر "إشكاليا"، أيضاً، ولكن خلافاته مع الرئيس العاشر للحكومة "غير شكل" ليس لأن بيبي (وسارة؟) عاداه ودعم منافسه شتريت، ثم صالحه على مضض، بل لأنه ليكودي مثله، ومن أنصار "بيتار" مثلما كانت تسفي ليفني وايهود اولمرت، لكنه ديمقراطي.
ريفلين مقدسي المولد، سليل جيل ثامن يهودي هاجر للبلاد في القرن التاسع عشر، ومؤيد لأرض إسرائيل (عارض فك الارتباط عن غزة، ودعم مستوطني قلب الخليل) لكن هذا اليميني العريق ديمقراطي أصيل، برهن عن ديمقراطيته عندما ترأس الكنيست الثامنة عشرة، وتعامل مع رئيس الحكومة دون محاباة وكمجرد عضو آخر في الكنيست، ما أثار شحناء وبغضاء بينه وبين رئيس الحكومة.
هل سيعتدل سليل بيتار، مثل ليفني واولمرت سياسياً، أو كما اعتدل سليل "العمل" شمعون بيريس؟ على الأغلب كلا، لأنه "رئيس شرقي" كل سلطاته الدستورية أن يكلف رئيس الحزب الفائز بتشكيل الحكومة، وحتى إذا تمكن من تأليف ائتلاف أكبر مقاعد رئيس الحزب الفائز، يمكنه تكليف رئيس وزراء آخر.
الصورة هذه لم تكن عادية بين رئيس الوزراء العاشر ورئيس الدولة التاسع، شمعون بيريس، الذي "تدخل" سياسياً في خلافه السياسي مع رئيس الحكومة وحكومته، وصار شخصية إسرائيلية وعالمية مرموقة، رغم تاريخه الشخصي "متآمر لا يكل عن التآمر" كما وصفه اسحاق رابين، ورغم أنه مؤسس أول مستوطنة (ألون موريه) خلافاً لرأي رابين.
ما الذي يعنينا في الأمر؟ إذا كان في إسرائيل والعالم من يقول إن "حل الدولتين" هو حاجة وجودية لإسرائيل، فإن ريفلين يرى هذه الحاجة من زاويته: "خيارات شراكة حقيقية بين اليهود والعرب (في إسرائيل) هو حاجة وجودية".
لذلك، ستكون كفر قاسم، لا مستوطنة "يتسهار" ولا "ايتمار"، أول زيارة لرئيس الدولة العاشر ليقدم اعتذاراً عن مذبحة العام 1956، ولتأكيد "ديمقراطيته" في أن الشراكة الحقيقية بين شعبي إسرائيل هي "حاجة وجودية"؟!
هذا يعني أنه مع "ارض ـ إسرائيل" شاملة الضفة الغربية، لكنه ليس مع "دولة إسرائيل" كدولة "يهودية" أو دولة يكون يهودها "متساوين أكثر" وفلسطينيوها "متساوين أقل".
هل سيؤدي هذا المسار للرئيس العاشر إلى الاعتذار عن دور إسرائيل في "النكبة"؟ وإذا كان مع "شراكة كاملة" للفلسطينيين في إسرائيل، فهل ستكون شراكة مواطنية كاملة في "أرض إسرائيل" وهل هذا هو الحل للخلاف الناشب في إسرائيل بين دعاة الضم ودعاة الانفصال؛ دعاة الدولتين ودعاة الدولة المشتركة، أو حل وسط: دولة يهودية مع أقلية قومية عربية، ودولة فلسطينية مع أقلية دينية يهودية؟
ليس رئيس الدولة هو من يحسم في القرار، لكن الحسم المصيري يقترب، بينما نتنياهو يناور في الحسم بين الانفصال والضم المختار، وبينما الخلاف القديم كان بين الصهيونية العمالية، والصهيونية التصحيحية (حيروت/ الليكود) وصار بين الصهيونية العلمانية ـ الإسرائيلية، والصهيونية الدينية ـ اليهودية، ما سبّب فصم عرى التحالف بين "يش عتيد" الإسرائيلي و"البيت اليهودي" اليهودي.
سنرى في خطاب الاعتذار الرئاسي في كفر قاسم كيف سيحدد ريفلين هوية الفلسطينيين في إسرائيل. هل هم "عرب إسرائيل" أم هم الشعب الفلسطيني في إسرائيل؟
كان رئيس "إشكالي" هو عيزر وايزمن قد قال: إذا اعترفت أن سكان المناطق هم فلسطينيون فماذا أقول عن عرب إسرائيل؟
يقولون، في العربية، إن "من شابه أباه ما ظلم" ونتنياهو وفيّ لوالده التوراتي بن ـ تسيون نتنياهو (وزوجته سارة؟) وأما ريفلين فربما كان وفياً لوالده يوئيل ريفلين، الذي انسحب من المنافسة على منصب الرئيس قبل 60 عاماً خشية فشله أمام شعبية اسحق بن زفي. المسألة أن والده كان ضليعاً في العربية، بحيث ترجم القرآن إلى العبرية!
كان أول رئيس للدولة هو حاييم وايزمان، بروفيسور الكيمياء، وكان هناك افرايم كاتسير بروفيسور الفيزياء.. لكن في المنافسات على منصب الرئيس العاشر أحرز جائزة نوبل في الكيمياء دان شختمان صوتاً واحداً فقط.
الرئيس العاشر يتطلع إلى "فيزياء" لأرض إسرائيل، وإلى "كيمياء" لشعبي دولة إسرائيل. يميني من دعاة الضم الأرضي، ديمقراطي من دعاة المساواة في المواطنية. آسر وجذاب و"سريع البكاء".. وصورة عن الوضع "الإشكالي" لإسرائيل، وللحلول السياسية.
كانوا يريدون في إسرائيل رئيس وزراء حاسما قويا على غرار بن ـ غوريون وبيغن ورابين وشارون، فإذا برئيس الدولة يأتي على غرار بيغن: يميني وديمقراطي.
إسرائيلياً.. داعش تفتح ملف غور الأردن!!
بقلم: هاني حبيب
لم تتأخر "داعش" وهي تسيطر على المدينة الثانية من حيث الحجم والمساحة في العراق، الموصل، على أن تعلن مخططها لكل من يهمه الأمر، لم تخف داعش نواياها بإقامة دولة الخلافة، فتحت الحدود ـ حدود سايكس بيكو ـ بين العراق وسورية، لكن ذلك تم في اطار خريطة وزعتها وسائل إعلام داعش، وهي بالمناسبة وسائل إعلام حديثة ومهنية، هذه الخريطة تضم دولة الخلافة في مراحل تأسيسها الأولى، وتضم ما كان يعرف "بالهلال الخصيب" فهناك فلسطين ولبنان وسورية والعراق، لكن الخارطة تضمنت إضافة بالغة الأهمية، وهي دولة الكويت، ربما باعتبارها مفتاح المرحلة الثانية من تأسيس "دولة الخلافة" لمنطقة الخليج العربي.
وإذ أن صورة الأوضاع لم تتضح بعد، إزاء مدى قدرة داعش على السيطرة المتواصلة على المناطق التي احتلتها مؤخراً، في ظل التجاذبات السياسية والأمنية في الإقليم المتوتر، إيران وسورية وتركيا، إضافة إلى العراق بطبيعة الحال، فإن ما جرى وبصرف النظر عن النتائج المحتملة وتداعيات وتطورات حرب "داعش" على المنطقة، فإن الجانب الإسرائيلي بدأ يأخذ باعتباراته السياسية والأمنية، هذه الحرب، بعين الاعتبار، خاصة وأن خريطة "داعش" تضمنت دولة فلسطين التاريخية، صحيح أن هذه الحركة، وكافة الحركات "الإسلامية" فتحت الباب أمام حروب واسعة في المنطقة، تواجدت في كل مكان، إلاّ أنها بقيت بعيدة نسبياً عن دولة الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي ساهم في تأكيد الشكوك حول مدى تطابق شعارات هذه الحركات "الجهادية" وما يجري على الأرض والأهداف الاستراتيجية لحروبها.
إلاّ أن حدود دولة "داعش" بدأت تقترب أكثر وأكثر من حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي، فبعد تواجد الجبهات "الجهادية" في شبه جزيرة سيناء، ها هي دولة داعش تكاد تصل إلى الحدود الشرقية لإسرائيل، وهناك خشية من أن تمتد حدود هذه الدولة انطلاقاً من العراق، إلى الأردن، وبحيث تصبح الحروب الجهادية بقيادة داعش والقاعدة والمنظمات المشابهة، على تخوم الدولة العبرية شرقاً وجنوباً، ولكون إسرائيل لا ترسم سياساتها على النوايا، بل على المتغيرات الواقعية، فإن ما يجري الآن في العراق، من شأنه أن يقلق القيادة الإسرائيلية، التي تفضل أن تستمر الحروب "الجهادية" في كل الإقليم، خاصة في الإقليم العربي، إلاّ أن احداً لا يستطيع التكهن بالمتغيرات المحتملة، فإسرائيل في ضوء هذه التطورات، تأخذ بالحسبان مدى التأثير المحتمل لنتائج استمرار الحروب الجهادية في المنطقة عليها، سواء كان ذلك التأثير مباشرا، أو غير مباشر، إسرائيل لا تترك الأمور للاحتمالات بل تضع السيناريوهات والخطط للمواجهة، حتى لا تؤخذ على حين غرة!!
السرعة التي انهار بها الجيش العراقي في المواجهة مع "داعش" لا شك أنها تخيف إسرائيل التي كانت ولا تزال حريصة على إضعاف الجيوش العربية، لكن هذا الانهيار السريع، قد يعجل من وصول حدود دولة داعش إلى تخوم الدولة العبرية، وأحياناً، فإن ممارسة القوة لدى الجيوش العربية ضد الشعوب العربية، أمر محمود وضروري، انشغال هذه الجيوش لتأمين استقرار "أنظمة الحكم" لا بأس به، لكن أن تنهار أمام جحافل قوى جهادية، فهو أمر يجب أن تعيد الدولة العبرية النظر به حتى لا تفاجأ بأنها في نهاية الأمر، قد تشكل هدفاً لحروب القوى الجهادية، التي لم تقترب منها حتى الآن!!
الحسابات الإسرائيلية إزاء هذا التطور المثير والخطير، ستنعكس على أية مفاوضات محتملة قادمة مع الجانب الفلسطيني، إذ إنها ستتمسك أكثر من أي وقت مضى بالبقاء أمنياً وعسكرياً في غور الأردن، في أية تسوية سياسية قادمة، إسرائيل تمسكت بغور الأردن في السابق، لكن الآن، ستبقى هذه المسألة خارج إطار المفاوضات، باعتبار أن غور الأردن، مانع عسكري لا بد من الاحتفاظ به في ضوء المتغيرات التي قد تأتي من الشرق، إذ إن وصول أية قوة عدوة إلى "الغور" يعني تهديد الدولة العبرية، ذلك أن المسافة بين الغور وساحل المتوسط، الحدود الغربية للدولة العبرية، هو 64 كيلومتراً، الأمر الذي يجعل احتفاظ إسرائيل بغور الأردن، وضمان أمن ضفته الشرقية، هدفاً دائماً لإسرائيل، وباعتبار أن عدم تحقق ذلك، يشكل "مسألة وجودية" بالنسبة لها، ليست مجرد حرب فيها انتصار وهزيمة، بل حرب بها نهاية لها!!
وإذ تتذكر القيادة الإسرائيلية، كما يعلم ويتذكر الجميع، أن منظمة القاعدة، التي تلقت الدعم من الولايات المتحدة وبعض الأنظمة العربية، عادت لتوجه جهودها الإرهابية، ضد هذه الجهات بعد أن انسحبت القوات الروسية من أفغانستان، الأمر قد يتكرر بصورة أو بأخرى، وإذا كانت المنظمات الإرهابية على اختلاف أشكالها وتلاوينها، فعلت كل ما بوسعها لعدم الاحتكاك بإسرائيل، إلا في مرات نادرة، فإن هذا الأمر قد يتغير وعلى الأقل حتى تبرر وجودها واستمرارها إذا ما تمكنت من السيطرة على مقاليد الأمور في الحدود المتاخمة للدولة العبرية.
وإسرائيل ستتحسب جيداً لحدودها الجنوبية، مع إدراكها بقدرة الجيش المصري على اجتثاث الإرهاب من سيناء باعتبار ذلك خطراً داهماً على الأمن القومي المصري، لكن المظاهرات التي قامت بها بعض المجموعات السلفية في رفح جنوب قطاع غزة دعماً لداعش في العراق، يجب أن تشكل قلقاً "لإسرائيل"!!
وماذا عن معبر رفح ..!
بقلم: أكرم عطا الله
ليست هناك منطقة في فلسطين تعرضت للظلم مثل قطاع غزة، فقد شاء قدر هذه المنطقة البائسة أن تكون المسرح التراجيدي الأبرز لتصفية حسابات الكون، فعندما كان العالم العربي منقسما بين محورين وهميين "الممانعة والاعتدال" كانت غزة ساحة لملعبهم، وساعد في ذلك قصور الوعي السياسي لأبنائها الجاهزين للانسياق، وحين يختلف ضابطان في الجيش الإسرائيلي يصفون خلافاتهم على جسد غزة المثخن بالجراح، أو كلما كانت هناك دعاية انتخابية في تل أبيب كان القطاع مادتها الأقوى، وحين اختلف أبناؤها على السلطة دفع سكانها ثمن أكبر من طاقتهم.
على مدى التاريخ ليس هناك مكان تعرض للإغلاق لعقود متواصلة مثل قطاع غزة، فمنذ احتلاله منذ سبعة وأربعين عاما عزلته إسرائيل عن محيطه العربي وحولته إلى سجن كبير وفرضت قيودا على السفر من وإلى القطاع، إلى أن تأسست السلطة عام 94 بدأت تتحسن الحركة من خلال المعبر الوحيد الذي يربطه بمصر وبالعالم، ولكن الأمر لم يدم طويلا حتى بدأت الانتفاضة لنشهد حملة التنكيل الإسرائيلية وحشر الناس في حافلات لساعات طويلة والانتظار في رحلة تعذيب منظمة كانت تقوم بها إسرائيل كعادتها، ولم ينته هذا الكابوس إلا بعد خروج إسرائيل من غزة عام 2005 ليشعر سكانها بالحرية لأول مرة، ومرة أخرى لم يدم الأمر طويلا حتى استكثر أبناؤها عليها هذه الحرية حين اقتتلوا عليها بعدما أزاغ وهج السلطة أبصارهم قبل سبع سنوات ليعيدوا غزة إلى زنزانتها بعدما رأت النور لأول مرة.
ها نحن نعيش الذكرى الكئيبة... ذكرى الانقسام الذي خرج عن سكته الوطنية وسار متخبطا لسبع سنوات إلى أن نفد وقوده الآن ليرتطم بصخرة أكثر عنادا من نزوات الفصائل ومصالحها التي كانت وطأتها على سكان غزة أثقل كثيرا من أن تحتمل، إغلاق وعزلة جديدة واعتقال لمدة سبع سنوات، فهل كان عليها أن تفقأ عينها لتشعر بقيمة النور من جديد؟ أم كان على الإقليم أن يهتز بعنف حتى تعرف أنها لن تتمكن من الحياة طويلا معزولة عن بقية الوطن؟
ها هو الانقسام ينهزم... يطوي خيبته ويرحل بعد هذا الدرس الكبير والمكلل بالمرارة والدم والجوع والألم والدموع ويفترض أن يأخذ معه رحلة المعاناة الطويلة وأولها معاناة الطوابير التي اصطفت لسنوات تحلم بالانفتاح على العالم من جديد، بعد أن انخفض سقفها الوطني إلى مستوى فتح معبر رفح والذي أعلن على لسان رئيس وفد حركة فتح للمصالحة السيد عزام الأحمد أنه بمجرد تشكيل حكومة الوحدة سيبدأ تشغيل معبر رفح، وهذه حقيقة لأن المعبر كان ينتظر المصالحة ولأن إغلاقه كان فلسطينياً بامتياز.
فقد أغلقت مصر المعبر من جانبها لغياب الطرف الذي تعترف به في إدارة المعبر واستخدمت ذلك للضغط على حركة حماس ودفعها نحو المصالحة، صحيح أن ذلك كان مؤلماً للفلسطينيين الذي وقعوا بين المطرقة والسندان، ولكنه كان يقدم لهم خدمة على المستوى الوطني حتى لا تنفصل غزة وتتحول إلى إمارة مستقلة تشرعن نفسها من خلال انفتاحها على العالم وفقا للرؤية الإسرائيلية التي قدمها غيورا آيلاند ونفتالي بينيت رئيس حزب البيت اليهودي منذ أن كان مديراً عاماً لمجلس الاستيطان "يشع" ومؤتمر هرتسيليا التاسع، وعبرت عن الإجماع الإسرائيلي تجاه قطاع غزة التي قالت إن مصلحة إسرائيل الإستراتيجية أن يذهب قطاع غزة جنوبا.
والآن يأتي السؤال المشروع بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية: لماذا لم يفتح المعبر؟ فكل يوم هو زيادة لمعاناة سكان القطاع الذين دخلت مصالحهم في حالة موت سريري منذ سبعة أعوام من مرضى وطلاب وتجار وزوار الخارج الذين يعيشون توقهم وشوقهم لزيارة أهلهم مع بدء الإجازة الصيفية وانتهاء الامتحانات، يحزمون حقائبهم بانتظار خطوة هي فلسطينية خالصة الآن على أحر من الجمر، يراقبون بمرارة ترف الوقت الذي يعيشه النظام السياسي بعيدا عن تلك المعاناة.
لم يعد هناك مبرر لاستمرار إغلاق المعبر واستمرار المعاناة، ووظيفة النظام السياسي أن يخفف تلك المعاناة لا أن يبقى شعبه معلقا على صلب الانتظار، ومن حقنا أن نسأل: ماذا ينتظر الرئيس؟ وماذا ينتظر رئيس الوزراء، فحركة حماس تقول في الغرف المغلقة أنها جاهزة لتسليمه والاستجابة لكل الشروط، وبهذا تكون قد انتهت مسؤوليتها وألقت الكرة في ملعب الرئاسة التي يفترض أن ترسل حرسها للبدء بتشغيل المعبر، وعليها أن تقدم إجابات مقنعة لسكان القطاع، وإلا فإنها تتحمل مسؤولية في زيادة تلك المعاناة.
ننتظر من حركة حماس أن تعلن على الملأ استعدادها للانسحاب من المعبر، وبالمقابل ننتظر من الرئاسة أن تتسلمه وتبدأ بتشغيله، فالأمر لا يحتمل مناورات أكثر من ذلك، ومن حقنا أن نفهم نحن سكان القطاع من الذي يمعن في تعذيبنا وتعطيل مصالحنا حتى بعد تشكيل حكومة الوحدة، ليعرف الشارع لمن يوجه اتهامه وضد من يصرخ وضد من يتظاهر، فالمصالحة التي انتظرها الناس لسنوات تعني لهم معبرا وكهرباء وفرصة عمل وكرامة وليس عناقاً متبادلاً بين حركتي فتح وحماس، لأن هذا الأمر هو آخر اهتماماتهم ولا يعنيهم وليس من سلم أولوياتهم سوى أنهم يعتقدون أنه الطريق نحو ما يحلمون به، لأن الانقسام في النظام السياسي صادر معه كل أحلامهم وحولها إلى كوابيس عاشوها في كل تفاصيل حياتهم حين اقتاتوا الجوع وأضاؤوا عتمتهم بالشموع ومضوا يعدون سنوات عمرهم في فتح معبرهم الوحيد، فهل سيفتح فورا، أم أن هناك ما يكفي من ترف الوقت؟
الإفقار والمديونية ضد الاستقلال
بقلم: حمادة فراعنة
لم تعد قضية الاستقلال، والتخلص من الاحتلال هي القضية الأولى والأهم، لدى فلسطينيي مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، أبناء الضفة والقدس والقطاع، فالاحتلال قائم وقوي، وهو صاحب المبادرة الطولى والأولى على الأرض، وفي المواجهة اليومية، وبرنامجه الاستعماري التوسعي العنصري في مناطق 48، والضم الاحتلالي في مناطق 67 هو السائد، ويبدو أنه طويل الأمد، والنقاش الدائر في أروقة الكنيست وبين أحزاب الائتلاف الحاكم يدلل على ذلك، وخلافاتهم حول كيفية التوسع وعن حجم الضم المطلوب، بينما البرنامج الوطني الديمقراطي الفلسطيني هو المتعثر والأضعف والمختزل بعناوين فرعية، تعكس ضيق الأفق، والارتباط بالحاجة، ومستلزمات الحياة، والإغراق بتفاصيل حياتية ملحة، ضرورية، ولكنها نازفة للجهد الفردي والجماعي، وفاعلة في تشتيت الذات الوطنية، بين الفصائل والشخصيات ومكونات الشعب المختلفة، وإذا استثنيا بواسل الحراك ونشاطاتهم ضد الجدار والاستيطان، في بلعين والمعصرة والنبي صالح وكفر قدوم وحراس المسجد الأقصى وفي غيرها من القرى والأحياء الفلسطينية المتقطعة، ومعهم نشطاء من المتضامنين الإسرائيليين والأصدقاء الأجانب، فالأمن الإسرائيلي مستتب، وأحوال مشروع الاحتلال التوسعي ومستوطنيه مطمئنة، والوضع سمن على عسل، وإن كان حقيقة يعيش على بركان من الغضب والكره والرفض الفلسطيني الدفين.
لقد أخفق المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، في استكمال خطواته باتجاهين :
الأول : باتجاه انحسار الاحتلال وتراجعه بشكل تدريجي متعدد المراحل عن أرض فلسطين المحتلة عام 1967، والذي تم باتفاق أوسلو، والانسحاب من غزة وأريحا أولاً بعد عام 1993، والرحيل عن قطاع غزة بإزالة المستوطنات وفكفكة قواعد جيش الاحتلال عنها عام 2005، وبعدها تجمد الانسحاب، واستقوى الاحتلال والاستيطان وتوسع وتجذر، ولم تعد القدس وحدها هدف التهويد والأسرلة، بل امتد مشروع الاحتلال نحو الغور وقلب الضفة أسوة بما جرى في مناطق 48.
والثاني: الإخفاق باتجاه استكمال خطواته في بناء المؤسسات الفلسطينية المستقلة القادرة على النهوض الوطني، جماهيرياً وسياسياً وأمنياً واقتصادياً وتنموياً، وصولاً نحو الدولة المستقلة ويعود هذا الإخفاق لأسباب جوهرية عديدة، لها علاقة بالبرنامج المنهجي المؤثر على مقومات صنع القرار السياسي الاقتصادي الاجتماعي الفلسطيني وأقصد بذلك العوامل الخارجية التي فعلت فعلها لجعل القرار السياسي المالي الفلسطيني ليس مستقلاً، وأسيراً لحاجاته المالية الملحة.
لقد تم توظيف العوامل الصانعة لمصدر القرار كي تقع منظمة التحرير، وسلطتها الفلسطينية داخل الوطن، ومشروعها الوطني برمته، أسيراً لمصادر التمويل، وغدت المديونية سلاحاً قوياً فاعلاً لإضعاف المشروع الوطني، ومؤسساته القيادية، بما فيها الفصائل، ومصادر صنع القرار فيها، سواء لدى "فتح" أو لدى "حماس".
فعدم التغطية المالية العربية لاحتياجات الشعب العربي الفلسطيني، وإفقاده مقومات صموده، وإفقاره، قرار أمني أميركي، واستمرار الدعم الأوروبي لفلسطين، قرار سياسي، وهكذا إن بقاء السلطة الفلسطينية، واستمرار عملها، وتطوير مشروعها الاستقلالي لم يعد قراراً بيد الشعب الفلسطيني وحده، وبيد منظمة التحرير، بل هو بيد الممول المالي، وعناوين الصرف، لم تعد مقتصرة تبعاتها وخياراتها، بيد حكومة السلطة الفلسطينية واحتياجاتها وأولوياتها، بل يتم ذلك، حصيلة الحوارات والاستنتاجات، ومطالبات الممولين، وسياساتهم، وأجندتهم السياسية والأمنية، وها هي قضية موظفي حركة حماس في قطاع غزة، أبرز دليل صارخ على ذلك.
فالثالوث الذي حكم مسار المشهد الفلسطيني خلال السنوات الماضية، الاحتلال والانقسام والمديونية ما زال فاعلاً، وبينهم تحالف غير مقدس يتحكم بمسار الشعب الفلسطيني ويؤثر فيه وعلى حركته السياسية، وقضيته الوطنية باتت رهينة لمفردات هذا الثالوث ومضامينه، وإذا تمكن الشعب الفلسطيني من وضع مقدمات التخلص من تبعات الانقلاب والانقسام واستعادة الوحدة وإعادة تماسك جبهته الوطنية، ووضع أولويات لهذا التحالف الوطني، وهو ما يحاول أن يفعله حالياً بعد اتفاق 23/نيسان/2014 وتبعاته واستحقاقاته، يكون الشعب الفلسطيني قد تخلص من عامل واحد في مواجهة العاملين الآخرين وتأثيرهما وهما : 1- تفوق المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي واحتلاله وعنصريته، و 2- ثقل المديونية والعجز في الموازنة الفلسطينية، وعدم القدرة على تلبية صمود الناس على الأرض، وعدم التمكن من امتلاك مقومات النهوض الوطني، وفقدان المبادرة في التصدي لمتطلبات مواجهة مشروع الاحتلال الذي يتوسع ويقوى على أرض فلسطين وعلى حساب شعبها، وهذا ما يجب أن يكون على جدول أعمال الحركة الوطنية الفلسطينية برمتها، وأن يكون في صُلب برنامجها، وهو التحدي الأول المصحوب بالتحدي الدائم وهو إزالة مشروع الاحتلال والتخلص منه، واستعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني كاملة غير منقوصة، في الاستقلال والدولة وفق القرار 181، وفي العودة واستعادة الممتلكات وفق القرار 194.
مقالات الحياة الجديدة,,,,,
حياتنا – نتنياهو يقمع أبقراط
بقلم: حافظ البرغوثي
تمضي حكومة اليمين الاسرائيلي قدماً في سياستها اللاأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني.. فبينما تنقل عشرات الأسرى المضربين الى المستشفيات تحاول تشريع إطعام الأسرى بالقوة على أيدي أطباء. وهذه خطوة وحشية تلجأ اليها أنظمة الطغاة في السجون لتصفية المعارضين أو كسر نضالاتهم المشروعة ضد الطغيان، لكن ومع أن الكنيست الذي يهيمن عليه اليمين الذئبي الاستيطاني أقر بالقراءة الأولى مشروع قرار اطعام الأسرى الاداريين بالقوة الا أن هناك أصواتاً ما زالت تؤمن بالأخلاق وبقسم ابقراط في نقابة الاطباء الاسرائيلية التي عارضت مثل هذا الاجراء غير الأخلاقي.
حكومة اليمين تظن نفسها "العالم" كله وتسن القوانين الاستيطانية والعنصرية وتدوس على المواثيق الدولية وتظن الآن أنها قادرة على اسقاط قسم ابقراط باعتباره يقع في المنطقة "سي" باجبار الأطباء على اطعام الأسرى عنوة. فليس هناك ذرة أخلاق في السياسة الاسرائيلية الحالية لأنها نتاج نكاح غطرسة القوة مع العنصرية الاستيطانية، فلا ينتج عن نكاح كهذا سوى البطش والاستبداد.
جميل جداً أن نسمع نقيب الأطباء ليونيد إدلمان وهو يحذر من مغبة اطعام الأسرى ويعتبر ذلك تعذيباً ما يتيح محاكمتهم أمام المحكمة الجزائية الدولية، فالأخلاق فوق القانون، ولعل إدلمان يلمس ذلك بقوة كاسرائيلي يرى حكومته تدوس على كل القيم باسم ما تسنه من قوانين مشوهة.
فالأنظمة القمعية انما استعانت بقوانين ذئبية استنتها وبأطباء لتنفيذ عمليات تعذيب وقتل وابادة عبر التاريخ، ونرى أن بعض القوانين الاسرائيلية تدخل في هذا السياق، واذا لم يخرج اسرائيليون ينددون بذلك فإنهم يكونون أسرى الصمت السلبي. وطالما أننا في مجال الطب والصحة فلا غضاضة من أن ننصح أطباءنا وجهازنا الصحي بضرورة التريث في مطالباته المالية، وعدم الإضراب واغلاق المشافي والعيادات، فنحن كلنا أسرى نحتاج الأطباء لعلاجنا وليس لإطعامنا بالقوة، فنحن أصلاً جوعى وإن لم نكن أسرى ولا نحتاج الى من يعلمنا الأكل فالاحتلال يطعمنا رغيف القمع وليس القمح.
مدارات - من حكاية العفريت
بقلم: عدلي صادق
لو أن لدينا ألف بديل، لدفع المظالم التي حلّت بالمسلمين العرب السنُة، من الشعب العراقي الشقيق بمجمله؛ فإن "داعش" الغبراء لن تكون بديلاً. ذلك لأننا لن نفقد البوصلة، وهذه وجهتها الى مشروعات وطنية ديمقراطية لكل أوطان العرب، يتساوى في كنفها الناس دون إقصاء، وتتحقق لهم الحرية والكرامة والتنمية. لكن ذلك لا يمنع من تشخيص الحالة ومن وضع النقاط على الحروف، لأن الأمور لا تُعالج بمنطق نتائجها، وإنما تُعالج بمنطق أسبابها.
لن يُفهم أبداً، رفض أوساط نخبوية أو ثقافية عربية، لهيمنة "الاخوان" على أي مجتمع، وترحيب هذه الأوساط نفسها بعنفوان "داعش" وشقيقاتها. على الأقل لأن "الإخوان" وسطيون، وليس لديهم جنون الدواعش. فإن كان الأولون، يتطلعون الى حُكم المجتمع والى التمكين فيه، فإن الأخيرين ينزعون الى التحكم في الإنسان، في نومه وقيامه ولغته ولباسه وطعامه وتنفسه وملاحقة أدق التفاصيل، حتى تلك التي لا تخدش حياءً ولا تجديف فيها على الدين. كذلك لا نفهم، أن تعارض شرائح من النُخب، الطيف الإسلامي في الثورة السورية، وتعمم جزءها هذا، على الكل الشعبي السوري الذي طفح به الكيل؛ وأن تغض النظر عن الأصولية الشيعية وجماعاتها وألويتها وميليشياتها وراياتها وهتافاتها، وأن تصر على أن معسكر السلطة، إنما يريد فلسطين والقدس والممانعة والمناوئة البليغة للامبريالية.
فهذا، فضلاً عن كونه كذباً يؤكد عليه صمت جبهة الجولان لأربعين سنة، ومنع المقاومة وإهانة الحركة الوطنية الفلسطينية وتقليم أظافرها تاريخياً، والتحالف مع الأميركيين في المنعطفات الاستراتيجية؛ فإن خبايا الصراع نفسه، تنم عن حقائق أخرى. فبينما يجري التدمير الممنهج، للمراكز الحضرية والحضارية، والتاريخية، ذات الكثافة السنية (نحو ثلاثة عشر مليوناً) في دمشق وحمص وحماة وحلب والرقة ودرعا؛ فإن النصيب الأوفر من البراميل وصواريخ التدمير، بات يستهدف المناطق التي يُراد أن تكون طريق الإيرانيين الى البحر. فعندما لا تكون تبقت مدن؛ لن يُعاد الإسكان، لو انتصر الباغون ــ لا سمح الله ــ وفق وقائع الكثافة الأولى، وعندئذٍ يُتبع المنهج الستاليني ــ وهو منهج الحكم أصلاً ــ في إحلال الناس بدل الناس، وتشتيت السكان الى مدن ومراكز حضرية أخرى. فمن لا يرى هذا، لا يقرأ السياسة ولا يقرأ تفصيلات الأنباء، ولا يعرف التاريخ.
إن الروح العروبية النائمة، تخدرت بعد أن ابتلعت قرص الكلام الفارغ، ورأت، فيما ترى النائمة، أن الصراع هو بين فسطاطين لا ثالث لهما: إرهابيون أشرار (وفي الوقت نفسه عملاء للأميركيين!) ودولة لا تقوم إلا بشخص، ومجتمع سيتفرق ويتنازع إن غاب الشخص، وبلد سوف يتفتت إن سقط الشخص. ولا ندري ما الفائدة من دولة وبلد ومجتمع وجغرافيا، إن كان ملاطها الوحيد هو الشخص؟
الأميركيون، ومعهم الغرب، استفظعوا أن يتسرب عشرات المقاتلين المسلمين، من حاملي الجنسيات المختلفة الى ساحة الصراع في سوريا. وهذا حقهم لكن حق الشعب السوري عليهم، أن يكون لهم موقف حيال تدمير المراكز الحضرية للبشر من أية ديانة كانوا وفي أي بلد. فلو ألقي برميل، على مستوطنة صهيونية صغيرة، وجرحت بغلاً، ستقوم قيامة الغرب ولن تقعد. ومن لا يعرف الآن، سيعرف لاحقاً أن الأميركيين سهلوا عمليات التدمير وكانت ردود أفعالهم على إلقاء البراميل المتفجرة على الناس، لفظية رقيعة، تُسيء للضحايا مرتين: مرة وهي تحث ضمناً على الاستمرار في التدمير، وتجعل الفظاعات مجرد أنباء، ومرة عندما توحي بأن الغرب يقف الى جانب المعارضين ويساندهم، علماً أنه في الواقع، يمنع من يساعدهم عن تقديم شىء فعال في الدفاع عن مدنهم التي تُدمر!
قصة "داعش" ستُعرف بتفاصيلها التي لم يجرؤ نوري المالكي على المصارحة بها. فقد أخرج العفريت من القمقم، ليهبش الشريك العراقي وهو واحدة من يدين اثنتين أخرجتاه، فغدرت الثانية بشريكتها الأولى. كان عملهما من نتاج حماقة المأزوم، كلٌ يُريد أبعاد النار عن حومته. وليس العفريت، على أية حال، هو البديل لأية دكتاتورية، ولا مشروعه هو البديل لأي مشروع طائفي مضاد، ولا يُرجى منه خير!
تغريدة الصباح – تغريدة لروح فارس بيك الخوري
بقلم: حنان باكير
حدثني واصف كمال، عضو الوفد الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، سنة 1947، عن حكاية أو هي طرفة، كان مسرحها قاعة الأمم المتحدة. لم أدرجها يومها في حواري معه، لمناسبة الذكرى الخمسينية للنكبة، كون لا علاقة لها بموضوع الحوار. وكان من ضمن الصور النادرة التي نشرتها مع المقال، صورة جمعت واصف كمال وفارس بيك الخوري.
بعد سنوات طوال، أخبرني الصديق الفيسبوكي جورج خوري الحكاية ذاتها وبكل تفاصيلها.إذ مضى قرابة الثلاث سنوات على معرفتي به، ولم أكن أعلم من هو! الى أن نشرت شيئا في تمجيد فارس بيك الخوري اللبناني والذي اصبح رئيسا للجمهورية السورية. وهذا أمر مستغرب بل هو ضرب من الخيال، قياسا بما نشهده في أيامنا هذه.. علّق الصديق جورج يومها على ما نشرت.. وعرفت انه حفيد ذلك الانسان الفذ. ثم أرسل لي شيئا كتبه عن جده، فإذا به يسرد الحادثة ذاتها. فأردت جعلها تغريدة عن رئيس أو زعيم.. ندر أمثاله في أيامنا هذه، ولنشهد كيف كانت الأحوال العربية رغم سوئها، أكثر تسامحا وأقلّ طائفية وعنصرية، بين أبناء الشعب الواحد.
دخل فارس بيك بطربوشه الأحمر، قاعة الأمم المتحدة، قبل موعد الاجتماع الذي طلبته سوريا لرفع الانتداب الفرنسي عنها، واتجه مباشرة إلى المقعد المخصص للمندوب الفرنسي، وسط دهشة سائر الوفود، إذ جلس على المقعد المخصص للمندوب الفرنسي، تاركا المقعد السوري شاغرا! وهوالذي كان من مؤسسسي هيئة" الأمم المتحدة" ومن واضعي نظامها، ويعرف البروتوكول جيدا!
دخل المندوب الفرنسي، ووجد فارس بيك يحتل مقعد فرنسا في الجلسة.. فتوجه إليه وبدأ يخبره أن هذا المقعد مخصص لفرنسا.. ولهذا وضع أمامه العلم الفرنسي. وأشار له الى حيث المقعد المخصص لسوريا مستدلا بالعلم السوري. لكن فارس بيك لم يحرك ساكنا، بل بقي ينظر الى ساعته.
دقيقة.. اثنتان.. خمسة.. استمر المندوب الفرنسي في محاولة " إفهام" فارس بيك: يا حبيبي، يا روحي، "مونامور"، "مون شيري".. هون محل كرسي بتاع فرنسا، محل كرسي بتاع سوريا هونيك.. "سيلفوبلا"، "قوم إنقلع من هون، بدنا نقعد".. ولكن فارس بيك استمر بالتحديق الى ساعته: عشر دقائق.. احدى عشرة دقيقة.. اثنتا عشرة دقيقة... وبدأ صبر المندوب الفرنسي بالنفاد.. يا........ "قوم انقلع يا عربي متخلف" هون مطرح فرنسا الحرّة. ولكن فارس بيك لم يأبه للأمر، بل استمر بالتحديق بساعته: تسع عشرة دقيقة.. عشرون.. واحد وعشرون. اهتاج المندوب الفرنسي، ولولا حؤول سفراء الأمم الأخرى بينه وبين عنق فارس بيك، لكان "دكّه"... عند الدقيقة الخامسة والعشرين، تنحنح فارس بيك، وضع ساعته في جيب الجيليه، انتصب واقفا، وابتسامة عريضة تعلو ثغره، وقال للمندوب الفرنسي: سعادة السفير، جلست على مقعدك لمدة خمساً وعشرين دقيقة، فكدت تقتلني غضبا وحنقا.. "سوريا تحملت سفالتكم وسفالة جنودكم خمس وعشرين سنة، وآن لها أن تستقلّ".
في هذه الجلسة نالت سوريا استقلالها.
نبض الحياة - الاتهامات الباطلة
بقلم: عمر حلمي الغول
اختطف يوم الخميس الماضي ثلاثة جنود اسرائيليين ما بين مدينتي بيت لحم والخليل، وفي منطقة خاضعة أمنياً لسلطات الاحتلال الاسرائيلي، وفي نطاق مستعمرة "عتصيون".
مباشرة ودون انتظار حمّل رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، المسؤولية عن المخطوفين للرئيس ابو مازن والقيادة الفلسطينية، وحرص على الربط بين عملية الاختطاف لمستعمريه والمصالحة الوطنية الفلسطينية، بهدف الغمز من قناة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وكل القوى الدولية والاقليمية المؤيدة لحكومة التوافق الوطني.
وتناسى رئيس الحكومة الاسرائيلية وأركان ائتلافه ان مواصلة الاحتلال وتهويد الاراضي، والاعلان المتواصل عن طرح العطاءات ورفض خيار السلام, لا يمكن الا ان ينتج رد فعل على الجرائم الاسرائيلية.
مع ان الرئيس محمود عباس وأركان قيادته، تمسكوا، وما زالوا يتمسكون بخيار التسوية السياسية المرتكز على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، لكن القيادة الاسرائيلية المتطرفة رفضت السلام، وقطعت الطريق على فتح أي ثغرة على طريق التسوية, وبالتالي فان توجيه الاتهامات الباطلة للقيادة الفلسطينية يفتقد لأي قيمة، ولا أحد في العالم يمكن ان يتقبل تلك الاتهامات للرئيس عباس، لانهم يعرفون انه رجل السلام الأول في فلسطين والمنطقة عموماً.
اذاً تأتي عملية الاختطاف للجنود الثلاثة لتشير بشكل واضح الى ان الخيار الامثل لاسرائيل هو الانخراط الجدي في صناعة السلام, دون ذلك لن يكون هناك سوى العودة للمربع صفر، مربع العنف والحروب.
ويخطئ نتنياهو وليبرمان وبينيت واريئيل وفيغلين وديان وكل المستعمرين الصهاينة، ان اعتقدوا ان منطق الاستيطان الاستعماري، وقوة البطش والارهاب يمكن ان تثني الفلسطينيين عن الدفاع عن حقوقهم الوطنية وبكل الوسائل التي كفلها لهم القانون الدولي.
كما ان رسالة الاختطاف موجهة لدول الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصا، كي تعيد النظر بسياساتها وآليات عملها في ادارة عملية السلام على المسار الفلسطيني/ الاسرائيلي, لانها في حال واصلت العمل بذات الآليات والوتائر، لن تنجح، لا بل كأنها تمنح الوصفة السحرية لكل القوى الرافضة لخيار السلام، كي تجر المنطقة برمتها الى دوامة العنف والدماء، وهو ما يتطلب من الراعي الاساسي لعملية السلام, استخدام نفوذه وأوراق القوة الموجودة بيديه للضغط على حكومة نتنياهو للقبول بالالتزام باستحقاقات عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.
الانتهاكات وجرائم الحرب الاسرائيلية, وعمليات المصادرة والتهويد للاراضي واعلان العطاءات لبناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية، والاعتقالات وتغيير معالم القدس، والقصف المتواصل لمحافظات الجنوب والحصار، جميعها عوامل مفجرة للأوضاع في الاراضي الفلسطينية، ومن يعتقد ان الأمر غير ذلك، لا يرى المشهد على حقيقته. فإما ان تتوقف السياسات الاسرائيلية التدميرية لعملية السلام وإما ان تفلت الاوضاع من عقالها, وتقع في مستنقع الحرب والارهاب.
"الثورة العراقية" ضد المالكي أم حربه على "فقاعة" الإرهاب؟
بقلم: بكر ابو بكر
لم تنفع خطابات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي النارية، وسياسة القبضة الحديدية التي يمارسها في العراق من اندحار جيشه المخزي أمام المسلحين الذين استولوا بسهولة مذهلة على ثاني أكبر المدن في العراق وهي مدينة الموصل التي يقطنها أكثر من مليون ونصف المليون نسمة.
شكّل سقوط الموصل ثم مدينة تكريت ومدن أخرى ضربة قاصمة لحكومة المالكي، وما تميزت به من (سياسات رعناء) كما وصفها مقتدى الصدر ما لا يختلف فيه معظم خصومه، لا سيما وأنه يوجه طائراته ودباباته ضد المدنيين وقصفهم عشوائيا ليس منذ اعتصام الأنبار العام، وليس اثر اقتحام ساحة الكرامة في مدينة الرمادي، وإنما منذ وقوفه المتصلب والمتشدد في وجه الحراك الشعبي في العراق الذي تزعمته المحافظات الست المنتفضة منذ جمعة العزة والكرامة في 28/12/2012 ضد ظلم الحكومة وخداعها كما صرح المتحدث الرسمي باسم "الحراك" الذي لقبه المالكي "بالفقاعة النتنة".
إن سقوط الموصل شكّل صدمة للحكومات في المنطقة سواء تلك التي راهنت على المالكي أو تلك المتبرمة من سياساته الى الحد الذي وصل بالرواية الرسمية العراقية، وهي الرواية الأكثر شيوعا بالإعلام العالمي حتى الآن لاتهام كل مخالفيه بأنهم (ارهابيون) اذ لم يستطع المالكي التمييز أو لا يريد بين (الدولة الاسلامية في العراق والشام) وبين (المجلس العسكري العام لثوار العراق) بمعنى أنه جمع كل خصومه السلميين والعسكريين في سلة (الارهاب) ولكن السقوط المريع للمدن واستسلام أو هرب قواته قد فتح الباب على مصراعيه للتشكيك برواية الحكومة العراقية وسياسات المالكي الخرقاء حسب خصومه.
قال اللواء الركن حسام الدين الدليمي عضو "المجلس العسكري لثوار الأنبار" ان (الثوار قادمون الى بغداد الرشيد والتحرير قادم ) وأشار على قناة بغداد الى أن الهدف هو جيش المالكي، وسبب الثورة التي أطلق عليها اسم (الثورة العراقية الكبرى) هو مذابح المالكي وتصرفاته الطائفية، وتأتي أيضا استكمالا لثورة المحافظات الشمالية العراقية ذات الطابع السلمي ما اكده الحزب المقرب من طارق الهاشمي.
لم يمر القصف المستمر (168 يوما حتى اليوم الموافق 14/6/2014) لمدينة الفلوجة مرور الكرام، كما لم يمر اقتحام الرمادي والاعتصامات الجماهيرية المليونية المختلفة التي اجتاحت العراق مرور الكرم، وكانت النتيجة هي (الثورة) كما أشار رئيس الحزب الاسلامي في العراق الممثل في البرلمان الذي يرأسه حاليا إياد السامرائي خلفا لأسامة التكريتي وطارق الهاشمي.
يصر محللون آخرون على أن المؤامرة اقليمية ضد العراق فالمحلل السياسي هيثم الجبوري يرى في الأحداث الأخيرة مخططا لتوسيع كردستان، وهدفا لتركيا لمد نفوذها، وفي التآمر كما سماه على العراق تحقيق أهداف (اسرائيل) في المنطقة.
صمتت عديد القنوات الدينية في العراق عن الاصطفاف ووقفت قنوات أخرى (تمثل تيارات محددة) مع الرواية الرسمية بينما انفردت قناتا (الرافدين) و(بغداد) بالرواية المؤازرة (للثوار) كما أطلقوا عليهم ما يدلل على حجم الاختلاف الكبير في ظل انقسام البلاد، الى أن أفتت المرجعية الشيعية المتحالفة مع نوري المالكي بالأمس بالجهاد الكفائي ضد الإرهابيين.
هل ما تفعله طائرات المالكي ابادة جماعية ضد المدنيين في الموصل؟ كما يقول النائب في البرلمان العراقي محمد اقبال؟ أم أنه في حرب (الارهاب) يصبح التمييز مشوشا ما يغفر فيه قتل المدنيين؟.
(هيئة علماء العراق) نفت في بياناتها المتلاحقة أن ما يحدث في الموصل ارهاب وإنما هو (تهاو لقوات المالكي وأجهزته الأمنية أمام ضربات الثوار)، وما يحصل حسب المتحدث باسم الحراك الشعبي في العراق كما تحدث على قناة بغداد (11/6/2014) هو حرب ضد ظلم الحكومة وخداعها ما وافقه فيه الشيخ درّي الدليمي مشرف الاعتصام في محافظة صلاح الدين.
مجلس النواب العراقي الذي لم يستطع أن يلتئم لإعلان حالة الطوارئ في البلاد بعد سقوط الموصل وتكريت وغيرها تخلف 128 نائبا فيه عن الجلسة رغم تشدد رئيسه أسامة النجيفي (شقيق محافظ الموصل أثيل النجيفي) كما المالكي الذي وصف ما يحصل في الموصل أنه (غزو) قادم من خارج العراق ومن قبل الارهاب من مختلف الدول.
لم يتورع الكثير من القيادات العراقية من إدانة سياسة المالكي وعلى رأسهم إياد علاوي ومقتدى الصدر، ومنهم أيضا الدكتور الشيخ عبد الملك السعدي الذي أدان قصف جيش المالكي للموصل وغيرها بالطائرات والبراميل المتفجرة واصفا ما يحدث بأنه (حرب) (الهدف منها التصفية الطائفية والتهجير القسري) ومؤكدا ان داعش مجرد شماعة لذلك. بينما رأى آخرون كما أوردت قناة الرافدين أن (الثورة هي ضد الارتهان الحكومي لإيران ومن أجل تحقيق الحرية والعدالة).
من الواضح في سياق الأحداث أن هناك إجحافا واضحا وإحساسا بالظلم الشديد منذ زمن طويل لدى فئات في الشعب العراقي (غالبا ما يشار اليهم بالسنّة في المحافظات الشمالية الست) من سياسات المالكي، كما بات واضحا لدى كثير من المحللين أن (أثيل النجيفي) محافظ الموصل ذا النزعة الطائفية سعى لإضعاف المركز بالتحالف مع البرزاني في مصلحية بين أمراء الحرب ما أدخل داعش المنطقة، كما يرى المحلل السياسي العراقي قاسم موزان على غرار اتفاق قطر مع القاعدة.
في سياق المطالبة برفع الظلم وتحقيق العدالة من خلال ثورة العراقيين على حكومة المالكي، أو صراع حكومته مع إرهابيي "داعش" يبرز زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في موقف متميز اذ بعد إدانته لما يحصل في الموصل مما سماها (مجاميع خارجية) ودعوته لـ(كتائب سلام) للحفاظ والدفاع عن المقدسات الا أنه -وهنا تميزه- يرفض زج ابناء العراق (بحرب قد زجنا بها بعض ذوي السياسات المنحرفة) يقصد المالكي، كما ورفض أن يخوض (معركة عصابات ومليشيات قذرة لا تميز بين الارهابي وبين الخائف منهم وطالب الخلاص)، وما يؤكد اتجاه الرجل الجديد-بعد خوضه عام 2006 الحرب الطائفية- نحو الوحدوية بعيدا عن الانخراط في اللعبة الطائفية أو السياسية القذرة ما كان قد أعلنه في وقت سابق المتحدث باسمه صلاح العبيدي حين قال رافضا ولاية نوري المالكي الجديدة معتبرها خطا أحمر، ان (الساسة الشيعة اذا كانوا غير قادرين على الاحتفاظ بمنصب رئيس الحكومة فليذهب الى من هو قادر على الاحتفاظ به).
ولم يكن خافيا موقف مقتدى الصدر الصلب في مقولته ضد المالكي (اعوذ بالله من نفس لا تشبع) مما يسميه (الظلم) والابتعاد عن (التسامح والوحدة) متهما نوري المالكي بذلك وبخرق حقوق الانسان وعدم مشورة علماء الحوزة في كلمته له في 1/1/2013، وأنه لا يستمع للمطالبة الشعبيه مطلقا وأنه أهدر مقدرات العراق ونفطها ووحدتها، وأنه يقيد مخالفيه ويقصيهم ويصالح الارهابيين، ويعادي الشعب ويلعب على الطائفية وأنه دكتاتور ولا يسعى إلا للكرسي ويعيق العدالة والحقيقة فأبعد الجميع عن التشييع المتسامح فعادى الجميع العراق وجعل العراق (مسخرة).
لم يحارب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عسكريا وسياسيا من يسميهم الارهابيين الذين وضعهم في سلة واحدة رافضا الاعتراف بفشل سياساته، وإنما أقدم على خطوة اعلامية كبيرة أبعد إذ أغلق محطات تلفزية ومواقع (تويتر وفيسبوك ويوتيوب) للتواصل الاجتماعي لتحريضها ضده بعد سقوط الموصل، وكيف لا يفعل ذلك وأكثر من ربع مليون شخص دخلوا لصفحة (الثورة العربية الكبرى في العراق) خلال يومين فقط معلنين إعجابهم، وأكثر من 150 ألفاً أعجبوا بصفحة عزة ابراهيم الدوري أبرز قيادات حزب البعث المنحل.
تقف اليوم في العراق عدد من الهيئات (غير الملتحمة معا) مناهضة للمالكي بشدة وكأنهم من المذهب الشيعي -رغم رفضنا المطلق التقسيم السياسي على هذا الأساس الخاطئ- وتواجه 5 تنظيمات أو تشكيلات متحدة جيش المالكي في الموصل وتكريت هي (هيئة علماء المسلمين) برئاسة الشيخ د.حارث الضاري الذي كان قد أشار لـ"الحراك" ضد المالكي في شباط 2014 واصفا إياه بالثورة الشعبية ضد ظلم واستبداد المالكي، وهي الهيئة التي رحبت علنا بالثورة والثوار في الموصل وتكريت، وتصدر البيانات المطالبة بحسن التعامل مع الجماهير، وثانيا مجلس العشائر، وثالثا قيادة الحراك الشعبي في العراق المستمر منذ عامين، وبالتأكيد قيادات من حزب البعث العراقي والجيش تضع في الواجهة عضو مجلس قيادة حزب البعث فترة صدام عزة الدوري في المقدمة هذا رابعا، أما خامسا فلا شك أن (داعش) لها دور أيضا على قلة أعدادها ما يستدعي ضرورة الالتفات لحقيقة مطالب المحافظات الست التي أهملت اهمالا كاملا في مقابل إشعال حزب المالكي لنار الطائفية أو استغلاله لها ما رفضه معظم ساسة العراق من كافة المذاهب والنِحَل.
إن رواية الحكومة العراقية ومعظم وسائل الاعلام عن التصدي لإرهاب (داعش) نظرة قاصرة وتبسيطية أو مقصودة، ولا تعبر في حقيقة الأمر –هذا الأمر فائق الخطورة- الذي يجري لتقسيم العراق طائفيا، وكما لا تعبر عن حقيقة ما يجرى من حراك مناهض إذ أنه ليس "فقاعة نتنة" كما وصفه المالكي تبخيسا وتصغيرا واحتقارا، وليس "إرهابا داعشيا" فقط، وليس احتجاجات وجدت ضالتها بالتحالف مع الشيطان، إذ ربما يكون كل ذلك مع تقاطعات ذات دلالة جد خطرة مع دول المنطقة ومصالحها، وما يستدعي من كل العراقيين ونحن العرب عامة سرعة التحرك لانقاذ العراق من أسر السياسات التدميرية قبل أن نصحو على 3 أو 5 عراقات كما يحصل في ليبيا وفي سوريا اليوم ودول أخرى.
قصة ديمة ومأساة فلسطينيي سوريا
بقلم: علي بدوان
هي "ديمة"، شابة في عمر الورود، من مواليد مخيم اليرموك عام 1987، سليلة عائلة فلسطينية لاجئة إلى سوريا من مدينة حيفا عام النكبة، عائلة تحمل رائحة وعبق فلسطين، وزعترها وزيتونها.. عائلة تنتمي لعامة الناس وللشرائح الشعبية، التي أضنتها الحياة في مشوارها الصعب والمُتخم بضنك الحياة.
"ديمة"، وكما نقول بالمفردات الفلسطينية المتداولة، هي أخت الرجال، من فلسطينيي سوريا، وبالتحديد من فلسطينيي مخيم اليرموك، ومن حارة الفدائية، وحارة الشهيد مفلح السالم، وهي المنطقة المُدمرة تدميراً كاملاً في المربع الأول من مخيم اليرموك.
"ديمة" صغيرة في عمرها، كبيرة في أدائها وحُسنِ تصرفها، ورائعة في فرادة تصميمها. حطت أقدامها قبل أيامٍ قليلة، وتحديداً يوم الرابع والعشرين من ايار 2014، على الأرض الأوربية في إيطاليا، ومعها صغيرتها "لين"، ضمن مجموعة من فلسطينيي سوريا في طريقهم نحو السويد، بعد أن ضاقت بهم دنيا العرب على اتساعها، في رحلة أليمة.
ومحفوفة بالمخاطر، تختصر بين ثناياها تراجيديا مأساوية لـ "لاجئين يبحثون عن لجوء جديد"، بين هجرة قسرية للأجداد عام نكبة فلسطين، من حيفا ويافا وعكا وصفد واللد والرملة وطبريا والناصرة، إلى سوريا ولبنان والأردن.
وهجرة طوعية اختارها الأحفاد كونها فسحة أمل وحيدة للهروب من الواقع المرير، تحت وطأة الظروف الصعبة المحيطة بهم، في معمعان أزمة طاحنة أكلت الأخضر واليابس، وحيث القادم المجهول، فتقطّعت بهم السبل بين ميتٍ وبين معتقلٍ وبين منفيّ، وبين عابرٍ للبحار على ظهور قواربٍ ابتلع البحر الأبيض المتوسط خلال الشهور الماضية بعضاً منها، وعلى متنها شبان في ريعان العمر، وعائلات وأسر فلسطينية منكوبة.
حيث بات اللاجئ الفلسطيني في سوريا، المنسي في أزمة طاحنة، تناسوه ونسوه، فمن له القدرة على استيعاب صرخاتِ قهره! ومن له القدرة على استيعاب كارثة القارب الذي تحطم قبل فترة قرب جزيرة "لامبيدوزا" على مسافات قصيرة من الشواطئ الإيطالية، وقد مات نحو 200 فلسطيني من لاجئي سوريا، ولم يطلق أحد في العالم صرخة مدوية، ولا صرخة بسيطة من أجل هؤلاء الضحايا المنسيين!
ديمة واحدة من آلاف مؤلفة من لاجئي فلسطين، وحدها "ديمة" وصغيرتها "لين" من أسرتها كانت ترافقها، عبرت عُباب البحر على ظهر قاربٍ مُتهالك، مع مجموعة صغيرة من فلسطينيي سوريا، في اتجاه أصقاع المعمورة الأربعة، لتجتاز محنة النكبة الجديدة لفلسطينيي سوريا.
وصلت "ديمة" وصغيرتها "لين" إلى المنطقة الاسكندنافية قبل أيام، من دون زوجها الذي ما زال ينتظر اللحاق بها، بعد تحدٍّ كبير، هو تحدي الإنسان وصراعه من أجل الحياة والكرامة والأمان والخبز والورد والحرية، بعد أن تم تشريد أغلبية مواطني مخيم اليرموك من فلسطينيي سوريا، وتهجيرهم في نكبة ثانية كانت أقسى وأشد مرارة وعلقماً من نكبة العام 1948، عندما خرج الجزء الأكبر من آبائنا وأجدادنا تائهين ضائعين، مجروحين ومكلومين من بلادنا فلسطين، جنة الأرض، وزينة الدنيا وبلاد العالم قاطبة.
ولكن، رُبَ سؤالٍ يُطرح؛ هل نَلُومُ من هاجر واعتلى البحار من لاجئي فلسطين في سوريا؟ هل نوجه الاتهامات السَهلَةِ لهم، ونكيل في حقهم كل التهم، أقلها أنهم ابتعدوا عن فلسطين ونسوها؟!
كلا، لن نكون مُتجبرين في إجابتنا، فاللاجئ الفلسطيني في سوريا لا يلام عندما يسعى للهجرة إلى أصقاع المعمورة الأربعة، فالمواطن السوري في نهاية المطاف ينتقل في اتجاه اللجوء إلى أحياء مدينته، وإلى ضيعته أو قريته داخل سوريا، وعلى أراضيها المترامية الأطراف، وخياراته مفتوحة، أما اللاجئ الفلسطيني فخياراته محدودة، والمجهول قد يكون في انتظاره، ولعنة وثيقة السفر تلاحقه من مكان لآخر.
الفارق بين اللاجئين الفلسطينيين وبين الجميع من لاجئي العالم ونازحيه، هو أن الشعب الفلسطيني ُطرد من أرضه طرداً واقتلاعاً وترحيلاً قسرياً، بينما الآخرون لم يفقدوا أوطانهم، حيث إن رحلتهم إلى التيه داخل أوطانهم وحتى خارجها، ستبقى قصيره ومحدودة الفترة الزمنية مهما طالت، أما رحلة التيه الفلسطينية فمستمرة نكبة تلو نكبة، وهنا يكمن عُمق المأساة وجرحها الغائر.
الرحيل الإرادي إلى المجهول، أراده البعض ويريده من تآمر على فلسطينيي سوريا، أن يكون تلبية للنداء الساحر لقتل حقيقة الفلسطينيين ودفنها هناك، وشطب حياتهم الماضية من أجل ميلاد معتوه في بلاد لا يحسن الواحد منّا فيها سوى العيش أكلاً وشرباً وهواء. ومع هذا، فإن اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا سوريا تحت ظروفٍ قاهرة، لن ينسوا بلادهم ووطنهم الأزلي..
وكما قال أحد هؤلاء اللاجئين عندما وصل من مخيم اليرموك إلى الدنمارك قبل أيام أيضاً: "نحن لسنا في هذه الدنيا بخالدين، لكن أجيالنا ستولد من جديد في الوطن، ودياسبورا المنافي والشتات، ولن يموت الحلم بوطن ما زال وسيبقى اسمه فلسطين".