سبع ضائقات تحاصر نصر الله
بقلم:رونين بيرغمان،عن يديعوت
في اسرائيل يتغير دفعة واحدة المزاج العام في مواضيع الأمن: من نوع من الفرح والرضى، وربما الفخار، على ضرب الخلية القيادية لحزب الله في الجولان، إلى قلق عميق من حرب سرعان ما ستقع ضد حزب الله، وربما مواجهة أوسع، مع إيران ايضا، بعد أن قتل جنرال من الحرس الثوري في عملية الاغتيال.
غير أنه في الطرف الاخر، اذا ما نظرنا إلى الوضع بعيني نصرالله، فان الوضع ليس لامعا، والضربة قد أمسكت به في لحظة غير مناسبة حقا. فلو كان هذا منوطا به لفضل الا يقف امام معضلة ان يرد ويثأر باسرائيل، بدلا من أن يقعد بصمت. فهذه هي الفترة الاصعب من ناحية الامين العام الكفؤ كالشيطان (او الشيطان الكفؤ، فليختر كل التعبير كما يشاء) منذ عين في المنصب بعد أن قتل سلفه، موسوي، في اغتيال اسرائيلي.
اولا، بسبب اسرائيل. منذ شباط 2008، حين قتل عماد مغنية، تعرض حزب الله لسلسلة من الضربات المتكررة التي نسبها جميعها لاسرائيل: اغتيال عدة نشطاء آخرين، وعلى رأسهم حسن القيس، رئيس ذراع تطوير الوسائل القتالية في المنظمة: قصف لمخازن السلاح والذخيرة لحزب الله بما فيها تلك التي اقامها جنوبي الليطاني وبضربها ثبت أنه يخرق قرارات الامم المتحدة؛ قصف قوافل السلاح من سوريا إلى لبنان؛ والان، اصابة جهاد مغنية، الذي اراد نصرالله ان يجعله رمزا كي يثبت بان اسطورة مغنية حية تركل العدو الصهيوني.
ثانيا، بسبب اسرائيل. تكاد تكون كل عشرات العمليات التي خطط حزب الله لها كي ينتقم من الافعال آنفة الذكر احبطها الموساد. ونجحت العملية في برغاس واصابة زوجة الدبلوماسي الاسرائيلي في الهند، ولكن هاتين العمليتين اصغر بالاف المرات مما سعى حزب الله لعمله، ولا تشكلان من ناحيته شيئا يقترب على الاطلاق من الثأر. فضلا عن ذلك، ففي تفجير السفارة الاسرائيلية في الارجنتين في 1992، في اعقاب اغتيال موسوي – كان هدف الثأر هو اعادة صياغة قواعد اللعب مع اسرائيل. اما هذه المرة، فتواصل اسرائيل طريقها ولا تتوقف.
ثالثا، بسبب اسرائيل. لقد اكتشف حزب الله مؤخرا جاسوسا اسرائيليا في قيادة المنظمة، بسببه احبطت العمليات آنفة الذكر وقتل مغنية الاب. وجاء اغتيال مغنية الابن يثبت بان المنظمة لا تزال مخروقة. فمجرد وجود عميل اسرائيلي، اذا كانت القصة صحيحة، يثبت بان ما كان حزب الله واثقا بانه لا يمكن ان يحصل – في أن رجاله مخلصون جدا، مؤمنون جدا دينيا وقوميا وشيعيا بحيث انهم لا يمكنهم أبدا ان يوافقوا على العمل «للعدو الصهيوني». وفي واقع الأمر فإن هذا الكشف ضربة معنوية شديدة للغاية.
رابعا، بسبب سوريا. لقد بعث حزب الله في السنوات الثلاثة الاخيرة بالمئات بل وربما بالالاف من مقاتليه لمساعدة الاسد في الحرب الاهلية. عمليا، اذا كان هناك سبب مركزي واحد منع حتى الان هزيمة الاسد فهو دعم حزب الله وإيران. ولكن لهذا الدعم يوجد ثمن باهظ – المعركة في سوريا لم تحسم بعد، وهي بعيدة عن ذلك، وفي هذه الاثناء لم يثبت حزب الله بانه يمكنه أن يحسمها رغم الجهود العظيمة. لقد تكبد حزب الله اصابات كثيرة في المعارك في سوريا، ولانه انضم إلى جيش نظامي فقد كشف عن قواته، التي اعتادت على الاعمال السرية، أمام تسلل قوى الاستخبارات المعادية. ولا يمكن الاستبعاد بامكانية أن يكون من ضرب جهاد مغنية قد استغل هذا الانكشاف.
خامسا، بسبب لبنان. فانضمام حزب الله إلى الحرب في سوريا اثار انتقادا حادا للغاية في لبنان. فالسنة، الدروز والمسيحيون يسألون لماذا ادعى حزب الله بانه بقي ميليشيا هدفها مكافحة اسرائيل ولكنها عمليا تساعد في ذبح مواطني سوريا. وقد أدى الدعم للاسد إلى عمليات من المنظمات السنية السورية التي ينتمي بها إلى الجهاد العالمي ضد حزب الله وممثلي لبنان. وبالتالي فقد فتح نصرالله لنفسه جبهة اخرى.
ساسا، بسبب لاهاي. لنصرالله هو الاخر توجد مشكلة صعبة مع المحكمة الدولية. فمحكمة خاصة تعنى منذ بداية 2014 بخطوة استثنائية لمحاكمة خمسة نشطاء، احدهم ابن عائلة مغنية، على قتل رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري في 2005. واذا ما ادينوا، فان ادعاء نصرالله بانه سياسي يحرص على مصالح عموم اللبنانيين سيظهر ككذبة وقحة.
سابعا، بسبب المال: حزب الله هو أولا وقبل كل شيء منظمة اجتماعية، دينية وسياسية للشيعة في لبنان. ومن أجل اعالة هذا الجهاز هناك حاجة للمال. وقد تعرض حزب الله في السنوات الاخيرة لسلسلة من قضايا الفساد، اطلع الجمهور على بعضها فقط. وبسببها، ضمن امور اخرى، قلصت إيران التمويل للمنظمة التي تعاني اليوم من مشاكل مالية قاسية. كل هذه هي فقط خلاصة مشاكل نصرالله التي بسببها مشكوك في أن يسارع إلى اشعال وضع قتالي عام ضد اسرائيل، او يخاطر برد محدود من شأنه أن يؤدي إلى مثل هذه الحرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
العقوبات ضد إيران في الكونغرس
تشوش دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس بعد تعرضها للمزيد من الانتقاد
بقلم:حيمي شليف،عن هآرتس
إضافة إلى الهجوم الاعلامي والسياسي المتزايد ضد الخطاب المتوقع لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الكونغرس، يُضاف في هذا الوقت انهيار دعم الديمقراطيين للعقوبات الجديدة ضد إيران. وفي الفترة القريبة ربما يؤدي ذلك إلى تأجيل المسيرة كلها على الأقل حتى نيسان القادم. تعرض بنيامين نتنياهو وجون باينر، رئيس مجلس النواب الامريكي، في الايام الاخيرة إلى انتقاد جماهيري واعلامي غير مسبوق، ليس فقط من قبل الصحافيين والمحللين الليبراليين الذين يعتبرون متعاطفين مع الكونغرس، بل ايضا من مصادر محافظة مثل شبكة «فوكس»، الذين يعتبرون بشكل عام كخصوم للرئيس وكأصدقاء لنتنياهو. المحلل كريس فالس قال أمس إن الاجراء الذي قام به نتنياهو «مجرم» المتمثل بتجاهل الرئيس اوباما و «مخجل»، كما وصف ذلك شبرد سميث، «ماذا يعتقدون؟ أننا أغبياء؟».
وهناك ايضا سناتورات واعضاء كونغرس لا ينتقدون بشكل عام اسرائيل، تمادوا هذه المرة واعترضوا على دعوة نتنياهو إلى الكونغرس في مثل هذا الوقت. السناتورة ديان فاينستن من كاليفورنيا قالت أمس لـ «هآرتس» إن «دعوة نتنياهو بدون التشاور مع الادارة الامريكية هي خرق واضح للبروتوكول وتجاوز غير مقبول للسياسة الحزبية والسياسة الخارجية لنا».
وأضافت فاينستن إن «فرض عقوبات جديدة ضد إيران خلال المفاوضات – وهو الموضوع الذي سيحاول نتنياهو الحديث عنه – سيؤدي إلى انهيار الاتصالات وتدمير الفرصة الدبلوماسية التاريخية. وفرض العقوبات الآن هو عمل غير مسؤول وخطير». إن فاينستن الليبرالية غير محسوبة على المبادرين لفرض العقوبات المقترح، لكن الكثير من اولئك الذين دعموا القانون في الماضي أو الذين قالوا إنهم فكروا في ذلك يتباطؤون الآن ويعلنون أنهم يدعمون تأجيل فرض العقوبات.
الصحافية لورا روزن من موقع الـ «مونيتور» كتبت تقريرا أمس مفاده أن السناتور روبرت ماندز الذي بادر إلى العقوبات الجديدة مع السناتور الجمهوري مارك كريك اللذين سمي الاقتراح باسمهما «قانون كريك – ماندز»، يحاول الآن انقاذ ما يمكن انقاذه من الوفاق الحزبي. ويعرض ماندز على الديمقراطيين تأجيل التصويت على القانون الجديد إلى 26 آذار، وهو الموعد الذي يتوقع أن تصل فيه الولايات المتحدة وطهران إلى اتفاقات مبدئية حول المشروع النووي بينهما. إن اجراء ماندز يتوقع أن يضع الجمهوريين أمام معضلة: هل يعملون على إقرار العقوبات في مجلس الشيوخ في الايام القريبة القادمة، كما وعد السناتور الجمهوري لندز غرهام بعد مقابلة أجراها في كانون الاول مع نتنياهو في القدس – بدون دعم الديمقراطيين – أو الانتظار حتى نهاية شهر آذار حتى ينضم الديمقراطيون إلى الاقتراح.
في السيناريو الاول سيحظى الجمهوريون بانجاز اعلامي ولكنهم سيضمنون أنهم لم يتمكنوا من احراز الاغلبية التي ستلغي الفيتو الأكيد الذي سيفرضه اوباما. وفي السيناريو الثاني قد يحصلون على اغلبية أكثر جوهرية – لكن هذا الامر قد يحدث متأخرا جدا بعد احراز الاتفاق المبدئي بين واشنطن وطهران، «حينها ستكون الخيول قد هربت من الاسطبل»، كما قال أمس أحد المساعدين في تل الكابتول.
وفي هذا الاسبوع سيتبين إلى أين تتجه الرياح عندما تجتمع اللجنة البنكية للسنات في يوم الخميس للتباحث في هذا القانون. إن فضيحة دعوة نتنياهو ستلقي بظلالها على هذه المداولات وتفرض عليها تركيز اعلامي لم يكن متوقعا من قبل. والمشرعون من الحزبين يتأثرون بالتأكيد من هذه الموجة غير المسبوقة من الانتقاد الموجه إلى باينر، الذي دعا، والى نتنياهو، الذي استجاب. وسيأتي بعد ذلك الاحتجاج ضد الخطاب، ليس فقط من مؤدي الادارة الامريكية بل ربما من المعارضين ايضا. المحلل من «نيويورك تايمز»، ديفيد بروكس، الذي تعرض في بداية هذا الشهر للانتقاد الحاد بسبب مقال نشره تحت عنوان «عصر بيبي»، قال أمس في مداولات في شبكة البث الجماهيرية إن الحديث يدور عن «اجراء غير حكيم سيضر باسرائيل». وقال زميله الليبرالي مارك شلدز في نفس الحدث إن الاجراء «غير مسؤول وملوث».
وفي المقابل هاجم المحلل المحافظ المعروف، شارلز كراوت هامر، هاجم ادارة اوباما وقال إن «الرئيس يتعامل مع اسرائيل كطفل صغير – أو كعدو».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ماذا بالنسبة للدولة اليهودية؟
يجب أن تكون ديمقراطية إنسانية عادلة ولجميع مواطنيها
بقلم:ابراهام بورغ،عن هآرتس
ولكن، هكذا يسألني هؤلاء الذين لا يعرفون عما يدور الحديث. لكنهم غير مسستعدين للتنازل. إسرائيل هي الخشب المؤدي إلى سفينة الهوية والا نغرق جميعاً، كما قال لي احدهم.
في سنة 1948 انهار النظام اليهودي القديم، هجرنا الطائفة المبعثرة لمصلحة التركيز الرسمي والعلماني اليهودي. ومع الزمن فشلت عملية الذوبان. واليوم دولة اسرائيل هي عملياً فيدرالية تجمعات وخمائر متعددة. وبداخل هذه التجمعات تبرز وتسيطر التجمعات الدينية بالغطرسة وترفض كل من لايدعمها. وقوتها السياسية ملتصقة بال»التدين: وتحول اسرائيل إلى اكثر دينية بسبب الاستعلائية اليهودية لرجال هذه التجمعات وبسبب ان الدولة هي التي تسمح لهم بقرض التدين على المعارضين. وقد اختفى افراد الطائفة المدنية التي نشأت هنا. تراجعوا إلى ما وراء اسوار «الدولة اليهودية» بأمل ان تحافظ لهم على هويتهم حصرياً.
ولكن ما هي الدولة اليهودية؟ بالنسبة للكثيرين هي المجال الخالي من الغرباء- نقاء عرقي وهذا كل شيء. ولآخرين هي اللغة العبرية والاهلية الجماهيرية، وهي السبت كيوم راحة والأعياد. وسيكون هناك من يضيف العلم وخطوط قماش الصلاه الموجودة عليه، نجمة داود، الشمعدان، نشيد «الامل»، والحاخامبة الرئيسية. الاصوليون يعلنون الولاء لقانون العودة، للمؤسسات الوطنية، لقانون الوصايا، للزواج الديني، كدين موسى واسرائيل ولمنع تربية الخنزير. وإلى الاصولية في الاصولية اسرائيل بالاساس هي ازدهار الخلاص. أساس كرسي الله في العالم، اي هي الصك الوطني من الله، ولا اكثر.
إنني افهم الحاجة النفسية إلى شيء ملموس. «ان تكون يهوديا» فهذا شيء مجرد جداً. خصوصاً لاولئك الذين ليست لديهم تلك الممارسات اليومية كفريضة، انهم يهود بسبب تاريخهم البعيد والقريب. وبسب انه ليس لهم طريق خاصة بهم للتعبير عن هذا الانتماء. انهم بحاجة للدولة كحارسة للهوية، الدولة هي الكنيسة الجديدة بالنسبة لهم. بالنسبة للكارهين والمكرهين. المتدينين وغير المتدينين.
اسرائيل الحالية هي نموذج يهودي غير عادي، نموذج سلطوي هو ليس مملكة داود الاسطورية وليست مملكة المسيحيين المستقبلية. الخوف من المحرقة والحروب شكلت هذا المجتمع الذي ادعى انه مثال يحتذى به للوجود اليهودي القديم. تحول إلى دولة اللجوء، التي تبرر كل شيء من اجل انقاذ جسد كل يهودي.
وبذلك فانه من الواضح لماذا في هذا الوضع النفسي لا يملك احد الصبر للفحص الدقيق في السؤال «ما هي اليهودية؟» وكل واحد بطريقته يصيغ التعريف الذي يريده إلى ما لا نهاية. والنتيجة هي ان الشعب اليهودي لم يشهد في تاريخه فترة تحققت بها الاسس المكونة لليهودية الاسرائيلية. والسيادة والارض واللغة، والقوة والدين. وكانت اوقات تكلمنا بها العبرية ولكن ليس في جميع المناطق. وفي اوقات اخرى كانت البلاد اكبر من مساحتها الحالية ولكن ليس تحت سيادتنا. او ان السيادة كانت يهودية ولكن بدون قوة او دين او قدسية او مسيح.
ولماذا اعارض انا التعريفات المتجذرة في الروح الاسرائيلية؟ لان كل دولة يجب ان تكون علمانية مدنية، دولة قانون ومساواة، لجميع مواطنيها وتجمعاتها يحدد طابعها من الأسفل إلى الأعلى من قبل الأفراد والتجمعات التي تعيش فيها. وليس بالاملاء والفرض من الاعلى. انا مع اسثمار الموارد العامة والحفاظ على التقاليد التاريخية لجميع التجمعات في اسرائيل. وكلما كان التجمع اليهودي هو الاغلبية فهو الذي سيشكل طابع المجال الجماهيري. في الوقت الذي تحافظ به تجمعات الاقلية على قيمها باحترام. واذا تحولنا إلى اقلية سيتم الاحتفاظ بحقنا في الحرية وتقرير المصير.
وينبغي ان نكون دقيقين، ان نؤثر ونشكل هنا يعني ان ندوس ونشطب وجود التجمعات الاخرى – لا، باي شكل من الاشكال- لان تقرير المصير على حساب الاخرين لايعتبر في نظري ديمقراطيا ولايعتبر يهوديا. ان اليهودية في المكان لا تستند إلى قوة الاملاء اليهودية. (اكل الفصح والسبت) وغيرها. اليهودية الاسرائيلية القائمة الان هي تقنية بيروقراطية قسرية وعدوانية وهي ليست يهودية على الاطلاق. وليست ديمقراطية.
هل هذا هو التعريف الوحد لليهودية؟ بالطبع لا. فعندما يعود فلاديمير بوتن إلى القيصرية وتعود الخلافة الإسلامية إلى القرن السابع ويعود الحاخامون إلى القرن الميلادي الثاني ولبيت المقدس، فإن بإمكاننا نحن ايضاً العودة إلى نقطة الانظلاق في 1200 قبل الميلاد.
النص الوحيد الذي تلقيناه من الله مباشرة، حسب الاسطورة اليهودية الدينية، هي الوصايا العشرة، والمسئولية الشخصية للفرد. لا يوجد بها الارض الموعودة. وبيت المقدس والكهنة والحاخامية والسيادة والاكراه. وصايا الله ليست سوى وضع حد لغطرسة الانسان. والخطوط العريضة لهذا هو أن لا تكون يهودية القبلية، والبيروقراطية الوطنية. هذه الثقافة والسلوك والأفكار والقيم التي تجعل حرمة الدنيوية من مسؤولية الإنسان. وأسس العدالة الاجتماعية ونزاهة النظام الأساسي وقانون عمل منطقي في مركزه يوم راحة اسبوعية الزامية، مع الاعتراف بالقيود المفروضة على سلطة الإنسان، والقانون، والحقيقة، ومحاربة الظلم، والحد من الفجوة بين الأغنياء والفقراء، والمساواة بين الكبير والصغير، والحب الكره، وحتى الاحساس بالم الحيوانات.
هل نحن في هذا الاتجاه؟ لا على الإطلاق. دولة القيم هذه هي اطار اليهود الذين وضعوا لهم هدفاً على تعزيز أفضل حكم للإنسان، والتصرف – في العلاقات الداخلية والخارجية – وفقا للمعايير الإنسانية والأخلاق والعدالة الإنسانية دون تمييز. العنصري لا يمكن أن يكون مواطنا في بلد مثل هذه حتى الصالحون سيكونون بها مواطنين فخرييين. نظامها التعليمي يثقف مواطني المستقبل لإنشاء مجتمع يحب للاخرين مثلما يحب لنفسه. مجتمع يتذكر الأخطاء التي فعلها الاخرون له. ولكن لا يتشكل بواسطتها، ولا يجعلها السياسة العدوانية التي تبرر الشرور والظلم للآخرين. هذا هو المجتمع الذي يقف إلى جانب كل ملاحق في العالم بكل طرق التضأمن والمساعدة.
وهنا يسأل السؤال: ولكن تلك القيم التي يستحقها كل الناس، فما اليهودية أو الإسرائيلية فيها؟ ببساطة. التراث القديم، لدينا إرث تلك القيم الإنسانية، التي بالامكان نشرها لكل العالم. ولتكن اليهودية الفريدة من نوعها التي تضع هذه القيم على رايتها وتعكس اعمالها طموحاتها الانسانية. بذلك تتحول اسرائيل إلى رائدة دول العالم الانسانية الايجابية. لا تتاجر بالسلاح بل تلتزم بحقوق الانيسان. تسعى إلى السلام ولا تخطط للحروب. مجتمع يقول زعماؤه دائماً انا سوري انا نيجيري انا دارفوري ويعملون وفقاً لذلك وعندما يجرؤ حينها احد على الاعتداء على يهودي يقف جميع شركائه ليقولوا كلنا يهود. ويتصرفون وفقا لذلك. هذا هو التعريف الوحيد لليهودي القادر أن يعيش بتضافر كامل مع الديمقراطية» ولا يعلن في كل صباح جديد الحرب على الاخرين. هذا هو المجتمع الذي له دولة ديمقراطية لجميع مواطنيها وهو التعبير العميق والاساسي عن «اليهودية».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
إعدامات داعش
قضية اختطاف اليابانيين من قبل «الدولة الإسلامية» تثير جدلا واسعا في اليابان
بقلم:اهود هراري/ بروفيسور في العلوم السياسية والدراسات الآسيوية في الجامعة العبرية، عن هآرتس
إنتهى الانذار الذي وضعه تنظيم الدولة الإسلامية أمام حكومة اليابان. وحسب اقوال سكرتير عام الحكومة اليابانية (وهو الشخصية رقم 2 في هرم السلطة)، فان وضع الأسرى الاثنين ما زالت تلفه الضبابية، ولم يتم اجراء أي اتصال مع الخاطفين على رغم أنه نشر في الشبكة فيلم يظهر فيه أحد المخطوفين – المصور غوتو – والأسير الثاني يوكاوا قد تم إعدامه، والجهاديون كانوا مستعدين لاطلاق سراحه مقابل اطلاق سراح امرأة من القاعدة معتقلة في الاردن، وهناك من يشككون في مصداقية هذا الفيلم، وقد أعلنت حكومة اليابان أنها تفحص في مصداقيته. وفي هذه الاثناء يحاولون في اليابان اجراء اتصال مع تنظيم الدولة الإسلامية بواسطة مختلف الوسطاء. ويتبين أنهم في التنظيم يحاولون استقطاب تأثير الرأي العام الياباني على رئيس الحكومة، شنزو آباه، الذي في هذه المرحلة يواصل الادعاء بأن اليابان لن تخضع للإرهاب.
هناك اوساط في اليابان تنتقد رئيس الحكومة على زيادة نسبة التدخل الأمني لدولتهم في الحلبة الدولية التي أدت إلى هذا الوضع غير المحتمل. أحد المنتقدين للحكومة هو عضو البرلمان من المعارضة الذي يدعي أن آباه أعلن عن دعم سخي بقيمة 200 مليون دولار للدول التي تعاني من نشاطات الجهاديين في الوقت الذي علم فيه أن تنظيم الدولة الإسلامية تحتجز أسيرين يابانيين.
ومع ذلك، وعلى خلفية تقارير اعلامية عما يدور في الشبكات الاجتماعية، فان المنظمة المتطرفة اليابانية تأمل أن يؤثر الرأي العام على رئيس الحكومة ويضطره إلى التنازل. إلا أنه يبدو أن هذا الأمل لن يتحقق وربما تكون نتيجة الضغط الجماهيري معاكسة، ولكن حتى الآن ليس هناك أي دليل على أن اليابان ستدفع الفدية التي يطلبها الخاطفون. والاكثر بروزا في تطرفه هو محامي اليابانيين الذين تم أسرهم في العراق في 2004، والذين تم اطلاق سراحهم بعد دفع الفدية وعادوا إلى اليابان، حيث يقول هذا المحامي إنه يجب تحرير الأسرى بأي ثمن.
ومن بين المعارضين لدفع الفدية شخصيات تعارض من ناحية مبدئية الخضوع للابتزاز، وهم يدعون أن الأسرى دخلوا إلى سوريا على مسؤوليتهم الشخصية (أحدهم صور فيلما وطلب عدم اتخاذ أي اجراء في حالة أسره). آخرون يدعون أن هدف الخاطفين ليس تلقي الفدية بل جلب الانتباه الاعلامي إلى نشاطاتهم وإن الدعم المالي الذي منحته الحكومة اليابانية للدول التي يعمل فيها المتطرفون يُفسر بأنه عمل معادٍ لتنظيم الدولة الإسلامية ومبررا لاحتجاز الرهائن.
وفي الشبكات الاجتماعية يبرز تياران متوازيان: الاول موجه إلى الخاطفين ويسمى «مانغا». والثاني موجه للمخطوفين حيث يلومهم على تورطهم بمعرفتهم وبشكل غير مباشر يلوم الحكومة اليابانية في موضوع الجهاديين. ويعتقدون أنه ليس لهم أن يتوقعوا تورط الحكومة اليابانية وتبذير أموالها على اطلاق سراحهم.
أكثر الانتقاد موجه إلى المعتقل يوكاوا، وهو شخص مجهول كان يملك شركة حراسة خاصة في السابق وقرر الانضمام إلى المتمردين لاكتساب تجربة قتالية. أما بالنسبة لغوتو فيحظى بنوع من التعاطف بسبب كونه مصورا لم يبحث عن مشاعر الحرب بل كان يركز اهتمامه على الضحايا وخصوصا الاطفال. وقبل خروجه إلى سوريا قال للمرشد الذي رافقه إنه يذهب إلى هناك من اجل اطلاق سراح الرهينة الآخر.
وعلى فرض أن الفيلم المذكور موثوق فمن المعقول الافتراض أنهم في الوضع الحالي، ليس فقط حكومة اليابان بل ايضا الخاطفين، يبثون شيئا ما حول مصير غوتو الذي ما زال على قيد الحياة. من اجل أن يكون لكل طرف امكانية الادعاء أنه ما زال مصرا على موقفه. اذا كان هذا الاعتقاد صحيحا وأن الجهاديين لا ينوون اعدام غوتو، بخلاف يوكاوا الذي أعلن أنه جاء إلى سوريا للقتال، فان المصور بالنسبة لهم، ولاسباب انسانية، قد لا يتم اعدامه.
نكاتا كو، وهو بروفيسور سابق في جامعة في كيوتو، وخبير في القانون الإسلامي ويعرض نفسه كمسلم، توجه إلى الخاطفين باليابانية وبالعربية وعرض عليهم اقتراحا يمكنهم قبوله وهو أن الـ 200 مليون دولار التي عرضتها اليابان على دول في المنطقة، لن توجه لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بل لاهداف انسانية فقط وخاصة للتخفيف على اللاجئين الموزعين في المنطقة. واقترح نكاتا أن تنقل اليابان مساعدات انسانية إلى السكان المحتاجين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية»، وتطوع للالتقاء مع الخاطفين لكي يجري معهم المفاوضات.
إن الشخصية التي يمكنها الاسهام في هذا الموضوع هو رئيس تركيا، رجب طيب اردوغان، رغم التحفظ على كونه وسيطا منطقيا، فقد تم تصوير اردوغان في وسائل الاعلام كزعيم يخدم الجهاديون مصالح بلاده، وكزعيم ساعدهم بشكل غير مباشر، أو أنه لم يُعق تقدمهم عندما كان بامكانه القيام بذلك.
وفي الفترة الاخيرة أطلق الجهاديون سراح عشرات الاتراك في صفقة تبادل أسرى. وفي هذه الحال بامكان اليابان أن تقبل اقتراح البروفيسور نكاتا وأن تنقل مساعدات انسانية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، وتدعي أن نوايا آباه كانت ليس فقط مساعدة المحتاجين في الدول التي تقاتل ضد تنظيم داعش، بل ايضا المحتاجين في المناطق التي يسيطر عليها داعش. وفي هذه الحال بامكان اليابان أن تنقل لتنظيم الدولة الإسلامية مساعدات رمزية أقل من المبلغ المطلوب دفعه. وإن أحدا لن يفحص قيمة المساعدات التي ستقوم بارسالها.
إن تركيا مناسبة جدا للعمل كوسيط مع اليابان. فالعلاقات بين الدولتين جيدة منذ زمن وتوثقت في الفترة الاخيرة. وقد زار رئيس الحكومة آباه تركيا أكثر من مرة منذ توليه المنصب في كانون الاول 2012. وفي أيار 2013 وقعت تركيا واليابان على صفقة بقيمة 22 مليار دولار لبناء مفاعل نووي في تركيا خلال عشر سنوات. العلاقات مع الاردن أيضا وثيقة، وفي الظروف الحالية يحتمل أن يتوسط الرئيس التركي مع الاردن ايضا، وسيحظى اردوغان كذلك بالفخر بأنه دعم تجسيد اقتراح البروفيسور نكاتا الذي هو مقبول على الطرفين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اليمن: فشل آخر لاوباما
انتصار الحوثيين في اليمن هو تعزيز للدور الإيراني الإقليمي في المنطقة
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
إن تفكك اليمن، دولة عربية اخرى بعد ليبيا، سوريا والعراق – التي حذت جميعها حذو الصومال – هو بشرى سيئة جدا لاوباما. النظام اليمني هو حلقة مهمة جدا في الحرب ضد الإرهاب الجهادي، لم ينجح في السيطرة على الدولة بعد المغادرة القسرية للرئيس المخضرم علي عبد الله صالح في عام 2012 (ضحية اخرى للربيع العربي). خليفته المدعوم من واشنطن، الرئيس عبد ربه منصور هادي، اضطر إلى الاستقالة في يوم الخميس الماضي بعد أن سيطر المتمردون الحوثيون الشيعة، المدعومون من إيران. الفوضى اليمنية هي رسالة غير مريحة للملك السعودي، الذي يرى مرة اخرى كيف أن واشنطن في عهد اوباما لا تنجح في المحافظة على حلفائها، وفي المقابل تنجح إيران في وضع إسفين في دولة عربية اخرى، رغم الضغط المضاد لها على الارض فانها تزداد قوة. ما الغريب في أن يقلق الكونغرس من نتائج المباحثات النووية؟.
تخيلوا للحظة كيف سيبدو اليمن، الذي هو قاعدة أساسية لتنظيم القاعدة الإرهابي، بعد أن يسقط في أيدي المليشيات الشيعية الحوثية المقربة من إيران. هذا ليس تخيلا، بل هو الواقع اليوم.
فيما يتعلق بدول الخليج وعلى رأسها السعودية، التي تخشى من إيران، توجد لها كل الاسباب للخوف: خذوا على سبيل المثال، مضيق باب المندب، الذي له أهمية استراتيجية، يمكن أن يسقط الآن في أيدي إيران أو القاعدة. هذه هي الاحتمالات. هل يستطيع أحد أن يتخيل سيناريو أكثر رعبا وفزعا؟ ليس هذا ما تبناه اوباما عندما أراد في 2008 أن يشكل لنا عالما جديدا، أكثر أمنا. بالمناسبة، معنى «باب المندب» بالعربية – بوابة الدموع.
ليس هناك شك في أن ادارة اوباما عالقة اليوم في المأزق الإيراني، في الوقت الذي يجب فيه الضغط على إيران وعلى مشروعها النووي، من اجل منع السلاح النووي عنها. في المقابل، قواتها موجودة اليوم في العراق، سوريا ولبنان، والآن في اليمن ايضا. نجحت طهران في تشويش اوباما: من جهة، هي تقف في نفس الجبهة مع الامريكيين ضد جهاديي القاعدة ونشطاء داعش البربريين، ومن جهة اخرى تدافع عن الاسد ولا تتوقف عن حلمها النووي. لهذا ليس مفاجئا أن يكون الفارسيون هم الذين اخترعوا لعبة الشطرنج.
بالنسبة لواشنطن فان لليمن أهمية استراتيجية من الدرجة الاولى في الحرب ضد الإرهاب (ويشهد على ذلك الحرب هناك بمساعدة الطائرات بدون طيار). فقط قبل اربع سنوات أعلنت الادارة الامريكية أن التعاون مع النظام اليمني الحالي، بادارة الرئيس هادي، هو نموذج للنجاح… هل يمكن تصور أن واشنطن حينها لم تستوعب ما كان يجري حقا على الارض، كما هو الامر بشأن تنظيم الدولة الإسلامية؟.
شعار الحوثيين «الله أكبر.. الموت لامريكا، الموت لاسرائيل» هو اثبات آخر لماذا الولايات المتحدة واسرائيل مع مصر والاردن والسعودية عليها أن تفهم أن لديها كل الاسباب لصد إيران.
في هذه الايام يستغل نظام آيات الله عالمنا الأقل أمنا منذ 2008 من اجل الانتشار على اللوحة وتهديد الملك السعودي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ


رد مع اقتباس