ملخص مركز الاعلام
عرض السلطة المثير في الفيفا
بقلم عبّاد يحيى عن الرسالة نت
هل كان إعلان رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، جبريل الرجوب، سحب طلب تعليق عضوية إسرائيل في كونغرس الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" مفاجئاً؟ اختلف المعلقون على الحدث الصاخب، وأسفر رد الفعل عن مفاجأة كثيرين من سحب الطلب، في حين استذكر كثيرون واقعة غولدستون، واعتبروا الأمر تكراراً آخر لمشهد معروف. يمكن أن نرصد هنا عدة ملاحظات على هذا العرض المثير.
أولها، اللافت هذه المرة هو الزخم، والصوت العالي، ونبرة التحدي التي استبق بها رئيس الاتحاد الفلسطيني انعقاد كونغرس الفيفا، بل إن ناطقين باسم الاتحاد تحدثوا عن "استراتيجيات وطنية"، وقرارات على مستوى القيادة، وبلغ تحشيد المتظاهرين والمناصرين حتى بوابة اجتماع الفيفا، ونجحوا في اختراق الاجتماع، ورفع الأعلام الفلسطينية، وتوقيع عرائض لعشرات الآلاف ضد إسرائيل وتمثيلها في الفيفا. أجواء تسخين غير مسبوقة ساهمت في جعل سحب الطلب على يد الرجوب بمثابة صدمة وتخاذل غير مفهومين.
المهم، هنا، أن ماكينة الترويج والاحتفاء الضخمة التي طورتها السلطة، خلال السنوات الماضية، لمواكبة أي قرارات للرئيس أو "القيادة"، منذ قرار التوجه إلى الأمم المتحدة، ها هي اليوم تنقلب على السلطة، وتفعل فعلاً عكسياً، ونفخ الخطوات وتضخيمها لتبدو مفصلية وتاريخية، أسفر عن انفجار هذه البلالين الضخمة بدوي هائل، يشير، أول ما يشير، إلى حجم الافتعال في الماكينة وأدواتها وخطاباتها، بل وحجم الزيف والتضليل.
وثانية الملاحظات أن الإيهام بأن خلف كل قرار أو مشروع أو تحرك إجماعاً وطنياً واستراتيجيات موسعة ومستويات عليا من القرار والقيادة، ينكشف بشكل مثير، وتتجلّى صورة الشخص الواحد المسؤول والمقرر في مساحة نفوذه. فإن كانت هنالك استراتيجية وطنية وقرارات قيادة ومسار طويل خلف تقديم الطلب، كيف يسحبه رئيس الاتحاد، بعد دردشات جانبية خلال انعقاد الجلسات! بل ويظهر الأمر وكأنه شأن شخصي بحت، يشكر الرجوب من نصحه بشأنه.
هذا يفتح المجال للملاحظة الثانية، وهي أن الشخصنة المفرطة في مسارات كهذه تكشف جزءا من آليات ضغط إسرائيل على السلطة وقيادتها، عبر توجيه الضغط والتحذير والتهديد لشخوص بعينها، والتضييق عليها، وعلى مصالحها الخاصة والشخصية، بدل التعامل مع قيادة وشعب. تتعامل إسرائيل مع صائب عريقات والرجوب وغيرهم كأشخاص محددين، لا كقيادة فلسطينية، ويشرع مجال هائل للضغط على هؤلاء. ونزعات التفرد وتصدر المشهد لدى كثير من هذه "القيادات" هي، في النهاية، عرض مغر لتمكين لإسرائيل منهم، وتحديد وجهة الفعل والضغط. واللافت أن الرئيس أبو مازن يغيب عن المشهد في حالات كهذه، وهذا يتعارض مع "عدم تساهله في شؤون القيادة الأخرى".
الملاحظة الأخيرة حول تلك السقوف الواطئة التي تظل السلطة تبتكرها، ثم ما تلبث تتنازل عنها. وهنا، يمكن ببساطة استنتاج أن السلطة لا تقدم على خطوات وتحركاتٍ إلا بعد التأكد من أنها لن تفتح عليها باب الغضب الإسرائيلي، حتى يبدو وكأن هنالك تنسيقاً في الأمر، ويبدو أن سياسة الحصار المالي فعالة إلى حد بعيد، وأن السلطة لا تتحدى إسرائيل، بقدر ما تناور في الأمتار الأخيرة قبل خطوط الغضب الإسرائيلي. واللافت أن الخطوط الإسرائيلية هذه متحركة، وتقلّص مساحة مناورة السلطة.
هل يمكن لأحد أن يسمي المناورة هذه نضالاً؟ هل جعل رد فعل العدو والخوف منه محدداً لأي فعل أو سلوك سياسي، يتفق مع وصف السلوك على أنه نضال أو مواجهة؟ هذه المغالطة في فهم الفعل السياسي والسلوك النضالي امتدت للفلسطينيين، أيضا، فباتوا يحسبون رد فعل الاحتلال عند الإقدام على وضع أي تصور لسلوكهم ونضالهم، بدل أن يكون التعريف البديهي للنضال والمقاومة أنها كل سلوك يستدعي رداً عنيفاً من الاحتلال.
معركة خاسرة في (فيفا)
بقلم عصام شاور عن فلسطين الان
لم يكن لدي أدنى شك بأن تهديدات رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني جبريل الرجوب بتجميد عضوية الاتحاد الإسرائيلي لن تتحقق، ولكنني كنت أنتظر مؤامرة دولية على القرار الفلسطيني لا سحب الجانب الفلسطيني طلب التجميد.
حق لنتنياهو أن يعلن انتصاره على الفلسطينيين بهذه المناسبة، لاسيما أنه متشوق إلى أي انتصار بعد هزيمته في معركة العصف المأكول، والإحراجات اليومية لجيشه على تخوم غزة من قبل المقاومة الفلسطينية.
أنا لا أضع أي لوم على جبريل الرجوب؛ لأنه لا يتصرف حسب هواه ورغبته، وإنما يمثل سلطة وينفذ سياستها، ولذلك أجد فصائل منظمة التحرير مخطئة حين تضع كل اللوم على شخص الرجوب، وكأنها تريد تبرئة نفسها من موقف هي مسئولة عنه بحكم أنها جزء من منظمة التحرير الفلسطينية، والمنظمة هي المسئولة بالدرجة الأولى عن مواقف السلطة وممثليها في المؤسسات الدولية، ولا يمكن أن تتخلى المنظمة عن مسؤولياتها وقتما تشاء، وتكون هي الآمر الناهي وقتما تشاء.
ما حدث في (فيفا) يضع أمام فصائل منظمة التحرير السؤال الكبير: إذا عجزتم عن طرد الكيان العبري من (فيفا)؛ فكيف ستطردونه من الضفة الغربية بالانضمام إلى المؤسسات الدولية؟!، وكيف ستحاسبونه على جرائمه بحق غزة والضفة والمقدسات والشهداء؟!
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين دعت إلى مواجهة كل أشكال الضغوط الإسرائيلية التي تستجيب لها المؤسسة الرسمية الفلسطينية، وذلك بالعودة إلى المؤسسات القيادية بعيداً عن التفرد في اتخاذ القرارات المتعلقة بالقضية الوطنية، وهذه هي النقطة الأساسية التي يجب معالجتها بتحديد الجهة الرسمية المسئولة عن القرار الفلسطيني، ألسلطة هي أم منظمة التحرير؟، أعتقد أن منظمة التحرير هي المسؤولة، ولابد من إعادة تأهيلها وبناء مؤسساتها وهيئاتها القيادية، وألا تظل مجرد عنوان دون كيان حقيقي؛ حتى تكون العنوان للفلسطينيين كافة، والجبهة الموحدة لمواجهة العدو الإسرائيلي، في فلسطين وفي المؤسسات الدولية، بدلًا من حالة التخبط التي نعيشها، أي أن المطلوب معالجات جذرية لا بعض الاستعراضات فقط، كما حصل في الاتحاد الدولي لكرة القدم.
الرجوب يطعن خاصرة المغاربة
بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام
"الصهيوني يطلع برة والمغربي أرضه حرة" هذا هو الهتاف الذي دوى في القاعة الرياضية التي احتضنت منافسات دوري (ماسترز جودو)، في أثناء مشاركة الوفد الإسرائيلي، لقد عكس الهتاف رفضاً مغربيّاً لرؤية القدم اليهودية تدوس على تراب المغرب بحذاء رياضي؛ فالرياضة منذ سباق (ماراثون) بين الروم والفرس قبل آلاف السنين كانت سياسية.
التفهم المغربي للضغط الذي وقع على حكومتهم، وضرورة التزامها بالاتفاقية التي تلزمها باستقبال الوفود لم يمنع ردة فعل الشعب المغربي، التي أهانت الوفد الرياضي الإسرائيلي، وكانت أبلغ من عدم الاستقبال الرسمي، وأزعم أن هذه البطولة الشعبية المغربية تعبر عن مزاج الأمة العربية والإسلامية كلها، بغض النظر عن موقف الحكومات.
في مقابل الموقف الشعبي المغربي المبدع، وفي قمة النشوة الوطنية والإسلامية التي ترفض استقبال الصهاينة أو الابتسام في وجوههم؛ امتدت يد المسئول الفلسطيني الجنرال جبريل الرجوب، وراحت تصافح بمودة وحنان يد رئيس الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم المتطرف (عوفر عيني) أمام دهشة شعوب العالم التي عاشت أياماً من البطولة الزائفة، والتحدي الكاذب، والمواجهة الهزلية على خشبة المسرح الرياضي، لقد أيقنت شعوب الأرض كلها أن سحب الطلب الفلسطيني الذي تضمن تعليق عضوية الكيان العبري في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) كان نتيجة تنسيق سياسي فلسطيني إسرائيلي على أعلى المستويات، وما جبريل الرجوب إلا منفذ لسياسة عليا، وما كان ليجرؤ الجنرال على سحب الطلب دون إذن قيادته، التي قدمت هذه الهدية السياسية إلى الكيان؛ للتعبير عن نيتها مصافحة تفاوضية أعلى مستوى من مصافحة رياضية.
وفي تقديري إن هذا التصرف ينسجم مع السياق العام الذي يحكم سلوك السلطة الفلسطينية مع الاحتلال، وإزاء الشعور بالخزي والمهانة أمام المجتمع الدولي والعربي والفلسطيني الذي تابع القضية بشغف واهتمام بالغين؛ إن الجنرال جبريل الرجوب لن يعدم الحيلة والوسيلة، وسيجد الرجل ألف ذريعة وذريعة يقدمها تبريرًا لسحب الطلب، ولكن من المؤكد أن الجنرال لا يجرؤ على فضح المستور في القضية، ولن ينبس ببنت شفة عن السبب الكامن خلف إثارة موضوع تعليق عضوية الكيان في الاتحاد الدولي لكرة القدم، وبذلك رفع سقف المطالب الفلسطينية، والصعود إلى أعلى درجات السلم، وفجأة يبدأ تبريد الأجواء، ليصير التركيز على المصافحة مع الابتسامة التي تشير إلى أن القيادة الفلسطينية التي أجلت التصويت على تقرير (جولدستون) في مجلس حقوق الإنسان سنة 2009م هي القيادة نفسها التي منعت تصويت (فيفا) على طلب تعليق عضوية الكيان العبري، وهي القيادة نفسها القادرة على مد يدها للمفاوضات.
الجهة الفلسطينية السيادية التي سحبت طلب تعليق عضوية الكيان العبري في منظمة (فيفا) لم تخن نفسها، بل خانت كل المنظمات والجمعيات والتجمعات العربية والإسلامية والإنسانية التي اصطفت خلف القضية الفلسطينية العادلة، فكان الخذلان على يد من يدعي أنه الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهذا يفرض على كل قوى الشعب الفلسطيني الناضبة بالحياة وحب الوطن أن تتضافر معاً، وأن تشكل جبهة وطنية إسلامية عربية فلسطينية تسعى إلى استرداد القرار الفلسطيني الذي ألقى القبض عليه جماعة غير مؤتمنة على القضية.
ومع الاستسلام الفلسطيني الرخيص في زيورخ بالنمسا، واحتفالات النصر الإسرائيلية التي عاشها نتانياهو، برفقة وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغف؛ ستبقى القضية الفلسطينية نبض الروح للأمة العربية والإسلامية، وسترفض كل شعوب الأرض المصافحة الخبيثة بين الرجوب وعوفر عيني، وستقف الأمم الحرة جميعها خلف المغاربة، وهم يهتفون في وجه الوفد الرياضي الإسرائيلي: "فلسطين أمانة، والتطبيع خيانة"، نعم، التطبيع خيانة وفضيحة وعار، والخيانة عفن وقذارة، ولو كحلت عيونها بالضرورة، وتعطرت بالحاجات الملحة، وطرزت فستانها بالظروف الموضوعية.
ملاحظة: عندما يقول وزير الحرب الصهيوني السابق إيهود باراك: "إنني أعرف من سيخلف محمود عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية"؛ فمعنى ذلك أن إيهود باراك كان يعرف أن الذي سيخلف أبا عمار رئيساً للسلطة الفلسطينية هو شخص محمود عباس
وانقشع غبار معركة الفيفا
بقلم خالد معالي عن فلسطين اون لاين
ما إن انقشع غبار معركة تعليق عضوية (إسرائيل) في الفيفا؛ حتى راح بنيامين نتنياهو يهنئ نفسه وجمهوره بفشل خطوة السلطة الفلسطينية بطرده من الفيفا؛ ودقت طبول الأفراح والليالي الملاح؛ في دولة الاحتلال، وتشفّى بنا "نتنياهو" وزمرته من المتطرفين أمثال "بينت" وغيره؛ وهو ما شكل خيبة أمل في صفوف الفلسطينيين والمؤيدين لهم.
أوساط في حكومة الاحتلال اعتبرت مطالب طرد اتحاد الكرة "الإسرائيلي" من الاتحاد الدولي "فيفا" والاتحاد الأوروبي "ويفا" تهديدًا استراتيجيًا, وتعاملت معه بأقصى درجات الجدية، وأعدت حملات سياسية ودبلوماسية وإعلامية لمواجهة ذلك، وهو ما يعكس أن هذه الحملات لها أثر مهم في تنبيه الدول إلى خطورة انتهاكاتها لحقوق الإنسان واقترافها لجرائم حرب، وهو ما يعني ضرورة مواصلتها.
لم يقنع أحدًا؛ رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب, والذي علل في بيان له سبب سحب الطلب الذي تقدم به للجمعية العمومية للاتحاد الدولي "فيفا" لطرد (إسرائيل) من الاتحاد، بسبب انتهاكاتها التي تمارسها بحق الرياضة الفلسطينية، بالقول: أما بخصوص سحب الطلب الفلسطيني الداعي لطرد (إسرائيل) من عضوية الفيفا، فإني أؤكد هنا أن هذا القرار قد تم بالتنسيق مع غالبية الاتحادات العربية والاتحادات الداعمة, والذين أيدوا ذلك بقوة تحسبًا لأي ردات فعل سلبية من قبل دولة كيان العدو, واعتبار ما تم تحقيقه في هذا الصدد هو إنجاز يجب البناء عليه.
طلب الرجوب جاء بعد انتهاكات الاحتلال المتزايدة للقواعد القانونية المنظمة لعمل الفيفا وأخلاقيات كرة القدم وقواعد التعامل، خصوصًا في الحرب "الإسرائيلية" على غزة الصيف الماضي، من قتل وتدمير، وما يواصله الاحتلال من حد لحرية حركة الرياضيين الفلسطينيين على المعابر والحواجز.
في ردود الأفعال على خطوة الرجوب؛ حملت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السلطة الفلسطينية مسؤولية سحب طلب تعليق عضوية (إسرائيل) في الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، واصفةً ما جرى بأنه ضرب للجهود الرامية لفضح الاحتلال وجرائمه وعزله عن المؤسسات الدولية المختلفة.
واعتبر المرصد الحقوقي أن سحب الطلب يعني إتاحة الفرصة لاستمرار سياسة الإفلات من العقاب، خصوصًا أن هذا السحب سبقه ما جرى في مجلس حقوق الإنسان سنة ٢٠٠٩ بعد صدور تقرير "غولدستون" حول انتهاكات الحرب على غزة، وتعطيل مشروع قرار سابق كانت تقدمت به دولة قطر في مجلس الأمن سنة ٢٠٠٨ لإنهاء حصار غزة.
الكل يعلم أن ضغوطًا مورست؛ ولكن كان يجب أن لا يتم الاستسلام لها؛ حيث قال الرجوب, الذي قام بسحب الطلب: إنه "استلم تهديدات يومية من (إسرائيل) بسبب طلب تعليق عضويتها في الفيفا".
كل خطوة تربك أو تلاحق الاحتلال وتعريه في المحافل الدولية مطلوبة؛ بحيث إن ذلك يمهد إلى إنهاء الاحتلال "الإسرائيلي" للأراضي الفلسطينية، ويؤدي إلى وقف دوامة العنف المستمرة منذ عقود، وإن طال زمانها.
الثمن الذي جناه الرجوب من خطوة الانسحاب لا يرقى لمستوى تجميد أو تعليق عضوية دولة الاحتلال لو أنها توبعت وتمت بنجاح؛ وحجم الضغوط على الرجوب وعلى كل خطوة فلسطينية في المحافل الدولية هو عادة متوقع أن يكون كبيرًا من قبل الاحتلال؛ ولذلك كان يجب أن يكون عند الرجوب خطة للتغلب عليها, وهو للأسف ما لم يحصل؛ واكتفى بإنجازات لحظية لا ترقى لمستوى الحدث.
في كل الأحوال, ما حصل هو مجرد جولة من بين جولات مقبلة؛ ولا بد من أخذ العبر؛ ولا بد من التجهيز المسبق والجيد للجولات القادمة؛ فخسارة جولة لا تعني خسارة المعركة؛ والاحتلال فرحته مؤقتة كونه دخيلًا وطارئًا لا بد له من الرحيل؛ طال الزمن أم قصر.


رد مع اقتباس