ملخص مركز الاعلام
ارات الإقليمية الصعبة
بقلم محمد عوده الأغا عن المركز الفلسطيني للاعلام
نلحظ مؤخراً التغييرات الكبيرة التي طرأت على الإقليم بصورة متسارعة، خصوصاً بعد وفاة الملك السعودي عبد الله، واستلام الملك سلمان بن عبد العزيز لمقاليد الحكم، والتغيير الكبير في سياسة المملكة العربية السعودية، وخروجها عن الرتابة المعهودة، وإطلاق مؤشرات كبيرة تجاه بعض القضايا الحساسة، ثم تشكل تحالف عاصفة الحزم، الذي يرى فيه البعض أنه تحالف سني في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، وما لحق بهذا التحالف من مدٍ وجَزْر في تأييد أعمال التحالف من قبل بعض الدول خصوصاً تركيا.
وليس انتهاءً بالمفاوضات الإيرانية الغربية حول البرنامج الإيراني النووي وظهور علامات اتفاق، يتوقع البعض أنه ستتغير به موازين المنطقة لصالح إيران؛ بإعطائها مساحة أكبر من شرعية التحرك ضمن ملعب الكبار في الخليج، الذي يعد نقطة التقاء مصالح القوى العظمى لما يمتلكه من مخزون نفطي وغاز طبيعي.
إذاً فالأحداث تتسارع في منطقتنا العربية بصورة متلاحقة بما لا يدع مجالاً للشك أن على اللاعِبِين الإقليمِيين إعادة ضبط التوازن، وإحداث اختراقات في جدار السياسات الإقليمية المتبعة منذ فترة، لأنها أثبتت عدم قدرتها على التعامل مع مجريات الأحداث.
نحن أمام خارطة معقدة من التهديدات والظروف الاستثنائية التي تمر بها الدول والأطراف الإقليمية أصحاب المصلحة، فالمملكة العربية السعودية يشغلها الآن تنامي الفكر المتطرف، وازدياد النفوذ الإيراني في اليمن والعراق، وتراجع قدرتها على إدارة الأزمات كما في الحالة السورية، برغم من امتلاكها لمقومات اقتصادية قوية ومكانة دينية رفيعة في قلوب المسلمين والعرب.
أما تركيا فتأثرت بثورات الربيع العربي؛ اقتصادياً في ليبيا، وسياسياً في مصر، وأمنياً في سوريا، وصُدمت من عدم قدرتها على تطبيق استراتيجيتها الخارجية التي تعتمد على تصفير المشاكل بصورة أساس مع جوارها الإقليمي.
وبالنسبة لإيران فإنها تسعى إلى دور إقليمي في غاية الطموح؛ لقناعتها أن الدولة القوية تمتلك سيطرة أكبر على مصائرها ومواردها من الدول الأقل قوة، مما يعزز استقلالها السياسي، وقرارها الذاتي، الأمر الذي جعلها تغرق في المستنقع السوري دعماً لحليفها السياسي، ولم تقف عند هذا الحد من التوَرُّط، بل وضعت ثقلها في دعم جماعة الحوثي في اليمن مما كلفها استنزاف المزيد من مواردها، في ظل تراجع أسعار النفط العالمية، الأمر الذي قد يشكل ضغطاً على القيادة الإيرانية لصالح القبول باشتراطات دولية حول برنامجها النووي.
ويبقى نجاح دور إيران مرتكزاً على قدرتها في إدارة سياستها الخارجية بذكاء لجهة عدم التورط أكثر في تعريض مصالح الدول الكبرى في المنطقة للخطر بصورة أكبر، وألا يتعارض هذا الدور مع مصالح القوى العظمى.
وبما أن القضية الفلسطينية هي القضية مركزية، وأن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تعد رأس الحربة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، ومحط أنظار العالم؛ كأهم لاعب في القضية، ومواقف الحركة مُتابَعَة بشكل دقيق من الإقليم والعالم، فإن أي قرار سياسي سيترتب عليه نتائج كثيرة، فحماس الآن أمام موقفين سياسيين، الأول: الحياد وعدم الانحياز لطرف معين، والموقف الثاني: الوقوف إلى جانب أحد الأطراف الإقليمية، أو المحاور.
إلا أن حركة حماس لا يمكنها اتخاذ أي من الموقفين السابقين للأسباب التالية:
أولاً: الحياد التام وعدم الانحياز لأي طرف.
ولهذا الخيار سلبيات تتعلق بـ:
1. ظهورها بمظهر عدم الاكتراث لمشاكل الإقليم.
2. ستظهر كأنها انتهازية، وضعيفة سياسياً تسعى لكسب رضا الجميع.
3. ستخسر الكثير من الاهتمام الرسمي والشعبي خصوصاً في ظل نمو إحساس الجماهير بقضايا الأمن القومي العربي.
ثانياً: الانحياز لأحد الأطراف على حساب العلاقة مع الطرف الآخر.
ولهذا الخيار سلبيات تتعلق بـ:
إن وقفت بجانب محور إيران كي تكسب الدعم العسكري للمقاومة:
1. ستخسر البعد الخليجي والعربي الشعبي الذي ينظر لإيران كمهدد رئيس للمنطقة.
2. كما ستخسر التقارب المهم مع المملكة العربية السعودية.
3. وستحرج قطر وتركيا باعتبارهما أهم الداعمين لها للتقارب مع المملكة.
إن وقفت حماس بجانب محور السعودية أو كما يسميه البعض (المحور السني) :
1. سوف تخسر الدعم الإيراني غير المشروط للمقاومة.
2. وستظهر وكأنها تسعى لمصالحها الخاصة، من خلال التذبذب في علاقتها بين إيران والسعودية.
3. لن تستطيع فرض توجه معين على التحالف بقيادة السعودية، على اعتبار أن لهم توجه ثابت بتبني المبادرة العربية للسلام.
4. قد يسبب هذا الخيار أزمة ثقة بين الحركة والقاعدة والشارع الفلسطيني، إن لم تتفق سياسة (المحور السني) مع شعارات حماس وأهدافها المعلنة نظراً للتوازنات الكبيرة التي تحكم المملكة واللاعبين الآخرين.
إذا؛ فالموقف السياسي الأنسب لتعامل حركة حماس مع الوضع الإقليمي الحالي، هو الدمج ما بين الحياد والانحياز، بمعنى، الحياد عن الدخول في أي تحالف ضد أي طرف إقليمي، والانحياز للأمن القومي العربي، على اعتبار أن حركة حماس تقاوم المشروع الصهيوني الموجه أساساً للمنطقة العربية لنهب ثرواتها، وأن جميع ملفات المنطقة مترابطة، لا يمكن حلها بصورة منفردة.
وهذا هو الخيار الأنسب لأي لاعب إقليمي يمتلك المكانة والأهمية الإستراتيجية، لكنه يفتقر لعناصر القوة التي تمكنه من الاستقلال وامتلاك السيادة على قراراته.
حماس تجتهد لتجنيب مخيمات لبنان حروب المنطقة
بقلم عدنان أبو عامر عن فلسطين اون لاين
يعيش عدد من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منذ بداية فبراير 2015 حالة من التوتر الأمني المتصاعد، في ضوء اتهامات توجهها الدولة اللبنانية بأن المخيمات تأوي مسلحين فلسطينيين وإسلاميين.
وزاد التوتر الأمني في المخيمات عقب اشتباكات حصلت في الأيام الأخيرة في مخيم عين الحلوة الواقع جنوب لبنان، وانتشار التنظيمات الإسلامية المسلحة، مثل: عصبة الأنصار، جند الشام، فتح الإسلام، تجمع الشباب المسلم، الموزعة على مختلف المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهو ما أسفر عن تجدد الاشتباكات المسلحة بين حين وآخر.
وكان ملفتاً أن تنشط حماس في مخيمات اللاجئين لمنع تحويلها بؤرة توتر داخل لبنان، وهي تعمل في لبنان للحيلولة دون اندلاع توترات عسكرية واحتكاكات أمنية في المخيمات، عبر إجراء سلسلة اتصالات مع مسؤولين لبنانيين كبار.
وعقدت حماس اجتماعات متلاحقة لاحتواء الأزمة التي تعيشها بعض مخيمات لبنان، وتواصلت مع الفصائل الفلسطينية وقيادة الجيش اللبناني وقيادات سياسية، لتهدئة الأوضاع، ومنع تكرار الاعتداءات على فلسطينيي المخيمات.
حماس تعي خطورة الوضع في المنطقة، وتداعياته على لبنان والمخيمات الفلسطينية، مما يتطلب جهداً استثنائياً لتحقيق هدفين: الأول، تجنيب المخيمات أي تداعيات أمنية، ومنع تحويلها لجزء من أي مشروع في المنطقة، والثاني ألا تكون سبباً أو منطلقاً لأي توتير أمني يستهدف لبنان، وسلمه الأهلي، والحركة مقتنعة بأن الأمن في المخيمات الفلسطينية جزء لا يتجزأ من الأمن اللبناني، وهناك قناعة بأن ثمة مؤامرة مزدوجة لتصفية قضية اللاجئين من جهة، وضرب أمن واستقرار لبنان من جهة أخرى.
المراجعة الميدانية لتفسير تزايد التوتر الأمني الأخير في المخيمات الفلسطينية، تعود لنظرة الحكومات اللبنانية المتعاقبة للمخيمات بأنها عبء بشري وتهديد أمني، فأوكلت منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990 لأجهزة الأمن ضبط المخيمات، مما أفسح المجال لنشوء انجراف قوي نحو التدين المتشدد، والانتماء للمنظمات الجهادية المسلحة.
تبدو الإشارة مهمة إلى أن التوتر الأمني في المخيمات الفلسطينية في لبنان، يتزامن مع اشتعال الموقف الميداني في سوريا، وتورط حزب الله في الحرب السورية الداخلية، مما دفع بالمنظمات الإسلامية مثل تنظيم الدولة وجبهة النصرة لتصفية حساباتها مع الحزب داخل الأراضي اللبنانية، ومنها المخيمات الفلسطينية.
حماس اتفقت مع عدد من الفصائل الفلسطينية في لبنان على تشكيل لجنة سياسية وأمنية مشتركة في مخيمات لبنان، ووجود مباحثات لتشكيل لجان أمنية أخرى لتشمل باقي المخيمات في لبنان، للحفاظ على أمنها، وتحييدها عن أي صراع سياسي داخل لبنان.
لكن بعض الأجهزة الأمنية في لبنان يتسبب بتوتير الموقف الميداني في المخيمات بسبب الطوق الأمني الذي تفرضه على بعضها منذ عدة سنوات، مطالباً الحكومة اللبنانية برفع الحالة العسكرية المفروضة على المخيمات، لأن فلسطينيي لبنان ليسوا طرفاً في النزاعات اللبنانية الداخلية، ولذلك فإن الخطوة الأولى المطلوبة لتخفيف الاحتقان الأمني في المخيمات الفلسطينية في لبنان، أن يصدر قرار جريء من قيادة الجيش اللبناني بفك الحصار العسكري عنها، لأنه كفيل بعودة الهدوء إليها.
تعلم حماس تماماً حساسية الوضع السياسي والطائفي في لبنان، ما بين سنة وشيعة ومسيحيين ودروز، مما يدفعها لأن تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف اللبنانية، ولا تتدخل في أي أزمة داخل لبنان، رغبة منها بتهدئة المخيمات، وعدم نقل أي صراع لبنان داخلي إلى هذه المخيمات، لكنها لا تمتلك ضمانة أكيدة بعدم حدوث ذلك في ظل وجود العديد من الأطراف الداخلية والخارجية، ذات المصالح المتضاربة داخل لبنان.
بشكل أكثر تركيزاً تبدي حماس خشيتها، وإن لم تصرح بذلك رسمياً، من تحول المخيمات الفلسطينية في لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات خاصة الأعداء الأشداء في هذه المرحلة, التنظيمات الإسلامية في سوريا، التي بات لها وجود فعلي في لبنان مثل تنظيم الدولة وجبهة النصرة، وبين حزب الله، وبين السعودية وإيران، والأهم من ذلك (إسرائيل)، التي تبدو معنية بأن ينشغل الفلسطينيون واللبنانيون في خلافاتهم الداخلية بعيداً عنها.
وما زال شبح الحرب الأهلية اللبنانية التي شهدتها سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، ماثلاً أمام حماس، وما رافقها من اتهامات لبنانية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالتورط في الحرب، مما يجعل حماس أكثر حاجة لتنسيق مواقفها الميدانية لحماية المخيمات مع جميع الأطراف الفاعلة في الدولة اللبنانية بدءًا بالجيش، ومروراً بحزب الله، وانتهاءً بالفصائل الفلسطينية.
المقاومة من رام الله إلى القدس
بقلم إياد القرا عن فلسطين اون لاين
عمليتان فدائيتان نفذتهما المقاومة في مدينتي رام الله و القدس مع بدء شهر رمضان المبارك، تحملان رسائل متعددة، وتمثلان امتداداً لعمليات المقاومة الفردية والجماعية خلال العام الماضي، ومنذ انطلاق الشرارة لهذا النوع من المقاومة، وخاصة بعد جريمة القتل البشعة التي نفذها المستوطنون ضد الطفل المقدسي محمد أبو خضير.
دلالات العمليتين الجديدتين أن الأولى نفذت في مدينة رام الله، وبطريقة اعتبرها الاحتلال احترافية ومن قام بها يتصف بالبراعة في التمويه، لذلك نقل جيش الاحتلال التحقيق في العملية إلى جهاز المخابرات، بعد عجزه عن الوصول الميداني لمنفذ العملية، الذي يبدو أنه قد فلت من الملاحقة.
وجهت عملية رام الله صفعة جديدة لمشروع التنسيق الأمني في الضفة الغربية وتحديداً مدينة رام الله التي ينشط فيها التنسيق الأمني، ويراد لها تغيير هويتها الفلسطينية من خلال بعض مؤتمرات التطبيع، وبعض مهرجانات الرقص والغناء، والمزيد من التنسيق بين الأجهزة الأمنية والاحتلال الإسرائيلي.
الصفعة الثانية التي وجهتها عملية رام الله أنها تأتي بعد الفوز الكاسح الذي حققته الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت التي اعتقدت الأجهزة الأمنية أنها معقل لحركة فتح، لتكتشف بعد ذلك أنها معقل لحركة حماس، وأن الفوز تم تأييداً لمشروع المقاومة ورفضاً لسياسة التنسيق الأمني ومشروع التسوية مع الاحتلال.
الصفعة الثالثة التي تلقتها الأجهزة الأمنية، عجزها عن الوصول للفاعل الذي يرجح أن تكون حركة حماس من تقف خلف تلك العملية، وأن البيان الذي صدر باسم مجموعات الشهيدين عامر أبو عيشة ومروان القواسمي ويتبعان لكتائب القسام يؤكد ذلك، وخاصة أنها تأتي في ذكرى عملية خطف الجنود الثلاثة في الخليل قبل عام رداً على جريمة الطفل أبو خضير ومحاولة لإطلاق سراح الأسرى في سجون الاحتلال.
عجز الأجهزة الأمنية في طرفي التنسيق الأمني الإسرائيلي والفلسطيني عن الوصول لمنفذي العمليات المنظمة إلى حد ما، يترافق مع عجز آخر لهما في مواجهة العمليات الفدائية الفردية والتي ينتمي غالبية منفذيها فكرياً للحركات الإسلامية، وآخرهم منفذ عملية القدس ياسر ياسين طروة من الخليل الذي اختار باب العمود في القدس لتنفيذ عملية الطعن، وهو من نشطاء الكتلة الإسلامية التابعة لحماس.
العمليتان تثبتان فشل سياسة التنسيق الأمني، وحملات المطاردة التي يقوم بها الاحتلال تحت عنوان "قص العشب"، وأن تراكم عمليات المقاومة المنظمة والفردية، يؤكد أن الضفة الغربية تعيش مراحل متتالية من الغضب تجاه الاحتلال، وأن توجه الشبان الفلسطينيين نحو العمل المقاوم وتغيير الواقع يتصاعد يوماً بعد يوم، وإن كان يبدو للبعض أنه بطيء، لكنه يمر في أفضل مراحله، ويشمل كافة المدن وتحديداً من رام الله والقدس.
لماذا تتجرأ النخبة على الإسلام؟!
بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
"تداولت عدة مواقع إخبارية مغربية معروفة، دعوة وجهها (سعيد السعدي؟!) الرئيس الأسبق لحزب “التجمع من أجل الثقافة الديمقراطية”، وزير الأحباس الجزائري، إلى تقليص أيام الصيام في شهر رمضان إلى 13 يوما عوض 30 يوما. وبرر طرحه هذا، بكون 30 يوما من الصيام في فصل الصيف توافق ما مجموعه 420 ساعة من الصيام، وهو ما يساوي 52 يوما من الصيام في فصل الخريف. موضحا أنه بدل صيام الشهر كاملا، يمكن الاعتماد على توقيت زمني مضبوط من خلال ما سماه بالوحدة الرمضانية التي تعادل 8 ساعات. وأضاف أن على الصائم مراقبة 30 وحدة رمضانية، والتي تناسب صيام 13 يوما في الصيف فقط، موردا أنه بهذه الطريقة يمكن للصائم أن يؤدي ما افترض عليه، دون أن يخل بنظام حياته اليومية". انتهى الاقتباس.
هذا كلام مثير للعجب والاستغراب، لأنه يصدر أولا من رئيس حزب، وثانيا لأنه يصدر من وزير يشتغل في العمل العام، وثالثا لأنه رأي غريب جدا لم يقل به لا الأقدمون، ولا المستشرقون، ولست أدري لماذا قاله صاحبه في هذا التوقيت، في هذا الشهر، وفي هذه السنة؟! وهل الأمة الإسلامية تصوم في يونيو تموز للمرة الأولى في حياتها على مدار ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة هجرية؟! ألم يصم الأقدمون في شهر تموز وهم في القفار والصحاري بلا مكيفات، ولا مرطبات، ولا رفاهية حياة؟!
من المؤكد أن الأمة الإسلامية صامت في تموز، وفي غير تموز، صامت في شظف العيش وفي رغد العيش، ولكن الفارق بين أمس واليوم، أن أمس لم يكن فيه ( سعيد السعدي؟! ) ولا أمثاله من المتذاكين على الله وعلى خلق الله، لذا لا تستغرب حين تعلم أن سعيد السعدي سمى صيامه بحسب مقترحه بـ(الصيام الذكي؟!)، تماما كما سمى من يستحلون الخمر بـ(المشروبات الروحية؟!)، بينما هي قاتلة للروح والعقل معا. والصيام الذكي حسب الخدعة الجديدة فيه استخفاف بالفريضة من ناحية، وبالفقه الإسلامي من ناحية ثانية، وتضليل للأمة وللصائمين من ناحية ثالثة. والحسنة الوحيدة التي لهذا الافتراء المتذاكي أنه زادني فهما وإحساسا بعظمة الحديث القائل: ( الصيام لي وأنا أجزي به) ، لأن ما جاء في الحديث قطع كل سبل التحايل على الله، حيث جعل العلاقة بين الصائم وربه علاقة مباشرة ليس للبشر صلة فيها.
ومن المؤكد أيضا أن (سعيد السعدي) حين قال مقالته المضللة على قاعدة حسابية، قصد أن يخدع بها المسلمين، وما جرأه على ذلك هو غياب السلطان المسلم الذي أناطت به الشريعة حراسة الدين مع سياسة الأمة. إن غياب سلطة الإسلام الحقة هو ما جرأ الأفراد ممن يسمون أنفسهم بالنخب على الإسلام، وعلى العبادات مع أن العبادات هي آخر عروة يمكن نقضها من عرى الإسلام الحنيف بحسب الحديث، وكأن سعيد السعدي يريد أن (يجيبها من الآخر) ؟!
لقد جاء في موقع “فبراير” المغربي أن “تفسيرات السعدي لم يدعها رجال الدين في الجزائر تمر، إذ اعتبر الشيخ (شمسو) وهو أحد شيوخ قناة النهار الجزائرية، أن منطق سعيد السعدي لا أساس له، وهو مجرد هراء، ودعاه إلى الابتعاد عن الخوض في المجال الديني، وأن عليه الاكتفاء بالسياسة. إن هذه الجرأة على الإسلام وعلى فرائضه هي من أهم الأسباب التي تخلق التشدد والتطرف عن فئات متدينة من الأمة كردّ فعل على هذا التجديف الذي ينتمي عادة إلى علمانيين متنفذين في مواقع حزبية وسلطوية.


رد مع اقتباس