أقلام وآراء
(22)
مخاوف غير مشروعة
بقلم: نبيل عمرو عن جريدة القدس
عضوية منظمة التحرير بين اعتبارات التاريخ ومعطيات الحاضر
بقلم: د.حسن عبد الله عن جريدة القدس
المدير التنفيذي للسلطة الوطنية!
بقلم: حسن البطل عن جريدة الايام
طوبى لمن يشعل شمعة
بقلم : طلال عوكل عن جريدة الايام
الأزمة والآفاق الصعبة
بقلم: عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
فوبيا التوطين الفلسطيني!
بقلم: يحيى رباح عن الحياة الجديدة
فك الانسداد أم فك الارتباط؟
بقلم: د. صبري صيدم عن الحياة الجديدة
فياض ولقاءات عمان
بقلم: الناشط الشبابي محمود طه عن وكالة معا
مخاوف غير مشروعة
بقلم: نبيل عمرو عن جريدة القدس
الموعد المقرر بناء على الاتفاق السياسي الأولي بين فتح وحماس للانتخابات الرئاسية والتشريعية هو الرابع من أيار من هذا العام، أي بعد أقل من أربعة أشهر.
الناطقون الرسمييون، على كلا الجانبين، يتحدثون عن الانتخابات بلغة غير يقينية.. أما الحوارات الداخلية وما يفترض أنه استعدادات لخوضها فتبدأ بعبارة «إن جرت». وفي أفضل الأحوال يقال: دعونا نتصرف كما لو أنها سوف تجري!!
وقضية الانتخابات، سواء أكانت تشريعية أم رئاسية أم محلية أم حتى نقابية، هي من أكثر الموضوعات تأثيرا في الحياة الداخلية الفلسطينية، فما إن يقال إن الانتخابات على الأبواب حتى تبدأ آلة قوية الصوت والصدى بالحركة والدوران، ويشرع المتطلعون للزعامة في استعدادات محمومة وتحركات نشطة لضمان الفوز.
وفي أمر الانتخابات يبدو الأكثر إثارة هو وضع فتح، وبدرجة أقل وضع حماس.. الإثارة في وضع فتح أنها حين تتصدى لاستحقاق الانتخابات لا تفعل ذلك بمنطق فصيل تتولى إطاراته الشرعية مهمة إنجاز العمل من الألف إلى الياء، ثم تصدر أوامرها لأعضائها كي ينضبطوا إلى قراراتها وقوائمها ومرشحيها، وأن يعملوا بنسق منسجم لإنجاحها؛ ذلك أن فتح ليست فصيلا، كما أن أعضاءها ليسوا حزبيين، فكلٌّ يصوت على هواه، تارة يشد العضوَ انتماؤه العائلي، وتارة أخرى انتماؤه المناطقي، وآخر ما يجري وضعه في الاعتبار هو الموقف السياسي، فلا تصويت على هذا الأساس إلا ضمن نطاق محدود للغاية؛ لذا تبدأ العملية الانتخابية على مستوى فتح في الكواليس والصالونات المغلقة، وكلما اقترب موعد الذهاب إلى الصناديق ارتفعت حرارة التنافس الداخلي على نحو تكرَّس فيه عمليا وواقعيا أغرب معادلة انتخابية، وهي أن فتح تجمع أكبر عدد من الأصوات وتحصد أقل عدد من المقاعد.
الانتخابات المفترض إجراؤها في مايو من هذا العام، وبفعل نتائج الانتخابات السابقة، ولَّدت في تفكير فتح الجمعي مخاوف من عدم الفوز فيها؛ لهذا لا تملك فتح حيال هذا الاستنتاج المسبق إلا تنويم عملية الانتخاب بالتأجيل أو بالذهاب إلى الانتخابات، حاملة معها أملا صعبا، وهو توحيد أصواتها وتمتين انضباط أعضائها والتوفيق في اختيار المرشحين جاذبي الأصوات، سواء من الفتحاويين أو المستقلين المتحالفين معها.
ولأنه لا يقين بإمكانية تحقيق ذلك خلال الأشهر المقبلة، فإن المخاوف تبقى وتتعاظم، وقد تؤدي إلى التأجيل، وربما إلى ما لا نهاية.
أما حماس، فلديها أيضا مخاوفها، لكنها أقل من مخاوف فتح؛ وذلك بحكم عاملين مهمين، الأول داخلي؛ حيث إنه مهما بلغ الاختلاف في الاجتهادات داخل صفوف حماس، فإن الحركة الإسلامية تظل الأقدر على ضبط أصواتها، والأقدر كذلك على تفادي التنافس بين مرشحيها. أما العامل الثاني فيكمن في التشجيع الذي استمدته من نجاحات الإسلام السياسي في المحيط العربي، مما خلق لدى وعيها الجمعي يقينا بحتمية النجاح في فلسطين، واضعين في الاعتبار أنهم في غزة أصحاب مأثرة توليد النظام الإسلامي الأول في العالم العربي.
غير أن ذلك وإن كان واقعيا، إلا أنه لا يلغي المخاوف؛ فمثلا على الرغم من اليقين بتحقيق الفوز فإنه لن يكون بالنسبة المتفوقة نفسها، التي تحققت في المرة السابقة، تلك النسبة المرتفعة التي أهلتها لتشكيل حكومة بمفردها، دون الحاجة إلى حلفاء أو شركاء.. والخوف من هذا الأمر منطقي، وربما معزز بحسابات واقعية؛ ذلك أن نظام الانتخابات الجديد يقلل من احتمالات تشتيت الأصوات، مما يؤثر على ميزة التفرد في الانضباط بين مرشحي وناخبي حماس، وحتى لو أفرزت فتح وحلفاؤها أو من هم على غير استعداد للتحالف مع حماس، قوائم متعددة، فإن فتح ستحصل على ما لها أساسا.. أما القوى الجديدة التي تشكل خطا ثالثا بين القطبين فستأخذ من حماس ولا يضر فتح لو زاد عدد مقاعد هؤلاء.
إن المخاوف عند القطبين قائمة، وربما تستفحل لتفرز اتفاقا موضوعيا على التأجيل، ولذلك أغطية بالإمكان تسويقها تحت عناوين مجيدة، إلا أن هذه المخاوف تظل في جوهرها غير مشروعة، ولا يجوز ارتباط عجلة الحياة السياسية لشعب بأسره بهذه المخاوف.. من حق أي فصيل أن يعمل ويفوز، ولكن ليس من حقه أن يؤجل إذا شعر بأن الرياح لن تكون مواتية لحساباته كفصيل.
عضوية منظمة التحرير بين اعتبارات التاريخ ومعطيات الحاضر
بقلم: د.حسن عبد الله عن جريدة القدس
اعتدنا منذ زمن اعادة وتكرار مصطلحات وتسميات، باتت بحاجة الى وضع وإدارج في سياق ينسجم مع المتغيرات في هذه المرحلة، مثل الفصيل التاريخي، او ان الفصائل التي تتألف منها منظمة التحرير هي تاريخية، بمعنى ان الفصيل الذي لا وزن له في الشارع الآن، يستطيع البقاء في المنظمة انطلاقاً من تاريخيته، ومن عمره الزمني. ومع احترامنا لتاريخ كل فصيل وتضحياته، فإن التاريخ وحده في عملية التمثيل لا يكفي. أي ليس مطلوباً من الفصيل ان يعيش على الذكريات، وأن يبقى قابعاً في الماضي بمعزل عن الحاضر. فالصحيح الوفاء للتاريخ من خلال تكثيف العمل والنشاط في الحاضر.
ومن المعروف ان هناك فصائل قدمت وأعطت وخاضت معارك الدفاع عن القضية، وهذا قد أهلها لعضوية منظمة التحرير، لكنها لأسباب ذاتية وموضوعية قد خسرت في الحاضر وزناً وجماهيرية وحضوراً وعطاءً، فهل يجوز التعامل معها من الحاضر بمقياس الماضي؟!
وهناك في المقابل فصائل تاريخية، قدمت وضحت، لكنها لم تفقد جماهيريتها، وهي ما زالت حاضرة في الشارع ويمكنها تدعيم وتأكيد وجودها من خلال صندوق الاقتراع. فقد كانت في الماضي تتمتع بثقل وحضور، واستمرت وتواصلت كذلك من مرحلة الى اخرى .
وفي ظل الحديث المتجدد عن اعادة الاعتبار لمنظمة التحرير، بالتركيز على دورها ورفدها بفصائل ذات حضور من خلال فتح أبواب العضوية لحركتي حماس والجهاد الاسلامي والمبادرة الوطنية، فإن سؤالاً شديد الأهمية يطرح نفسه: ماذا سيكون معيار التمثيل الجديد في المنظمة؟ ومن الذي يحكم ويضبط ايقاع العضوية؟، وهل من دخل عضوية منظمة التحرير يوماً فهو آمن "كمن دخل بيت أبي سفيان"، أم ان الداخل لبيت المنظمة، مطلوب منه أن يبرر ويؤكد ويدعم هذا الدخول، لكي لا يجد نفسه خارج البيت .
والحقيقة ان اي مراقب او محلل، وحتى اي مواطن عادي، لا يستطيع فهم وتفهم ان هناك فصيلاً يحظى بعضوية كاملة في منظمة التحرير، ويشارك في صياغة مصير شعب بأسره، وهو لا يستطيع في انتخابات تشريعية ان يحصل على عضو واحد؟ اليس عضويته في هذه الحالة عضوية (هبة أو منحة)؟.
أنا اتحدث هنا عن الحاضر، وليس عن الماضي. احترم التاريخ، لكنني أنحاز للحاضر. فإذا حصل طالب ما في الصف الثالث الابتدائي على 90% في مادة التاريخ، وحصل في الصف السادس الابتدائي على 30% في نفس المادة. فإن علامته لا تسجل وتثبت بالتقادم. ومن الطبيعي فإن استاذ التاريخ سيعتمد العلامة الأخيرة، مع تذكير الطالب بتراجعه وحثه على ان يكون وفياً لاجتهاده السابق بتأكيده لا بنفيه.
اذن وإزاء اعادة ترتيب مرتقبة لمنظمة التحرير، فإن المطلوب ربط هذا التمثيل قدر الامكان بالانتخابات، وعلى الأقل الاستناد الى الساحة التي يتاح فيها الانتخاب، ولتكن الضفة والقطاع المدخل، وهي ساحة رئيسة بالنسبة الى الفلسطينيين، ويمكن التعامل مع هذه الساحة كعينة. والتمثيل على اساس انتخابات ولو جزئية هو اكثر دقة بالطبع من التعيين والمحاصصة.
ان مجتمع (تمثيلنا في هذه الحالة) سيكون ساحة بأكملها، حيث ان الفصيل الذي فشل تاريخياً في ان يؤسس لنفسه وجوداً في ساحة عمل نضالي، في ساحة الوطن المحتل، حيث كانت الفصائل في السابق تؤسس وتبني جماهيريتها في ظل عمل سري، فإنه اليوم وفي ظروف اسهل نسبياً يستطيع الفصيل اذا توافر لديه التصميم والارادة والبرنامج والآليات ان يبلور ثقلاً جماهيرياً يشكل له جسراً مضموناً للعبور الى تمثيل المنظمة.
فيما ان القادمين الجدد الى المنظمة عبر الوزن الجماهيري وانطلاقاً من الحضور وحركة الفعل، من المفروض ان يتعاملوا مع منظمة التحرير كجسم وطني تاريخي تمثيلي، معترف به عالمياً، وان هذا الاعتراف قد كلف دماً وعرقاً وجهداً ونضالاً دؤوباً ايضاً في الساحات العالمية لتحقيق هذا الاعتراف.اي ان المطلوب تعزيز وتدعيم وتطوير ما تم تحقيقه والبناء عليه، لا العمل على تقويضية تحت شعار الأسس والمنطلقات الجديدة. فالأسس والمنطلقات التي قامت عليها المنظمة هي موجودة ولم تتغير، بل ان التغيير الذي طرأ، هو على الحجم والمسميات الحزبية والفصائلية. فالساحة في العقود الثلاثة الأخيرة انتجت جديداً، وان القديم بعضه نجح في استحداث آليات جديدة تبقى على حضوره في المشهد، ومنها من فشل، وهذا من المفروض ان لا يغيب اطلاقاً عن عملية ترتيب أوراق المنظمة، التي ينتظرها الفلسطينيون بفارغ الصبر. إن لحركتي فتح وحماس حضوراً مميزاً في الساحة الفلسطينية، وهذا لا يعني ان الحضور يقتصر عليهما فقط. فهناك حضور متفاوت للآخرين. لكن هذا الحضور النسبي سيقود بعض الفصائل الى التمثيل في التشريعي والمؤسسات الأخرى، بينما سيخفق بعض آخر في تحقيق التمثيل.
وهذا الحراك طبيعي وموجود في كل التجارب، ففي التجربة الحزبية الاسرائيلية مثلاً، كان لحزب العمل الحصة الكبرى في عمليات الاستيطان الأولى تمهيداً لإقامة اسرائيل وفرضها، وقد قاد هذا الحزب كل الحروب ضد العرب، لكنه اليوم يشكل القوة الثالثة من حيث التمثيل. واستناداً الى معطيات واستطلاعات رأي اسرائيلية، من الصعب ان يشكل الحزب المذكور في المنظورين القريب أو المتوسط حكومة ائتلافية تحت مظلته، نظراً لتعاظم دور الليكود والأحزاب اليمينية الأخرى.
واصبح بدهياً في علم السياسة والعمل الحزبي، ان لا حزب بمقدوره ان يطلق على نفسه توصيف "المطلق" في كل زمان ومكان،فالساحة مفتوحة للعمل. وما دام هناك تنافس، فإن الحجم والتأثير يتغيران، ارتباطاً بالسياسة والاقتصاد والتحالفات والبرامج الانتخابية، ومدى ثقة الجمهور بالحزب في فترة الانتخابات تحديداً.
لذلك وفي تجربتنا الفلسطينية، يجب ان يكون معيارنا موقف المواطن، الذي يعبّر عنه بالتصويت . والتمثيل في المنظمة او غيرها، يجب ان يأتي من الصندوق الانتخابي، ومن يعطه الصندوق الحق في ان يظل على رأس مؤسسة فترة زمنية قصيرة او طويلة، فليكن هو القائد. ومن لا يخوله الصندوق بذلك، عليه ان يتعامل مع الأمر بهدوء وصبر، وأن يجهز نفسه للمرحلة المقبلة، فما خسره اليوم ربما يعوّضه في الغد ، حينما يتنبه الى مسببات ضعفه فينكبّ على معالجتها. وهذه هي الديمقراطية، التي هبت الجماهير العربية في عدد من الساحات لتثبيتها، وجعلها الحَكَم بينها وبين من يخولهم الصندوق الانتخابي بالحُكم.
المدير التنفيذي للسلطة الوطنية!
بقلم: حسن البطل عن جريدة الايام
أنا "جاسوس" حيناً لسلام فياض؛ وحيناً "ضمير الشعب الفلسطيني" كما يرى نقيب نقابة الموظفين العموميين. كل صحافي، كاتب رأي بخاصة، ينال قدحاً ثقيلاً أو مدحاً مفرطاً.
سأستجير بالشاعر في رثاء القائد: لسنا بحاجة الى قادة تاريخيين، بل الى مدراء أكفاء. هناك خلاف على السياسة المالية لرئيس الوزراء، واختلاف رأي على كفاءته.
في تقييم موضوعي للخلاف على سياسته المالية والاختلاف على كفاءته، يرى زميلي هاني حبيب أن الأمر هو شفافية رئيس الوزراء الزائدة. كل شيء على "الانترنت" وكل أمر لاطلاع الصحافيين وذوي الاختصاص، وحتى عموم فئات الشعب العامل.. والمتبطل أيضاً.
نحن، والحال هذه، على موعد غير محدد ضربه "المدير التنفيذي للسلطة الفلسطينية" لحوار وطني لمناقشة الوضع المالي في السلطة.
زين؟ حوار فصائلي، وحوار تفاوضي. وحوار وطني فعلاً.
بالحوار تم فضّ إضرابين طلابيين في جامعتي بيرزيت وبيت لحم؛ وبالحوار تم للجنة الانتخابات المركزية افتتاح مكتبها الرئيس المغلق في غزة منذ العام 2009، وربما بالحوار، بوساطة أوروبية تتولاها مسؤولة الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، قد نصل الى استبدال الحسم التفاوضي في 26 الجاري بخطوات بناء ثقة اسرائيلية؟
قلت إن صفة رئيس الوزراء الواقعية هي أقرب الى "المدير التنفيذي للسلطة الفلسطينية" رئيس السلطة مشغول للغاية ببناء موقف دولي داعم للدولة.
المجلس التشريعي معطل الى أجل غير مسمى، سوى اجتماعات للجان في رام الله، واجتماعات لنواب قطاع غزة، وغالبيتهم من لون واحد.
نواب "حماس" في الضفة تضطهدهم اسرائيل بالاعتقال أو بالابعاد عن القدس، ونواب سواهم يخطبون في كل محفل شعبي، أو ندوة فكرية.
تذكرت، مثلاً، أن أياً منهم لم يقترح الاقتداء بنواب ووزراء بلجيكا، الذين خفضوا مرتباتهم بنسبة 10 و15%. لماذا تذكرت؟ لأن نائباً عن "فتح" تحدث بكلام سياسي عريض في "مظاهرة الطناجر" بنابلس، احتجاجاً واعتراضاً على خطة "المدير التنفيذي للسلطة، لعلاج وترقيع الوضعين المالي والاقتصادي.
لأننا لسنا دولة بعد، فإن الجهات الدولية ذات العلاقة لا تضع لنا تقديراً ائتمانياً، ربما لأننا في القاع، ولسنا مثل اليونان وإيطاليا واسبانيا.. وحتى فرنسا التي خضعت لتخفيض درجتها الائتمانية مؤخراً، بما يهدد فرصة إعادة انتخاب صديقنا الرئيس نيقولا ساركوزي.
لم يترك "المدير التنفيذي"، أي صاحب السلطة في "شركة السلطة الوطنية"، منبراً إلا وتحدث فيه، ربما كما كان يفعل الرفيق غورباتشوف في دعواته الى المكاشفة (الغلاسغوت) وإعادة البناء (بيريسترويكا) دون كبير طائل.
الحقيقة أن "إعادة البناء" السلطوي الفلسطيني-المؤسساتي جارية على قدم وساق لتأهيل السلطة دولة.
على سيرة الضرائب، فإن صفة "المواطن" مشتقة بالعربية من "الوطن" لكنها في الولايات المتحدة مثلاً، تعني "دافع الضرائب". أفضل ما قرأت عن هذا قول الرئيس المغدور جون.ف.كنيدي: لا تسل عن واجب الدولة نحوك أولاً، لكن اسأل عن واجبك أولاً إزاء الدولة، أي ادفع الضرائب ولا تتهرب منها، علماً أن في أميركا (واسرائيل؟) محامين اختصاصهم سبل تبدو قانونية للتهرب من الضرائب.
شعبنا حديث العهد بإدارة سلطوية وطنية، لكنه ليس حديث العهد بديمقراطية فصائل م.ت.ف السياسية والوطنية، وهذا امتيازنا عن دول عربية أخرى وحركات تحرر وطني أخرى.
دخلنا تقليد "ضرائب تصاعدية" قبل بناء الوطن والمواطن (والأخير هو الأصعب) فقيل كيف نرفع ضريبة تسجيل الأراضي من 1% الى 3%، علماً أنها في دول جوارنا 5%، وكانت 2% خفضها الرئيس عرفات الى 1% لمدة سنتين، وليس لـ 14 سنة.
سنذهب الى "حوار وطني" اقتصادي في غياب البرلمان، وأيضاً حراك شبابي، وأيضاً حراك تفاوضي.. ربما في الحركة بركة ولو كانت الحركة "إدارة أزمات".
طوبى لمن يشعل شمعة
بقلم : طلال عوكل عن جريدة الايام
عام كامل، يكون قد مر على ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي تدشن عصراً جديداً في تاريخ مصر المعاصر، وفي تاريخ الأمة العربية. يمكن للبعض أن يواصل تفسير ما وقع على أنه يترجم نظرية المؤامرة، وتحقيق لمقولة "الشرق الأوسط الجديد"، الذي تحدثت عنه كثيراً وزيرة الخارجية السابقة في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، كوندوليزا رايس، ويمكن للبعض أيضاً إحالة الحدث الضخم إلى القدرية أو إلى تطور تكنولوجيات الاتصال والإعلام.
ولكن بغض النظر عن كل ما يقال، أو يحاك في السر والعلن، فإن ثورة شعبية غير مسبوقة قد وقعت في أكبر، وأهم، وأقوى الدول العربية، وقعت في واحدة من أكثر بقاع الأرض عراقةً وحضارةً، ووقعت في قلب الأمة العربية، وحلمها في تحقيق مشروعها القومي، وفي مركز حركتها الأساسي.
هذه هي الحقيقة الملموسة، فلقد اندلعت الثورة، وحققت إنجاز التغيير الأولى في نظام بيروقراطي، متخلف، أهدر طاقات مصر العظيمة، وألحق الأذى بكرامة شعبها، وقمع حرياتها، وجعلها عرضةً للتطاول حتى من قبل بعض الدول والجماعات السياسية الصغيرة، التي بالكاد ترى بالعين المجردة حين تقارنها بهيبة النيل.
لقد عرفت المنطقة العربية خلال القرن الماضي، أشكالا كثيرة من التغيير، كان أبرزها الانقلابات العسكرية، لكنها لم تعرف هذا الشكل من أشكال التغيير، حيث الشعب يتقدم لاستلام زمام المبادرة نحو التغيير، الذي يستعيد روح ثورة الثالث والعشرين من يوليو، التي قادها ضد النظام الملكي الزعيم العربي الكبير، الراحل جمال عبد الناصر، ويعيد للأمة العربية كرامتها المهدورة.
خلال عام واحد، يتغير فيه نظام بحجم النظام في دولة بحجم ومكانة مصر، من الصعب ومن الخطأ أن تحمل الأمور أكثر مما تحتمل، فطالما أن التغيير جرى بوسائل سلمية شعبية لا يغير من طبيعتها الأساسية، ما جرى من عنف، وما سقط من شهداء وجرحى، طالما أن الأمر كذلك، فإن عملية التغيير الشامل ستحتاج إلى وقت طويل، تتخلله صراعات داخلية، وتدخلات خارجية، وفوضى، وخسائر كبيرة على المستويين الاقتصادي، والاجتماعي.
لو أن التغيير وقع عن طريق الانقلاب، الذي ولى زمن إمكانيات وقوعه، لكان الأمر قد انتهى خلال أيام قليلة، لكن التغيير الشامل من خلال ثورة شعبية سلمية، هو أمر مختلف، إذ يستمر الصراع بين إرادة التغيير، وإرادة الدفاع عن النظام، الذي خلق أجهزة ومؤسسات دولة على شاكلته، ولحمايته، والدفاع عنه ضد مناوئيه في الداخل أكثر مما هي ضد أعدائه في الخارج.
مخطئ من يعتقد أن تداعيات ثورة الخامس والعشرين من يناير، تتوقف عند إجراء الانتخابات لمجلس الشعب، والنتائج التي أظهرت سيطرة الجماعات الإسلامية على سبعين في المائة من مقاعد المجلس، فالثورة لا تزال مستمرة، وطريقها طويل نحو التغيير الشامل، وهي بعد لم تحقق سوى الأقل من أهدافها.
التغيير يعني، دستورا جديدا، وشراكات جديدة، وقوى جديدة، وفلسفة مختلفة في الحكم، في السياسة والاقتصاد، والثقافة، وتغييرا في أدوات وآليات البناء، وفي النظر للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتغييرا في الأولويات الداخلية والخارجية، وفي صياغة المصالح القطرية والقومية، إنها عملية هدم كاملة، وإعادة بناء كاملة.
عندما تتحرك مصر، في أي اتجاه كان، تتحرك الأمة العربية من أقصاها إلى أقصاها، وتفرض طابعها على الآخرين. الثورة وقعت في مصر، إذاً، فالثورات وعمليات التغيير ستتوالى تباعاً في معظم الأقطار العربية، إن لم يكن في جميعها، فبعد مصر، كانت ليبيا، واليمن، وسورية، والبحرين، والمغرب، والحبل على الجرار، فزمن التغيير لا يقاس بالأشهر، أو حتى بالسنوات.
لقد افتتح التونسيون، مرحلة التغيير، لكن قدر مصر أن تتسلم الراية، لتدفع كل الأمة العربية، إلى مرحلة التغيير، نحو استعادة مكانتها ودورها في قلب حركة التاريخ الإنساني، بعد أن ظلت على هامشه ردحاً من الزمن.
ولأن هذا هو موقع مصر، ودورها، وأهميتها، فإن من الطبيعي أن تتكالب عليها المؤامرات الداخلية والخارجية، ومن الطبيعي أن تتعرض لتدخلات تستهدف تكييف عملية التغيير مع مصالح الآخرين، حتى لا يضطر الآخرون للتكيف مع الجديد المقبل.
الإسلاميون الذين وصلوا إلى الحكم في تونس، ومصر، والمغرب، ليسوا مضطرين لمجاملة الولايات المتحدة وإسرائيل، ولاتخاذ ما يرضي ويريح هذه القوى الاستعمارية التي لا تبحث إلا عن مصالحها، فهذه القوى لم تتوقف عن إضعاف مصر، وهدر كرامتها، وتوظيف قدراتها وطاقاتها في غير صالح مصر والأمة العربية.
الإسلاميون أمام امتحان تاريخي، فإما أن يجبروا القوى الأجنبية على التعامل مع مصر، بطريقة مختلفة، وانطلاقاً من أولوية المصالح المصرية والعربية، وإما أن يسجلوا على أنفسهم أنهم مروا من هنا لبعض الوقت دون أن يتركوا بصمة يعترف بها التاريخ.
لقد استحق الإسلاميون هذا الإنجاز، الذي تحقق بالصبر والمثابرة، والتضحية، وما كان لهم أن يحققوه لولا فشل المشاريع الأخرى وفشل أصحابها. وإذا كان الإسلاميون يتحملون مسؤولية كبيرة وأساسية في العهد الجديد إزاء الإخلاص لقيم الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وآليات الشراكة، واحترام التعددية والتنوع الاجتماعي والسياسي والثقافي، والاعتراف بالآخر، فإن على القوى الأخرى، أن تتعامل بإيجابية مع الإرادة الشعبية، التي منحت الإسلاميين هذه المكانة، عبر صناديق الاقتراع.
الكل في مصر معني بإعادة وصياغة وتقديم النموذج الأفضل لقيادة عمليات التغيير في المنطقة العربية بأسرها، الأمر الذي يستدعي من كل طرف فاعل سياسياً واجتماعياً في مصر، أن يعيد صياغة ذاته وأولوياته، وفلسفته في تحقيق الأهداف، على نحو مختلف عما كان قبل الثورة.
ليس القدر هو من حمل الإسلاميين إلى الحكم في عديد الأقطار العربية التي تشهد عملية التغيير، فبالمعنى التاريخي، فشل القوميون، وفشل الاشتراكيون، وفشل أصحاب النظم المختلفة، وكان من الطبيعي أن يعطي التاريخ الإسلاميون فرصتهم في الحكم.
لقد نجح الإسلاميون حيث فشل الآخرون في التنظيم والسياسة، وفي العمل مع الجماهير، وأيضاً في طريقة التعامل مع الأنظمة والحكومات وأدواتها ومؤسساتها.
لماذا لا يعترف اليساريون، والاشتراكيون، والقوميون، والوطنيون، بفشلهم في تجديد برامجهم، وتحديث آليات عملهم، وفي تحديد أهدافهم، وفي توحيد قدراتهم، وبناء الشراكات فيما بين من تجمعهم البرامج وتفرقهم المصالح الشخصية والفئوية؟
لا يتصل الأمر بمصر وحدها، فإذا كانت مرآة الأمة العربية، فإن الحال لا يختلف في معظم البلدان العربية. أليس هذا ما تتسم به أحوال القوى السياسية في فلسطين مثلاً؟ لماذا لا تتوحد القوى اليسارية، ولماذا لا تتوحد القوى الوطنية، ولماذا تشهد هذه القوى ثباتاً بل جموداً في برامجها وآليات عملها وتحالفاتها؟ لماذا لا تتعلم من تجارب الآخرين طالما لم تتعلم من تجاربها الخاصة، أم أنها استمرأت ضعفها وهامشية دورها، وتشرذمها؟ طوبى لمن يشعل شمعة، بدل أن يلعن الظلام.
الأزمة والآفاق الصعبة
بقلم: عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة
اليوم الخميس تنتهي المهلة التي حددتها اللجنة الدولية الرباعية لكل من الفلسطينيين والاسرائيليين لتقديم رؤية كل منهما لمسألتي الحدود والامن. ففي الوقت الذي قدم الفلسطينيون رؤيتهم وسلموها للرباعية والاسرائيليين على حد سواء واكثر من مرة، لم تلتزم حكومة نتنياهو من تسليم اي موقف، لا بل سلمت الدكتور صائب عريقات في اللقاءات الاستكشافية رسالة تتضمن (21) نقطة استفسارية، الهدف منها تعطيل اللقاءات والجهود الاردنية والرباعية الدولية من جهة، والمماطلة والتسويف لكسب الوقت وفرض وقائع جديدة تحول دون اي تقدم لخيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 67، من جهة ثانية. وتعميقا للفكرة الاخيرة، خرجت حكومة اليمين الصهيوني المتطرف، بان المهلة تنتهي في مطلع نيسان ابريل القادم.
هذا الاستعصاء الاسرائيلي، تؤكد من خلاله دولة العدوان والاحتلال الاسرائيلية رفضها خيار التسوية، واصرارها على خيار الاستيطان الاستعماري، وتبديد الحقوق الوطنية الفلسطينية، ويضع القيادة السياسية الفلسطينية امام منعطف خطير، لم يسبق ان وجدت نفسها فيه منذ بدأت مسيرة اوسلو في العام 1993. الأمر الذي يفرض عليها البحث عن بدائل سياسية وكفاحية تعيد من خلالها الاعتبار للحقوق والمصالح الوطنية. ووفق بعض المعلومات الراشحة، فإن اللجنة السياسية للمنظمة عقدت جلسات خاصة لمناقشة البدائل والخيارات، التي من المفترض ان تلجها منظمة التحرير. ولكن حتى الآن لم يعلن عنها بشكل رسمي، وان بدت ملامحها بالمعايير النسبية جلية، منها التوجه لمجلس الامن مجددا، ومن ثم التوجه للجمعية العامة للامم المتحدة، ووقف التنسيق الامني، وسحب الاعتراف بدولة الابرتهايد الاسرائيلية، وضمنا سحب مبادرة السلام العربية، رغم انها باتت جزءا من قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات التسوية، بالاضافة لتصعيد الكفاح السلمي لجماهير الشعب الفلسطيني. وجميع الخيارات تحمل في طياتها في حال تجاوزت القيادة حملة الضغوط الدولية والعربية لاعادتها لطاولة اللقاءات الاستكشافية، مضاعفات سياسية وأمنية وطبعا اقتصادية واجتماعية على الساحة الفلسطينية.
وعملية المصالحة الوطنية في ظل تناقضات حركة حماس الداخلية، واستمرار سياسة الاعتقال السياسي، وانعدام حرية التعبير وحرية الرأي والرأي الآخر، واتساع دائرة تكميم الافواه، والتباطؤ ( او انعدام الأفق) في تشكيل الحكومة الوطنية، ومواصلة عبث المتضررين من المصالحة بها، يبدو انها (المصالحة) تسير نحو نفق مغلق، لا يبعث على التفاؤل. الامر الذي يعمق من ابعاد الازمة الوطنية.
ولا تقتصر جوانب الأزمة عند حدود الابعاد السياسية، بل لها بعد اقتصادي - مالي، حيث تتعاظم مستويات الازمة الاقتصادية - المالية، وتتجه الى منحنيات اكثر تعقيدا، بسيرها في خط بياني متصاعد. الأمر الذي يفاقم من تداعيات الازمة، التي تعصف بالساحة الفلسطينية من كل صوب وحدب في ظل غياب اي دور للرباعية، وابتعاد الدور الاميركي عن الاضواء والفعل بسبب انعكاسات الحملات الانتخابية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وان برز وجود اميركي في اجواء الانتخابات فإنه سيكون في إطار المزاودة لصالح اسرائيل ودعمها غير المشروط على حساب المصالح والحقوق الوطنية.
وتضاؤل الحضور العربي في المسألة الفلسطينية، وان حضر كما يعتقد من خلال اجتماع لجنة متابعة مبادرة السلام العربية في الرابع من شباط فبراير القادم، فيخشى ان يكون ضاغطا على القيادة الفلسطينية للبقاء في دائرة المراوحة الاستكشافية مع الجانب الاسرائيلي، لان جل الاهتمام العربي الآن ينحصر في القضايا الداخلية، والانشداد لمعالجة ملف الثورة السورية.
المشهد الفلسطيني فيه ظلال كثيفة، وتزداد الغيوم تلبدا واسودادا مع مرور الوقت، ويبدو انه يتجه نحو آفاق اكثر تعقيدا مما يفترض اكثر الحالمين والمتفائلين في الساحة. فإن لم يحدث حراك جدي على مسار التسوية السياسية، وان لم يتم تحميل تداعيات الازمة الاقتصادية - المالية للدول المانحة، وان تلاشت وتضاءلت آفاق المصالحة الوطنية، فإن الامور تتجه نحو التفجر بغض النظر عن رغبات اهل النظام السياسي الفلسطيني في الضفة والقطاع على حد سواء. الاحتقان والسخط والغليان الشعبي سيد الاحوال، وواهم من يعتقد ان بالامكان ضبط ايقاع الشارع الفلسطيني.
لذا الكرة في مرمى الجميع دون استثناء قيادة سياسية وفصائل ومنظمات مجتمع مدني ومثقفين واكاديميين وإعلاميين لتدارك التداعيات الخطيرة الناجمة عن الأزمة بأبعادها المختلفة، والتدهور الذي قد يعصف بالجميع في تسونامي غير محدد الملامح. وبالطبع الاخطار الناجمة عن حالة السخط الشعبية ملقاة على كاهل الرباعية الدولية وخاصة الولايات المتحدة وكذلك على الدول العربية لتفادي تداعياتها الخطيرة، التي بالضرورة ستغير من واقع الحال، وتحمل في طياتها تهديدا حقيقياً على مصالح الغرب عموما واميركا خصوصا.كما ان النيران ستحرق اليد الاسرائيلية بشكل غير مسبوق ان لم تعد النظر في سياساتها الاستيطانية الاستعمارية.
فوبيا التوطين الفلسطيني!
بقلم: يحيى رباح عن الحياة الجديدة
شكراً لوزير الشؤون الاجتماعية اللبناني وائل أبو فاعور، وهو من وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي في الحكومة اللبنانية الحالية الذي يقوده الزعيم اللبناني المعروف وليد جنبلاط، شكرا له لأنه عقد اتفاقا مع ممثل الأونروا في لبنان، يتضمن إجراءات محددة لتحسين الحياة في المخيمات الفلسطينية التي تعاني من أوضاع قاسية وشاذة، سواء على مستوى الأكواخ والمباني البائسة التي تضيق بساكنيها، الذين لا يسمح لهم بترميمها أو إعادة بنائها بطريقة ملائمة، أو على مستوى عشرات من المهن المحرم على الفلسطيني مزاولتها في لبنان، مما يضاعف من حجم طوابير البطالة، أو على المستوى الصحي والاجتماعي وخدمات التعليم وغيرها.
مصاعب الفلسطينيين في لبنان لا تقع فقط تحت بند الضائقة المالية التي تعاني منها الأونروا، ولا بسبب التوتر الأمني الداخلي والاحتقان الطائفي في لبنان، وإنما سببها الرئيسي أن الكثير من الأطراف اللبنانية تعبد هذا الكابوس الذي اسمه الخوف من التوطين الفلسطيني، وهو خوف مبالغ فيه، ولا أساس له في الواقع السياسي الراهن، ويدخل تحت عنوان النفاق السياسي المكشوف، لأن هذه الأطراف اللبنانية تعلم علم اليقين، أنه في الأربع وستين سنة الأخيرة منذ وقعت النكبة الفلسطينية، جرت محاولتان خطيرتان لتوطين الفلسطينيين في منتصف الخمسينيات، الأولى في صحراء سيناء المصرية، والثانية في دلتا الفرات شمال سوريا، وأن الطرف الحقيقي والرئيسي الذي أسقط تلك المحاولات هم اللاجئون الفلسطينيون أنفسهم وليس أي أحد آخر، لا خوف الخائفين ولا نفاق المنافقين.
ونذكر في تلك السنوات الصورة المشرقة التي رسمها الشعب الفلسطيني لنفسه، فقد وقعت هبة كبرى في قطاع غزة ضد مؤامرة الإسكان في سيناء، كان من أبرز رموزها شاعر فلسطين الكبير معين بسيسو والمناضل والمربي الكبير فتحي البلعاوي.
كما وقعت هبة مماثلة في سوريا ضد مؤامرة الإسكان والتوطين في دلتا الفرات، وكان من أبرز رموزها المناضل الكبير صبحي ياسين!!!.
وطوي الملف، واتضح أن فزاعة التوطين هي فزاعة مفتعلة تستخدم في السجال الداخلي اللبناني ليس إلا.
في السنوات الأخيرة طرحت منظمة التحرير الفلسطينية بإجماع الفصائل حتى تلك التي ليست منضوية تحت لوائها، أن الوجود الفلسطيني في لبنان هو وجود مؤقت مهما طال، وأن هذا الوجود الفلسطيني هو تحت سقف الشرعية اللبنانية والقانون اللبناني، وأن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات لا يتمتع بأية حماية شرعية فلسطينية، كما أن السلاح الفلسطيني داخل المخيمات يجب أن يتم تنظيمه وفق المنظومة الأمنية للدولة اللبنانية.
ولكن السجالات داخل لبنان وبعض التدخلات الخارجية منعت الحكومات اللبنانية من تنفيذ هذه البنود، بينما بقيت فوبيا التوطين هي اللعبة المفضلة، بحيث أن الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية للفلسطينيين في مخيماتهم، لم يتم تنفيذ أي قدر منها تحت عنوان هذه اللعبة الوهمية والكذبة المفضوحة التي اسمها التوطين.
الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني بقيادة مؤسسه الزعيم الخالد كمال جنبلاط وزعيمه الحالي وليد جنبلاط، كان له موقف متميز في هذه المسألة، لأن الحزب رفض استمرار التعاطي مع هذا الكابوس المفتعل الذي اسمه التوطين الفلسطيني، الذي تحركه العديد من التجاذبات والمزايدات اللبنانية التي تصل إلى حد التناقض والمهانة في كثير من الأحيان.
فعندما وقعت أحداث مخيم نهر البارد مع ما سمي وقتها باسم فتح الإسلام، تباينت المواقف اللبنانية بشكل بائس، بل إنه حين قررت الدول المانحة التبرع لإعادة بناء المخيم الذي تهدم فوق رؤوس ساكنيه، علق أحد الزعماء اللبنانيين الذي يستغل هذه الفوبيا بالقول بأن المبالغ التي خصصها المجتمع الدولي وهي 500 مليون دولار كبيرة جدا إلى حد أن المخيم حين يتم إعادة بنائه لن يكون مجرد مخيم؟ وهذا منطق عنصري هابط ومقزز ومثير لشكوك أبعد مدى، يؤكد أن اللاعبين في موضوع فوبيا التوطين لايهمهم التوطين بحد ذاته، وإنما الذي يهمهم استمرار استخدام هذه الفوبيا في التجاذبات الداخلية اللبنانية للعديد من الأسباب الأخرى.
لعل هذه المبادرة من الوزير وائل أبو فاعور، أحد وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، تساهم بشكل جدي في حل قضية الاحتياجات الإنسانية للمخيمات وتنهي إلى الأبد هذه اللعبة السقيمة المكشوفة التي اسمها فوبيا التوطين، فليس هناك أكثر رفضا للتوطين من الفلسطينيين أنفسهم، وتاريخهم منذ النكبة حتى الآن خير شاهد على هذه الحقيقة الكبرى.
فك الانسداد أم فك الارتباط؟
بقلم: د. صبري صيدم عن الحياة الجديدة
لم تكن العودة للقاء المفاوض الإسرائيلي الأمر الأكثر شعبية لدى أبناء شعبنا رغم قناعة القيادة الأردنية التي رعت لقاءات عمان بأن اختراقا ما سيحدث ورغم رغبة الإدارة الاميركية بإحداث ثغرة ما في جدار الاستعصاء القائم في عملية السلام.
لكن حكومة الاحتلال والتي تعودت صفع المبادرين بخطوات ميدانية عدائية قد أقدمت كما درجت العادة وخلال لقاءات عمان على الإعلان عن توسيع مستوطناتها السرطانية، ورفدت جملة اعتداءاتها باعتقال النائبين عزيز دويك وخالد طافش، من ثم توجيه مستشارها القضائي باتجاه مقاضاة سماحة مفتي القدس الشيخ محمد حسين بتهمة معاداة السامية وصولا إلى اقتحام مقر الصليب الأحمر في المدينة المقدسة واعتقال النائب محمد طوطح والوزير المقدسي السابق خالد أبو عرفة في اعتداء صارخ على مؤسسة دولية وخرق غير مسبوق لحقوق الإنسان.
وأيا كانت الأسباب والحجج التي ساقتها وتسوقها حكومة الاحتلال لتبرير خطواتها فإن الرسالة الأوضح هي أن حكومة نتنياهو المتطرفة لن تسعى إلى فك انسداد العملية السلمية بل ستحاول المناورة والمراوغة وإضاعة الوقت حتى تحول جغرافيا الدولة الفلسطينية الحلم إلى كانتونات ممزقة تقتلها الجدر العنصرية ومستوطنات الشؤم، فيلقي ربما بفتات ما يبقى من جغرافيا الوطن عنوة للمملكة الأردنية لإدارته في سعي إسرائيلي لتجسيد رؤيتها بقتل الدولة عبر الالتهام والفرض.
ورغم التغليفة الذكية التي تحاول أوروبا تقديمها اليوم لإغراء الجانب الفلسطيني وإقناعه بأن يبقي على لقائه بالإسرائيلين، فإن أبناء شعبنا في معظمهم قد فقدوا الأمل بالمفاوضات وربما لن يعجبهم أية توليفة للعودة للقاء الإسرائيليين تحت أي من المسميات. وعليه فإن الإنسداد يبدو سيد الموقف.
ومع هذا الوضع المستفحل ستقف القيادة الفلسطينية لتقول للعالم بأنها قد حاولت جهدها إنجاح السلام وإحلاله في المنطقة. فخاضت عملية السلام تحت كل الظروف والمسميات وتحملت المناورات والمراوغات، وقبلت المبادرات والمحاولات ووضعت مدنا وعواصم وأشخاصا على خارطة العالم السياسي، وتعايشت مع ما جاء في رسائل الضمانات الفارغة المحتوى والقيمة. بل انها قبلت ما لم يكن محببا لدى شعبنا احيانا أملا في تحقيق اختراق ما، لكن حكومة المحتل لا تريد سوى الاحتلال والاحتلال والاحتلال.
وأمام هذا الانسداد القادم لا يستغرب أحد أن يتصاعد الحديث عن فك الارتباط القسري مع إسرائيل. بل لا ضرر من تشكيل لجنة قانونية أكاديمية مختصة تبحث في تفاصيل هذا المنحى بحيث تدرس إمكانية فك الارتباط الاقتصادي والسياسي والجغرافي والمائي مع إسرائيل وإلغاء بعض الاتفاقيات أو البروتوكولات الموقعة بصورة تدريجية ان لم يكن بشكلها الكامل وأهمها اتفاقية باريس. بل دراسة إمكانية الطلب من الأمم المتحدة وأعضائها المساعدة رسميا في تحقيق الانفكاك الكامل حتى لا يبقى العالم بأسره رهينة احتلال أصم وبائس.
ومع هذا الجهد فإن المعركة الدبلوماسية في الأمم المتحدة يجب أن لا تتوقف وصولا إلى عزل حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل وتدويل الصراع ليصبح العالم في مواجهة إسرائيل وليس الفلسطينيين وحدهم في مواجهة محتليهم.
إن موجة فك الارتباط مع الاحتلال والمفروض بعنف المحتل على الشعب الفلسطيني ربما يصبح الظاهرة الأعم والأكثر شعبية بعد وفاة العملية السلمية بكامل خلطاتها وسيناريوهاتها بحيث يصبح الشعب أكثر توقا لمقاطعة البضائع الإسرائيلية وليس فقط بضائع المستوطنات ورفض التعامل مع كل ما هو إسرائيلي ثقافيا واجتماعيا وسياسيا وتعظيم هذا الجهد بدور اكثر تشابكا مع المقاومة الشعبية وأكثر ارتباطا بحملات التضامن الدولية. وأكثر التصاقا بالمصالحة الفلسطينية... فهل وصلت الرسالة؟
فياض ولقاءات عمان
بقلم: الناشط الشبابي محمود طه عن وكالة معا
تدور في هذه الايام فعاليات احتجاجية على قرارات حكومة الدكتور سلام فياض الأخيرة وهي ليست الأولى فقد سبقها الكثير من القرارات التي شغلت بال المواطنين البسطاء واحتجوا عليها، ولكن هذه المرة كانت قرارات في وقت غير مناسب اطلاقاً، كون المرحلة حرجة جداً وكان الأجدى برئيس الوزراء تأجيل ذلك لحين رؤية ما ستقوم به القيادة الفلسطينية في الموعد الذي حددته تاريخ 26 كانون الثاني كموعد نهائي للرباعية الدولية، والذي يترقبه المواطنون بحذر مع وجود تخوفات من تدهور الأوضاع.
ان هذه القرارات ليست فقط في وقت حرج بل من يقرأ بين السطور يرى أنه كل ما حدثت هناك مفاوضات ولقاءات مباشرة او غيرها يخرج أعداد من الشباب والمواطنين للإحتجاج على إستمرار هذه اللقاءات، يتم التغطية عليها بقضايا جديدة تربك المواطن ويكون محضر لها مسبقاً كالقرارات الأخيرة للحكومة الفلسطينية الحالية لتغطية ما يجري من لقاءات في العاصمة الأردنية عمّان بين الفلسطينيين والإسرائيليين والرباعية الدولية بإشراف أردني، علماً بأن الحكومة وأي حكومة تقدم مسودة قانون ولا يصبح فاعلا في ظل حالتنا الفلسطينية نتيجة الإنقسام وغياب للمجلس التشريعي الا بعد توقيع الرئيس عليه، فبعد أن نالت القيادة الفلسطينية دعم الشعب وتأييده لها بعد كسر الإحتكار الأمريكي الإسرائيلي لعملية السلام ونقل ملف المفاوضات والقضية بمجملها الى الأمم المتحدة وتغيير في قواعد اللعبة السياسية، وهذا ما رآه المواطنون بأنها خطوة في الطريق الصحيح نحو التصدي لسياسات الإحتلال ووقف عدوانه المتواصل على شعبنا، وتحقيقا لحلم شعبنا بقيام دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، تعود القيادة مجدداً بأخطاء سياسية بل ما أقدمت عليه يعتبر خطوة نحو الإنتحار السياسي.
إن ما يحدث من لقاءات في عمّان، وما شهدناه من محاولات كثيرة لإرباك الشارع الفلسطيني وتشتيته في هذه القضايا ليصبح همه الوحيد لقمة العيش، هو إستخفاف بمطالب شعبنا بوقف المفاوضات التي أضرت بقضيتنا الوطنية، وفي ظل التسارع الجنوني للإستيطان لفرض وقائع جديدة على الأرض، ومن تهويد للقدس وحصار ظالم على شعبنا في قطاع غزة، وإستمرار لإعتقال مناضلينا في سجون الإحتلال وإبعاد لعدد منهم، وما أخشاه ان تقوم القيادة بتقديم تنازلات جديدة خاصة ما يتم الحديث عنه في الصحف الإسرائيلية بأن الجانب الفلسطيني المفاوض قدم تنازل عن تجميد الإستيطان لإستمرار المفاوضات، ولكن يا سادة يا قيادة لنستمر بخطواتنا الجريئة التي نالت ثقة الشعب وكل الأحرار في العالم، فلم يبقى لنا ما نخسره فداءً لهذا الوطن.
ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تشتيت جهود الشباب وإرباك الشارع الفلسطيني، فقد تم تشتيتها في فترة فعاليات الشباب الداعية والمطالبة بإنهاء الإنقسام وتشتيتها بتشكيل المجلس الأعلى للشباب والرياضة والاتحاد العام لشباب فلسطين الذي إختفى موضوعه عن الاعلام او حتى الحديث عنه، سبقها أيضا غلاء في اسعار المحروقات والسلع الأساسية، وسبقها وسيلحقها مجددا تفعيل الاتحاد العام لطلبة فلسطين...... الخ ، لكن الى متى سيستمر الحال والتخبط الذي نعيشه نتيجة للتنازلات والتضييق على المواطن البسيط الذي يتصدى يومياً لمخططات الإحتلال، ونرهقه نحن بايدي فلسطينية وتقديم غطاء لممارسات الاحتلال.
إنني أدعو الشباب الفلسطيني بكل أطيافه للتوحد والعمل كلجان متخصصة تتبنى كافة القضايا لكي لا يتم تشتيت أي جهود مستقبلا، وليكن شعارنا وهمّنا قضيتنا الوطنية ومشروعنا الوطني، آن الأوان لبناء جبهة موحدة للشباب الفلسطيني يعنى بقضاياه وقضايا شعبه، وآن للجماهير أن تتحرك لإنهاء الإنقسام وتطبيق بنود إتفاق المصالحة الوطنية لأنه المخرج الوحيد للتصدي لممارسات الأحتلال في المحافظات الفلسطينية، والمخرج لعودة الديمقراطية الفلسطينية، وخطوة عملية لإنهاء من نمر به على الصعيد الفلسطيني الداخلي من سياسات مالية وإقتصادية.
إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً


رد مع اقتباس