أي شرعية لأعضاء المجلس المركزي؟
فايز أبو شمالة /المركز الفلسطيني للاعلام
قبل أن يخوض المحللون السياسيون بالمواضيع التي سيناقشها المجلس المركزي، والقرارات التي ستصدر عنه، عليهم أن يسألوا الشعب الفلسطيني عن مدى اهتمامه بالجسم المسمي (المجلس المركزي الفلسطيني)، وعن مصدر شرعية هذا المجلس، وكيف صار أعضاؤه ممثلين وحيدين للشعب الفلسطيني، وكيف صارت قيادته تاريخية؟ ومتى فوضهم الشعب الفلسطيني للتحدث باسمه؟ وبأي حق يناقشون قضاياه المصيرية، وإلى متى يقررون مستقبله السياسي الذي صار غامضاً غموض مرجعية المجلس المركزي المالية والسياسية.
يقول لنا التاريخ الفلسطيني الحديث: إن المجلس المركزي الراهن قد انتزع شرعيته في القرن الماضي، وبالتحديد سنة 1969، حين رفع بندقية المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، ورفع شعار (تحرير فلسطين كل فلسطين).
فهل ما زالت مقومات الشرعية باقية؟ هل ما زال المجلس المركزي في القرن الواحد والعشرين يقبض بأكف الكرامة على بندقية المقاومة؟ وهل ما زال متمسكاً بشعار تحرير كامل تراب فلسطين؟ ألا يحق للشعب الفلسطيني أن يسقط أي قيادة أسقطت المقاومة، ألا يحق للشعب الفلسطيني أن يتخلى عن أي قيادة تخلت عن تحرير كل فلسطين، ألا يحق للشعب أن يتجاهل اجتماع أعضاء المجلس المركزي الذي تجاهل الثوابت الوطنية، وغاب عن مفاصل القضية، وغطى على المفاوضات العبثية، ولم يعترض على التنسيق الأمني، ولم يغضب للتوسع الاستيطاني اليهودي، ولم يفعل شيئاً ضد تهويد المقدسات، ولم يفكر بعقد جلسة طارئة طوال 51 يوماً من الحرب على غزة، ليجتمع اليوم غضباً على احتجاز إسرائيل لعائدات الضرائب.
لقد حرصت شخصياً على التواصل مع مئات الأشخاص، وسألتهم عن تركيبة المجلس المركزي، وعن عدد أعضائه، وعن مهماته، وعن واجباته، وعن توقعاتهم من نتائج اجتماعاته، فاكتشف أن شعبنا في واد، وجلسات المجلس المركزي في واد آخر، لقد اكتشفت التالي:
1- يتشكك الناس في شرعية المجلس المركزي الذي يعقد جلساته تحت سمع وبصر الاحتلال، وتحت رعاية السلطة التي شكلها المجلس المركزي.
2- يتشكك الناس في قدرة المجلس المركزي على التفكير بحرية، واتخاذ قرارات سيادية؛ تخالف ما يراه من يتحكم بسندات الصرف المالي لأعضاء المجلس المركزي، ومن يمنح ويمنع صرف بدل حضور جلسات، وبدل الإقامة في الفنادق.
3- ويتشكك الناس في قانونية عقد جلسات المجلس المركزي، الذي يمر كشف أعضائه عبر بوابة إسرائيل؛ التي مارست حقها في السماح لمن يشارك، ومنعت من لا ترغب بمشاركته.
4- ويتشكك الناس في شرعية المجلس المركزي نفسه، والذي لم يسهم ملايين الشعب الفلسطيني في اختيار أعضائه بشكل ديمقراطي حر.
5- ويتشكك الناس في كل ما سيصدر عن المجلس المركزي من قرارات صاغها شخص السيد محمود عباس، الذي دعا لاجتماع المجلس المركزي في هذه المرحلة؛ كي يغطي على فشله السياسي لسنوات خلت، ويمهد لفشل القادم.
6- ويتشكك الناس في مقولة (إن المجلس المركزي سيد نفسه) فكيف يكون سيداً لنفسه من لا يمتلك قوت يومه؟ وكيف يكون سيداً لنفسه من ينتظر مصروفه الشخصي من جيب مالية السلطة؟ ولا ينتظر إلا رضا التنظيم أو المجموعة التي عينته عضواً في المجلس المركزي.
تجاوباً مع جماهير شعبنا، أتمنى على القوى السياسية الفلسطينية التي لما تزل ترفع البندقية، وترفض اتفاقية أوسلو، ولا تعترف لليهود بشبر من أرض فلسطين، أتمنى عليهم دعوة جماهير الشعب للاحتشاد رفضاً للتفرد الأبدي بالقرار السياسي الفلسطيني.
المصالحة بحاجة إلى تدخل سعودي
عصام شاور / الرأي
بعد يومين من مطالبة قيادات من حماس الرئيس محمود عباس بإصدار مرسوم لإجراء الانتخابات الفلسطينية رد بأنه سيصدر المرسوم فور موافقة خطية من حركة حماس مقدمة لرئيس اللجنة الانتخابية السيد حنا ناصر، والشعب يعلم وكذلك حماس وفتح والرئيس والجميع أن انقساما دام أكثر من سبع سنوات لن ينتهي بورقة مقدمة من حماس إلى رئيس لجنة الانتخابات.
يقول المثل الشعبي: "هي مش قصة رمانة ولكن القلوب مليانة"، وقضيتنا ليست قضية انتخابات ولا مرسوم يحددها فالمسألة أكثر تعقيدا من ذلك ، لأنه وبكل بساطة تم الاتفاق بين فتح وحماس على إصدار مرسوم وإجراء الانتخابات في اتفاقية القاهرة وإعلان الدوحة وتم التأكيد على ذلك في إعلان الشاطئ، ولكن لم ينجز سوى استقالة حكومة إسماعيل هنية وتشكيل حكومة واحدة لم تستطع حتى هذه اللحظة أن تشعرنا بأنها حكومة وفاق أو أنها حكومة شطري أراضي السلطة الفلسطينية؛" الضفة وغزة".
إن درجة التوتير الإعلامي في هذه الأيام بلغت مبلغها بين حماس وفتح والحديث عن إجراء انتخابات لا يتناسب مع هذه الأجواء مطلقا، واعتقد أننا بحاجة إلى قوة خارجية لرأب الصدع الفلسطيني ولا أرى طرفا قادرا على تحقيق تلك المعجزة سوى المملكة العربية السعودية التي احتضنت أول محاولة للوفاق وكان اتفاق مكة الذي لم يكتب له النجاح حينها، ولكنني أجزم أن أي محاولة جديدة من المملكة العربية السعودية ستكون ناجحة في إنهاء الانقسام والشروع في تطبيق مصالحة على أسس متينة لأن الظروف الحالية للشعب والفصائل الفلسطينية غير تلك التي سادت عام 2007 فضلا عن تعطش شعبنا إلى إغلاق ملف الانقسام والانطلاق من جديد لترميم ما دمره العدو الإسرائيلي وما أفسده الانقسام.
على قادة الفصائل الفلسطينية التوجه إلى أشقائنا العرب من أجل التدخل بإيجابية وجدية لرفع الحصار الآثم عن قطاع غزة وكذلك التوجه إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حتى يكون عونا للشعب الفلسطيني في تجاوز خلافاته الداخلية وإنجاز المصالحة سواء من خلال التأثير على الجانب المصري لإتمام رعايته للمصالحة بعد تصحيح خطئه في اعتبار حماس منظمة إرهابية أو من خلال الرعاية السعودية المباشرة للمصالحة فالمملكة العربية السعودية أقدر وأحرص على التوفيق بين الفصائل الفلسطينية من أي طرف آخر.
مبادرة الجهاد الاسلامي وأفق الحل
ابراهيم المدهون / الرسالة نت
حركة الجهاد الاسلامي حركة أساسية وبارزة في الخريطة الفلسطينية، وإن كانت ترفض الدخول بإطار أي عمل سياسي ينتج عن أوسلو، مما ميزها بشكل خاص وأضفى لها احتراما وتقديرا، وهي القوة العسكرية الثانية في قطاع غزة بعد حركة حماس وتشارك بفاعلية في الحروب والمواجهات المسلحة، ولها جناح عسكري قوي وفاعل في رسم معادلات المقاومة، وقيادتها السياسية تحظى باحترام وتقدير من الفصائل الفلسطينية جميعها، وتربطها بحركة حماس علاقة توأمة سياسية وعسكرية. ولهذا أحدثت زيارة وفدها لمصر في ظل تصاعد الأزمة والتوتر ما بين نظام السيسي وحماس حالة جدل في صفوف المراقبين حول هدف ونوايا وما وراء هذه الزيارة؟! إلا أن بعض المعلومات توضح الصورة وتزيل وتقلل من الضباب والجدل، وأولها أن هذه الزيارة قد أعد ورتب لها منذ أسابيع وقبيل حالة الانفجار الصارخ، وكون الزيارة جاءت بموعد إصدار قرار المحكمة ضد حركة حماس، وفي ظل زيادة وتيرة التحريض الإعلامي المصري ضد غزة حتى وصل الحال للحديث عن ضربة عسكرية مصرية للقطاع من بعض المذيعين والكتاب المغمورين، فهذا لا علاقة له بالزيارة بل جاء التزامن مصادفة ليس إلا، فمن الصعوبة بمكان تأجيل الزيارة المقررة لأي سبب كان. وإن كان للنظام المصري مآرب أخرى متذاكية في محاولة استغلال الفراغ والتناقضات في الساحة الفلسطينية، والعمل على الاستفراد بقوى المقاومة الواحدة تلو الأخرى، ويريد في هذا اللحظة اللعب على وتر حجم ونفوذ وقوة الجهاد الاسلامي، ليقول أننا لسنا ضد المقاومة الفلسطينية، وأن مشكلتنا مع حماس مختلفة، وها نحن نقوم باستضافة وتوطيد العلاقة مع فصيل إسلامي مقاوم، إلا أن هذه الخدعة لن تنطلي على حركة الجهاد التي تدرك أنها وحماس واحدة في المصير أيضا، ومن المعروف أن النظام المصري لا يفرق بينها وبين حماس حقيقة ولا تستقبله الآن محبة واعتزازا به وبنضالاته وإنما نكاية بحركة حماس، وطالما حماس قوية ومتماسكة سيظل النظام وغيره من القوى يخطبون ود الجهاد للسبب نفسه. المعلومة الثانية أن حركة حماس كانت تعرف تفاصيل الزيارة وموعدها، وهناك تنسيق معها، ولهذا ردود الفعل الحمساوية فيها اطمئنان وثقة بدور الجهاد، وهي تدرك أن إخوانهم ورفقاءهم في حمل السلاح والقضية، لا يمكن أن يقوموا بلعب دور لا يصب في صالح خدمة الوطن والمقاومة ومشروع التحرير. وقد أحسنت قيادة الجهاد صنعا حين أطلقت مبادرة لتحريك المياه الراكدة، وقد اشتملت على الكثير من الخطوات الايجابية والتي تحتاج من وجهة نظري لدراسة وتفصيل وجلوس وأخذ ورد، وإن كانت غير كافية ولم تتطرق لقضايا مهمة وأساسية وفاصلة كمستقبل الموظفين، فلم تتحدث عنهم بشكل واضح ولم تعطِ إشارات لإلزام السلطة بدمجهم كاستحقاق مفروغ منه، ولم تتحدث عن الانتخابات وضرورة إجرائها في أسرع وقت ممكن لترتيب البيت الفلسطيني على أسس سليمة، كما أنها أهملت إصلاح وترتيب منظمة التحرير ودخول الفصائل الأساسية فيها مما يجعلنا أمام مبادرة مهمة يمكن البناء عليها.
الأسرى وقود للانتخابات الإسرائيلية
أيمن أبو ناهية / المركز الفلسطيني للاعلام
تدخل حملة التصعيد والتنكيل ضد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال _خاصة في (إيشل) و(ريمون) ونفحة_ ضمن الحملة الانتخابية الإسرائيلية، والمراد منها جمع أكبر عدد من الأصوات في صندوق الانتخابات، بعد أن خابت الآمال في إحراز انتصار على غزة في الحرب الأخيرة، فلم يتبق أي ورقة انتخابية في يد زعماء الاحتلال إلا ورقة الأسرى سبيلًا للنجاة والفوز في الانتخابات.
فسلطات الاحتلال لم تكف عن الاعتقالات التي لا تفرق بين صحفي ومحامٍ وناشط حقوقي وطبيب وعضو مجلس تشريعي، ولا تفرق بين الفئات العمرية كالقصر من الأطفال وكبار السن والمرضى والنساء، فسجون الاحتلال مليئة بكل هذه الفئات، وتمارس بحقهم أبشع ألوان العذاب، منتهكة كل القوانين والأعراف الدولية التي تجرم التعامل المذل والمهين للأسرى؛ فقد اعتادت سلطات الاحتلال في الماضي أن تتشارك مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في هذا النوع من الاعتقالات التعسفية دون تهمة أو محاكمة لمن تعتقلهم، وأصبحت بعد انهيار ذلك النظام تنفرد وحدها بين دول العالم بممارسة سياسة الاعتقال الإداري خارج القانون، واحتجاز الأسرى سنوات دون أن توجه لهم تهمًا محددة، ودون تقديمهم للمحاكمة، وتكتفي بتسويغ استخدامها لهذا النوع من الاعتقالات بالاستناد إلى ما تسميه الملفات السرية .
تفاقم الاعتقال الإداري سيؤدي إلى انفجار الوضع داخل السجون بتزايد في أعداد الأسرى المضربين عن الطعام، الذين يعدون ذلك أسهل طريق لتنفيذ مطالبهم والحصول على حقوقهم المشروعة في القانون الدولي، وهذا سينعكس بطبيعة الحال على الخارج، وسيؤدي دون أدنى شك إلى حدوث انفجار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة أن الأوضاع تسير في اتجاه اندلاع انتفاضة ثالثة (انتفاضة أسرى) أعتقد أنها ستخصص هذه المرة للأسرى على غرار "انتفاضة الأقصى"، مادام التصعيد في سياسية الاعتقالات مستمرًا من قبل سلطات الاحتلال.
ولعل وضع أبنائنا وأطفالنا وبناتنا في السجون بدأ يثير اهتمامًا دوليًّا واسعًا، وأصبحت المعاناة وظروف الاعتقال السيئة والسجناء المرضى أو المضربون عن الطعام يستقطبون قطاعًا واسعًا من الرأي العام ومنظمات حقوق الإنسان، وكانت آخر مظاهر هذا الاهتمام هو طلب الاتحاد الأوروبي من سلطات الاحتلال السماح لوفد من البرلمان الأوروبي بزيارة السجون، والاطلاع على الظروف الاعتقالية والحالات الإنسانية في داخلها، وكما كان متوقعًا قد رفضت سلطات الاحتلال هذا الطلب بطريقة ملتوية، وطالبت بأن يسمح الاتحاد الأوروبي لمندوب عنها بزيارة السجون الأوروبية، فما كان من سلطات الاحتلال إلا أن ترد على منتقديها من المجتمع الدولي والمنظمات بتصعيد سياستها بشأن الاعتقال الإداري، وتوجه رسالة إلى المجتمع الدولي بأن ملاحظاتهم لا مكان لها ولا تعيره أي اهتمام، فلماذا هذا التحدي وهذه العنادة وتلك الوقاحة؟!، معروف أن الكيان العبري يعد نفسه فوق القانون الدولي، ولأن المجتمع الدولي يكيل بمكيالين لا يمارس ضغوطات سياسية حقيقية، ولا يتخذون بحقه إجراءات عقابية، ولا يلزمونه بالقوانين الدولية حق التزام، كما يفعلون مع الأسرى الآخرين في بلاد العالم، وإن كل ما يتقدمون به لا يخرج عن إطار الروتين، بل هو مجرد رفع عتب ليس إلا.
على كلٍّ نعد هذه المواقف الأوروبية مواقف جديدة ومتطورة على صعيد قضية الأسرى الفلسطينيين، ولعل هذه المواقف يطرأ عليها تطور أكبر من ذلك بالتحرك الجاد تجاه أسرانا وقضيتهم العادلة، وتداولها في المحاكم والمحافل الدولية على أنهم أسرى حرية وأسرى حرب، وإلزام سلطات الاحتلال بإنهاء معاناتهم وفك قيدهم.


رد مع اقتباس