النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 473

  1. #1

    اقلام واراء عربي 473

    اقلام واراء عربي 473
    15/8/2013

    في هذا الملــــف:
    اقتراب دور غزة بعد انهيار الأنظمة «الإخوانية»
    صالح القلاب/الشرق الأوسط
    نبوءة أبو مازن.. ماذا تحقق منها..؟!
    عودة عودة/الرأي الأردنية
    ماذا بعد جولة المفاوضات؟
    رأي البيان الإماراتية
    مسخرة المفاوضات وعقوبات أبو مازن!
    راجح الخوري/النهار اللبنانية
    هستيريا في رام الله: الحرية للأسرى
    امجد سمحان/السفير
    من رودوس إلى جنيف: فلسطين من الضياع إلى الربيع العربي
    منى سكرية (صحافية لبنانية)/الحياة اللندنية
    رفضت "حماس" الوصاية فغادر قادتها دمشق!
    سركيس نعوم/النهار اللبنانية
    الديمقراطية كما ترسمها امريكا لفلسطين
    د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
    إشهار يهودية إسرائيل ابتعاد عن الغرب وديموقراطيته
    محمد خالد الأزعر (كاتب فلسطيني)/الحياة اللندنية
    تقاطع إسرائيلي - إيراني
    حسان حيدر/الحياة اللندنية
    تاريخ اللوبي الصهيوني ليس كله نجاحات
    رغيد الصلح( كاتب لبناني)/الحياة اللندنية
    الفهم الاستراتيجي الصهيوني ليهودية الدولة
    د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
    قادة «حرب لبنان الثانية» في تل أبيب.. إلى الضياع
    حلمي موسى/السفير
    نشأة الرواية النخبوية للأردن وانهيارها
    إبراهيم غرايبة(كاتب أردني)/الحياة اللندنية
    أوباما.. لماذا يحتضن الإرهاب - 2
    صبري غنيم/المصري اليوم
    يا عريان كنت فين يوم التقى الجمعان؟
    حمدي رزق/المصري اليوم
    تغطية الـcnn
    محمد سلماوي/المصري اليوم









    اقتراب دور غزة بعد انهيار الأنظمة «الإخوانية»
    صالح القلاب/الشرق الأوسط
    المفترض أن يصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، اليوم (الخميس)، 15 أغسطس (آب)، مراسيم إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، لكن ما بات مؤكدا أن حركة حماس مستمرة في رفض إجراء هذه الانتخابات، ومستمرة بالتمسك بانقلابها العسكري ضد السلطة الوطنية وضد منظمة التحرير وحركة فتح الذي نفذته في 15 يونيو (حزيران) عام 2007، والذي بقيت تحاول ومنذ ذلك الحين نقله إلى الضفة الغربية، لكنها فشلت فشلا ذريعا، والأسباب هنا كثيرة ومتعددة.
    والمعروف أن هذا الانقلاب الدموي، الذي تجاوز ببشاعته أسوأ الانقلابات العسكرية العربية، كان مشروعا مشتركا بين التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وإيران الخمينية وسوريا، وكان هدف هذه الأطراف الثلاثة انتزاع القرار الفلسطيني من يد محمود عباس (أبو مازن)، ومن يد حركة فتح ومنظمة التحرير، ووضع مصير عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في يد «فسطاط الممانعة والمقاومة»، الذي ساد اعتقاد لدى أطرافه، ومن بينهم حركة حماس، أنه سيكون الآمر الناهي في الشرق الأوسط كله.
    بعد هذا الانقلاب، الذي نفذته حماس ضد الشرعية الفلسطينية التي رسختها انتخابات أجريت تحت ضغط الولايات المتحدة، وشهدت الأمم المتحدة ودول كثيرة بأنها كانت نزيهة وديمقراطية وبعيدة عن أي تلاعب، أصبحت غزة أول دولة «إخوانية» تابعة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وشكل قيام هذه الدولة أول اختراق إيراني فعلي وحقيقي للوضع الفلسطيني، كما شكل انتصارا للنظام السوري، الذي كان أكثر ما يرعبه، ولا يزال، أن يلتحق الفلسطينيون بعملية السلام، وأن يبقى هو منفردا تحت رحمة المعادلة الشرق أوسطية الجديدة التي ستترتب حتما على مثل هذه العملية، إن جرى إنجازها بالفعل.
    لقد كان بروز حماس في الساحة الفلسطينية في نهايات عام 1987، بعد نحو 22 عاما من انطلاق ثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة، التي أطلقتها حركة فتح في الفاتح من عام 1965، بعملية «عيلبون» الشهيرة، مشروعا «إخوانيا» شاركت فيه إيران الخمينية، والأهداف هنا لا علاقة لها بفلسطين ولا بتحرير فلسطين، وإنما بالصراع على المعادلة الشرق أوسطية، وعلى من هو صاحب القرار في هذه المنطقة الاستراتيجية الحساسة، وهكذا، فإن اسم هذه الحركة، أي «حركة المقاومة الإسلامية»، الذي خلا من أي ذكر لفلسطين، يدل على الغرض الذي شكلت من أجله، ويؤكد أنها بالفعل مشروع سياسي للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي يعد أن مهمته عالمية وأممية، وأنه لا علاقة له بالقضايا «الوطنية»، إلا ما يتعلق منها بهذا المشروع الآنف الذكر.
    ولعل ما يؤكد هذا، من دون أي عناء ومن دون أي جهد، أنه ثبت أن الهدف الرئيس لهذه الحركة، التي جاءت متأخرة جدا إلى ساحة الثورة الفلسطينية، كان تدمير منظمة التحرير، والدليل على هذا أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) بقي يطارد خالد مشعل وإخوانه منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى لحظة وفاته في عام 2004، لإلحاق حركتهم بمسيرة الشعب الفلسطيني، وليكون قرارها فلسطينيا، وليس قرار التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ولا قرار إيران، ولا قرار النظام السوري أيضا الذي حاول بدوره القضاء على هذه المنظمة، خاصة بعد إخراجها من بيروت وإخراج قواتها وقيادتها من لبنان، بعد الغزو الإسرائيلي الشهير للأراضي اللبنانية في يونيو (حزيران) عام 1982.
    لقد رفض قادة حماس كل الإغراءات التي عرضها (أبو عمار) عليهم لانضواء حركتهم في إطار منظمة التحرير التي انتزعت، كما هو معروف، اعترافا عربيا في قمة الرباط في عام 1974 بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، التي أصبحت لاحقا ممثلة في الأمم المتحدة، ولقد ثبت أن مثل هذا القرار ليس في يد حركة المقاومة الإسلامية، بل في يد التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وفي يد المرشد العام لهذا التنظيم، ولاحقا بعد بدايات ثمانينات القرن الماضي في يد إيران، وأيضا في يد النظام السوري، وكل هذا باسم كذبة المقاومة والممانعة التي غدا حتى مجرد ذكرها مثيرا للضحك والاستهزاء.
    كان على خالد مشعل و«إخوانه»، لو أنهم بالأساس قد شكلوا «حماس» كحركة فلسطينية قرارها في يدها ولا هَم لها إلا الهَم الفلسطيني، أن يأخذوا العبر من تجربة ثورة الشعب الفلسطيني، حيث بقيت حركة فتح تنأى بنفسها، بقدر الإمكان، عن الصراعات العربية والإقليمية، وحيث كانت هناك التجارب الفاشلة لتنظيمات الأنظمة العربية كمنظمة «الصاعقة» السورية و«جبهة التحرير العربية» العراقية و«الجبهة الشعبية - القيادة العامة» السورية أيضا، لكن هؤلاء (أي مشعل و«إخوانه») لم يفعلوا هذا، بل عدّوا أن الدولة التي أقاموها في غزة بعد انقلابهم الدموي على السلطة الوطنية في عام 2007 هي أول دولة «إخوانية»، وحقيقة أنها كانت ولا تزال دولة «إخوانية»، وبالتالي فإن كل ما أصاب الأنظمة «الإخوانية»؛ إن في مصر وإن في تونس، سوف يصيبها هي أيضا لا محالة.
    عندما تسقط كل هذه القلاع التي بناها الإخوان المسلمون، خاصة في مصر، فإنه من غير الممكن أن تصمد قلعتهم في غزة، حتى وإن عادت حركة حماس عودة الابن الضال، إلى حضن إيران، وحتى وإن ضاعفت وتيرة القمع الذي بقيت تمارسه على الشعب الفلسطيني في «القطاع» المحاصر؛ فهي أولا قد خسرت هذا الشعب نتيجة تصرفاتها وممارساتها الاستحواذية والقمعية، وهي ثانيا بانخراطها في معركة الدفاع عن «شرعية» محمد مرسي وبعلاقاتها المشبوهة بالتنظيمات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء، قد خسرت مصر، التي بحكم عامل الجغرافيا والجوار وبحكم عوامل أخرى كثيرة، من غير الممكن من دون دعمها ومساندتها أن تستمر دولة ولا شبه دولة، لا إسلامية ولا علمانية، في هذه البقعة المحاصرة التي لا منفذ لها إلا عبر الأراضي والمياه المصرية.
    ثم إنه من سابع المستحيلات أن تستطيع دولة حركة حماس الصمود، حتى وإن هي ذهبت هرولة إلى طهران وألقت بنفسها بين يدي علي خامنئي وسلمت قرارها لقائد «فيلق القدس» الإيراني الجنرال قاسم سليماني، ما دامت تجربة الإسلام السياسي قد انتهت إلى كل هذا الانهيار، وما دام هناك صحوة عربية مبكرة مضادة لـ«الإخوان المسلمين»، وما دام هؤلاء قد أثبتوا أنهم لا يصلحون للحكم، وأنهم يتقنون الهدم ولا يتقنون البناء، وأيضا ما داموا أثبتوا خلال فترة حكمهم القصيرة؛ إن في مصر وإن في تونس وإن في غزة، أنهم تنظيم شمولي واحتكاري، وأكثر استبدادية من حزب البعث الذي حكم في العراق، والذي لا يزال يحكم في بعض سوريا، وأنهم يتبعون وليا فقيها له السمع والطاعة وتقبيل اليدين، هو المرشد الأعلى الذي لا قرار إلا قراره.
    ولهذا، فإن دولة حركة حماس، التي هي أول تجربة للإسلام السياسي في الحكم، تبدو الآن كمن ينتظر الإعدام بالقرب من منصة حبل المشنقة؛ فهي ارتكبت الخطأ القاتل عندما انحازت، وعلنا، وعلى رؤوس الأشهاد، إلى «الإخوان» المصريين في حربهم المسعورة ضد الشعب المصري، وعندما، كما يقال، قدمت لهؤلاء الدعم «اللوجيستي» الذي يحتاجونه، وعندما حولت قطاع غزة إلى ملاذ للإخوانيين المطلوبين للعدالة المصرية، وعندما، وكما يقال أيضا، بادرت إلى احتضان بعض المجموعات الإرهابية في سيناء ومدها بكل ما تحتاجه لمواجهة هجمات مغاوير الجيش المصري.
    لا يمكن أن تستطيع دولة حماس، التي هي أول أنظمة الإسلام السياسي، الاستمرار بهذا الصمود المتأرجح، فالمعلومات تتحدث عن أن غزة تعيش حالة غليان شعبي غير مسبوقة، والمعلومات تتحدث أيضا عن أن ما جرى في مصر وفي تونس سوف يجري قريبا في الدولة الغزية، فالأوضاع هناك لم تعد تطاق، وهي بالتأكيد ستزداد تدهورا سيصل حتما إلى الانفجار إذا حسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الأمور، واتخذ قرار إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في الضفة و«القطاع» في أقرب فرصة ممكنة، وخلال الشهور المتبقية من هذا العام (2013).

    نبوءة أبو مازن.. ماذا تحقق منها..؟!
    عودة عودة/الرأي الأردنية
    لم يراهن أي واحد في هذه الدنيا على أنَّ الجانب الفلسطيني سيرفض.. وبشدة الإنخراط الكامل في جولة مفاوضات جديدة مع إسرائيل وبرعاية أمريكية كمثل الجولات التفاوضية السابقة وعلى مدى عقدين ماضيين مليئين بالخيبات الكثيرة.
    مع كل ذلك، لم يتوقع أحد أيضاً ألا تكون هناك شروطً فلسطينية، ولو كانت مخففة.. وطفيفة على الجانب الإسرائيلي لحفظ ماء الوجه أمام الجماهير الفلسطينية والعربية والعالم كله ليس غير، قبل الذهاب إلى هذه المفاوضات وبما يشبه (الجلب) للفلسطينيين ومنها: دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967.. ولجم الإستيطان اليهودي في القدس والضفة الغربية وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيية وعلى الأخص الأسرى قبل توقيع إتفاق أوسلو.. وحق عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم الأصلية في فلسطين.. ومستقبل القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة وقضايا أخرى.. وما البديل إذا فشلت المفاوضات الحالية هذه.. هل سيحل عقال الشعب الفلسطيني ليرد بإنتفاضة ثالثة وتهديدات فلسطينية أخرى..
    على الجانب الإسرائيلي وضع رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) رجليه في (الحيط) كما تقول العامة أثناء مقابلاته الست مع وزير الخارجية الأمريكي (جون كيري) و آخرين..، فأصرّ أن تبدأ المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية (دون شروط مسبقة) وإن كان يعلن صباح مساء عن (شروطه المسبقة) ومنها: لا أحد له حق التدخل في حدود إسرائيل.. والقدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي.. والتأكيد على يهودية الدولة الإسرائيلية.. وعدم الإعتراف الإسرائيلي بالمبادرة العربية للسلام وأية مبادرات وقرارات أخرى دولية كقرار التقسيم العام 1947 وقرار حق العودة 194 وقراري 242 و338 وغيرها.. والمصالحة بين فتح وحماس خط أحمر.. والغور لإسرائيل إلى الأبد، ولم يقل نتنياهو أي غور يريد الغور الفلسطيني أو الغور الأردني أم كلاهما معاً..؟!
    في أيلول المقبل يكون قد مرّ عشرون «أيلولاً» على المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية العبثية التي لم تنته إلى أيّ حل، أو أيّ نتيجة تذكر، فالإحتلال والإستيطان مستمران إلى ما لانهاية ، المهندسون الإسرائيليون في كل جولة تفاوضية كثيرون ويجري تغييرهم دوماً، أما المهندسون الفلسطينيون في كل جولة تفاوضية هم مهندس واحد لا يتغير ولا يتبدل منذ عشرين «أيلولاً» هو الدكتور محمود عباس (أبو مازن).. فاوض ووافق ووقعّ إتفاق أوسلو العام 1993 في واشنطن، وقال بعد التوقيع ما يشبه ( النبوءة ): ( إما يقودنا إتفاق أوسلو إلى الدولة أو إلى التلاشي.. ).
    وهنا أتساءل ويتساءل معي كثيرون في داخل فلسطين وفي المنافي والشتات ومن قبل جميع المتعاطفين مع القضية الفلسطينية: ماذا تحقق من نبوءة أبو مازن تلك..؟!


    ماذا بعد جولة المفاوضات؟
    رأي البيان الإماراتية
    انطلقت أمس جولة المفاوضات الثانية بين الفلسطينيين والإسرائيليين بالتوازي مع الإفراج عن 26 أسيراً ينتمون إلى حقبة ما قبل اتفاق أوسلو العام 1993، ضمن 104 يفترض أن يطلق سراحهم.
    وعلى الرغم من الدفعة المعنوية التي قد يمثلها نبأ الإفراج عن الأسرى واستئناف المفاوضات، فإن المتتبع لمجريات الأمور لن يستغرق وقتاً طويلاً قبل أن يكتشف أن إسرائيل ما تلبث أن تعود إلى ممارسة سياستها المفضلة في لي الأذرع والمماطلة وكسب الوقت مع تغيير الحقائق الديمغرافية على أرض الواقع.
    منذ إعلان استئناف محادثات السلام، تسارعت وتيرة البناء الاستيطاني بشكلٍ كبير، بحيث وصلت إلى نحو 3000 وحدة استيطانية في خلال أسبوعين فقط، في حين التزم الراعي الأميركي للعملية التفاوضية الصمت كعادته، بل وزادها أحياناً بالادعاء أن الاستيطان لا يعرقل السلام.
    لب القضية هنا يكمن في أن سياسات تل أبيب لم تتغير منذ مؤتمر مدريد العام 1991. وحتى إطلاق الأسرى اشترط معه عدم التزام إسرائيل باعتقالهم مجدداً، وكأن شيئاً لم يكن. والحال، أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة باتت ترى في مجرد الجلوس إلى طاولة التفاوض تنازلاً، ناهيك عن تقديم أي حلول عملية وجوهرية، حيث لا تلبث أن تتذرع بضغوطات من «اليمين»، لتستخدمها كمبرر للبناء الاستيطاني.
    السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح في خضم كل ما يحصل، هو ما هي الحصيلة المرجو الوصول إليها؟. وهل تسعى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى اللعب على وتر السلام في الشرق الأوسط لكي تضيفه إلى سجلها فحسب؟. أم أن هناك جدية متوخاة هذه المرة من إدارة يعتقد البعض أنها تختلف عن سابقاتها؟.
    إن كان من هناك جدية حقيقية في إنهاء النزاع، فعلى واشنطن قبل كل شيء أن تستخدم أوراقها لدى حكومة بنيامين نتانياهو وتضغط بلا هوادة عليه، لأن تل أبيب لطالما اطمأنت من الموقف الأميركي المهادن حيناً والمتواطئ حيناً آخر.


    مسخرة المفاوضات وعقوبات أبو مازن!
    راجح الخوري/النهار اللبنانية
    عشية المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين وجّه جون كيري "تحذيراً" الى بنيامين نتنياهو من انه اذا لم تصل المفاوضات الى نتيجة، ستتعرض اسرائيل لمقاطعة دولية.
    التحذير مجرد مسخرة والمقاطعة الدولية مجرد مسخرة ايضاً، والمفاوضات عقدت جلستها الاولى امس في القدس في ظل تسارع غير مسبوق في عمليات الاستيطان، على رغم ان السلطة الفلسطينية كانت ترفض العودة الى مفاوضات ميؤوس منها ما لم تتوقف حركة الاستيطان.
    الاختراق الوحيد الذي حققه كيري تمثل بوضع الجانب الفلسطيني امام امرين احلاهما مر، عندما اقنع محمود عباس بأن تكون مشكلة الاستيطان احد بنود المفاوضات لا شرطاً مسبقاً لقبول التفاوض، فكان عليه اما ان يقبل بهذه المعادلة، والاستيطان مسألة حق غير قابل للتفاوض عند نتنياهو، واما ان يرفض فتحمّله اميركا والدول الاوروبية مسؤولية إضاعة فرصة تحريك عجلة التسوية المتوقفة منذ اربعة اعوام!
    عشية الجلسة الاولى ادخل نتنياهو كل قنابله الناسفة الى الغرفة عندما وافقت الحكومة على بناء 942 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية، التي يتمسك الفلسطينيون بها عاصمة لدولتهم، لكن الفاضح انه في حين ارتفعت ادانات اسرائيلية يسارية لقرار الاستيطان معتبرة انه "قرار رهيب يعد استفزازاً للفلسطينيين والاميركيين والعالم ويمهد لتخريب المفاوضات"، كان جون كيري يبرر القرار عندما اعلن من البرازيل "ان نتنياهو كان صريحاً معي ومع عباس وقد حذّر من انه سيعلن بعض التوسع الاستيطاني الاضافي في مناطق لن تؤثر على خريطة السلام".
    في اتصاله مع ابو مازن حاول كيري امس ان يعوّم المفاوضات التي دفنها نتنياهو قبل ان تبدأ، وهو ما دفع صحيفة "معاريف" الى كتابة تعليق بعنوان "اغتيال المفاوضات" وفيه ان الحكومة التي نسّقت قبل ايام مع الاميركيين موضوع اضافة 1200 وحدة سكنية الى المستوطنات، تمضي في تسريع الاستيطان في القدس بما سيؤدي الى نسف المفاوضات ويضع اسرائيل في موقف قبيح.
    البهرجة التي رافقت اطلاق اسرائيل 26 سجيناً فلسطينياً معتقلين منذ 30 عاماً لن تغطي شناعة جريمة الاستيطان، وخصوصاً بعدما تبين ان هناك صفقة عنوانها "السجناء في مقابل البيوت" اي سكوت المستوطنين عن اطلاق الفلسطينيين في مقابل توسيع الاستيطان وبمعادلة 100 بيت استيطاني في مقابل كل سجين! السلطة الفلسطينية التي دانت قرار الاستيطان تعرف سلفاً ان نتنياهو سيخرب المفاوضات وانها ان فاوضت او لم تفاوض فان الاستيطان لن يتوقف، لكنها ارادت تحميل واشنطن وتل ابيب المسؤولية عن هذا التخريب قبل ان يتوجه ابو مازن في ايلول الى الجمعية العمومية للامم المتحدة، ليطالب بمروحة من العقوبات الدولية ضد اسرائيل، وخصوصاً ان فلسطين باتت تملك العضوية التي تخولها ذلك!


    هستيريا في رام الله: الحرية للأسرى
    امجد سمحان/السفير
    أهازيج ودموع، ورقص هستيري، اختلطت بصراخ الفرحة وبكاء الأمهات والزوجات، وأطفال انتظروا آباءهم أكثر من 20 عاماً، وهو بكاء على أسرى خرجوا من دون أن يروا الأم والأب الذين شاخوا وغادروا الحياة قبل لقاء انتظروه طويلاً.
    صخب في كل مكان، هكذا كانت الحالة في رام الله أمس الاول، حين أفرجت سلطات الاحتلال عن 11 أسيراً من الضفة الغربية من أصل 26 أسيراً أطلق سراحهم مساء أمس الأول. هم أسرى قضوا بالمعدل أكثر من 25 عاماً في سجون الاحتلال، وبعضهم لم يكن يحلم بالإفراج عنه أبداً.
    عائلة الأسير خالد عساكرة كانت من بين العائلات التي انتظرت منذ ساعات مبكرة خروج ابنها أمام سجن «عوفر» العسكري القريب من رام الله. خاله أبو سليمان، قال لـ«السفير»، وهو يبكي ويرقص صارخاً بفرحة الإفراج: «اعتقلوه وكان عمره 20 عاماً، وكنت حينها في الأربعين من عمري. اليوم أفرجوا عنه بعد أسر دام 23 عاماً، وبعدما فقد وهو في السجن أمه وأباه، ماتا حسرة عليه، وتركا لي الأمانة، والحمد لله أنا أتسلمها، لأسلمها للوطن». وأضاف «أقول لأختي.. أنعمي بالسلام، ها قد عاد خالد».
    لم يتوقف أبو سليمان عن الرقص مع عشرات الأهالي أمام سجن «عوفر»، بينما كانت فرقة محلية شعبية تعزف ألحان الثورة الفلسطينية على آلة «القربة» ويردد معها هاتفاً «لاكتب اسمك يا بلادي». ويتابع حديثه «أقول لخالد إنك ناضلت وضحيت لأجل وطن يستحق التضحية، ولأجل قضية عادلة، ونأمل أن يفرج عن بقية الأسرى من بعدك قريباً».
    والأسير عساكرة كان محكوماً بالسجن المؤبد بالإضافة إلى 40 عاماً بتهمة تنفيذ عملية في مدينة القدس المحتلة في العام 1991 أسفرت عن مقتل عدد من الإسرائيليين.
    يذكر أن الإفراج عن الأسرى الـ26 يأتي في إطار صفقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تنص على الإفراج عن أسرى ما قبل اتفاق أوسلو الـ104، إلا أن إسرائيل قررت الإفراج عنهم على أربع مراحل ربطاً بتطور المفاوضات. ومن المفترض أن يطلق سراح الدفعة الثانية في نهاية شهر أيلول المقبل. وتجدر الإشارة إلى أنه كان يجب على اسرائيل الإفراج عن هؤلاء الأسرى إثر توقيع اتفاق أوسلو في العام 1993 في إطار صفقة أطلق عليها وقتها «لتبييض السجون». ويقدر عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال اليوم بحوالي ستة آلاف.
    وبالعودة إلى احتفالات أمس، وحين خرجت حافلات الأسرى من سجن «عوفر» متوجهة إلى مقر المقاطعة في رام الله، كان آلاف الفلسطينيين يرقصون داخل باحات مقر الرئاسة الفلسطينية. ومن بين هؤلاء وقفت الحاجة نعمة، أم الأسير عصمت منصور، وقد ارتدت أجمل ما عندها، ولبست كل حليها، وزينت يديها بالحناء في انتظار «العزيز الغالي».
    الأسير عصمت اعتقل ولم يتجاوز الـ17 عاماً، وأفرج عنه بعد 20 عاماً، ليجد أن كل شيء في الحياة قد تغير وكأنه قادم من عالم آخر. ولكن الشيء الثابت بنظره كان «وجه والدتي التي زارتني طيلة هذه السنوات، وتحمّلت برد الشتاء القارس، وحر الصيف، والذل على الحواجز، والتفتيش العاري لتبقيني أعيش على أمل لقائها».
    «الطفل» عصمت كما يحلو لوالدته أن تراه، كان قد تعرض لتعذيب شديد في السجن، أثمر في النهاية كتاباً يصف «ذل السجان، وإرادة السجين» عنوانه «سجن السجن»، وفقا لـ«نادي الأسير الفلسطيني».
    وفي الكتاب يقول عصمت «هنا يسجنون السجين، يسجنون الظل، دون أن يدركوا أن هذا يحرره من أبشع أسر، لأن الأسير ينتصر في اللحظة التي يدرك فيها أن أحلامه غير مسجونة وذاكرته غير مسجونة».


    من رودوس إلى جنيف: فلسطين من الضياع إلى الربيع العربي
    منى سكرية (صحافية لبنانية)/الحياة اللندنية
    لم يتضمن كتاب عادل مالك «من رودوس إلى جنيف - فلسطين من الضياع إلى الربيع العربي»، والصادر حديثاً عن «دار النهضة العربية» - بيروت، أي جديد مختلف عن طبعته الأولى الصادرة عام 1974 عن دار النهار للنشر، باستثناء مصطلح الربيع العربي، أما ضياع فلسطين فما زال قائماً، ومستداماً منذ النكبة... تعالجه تصريحات الاستنكار والشجب وكل أفعال المبالغة في اللغة العربية، ويعالجه المحتل الإسرائيلي بالبناء والعلم والمستوطنات. وما مخاوف مالك لما نقله عن لسان مفكر عربي بارز (يرجو الله ألا يكون صحيحاً) ومفاده «أن الربيع العربي وضع القضية الفلسطينية في ثلاجة الموتى»، سوى استكمال للمشهد العاري منذ بدايات القرن الفائت.
    فلو أحصينا الأحداث التي تراكمت طيلة الأعوام السبعة والثلاثين، الفاصلة بين الطبقتين، والتي على صلة بفلسطين مباشرة ومداورة، لكانت أطنان الورق قد أعادت حكاية تغير لون مياه الفرات وغزو التتار بغداد. (يذكر المؤلف أن بريطانيا شحنت عند رحيلها عن فلسطين 59 طناً من الخرائط، و25 طناً من الملفات).
    حكايات الضياع الأولى وثّقها مالك في أوراق الكتاب، وربط بينها وبين جهد «رسمي» كي لا تضيع المناصب والكراسي، وكشف بدايات التلعثم العربي الرسمي، وما أفضت إليه نكبة 1948، وقد رصفها عادل مالك في 596 صفحة، موثقاً لتخبط هنا، وتخاذل هناك، وتأتأة في إتقان لعبة التفاوض، وفنون الديبلوماسية، وأمية رسم الخطط وتهجئة ما هو مخطط، وما بينهما من مكر العارف – الساكت - المتواطئ – المتاجر والسمسار. (يذكر طلب الملك فاروق عبر وسيط يهودي مصري من إلياهو ساسون أن يتوسط لدى الحكومة الإسرائيلية أن تضغط على وسائل الإعلام الأميركية لوقف الحملات ضد الملك! وكذلك الأمر من الإذاعة والصحف الإسرائيلية، مقابل التمهيد لتفاهم مع إسرائيل، في حين يستحلف مندوب الوفد المصري إلى لوزان عام 1949 (عبدالمنعم مصطفى) ساسون نفسه بأولاده أن يحافظ على سرية الحديث بينهما... مصطفى عينه هو من أبدى نقمته على رؤساء الوفود العرب في لوزان 1949 «لانشغالهم بالنساء الشقراوات والملاهي».

    نبوءة شارل مالك
    في 7 أيار (مايو) 1948 أبرق وزير لبنان المفوض في واشنطن شارل مالك إلى وزارة الخارجية اللبنانية تحت عنوان «تقدير موقف»، قائلاً إن «دولة يهودية ستعلن بعد أسبوع، وإن أمام العرب فرصة أربعين يوماً لمنع قيامها، وإذا بقيت فستوطد دولياً ومادياً، وستثبت لعشر سنين، وإذا ثبتت لعشر سنين، فستبقى لخمس وسبعين سنة على الأقل، أو لقرن». وفي 14 أيار أعلنت إسرائيل قيام دولتها، فهل تكمل 75 عاماً أم قرناً من الزمن؟
    وفي 17 كانون الثاني (يناير) 1974 استقرأ عادل مالك مواقف شارل مالك السياسية فكانت من الدقة، (عدا اعتقاده بأن صداقة لبنان مع أميركا ستردع إسرائيل من الاعتداء عليه، إذ إنها لم تمنع فقط احتلاله لثلاثين عاما أخرجتها المقاومة عام 2000، بل إنها أدخلته في متاهة اتفاقية 17 أيار 1983 مع إسرائيل، ومددت لها أيام عدوانها على لبنان صيف عام 2006 لاستكمال ضرب المقاومة، وهو ما ورد في مذكرات نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس). في تلك القراءة شدّد شارل مالك على تصميم أميركا على إبقاء موازين القوى في الشرق لمصلحة إسرائيل، وتجنب الاتحاد السوفياتي تحول الشرق الأوسط قاعدة هجوم عليه، وتفوق التقانة الإسرائيلية (ذكرت آخر التقارير أن صادرات إسرائيل من بيع أدوات تكنولوجية حوالى 45 بليون دولار في السنة)، وإن مقولة استرداد ما خسرته بالحرب من طريق السلم فهو خاطئ، فلا تكسب خسارة الحرب إلا بالحرب (ص 46)... ومثله في قراءة للرئيس الراحل شارل الحلو «أن إسرائيل لن يكتب لها البقاء كدولة عنصرية دينية»، واصفاً إياها «بالتكوين المناقض لسير التاريخ ومشيئة الله».(ص 430).
    يبدأ الفصل الأول من الكتاب بنص وعد بلفور، وأسرار مؤتمر لوزان عام 1949 ورسائل ساسون - شاريت، ووثائق اتفاقيات الهدنة بين مصر والأردن وسورية ولبنان من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، ونسخ مصورة عن بعضها، وصور حفلات التوقيع، (اللافت تلك المتعلقة بالتوقيع بين لبنان وإسرائيل حيث ورد توقيع المقدم توفيق سالم باسم الحكومة اللبنانية تحت اسم الحكومة الإسرائيلية في النص الإنكليزي). (نذكر أن اسم المقدم توفيق سالم ورد في كتاب «بريطانيا والوحدة العربية» الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية بتسليمه محاضر الاجتماعات العسكرية العربية السرية في القاهرة إلى الملحق العسكري البريطاني كلايتون عام 1953)، مروراً بحرب السويس، فحرب 1967 وخطورة ما كشفه قائد الطيران المصري اللواء طيار عبدالحميد الدغيدي عن غياب قادة الفرق ورؤساء الأركان عن أماكن قيادة عملياتهم صبيحة العدوان، والترقيات التي حصل عليها بعضهم بعد الهزيمة؟ إلى حرب 1973 (يذكر مالك أن السادات وحافظ الأسد ووزير الحربية المصري كانوا يعرفون سر هذه الحرب، ولكن نشير إلى ما ورد عن معرفة الملك فيصل بالتحضيرات الكاملة لهذه الحرب ودوره فيها في قطع النفط - كتاب ألكسي فاسيليف عن الملك فيصل الصادر عن دار الساقي في بيروت)، وقبول السادات منفرداً وقف إطلاق النار، إلى تقرير لجنة شمعون أغرانات للتحقيق في إخفاق إسرائيل في حرب 1973 (مماثلة للجنة فينوغراد للتحقيق في إخفاق إسرائيل في حربها على لبنان عام 2006)، إلى محضر «اللقاء العاصف بين الملك فيصل وكيسينجر» (ص 356)، فمحادثات مؤتمر جنيف واتفاقية فصل القوات المصرية والإسرائيلية في سيناء، ونص بيان انطلاقة العمل الفدائي في 31/ 12/ 1964. (من طرائف ما ذكر مالك أن القمة العربية عام 1973 في الجزائر صنفت لبنان دولة مساندة لا مواجهة! فكان لبنان البلد العربي الوحيد الذي لم يوقع اتفاقية سلام مع إسرائيل على غرار كامب ديفيد ووادي عربة واتفاقية أوسلو).
    يشكل الكتاب بمواده التوثيقية، مادة أساساً في البنيان السياسي العربي الهش، وفي كيفية إدارته الصراع العربي - الإسرائيلي على الطريقة العشائرية البدائية، والسلوك الرسمي المتكرر، والأقرب إلى صورة البدايات، (تسند المقابلات المنشورة مع زعماء عرب وأجانب مضمون الكتاب)، ويستوقفنا تكرار ما قيل عام 1948 وما يقال اليوم، والنتيجة رفض إسرائيل أي حلّ، ولهاث عربي خلف أي حل، لم يأت، وهو غير الذي اختتم به مروان عبدالعال الروائي والفنان التشكيلي والمناضل السياسي الفلسطيني روايته «إيفان الفلسطيني» بقوله: «أنا إيفان الفلسطيني، سأبقى لاهثاً وراء لحظة تصنع الزمن مضرجاً بدمي المزركش في رقصة الموت، طالما أن الشمس دليلي فأنا لست رهيباً بل ضحية الزمن الرهيب».


    رفضت "حماس" الوصاية فغادر قادتها دمشق!
    سركيس نعوم/النهار اللبنانية
    علاقة “حركة حماس” الفلسطينية بـ”حزب الله” واستطراداً بمحور “الممانعة” الذي تقوده الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويضم إضافة إليها “الحزب” ونظام الأسد في سوريا، هذه العلاقة بدأت تحيِّر اللبنانيين فعلاً ولا سيما منذ اندلاع الثورة الشعبية السورية في آذار 2011. فهي تارة متوترة، وتارة هادئة. و”الحزب” و”الحركة” يبدوان حيناً على الأقل في وسائل الإعلام عضوين في جبهة موحدة تقاتل إسرائيل بغية استرجاع فلسطين المغتصبة والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها. ويبدوان حيناً آخر على علاقة فاترة وعلى حذر متبادل على رغم استمرار الحد الأدنى من العلاقة بينهما، فضلاً عن “العيش” المشترك في مناطق الإقامة المشتركة. كما يبدوان حيناً ثالثاً متخاصمين بل متعاديين وخصوصاً عندما يستدعي الإعلام “الممانع” حلفاءه المتنوعين لمهاجمة “حماس” بسبب مواقفها “المخزية” من المواجهة التي يقودها “محور الممانعة” في سوريا ضد المخطط الصهيوني – الأميركي. ولم يتورّع عدد من هؤلاء عن اتهامها بالخيانة.
    هل من سبيل لتبديد حيرة اللبنانيين حيال علاقة “حماس” بـ”محور الممانعة” وأعضائه؟
    السبيل الوحيد كان “الكلام” مع “حمساوي” مهم في لبنان مُطّلع بحكم موقعه ومهماته على خلفيات العلاقة المذكورة في السؤال، وعلى الأسباب والعوامل التي جعلتها تترجّح بين التحالف والتعامل والتشكيك والتخوين والعودة إلى التواصل من أجل استئناف التعاون والتنسيق. و”الكلام” عزا الترجّح المشار إليه في العلاقة إلى اندلاع الثورة الشعبية في سوريا، وإلى موقف “حماس” منها بعد مبادرة نظام الأسد إلى قمعها. وهو موقف مؤيد لها بقوة لكنه لفت إلى أن الأمين العام للحركة خالد مشعل أمضى في البدايات ما يزيد على ثلاثمائة ساعة عمل في محاولة مساعدة الأسد على حل سلمي للأزمة السورية، يجنّب شعبها العنف ويحقّق له مطالبه ولا يؤذي في الوقت نفسه النظام السوري “الممانع” والداعم لكل من يواجه العدو الصهيوني وحلفائه. إلا أن الفشل كان حليفه على رغم الاجتماع الذي عقده مع الرئيس بشار الأسد في بداية مساعيه، وعلى رغم التنسيق الذي أجراه مع قيادة “حزب الله” في محاولة ثانية والذي رفضه لاحقاً الأسد بعد موافقته عليه. وفي الاجتماع المذكور، وصادف انه تم يوم أسقط الشعب المصري رئيسه حسني مبارك أو في اليوم الذي تلاه، قدَّم مشعل للرئيس السوري تحليلاً يفيد ان ما حصل في مصر لن يقتصر عليها بل سيشمل دولاً أخرى في المنطقة، بل أنظمة أخرى الأمر الذي يقتضي التحوّط والعمل لتفادي ذلك. ونصح في الجلسة نفسها الحكم في دمشق باتخاذ إجراءات تلبّي فعلياً مطالب الشعب المتظاهر وفي مقدمها الإصلاح والحرية وضرب الفساد. وسمع من الأسد كلاماً يفيد انه اقتنع بما سمع مع وعد بالعمل الجاد للقيام بما يلزم. لكنه لم ينفذ وعده. وفي تلك الحال وجد خالد مشعل أن ما يطلبه النظام من “الحركة” التي هو الأمين العام لها من مواقف وأعمال حيال التطورات السورية لا يستطيع قبوله والالتزام بتنفيذه أو الوعد بتنفيذه. والمطلوب كان مشاركة “حماس” في قتل الثوار السوريين كما في قتل إخوانهم الفلسطينيين المقيمين في سوريا الذين اتخذوا منذ البداية موقفاً من اثنين: إما الحياد بين النظام وشعبه وإما التأييد التام لشعبه ولكن سياسياً وربما إعلامياً. وتسبب ذلك طبعاً بتدهور العلاقة بين الطرفين وخصوصاً بعدما راح فلسطينيو نظام الأسد داخل سوريا يضغطون بالوسائل العسكرية وغير العسكرية على إخوانهم في “حماس” وغيرها لاتخاذ موقف مؤيد للنظام. ثم دفع قادة “الحركة” الذين كانوا يقيمون في سوريا إلى مغادرتها. ولعل الذي شجّعهم على ذلك كان اقتناعهم التام بأن نظام الأسد، بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن قائد “محور الممانعة” الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعن “حليفه” اللبناني “حزب الله”، كان يعمل لوضع “حماس” تحت وصاية هذا المحور. وهذا أمر رفضته في السابق يوم كانت علاقتهما تحالفية وترفضه اليوم بعد تردي العلاقة. علماً أن هناك أمراً آخر يشجّع القادة الحمساويين إياهم على مغادرة سوريا هو كون “حركتهم” جزءاً من الحركة الإسلامية العربية وغير العربية الأمر الذي يجعلهم عاجزين عن، بل رافضين التخلي عن الإسلاميين وغير الإسلاميين الذين يتعرّضون للقمع والقتل والعنف فقط لأنهم يطالبون بالعدالة والحرية والكرامة أو على الأقل يجعلهم رافضين الاشتراك في قتلهم.
    ما هو موقف “حماس” من الأوضاع الداخلية الصعبة والمعقّدة في لبنان وخصوصاً في ضوء الانعكاس السلبي للحرب السورية عليها؟


    الديمقراطية كما ترسمها امريكا لفلسطين
    د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
    لدى الكثيرين في العالم تشكل الانتخابات العمود الفقري للديمقراطية للدولة التي تجرى بها. ولهذا تحاول بعض الدول إشراك مراقبين أجانب يشرفون على عملية الانتخابات، وأنها سارت بالطريق الصحيح ولم تحدث عمليات تزييف.
    ويتطلع الكثيرون في هذه الأيام، إلى نتائج الانتخابات الفلسطينية المستقبلية، ليقرروا أنها لم تزيف، وان ديمقراطية حقيقية تسري في فلسطين. ولكن كما هو معروف فقد رفضت الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية، الموافقة على نتائج الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، باعتبارها ‘مزيفة’، رغم وجود مراقبين أجانب، قدموا تقريرا وافيا عن الانتخابات، يؤكد أنه لم يكن هناك تزييف وتبين في ما بعد أن السبب الحقيقي وراء موقفها هذا هو فوز حركة حماس بها.
    ولكن قليلون هم الذين راقبوا بحذر كبير تصرفات القيادة نفسها، ومدى سيطرتها غير الديمقراطية على الشعب والبلاد. وعندما تنتهي زوبعة الانتخابات وينتهي غبارها سيظهر الأمر مدى فشل أو نجاح الانتخابات.
    فعندما خمد غبار التحركات الديمقراطية في جنوب أفريقيا ظهر بطلها الديمقراطي الحقيقي، نلسون مانديلا. وتبدد الغبار وبدأ مانديلا في تكوين البذرة الديمقراطية للدولة الجديدة. كان هذا امرا لا بدّ منه، حيث أن مانديلا قضى ربيع عمره في سجون جنوب أفريقيا، وحرم السود الذين يمثلون الأغلبية في البلاد، تحت حكم النظام العنصري من تنظيم أنفسهم، ولذلك كان مانديلا ينظم حياته السياسية ويدير الأمور سياسيا، بطرق وأساليب مختلفة، تمنع السجانين من اكتشافها ومن ثم إحباطها، ولذا نجح مانديلا في إدارة الدولة بعد إطلاق سراحه.
    فالقيادة الفلسطينية لم تصل إلى مستوى مانديلا في هذا المجال، فقد جاءت هذه القيادة من تونس إلى الضفة الغربية وقطاع غزة مع سياراتها الفخمة، واثاث مكاتبها البراق، وبدأُت في ممارسة عملها وكأن أمرا لم يتغير عليها. وبدأ الحوار بينها وبين إسرائيل على مستوى ‘وزراء’، ولهذا وجد الفلسطينيون أنفسهم يعينون، وزراء معتمدين على خلفيتهم الشعبية ومواقفهم الحركية وليس على مقدرتهم السياسية أو الثقافية.
    في حين كان الجانب الآخر، أي إسرائيل، قد أعد مجموعة تملك المقدرة السياسية والثقافية والدبلوماسية. وهكذا بدأ حوار غير متكافئ بين الجانبين. أضف إلى ذلك أن الجانب الفلسطيني أخذ يعتمد أكثر على الجانب الأمريكي، الذي دخل في اللعبة الشرق أوسطية، وكان واضحا أن الولايات المتحدة تخدم سياسة إسرائيل بدلا من أن تكون حيادية، وفي نفس الوقت مقنعة القيادة الفلسطينية أنها تعمل لمصلحتها أيضا، كون ان لها تجربة مع الإسرائيليين.
    وأبهر بريق البيت الأبيض القيادة الفلسطينية، عندما دخلته لأول مرة، بعد أن أسقطت وزارة الخارجية الأمريكية اسم منظمة التحرير الفلسطينية من قائمة الإرهاب. وكان ثمن ذلك باهظا، حيث بدأت القيادة الفلسطينية تحت احتلال 1967 بتقديم التنازل تلو الآخر، مقابل وعود أمريكية لم ينفذ منها أي شيء. ولكن واشنطن استمرت في إيهام القيادة الفلسطينية بأنها تعمل معها على إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية. وعندما سئم الفلسطينيون من الموقف الأمريكي المتذبذب كان لا بد لهذه القيادة التوجه للأمم المتحدة لتحصل على موقف دبلوماسي دولي، وهذا ما حصل.
    ولكن هذا التوجه اسقط القناع عن وجه أمريكا الحقيقي فصوتت واشنطن في الأمم المتحدة ضدّ المشروع الفلسطيني، إضافة إلى أنها لم تستطع إقناع القيادة الفلسطينية بالتراجع عن موقفها ولم يؤثر تصويتها على تصويت أغلبية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى جانب المشروع الذي تقدم به الفلسطينيون .
    وفشلت أمريكا في إقناع شعوب المنطــــقة بأنها تبـــني ديمقراطية حقيقية، كما تبين بوضوح أنها تبني ديمقراطية كما تريدها هي، وليس كما تريدها شعوب المنطقة.
    وظهر أيضا أن البيت الأبيض الذي يقوم على أساس ديمقراطي، يعمل جاهدا عـــــلى إحبــــاط أي مســعى تقوم به شعوب الشرق الأوسط للوصول إلى ديمقراطية حقيقية.


    إشهار يهودية إسرائيل ابتعاد عن الغرب وديموقراطيته
    محمد خالد الأزعر (كاتب فلسطيني)/الحياة اللندنية
    معظم -إن لم يكن كل- الشارات والرموز والشعارات الرسمية في إسرائيل تحمل تعبيرات يهودية صرفة: العلم وألوانه، النشيد الوطني وكلماته، الطوابع والقطع النقدية والصور والأشكال المطبوعة عليها، الأعياد ومناسباتها، القوانين ذات الدلالات الدينية، كقانوني العودة والجنسية، مناهج التعليم، لاسيما الموصول منها بالتاريخ ونوعية الثقافة وصناعة الهوية، أسماء المدن والمراكز المدينية والقروية الأكثر ازدحاماً وحيوية... هذه النماذج ونحوها، إلى جانب محاولة عبرنة كل شيء وتهويده في الدوائر والمكاتبات الحكومية، تضيق مجال التفكير في إسرائيل الدولة خارج السياق اليهودي. ويشهد بهذا السياق أيضاً قرارُ الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947 المنشئ لإسرائيل، الذي سماها صراحة ونصاً في كل فقراته، وأشار إليها في خريطته التوضيحية بـ «الدولة اليهودية».
    إسرائيل أعلنت يهوديتها منذ يومها الأول، عبر ما يعرف بوثيقة الاستقلال، بل ولنا أن نفترض أنها أضمرت مضمونها اليهودي قبل ذلك اليوم بكثير، حين رفضت الحركة الصهيونية مشاريع التسوية كافة القائمة على الحل الديموقراطي في كيان فلسطيني جامع للعرب واليهود، وآثرت الحل الانعزالي الرامي إلى إنشاء دولة لليهود فقط، واتجهت إلى تكريس المؤسسات اليهودية اللازمة لتفعيل هذا الحل. ولماذا نبتعد؟ ألم يهدف آباء المشروع الصهيوني إلى تأسيس دولة يهودية تكون -بزعمهم- حلاًّ نهائياً لما اشتهر بالمسألة اليهودية؟ وهناك في هذا المضمار الكثير الكثير، ما يؤكد أن التركيز على المضمون اليهودي لإسرائيل كان دوماً قائماً على قدم وساق، وأن الأطراف المنغمسة في الصراع على أرض فلسطين وجوارها الإقليمي ومحيطها الدولي كانت على دراية يقينية بهذا المضمون قبل قيام هذه الدولة وبعده. وهكذا، فإن ما يحتاج إلى تفسير هو مطالبة الجانب العربي بعامة والفلسطيني بخاصة، بالاعتراف الموثق في صلب عملية التفاوض والتسوية بهذا المضمون خلال السنوات العشر الأخيرة.
    لقد كان من شأن الاجتهادات الثرية بهذا الخصوص أنْ وَضَعَنا أيدينا على معظم الأضرار المتوقعة بحقوق العرب والفلسطينيين إذا ما استجابوا لهذا المطلب، وأهمها بلا حصر المــوافقة شبه الضمنية على الرواية الصهيونية حول التاريخ السياسي القديم لفلسطين، وتعريض فلسطينيي الـ 48 للانكشاف واحتمال طردهم من ديارهم، أو القناعة بدونيتهم والقبول بحالة انعدام المساواة التي يخضعون لها بشكل قانوني صريح. إن توثيق القبول بيهودية إسرائيل سيفتح مصير هذه الجماعة على أفق ســياسة التـــمييز الأكثر قتامة مما هو قائم بالفعل منذ عام 1948.
    تقديرنا أن الأدبيات العربية والفلسطينية، التفاوضية بالذات، قدمت ولا تزال دفوعاً وحججاً قوية بين يدي رفض الانصياع للمطلب الإسرائيلي، غير أن الاستغراق في مضمار هذه الدفوع يكاد يصرف الأنظار عن التدبر في بعض السلبيات، التي ربما تنال من إســرائيل ذاتها، جراء إفراطها في التوكيد على هويتها اليهودية، والتي ربما كانت أحد أهم الأسباب التي جعلت الإسرائيليين يتجاهلون مطلبهم الحالي من العرب والفلسطينيين لعشرات الســنين؟ ويشـــي بتوقع مثل هذه السلبيات وجود جدل إسرائيلي كبير حول جدوى هذا المطلب ورفع لواء البعد اليهودي للدولة في المرحلة الراهنة. عطفاً على هذا التصور، نلاحظ أن بعض الإسرائيليين يتحسسون من إمكانية بروز التناقض بين الادعاء بأن دولتهم ذات نظام ديموقراطي وبين الاتجاه إلى اعتبارها دولة يهودية، ففقه الديموقراطية لا يجيز حصر هوية الدولة في زقاق الدين، واعتبارها بكل فجاجة لليهود فقط.
    وترتفع الحساسية من هذا التناقض بالنظر إلى أنه قد يسوق الغرب الديموقراطي إلى التوجس من دعوى انتماء إسرائيل إلى منظومته الفكرية وأسلوبه وتقاليده. من جهة أخرى، يخشى هؤلاء من تصاعد ردود الأفعال الإقليمية، العربية والإسلامية، التي ربما جنحت أكثر إلى تعويم المفهوم الديني للصراع مع إسرائيل، بما يؤدي إلى توسيع دائرة الذين يطلبون رأسها في سياق حرب مقدسة عليها. كأن الإفصاح عن يهودية إسرائيل ربما عمّق عزلتها في عالمي الغرب والشرق.
    إلى ذلك، ثمة مخاوف مشروعة من أن يؤدي الإيغال في التعريف اليهودي لإسرائيل، إلى تصدعات في العلاقة بين قطاعات المستوطنين اليهود وقطاعات المستوطنين غير اليهود داخل الدولة. لقد استقبلت إسرائيل خلال العقدين الأخيرين أكثر من 300 ألف من المهاجرين المشكوك في يهوديتهم، وبمجرد التركيز على النسب اليهودي البحت لإسرائيل، فسوف تزداد موجة التربص والتوجس بين هذه القطاعات. ندفع بذلك وفي الذهن ذلك التصاعد الواضح في نفوذ المتشددين (الحريديم) هناك بوتيرة لا ينبغي معها استبعاد الصدام مع العلمانيين اليهود، فكيف تكون الحال مع العلمانيين غير اليهود؟! وإذا مددنا هذه الملاحظة على استقامتها، وصلنا إلى إمكانية تراجع قدرة إسرائيل «اليهودية» على استقطاب مهاجرين غير يهود من الأصل، لعلم هؤلاء الأخيرين بأنهم سيواجَهون بشروط حياة لا تناسبهم، في دولة تميل علانية لليهود وتنطق باسمهم فقط. وخطورة هذا التطور أنه سيفاقم واقع الضعف السكاني إزاء الفلسطينيين داخل الدولة، وكذا في حدود فلسطين التاريخية، لضمور المدد البشري غير اليهودي عنها أو انقطاعه من جهة، وعزوف كثير من القطاعات اليهودية القحة عن الهجرة إليها من جهة أخرى.
    يقول تقرير معهد سياسات الشعب اليهودي الصادر في حزيران (يونيو) الماضي، إن «تنامي العداء والكراهية لليهود في أوروبا، دفع العديد منهم إلى الهجرة ولكن ليس إلى إسرائيل، وإنما إلى مواطن أخرى مثل كندا والولايات المتحدة». ثم إن المستوطنين غير اليهود قد يتساءلون عن جدوى الدفاع عن دولة تجاهر بأنها ليست لهم، تماماً كما هو الحال بالنسبة لفلسطينيي 48. نحن بصدد ملف ينطوي على تعقيدات ومحاذير بالنسبة إلى الداخل الإسرائيلي، لاسيما في الأجلين المتوسط والطويل، ومع ذلك فإن المفاوضين الإسرائيليين يُظهرون إصراراً على مقاربته بعيون عوراء، لا ترى فيه غير ما يفيد مشروعهم في الأمدين القصير والمنظور. وآية ذلك أن معظم الإسرائيليين لا يفضلون البوح بالارتدادات السلبية لهذا الملف، الأمر الذي يحول دون إيفائها حقها من التحري والبحث في مناظراتهم ذات الصلة. غير أن الطرف العربي الفلسطيني يظل معنياً باستكناه هذه الارتدادات وتوظيفها في صراعه التاريخي الاجتماعي الممتد مع إسرائيل.


    تقاطع إسرائيلي - إيراني
    حسان حيدر/الحياة اللندنية
    إذا كان الأميركيون يعرفون أن فلاديمير بوتين يبني منذ سنوات شعبيته في الداخل الروسي من خلال تقديم نفسه مناهضاً لسياسات الولايات المتحدة في العالم، فلماذا يمنحونه وسام تقدير بإلغاء قمة مقترحة بينه وبين باراك أوباما الذي كال له في الشخصي أوصافاً لن تفيد سوى في دعم الانطباع الذي يعطيه الرئيس الروسي عن نفسه لمواطنيه؟
    لكن يبدو أن أوباما يتقصد القطيعة مع نده في الكرملين بسبب سلسلة استحقاقات يحاول التهرب منها، يتصدرها الوضع في سورية، ولم يجد ذريعة افضل من قضية خبير المعلوماتية سنودن، مع أن الأميركيين لم يسلموا روسيا يوماً أي مطلوب لا خلال الحرب الباردة ولا بعدها.
    وبينما يتصاعد قلق العرب من استمرار نزف الجرح السوري نظراً إلى مأسويته التي تخطت الحدود، وازدياد المؤشرات إلى تمدده نحو دول أخرى كالعراق ولبنان وربما الأردن، ويتعجلون وقفه، يبدو الأميركيون غير مكترثين بالفظاعات التي ترتكب والمسار الطائفي الخطير الذي يتخذه الصراع، طالما أن كل الذين يتقاتلون من «الأعداء»، بدءاً من النظام السوري وداعميه الإيرانيين وصولاً إلى الإسلاميين المتطرفين وسائر المعارضة المتعددة المرجعيات، والتي يراقبون تحالفاتها لأنهم لا يثقون بولائها النهائي، وطالما أن حليفتهم إسرائيل تقاسمهم الفائدة من إطالة أمد النزاع بعدما ضغطت ولا تزال لمنع حسمه.
    فواشنطن بإلغائها فرصة طال ترقبها لاحتمال التوصل إلى حل وسط مع موسكو المتمسكة ببقاء الأسد حتى نهاية ولايته والتي تغدق عليه السلاح والأموال أيضا، إنما تكرس وضعاً قائماً لا يريح أحداً سواها وتل أبيب، متوقعة أن تطول الحرب سنوات، ومستبعدة بذلك احتمال عقد «جنيف-2» الذي تصدر كل فترة «نشرة طبية» عن موته السريري، ومزيلة عن كاهلها عبء التفاوض والضغط على بوتين لأنها ستكون مضطرة إلى مسايرته في ملفات أخرى، ربما لا تملك أجوبة حاسمة فيها.
    أما الحديث المتكرر والممل عن رغبة الإدارة الأميركية في عقد المؤتمر فلم يعد يقنع أحداً، بعدما تبين أن الهدف منه مجرد التغطية على قرار عدم التورط والاكتفاء بالتفرج على التطورات وتفاعلاتها، والتقاعس حتى عن إجراءات لإيصال الإغاثة الإنسانية.
    وبشكل مباشر أو مداور، تلتقي إيران مع الرغبة الإسرائيلية بالأصالة، والأميركية بالوكالة، في استمرار الحرب الأهلية السورية، إذ إن تدخل «الحرس الثوري» و «حزب الله» في المعارك، هدفه ليس فقط الدفاع عن نظام الأسد، بل أيضاً استباق أي تنازل روسي محتمل وإلغاء مفاعيله. إذ تريد طهران من تدخلها تأكيد أن سقوط الأسد لن يوقف الحرب، بل سيستمر القتال به أو بدونه «دفاعاً عن الشيعة» في سورية ولبنان، في مسعى لفرض نفسها طرفاً رئيسياً في أي حل.
    ولعل فهم بشار الأسد واقتناعه بعدم جدية الضغوط الدولية عليه، يغذي التعنت الذي يطغى على مواقفه ويزداد مع الوقت، فلا يتوانى عن التأكيد بأن الحل للازمة المحتدمة في بلاده يتم في الميدان فقط، قاصراً خيارات السوريين على اللونين الأبيض والأسود، فإن لم يقفوا مع النظام فهم يستحقون القتل، طالما لا أحد يسأل.

    تاريخ اللوبي الصهيوني ليس كله نجاحات
    رغيد الصلح( كاتب لبناني)/الحياة اللندنية
    بين المنظمات الصهيونية المنتشرة في الشتات اليهودي، تبدو المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة الأكثر راديكالية وتشدداً. يشير البعض، في معرض رصده لتطور هذه الظاهرة، إلى العلاقة الوطيدة بين هذه المنظمات من جهة وحركة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية والجولان، وإلى الدعم القوي الذي تقدمه المنظمات الصهيونية الرئيسة إلى المستوطنين الإسرائيليين. هذا الدعم شمل الضغط على أوباما للتراجع عن الموقف السلبي الذي اتخذه تجاه حركة الاستيطان، ولسحب مطالبته الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن بناء المستوطنات. لقد تراجعت إدارة أوباما عن هذا الموقف تحت وطأة الضغط الذي مارسته هذه المنظمات فكان هذا التراجع شهادة جديدة على دعمها غير المحدود للمشروع الصهيوني وعلى مدى نفوذها في السياسة الأميركية.
    هذه العلاقة الخاصة بين المنظمات الصهيونية الأميركية وحركة الاستيطان في الضفة الغربية تبرز مرة أخرى في ضوء القرار الإسرائيلي ببناء المزيد من المستوطنات. إن هذا القرار يسبب إحراجاً كبيراً للقيادة الفلسطينية ولإدارة أوباما معاً بحيث يؤثر في صدقية الرئيس محمود عباس كمفاوض يعبر عن مصالح الفلسطينيين وأمانيهم الوطنية، ويؤثر في صدقية إدارة أوباما كوسيط نزيه وعادل. وفي الحالتين تهديد كبير للمفاوضات التي يراهن عليها الأميركيون والأطلسيون كتدبير يحد من نمو التيارات الراديكالية في البلاد العربية. فما هو حافز المنظمات الصهيونية الأميركية إلى اتخاذ هذه المواقف؟ وهل يختلف موقفها المتطرف اليوم عن مواقفها السابقة؟ هل يختلف هذا الموقف عن مواقف كثيرة اتخذها اللوبي الصهيوني الأميركي مثل ذاك الذي اتخذته خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، أو مثل موقفه عندما أعلن برنامج بلتيمور عام 1942؟
    خلال حرب 2006 أيدت إدارة جورج بوش الحرب تأييداً كاملاً واشتركت مع إسرائيل في الإعداد لها. وعندما بدأت الحرب أعلن بوش تأييدها وعطلت محاولات مبكرة لإعلان وقف إطلاق النار أو حتى هدنة موقتة، بل مارست واشنطن، كما هو معروف، ضغطاً على حكومة إيهود أولمرت للاستمرار في الحرب لأطول مدة ممكنة. فماذا كان دور المنظمات الصهيونية الأميركية خلال ذلك الفصل من الصراع اللبناني - الإسرائيلي؟
    يقول الأكاديميان الأميركيان جون ميرشهايمر وستيفين والت، في كتابهما «اللوبي الصهيوني والسياسة الأميركية الخارجية» إن اللوبي الصهيوني استنفر قواه أثناء الحرب استنفاراً كاملاً، فطفق جيش كامل من الناشطين والدعاة والمحللين يرقبون بدقة شديدة مواقف أصحاب القرار والنفوذ الأميركيين لتأديب أي واحد منهم يتخذ موقفاً يتعارض مع المواقف الإسرائيلية أو مع مصلحة إسرائيل وحاجتها كما فسرها اللوبي الصهيوني الأميركي. وفاق تفسير اللوبي في غلوائه التفسير الإسرائيلي نفسه، كما لمّحت لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها حكومة أولمرت بعد الحرب. ولقد انتقدت في تقريرها النهائي إدارة بوش لأنها لم تحد من اندفاع الإسرائيليين لخوض الحرب.
    وخلال عام 1942 عبّر اللوبي الصهيوني الأميركي عن النزوع المستمر إلى إطلاق وتبني المواقف المتطرفة. ففي ذلك العام انعقد مؤتمر بلتيمور الذي مثل أهم المنظمات الصهيونية في نيويورك، وكان أهم ما جاء فيه الدعوة التي أطلقتها تلك المنظمات إلى إيجاد حل نهائي وشامل لـ «المعضلة اليهودية» وذلك بإقامة «كومنولث يهودي»، أي بتعبير آخر بإقامة دولة إسرائيل. لم تكن هذه الدعوة جديدة كلياً لأنها موجودة أصلاً في المشروع الصهيوني. ولكن زعماء صهاينة كانوا، كما هم حكام إسرائيل اليوم، يحاولون تمويه الأهداف الحقيقية للحركة الصهيونية بغرض احتواء رد الفعل المعارض لها.
    يعزو محللون المواقف المتطرفة التي يتخذها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة إلى أسباب متنوعة. يرى البعض أن هذه المواقف المتشددة هي تعبير عن ازدياد التأييد للحركة الصهيونية بين اليهود الأميركيين، وتعبير عن التعاطف المتنامي مع إسرائيل بينهم. ولكن بيتر باينارت، المحرر السابق لمجلة «نيو ريبابليك» الأميركية يقدم صورة مختلفة للمشاعر السائدة بين اليهود الأميركيين تجاه إسرائيل. يلاحظ باينارت في كتابه «أزمة الصهيونية» أن الحماسة قد خفت بين اليهود الأميركيين لإسرائيل، فالأنشطة التي تنظم لدعمها لم تعد تلقى حماسة كبيرة بينهم، والصورة التي يسعى الصهاينة إلى تقديمها عن إسرائيل الديموقراطية والمهدَّدة لم تعد تقنعهم بعد عام 1967.
    ويرى البعض الآخر أن التطرف الصهيوني الأميركي هو حصيلة نجاح هذه الحركة الاستثنائي في دعم إسرائيل. ولا ريب في أن الصهاينة الأميركيين تمكنوا من تحقيق نجاحات كبرى لجهة التأثير في السياسة الأميركية ومن خلالها في المجتمع الدولي لمصلحة إسرائيل. لقد كان نجاح الصهيونية الأميركية الأكبر هو الدور الذي لعبته في تحريض دول الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة ضد العرب. ما عدا ذلك فقد ساهمت المنظمات الصهيونية في التسبب بالكثير من المآسي البشرية ولليهود خصوصاً.
    فخلال الثلاثينات ومطلع الأربعينات من القرن الماضي لم يبذل اللوبي الصهيوني الأميركي جهداً حقيقياً لإقناع واشنطن بخطر النازية والفاشية في أوروبا وبضرورة مقاومتهما أو بفتح الباب أمام هجرة اليهود الألمان إلى الولايات المتحدة. بالعكس، ساهمت المنظمات الصهيونية، مع المنظمات الصهيونية الأخرى في إجهاض حملة المقاطعة الاقتصادية لألمانيا النازية بالتعاون مع النازيين أنفسهم، وفي إقامة علاقات حميمة مع موسوليني. لقد فسر الصهاينة الأميركيون هذا الموقف بأنه كان من قبيل تجنب استثارة العنصرية واللاسامية الجامحة التي كانت تجتاح الولايات المتحدة وقتها.
    ويأتي المؤلفان الأميركيان ريتشارد بريتمان وآلان لايتمان بعنوان «فرانكلين روزفلت واليهود» بأدلة على انتشار العداء للسامية في تلك المرحلة. ففي استفتاء نظمته مؤسسة «غالوب» عام 1937 أعرب 71 في المئة من الأميركيين عن معارضتهم دخول الحرب ضد الأنظمة الديكتاتورية في أوروبا. وبعد أن دخلت الولايات المتحدة الحرب، اقترح أعضاء من الكونغرس الأميركي قصف معسكرات الاعتقال النازية لإتاحة المجال أمام المعتقلين للهروب منها، ولكن هذا الاقتراح لم يحظ بالتأييد. وجاء في الكتاب أيضاً أن تشارلز لندبرغ منافس روزفلت الذي كان يحظى بشعبية بالغة بين الأميركيين، كان هو نفسه متعاطفاً مع النازية، ما كان يدل على اتساع العداء للسامية في الولايات المتحدة.
    وعلى رغم أن المنظمات الصهيونية كانت تضم ما يفوق المليون عضو في نهاية الثلاثينات منتشرين في 61 دولة، وعلى رغم أهمية المنظمات الصهيونية الأميركية بينها، فقد فشل الصهاينة الأميركيون، كما فشلت الحركة الصهيونية عموماً خلال الحرب العالمية الثانية في حماية اليهود من أكبر محنة ألمت بهم وربما بأية مجموعة بشرية أخرى في التاريخ. بالعكس ساهمت في فتح الباب أمامها وفي وصول واستقرار الجزارين الذين قاموا بها في الحكم وفي بسط سيطرتهم على أوروبا.
    ويتجدد فشل المنظمات الصهيونية الأميركية مرة أخرى بالنظر إلى أن الأكثرية الساحقة منهم آثرت رفض نداء «الصعود» أي الهجرة إلى إسرائيل، وهذا ما تعتبره الصهيونية فريضة على كل يهودي ويهودية. إن إسرائيل هي، كما يقول حكامها، بلد آمن ومستقر وأحواله الاقتصادية تتقدم باستمرار. فلماذا لا تقود المنظمات الصهيونية الأميركية ملايين المهاجرين إليه؟ وأي معنى للمشروع الصهيوني إذا استمر اليهود الأميركيون خارج إسرائيل؟
    إن الفشل في تحقيق هذه المهام هو فشل غير عادي. إزاء هذا الفشل لا بد من التفتيش عن نجاحات غير عادية أيضاً بالهروب إلى برنامج بلتيمور، وباستمرار السطو على الأرض الفلسطينية والأرض السورية والمساهمة في تحطيم دول المنطقة العربية. هذه النجاحات قد تملأ نفوس الصهاينة الأميركيين بالنشوة ولكنها لا تمسح آثار التاريخ المذل والعدواني لهذه المنظمات.


    الفهم الاستراتيجي الصهيوني ليهودية الدولة
    د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
    ذات الوقت الذي تنشغل فيه السلطة الفلسطينية بالمفاوضات مع الكيان الصهيوني، على الرغم من تعنته في رفض الحقوق الوطنية الفلسطينية جملة وتفصيلاً، فإن القادة الإسرائيليين منشغلون بوضع الأسس الاستراتيجية ليهودية الدولة. هذا الشعار الذي عملت من أجل تحقيقه تسيبي ليفني إبّان تسلمها لحقيبة الخارجية في إسرائيل، أخذ فكرته بنيامين نتنياهو وطورّها إلى ضرورة اعتراف دولي بيهودية إسرائيل، وبالفعل اعترفت به دول عديدة في العالم من بينها الولايات المتحدة وفرنسا. لم يكتف نتنياهو بذلك بل أخذ يشترط على الفلسطينيين والعرب الاعتراف به مقابل إجراء التسويات (التي بطبيعتها هي حلول إسرائيلية) للصراع مع الطرفين ضمن الفهم الإسرائيلي له.
    إسرائيل تنظر إلى شعار’يهودية دولتها’ بمنظار استراتيجي أعمق بكثير مما يعتقده العالم، ومن بين صفوفه الفلسطينيون والعرب، الذين رأى فيه بعضهم، طريقاً للقضاء نهائياً على حق العودة للفلسطينيين، في إطار قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الشأن، وتبريراً لإجراء ترانسفير مستقبلي لفلسطينيي منطقة 1948. الدولة الصهيونية ترى في تحقيق الشعار اعترافاً رسمياً من كل من يعترف ‘بأن إسرائيل هي الوطن الموعود للشعب اليهودي’، باعتبار اليهودية ليست ديناً فحسب وإنما أيضاً ‘قومية’. هذا المفهوم يختلط للأسف على الكثيرين حيث يردده هؤلاء من دون تفكير فيه. إسرائيل تقصد من وراء الشعار الاعتراف بأنها الوطن المشروع لكافة أبناء (القومية) اليهودية في مختلف أنحاء العالم، لذا بدأت في سن مشاريع قوانين في الكنيست توضح وتفصّل فيها، الأسس الاستراتيجية القانونية للشعار. لقد سارع رئيس كتل الائتلاف الحاكم النائب المستوطن ياريف لفين إلى إعادة صياغة ما يسمى’قانون دولة القومية’، وهو مشروع قرار كانت قد اقترحته الأطراف الأكثر تشدداً في الكنيست السابقة، وبسبب من حل الكنيست لم تتم قراءته الثانية والثالثة ليصبح قانوناً خلال الكنيست الحالية (وهي الأشد تطرفاً من السابقة)، لذا فإن صياغة القانون تحولت إلى ‘أرض إسرائيل هي وطن الشعب اليهودي’، ليس هذا فقط وإنما تمت صياغة قانون آخر سيجري تقديمه إلى الكنيست في دورته الحالية تحت عنوان ‘اللوبي من أجل أرض إسرائيل’. في الشرح (المُبهم) للقانون يحدد ‘أرض إسرائيل’ بــ’أرض فلسطين التاريخية’ التي تعني كل فلسطين عملياً من (النهر إلى البحر). في حالة سن مثل هذا القانون فإنه يقطع الطريق على أية حكومة إسرائيلية حالية وقادمة، الانسحاب من الضفة الغربية (التي هي بالمفهوم الإسرائيلي يهودا والسامرة)، وبذلك سوف لن تتم إقامة دولة فلسطينية تحت أي ظرف من الظروف، هذه هي المرحلة الأولى. أما ما قد يحصل مستقبلاً من تطوير للقانون فقد يتحول إلى’أرض إسرائيل التاريخية’ وهذا ليس ببعيد بالطبع، وسيصبح تفسير القانون بأنه ‘أرض إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات’.
    نحن لا نتجنى على الكيان الصهيوني، وإنما نتطرق إلى ما يجري داخله من تطورات بعيدة عن التناول والتركيز الإعلامي عليها. نقول ذلك برسم الذين يعتقدون من العرب والفلسطينيين بإمكانية موافقة إسرائيلية على قيام دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967.
    مشروع قانون آخر يقترحه لفين (وللعلم فإن ما حصل عليه المشروعان من أصوات مؤيدة بين أعضاء الكنيست بعد القراءة الأولى، تؤهلانهما ليصبحا قانونين بعد القراءتين الثانية والثالثة في الكنيست) وجاء بصيغة ‘إعطاء الأولوية في التطبيق القانوني للقيم اليهودية’، أي أن المرجعية الأساسية لتفسيرات القوانين الإسرائيلية هي’القيم اليهودية’ وليس النظام الديمقراطي (الذي تدّعيه إسرائيل).
    في تفسير المشروع يَرِدْ، الحق في الحصول على الأرض والمسكن هو لليهود بدون ذكر للفلسطينيين في منطقة عام 1948. كما يدعو مشروع هذا القانون إلى شطب اللغة العربية كلغة رسمية ثانية في الكيان الصهيوني. هذا المشروع له أساس قانوني في إسرائيل، إذ من المعروف أن الحكومة الاسرائيلية برئاسة مناحيم بيغين قامت بتحصين الطابع اليهودي للدولة في القوانين والتعليمات الإسرائيلية في ما يتعلق بقرارات محكمة العدل العليا، وذلك بإصدار قانون ينص على ما يلي: ‘عندما تواجه المحكمة بسؤال قانوني يتطلب قراراً لا يوجد جواب له في القانون الوصفي- قانون الحالة – أو من خلال التحليل، يتوجب على المحكمة أن تقرر في ضوء مبادئ الحرية، العدالة، المساواة والسلام الخاصة بالتراث اليهودي’.
    معروف أيضاً، أنه وفي الفترة ما بين عامي 1948 (عام إنشاء دولة الكيان الصهيوني) وعام 2009 أقرّت الدورات المختلفة للكنيست الصهيوني 32 قانوناً عنصرياً تمييـــزياً ضد الفلسطينيين العرب. وفقط في خلال الأربع سنوات الأخيرة تم إقرار 8 قوانين عنصرية، وهو ما يوضح طبيعة التحولات الجارية في إسرائيل، وكلها تشير إلى التحول في الاتجاه الأكثر تطرفاً وعنصرية.
    بالقانون الإسرائيلي تمت مصادرة 800 ألف دونم من أراضي النقب، اضافة إلى تدمير 40 قرية عربية وتهجير 80 ألف فلسطيني. وبالقانون ممنوع على الفلسطينيين إحياء ذكرى النكبة عام 1948.
    وبالقانون يحق لوزير الداخلية الإسرائيلي انتزاع الجنسية من أي مواطن فلسطيني عربي توجه له اتهامات بالعمل ضد الأمن الإسرائيلي، وبالقانون تم نزع هويات الفلسطينيين العرب في القدس وأعطيت لهم بطاقات إقامة مؤقتة لمدة عشر سنوات وغير ذلك من القوانين. الأغرب من كل ما سبق هو الادعاء الصهيوني بأن إسرائيل هي دولة (ديمقراطية). الأكثر غرابة أن المجتمع الدولي في غالبيته يعتقد بهذه (الديمقراطية) المزيّفة. ما يجري الآن من تعد تمييزي عنصري ضد فلسطينيي المنطقة المحتلة عام 1948 يحدث في القرن الواحد والعشرين وليس في القرون الوسطى، ورغم ذلك لا تدين الأمم المتحدة ولا المجتمع الدولي سن القوانين العنصرية الصهيونية.
    الكنيست الصهيوني ما يزال في بداية دورته الجديدة (التاسعة عشرة) وعلى مدى السنوات الأربع القادمة سنشهد المزيد من القوانين العنصرية والمزيد من الوضوح الإسرائيلي في ما يتعلق بشعار’يهودية الدولة’.


    سبع سنوات وحكايات تموز لا تنتهي (3)
    قادة «حرب لبنان الثانية» في تل أبيب.. إلى الضياع
    حلمي موسى/السفير
    يصعب القول إن حرب تموز رفعت أسهم أي من قادتها أو خلقت منهم شخصيات أكثر نفوذا وتأثيرا. فرئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه، إيهود أولمرت، اضطر لترك منصبه تحت ضغط اتهامات أشار كثيرون إلى أنها لم تكن لتثار لو كانت نتائج حرب تموز أفضل من الوجهة الإسرائيلية. أما وزير الدفاع، عمير بيرتس فقد أسقط عن زعامة حزب العمل، واضطر في بحثه عن دور سياسي إلى الالتحاق بوزيرة خارجية تلك الحرب تسيبي ليفني التي أنشأت حزب «الحركة» بعد إسقاطها عن زعامة كديما. أما رئيس أركان الحرب، الجنرال دان حلوتس، فحدث عنه ولا حرج، إذ كاد يكون صفرا ولم تر فيه أي من الأحزاب السياسية ذخرا انتخابيا، وربما أنها خشيت أيضا من آثاره السلبية.
    بينت إدارة الحرب أن القيادتين السياسية والعسكرية في تل ابيب، كانتا بعيدتين عن وعي الواقع القائم وبالغتا في تقدير القوة الاسرائيلية وعرضتا أهدافا يتعذر تحقيقها. وبديهي أن النتيجة كانت الفشل الواضح الذي قاد إلى السقوط وتدهور أسهم شعبية كل من هؤلاء بحيث يصعب العثور تقريبا على قيادي اسرائيلي نجا من لعنة «حرب لبنان الثانية».
    ولقد أدلى كل خبير في إسرائيل برأيه السياسي أو العسكري الذي دان فيه قادة الحرب. قلة قليلة فقط حاولت أن تجد أعذارا لهذا أو ذاك من القادة ولكن كل هذه الأعذار لم تغير من الأمر شيئا. فالصورة كانت ولا تزال صورة مجموعة من الفاشلين الذين قادوا إسرائيل نحو حرب خاسرة. ومعروف أن الإسرائيليين نشأوا على فكرة أن إسرائيل لا تحتمل الهزيمة وأن الخسارة عندما تكون كبيرة تغدو أقرب إلى الهزيمة. لهذا السبب كان الأثر بالغ السلبية في موقف الجمهور الإسرائيلي من الأشخاص الذين قادوا تلك الحرب، على الأقل في المواقع المؤثرة.
    وقبل الدخول في مآل كبار القادة لا بد من الإشارة إلى أن توصيات لجنة فينوغراد بخصوص طرق اتخاذ القرار لا تزال تخيم على اجتماعات الحكومة الإسرائيلية وتوصياتها في كل ما يتعلق بالأمن. كما أن القيادة العسكرية الإسرائيلية وبرغم كل محاولات ترميم صورتها لا تزال متأثرة بتلك الحرب خصوصا سلوك الرجل الذي أوكلت له مهمة إعادة الجيش إلى جاهزيته وهو الجنرال غابي أشكنازي، الذي أعيد من الخدمة المدنية. وثمة من يستشهد بـ«وثيقة هرباز» التي بينت حجم المؤامرات الداخلية التي تنسج في القيادة العسكرية والتي كانت على وشك إدخال أشكنازي دائرة التحقيق الجنائي وربما السجن.
    في كل حال، كان جليا أن بين نتائج حرب تموز على الصعيد الشخصي اضطرار كل من رئيس الأركان دان حلوتس، وزير الدفاع عمير بيرتس وعدد من كبار الضباط أبرزهم قائد الجبهة الشمالية الجنرال أودي آدم الى الاستقالة. وحده رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، رفض الانصياع لمطلب الجمهور الإسرائيلي بالاستقالة وظل حتى سقوطه عن زعامة حزبه يرفض الاعتراف بوقوع إخفاقات جوهرية. وتعاظمت لدى الجمهور الإسرائيلي خيبة الأمل والحقد على هؤلاء أكثر بسبب حجم التأييد الشعبي الهائل الذي حظيت به الحرب وشدة الخيبة من نتائجها. وهذا ما دفع إلى رفض الجمهور لجان التحقيق الفرعية التي عمد الجيش أو وزارة الدفاع لتشكيلها ونشأت حركة شعبية ضغطت من أجل تشكيل لجنة تحقيق رسمية، فكانت «لجنة فينوغراد» التي تحدثت في استنتاجاتها «عن إخفاقات خطيرة على المستويين السياسي والعسكري»، حملت مسؤوليتها عددا من القادة الاسرائيليين وأبرزهم ايهود أولمرت، عمير بيرتس ودان حلوتس.
    أولمرت: طموح كبير.. وفشل أكبر
    ولد إيهود أولمرت في العام 1945 وشغل منصب رئيس الحكومة الثاني عشر لإسرائيل بعد أن كان قد خدم في العديد من المناصب الوزارية ورئاسة بلدية القدس. ويمكن القول ان وصوله إلى رئاسة الحكومة جاء عن طريق الصدفة بعد أن انشق مع رئيس الحكومة الأسبق أرييل شارون عن الليكود وأنشآ حزب كديما. وقضى أولمرت أغلب تاريخه السياسي بين صفوف الجناح المتطرف في الليكود إلا انه كان بين الحين والآخر، ولدوافع سياسية يخرج من الليكود ليعود إليه.
    وبرغم أن أولمرت من عائلة تنقيحية حيروتية إلا انه كان بين أوائل المتمردين على المؤسسة الحزبية. وكان في الحادية والعشرين من عمره عندما تحدى الزعيم التاريخي لحيروت، مناحيم بيغين وطلب منه الاستقالة من زعامة الحزب. بعدها انشق عن الليكود ليلتحق بالمحامي شمعون شامير في حزب «المركز الحر» الذي غدا في العام 1973 أحد مكونات التكتل (الليكود) عند إنشائه. وبرغم طموحاته الكبيرة لم ينل في الليكود منصبا أكبر من منصب وزير التجارة والصناعة. وفي الانتخابات التمهيدية الأخيرة لأولمرت في الليكود لم ينل سوى المكان الثاني والثلاثين لكن أرييل شارون قرر تعيينه وزيرا بفضل علاقتهما الحميمة. ووجد أولمرت فرصته عندما راهن على نجاح شارون في خطة الفصل وانضم إليه عندما شق الليكود ليشكل حزب كديما.
    ومعروف أن بقاء شارون في رئاسة الحكومة الإسرائيلية لم يطل بعد تشكيل كديما وجاءت «غيبوبته» الكبرى لتجعل من أولمرت رئيسا للحكومة بالوكالة. وقد ترسخت زعامة أولمرت لكديما بعد الانتخابات التي جرت في العام 2006 وصار يتعامل كزعيم. ومن الجائز أن افتقار أولمرت للتاريخ العسكري حيث لم ينل رتبة ملازم إلا وهو في القوات الاحتياطية وبشكل استثنائي فإنه مال لاستسهال العمل العسكري. وهكذا في عهده شن على الأقل حربي تموز 2006 وحرب غزة 2008. واتسمت الحروب التي قادها بالوحشية والشدة لكنها لم تحقق الأهداف التي سعى إليها. وفي كل حال، فإن أداءه في حرب تموز جلب له أشد الانتقادات وساهم في إسقاطه لأسباب جنائية. ولم تشفع له حتى قراراته التي قادت إلى عدد من العمليات العسكرية السرية وبينها ما قيل انه تدمير لمفاعل نووي سوري سري.
    ونظرا للصورة السيئة لخطة الفصل في نظر الجمهور الإسرائيلي الذي يميل لليمين فإن مساعي أولمرت للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين لم تنل أي تقدير.
    اشتهر أولمرت في شبابه بمحاربة الفساد لكنه كان رئيس الحكومة الأول في تاريخ إسرائيل الذي تقدم ضده لوائح اتهام بالفساد أثناء توليه الحكم وهي اللوائح التي كانت سببا في استقالته قبل أن يدان في بعضها ويبقى عرضة للمحاكمة بسبب بعضها الآخر حتى الآن. كما أن تقرير لجنة فينوغراد الذي انتقد أداء أولمرت بشدة ساعد في نشوء حركة شعبية تظاهرت مطالبة باستقالته من رئاسة الحكومة وهو ما حدث فعلا.
    بيرتس: الأول يصبح الأخير
    ولد عمير بيرتس في المغرب في العام 1952 باسم آرموند بيرتس وهاجر إلى فلسطين مع عائلته وهو في الرابعة من عمره. وتلقى بيرتس تعليمه في سديروت المجاورة لقطاع غزة وهو يقيم فيها حتى اليوم. خدم في الجيش ووصل الى رتبة نقيب في سلاح المظليين وأصيب بجراح بليغة أثناء خدمته في سيناء. وكان أول عمل عام له توليه منصب رئيس بلدية سديروت في العام 1983 عن حزب العمل. وركز اهتماماته العامة على الجوانب التعليمية والاجتماعية وهو ما قاده إلى العمل النقابي العام حيث غدا عضوا في الكنيست في العام 1988. وفي العام 1994 حاول أن يترشح عن حزب العمل لرئاسة نقابة العمال العامة (الهستدروت) لكنه لم يفلح. وفي العام التالي، ائتلف مع حاييم رامو وأنشأ كتلة منفصلة في الهستدروت فازت بالرئاسة التي سرعان ما تخلى عنها حاييم رامون ليغدو بيرتس رئيسا للهستدروت.
    شكل الهستدروت خشبة قفز لبيرتس نحو الحياة السياسية حيث صار يتطلع لزعامة حزب العمل. وعندما فشل شكل في العام 1999 حزب «شعب واحد» وانشق عن حزب العمل. وخاض دورتين انتخابيتين نجح خلالهما في تثبيت نفسه في الكنيست. وعاد للاتحاد مع حزب العمل في العام 2005 وتنافس على زعامة الحزب وهزم شمعون بيريز الذي انشق وانضم الى حزب كديما.
    حقق بيرتس لحزب العمل مكسبا انتخابيا جعله شريكا لكديما في انتخابات العام 2006 وغدا نائبا لرئيس الحكومة ووزيرا للدفاع. وبديهي أن خبرة بيرتس العسكرية كانت محدودة، ما جعله مع رئيس حكومته العديم الخبرة العسكرية أكثر ميلا للعدوانية برغم الميول الحمائمية من الوجهة السياسية. وهكذا اندفع بيرتس الى التهديد وإلى حرب تموز. وشهد دان حلوتس أمام لجنة فينوغراد بأن بيرتس هو من أمر بقصف مخازن صواريخ «فجر» في جنوب لبنان في بداية حرب 2006 على النقيض من توصية الجيش الإسرائيلي، وهو ما أوقع الكثير من الإصابات في صفوف المدنيين اللبنانيين.
    أطيح ببيرتس عن زعامة حزب العمل في حزيران 2007 ولم يفلح في انتخابات الكنيست المبكرة اللاحقة إلا في الوصول الى المكان العاشر في قائمة حزب العمل. وعندما عادت تسيبي ليفني للحياة السياسية بعد تشكيلها حزب الحركة، انضم إليها وهو يحتل اليوم منصب وزير دولة في حكومة بنيامين نتنياهو.
    حلوتس: عبء يختفي عن الأنظار
    ولد داني حلوتس في العام 1948 وغدا رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي في حزيران 2005 وبقي في المنصب حتى شباط 2007. وكان آخر مناصبه قبل رئاسة الأركان قيادته لسلاح الجو الإسرائيلي وتعيينه نائبا لرئيس الأركان. وقد أوكلت له كرئيس للأركان مهمة تنفيذ خطة الانفصال عن قطاع غزة. وكان حلوتس أول رئيس للأركان لا يأتي من القوات البرية ويكون طيارا.
    تجند حلوتس في العام 1966 وأنهى تدريباته كطيار في تموز 1968 وغدا بين أوائل الطيارين الإسرائيليين الذين قادوا طائرات الفانتوم في العام 1969. وقد ترك الخدمة العسكرية النظامية قبل شهرين من حرب تشرين 1973 لكنه جند للخدمة الاحتياطية كطيار على الجبهتين السورية والمصرية وبقي في الجيش بعدها. وشارك في الحرب على لبنان في العام 1982 لكن نجمه بدأ في البروز عندما اختير رئيسا للوحدة العملانية في مشروع صنع طائرة «لافي» الإسرائيلية. وبعد ذلك خدم في مناصب قيادية في سلاح الجو وصولا الى ترفيعه لرتبة جنرال وتعيينه نائبا لرئيس شعبة الأركان وبعدها رئيسا لشعبة العمليات. وفي العام 2000 غدا قائدا لسلاح الجو.
    وخلال قيادته سلاح الجو، أجرى حلوتس تغييرات بنيوية على السلاح واستوعب طائرات اف 16 ووسع من استخدام الطائرات من دون طيار وتقنيات الرصد الحديثة. وخلال قيادته سلاح الجو توسعت بشكل كبير عمليات الاغتيال من الجو في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها وأنهى خدمته باغتيال الشهيد أحمد ياسين. واتسمت الاغتيالات في عهده بالوحشية وأبرزها اغتيال الشهيد صلاح شحادة باستهداف بيته بقذيفة بوزن طن في العام 2002 وقد أودت بحياة 14 مدنيا أغلبهم من الأطفال.
    واشتهر في حينه بالإعراب عن إحساسه تجاه هذه العملية بقوله ان ما حصل «لم يكن أكثر من هزة في ذيل الطائرة». وأثار موقفه هذا ردود فعل كثيرة وصلت حد اتهامه بارتكاب جرائم حرب ورفض تعيينه رئيسا للأركان.
    لكن تم تعيينه لأسباب سياسية بينها خطة الفصل ولأسباب عملياتية بينها محاولة تحديث الجيش الإسرائيلي ورفع مستواه التقني إلى مستوى سلاح الجو. وفي عهده كرئيس أركان تم تبني أساليب الحرب الجوية التي اعتمدتها أميركا وحلف الناتو في الحرب في يوغوسلافيا. لكن حلوتس طور هذه الأساليب إلى ما بات يعرف بـ«نظرية الضاحية» والقائمة على مبدأ التدمير الشامل ومن دون قيود لتوفير الردع والحسم السريعين.
    حاول حلوتس تنفيذ نظريته في «حرب لبنان الثانية» من خلال الغارات الوحشية الجوية والبحرية والقصف المدفعي والصاروخي والقليل من الحركة الميدانية. وكانت هذه النظرية تتطلع إلى تحقيق هدف يعرف بـ«صفر إصابات» في صفوف القوات الإسرائيلية. لكن النتائج كانت عكس ذلك. فلم يتحقق في «نظرية الضاحية»، لا الردع ولا الحسم ولم تتقلص الإصابات في صفوف قواته.
    وعجزت القوة النارية الإسرائيلية الهائلة عن وقف تساقط الصواريخ على إسرائيل، الأمر الذي أدخل ما لا يقل عن ربع سكان الدولة العبرية في الملاجئ وفتح الباب لتوسيع الدائرة.
    ولذلك كانت النتيجة المزيد من الإحساس بالخيبة عموما ومن أداء حلوتس والجيش الإسرائيلي خصوصا. واضطر حلوتس للاستقالة إثر توصيات لجنة فينوغراد. وحاول الانخراط في الحياة السياسية لاحقا لكنه أحس بأن كل القوى السياسية تشعر بأنه عبء وليس ذخرا فاختفى عن الأنظار.

    نشأة الرواية النخبوية للأردن وانهيارها
    إبراهيم غرايبة(كاتب أردني)/الحياة اللندنية
    تسجل محاضر المجلس التشريعي الأردني الذي انتخب في أواخر العشرينات نقاشاً حاداً وواسعاً لأعضاء المجلس احتجاجاً على توظيف غير الأردنيين، ويبدو من محاضر المجلس أن الدوائر الحكومية كانت تناط إدارتها بموظفين غير أردنيين، وكان يستقدم أعداد كبيرة وكانوا مسيطرين على الإدارة الرسمية. وعندما سنّ المجلس قانوناً بمنع توظيف غير الأردنيين امتنع المسؤولون عن تنفيذ القانون، ومنحت الجنسية الأردنية للمئات من الموظفين ووصفت هذه الجنسيات (وفق وقائع المجلس التشريعي عام 1930) بأنها مزيفة، وكان يجري استبعاد الأردنيين باعتساف، برغم أن الكثير منهم كان متخرجاً من الجامعات، وكانوا قادة وذوي هيئات بين قومهم وفي مناطقهم. ما كان يجري إذن هو سياسة عامة يمكن تسميتها «العقل السياسي للدولة»، يمكن وصف ذلك بالقول إنه منظومة السلوك والتفكير السياسي المتبع على نحو واع ومقصود أو ضمن تقاليد تاريخية للعمل السياسي، وفي أحيان كثيرة يكون هذا العقل غير مُدرَك تماماً أو غير معترف به، ولكنه بعامة يصلح لتفسير التاريخ السياسي الحديث للدولة الأردنية، وكذلك المواقف وأساليب إدارة الأزمات ومواجهتها.
    الأزمة الكبرى التي يجب أن يواجهها العقل السياسي أن الدولة الحديثة في تشكلها وقيامها أنشأت طبقة جديدة ومختلفة من السياسيين والبيروقراطيين والاقتصاديين، هذه النخبة التي تشكلت أنشأت منظومة جديدة من العلاقات والقواعد لصالحها، جعلتها نخبة مغلقة، وتعمل بقسوة ووعي على استبعاد جكل فئات المجتمع وتهميشها، بل إنها تبدو وكأنها في حالة عداوة وحرب شبه معلنة مع المجتمع والأعمال والمشروعات والحركات الاجتماعية، وألحقت بها كل/معظم مؤسسات المجتمع والمصالح الاقتصادية والديناميات الاجتماعية، مثل النقابات والبلديات والإعلام، .. فضلاً عن فرص التوظيف والتعليم والابتعاث، وتشكلت أجيال متعاقبة من النخب، وأجيال من المهمشين.
    لماذا لم تطور الدولة الحديثة المجتمعات والأسواق؟ لماذا لم تشركها في عملية التحديث؟ لماذا لجأت إلى تحطيمها/ إلغائها/ تهميشها/تجاهلها/ إقصائها؟ أنشئت العاصمة بعيداً من المدن التقليدية القائمة لتكون مدينة جديدة تتشكل حول الوافدين إليها ولأجل النخب الجديدة والمتسربين إليها من شركاء أو أتباع، والكثير من القادة السياسيين والبيروقراطيين جاءت بهم قرارات من الدولة وليس عمليات تنافس عادل على الفرص، والكثير من رجال الأعمال والتجار صنعتهم الدولة بقرار سياسي أو بيروقراطي وليس ضمن عمليات السوق الطبيعية، الأغنياء الجدد، والقادة الجدد احتكروا الدولة والسوق الناشئ، واحتكروا التعليم أيضاً، ووزعت الفرص بقدر كبير من القسوة والاستعلاء وبناء على علاقات غير صحية بين النخب والدولة. وعندما صار التعليم حاجة للنخب والقيادات الراسخة وأجيالها المتعاقبة توسعت الدولة في بناء المدارس، وأقبلت عليها المجتمعات المحرومة والمتلهفة على التعليم، ولكنها جاءت بعد أن أغلقت وأحكمت قواعد الهيمنة على المجتمعات والأسواق والفرص والعلاقات، جاءت عندما تشكلت حاجة إلى موظفين وعاملين متعلمين يلبون حاجات جديدة للنخب والأسواق المتطورة، يزيدون مواردها وهيمنتها، ولم تستفد المجتمعات ولا الطبقات الاجتماعية والمهنية الجديدة في تطوير نفسها ولا في المشاركة في التأثير والنفوذ والتخطيط لنفسها ومواردها، ودمجت في منظومة من المدن والأحياء والمرافق لم تشارك في تخطيطها ولا أعدت لأجلها.
    ولا تملك المجتمعات اليوم سوى حل سياسي لا يفيد شيئًا، وزارة للتنمية السياسية وحرية في تشكيل الأحزاب السياسية!، ولكن النضال لأجل حياتك الحقيقية ومصيرك يبدو مثل متاهة! كيف تكون المجتمعات شريكاً في الموارد والتنمية والمسؤولية؟ كيف توضع السوق في مكانها الصحيح المنشئ للتقدم؟ كيف تتشكل القيادات الاجتماعية والاقتصادية على نحو تفاعلي وتنافسي طبيعي وعادل؟ ولذلك فإن النظر إلى مبتدأ الخلل في ملاحظة علاقات القوة والتأثير والتنافس في المدن والأسواق، ويبدأ الإصلاح بالتحرر من المعادلة المفروضة على علاقة الناس بالمدن والأسواق، هذه الرواية الجديدة للإصلاح تبدأ بمراجعة الرواية المنشئة للأزمة، وهي متصلة بالاعتساف والافتعال في تنظيم وإعادة توزيع التأثير والموارد، وفي صياغة المجتمعات والمؤسسات الوطنية والمدن والأسواق على نحو يؤدي حتماً إلى الأزمة، بسبب الخلل الكبير في إدارة وتوزيع العبء الضريبي وقدرة المجتمعات والطبقات الوسطى على إسماع صوتها والمشاركة في التخطيط والقرار.
    أزمة الطبقة الوسطى في الأردن أنها موجودة في ظل حاجة نخبوية لعدم وجودها، أو لا ترى الأردنيين سوى مجموعات قليلة تلبس الكوفية والعقال على أبواب الفنادق وتقدم قهوة رديئة للسياح، او تعيش معزولة في محميات صحراوية تؤنس النخبة الجديدة وضيوفها، وتتشاجر في أوقات الفراغ.
    والوجه الآخر للأزمة أن الطبقة الوسطى لا تعي وجودها ولا تراثها أو روايتها، ولا تلاحظ او لا تريد ان تلاحظ أن الصراع في جوهره بينها وبين طبقة لا تشعر بالأمان الا في غيابها، ونتسلى جميعاً بالتظاهر بفهم الأزمة على أنها صراع بين السلطة والإخوان المسلمين، وليس كما هو ببساطة في التاريخ والجغرافيا حول الموارد وإدارتها وتوزيعها والتشكل والتنظيم الاجتماعي على أساس الولاية عليها وحمايتها وتجديدها وتعظيمها.
    ولأجل ماذا تصارع السلطة الإخوان؟ ومتى كانت أزمتها مع الدين؟ ومتى كانت معركة لأجل مبطلات الوضوء؟
    الإخوان متطلب ضروري لا يمكن الاستغناء عنه كان يؤديه في عقود ماضية الشيوعيون لأجل ادارة الصراع الحقيقي بين المجتمعات وبين تحالف النخب السياسية والاقتصادية على نحو يمنع المجتمعات ان تخوض صراعها بنفسها وأن تنشئ قيادتها ونخبها المعبرة عن هدفها المفترض في الولاية على مواردها وشؤونها، وهذا ما يؤديه اليوم وبكفاءة الإخوان المسلمون!


    أوباما.. لماذا يحتضن الإرهاب - 2
    صبري غنيم/المصري اليوم
    - ثلاثة جيوش عربية دمرتها أمريكا، بعد أن خططت لثورة الربيع العربى، التى بدأت بتونس وانتهت بمصر. كان الجيش العراقى هو أول الجيوش الذى منحته أمريكا شهادة وفاته بعد غزوهم العراق.. نجحت أمريكا أيضا فى تدمير الجيش الليبى وتهريب أسلحته ومعداته إلى معظم البلاد العربية التى كانت مستهدفة بثورة الربيع العربى.. ولأول مرة نرى أحدث الأسلحة الليبية وهى تتدفق علينا عبر الحدود.. صواريخ مضادة للطائرات وأسلحة أتوماتيكية متطورة ضد الدبابات، وأسلحة قتالية حديثة وأجهزة رادار، ولأننى لا أفهم فى الأمور العسكرية قال خبراء عسكريون: إنها تكفى للدخول فى حرب برية.. يعنى بالعربى المخابرات الأمريكية ساعدت على دخول هذا العتاد الحربى إلى أراضينا، وكانت ميليشيات الإخوان صاحبة النصيب الأكبر فيها.. لقد عمل الأمريكان على نشر الفوضى، وتوسيع دائرة الانفلات الأمنى..
    نعود لتفاصيل المؤامرة من بدايتها، والذاكرة لا تخوننا ونحن نستعرض قوة الجيش العراقى أيام صدام حسين، وكيف كان من أقوى الجيوش العربية، وبعد غزو الأمريكان للعراق كان أول المخطط هو تدمير الجيش وتفكيك أكبر أسطول حربى جوى عراقى، وتم تسريح أفراده، ورأينا كبار القادة العسكريين يتسولون الوظائف المدنية من الأمريكان.. ثم تمتد المؤامرة إلى تونس بإضعاف جيشها، بعد أن خططوا لهروب رئيس البلاد.. وتمتد المؤامرة إلى الجيش الليبى، ويأتى بعده الجيش السورى، فأدخلوه حرباً مع ميليشيات أطلقت على نفسها الجيش الحر، مع أن إسقاط بشار الأسد لا يحتاج إلى مواجهة مع الجيش، والسعى إلى تدميره، لكن تدميره كان مطلوباً فى مخطط الشرق الأوسط، فالأمريكان لا يريدون جيشاً قوياً فى هذه المنطقة، لذلك كانت عيونهم على الجيش المصرى، على اعتبار أنه أقوى الجيوش العربية والحصن الحصين للمنطقة.. ثم نشهد مباركة الأمريكان لسياسة الإخوان، وتأييدهم لقرارات مرسى فى العفو الرئاسى، برفع قوائم الممنوعين والسماح للجهاديين بدخول البلاد، مع أنهم كانوا أكثر خطورة من المسجونين داخل البلاد فى قضايا الإرهاب.. وانتقل تنظيم القاعدة بقواعده إلى مصر، وقد سمح مرسى وأعوانه باستيطانهم فى سيناء، مع أن الأمريكان هم أول من وضعوهم على قوائم الإرهاب، إلا أن مخطط استيطانهم فى سيناء كان يقصد به استنزاف طاقة قواتنا المسلحة، بالدخول فى معارك معهم، من وقت لآخر، أى يكونون ورقة الضغط التى يلاعبون بها قواتنا المسلحة.. ورغم قدرة الأمريكان التخابرية إلا أن ذكاءهم قد خانهم فى دراسة طبيعة المقاتل المصرى، الذى ظهرت براعته فى تحطيم ما أطلقوا عليه اسم «خط بارليف».. المقاتل المصرى ليس سهلاً عليه أن يبتلع الطعم الأمريكانى، ولا الطعم الإخوانى، لكن أن يضع يده على المؤامرة الأمريكية الإخوانية فى التخطيط للاستيلاء على سيناء، هذا هو المهم، وقد كانت صدمتنا فى الجماعة لا توصف، لم نصدق كيف هانت عليهم بلدهم كمصريين، ويفرطون فى تراب سيناء، التى ارتوت بدماء شهدائنا الأبرار فى ٦٧ و٧٣.
    - أمريكا عز عليها أن يعلن الجيش المصرى عن مساندته للإرادة الشعبية، لأنها تعودت أن أى تغييرات فى المنطقة لا بد أن تكون بمشورتها، ولأنها صاحبة ما يسمى ثورات الربيع العربى.. فقد رأيناها تساند ثورة ٢٥ يناير على اعتبار أنها واحدة من ثورات الربيع العربى.. وشاهدنا «أوباما» وكيف كان يطالب مبارك بأسلوب عنيف بالرحيل الفورى، لأن مبارك لم يعد على هواهم، بعد أن رفض جميع مطالبهم، بالتفريط فى السيادة المصرية.. لذلك لم نسمع أنهم ساندوه أو ساندوا أحداً من رجاله.. وراحوا يساندون الإخوان بعد الصفقة التى أبرموها معهم، والتى ظهرت معالمها خلال أحداث العملية الانتخابية، فقد كانت السفيرة الأمريكية فى اجتماعات ليلية يومياً مع الجماعة فى المقطم، وأعطت ظهرها للفريق شفيق على اعتبار أنه من رجال مبارك، وكانت تعلم بالنتيجة قبل إعلانها رسمياً بأيام.
    - والآن ماذا تريدون بعد أن كشفت أمريكا عن وجهها القبيح فى مساندتها الإخوان، هى تعلم أن «مرسى» موقوف على ذمة قضايا، ومع ذلك تطالب بالإفراج عنه. هى ترى أنه ليس من السهل عليها أن تأخذ هذه الصفعة وتسكت علينا. لذلك رأت أن تنغص علينا حياتنا بالوقوف مع الإرهاب.


    يا عريان كنت فين يوم التقى الجمعان؟
    حمدي رزق/المصري اليوم
    «أرى السكينة فى عيون النساء قبل الرجال، وسيهزم الجمع ويولون الدبر»، عجبا فى العاشرة إلا الربع وعصام العريان من أى منطق أو عقل يفسفس على «الفيس بوك»، عبثا يواصل خداعه للنساء والرجال، السكينة تطل من عيون النساء، بذمتك يا محرض، عن أى سكينة تتحدث، عن أى عيون يا وقح العينين، يقينا تقصد عيون «أم أيمن»، التى ما إن علمت بأنباء فض الاعتصام حتى قالت قولتها الشهيرة، صدورنا مفتوحة، عامله فيها رجل بشنبات، فاكره نفسها فى حرب مع كفار قريش، روحى يا شيخة ربنا يهدك، ويهديك، اللى زيك إن لم يقبض عليه يلزم قعر بيته ويستغفر الله لذنبه، ما تقدم، وهو كثير، وما تأخر فى السجن.
    النساء والرجال المغرر بهم فى فزع عظيم والعريان ولا هنا... باااارد، يفسفس على نفسه، يخاطب العالم الحر، النساء والرجال نزلت عليهم الصاعقة مع أول شعاع، والعريان لسه قاعد على الفيس بوك يفسفس، سيهزم الجمع ويولون الدبر، الناس فى قلب المحرقة وطائر الموت يحلق من فوق رؤوسهم، ومن تحت أقدامهم، والعريان يشم ريح الجنة، معطر جو صنع خصيصا لقيادات الجماعة، اسمه ريح الجنة، فعلا هذا رجل مغيب تماما، رجل قرر أن يصمد على الفيس بوك حتى آخر شاب فى الاعتصام، القتال فى المكيف فريضة على القيادات، أما الشباب والنساء فالمحرقة أولى بهم.
    المرشد يتحرك بسيارة دبلوماسية مكيفة، تابعة لدويلة صغيرة متكيفة ع الآخر من الفوضى الضاربة فى بر مصر، والعريان لا يتحرك مطلقا من على الفيس بوك المكيف، ظهوراته على المنصة نادرة، وشك ولا وش القمر، كنت فين يوم التقى الجمعان، ويكتفى بإدارة المعارك الفيسبوكية الوهمية الضارية، فض الاعتصام على الفيس قاسٍ وغير محتمل، العريان فى قلب المدلهمة السوداء، التى حذرت منها الحكومة طويلا، حكومة بالها طويل، وتعاطت معها بنفس طويييييييل، وبتباااااااطؤ وصل إلى حدود الاتهام بالتواطؤ، العريان بعد 3 ساعات من الغاز والدموع والجرحى والقتلى يتحدث عن السكينة وكأنه فى عالم آخر، عالم الترامادووووول الأصلى أو فى تكييف مركزى يصب فوق رأسه سحابة من الهواء المنعش.
    العريان حالة نموذجية لمفاصلة الواقع، تقريبا قيادات الجماعة لا تقرأ ولا تعى معنى تحدى الدولة، جماعة مهما علت، مهما تكاثرت، ومهما أضرمت النار فى أطراف الوطن، ومهما أحدثت من فوضى وتخريب، ستظل جماعة مارقة خارجة عن الشرعية، لن تفرض واقعا على إرادة الجماهير وإن استقوت بالأجنبى الذى يواليهم، ليس تعاطفا بل تحقيقا للمصلحة، وما بكاء أمريكا على الإخوان إلا لأن لها فى حكم الإخوان لمصر مآرب أخرى.
    العريان مثل مرشده المغيب تماما عن المشهد، فى عالمه، عالم الفيس بوك، يقود المعارك بالفسفسات، العريان حتى بعد فض الاعتصام مُصر على عودة المعزول أو على الأقل ينال شهادة، شهادة إلكترونية على الفيس بوك، العريان يتخيل أنه دخل الجنة ويشم ريحها، رغم أنه سيدخل السجن ويشم ريحة قدميه.
    حتى فى أحلك ظروف الاعتصام يتحدث ببرود عن السكينة، يا أخى انت ولا ريا وسكينة، تقتل القتيل، فعلا العريان يفكرك بالسفاحة ريا، تقول لسكينة بعد أن خلصت على الضحية: «الولية بنت الكلب عضت إيدى وأنا باخنقها، تقوليش عدوتها!».. هكذا العريان، يعتصم ويقطع الطرق ويهاجم الوزارات ويحرض على الآمنين، ثم يقول الحكومة بنت الكلب فضت الاعتصام وأنا باخنقها تقولش عدوتها!


    تغطية الـcnn
    محمد سلماوي/المصري اليوم
    وسط المواقف الدرامية الجادة التى نقلتها مختلف القنوات الفضائية لوقائع فض اعتصام رابعة العدوية وميدان النهضة، استمتعت بفاصل فكاهى من خلال متابعة قناة cnn الأمريكية، التى أكدت مذيعتها من الاستديو فى أمريكا أن الاعتصام لم يكن به نساء ولا أطفال، وأنه لا يبدو أنه كان به سلاح أيضاً، ثم أضافت: ويبدو أن المعتصمين «يمثلون قطاعات متنوعة من الشعب المصرى».
    وكما لو أن هذه هى الرسالة المطلوب توصيلها للمشاهدين، توجهت المذيعة لمراسل القناة، الذى كان معها على الهواء من القاهرة، قائلة: أليس كذلك؟ فأكد المراسل بالطبع النتيجة التى توصلت إليها المذيعة فى الاستديو بالولايات المتحدة، قائلاً إنه لم يشاهد أى إطلاق نار، وقد ظهر على الشاشة وخلفه فرد يحمل لافتة مكتوباً عليها «سلمية» باللغة الإنجليزية، أما عن النساء والأطفال الذين انتقد العالم كله استخدامهم كدروع بشرية فى الاعتصام، فقال المراسل على استحياء: «فى بداية حضورنا إلى هنا شاهدنا عدداً من النساء يعد على أصابع اليد الواحدة»!! ووصف موقفاً مؤثراً لإحداهن وهى ترتكن إلى أحد الحوائط وتبكى أثناء حديثها فى تليفون محمول، ثم أضاف: «لكننا لم نسمع أى إطلاق نار».
    ومما يدعو للسخرية فى تغطية القناة الأمريكية، أن عملية فض الاعتصام تمت بشفافية كبيرة، حيث تم توجيه مناشدات للمعتصمين عبر مكبرات الصوت بضرورة إخلاء المكان، كما تركت بعض الشوارع آمنة، مثل طريق النصر فى رابعة لمرور من يريد الخروج بسلام، وصاحب قوات الأمن مندوبون عن بعض جمعيات حقوق الإنسان، بالإضافة لكاميرات التليفزيون، وقد تم الاعتداء على سيارة بث التليفزيون المصرى، لذلك فإن وقائع فض الاعتصام لم تكن خافية على أحد، وقد نقلتها بقية القنوات بكل تفاصيلها، فأظهرت أعداد النساء والأطفال الذين قادهم الجنود برفق إلى خارج الاعتصام، وقد شاهدت إحداهن ترتكز على ذراع الجندى، الذى بدا فى عمر أبنائها، كما شاهدنا جميعاً كمية الأسلحة والذخيرة التى تم إخراجها أمام أعيننا من داخل مقر الاعتصام.
    لكن الرسالة التى أوصلتها القناة الأمريكية كانت أنه ليس هناك استخدام غير إنسانى للنساء والأطفال، وليس هناك أسلحة ولا ذخائر، وأن المعتصمين يمثلون جميعاً فئات المجتمع المصرى، ألا يدعو ذلك للسخرية؟!

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 472
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-12-08, 12:26 PM
  2. اقلام واراء عربي 403
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-27, 09:21 AM
  3. اقلام واراء عربي 390
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-07, 11:40 AM
  4. اقلام واراء عربي 389
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-07, 11:39 AM
  5. اقلام واراء عربي 388
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-07, 11:38 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •