اقلام واراء عربي 403
20/5/2013
في هذا الملــــف:
إحياء مبادرة السلام العربية
بقلم: علي بردى عن النهار البيروتية
المبادرة العربية للسلام
بقلم: أحمد نوفل عن السبيل الأردنية
رأي القدس: قلق اسرائيل من الصواريخ السورية ومبرراته
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
نكبة فلسطين وثورة مصر
بقلم: عبد الحليم قنديل عن القدس العربي
غزة.. مشكلة مصرية
بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني عن الشرق الأوسط
"جعبة" أردوغان و"زناد" الإسرائيلي!!
بقلم : عـــلي قــاســـــــم عن الثورة السورية
هل تجرؤ دمشق على ضرب تل أبيب؟
بقلم: مازن حماد عن الوطن القطرية
ماذا يجرى فى سيناء؟
بقلم: أحمد الصاوي عن الشروق المصرية
لهذا نكتب عن «الإخوان المسلمين»!
بقلم: عبدالله بن بجاد العتيبي عن الاتحاد الاماراتية
مأساة حسني مبارك سجين الإخوان
بقلم: عبدالمحسن حمادة عن القبس الكويتية
إحياء مبادرة السلام العربية
بقلم: علي بردى عن النهار البيروتية
تحاول الإدارة الأميركية انعاش عملية السلام في الشرق الأوسط. تعمل بهدوء على اقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس بالعودة الى طاولة المفاوضات.
لا يريد الرئيس باراك أوباما أن يضع خطة سلام أميركية يفرضها على القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية. بيد أن وزير الخارجية جون كيري يسعى الى انجاز محددات التسوية القابلة للتنفيذ في حل الدولتين. يأخذ في الاعتبار كل الإخفاقات السابقة في بلورة عناصر القضايا الست الرئيسية للحل النهائي: الحدود والقدس والأمن واللاجئون والمستوطنات والمياه. تبين أنه ليس كافياً الكلام عن ضرورة التزام الأطراف مرجعيات عملية السلام. يجري البحث عن أدوات جديدة لإحداث اختراق.
أعادت الديبلوماسية الأميركية تسليط الضوء على مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، خلال القمة العربية في بيروت عام 2002 حين كان ولياً للعهد. ما لم يكن ممكناً قبل عشر سنين صار الآن أقرب الى التحقيق بفضل التغيير الكبير في المنطقة العربية. تغيّرت المخاوف عند الإسرائيليين وعند العرب. ألم يدع دان ميريدور أخيراً الى مفاوضات على أساس مبادرة السلام العربية؟ ماذا يعني قبول لجنة المتابعة العربية رسمياً مبدأ تبادل الأراضي؟
يعود البعض الى عناصر في مشروع أعده قبل سنوات أستاذان في جامعة هارفرد، الزائر اللبناني شبلي ملاط المعروف بدفاعه الأصيل عن القضية الفلسطينية والأميركي المقيم ألان ديرشوويتز الذائع الصيت في انحيازه الى السياسات الإسرائيلية. كتبا مشروعاً ينطلق من اقتناعهما الشخصي بامكان التوصل الى تسوية على أساس حل الدولتين. كانا يأملان في اصدار قرار جديد في مجلس الأمن يتصوّر دولتين ديموقراطيتين، اسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً الى جنب، كما تعبر عن ذلك القرارات 1397 و1515 و1850، على أن يشكل القراران 242 و338 أساس السلام العادل والدائم في مبدأ الأرض مقابل السلام.
ويعترف المشروع بـ"اسرائيل دولة ديموقراطية للشعب اليهودي مع واجب مراعاة المساواة التامة للفلسطينيين في الدولة الإسرائيلية، وفلسطين دولة ديموقراطية عربية، مع المساواة التامة لغير العرب وغير المسلمين في الدولة الفلسطينية". ويشترط ترسيم الحدود وفقاً لما ورد في القرار 242، أي على أساس خطوط الأول من حزيران 1967، ولكن مع امكان تبادل محدود للأراضي بالمثل والقيمة. يشدد المشروع على المحافظة على "المكتسبات الايجابية" الناجمة عن اتفاق أوسلو لعام 1993، لتكون هذه البداية.
تضغط روسيا لابقاء دورها عبر الرباعية. تدخل الصين على خط السلام المفقود بخطة من أربع نقاط. تضع الولايات المتحدة حداً لاستراتيجية التدخل التي اعتمدتها طويلاً في العالم... يتطلع الجميع الى أثر القوى الناعمة. ولكن ماذا تنفع النعومة في هذه المنطقة الخشنة؟
المبادرة العربية للسلام
بقلم: أحمد نوفل عن السبيل الأردنية
1- مدخل: ما أسوأ المبادرة والتوقيت!
أسوأ ما في المبادرة، أن يعرض صاحب الحق، دون ضغط، تنازلاً عن حقه، مشفوعاً بالرجاء، والاستعطاف والتلطف بالقبول!
وكأن صاحب الحق لص سارق مبطل معتد، والمحتل الغاصب، هو الذي يرجوه صاحب المبادرة، بالتنازل والالتفات إليه والتطلع نحوه. منظرنا في مبادرتنا مخز مزر مذل مهين! وما لزّنا إلى ذلك؟! أما جربنا المبادرات والمفاوضات؟ أما لدغنا من جحرها عشرات المرات أو مئات؟
والقبح والسوء الآخر آت من تزامن المبادرة مع ذكرى اغتصاب وطننا الأقدس فلسطين! وكأن المبادرة عفو عام عن المجرمين وجرائمهم بحق فلسطين! والسوء يبدر من المبادرة ويبدو من خلال انتهازها ظرف إحباط الناس، فالثورات التي قامت ورفعت معنويات الناس، ضخ عملاء العرب لخونة العرب مئات الملايين ليحرفوا الثورات ويعطلوا مسيرتها وتنتكس المعنويات فتقبل طروح الذل والمبادرات، تماماً كطرح مؤتمر مدريد والنفوس مكسورة بكسر العراق!!
2- المبادرة في القواميس.
«بدر» في تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي، قال: بدر: بادره مبادرة وبداراً (بالكسر): عجل إلى فعل ما يرغب فيه. قول الزبيدي بالكسر في محله تماماً فلا تطرح المبادرات إلا بعد كسر كما قلنا قبل قليل، فالمبادرة لا تدل إلا على انكسار نفسي، وانحسار معنوي، وانحطاط فكري وثقافي واستراتيجي، فهذا عدو لا يصلح معه المبادرات ولا تصح، وإنما يصح أن يبادر بالقوة، وبالتي هي تُفهم.. وهو لا يَفهم إلا لغة القوة لا لغة المبادرات والارتماءات. وقوله: «عجل إلى فعل ما يرغب فيه» يحتاج إلى وقفة أيضاً.
فهل عجل العرب إلى ما ترغب الشعوب فيه؟ أو إلى ما ترغب القضية والمصلحة فيه؟ أو إلى ما ترغب الأنظمة فيه؟ أم إلى ما ترغب أمريكا فيه، ونحن ما زلنا مستعمرات لها لكن تدار بالريموت كنترول؟ أم إلى ما ترغب إسرائيل نفسها فيه؟
لم يوضح الفيروزآبادي صاحب القاموس ولا شارحه الزبيدي صاحب تاج العروس، ولا ندري سر التفريط في القدس التي هي زهرة المدائن، وعروس عروبتنا مثلما قال الشاعر السكران مظفر النواب!
ولا أدري ما موقف النواب المظفر من المبادرة في طول العالم العربي وعرضه؟ أسئلة معلقة بلا جواب في دائرة مغلقة من الحيرة والضباب والعذاب!
ونواصل مع التاج إذ يقول: «وهو يتعدى بنفسه وبإلي، وقد عدُّوه مما جاء فيه فاعل في أصل الفعل، كسافر. وأبقاه بعضهم على أصل المفاعلة، وذلك فيما يتعدى فيه بنفسه، وأما في تعديته بإلى فلا دلالة له على المفاعلة كما لا يخفى».
في السطرين السابقين من كلام الزبيدي وردت مشتقات «التعدي» فقط 4مرات. وعجيب كلام علمائنا وبعد نظرهم. فنحن نعلن عليهم الحب كما قالت الكاتبة الفلتانة «غادة السمان» وهم يعلنون علينا الحرب. نحن نطرح مبادرات السلام، واللئام يطرحون مبادرات الإجرام.
نحن ألقينا على طاولة «الروليت» للمفاوضات القمارية أو الحمارية كما هي «المسألة الحمارية» في علم المواريث، وهم أعلنوا عن مزيد من بناء المستوطنات، ودعوا إلى اقتحام جماعي للأقصى! وهل مبادرتنا للجم الاستيطان كما كانت توهمنا المنظمة، بأن السلام خطة وطريقة للجم الاستيطان لأنا بالسلام ثبتنا حقنا في الأرض الفلسطينية «وانتزعنا» أرضنا من براثن الصهاينة(أصدقائنا لاحقاً بعد السلام علانية، وسابقاً قبل السلام حباً سرياً!) فهل السلام ثبّت حقنا يا قومنا؟ وإلى ماذا انتهينا أخيراً؟ انتهينا إلى تثبيت المستوطنات التي تورمت وسمنت وانتفخت وتمددت واتسعت وتشرعنت وتمادت وتكاثرت كالجراد وابتلعت أرضنا وجبالنا واعترفنا نحن بها من خلال المبادلة بالمبادرة.
قول الزبيدي: «على أصل المفاعلة» أي أن المبادرة فيها طرفان: طرف مبادر (بالكسر) هم العرب، وطرف مبادر (بفتح الشهية والطمع في الأرض العربية هم اليهود الصهاينة المتعززون علينا والمتقززون من مبادرتنا!). هذا الأصل في صيغة المفاعلة. وتأمل عبقرية اللغة المغمسة بالسياسة، لغتنا العربية المكوية بالنار السياسية، تقول: إن «بادر» و «مبادرة» قد تأتي في حالتين بلا معنى المشاركة. يعني أنها حب من طرف واحد كحب المجانين العرب لليلاهم وبلواهم: مجنون ليلى، ومجنون لبنى، ومجنون عزة، وابن قيس الرقيات مجنون رقية والمجانين كثير، وما أكثر المجانين، ومجنون رابين، ومجنون نتنياهو، ومجنون إسرائيل ومجنون أمريكا.. هذا «هواية» بالعراقي المالكي.
أما الحالة الأولى، وعبارة التاج فيها: «وعدُّوه مما جاء فيه فاعل في أصل الفعل كسافر» أي لازم أصلي كسافر. (صحيح أن سافر لازم لكن فيه معنى المشاركة!) قال: «وأما في تعديته بإلى فلا دلالة على المفاعلة» يعني إذا قلنا: بادر العرب إلى السلام، فهو لا يأتي متعدياً ولا فيه معنى المشاركة والمفاعلة.. بل فيه معنى الممانعة من قبل إسرائيل. لقد استذلنا من ضربت عليهم الذلة، وما أذلنا إلا.. إلا.. إلا.. المبادرون!
ونواصل درس اللغة في تاج العروس الذي شرح القاموس: «وفي التنزيل: «ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا» النساء6. أي مبادرة ومسابقة لكبرهم».
ونقف وقفة أخرى عند هذا السطر من كلام التاج: لاحظ أن المبادرة لأكل مال أو أموال اليتامى جاءت في سورة المستضعفين: سورة النساء، في الآية 6 والكلمات موضع الشاهد 6 كلمات. والآية خطاب عام لكن المقصود المباشر منه أولياء الأمور! أقصد أولياء اليتيم. فاليتيم لضعفه وقلة خبرته وصغر سنه وقلة ناصره، فاليتيم كالشعب تماماً، يؤكل ماله، مسابقة ومسارعة ومبادرة لكبره. أي قبل أن يكبر ويعي وينتبه ويستيقظ ويصحو وينهض. حتى إذا نهض كشعب مصر وصحا ووعى وجد المشكلات تقصم الظهر وقد غرق البلد في مستنقع الدين إلى عشرين سنة قادمة! وبيعت كل ثرواته الاستراتيجية كالغاز في مصر، ونهبت ثروته، وتضخمت مديونيته.
ونحن في نظر إسرائيل اليتامى الذين تريد أن تأكل أموالهم قبل أن ينهضوا ويستقلوا ويعقدوا رأيهم وعزمهم على استخلاص حقهم، وأعتقد أن المبادرة فيها ذات المعنى، معنى حبل النجاة وطوق النجاة لإنقاذ إسرائيل قبل أن يستكمل الربيع العربي إنجازه تحرير بلاد العرب وكسب استقلالها الحقيقي، فقاموا يزرعون في وجهه الشوك والإشكالات، وهل يخطر ببالك، أن يحرق المجرمون قمح مصر بأيدي بعض الخونة من فلول النظام حتى لا يقال، إن مصر قاربت الاكتفاء من قمحها!؟ وحتى لا يظهر كم كان مبارك يخرب الزراعة والصناعة والاقتصاد قبل أن يصحو الشعب وهو الذي قال عن ابنه جمال: «هل أورثه خرابة» بالعربي: هل أورّث جمال مصر وهي خرائب؟
إذاً يا مجرم أنت كنت تخرب مصر تخريباً منظماً ممنهجاً.. يخرب بيتك كما خربت مصر! «ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا».
مبادرة العرب الكرام أكل أو تأكيل لليهود لحقوقنا قبل أن تكبر الثورات وقبل أن يكبر الوعي وقبل أن يرشد الشعب وقبل أن تنضج الثورات وتكتمل حلقات الانعتاق. نحن الشعوب الأيتام، وفلسطين ميراث الأجداد العظام والآباء الكرام. والمبادِرون والمبادَرون، يريدون أن يأكلوا التراث «أكلاً لمّا» ولما يستيقظ الشعب. ولكن «العيال كبرت» و»الشاهد اللي مشفش حاجة» وعى كل شيء، والمخفي ظهر وبان.. وشفنا الخيانة بالألوان! والمبادرة بنت لا يعرف من أبوها ولا خالها ولا عمها ولا ذووها.. فهي ولدت ميتة.. وعلى الشعب أن يرفضها هو قبل أن يرفضها عدو الشعب والوطن والقضية من بني الشيطان كما يقولون هم عن الناس، أعني بني صهيون.. فيكون رفضهم سبة في وجوهنا وعار الأبد... وحديث المبادرة، لا المبادرة نفسها، ماض..
رأي القدس: قلق اسرائيل من الصواريخ السورية ومبرراته
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل يعيش حالة من الارتباك غير مسبوقة، فهو يدرك جيدا ان انتقال الاسلحة والصواريخ المتطورة من سورية الى حزب الله في لبنان لم يتوقف، ولكنه لا يستطيع في الوقت نفسه ان يتعاطى معها بالطريقة التي كان يتعاطى فيها في السابق، اي ارسال طائراته لتدميرها لانه يدرك جيدا ان احتمالات الرد السوري هذه المرة ربما تكون اكبر من اي مرة سابقة.
بالامس نشرت صحيفة ‘الصنداي تايمز′ البريطانية خبرا من مراسلها في تل ابيب عوزي محنيمي قال فيه ان الجيش السوري نشر صواريخ ارض ـ ارض متطورة تطال اهدافا في تل ابيب نفسها وجاهزة للاطلاق في حال شنت الطائرات الاسرائيلية هجوما جديدا على مواقع سورية.
مراسل الصحيفة وثيق الصلة بالاجهزة الامنية الاسرائيلية، ولذلك لم يكن مفاجئا ان يكشف ان اقمارا صناعية رصدت نصب هذه الصواريخ، وان ينقل عن الخبير العسكري الاسرائيلي عوزي روبين بان صواريخ ‘تشرين’ هذه دقيقة للغاية ويمكن ان تسبب ضررا خطيرا وقادرة على وقف جميع الرحلات الجوية التجارية الى خارج اسرائيل حتى في حال عدم وصولها الى مطار بن غوريون في تل ابيب.
نتنياهو هدد بانه يعتبر نقل صواريخ ومعدات عسكرية متقدمة الى حزب الله في لبنان بمثابة اعلان حرب، ولن يسمح بذلك، كما حذر من ان اي رد سوري على غارات اسرائيل سيؤدي الى اسقاط النظام في دمشق، اي شن الطيران الاسرائيلي غارات مكثفة، وربما الى تدخل بري لاحتلال العاصمة السورية.
تهديدات نتنياهو هذه ربما تأتي في اطار الحرب النفسية، لانه يدرك جيدا، ومن خلال رسالة تلقاها من الزعيم الروسي فلاديمير بوتين من ان اي هجوم اسرائيلي سيواجه هذه المرة بالرد الفوري.
التحذير الروسي جرى تدعيمه برفض طلب نتنياهو الوقح بعدم تسليم سورية صواريخ اس 300 المضادة للطائرات، وهو الذي، اي نتنياهو، اوقف تسليم مثل هذه الصواريخ المتطورة جدا الى ايران في رحلة سابقة الى موسكو.
ويظل من الجائز القول بان نتنياهو يشعر حاليا بالاهانة مرتين، الاولى عندما فشلت مساعيه في منع وصول هذه الصواريخ الى سورية وفي مثل هذا التوقيت، وخوفه من ضرب اي قوافل صواريخ متجهة من دمشق الى حزب الله لما يمكن ان يترتب عليه من ردود بقصف تل ابيب، الامر الذي قد يشعل حربا اقليمية او دولية يكون هو المتسبب فيها.
ومع ذلك من غير المستبعد ان لا يتردد شخص مثله في اشعال هذه الحرب، وتوريط امريكا والغرب في حرب يحاولان تجنبها بكل الطرق والوسائل لمعرفتهما المسبقة بنتائجها المدمرة، وعدم القدرة على التحكم بنتائجها، او المدى الزمني لها.
نتنياهو لم يجاف الحقيقة عندما قال يوم امس ‘ان الشرق الاوسط يمر في احدى اكثر الفترات حساسية منذ عشرات السنين والوضع في سورية في مقدمة ذلك، ونحن نتابع عن كثب التغيرات هناك ونستعد لاي سيناريوهات’.
السؤال هو حتى متى تستمر هذه المتابعة لان الوقت حتما ليس في صالح اسرائيل، لانها قد تكون من اكثر الخاسرين اذا ما اشتعل فتيل الحرب.
نكبة فلسطين وثورة مصر
بقلم: عبد الحليم قنديل عن القدس العربي
كيف نفسر حقيقة أن ثورات شعبية قامت فى أقطار عربية مهمة، ومع ذلك لا نلحظ لها، إلى الآن، آثارا إيجابية على قضية فلــســـطين، التي جرى ويجري وصفها بأنها ‘قضية العرب المركزية الكبرى’، تلك العبارة التي درجنا على تكرارها منذ عام النكبة؟
قدر من التفسير ـ فيما نظن ـ يعود إلى ظاهرة الثورة العربية الجديدة نفسها، فقد قامت في صورة هبات شعبية مليونية، وبلا قيادة مطابقة لتلقائيتها وعنفوانها، ودخلت في مراحل مخاض وتعثر عسيرة، لكنها تظل حية، وتقاوم التردي، ولا تفتر همتها، وإن لم تصل بعد إلى شاطئ ختام تستقر عنده الصورة، وتتوازن الرؤى، وتقيم أنظمة صالحة للاستقرار، وتعيد بناء التكامل الضروري في قضية الثورة، وتضيف إلى الاهتمام الحق بالشؤون الداخلية لأقطار الثورات، وتدرك أن قضايا التنمية والديمقراطية والدين والدولة لا تنفصل بحال عن أولوية الاستقلال الوطني والهم القومي الجامع. وتتفاوت الأحوال بالطبع في أقطار الثورة، ويبدو التعويل ظاهرا على قضية الثورة في مصر بالذات، ليس ـ فقط ـ باعتبارات التاريخ والجغرافيا اللصيقة بالمعنى الفلسطيني، وليس ـ فقط ـ باعتبارات الحجم والمكانة التي تتمتع بها مصر، ولكن لسبب جوهري آخر يتعلق بمصير الثورات نفسها.
فما يحدث في مصر بالذات، يعود ويؤثر بصورة حاسمة في المشهد العربي كله، وإلام تصير إليه الحوادث في مصر، يعود فيطبع بطابعه نهاية الثورات المتصلة فصولها، وهو ما تدركه إسرائيل وأمريكا بصفة غريزية واستراتيجية، وتتصرفان على أساسه، وتبنيان تقديرهما للتطورات في المدى الأقصر وفي المدى الأبعد، وإسرائيل ـ بالذات ـ تدرك أن عودة مصر لخط المواجهة هو الاحتمال الراجح في المدى الأبعد، وأن المطلوب ـ في المدى الأقصر ـ هو احتواء الثورة وتدجينها، وتستعين في تحقيق المطلوب بدور واشنطن، وهو ما يفسر الحفاوة الأمريكية بنسخة حكم الإخوان الافتراضي في مصر بعد الثورة، ودفعه إلى استنساخ صورة مطابقة لحكم مبارك، وبذل ضغوط متصلة لرعاية ما قد يصح وصفه بامتيازات إسرائيل في مصر، فلا شيء تغير في تصرفات السلطة، ولا في اختياراتها الموروثة عن سلطة جماعة مبارك، فقد استمر الاقتصاد على مبدأ رعاية مصالح ‘رأسمالية المحاسيب’ أو رأسمالية المقاطيع.
وفي السياسة ظلت الهيمنة الأمريكية حاضرة على حالها، وظلت الأولوية قائمة لدور السلطة في حفظ أمن إسرائيل، وهو ما يفسر حقيقة أن اتفاق الكويز ـ الموروث عن مبارك ـ جرى توسيعه إلى سبع محافظات مصرية بدلا من خمس محافظات في أيام الرئيس المخلوع، والاتفاق المشار إليه ‘ثلاثي’ بين مصر وأمريكا وإسرائيل في مجال صناعة النسيج، ثم أن التعاون الأمني بين مصر الرسمية وإسرائيل زاد بصورة طفرية عما كان عليه أيام المخلوع، وهو ما كان موضع ثناء متبجح من الجنرال جانتس رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي أشار ـ في تصريحات علنية ـ إلى أن التعاون الأمني أصبح أكثر وأفضل في عهد مرسي مقارنة بأيام مبارك، وحين وجهت ‘قناة الجزيرة’ القطرية ـ الداعمة للإخوان ـ سؤالا لمرسي عن تصريحات جانتس المخجلة، كان رد الرئيس ‘الإخواني’ أعجب من العجب، فقد ارجع زيادة تعاونه الأمني مع إسرائيل إلى ما سماه ‘الندية’ في التعامل، وكأن ‘الندية’ صارت في عرفه هي المرادف اللغوي للتبعية، وربما الخيانة السياسية، أضف إلى ذلك ما يعلمه الكل عن قصة السفير الإسرائيلي في مصر بعد الثورة، فقد كانت طلائع الثورة الشعبية المصرية قد أحرقت واقتحمت دار السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وهرب السفير الإسرائيلي تحت جنح الظلام، لكن المجلس العسكري ـ الحاكم وقتها ـ قبل مبدأ تعيين سفير إسرائيلي جديد هو يعقوب بن أميتاي، وإن تنصل المجلس العسكري من مهمة تعيين مكان رسمي جديد للسفارة الإسرائيلية خوفا من الغضب الشعبي، وهي السياسة ذاتها التي استمر مرسي عليها خوفا من الغضب الشعبي الثائر على سلطة الإخوان، وظل السفير الإسرائيلي يمارس عمله من مخبأ محصن أمنيا في حي المعادي القاهري، وحين حدث العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، كرر مرسي ما فعله مبارك عام 2002، وقرر سحب السفير المصري من تل أبيب، لكنه لم يقرر طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، وهكذا ظلت العلاقات الدبلوماسية والأمنية جارية، وكان امتنان الحكومة الإسرائيلية لمرسي ظاهرا في اتفاق وقف إطلاق النار، فقد التزم مرسي بتعهد جديد من نوعه، وهو التحكم بتصرفات حركة حماس العسكرية والصاروخية، كما التزم بقبول وضع إسرائيل لحساسات إلكترونية متقدمة على خط الحدود مع مصر، وهو ما أعلنه بنفسه نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، فيما صمتت القاهرة الرسمية عنه صمت القبور، وربما لا يتسع المقام أكثر لذكر تفاصيل تؤكد المعنى الذى ذهبنا إليه، وهو أن احتواء الثورة المصرية بقيود معاهدة السلام والمعونة الأمريكية الضامنة، وحجز طاقاتها عن الانطلاق لاستعادة ‘العروة الوثقى’ بين التكوين المصري والهم الفلسطيني، كل ذلك مما يتداخل مع أزمة الثورة في الداخل المصري، ووجود سلطة مضادة للثورة ممثلة في حكم الإخوان اليميني الرجعي، وهذه هي العقبة الأساسية في طريق الثورة المغدورة، وحين تزول العقبة وتنكشف الغمة، فسوف يعود وجه مصر إلى تألقه الفلسطيني، ففلسطين قضية وطنية مصرية بامتياز، وآية انتصار الثورة ـ عندنا ـ هي استعادة الاستقلال الوطني لمصر، بالاستغناء عن المعونة الأمريكية وتصفية جهازها المتضخم، وبسط سيطرة الجيش المصري على سيناء حتى خط الحدود، وقطع العلاقات تماما مع كيان الاغتصاب الإسرائيلي.
أزمة الثورات العربية الجديدة إذن، وأزمة الثورة المصرية ـ بالذات ـ هي جزء جوهري من المشكلة، لكن رؤية هذا الجانب لا يغني عن رؤية الجانب الأهم، وهو أزمة الحركة الوطنية الفلسطينية، وأزمة الانقسام الفلسطيني المتصل منذ سنوات، الذي لا ينتهي بمصالحات لا تكتمل، وتبدو بعيدة عن جوهر المطلوب، فاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية أولوية كبرى، ولكن على أساس المقاومة لا المساومة، وعلى أساس إحياء الثورة الفلسطينية الشعبية والمسلحة، وعلى أساس تطليق أوهام السلام البائس، ففلسطين لن تعود بإقامة مجالس تشريعية منتخبة على أراضي محتلة، ولن تعود بإقامة رئاسة وسلطة فلسطينية هي مجرد قبضة هواء، ولن تعود بمهرجانات واحتفالات في ذكرى النكبة، والمعركة ـ في جوهرها ـ دائرة على الأرض الفلسطينية، والمطلوب: رد اعتبار قضية فلسطين عند الفلسطينيين أولا، وإشعال ثورة فلسطينية على طريقة الثورات العربية المعاصرة، وبعنوان وحيد نصه ‘الشعب يريد إنهاء الاحتلال’.
غزة.. مشكلة مصرية
بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني عن الشرق الأوسط
أحد المواطنين المصريين الموالين للرئيس محمد مرسي علق في لقاء تلفزيوني: «ما هذا النحس! الرئيس مرسي منذ فوزه بالانتخابات والمصائب تهطل عليه، حتى البراشوت اللي طول عمره طاير بسلام.. وقع!»
رجل الشارع المتعاطف مع الرئيس مرسي يعتقد أن ما يحصل في مصر من تدهور في الأوضاع لا يعدو كونه سوء طالع؛ الضيق الاقتصادي، والضعف الأمني، وتسييس القضاء، وتراجع الدور السياسي، والغضب الشعبي. ولكن في الواقع لا يمكن أن يطال النحس كل هذه القضايا دفعة واحدة خلال أقل من عام، إنما سوء الإدارة قد يفعل أكثر من ذلك، كما حصل مؤخرا باختطاف 7 جنود مصريين في سيناء من قبل مسلحين بسبب أخطاء أمنية استراتيجية عززت فرضية أن سيناء لم تعد سيناء السياحة بقدر ما هي حضانة ووكر للمتطرفين.
سيناء شبه جزيرة، تشترك في حدودها البرية بـ13 كيلومترا مع قطاع غزة، وعلى كامل هذه المسافة ينتشر أكثر من ألف نفق يتم استخدامها لتهريب مواد البناء والأغذية والوقود وحتى السيارات للتخفيف من حصار إسرائيل على القطاع، ولكنها أيضا تستخدم كما ثبت من وقائع مسجلة أمنيا كممرات لتهريب السلاح والمسلحين. هذه الأنفاق التي يستحيل مراقبتها، كانت في ظل الحاكم السابق حسني مبارك وستظل خلال حكم الإسلاميين بمثابة نقطة ضعف سيناء وجدارها المنخفض، بسبب أن الحكومة المقالة في غزة وضعتها معيارا لخدمة القضية الفلسطينية، حتى أن حماس كانت تتهم حسني مبارك بمشاركة الإسرائيليين حصار غزة، حينما كان يحاول إغلاق الأنفاق أو التحكم في المعابر لدواع أمنية، لأن رسوم الحفر التي يدفعها صاحب النفق لحكومة غزة تشكل دخلا أساسيا في الموازنة، وتدر عليها شهريا مئات الألوف من الدولارات، لذلك ظلت الأنفاق وانتشرت في عهد الرئيس السابق.
أما الرئيس الحالي محمد مرسي فقد كان أكثر شجاعة من سلفه، وقام بإغراق عشرات من الأنفاق بين القطاع وسيناء بمياه الصرف الصحي في فبراير (شباط) الماضي بعد ضبط 500 كيلوغرام من المتفجرات مهربة إلى سيناء، والذي أعقبه هجوم على رجال أمن مكلفين بحراسة خط أنابيب غاز في شمال الصحراء. لم تتهمه حماس بحصار غزة بل ناشدته الكف عن سد الأنفاق، وهو ما تم فعلا؛ أبطأت عملية تعطيل الأنفاق وما أتلف منها أعيد حفره والعمل فيه.
ما يحصل في سيناء ليس نحسا، بل نتيجة تلقائية لتراخي الدولة في مراقبة حدودها، وكذلك السماح لدخول 3000 جهادي للأراضي المصرية أفرج عنهم الرئيس مرسي رغم الأحكام القضائية الصادرة بحق بعضهم، ومنهم من أدين بجريمة قتل، وبعضهم الآخر سمح له بالعودة من أفغانستان والصومال وبريطانيا وإيران. هؤلاء تصرفوا بوحشية ضد الناس، بل خرج منهم من يحمل السلاح اليوم ضد الدولة التي يديرها مرسي ويزرع خلايا نائمة في سيناء، وبعضهم الآخر يشرع الأفعال الإجرامية التي تمارسها جماعته، كأحد القياديين الجهاديين الذي أباح مؤخرا خطف الجنود السبعة ردا على معاملة الأمن لمتهمين سجناء أدينوا بارتكاب أفعال تمس أمن الدولة.
على الرئيس مصري وحكومته القائمة أن يعيدوا النظر في تعاطيهم مع الملف الأمني خاصة في سيناء، متناسين انتماءهم السياسي أو الحزبي، فاليوم يتهدد مصر تنظيمات جهادية مسلحة تتنقل عبر الأنفاق بين غزة وسيناء، إضافة إلى فلول القاعدة التي تعبر الحدود مع ليبيا، ويجدون من الداخل المصري من يبرر أفعالهم ويحتضنهم من السابقين الأولين.
من واجب الحكومة المصرية سد الثغرات الأمنية المحاذية لقطاع غزة المتمثلة في الأنفاق بشكل نهائي، وأن توكل هذه المهمة مع إدارة معبر رفح إلى الجيش المصري. ليس مهما إن رضيت حماس والجماعات الإسلامية وتجار الأنفاق في غزة أو لم يرضوا، لأن الأمن القومي المصري ليس مجالا للمجاملات السياسية ولا موضوعا للتعبير عن الصداقات، فإن كان ما حصل من خطف للجنود تم بعلم من قادة حماس في الداخل أو الخارج فهذه خيانة للقضية الفلسطينية قبل أن تكون خيانة لأصدقائهم في المقطم، أما إن كانت هذه الأنفاق تستخدم من متطرفين خارجين عن إرادة غزة ومصر فهذا يؤكد أهمية ردم الأنفاق لمصلحة الطرفين.
المصريون في تعاطيهم مع أمن حدودهم مع غزة ليسوا مطالبين بتقديم ما يثبت حسن نياتهم خاصة مع التحديات الأمنية التي تواجه الرئيس مرسي، ويكفي الدولة المصرية أنها خاضت 4 حروب من أجل القضية الفلسطينية لتثبت ولاءها للقضية، ولكن عليها اليوم أن تثبت أن أمن مصر هو قضيتها الأولى.
"جعبة" أردوغان و"زناد" الإسرائيلي!!
بقلم : عـــلي قــاســـــــم عن الثورة السورية
لم يكن من الصعب فهم دوافع وأسباب عودة الأميركي إلى النفخ في القربة المثقوبة التي سبق له النفخ فيها مراراً وتكراراً، طالما كان يقف إلى جواره أردوغان، ومعالم الخيبة مما ذهبت وتذهب إليه الأمور قد تلبسته، وطالما سبقته تطورات وتصريحات ومواقف يصعب جمعها تحت سقف واحد أو على أرضية واحدة.
ولم يكن من العسير تفسير الزوابع السياسية وعواصف الحشد الدبلوماسي، من أجل العودة إلى المربع الأول في محاولة لتحسين شروط الجلوس على الطاولة التي يبدو أنها لازمة في نهاية المطاف وباتت أمراً لا مفر منه، رغم تهيب الأميركي وتوجس حلفائه ورعب أدواته، ورغم عتب الإرهابيين وتأنيب الإسرائيليين.
المسألة قد لا تكون بهذه البساطة، ولا هي بهذا التسطيح، غير أنها في معيار المحاكمة المنطقية لحصيلة ما خرج به أردوغان من واشنطن، تصلح للمعايرة والبناء عليها، حيث بدا واضحاً أن الجعبة الأردوغانية بدت مثقوبة لا قعر فيها ولا محددات جانبية تستطيع أن تخفي خواءها، يقابلها على الضفة الأخرى حديث أميركي يثير الهواجس أكثر مما يبعث على الطمأنينة.
فالحديث عن الخيارات المفتوحة لا يعكس بالضرورة أن لدى الأميركي ما يمكن أن يفعله أكثر مما قام به حتى الآن، وفي الوقت ذاته لا يعني أنه بدأ مرحلة الانكفاء فحسب، بانتظار ما ستسفر عنه المشادات السياسية القائمة في السر والعلن مع الروس حول ماهية المؤتمر الدولي المقترح، بقدر ما تترجم انزياحاً فرضته الضرورة، واقتضته التطورات التي تسابق فيها السياسة أرض الميدان.
ما يشد الانتباه وسط هذه المتاهة من التفصيلات الأميركية المتضاربة والمتناقضة، هو الغوص الإسرائيلي بعيداً في تفخيخ المناخ الدولي بموافقة أميركية صريحة واضحة، وبضوء أخضر لمواصلة عربدتها والبقاء على زناد التفجير إذا ما وصلت الأمور إلى النقطة التي قد يضطر فيها الحلفاء مع الأميركيين دفع فاتورة عجزهم وفشلهم، في تحقيق المقاربة السياسية والعسكرية.
وهذا ما يمكن فهمه مقارنة بالتسريبات الصحفية والسياسية عن زيارة مدير الاستخبارات الأميركية المركزية الأميركية لإسرائيل بالتوازي مع الضوء الأخضر الأميركي، والبحث في دور الحلقة التركية الباحثة عن تموضعها العلني في السلسلة الإسرائيلية الأميركية والغربية عموماً بعد المصالحة مع الإسرائيلي، مثلما هي عقدة الوصل بين الإرهابيين في الرعاية والحماية والإدارة وبين المشروع الغربي القائم بتجلياته المختلفة وامتداداته المتباينة في غير موقع ومكان.
حين يدخل الأميركي مرحلة الانتظار، يلوذ حلفاؤه بالصمت المطبق، وحين يتلعثم في قراءة التفاصيل أو يرتبك في فهم العناوين، تبدأ أدواته في المنطقة بالعرج يميناً والالتواء شمالاً، أما عندما يتحدث في الحلول السياسية، فنراها - أدوات ومرتزقة - تخرج من جحورها، وتطل برؤوسها للاصطياد والعرقلة والتعطيل.
الحال هذه تتساوى فيه جميعها، ولا تختلف حسابات الأدوات التقليدية عن تلك المستجدة، ولا فارق بين مرتزق أدى وظائفه وآخر ينتظر ما يأتيه من أوامر عملياتية تقتضيها الضرورة أو الظرف، لا تستثني الحليف التقليدي الاستراتيجي عن الآني والمرحلي.
انتظار الأميركي لا يندرج في إطار الحيرة فقط، بل تحركه أيضا تمنيات وأمنيات تعكس المراهنة على مزيد من الوقت، فيما تماطل على الجبهة السياسية لاستنفاد الوقت المتبقي، أما صمت الحلفاء وعرج الأدوات فله حساب آخر وتوليفة أخرى يقارعون من أجل تسويقها لإعادة الإمساك بخيوط اللعبة المتشابكة وبعضها قد ترهل بما يكفي فيما يواجه بعضها الآخر اهتراء ظاهراً للعيان.
ربما لم تصل الأمور إلى لحظة الافتراق الكلي بين إفلاس الأميركي من الوصول للنهاية التي كان ينتظرها هو وحلفاؤه، وبين اللحظة التي تنتظره عاجلاً أو آجلاً باعتراف ما لم يكن بالحسبان يوماً، بعد أن تغيرت مفردات المعادلة وأصولها، وربما أطرافها.
هل تجرؤ دمشق على ضرب تل أبيب؟
بقلم: مازن حماد عن الوطن القطرية
يبدو أن النظام في دمشق أخذ يتصرف من خلال تصورات مختلفة تفرضها الحرب التي قطعت شوطاً من عامها الثالث. وإذا صحت معلومات نشرتها صحيفة «صنداي تايمز» حول نشر قوات الأسد صواريخ «تشرين» المتطورة ووضعها في جهوزية لضرب تل أبيب في حال إقدام إسرائيل على مهاجمة سوريا من جديد، فإن تحريك الصواريخ يمثل تطوراً خطيراً جداً ينذر بتوسع الحرب ودخولها دهاليز غاية في التعقيد.
وتتحدث المعلومات عن التقاط الأقمار الصناعية صوراً للصواريخ السورية وهي تأخذ مواقعها الجديدة بعد أيام فقط من إبلاغ مسؤول إسرائيلي وسائل الإعلام أن الدولة العبرية التي شنت مؤخراً ثلاث غارات على سوريا ستقوم بضربات أخرى من شأنها اسقاط النظام إذا أرسل صواريخ إلى حزب الله في لبنان.
وفيما يوصف صاروخ «تشرين» أرض ــ أرض بأنه الأفضل الذي تملكه دمشق ويستطيع حمل رأس متفجر زنته نصف طن، يقول الخبير العسكري الإسرائيلي المعروف «عوزي روبين» إن هذا النوع من الصواريخ دقيق للغاية وقادر على التسبب في إحداث أذى كبير.
ويوم أمس، اتهم بشار الأسد إسرائيل بدعم المعارضة السورية لوجستياً وبمعالجة جرحاها وتوجيهها إلى ضرب أهداف معينة من بينها محطات رادار تابعة للدفاع الجوي السوري وقادرة على تتبع الطائرات القادمة من إسرائيل باتجاه سوريا.
ومن جهتها تقول صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إن روسيا تواصل تسليح نظام الأسد بالصواريخ والذخائر وإنها أرسلت أكثر من اثنتي عشرة قطعة بحرية للمرابطة قبالة قاعدتها في ميناء طرطوس السوري، وهي خطوة وصفها الأميركيون والأوروبيون بأنها عدائية، تستهدف تحذير الغرب وإسرائيل من التدخل في الحرب السورية.
ماذا يجرى فى سيناء؟
بقلم: أحمد الصاوي عن الشروق المصرية
لا يمكن أن تنظر لوقائع ما حدث ويحدث دون أن تدرك أن هناك الكثير من المسكوت عنه وندرة فيما يتم إعلانه.
هل فعلا تسربت سيناء تماما وخرجت من يد الدولة، الثابت أن هناك ارتباكا رسميا فى التعاطى مع ملف شبه الجزيرة أمنيا وسياسيا وتنمويا، أو هناك وجهات نظر متعددة، وربما ينفذ العنف من بين الثغرات التى يسببها الارتباك بين الرؤى المتباينة.
فى يوليو من العام الماضى راح 16 جنديا فى لحظة غادرة، جرح كبير فى كرامة الجيش المصرى، وألم حقيقى فى نفوس كل الجنود الذين يخدمون فى هذه المناطق. الأرجح أن هؤلاء جنود يعرفون أنهم ليسوا فى نزهة، لكن إذا كان الموت احتمالا، فلا يمكن أن يبقى من فعل هذا فى إطار الاحتمالات طوال الوقت.
الدولة تعهدت بالثأر رئاسة وجيشا، أطلقت العملية نسر، قال الرئيس مرسى إنه يقودها بنفسه، تعهد بإعلان هويات مرتكبى الحادث، تبنى الجيش بعد تغيير قياداته ذات العملية، أصدر البيانات تلو البيانات عن نجاحاتها، تحدثت الرئاسة عن المقبوض عليهم. كان لأهالى سيناء رأى آخر: «هؤلاء يحاربون الكثبان الرملية». مرت الشهور وراء بعضها، ولم نعرف من قتل ومن حرض ومن هؤلاء الذين يرتعون فى سيناء؟
فتح التأخر أو الفشل فى الوصول للمجرمين الباب نحو رواج المؤامرات والتخمينات. حماس نفذت لتعطى الرئيس ذريعة لعزل المشير، ونظرية أخرى روجها القيادى الإخوانى السكندرى على عبدالفتاح أن المشير هو الذى مرر العملية لإحراج مرسى والإطاحة به، وسيناريو إخوانى آخر أن فتح ودحلان هما السبب لتعكير الأجواء مع قطاع غزة. الأرجح أن كلها خيالات، وفى النهاية من يقتنعون بأى منها معذرون لأن المعلومة الحقيقية لا تعلن أو لأن الدولة مازالت لا تعرف.
لكن بيانات سبق أن صدرت من مصادر عسكرية تحدثت أن المتهمين معروفون، لكن الرئاسة تغل يد الجيش عن إعلان ما توصل إليه من حقائق، ومحاسبة من ثبت أمامه تورطهم فى قتل الجنود، مصادر أخرى مقربة من الرئاسة ومكتب الإرشاد، تعتقد أن الجيش هو الذى يغل يد الرئاسة عن مواصلة التفاوض مع الجهاديين ويرفع حق الفيتو فى وجه مشروعات الجماعة فى سيناء.
بالأمس أغلق جنود غاضبون معبر رفح احتجاجا على خطف زملائهم. يواجهون بلوم من جميع الأطراف. لماذا تلومون أناسا ترسخ لديهم إحساس أنهم باتوا مثل الخراف الضالة، سهل اصطيادهم، ومظلة حماية الدولة بعيدة عنهم، وحين يسقطون لن يستطيع ذووهم أن يعرفوا حتى اسم قاتلهم، لأن هناك من يكتم على الشعب حقه فى المعرفة، أو هناك من يضع اعتبارات سياسية أعلى من أرواح المواطنين والجنود.
تقول بيانات الجيش إنه تم تحديد هوية الخاطفين وأماكنهم، وتقول بيانات الرئاسة إن مساعد الرئيس يجرى مفاوضات مع الجهاديين. الرئيس يريد من الجيش أن يحافظ على سلامة الخاطفين والمخطوفين. قبضة السلطة التنفيذية تخف على مناطق فى البلاد، بورسعيد تلحق بسيناء. الجيش يحاول تعويض غياب الدولة. الجيش يجرى استهدافه واستهداف جنوده. وأنت كمواطن لا تعرف من مع من ولا من ضد من.
ماذا يجرى فى سيناء؟ من قتل الجنود فى رفح؟ من خطف الجنود فى العريش؟ ماذا فعلت الدولة رئاسة وحكومة وجيشا؟ لماذا تخفى عن الشعب الحقائق؟ من يضغط على من لتبقى الحقائق غير معلنة؟ احترموا عقولنا يرحمكم الله.
لهذا نكتب عن «الإخوان المسلمين»!
بقلم: عبدالله بن بجاد العتيبي عن الاتحاد الاماراتية
يتساءل البعض إما جهلاً وإما خبثاً لماذا يهتمّ بعض الكتاب والمثقفين بالكتابة عن الإخوان المسلمين وتاريخهم وخطابهم وطبيعة جماعتهم قديماً وحديثاً؟ ولئن كان سؤال الجاهل متفهماً في موضوعٍ يعتبره جديداً عليه، وربما لم يسمع به من قبل فإن سؤال المتخابث ليس كذلك، فهو سؤال يراد به إما قصر الكتابة عن «الإخوان» على أتباع الجماعة، أو إثارة الاتهامات واللغط حول الطروحات الجادة التي تقدم نقداً علمياً رصيناً لجماعة «الإخوان».
ابتداءً فجماعة «الإخوان» كغيرها من الجماعات والأحزاب والتيارات في المشهد العام والكتابة عنها كالكتابة عن غيرها، فلا أحد يستنكر الكتابة عن الأحزاب الشيوعية أو «البعثية»، أو عن التيارات اليسارية أو القومية أو اليسارية، وليس ثمة داعٍ للتفريق هنا.
وجماعة «الإخوان» ذات تاريخ طويل في التنظيمات السرية والتفجيرات والاغتيالات والعنف بشكل عام تنظيراً وممارسةً، وهو أمر يحتاج لجهد بحثي وتاريخي لا لإثباته فحسب، بل لإبرازه للكثيرين ممن لا يعرفون من تاريخ هذه الجماعة، إلا وهم أن عناصرها وأتباعها مجرد رجال دين همّهم الدعوة ونشر الخير.
ثمّ إن جماعة «الإخوان» تمثل نموذجاً صارخاً لخلط الدين بالسياسة واستغلال الدين لخدمة الأهداف السياسية، فهي ليست كالأحزاب الأخرى، التي تمارس السياسة بشكل صريح ومباشر لا مداراة فيه ولا لبس، ومن هنا فهي أجدر بالتناول والدرس والشرح من غيرها.
وجماعة «الإخوان» على مستوى الخطاب مرت بمراحل مختلفة حدّ التناقض وكان رموزها وقادتها يمارسون عن وعي طرح خطابات متناقضة. ولئن كان هذا مفهوماً لدى حركة سياسية، فإن الأمر ليس كذلك لدى حركة تدعي الالتزام بالدين الثابت والمطلق ثم توظفه في كل مرحلة كما تشاء لها مصالحها وغايتها.
وهي على مستوى الممارسة كانت تتلاعب بمواقفها وعلاقتها وتتناقض بين الخطاب والممارسة، بل بين كل واحد منهما في كل مرحلة، فمثلاً وهي الجماعة التي كانت تطرح دائماً محاربتها للصليبية الغربية والصهيونية العالمية، كانت على تواصل دائم مع الدول الغربية منذ مؤسسها حسن البنا وإلى اليوم، وهي علاقات كانت تقيمها سراً ومن تحت الطاولة ضداً لدولتها التي نشأت فيها. وقد أخذ البنّا مبلغاً مادياً من شركة قناة السويس الإنجليزية قدره خمسمائة جنيه، وكانت لجماعته اتصالات بالألمان وشاركت الجماعة في الترويج للدعاية الألمانية وتوزيع خطب هتلر (الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ، محمود عبدالحليم، 1/347) وكانت لهم اتصالات سابقة ولاحقة مع البريطانيين، كما ذكر بتدقيق علي العميم في مقدمته الماتعة لكتاب ج. هيوارث دن، (الاتجاهات الدينية والسياسية في مصر الحديثة، وكذلك مع الأميركيين منذ الخمسينيات وحتى اليوم (الحكومات الغربية والإسلام السياسي بعد 2011، كتاب المسبار، بحث ستيفن بروك).
هذه مجرد أمثلة مختصرة على هذه الاتصالات والصلات التي تعج بها المصادر، وهي كلها تتحدث عن بناء الإخوان المسلمين لعلاقات مع الدول الغربية من تحت الطاولة تعاند بها دولها وتتآمر ضد بلدانها.
وهي كانت تخادع القوى والأحزاب السياسية، فتتحالف معها وتعمل ضدها في الآن ذاته، وهي كانت تتغلغل في كثير من الدول تحت شعارات الدين والدعوة، ثم تخونها وتعمل ضدها وتنشيء الأحزاب الموالية لها وتجمع المعلومات عن قياداتها السياسية لاستغلالها ضدها في أي لحظة كما أنها تسعى تحت الأرض لتدبير الثورات والانقلابات.
ولقد خلقت على عينها وخرج من رحمها ومن خطابها وممارساتها كل جماعات العنف الديني، منذ تنظيمات العنف الديني في السبعينيات وصولاً إلى تنظيم «القاعدة» وفروعه المتعددة، وتحت جناحها اليوم تنمو وتكبر جماعات العنف الديني في كل بلد سيطرت عليه.
وأمرٌ آخر شديد الأهمية وهو أن جماعة «الإخوان» لم تعد جماعةً فحسب، ولكنّها تحوّلت لقيادة دول بعد الربيع الأصولي، في دول الاحتجاجات العربية، ما يكرّس أكثر أهمية الكتابة عنها، والبحث والدرس لخطابها وتاريخها وآيديولوجيتها وممارساتها قديماً وحديثاً.
كل ما سبق يشير بما لا يدع مجالاً للنقاش إلى أهمية تسليط الضوء على جماعة «الإخوان» وعرض تاريخها وخطابها وآيديولوجيتها على مشارط البحث والدرس، مع نقد مستمر ومقارنات دائمة، فضرورة تناولها تدفع إليها اليوم الأسباب السياسية والدينية والثقافية والأمنية على حد سواء.
إضافة لما تقدّم فإن حجم الجهل بجماعة «الإخوان»، هو أمر يزيد من ضرورة النظر فيها وعرض كل ما يتعلق بها وتنوير عامة الناس تجاهها، وأكثر من هذا حجم التضليل، الذي مارسته الجماعة والمتعاطفون معها من التيارات الأخرى تجاه حقيقتها وطبيعتها، فالتضليل هو مستوى أعمق من مجرد الجهل، وهو يحتاج إلى جهد أكبر لتعريته وإعادة الأمور إلى نصابها.
إن خيارات الجماعة السياسية بعد وصولها للسلطة توضح بجلاء ما تكنّه هذه الجماعة تجاه الأنظمة العربية المستقرة من عداء، فها هي تتحالف بقوة مع إيران، التي تعلن العداء السافر تجاه الدول العربية في أبشع مواقف إيران المتمثل بالقتل الممنهج للشعب السوري بكل السبل والوسائل، فهي لم تكتف بالصمت بل انحازت انحيازاً واضحاً لأعداء الشعب السوري من روسيا إلى إيران.
من يراقب ردود أفعال بعض من يتعاطون الشأن العام من ساسة ومثقفين وإعلاميين ونحوهم يجد لدى بعضهم استنكاراً واستغراباً لموقف الجماعة تجاه سوريا، وعدم فهم وضعف استيعاب لموقف الجماعة المعادي لكل القوى الأخرى داخل مصر على سبيل المثال، وهذه الشريحة تنتمي للنخبة لا للعامة، فإذا كانت هذه الشريحة النخبوية حائرةٌ تجاه تناقضات الجماعة فكيف بعامة الناس؟
إن جهل النخبة والعامة معاً بتاريخ الجماعة وسياساتها ومواقفها وآرائها، هو مما يمنح أهمية إضافية لوجوب التثقيف ونشر الوعي العام والتفصيلي تجاه جماعة الإخوان المسلمين على كل المستويات وفي كل المجالات.
إنها مهمةٌ ليست سهلةً وفيها الكثير من التعقيد والتعب ولكنّ ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه، ويمكن أن تتقاسم أعمالاً كهذه مراكز بحثيةٌ ووسائل إعلامية تكون قادرةً على استيعاب كامل الصورة وتنويع تناولها وعرضها بحسب الموضوع أو التاريخ أو الرموز أو المفاهيم أو نحوها من المداخل، بحثاً عن صورةٍ أصدق وتحليل أكمل.
مأساة حسني مبارك سجين الإخوان
بقلم: عبدالمحسن حمادة عن القبس الكويتية
رغم قرار اخلاء سبيل الرئيس حسني مبارك، فإن النائب العام الإخواني قرر الطعن، لأن الاخوان يريدون ابقاءه في السجن حتى يموت فيه.
قرر القضاء المصري إخلاء سبيل الرئيس السابق حسني مبارك في قضيتي قتل المتظاهرين والكسب غير المشروع، حيث لا يوجد أمام القضاء أدلة تثبت تلك التهم، وذلك بعد سجنه عامين على ذمة التحقيق، والتحقيق معه طوال تلك الفترة. ولكن النائب العام المطعون بشرعية تعيينه والذي أثار تعيينه أزمة حادة أدت إلى ظهور التظاهرات والوقفات الاحتجاجية ضد تعيينه وأعلن أعضاء النيابة العاملون معه رفضهم استمراره على رأس النيابة العامة، وصدر حكم قضائي ببطلان تعيينه، ولكنه تقدم بطلب أمام محكمة الاستئناف لوقف تنفيذ الحكم.
واستغرب كثير من رجال القانون هذا السلوك الذي يصدر من شخص يتولى أعلى المناصب القضائية، لأنه يهدف من وراء ذلك الى تعطيل الصيغة التنفيذية للحكم الذي سيصدر ضده. ورأوا أن مثل هذا السلوك لم يصدر في تاريخ القضاء في أي دولة. وأنه بفعله فقد حياده وصلاحيته كقاض، وأثبت انتماءه واستقواءه بفصيل سياسي حاكم. ويريد أن ينال من السلطة القضائية ويجرح فيها وفي رجالها وكأنه ليس منهم بل أصبح عدوا لدودا. («التحرير» 2013/4/28).
هذا النائب العام الذي يرى الكثيرون أنه نائب للإخوان قرر الطعن على قرار المحكمة للمرة الثانية إخلاء سبيل مبارك، لأن الإخوان يريدونه في السجن حتى يموت فيه انتقاما وتشفيا منه. ومن يفكر في الانتقام ويمتلئ قلبه بالحقد لن يتمكن من بناء دولة، لانه سيظل حبيس الماضي غارقا فيه، يعتقد أنه كان مظلوما فيريد أن ينتقم ممن ظلمه. لو كان الإخوان إسلاميين كما يدعون لاقتدوا برسول الله ولتخلقوا بخلق الإسلام، الذي حث على العفو والتسامح، وعدهما من الأخلاق العليا لا يقدم عليهما إلا أصحاب العزيمة القوية. «فمن عفا وأصلح فأجره على الله». «ولمن صبر وغفر فإن ذلك من عزم الأمور» (الشورى: 40، 43). لذلك كان رسول الله محبا للعفو والتسامح.
تأثر مانديلا بهذه السيرة فأجرى مصالحة مع البيض، ونصح المصريين بأن يقتدوا بسيرة نبيهم، ولا ينجرفوا وراء شهوة التشفي والانتقام. فمن يفكر في الانتقام سيهدم الدولة ويعجز عن بنائها.
ولكن الإخوان بنفوسهم المعقدة تربوا داخل تنظيم سري معاد للدولة وحاقد على مؤسساتها، يصفها بأنها دولة جاهلية يجب هدمها. لن يستطيع مثل هذا الفكر المريض المنحرف أن يرتفع إلى مستوى الفكر التنويري الذي نادى به الإسلام أو ينادي به أي فكر مدني تنويري، ليحكم الدولة بمبادئ التسامح والمحبة ويمحو الحقد والكراهية.
لا يستطيع مثل هذا الفكر أن ينظر إلى حسني مبارك على أساس أنه شخص مسن مريض، حكم مصر 30 عاما، من الطبيعي أن تكون له أخطاء ولكن من المؤكد أن سيرته الذاتية فيها جوانب مضيئة، بنيت في عهده الكثير من المدن والجامعات والجسور والطرق. له شرف الانتماء إلى الجيش المصري العظيم، شارك في حربي 56 و67.. ولاه عبد الناصر قيادة القوات الجوية بعد هزيمة 67 بعد أن دمرها العدو الإسرائيلي وأعاد بناءها بسرعة فائقة وشارك في حرب الاستنزاف وكان أحد قادة حرب 73 ورفع علم مصر في سيناء وحرر كامل ترابها، سمح بظهور الأحزاب والإعلام المعارض. لم يعرف العنف ولم يكن دمويا لما علم أن هناك إجماعا شعبيا على تنحيه أعلن قرار الرحيل. ولم يطالب بضمانات تحميه من الملاحقة الجنائية كشرط لتنازله عن الحكم. رفض الخروج من مصر وفضل الموت على ترابها.


رد مع اقتباس