الربيع العربي، الغرب والإسلام السياسي
صحيفة سولدريتي- هشام أحمد
ترجمة مركز الإعلام
يعد النظام السياسي العربي المعاصر، حتى اندلاع الثورات العربية الأخيرة، نتاجا ثانويا لعدة ترتيبات محليه وإقليمية وعالمية ولعدة تطورات في النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.
لم تعكس جامعة الدول العربية، التي تأسست عام 1945، المشاعر الشعبية، بل عكست رغبات القادة في الدول المستقلة حديثا والداعمة لبريطانيا، والتي كانت تعد القوة العظمى السابقة في المنطقة. تم تحريف وقمع المطالب واسعة النطاق من أجل الوحدة العربية.
ومع انخفاض دور القوى الأوروبية، وخاصة فرنسا وبريطانيا، فإن المزيد المزيد من "الدول" العربية حصلت على الاستقلال في الخمسينات والستينات. ولبعض السنين، اكتسح العنف معظم الدول المشكلة حديثا، على شكل انقلابات عسكرية. لم يكن نسيج نظام الدولة العربية واضحا حتى أوائل التسعينات وأواخر السبعينات.
الربيع العربي، لماذا الآن؟
سواء في الممالك أو الجمهوريات، ذات ميل شيوعي أو اشتراكي، اعتمد القادة العرب الجدد على عدد من الأدوات في محاولتهم لترسيخ قبضتهم على السلطة. وأصبحت هذه الأدوات مميزات للنظام السائد في الدول العربية، حتى ثار الشارع العربي وحشد قواه لتخليص نفسه من العقود الطويلة التي أمضاها في الانحطاط والسخافة.
أولا، تم استخدام الفساد والخداع والمحسوبية بشكل ممنهج لتثبيت الانقسامات وكسب التأييد، ليس من المواطن العادي، ولكن من مقبلي الأيادي والخدود. بدلا من فرض سيادة القانون، الذي كان مفقودا منذ البداية، حيث عمل رؤساء الدول الجدد على تكييف مجتمعاتهم على طريقة حكمهم بالاستسلام والإذعان. لذلك، كانت نتائج معظم الانتخابات والتصويت في العالم العربي تأتي عادة بنسبة 99% لصالح الحاكم! عملت البرلمانات ومجالس الشعب على توسيع نطاق الشرعية والتأييد لحاكم الدولة، بدلا من تشريع أو الحد من صلاحيات السلطة التنفيذية.
ثانيا، أصبح نظام الحكم الواحد هو إجراء الحكم العامل في الدول العربية المشكلة حديثا. كانت تخضع محاولات لتنظيم الأحزاب و/أو الحركات السياسية أكثر من الأنظمة الحاكمة للإقصاء والتدمير الممنهج. وكان أي شكل من أشكال المعارضة يعتبر تهديدا للأمن الوطني، الذي كان يتمثل فقط في الشخص الذي يحكم الدولة. كان القائد يعتبر مثاليا، ويفترض بأنه يتمتع بقوى خارقة للطبيعة.
من المثير للاهتمام، تم ردم الاختلافات والمسافات بين أشكال الحكومة من الممالك والجمهوريات بشكل كبير في العالم العربي من خلال مفهوم جديد، الملكي الجمهوري. فقد أكد الرئيس حافظ الأسد، قبل أيام من وفاته قبل عقد من الزمن، بأنه سيسلم الحكم إلى ولده.
وقد أدى احتضان الأسد للنظام الوراثي إلى إصابة حكام آخرين بالعدوى، مثل مبارك في مصر وصالح في اليمن والقذافي في ليبيا، كل أولئك القادة للجمهوريات المفترضة قاتلوا بقوة، قبل تنحيهم، لضمان بقاء مقاليد السلطة حكرا على عشائرهم.
ثالثا، على الرغم من أن غالبية الدول العربية تشكلت نتيجة حروب الاستقلال، إلا أن القادة الجدد عملوا بلا تعب أو ملل للقضاء على المعارضة، بينما تنتهك بشدة حقوق الإنسان وتنحدر إلى الاستهزاء بكرامة المواطن العربي. وقد أقيم نظام سجون قاس واضطر أولئك الذين لم يتعرضوا للسجن أو القتل إلى طلب اللجوء خارج بلادهم.
باختصار، لم يتمتع المواطن العربي بالحرية أو العدالة. كانت الحرية والعدالة والديمقراطية مفاهيم أجنبية في تيسير الحكم. حتى وقع الربيع العربي، حتى بات يتردد مثل شعبي بشكل واسع "بأن المواطن العربي لا يفتح فمه إلا عن طبيب الأسنان". يمكن أن يؤدي التعبير عن الذات إلى مقتل شخص أو سجنه أو/و طرده بالقوة.
رابعا، يلقي الرؤساء العرب بشكل غير رسمي تقريبا اللوم في فشلهم على عوامل وقوى خارجية. لقد عززوا النظرة بأن أية مسيرة هي جزء من مؤامرة موجهة إلى حرمة سيادية. وكانت عدم قدرتهم على الإقرار بمسؤوليتهم واضحة بشكل جيد في تعاملهم مع المعارضة. سواء كان ذلك في تونس أو مصر أو سوريا أو ليبيا أو اليمن أو البحرين، وتم وصف المتظاهرين والمعارضين بأنهم خونة ورجال عصابات ومدمني مخدرات و/أو إرهابيين. من وجهة نظر الدولة، فإن القادة هم دائما على الدرب الصحيح والذين يعارضونهم هم دائما مخطئين!
وفي النهاية، أساء الرؤساء العرب استخدام محنة الشعب الفلسطيني وأساؤوا إليها: ولإدراك القادة العرب لمركزية القضية الفلسطينية بين الشعوب العربية، ناصروا الفلسطينيين خطابيا في محاولة لتعبئة الدعم المحلي، بينما في الحقيقة يطعنون الفلسطينيين من الخلف كلما سنحت لهم الفرصة.
في عصر التلفاز العالمي، حيث لم تعد المعلومات حكرا على الدولة، ونظرا لضراوة تمسك الطغاة بالقوة "من المهد إلى اللحد" على حد تعبير المثل في المجتمعات العربية، ليست هناك أية مفاجأة بأن الشارع العربي قرر في النهاية أن يثور.
كانت مصر على قمة البركان منذ سنوات عديدة، على الأقل منذ أن تولى حسني مبارك الحكم عام 1981. لقد حول مصر إلى شركة عائلية وعزز الفساد في كل زاوية منها، وحول البلد التي يعتبرها المصريون أم الدنيا إلى مكب نفايات من نوع ما، كما يمكن أن تسمع المصريين يشتكون بشكل جماعي.
من الواضح، بأن تغيير تاريخي يحدث في العالم العربي. أصبحت الثورات منتشرة، وكان تأثيرها على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي. زين العابدين بن علي ملك تونس، الذي قمع بشكل وحشي المعارضة وأجبر العديد من الأشخاص على النفي، الذين لم يكن لهم خيار سوى الهروب من البلاد تحت غطاء ظلام المملكة العربية السعودية.
مبارك، الفرعون المصري الأخير كما دعاه الكثير من المصريين بسخرية، الآن يقيم وراء القضبان. القذافي في ليبيا، الطاغية المستبد على شعبه، تعرض للقتل بشكل مهين على يد شعبه. وجد علي عبد الله صالح نفسه غير قادر على التمسك بالسلطة في ظل المظاهرات الثابتة والمنتشرة، على الرغم من اعتماده على القمع التعسفي والوحشي لشعبه.
بالطبع، هناك في سوريا اليوم توقعات بما ستكشف عنه الثورة: لقد كان حكم بشار الأسد راسخا لسنوات عديدة. والآن، بسبب قتله المفزع الجامح، فلا يوجد شك بأن مصيره سيكون أفضل من غيره من الطغاة العرب المخلوعين.
على الرغم من أن كل مجتمع عربي لديه خصوصياته السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية، إلا أن القواسم المشتركة خلال الربيع العربي كانت لافتة للنظر تماما. أحد الأسباب هو، أن الشبح المخيف للطاغية لم يعد غير قابل للطعن، والسبب الأخر هو شعب إحدى الدول العربية يلعب كنموذج لشعب آخر، كما كان في حالة مصر وتونس بكل تأكيد.
إقليميا، أدى ازدهار الربيع العربي أكثر من أي عامل أخر بالجماعات الفلسطينية السياسية لتسوية خلافاتهم، نظرا لغياب و/ أو ضعف الحكام العرب الذين لعبوا قوة واحدة ضد الأخرى. في السابق احتضن مبارك الرئيس عباس، بينما استضافت سوريا حماس. دوليا، استبدلت صورة العرب المنقادين والمستسلمين بالثورة والمواطنين الذين يتمتعون بدرجة عالة من الالتزام: تعتبر الثورة المصرية بكل تأكيد شهادة حقيقية على قدرة الحشود الهائلة على التحرك كجسد واحد، على الرغم من تفشي الفقر وارتفاع معدلات البطالة.
ظهور نظام جديد في العالم العربي
أحد الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها هو كيف سيتشكل النظام الجديد؟ ما هي القوى التي ستكون لها اليد العليا في الشارع العربي؟ هل سيهيمن الإسلاميون على السلطة كما يحدث في مصر وتونس والمغرب؟
لقد أظهر العرب أنهم متعطشون للتغيير الحقيقي، وأكبر مثال على ذلك ما حدث في مصر، حيث أن المصريين لم يكتفوا بالتخلص من حسني مبارك بل عزموا على التخلص من النظام السابق برمته، لذلك خرج المصريون مرة أخرى وعادوا إلى ميدان التحرير وأعلنوا رفضهم لحكم المجلس العسكري.
وقد أجريت الانتخابات في ظل هذا التوتر، ولكن الأمر المثير للإعجاب أنهم وضعوا خلافاتهم جانبا وتوجهوا لصناديق الاقتراع، إن النظام الجديد في مصر لا يمكن إيجاده بين عشية وضحاها، لأن التحول من الديكتاتورية نحو الديمقراطية ليس سهلا على الإطلاق حيث أن مصر عانت كثيرا من السنين من الحكم الطاغي.
إن التحول في العالم العربي ديمقراطي في جوهره، على الرغم من أن نتائج الانتخابات في بعض الدول العربية مثل مصر أظهرت حضورا كبيرا للأحزاب والجماعات الإسلامية، وقد كشف استخدام الشباب العربي للمواقع الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر أن الشباب العربي أصبح منفتحا على العالم بغض النظر عن الفكر الذي يحمله.
إن الإخوان المسلمين في مصر –الذين أحرزوا نتائج مبهرة في الانتخابات أصبحوا يعارضون الاحتجاجات وعلى ما يبدو، فقد دخلوا في اتفاقات مع الرئيس حسني مبارك، وقبل أسبوع من الانتخابات قرر الإخوان المسلمون الابتعاد عن المجموعات الثورية التي عادت لساحة التحرير، في الحقيقة يبدو أن الإخوان المسلمين تحالفوا مع المجلس العسكري الذي سبق وكانوا يحتجون ضده.
لقد حقق الإخوان المسلمون نصرا حقيقيا في الجولة الأولى من الانتخابات حيث حصلوا على 46% من الدعم الشعبي، وكان من الممكن أن تحقق نتائج كاسحة لو لم تكن هناك شكوك حول موقفهم من الثورة المصرية. (الإخوان المسلمون الذين
أسسهم حسن البنا سنة 1928 هم واحد من أقدم الأحزاب المصرية الحديثة. وبمرور السنوات، استطاعوا الاستفادة من نمو المحافظين في المناطق الريفية، وخاصة نتيجة للنمو المربك في معدلات الفقر والبطالة.)
السياسات الغربية، وتصاعد الإسلام السياسي
في حين أن الخريطة السياسة لمستقبل مصر وبقية العالم العربي هي التي يمكن استخلاصها، فإن عملية الصحوة العربية لا رجعة فيها: طعم التغيير، حتى لو كان مع الألم والأسى، من غير المرجح أن يكون معرضا للخطر. في هذه العملية، ستؤثر السياسات الغربية اليوم بالتأكيد على النتائج المستقبلية، فقط كالدعم الغربي لبعض الحكام الديكتاتوريين الذي عمق من الغضب العربي. حيث عبرت الشعوب في احتجاجاتها عن إحباطها من سياسات حكامها الداخلية والخارجية وأظهروا بشكل واضح خيبة أملهم من سياسات القوى الغربية.
رغم انشغال الشعب العربي بمشاكلهم وجداول أعمالهم المحلية، كيف سيُبقي الغرب وخاصة الولايات المتحدة التعامل مع المشكلة الفلسطينية واحدة من أهم اهتماماتها. فمثل هذه السياسات الغربية يمكن أن تؤثر بقوة، وقد تُكسب قوتها المزيد من الدعم من النظام العربي الجديد.
بالتأكيد، إن استمرار الغرب برفض حق الفلسطينيين في الدولة، والاستقلال وتقرير المصير سيوسع من بُعد الغرب في إعادة تشكيل العالم العربي.
وكذلك فإن مساهمة السياسات الغربية خلال القرن الماضي إلى حد كبير في وضع المنطقة العربية اليوم ليس ادعاء مبالغا فيه. فقد أصبح من الطبيعي، بعد فقدان العرب والقوميون العرب القدرة على التخلص من المجتمعات العربية التي يحكمها الديكتاتوريون – المدعومون من الغرب- لجأ العديد في العالم العربي والإسلامي للأحزاب والحركات السياسية الإسلامية من أجل الخلاص. فعند فشل الكل، يمكن للعرب حينئذ السعي للإجابات من أعلى.
وفي حين أن الإسلام كدين وثقافة هو جوهري في الحياة العربية، يعد تسييس الإسلام نتاجا للتطورات الداخلية والخارجية. فدعم الغرب للأنظمة العربية الفاسدة وهجماتها المنسقة على القوميين والقوات العلمانية القومية جعلت من تصاعد الإسلام السياسي أمرا لا مفر منه.
وفي الوقت نفسه، هل بالضرورة أن يكون كل أولئك الذين يصوتون للأحزاب الإسلامية في الانتخابات العربية أعضاء و/أو مؤيدين. فالعديد منهم صبوا أصوات الاحتجاج ضد المواقف والسياسات الغربية.
أستطيع أن أؤكد ذلك انطلاقا من المراقبة الشاملة للانتخابات التشريعية في فلسطين عام 2006. فقد صوت العديد من الفلسطينيين، بمن فيهم المسيحيين، لحماس ليس لأنهم أعضاء أو مؤيدين، إنما لإرسال رسالة للغرب أنه لا يمكن لأساليب الضغط أو قطع المساعدات الخارجية أن تملي قراراتهم في صناديق الاقتراع.
بعد محاولات عديدة للحد من صعود الإسلام السياسي، سواء في السودان، فلسطين و/أو الجزائر، يبدو أن الغرب قد تصالح مع بعض سياساته مع افتراض أن هذه الظاهرة هي هنا لتبقى. كذلك يبدو أن الغرب قد استنتج أن هذه القوات يمكنها أن تخدم لمواجهة الإسلام المتطرف، كما تمثله القاعدة.
وبالتأكيد، فإن حملة التفسيرات الكاذبة وتشويه الإسلام في الغرب في كل فرصة متاحة لم تنته بعد. مع ذلك، قبلت التعبيرات الرسمية الغربية نتائج الانتخابات العربية الأخيرة.
ويعد هذا تحول واضح في السياسات الغربية اتجاه العالم الإسلامي، كما أكد الرئيس باراك أوباما في خطابه في جامعة القاهرة قبل عامين، الأمر الذي أثار دهشة العديد من العلمانيين والقوميين في المنطقة العربية. هل خطة الغرب للعب مع الجماعات الإسلامية ضد بعضهم البعض هي لهدف إضعاف وتقسيم العالم العربي؟
أولا، يعتقد على نطاق واسع في العالم العربي أن الغرب سيستخدم فكرة صاموئيل هانتينغتون "صدام الحضارات" - تصاعد الإسلام السياسي من أجل المزيد من التقدم، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، حيث كان الغرب بحاجة ماسة لـ"عدو" لمساعدته في حشد قواته وموارده في خدمة سياساته. لا يمكن لأي شيء أن يلعب هذا الدور بشكل أكثر فعالية من الإسلام وتهديداته والمخاطر المتوقعة منه.
الحاجة الغربية اليوم هي أكثر إلحاحا، وخصوصا مع تفاقم المشاكل الاقتصادية والمالية التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة. هذا هو الوقت الذي تبرز فيه محاولات صرف انتباه الناس في الغرب عن المصاعب الكامنة التي يعيشون في ذروتها، وذلك من خلال لعب بطاقة الأخطار الإسلامية، والمتوقع من ذلك أن يحقق هذا الهدف، والكثير من العرب يخشون ذلك.
ثانيا، يحذر الكثيرون من أن قبول الغرب التكتيكي ومساندته الفعلية لصعود الإسلام السياسي في هذه المرحلة يقصد به الوصول إلى مزيد من الانقسام في المنطقة العربية على أسس طائفية وأيديولوجية. وتوضح أمثلة فلسطين والسودان القلق حول دور الغرب في إحداث الانقسامات والتنافر، سواء بين الضفة الغربية وغزة، أو في حالة السودان ودارفور وجنوب السودان. وفي الوقت نفسه، هناك مخاوف من أن الحملات التي يقودها الغرب لحماية حقوق الأقليات ستؤدي إلى تعميق الانقسامات القائمة، على سبيل المثال في مصر، بين المسلمين والأقباط المسيحيين.
والركيزة الثالثة هي أن إسرائيل سوف تستغل صعود الإسلام السياسي في التغلب على عزلتها في المجتمعات المدنية الغربية. قد حصلت ففي مواجهة قوة الإخوان المسلمين الصاعدة في مصر، على سبيل المثال، تدعو بعض الأصوات في إسرائيل إلى "الإخوان اليهود" يصوت أعلى. وقد صرح مسئولون إسرائيليون بشكل لا لبس فيه أن التكوين الجديد للسلطة، و صعود الحركات الإسلامية والأحزاب السياسية في عدد من البلدان العربية، يتطلب من إسرائيل مواصلة تعزيز "أمنها" وتفوقها العسكري.
رابعا: يقول المراقبون في العالم العربي أنه ليس هناك أحد قد يكون أكثر سعادة لمثل هذه التطورات من المحافظين الجدد في الغرب! خلافا لمواقفهم العامة، يعتبر اليمين المتطرف والمحافظون الجدد ما يحدث في العالم العربي على أنه تحقيق لرؤيتهم للعالم بأسره، أي هارمجدو، كشكل من أشكال الحرب مع الإسلام باتت قاب قوسين أو أدنى.
أخيرا، إن صانعي السياسة الغربية سيبذلون كل كل جهد ممكن "لترويض" و / أو "تغريب" الإسلام لجعله أكثر قدرة على التكيف مع توقعاتهم. بالاقتران مع التدابير الأخرى التي قد يتخذها الغرب، ومن المتوقع أيضا أن واضعي السياسات سيحاولون دون كلل تكييف علاقاتهم مع النظم العربية الجديدة، لا سيما تلك التي يهيمن عليها الإسلاميون السياسيون، في مختلف الظروف الاجتماعية والسياسية والإيديولوجية، سواء في ما يتعلق بالحريات الشخصية والسياسات المتعلقة بـ الجماعات الإسلامية "الراديكالية"، و / أو العلاقات مع إسرائيل.
يُتوقع أن برى النقاد العرب في حالة صعود الإسلام السياسي واستجابة الغرب المزيد من التوتر في العلاقات بين العرب والغرب في المستقبل المنظور. والمهم أيضا للمراقبة هو استمرار برامج غربية متطورة لمراقبة للتدخل في الشؤون العربية الداخلية، بما في ذلك من خلال دعم بعض المنظمات غير الحكومية، وذلك لضمان أن الإسلام السياسي في حد ذاته فشل في الوفاء بوعودها.
استمرار الثورة
في الختام ، العالم العربي يخضع لعملية تحول هائلة، اقتضتها مشاعر عميقة من سنوات عديدة من الظلم المهين والظلم الإقليمي والدولي، ودعم الغرب للفساد والقهر.
وبينما يتم التنبؤ بمستقبل هذه المنطقة الحيوية باستمرار غير مجد، تدل المؤشرات على أن رغبات الشعب ستنتصر في نهاية المطاف. مصر مثالا للدول العربية الأخرى، في وقت كان فيه البعض قد يعتقد أن الثورة قد انتهت مع زوال مبارك قام المصريون بالتذكير وبصوت عال للعالم كله أنهم ليسوا على وشك قبول امتداد لنظام مبارك من خلال المجلس العسكري.
في الواقع، لقد تصدعت طنجرة الضغط في نهاية المطاف. وكان "الشارع العربي"، وسوف يظل على الأرجح، في حالة تأهب. كما أن القوى الإسلامية السياسية نفسها ستتولى المسؤولية.
الطريق أمامنا تعج بالتغيرات الداخلية والدولية. وعودة إلى الأنظمة الفاسدة في الماضي تثبت التكلفة الأعلى من نحت مسار الحرية. والجماهير العربية لن تنتظر بشكل سلبي حتى تصل النهاية. على الرغم من الصعاب العديدة، سوف يصرون على أن يكونوا صانعي تاريخهم.
إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً


رد مع اقتباس