اقلام واراء عربي 436
29/6/2013
في هذا الملف
فشل كيري في سورية فذهب لرام الله
رأي القدس العربي
ليبرمان يدعو لاحتلال غزة..! «فشر»
سلامة العكور/الراي الاردنية
في انتظار موقف شجاع آخر من الشيخ القرضاوي
جمال خاشقجي –الحياة
خطاب الرئيس مرسي.. وتعليق هيكل!
سليم عزوز/ القدس العربي-صحافي من مصر
الثورة المصرية انحرفت الى المجهول
عبد الباري عطوان/ القدس العربي
مصر : هل ينقلب الجيش على الرئيس؟!
ماهر ابو طير/الدستور الأردنية
يوم التقى الجمعان!
حلمي الأسمر/ الدستور الأردنية
مرسي وإخوانه : سنة أولى فشل !!
عريب الرنتاوي/ الدستور الأردنية
تفكير في أول يوليو
فهمي هويدي/ الشرق القطرية-الشروق المصرية
الانذهال التراتبى فى خطاب التهارش المعلوماتى
أكرم القصاص/ اليوم السابع
ماذا يجري في الوطن العربي؟
عبد العزيز المقالح/ الخليج الاماراتية
فشل كيري في سورية فذهب لرام الله
رأي القدس العربي
جون كيري وزير الخارجية الامريكي يزور الاراضي الفلسطينية المحتلة للمرة الخامسة، ويجري محادثات بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من اجل استئناف المفاوضات. عندما تتعثر الجهود الامريكية على جبهات عربية اخرى مثل ملف الازمة السورية مثلا يتجه المسؤولون الامريكيون الى الملف الفلسطيني للايحاء للعرب، او من ظل يهتم منهم بالقضية الفلسطينية، بانهم جادون في ايجاد تسوية سلمية.المستر كيري زار المنطقة العربية عدة مرات قبل ان يتولى منصبه الحالي، والتقى العديد من المسؤولين وغير المسؤولين العرب، على هامش مؤتمرات سياسية شارك فيها كمتحدث او كضيف، مما يعني انه ملم بكل التفاصيل ولهذا لا يحتاج الى جولات استطلاعية للتعرف على الحقائق.
المشكلة الرئيسية التي فجرت عملية السلام هي المستوطنات الاسرائيلية التي تنتشر في الارض الفلسطينية مثل النار في الهشيم وتدعم التوسع فيها حكومة هي الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل.في كل مرة يزور فيها مسؤول امريكي كبير الاراضي الفلسطينية المحتلة تتعمد الحكومة الاسرائيلية الاعلان عن خطط جديدة لبناء وحدات سكنية لتوطين المزيد من المستوطنين خاصة في المستوطنات المحيطة بالمدينة المقدسة، بهدف ارسال رسالة واضحة تقول انها لن تقبل اي شروط بوقف الاستيطان.
وزير الخارجية الامريكي كيري اختصر الطريق واقتنع بوجهة النظر الاسرائيلية مبكرا، ولم يعد يعير اي اهتمام او اعتراض لمشاريع الاستيطان هذه، وبات يركز على السلام الاقتصادي، اي ضخ اربعة مليارات دولار امريكي على مدى عدة سنوات لتمويل مشاريع استثمارية جديدة. ومن هنا لم يكن من قبيل الصدفة ان تكون هذه المشاريع هي العنوان الرئيسي لمؤتمر دافوس الاقتصادي الذي انعقد في البحر الميت برعاية العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، وضم وفدا كبيرا من رجال الاعمال الفلسطينيين والاسرائيليين باعتبارهم رجال المرحلة المقبلة، واكبر المستفيدين من مشاريع الشراكة الاستثمارية هذه.المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي توقفت منذ شهر تشرين الاول (اكتوبر) عام 2010 بسبب اصرار اسرائيل على استمرار الاستيطان، ولكن هناك مؤشرات عديدة تفيد بان الرئيس محمود عباس بات اكثر ليونة للعودة الى مائدة المفاوضات دون اسقاط صريح لشرط وقف الاستيطان مثلما تروج مصادر اسرائيلية وامريكية.حل الدولتين الذي تنعقد من اجله المفاوضات سقط عمليا بسبب الاستيطان، ففي الاراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية اكثر من ستمئة الف مستوطن من بينهم 220 الف مستوطن تقريبا في مدينة القدس الشرقية وحدها.الاسرائيليون يؤيدون، او الاغلبية منهم، استئناف المفاوضات طالما انها لا تتوصل الى اي نتائج مثل سابقاتها حسب استطلاعات الرأي الاخيرة، ولكن لا توجد استطلاعات رأي دقيقة تجرى في الجانب الفلسطيني ولو وجدت لجاءت بنتائج رافضة لهذه المفاوضات في ظل استئناف الاستيطان. وعلى اي حال متى كان الرئيس عباس يأخذ رأي الشعب الفلسطيني في هذا الخصوص بعين الاعتبار؟
ليبرمان يدعو لاحتلال غزة..! «فشر»
سلامة العكور/الراي الاردنية
وزير الخارجية الاسرائيلي السابق «ابيغدور ليبرمان» يدعو حكومة نتنياهو والجيش الاسرائيلي لاحتلال قطاع غزة.. وهذه المرة الثانية التي يؤكد فيها ليبرمان على ضرورة احتلال قطاع غزة الذي تحكمه كما يقول المنظمات «الارهابية» مثل حركتي حماس والجهاد الاسلامي !!...
ولا شك في ان هذه الدعوة تلاقي ترحيبا وتأييدا واسعين في اوساط الاسرائيليين والمستوطنين..
حيث اصبحت منظمات المقاومة الفلسطينية في القطاع ترد على الغارات الجوية الاسرائيلية على رفح وخاينونس وغزة والانفاق باطلاق بعض الصواريخ على مناطق غير مأهولة في اسرائيل..
وهذه الصواريخ الفلسطينية رغم انها لا تكبد اسرائيل خسائر ذات بال في الارواح والممتلكات، الا انها تثير الرعب في اوساط الاسرائيليين.. وكذلك في اوساط المستوطنين الذين يمارسون اعتداءات متزايدة من المواطنين الفلسطينيين وضد المقدسات الاسلامية والمسيحية...
ان دعوة ليبرمان لاحتلال قطاع غزة لا تثير رعبا ولا حتى قلقا في اوساط الشعب الفلسطيني هناك.. ولكنها بالضرورة تصعد الصراع بين فصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع وفي مقدمتها حركتا حماس والجهاد الاسلامي من جهة وبين اسرائيل من جهة اخرى..
فالتهديدات الاسرائيلية لم تعد تخيف ابناء فلسطين.. وهي من وجهة نظرهم ليست اكثر من فقاعات هوائية لا اكثر..
لاسيما وان فصائل المقاومة في القطاع باتت تملك اسلحة متطورة ومتنوعة وصواريخ مدمرة تستطيع زعزعة اسرائيل وتدمر مناطق حيوية وحساسة في مدنها..
ولنا ان نتذكر الفشل الاسرائيلي الذريع في محاولات احتلال ولو جزءا من مدن القطاع في العدوان العنصري الهستيري على غزة في العام «2008»... وكانت حكومة حركة حماس وقعها الفضائل الاخرى آنذاك لا تمتلك القوة التي تمتلكها اليوم.. من هنا يمكن القول ان تهديدات ليبرمان وغيره من عتاة العنصريين الصهاينة ليست اكثر من جعجعة فارغة قد تثير قلق الاسرائيليين اكثر مما تثير مخاوف الفلسطينيين..
فالاسرائيليون الذين اقاموا في الملاجئ المظلمة في الحربين اللتين شنتهما اسرائيل على حزب الله اللبناني في العام 2006م، وعلى قطاع غزة في العام 2008 م، وانهالت عليهم الصواريخ اللبنانية والفلسطينية بقوة وغزارة غير مسبوقة قد فقدوا شهيتهم في اشعال الحروب او يكادون.. فليخرس ليبرمان وامثاله من الصهاينة.. فدعواتهم لاشعال الحروب لا ترعب ولو طفلا واحدا من اطفال قطاع غزة.. فدعوته لا تدل الا على افلاس وعجز في اورال كل ما يبعد عن ارينة انفه القبيح..
فغزة ستظل شوكة تجرح خاصرة كيانه العنصري الكريه.. ولن يطالها كيده او كيد جيش اسرائيل المهزوم.. وليبرمان « فشر »...
في انتظار موقف شجاع آخر من الشيخ القرضاوي
جمال خاشقجي –الحياة
لا يمر أسبوع في أفغانستان أو باكستان أو حتى قريباً منّا في العراق، وكل بلاد المسلمين قريبة من فؤاد واهتمام الشيخ يوسف القرضاوي، إلا وتحصل عملية انتحارية. شاب متدين يغتسل ثم يصلي ركعتين لله، يتحزم بحزام ناسف، يضمه شيخ أو من يزعم أنه شيخ أو داعية ضمة وداع وحنو تذكره بالآخرة والنعيم الذي ينتظره، يبكيان معاً ليقول له: «موعدنا الجنة.. موعدنا الجنة»، ثم يتركه يمضي إلى مسلمين مثله ليفجر نفسه فيهم لمجرد أنهم في المعسكر الآخر الذي يخاصمه.
قد يكونون حراسة في نقطة تفتيش أو حتى مصلين في مسجد في باكستان والعراق. أصبحت الحسينيات وتجمعات الشيعة هدفاً مفضلاً وإن كانوا مدنيين ونساء وأطفالاً. بالتأكيد فإن فضيلته لن يفتي بجواز مثل هذه الأعمال، بل إنني سأتجرأ وأجزم أنه سيفتي بحرمتها، وأنها جريمة تصل حدّ الحرابة.
منذ أن خرجت علينا «القاعدة» بفقهها الخارج عن قواعد أهل السنة والجماعة في فقه الجهاد، وللشيخ كتاب مرجعي رائع فيه، ويحمل العنوان نفسه، والعالم الإسلامي يعيش استباحة غير مسبوقة للدماء، إلا في أزمنة الخوارج والقرامطة، والشيخ يؤكد مثل غيره من الفقهاء على حرمة دم المسلم، ولكننا نرى استسهالاً وانتهاكاً من دون تورع حيثما سادت الفوضى والحروب في بلاد المسلمين، فالأسابيع الأخيرة حملت لنا صوراً قبيحة تشوّه الإسلام. فتى يعدم في حلب من دون محاكمة، وطفل ينحر في دير الزور أمام والده لأنه شيعي. شيعة يقتلون في مصر بدم بارد. عملية انتحارية تقضي على أسرة أفغانية من ستة أفراد بينهم طفلان، حتى صديق الشيخ ورفيقه في الجهاد الأستاذ برهان الدين رباني - وهو من هو في الفضل وسابقة الجهاد ضد الروس - قتل في عملية انتحارية.
لقد كانت «القاعدة» تبحث عمّن يجيز لها مثل هذه العمليات، التي أصبحت علامتها الفارقة ومصدر قوتها وخطرها، فوجدت في فتوى الشيخ القرضاوي بإباحة العمليات الاستشهادية للفلسطينيين، التي أصدرها مع غيره من العلماء منتصف التسعينات واستندت على فقه الضرورة، وقاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات، ولكنها لم تلتزم بهذا الشرط، وإنما أخذت بعنوانها العريض ومضت تجهز الانتحاريين وتحضهم على تفجير أنفسهم بين المدنيين وفي المساجد والطائرات ومآتم العزاء والتجمعات السياسية والأسواق.
لقد رفع فضيلته من قدر العلماء، وأكد تجردهم للحق عندما خرج على الملأ الشهر الماضي قائلاً في مهرجان أقيم في قطر نصرة للثورة السورية، إنه ناصر «حزب الله» اللبناني وخاصم من أجله علماء السعودية. وأضاف: «تبيّن لي أني خُدعت، وأني أقل نضجاً من علماء المملكة الذين كانوا يدركون حقيقة هذا الحزب. إن الثورة السورية أجلَت الحقيقة، وبيّنت حقيقة حزب الله وشيعته الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله».
لقد حان الوقت في ظل استشراء العنف واستباحة الدم من جهلة المسلمين أن يعود الشيخ لرأي إخوانه علماء السعودية، وتحديداً أكبر علمائهم، وهما الشيخان الراحلان عبدالعزيز بن باز ومحمد بن عثيمين، اللذان رفضا في شكل حاسم إباحة العمليات الانتحارية على رغم ضغوط عدة تعرّضا لها عندما كانت تلك العمليات السلاح المضاء للفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان موقفهما فقهياً وليس سياسياً، فهما ممن يقول بواجب الجهاد ضد إسرائيل، ولكنهما التزما بالقواعد الأصولية الصارمة المحرمة للانتحار حتى ولو كان لأجل هدف نبيل كإثخان العدو الإسرائيلي الغاصب المحتل، بل إن فضيلته يوافق حركة المقاومة الإسلامية أنها أوقفت العمليات الاستشهادية منذ أعوام عدة، ولم ينكر عليها ذلك في فتوى منشورة في موقعه، وأنها استبدلتها باستهداف المستوطنات بالصواريخ قائلاً: «إنهم يلجأون إليها للضرورة كما قلت، فإذا زالت الضرورة توقفت هذه العمليات».
إذاً الخلاف بين الشيخ وعلماء السعودية هو في مسألة «الضرورة»، فماذا لو أضيف إلى ذلك أن تلك العمليات لم تعد ضرورة بل أصبحت «ضرراً»، وضرراً كبيراً في حق الإسلام وسمعته، وهو الدين الذي سبق اتفاق جنيف في وضع قواعد أخلاقية للحرب، واستعرضها الشيخ باستفاضة في كتابه «فقه الجهاد».
لو كانت تلك العمليات ضرورة لما تخلت عنها «حماس»، وهي فعلت ذلك بعدما ثبت عندها أن ضررها أكبر من نفعها، ولكن «حماس» حركة سياسية، أما الشيخ فهو فقيه لا تحركه المصلحة وإنما الدليل.
المطلوب من فضيلته وهو العالم الفقيه ذو المرجعية الواسعة، أن يقود تحركاً مع مفتي السعودية وشيخ الأزهر وغيرهما من كبار علماء المسلمين في مؤتمر عام يحيي القواعد الأخلاقية للحرب وفق الشريعة الإسلامية، لوضع حدّ لعبث العابثين من مدعي العلم، مثل أنصار «القاعدة» والتيارات المتطرفة الموتورين، أحداث الأسنان سفهاء الأحلام، الذين عاثوا في كتب الفقه والأصول فساداً ينتزعون النصوص من سياقها بما يخدم فقههم القاصر، ويشبعون بها شهوتهم للدم والكراهية.
لقد أفتى الشيخ ومعه جمع من العلماء بواجب الجهاد في سورية، وبالتالي يجب أن يجد الشباب المسلم الغاضب هناك ومن جاء يناصرهم في الشيخ القرضاوي وغيره من كبار العلماء، القيادة الروحية والتوجيه الشرعي الصحيح، فإن لم يفعلوا فسيتقدم الصف غلاة حديثو تدين، ضعفاء تدبير، طارئون على الفقه والعلم الشرعي، وما خبر صيدا وما جرى فيها وعلى أيديهم من توريط عموم المسلمين هناك في فتنة مع جيش البلاد، فسفكت دماء العشرات في مواجهة عبثية ما كانت أن تكون لولا فقه استسهال القتل واستباحة الدم الذي غلب وساد.
فليت الشيخ يقدم على خطوة شجاعة أخرى وتاريخية يتراجع فيها عن فتوى العمليات الانتحارية التي فتحت علينا «كوة» من جهنم، ثم يتبعها بحديث لا ينتهي عن حرمة دم المسلم ونشر لفقه الجهاد الصحيح، وخطاب حازم ضد التطرف يذكرنا بكتابه الشهير «الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف»، لعله ينقذ هو وجمع من علماء المسلمين ما يمكن إنقاذه.
خطاب الرئيس مرسي.. وتعليق هيكل!
سليم عزوز/ القدس العربي-صحافي من مصر
لدينا في مصر المواقف ‘سابقة التعليب’، على طريقة البضائع التي تعد للبيع أو للتصدير.. وقبل خطاب الرئيس محمد مرسي، كان كثيرون قد حددوا موقفهم منه، فمن هم من شيعته قرروا تأييده ولو قال ‘ريان يا فجل’، في حين أن الذي هو من عدوه بيت النية على رفض الخطاب ولو كان وحياً يوحى، وهو أمر كاشف عن حالة الانقسام التي صارت عنواناً للمشهد السياسي الآن.
‘ريان يا فجل’ عبارة يستخدمها باعة ‘الفجل’ للترويج عن بضاعتهم، وقد يستبدلها البعض بعبارة أخرى هي ‘حرات يا فجل حرات’، بكسر الحاء، ولا يوجد معنى محددا لها من وجهة نظري، وعندما يتم استدعاء الجملة الأولي لوصف كلاما بعينه، فإنها تعني انه كلام بلا مضمون، أي أنه ‘أي كلام’، وعليه فلو قال مرسي ‘ريان يا فجل’، فسوف يهتف أنصاره: ‘تكبير’!
كان الخطاب فرصة لأن أنتقل إلى قناة ‘مصر 25′، ومنذ أن أثار باسم يوسف انتباهنا إلى شخص ‘خميس′ المذيع بها، قررت أن أتابع أداءه، لاسيما وأن باسم ينقل لنا مقتطفات ضاحكة له، وتعلمون أن القلوب تمل، وفي السابق كنت أشاهد توفيق عكاشة لأسري عن نفسي، لكن توفيق يتصرف الآن على انه زعيم، وله تلاميذ، فحياة الدرديري، المذيعة بقناته تقلده، وكأن روحه حلت فيها، وهي امرأة فكاهية للغاية، تبدو وهي تتحدث على الشاشة كما لو كانت تقوم بتجهيز ‘حلة محشي’ لزوجها العائد من العمل بعد قليل، ولا نستبعد في حالة تنفيذ قرار النائب العام بضبطه وإحضاره، أن تعلن أنها ستحمل راية النضال من بعده.
المشهد السياسي بات كوميدياً للغاية، ويكفي أن تتحدث لميس الحديدي عن دمها المراق في الثورة، وهي المسؤولة الإعلامية بحملة الانتخابات للرئيس المخلوع لتقف بنفسك على حجم الفكاهة المتناثرة في أرجاء الكون، وقد قرأت قبل قليل من كتابة هذه السطور على شريط الأخبار بفضائية ‘اون تي في: تواصل اعتصام ‘القوى الثورية’ أمام مبنى وزارة الدفاع.
هكذا منحهم نجيب ساويرس صفة ‘الثورية’، مع أنهم من تجمع ‘إحنا آسفين يا ريس′ بقيادة الزعيم توفيق عكاشة، والريس ليس هو المطرب الشعبي الراحل ‘متقال’ ولكنه حسني مبارك. وهي حركة قليلة العدد تطورت وفق نظرية ‘النشوء والارتقاء’ من مجموعة تذهب إلى المحكمة التي تحكم المخلوع، وترفع صوره وتعتدي على أسر الشهداء وضحايا الثورة، لتدافع عن حكم المجلس العسكري، ثم هرولت إلى عمر سليمان عندما قال إنه سيترشح للانتخابات الرئاسية، ثم انحازت للفريق احمد شفيق عندما رسا العطاء عليه.
هذه المجموعة ترابط منذ يوم الجمعة الماضي أمام وزارة الدفاع تطالب الجيش بالانقلاب على السلطة لكن قناة ‘اون تي في’ منحت القوم الصفة الثورية، وقد نسينا ان ساويرس باعها لمستثمر تونسي، ربما لأننا لم نصدق، وبدا لافتا انه في ظل ذلك ان المستثمر التونسي يبقي على المحطة كما هي، وبكل المذيعين العاملين فيها، بمن في ذلك جابر القرموطي، الذي يفخر نجيب بأنه اكتشافه، ولا نعرف سر إبقاء التونسي عليه، وهو ليس من اكتشاف غيره، إن كان هناك شخص تونسي فعلاً مجسم، ومحسوس، ومحدد المعالم، قد اشترى ‘اون تي في’!
يقولون إن الإعلام ‘عزوة’ ولا نعرف كيف فات أن يكرس التونسي هذا عزوته في الخضراء ولو ببرنامج في الفضائية المذكورة يتحدث عن تونس، وهو الذي جاء ليشتري محطة مصرية شحماً ولحماً، إلا إذا كان يتصرف وفق قاعدة: ‘من معه فرنك ومحيره يشتري به حمام ويطيره’.. و’الفرنك’ باعتباره وحسبما نشر أنه رجل أعمال تونسي يعيش في باريس.
الموجه السياسي
لم أشاهد في المأسوف على شابها ‘مصر 25′ الأخ خميس، الذي كان من خطباء مليونية القوى الإسلامية بميدان رابعة العدوية يوم الجمعة الماضي، ولكني وجدت هاني صلاح الدين يقدم برنامجاً، ويقال أنه صار مسؤولاً عظيماً بالمحطة الاخوانية. وهاني من الإخوان، لكنه الإخواني الوحيد الذي ينتمي إلى مدرسة توفيق عكاشة في الإعلام، وهي مدرسة ينتمي إليها كثيرون ممن نشاهدهم الآن، ومن إبراهيم عيسى إلى لميس الحديدي.. وكان هاني يهاجم إبراهيم عيسي صاحب ‘ وصلة الردح’ اليومية على قناة ‘القاهرة والناس′ ضد الإخوان.
اهتمام البسطاء بتوفيق عكاشة جعل هناك من يقلدونه، لكن التحدي الحقيقي الذي يواجههم يتمثل في باسم يوسف، فخفة الدم، وروح الفكاهة، تمثلان السهل الممتنع العصي على التقليد، وعيسى له محاولات سابقة لأن يكون مذيعاً ساخراً وكاتباً فكاهياً وفشل.
المذيع الخطيب، والموجه السياسي، صار هذا ما يميز إعلامنا، وفي ليلة الجمعة، شاهدت المذيع المحترف جمال الشاعر خطيباً، إذ شاهدت لقطات من خطبة الوداع التي أنهى بها برنامجه على احدي قنوات التلفزيون المصري، وقال انه استقال احتجاجاً على وقف برنامجه، ولم يكن سبق لي أن شاهدته، وقد احتفى به خيري رمضان على ‘سي بي سي’ في مداخلة، ووصفه خيري بأنه بلدياته، وتكلم صاحبنا ولم أفهم هل أوقف برنامجه احتجاجاً على ما وصفه بأخونة الإعلام، والتدخل في اختيار ضيوفه؟.. أم استقال لأنهم أوقفوا برنامجه؟!.. ولماذا أوقفوه؟ .. هل لأنه ضد الإخوان؟!
قبل أيام حللت ضيفاً على برنامج ‘مصر الأهم’ على القناة الثانية المصرية، وشاهدت وأنا في حجرة الاستقبال وفي الفقرة السابقة على فقرتنا ضيوفا عبر الهاتف للتعليق على بعض الأخبار، وهم معروفون بخصومتهم مع الحكم، وكانوا يقولون فيه ما قال مالك في الخمر، حتى هتفت: ‘أين الأخونة’؟!
لدينا في مصر استقالات تمثل قفزاً من المركب، عندما يرى البعض أن مركب الإخوان غارقة لا محالة، ومعظم المستشارين حول الرئيس استقالوا في مرات ظن البعض ان مصر ستطوي صفحة الحكم الإخواني، مع أن منهم من سعد سعادة ‘العبيط’ بيوم زواجه عندما جرى اختياره، لأنه نظر إلى المنصب على انه يمثل لوناً من ألوان الوجاهة الاجتماعية، فلم يكن الرئيس قد اختارهم ليقوموا بمهام، فالمهام موكولة للأهل والعشيرة.
في الأسبوع الماضي استقال رئيس تحرير جريدة ‘الأخبار’ احتجاجاً على وضع الصحافة المزري في ظل الحكم الحالي، مع أنه جزء من هذا الوضع المزري، وقد قام بمنع مقالات لعدد من الكتاب لأنهم كتبوا ضد الإخوان من جلال عارف، إلى أحمد طه النقر، إلى عبلة الرويني، انتهاء بيوسف القعيد، فكان يد الإخوان التي يعصفون بالخصوم بها.
صاحبنا لم يبق له سوى شهر على خروجه للتقاعد قانوناً، وهناك دعوة لثورة تستهدف الإطاحة بمرسي فقفز من المركب الغارقة، لكن جمال الشاعر لم يكن ممن تحملهم هذه المركب وهي تجري بهم في موج كالجبال.
الشاعر قال انه يتم إلزامنا بضيف اخواني في كل حلقة، وفي تقديري أن هذه ليست تعليمات خارج السياق، فالمطلوب أن يتم تمثيل الرأي الآخر، اللهم إلا إذا كان مطلوباً أن نستمر بعد الثورة في نفس منهج النظام البائد عندما كانت برامج تلفزيون الريادة الإعلامية تتحول إلى جلسات نميمة ضد الإخوان في غيبتهم!
لقد بدا جمال الشاعر مندهشاً لأن الكادر الإخواني الكبير الدكتور محمد البلتاجي رفض الظهور معه إلا منفرداً، فاته أن البلتاجي ليس اسماً فهو ‘حالة’، ومنذ نجاح الإخوان في البرلمان الذي تم حل احدى غرفتيه، والرجل تحول إلى كائن فضائي، ورفض الظهور في برامج معروفة، وفي قناة كبرى كالجزيرة مثلاً، لا منفرداً ولا في حضرة أحد، وهذا التنازل من هذه ‘الحالة’ هو انجاز عظيم!
ما علينا، فقد انتبهت إلى أنه ما دام الخطاب سيلقى من الرئاسة فالتلفزيون الرسمي سيكون هو المنوط به نقل البث المباشر، وقد قرأت في مذكرات عبد اللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار السابق، أن النقل المباشر من مسرح التلفزيون بالرئاسة، وفي مثل هذه المناسبات يتم بالضغط على زر في مكتبه وفي مكتب الوزير فيكون النقل من هناك، فلديهما شاشات تعرض كل ما يدور..
المتهرب من الضرائب
بعد قليل من الانتقال إلى احدى محطات التلفزيون سالف الذكر انتصب الدكتور محمد مرسي خطيباً، لم أكن أتوقع منه شيئاً، ونفيت أن يقيل الحكومة، فمثل هذا تنازل مغر للخصوم، فضلاً عن أن تمسك الرئيس بالدكتور هشام قنديل على ضعفه يذكرني بتمسك حسني مبارك بوزير داخليته حبيب العادلي على إجرامه، وقد استبعدت تماماً ما بثته احدى الفضائيات على لسان هماز مشاء بين الجيش ومؤسسة الرئاسة بنميم أن يقيل الرئيس وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي في هذا الخطاب!
هناك ثلاثة أشخاص في المشهد الإعلامي المصري يعملون على تحريض الجيش على الرئاسة، وبفبركة أخبارا تنسب لمصدر عسكري دائما ‘يستحي من ذكر اسمه’، وأحياناً يكون المستهدف هو دفع الناس للتظاهر لمنح الجيش الغطاء الشعبي للقيام بالانقلاب على السلطة، وأي مراقب للمشهد بموضوعية سيقف على أن قيادة الجيش ليست راغبة في العودة إلى ممارسة السياسة، وقيل هذا في بيانات واضحة، لكن من يبغونها عوجاً لا يفقدون الأمل.
عندما سئلت ماذا تتوقع من خطاب الرئيس؟ .. أجبت: لا أتوقع شيئاً، لكن عندما استمعت له قلت انه الخطاب الثاني بعد خطابه الأول بميدان التحرير من حيث الأهمية.
للرأي العام
الرئيس لم يتوجه بخطابه لخصومه، فقد كان خطاباً للرأي العام ليحاصرهم، ولهذا جاء بسيطاً وكاشفاً وذاكراً لأسماء بعينها ومن أول صاحب ‘سي بي سي’ المتهرب من الضرائب، بحسب كلام الرئيس، إلى من يقومون باستئجار بلطجية استعداداً ليوم 30 يونيه، مروراً بذكر اسم القاضي المتهم بتزوير الانتخابات في سنة 2005 الذي ينظر قضية مرتبطة بالفريق أحمد شفيق.
كان مرسي يقول إن هؤلاء هم خصومه، وهي رسالة لا تخطئ العين دلالتها، وتمثل خطوة ضرورية لوضع النقاط فوق الحروف، وقد رأينا من قبل كيف ذهب صاحب ‘اون تي في’ إلى باريس بصحبة أسرته، وصور الأمر كما لو كان هروباً من بطش النظام، وعلى قواعد النضال السياسي، وفي مداخلة تلفزيونية مزق أنياط القلوب بقصة ابنه الذي اشتاق لأن يأكل ملوخية، التي حُرم منها لبطش نظام أراد أن ينتقم من الأسرة كلها بسبب نضال الوالد!
ولم يتحرك أحد من أهل الحكم للرد على هذا الكلام، لنكتشف بعد أكثر من شهرين وبالمصادفة أن الأزمة كانت على مستحقات للضرائب، جرى الاختلاف في تقديرها بين صاحبنا والمصلحة، وان المبلغ يتفاوت بين (5) مليارات، و (11) ملياراً، فلما سويت عاد وأسرته ليسبح في بحور الملوخية!
ولأن المواقف معلبة سلفاً، فقد وجد البعض في ذكر الأسماء ما يسيء لمقام الرئاسة، وهي القضية التي شغلت خصوم الرئيس في التعليق، فلم يتطرقوا للموضوع، ولم يعقبوا على ما ذكره من أرقام عن انجازات اقتصادية في عهده.. البعض ممن عز عليهم ان يكون الرئيس بسيطاً فيذكر أسماء خصومه في خطابه، ربما حسنو النية، فعلى مدي ثلاثين عاماً لم نسمع سوى خطابات خشبية، يفسد مبارك بلاغتها أحيانا بقراءته الفاقدة للإحساس دائماً.
ولم يكن الرافضون للخطاب سواء، فهذه البساطة حاصرت الخصوم، بيد أن المشكلة في ان الأستاذ محمد حسنين هيكل أخذته الجلالة وهو يسعى ليرضي محاورته لميس الحديدي على ‘سي بي سي’، فقال ان ذكر شخصيات بالاسم أمر غير مسبوق في التاريخ!
وكأنه نسي السادات، وهو يصفه بأوصاف تغني عن ذكر اسمه: ‘الصحفي صديق الرؤساء.. دا حتى بيفطر في رمضان’.. وقلت له يا شنودة عيب.. و’الواد بتاع الجماعة الإسلامية أنا ح اربيه’ ومرة أخرى ‘سأفرمه’، وعمر التلمساني الذي ذهب ليتحالف مع الشيوعيين ضده.. ورجل الأعمال رشاد عثمان، والولد المجنون بتاع ليبيا.. والشيخ كشك الذي أثار الفتنة في دول الجوار.. والشيخ المحلاوي المرمي في السجن زي الكلب. الغرض مرض يا قراء.
الثورة المصرية انحرفت الى المجهول
عبد الباري عطوان/ القدس العربي
نشعر بالحزن والألم لما يجري حاليا في مصر من مظاهرات تعكس حالة الانقسام والكراهية، تحت عناوين متعددة يدعي كل طرف بصوابية موقفه، ولكن الشعب المصري هو الذي سيدفع الثمن من امنه واستقراره ولقمة عيش اطفاله.
النخبة السياسية المصرية سقطت في فخ التحريض، والنزعات الثأرية، والتدخلات الخارجية، عربية كانت ام اجنبية، وهي لا تدري، في غمرة سيادة الاحقاد، انها تدمر نفسها قبل ان تدمر مصر. هذه ليست الديمقراطية التي ثار الشعب المصري من اجلها، وقدم اكثر من الف شهيد من ابنائه، وهؤلاء جميعا ليسوا البدائل التي كان يتطلع اليها، لكي تمحو خطــــايا النظام الســابق، وتقوده، اي الشعب المصري، الى الامان والرخاء والعيش الكريم، بعد اربعين عاما من الفساد والقمع والاذلال وسرقة عرق الفقراء والمحرومين والطيبين.
في الماضي كان هناك عنوان واحد للمظاهرات، وهدف واحد للمشاركين فيها، اسقاط نظام فاسد وتقديم رموزه الى العدالة، تعددت العناوين الآن وتنوعت وانقلب رفقاء التظاهرات الى اعداء، ولا نبالغ ان نقول انهم يكرهون بعضهم البعض اكثر من كرههم للرئيس حسني مبارك، او حتى نتنياهو نفسه.
اربعة شهداء ومئات الجرحى سقطوا في اليومين الماضيين فقط، ويعلم الله كم سيكون العدد عندما تلتحم ‘الجيوش’ وتخرج اسلحة المندسين من اجربتها، وتندلع شرارة المواجهات التي يتوقع الكثيرون ان تكون دموية.
الاحتكام الى الشارع، وبالصورة التي نراها ليست له علاقة بالشرعية، والدعوة الى التمرد بالطريقة نفسها لا تمت بصلة الى الديمقراطية، فهذا التجييش في الجانبين يهدف الى تحطيم الآخر، وليس التعايش معه، وهذا يشكل عودة الى الجاهلية الاولى.
من تابع مظاهرات الأمس، سواء تلك التي دعت اليها المعارضة، او الاخرى التي حشد لها النظام، يخرج بانطباع بأن البلد يتجه الى الحرب، ولكنها حرب بين ابناء الوطن الواحد، والجينات الواحدة، والهوية الحضارية التي تمتد جذورها الى آلاف السنوات في عمق التاريخ البشري.
فعندما تتوسع الاشتباكات الى اربع محافظات ويسقط القتلى والجرحى بالمئات، وتتعرض مقرات سياسية (الاخوان) الى الحرق، وقبل يومين من الثلاثين من حزيران (يونيو) فهذا مؤشر خطير يثير مخاوف جدية من اننا قد نشهد حمامات دم فعلا.
من الواضح ان كل الاطراف في الحكم والمعارضة تفقد اعصابها، مثلما تفتقد الى العقل والحكمة وضبط النفس، وترفض الآخر، بل وتريد تمزيقه، وتعتبر ان الحسم الوحيد الممكن هو استخدام العنف، سواء كان لفظيا او ماديا، في ظل حالة من الانسداد السياسي، وتحريض اعلامي مقصود تقف خلفه جهات معروفة تريد استخدام حرية الاعلام كذريعة لوأد الثورة المصرية، بل ووأد كل الثورات العربية الاخرى، والعودة بالمنطقة الى مرحلة اسوأ من الديكتاتوريات، مرحلة التفتيت والفتنة الطائفية والعنصرية والفوضى الدموية.
ليس هذا وقت اتهام هذه الجهة او تلك، المعارضة او الحكومة، كما انه لن يفيد مطلقا ان نقول لو ان الرئيس محمد مرسي فعل كذا او ذاك، او ان المعارضة تنازلت او تعاونت.. لا هذا ولا ذاك، الاحداث تجاوزت كل هذا وبتنا امام خيارين، اما الحرب الاهلية او تدخل الجيش. لم اكن من الذين يؤيدون الانقلابات العسكرية في اي يوم من الايام ، ولكنني لا اتردد لحظة في تفضيل تدخل المؤسسة العسكرية المصرية لحقن الدماء اذا كان هذا هو العلاج الاخير.
المعارضة المصرية التي هتفت بأعلى ما في حناجرها من صوت بسقوط حكم العسكر عندما استولى المجلس الاعلى للقوات المسلحة على الحكم، بعد اسقاط حكم مبارك اثناء المرحلة الانتقالية، ستكون سعيدة بهذا التدخل لاطاحة حكم الرئيس مرسي بالدبابات بعد ان عجزت عن اطاحته عبر صناديق الاقتراع، ولكنها لن تحتل مكانه، ربما لعقود قادمة، ان الجيش اذا ما مسك زمام الامور لن يعود الى ثكناته مثلما كان الحال قبل عامين، وسيعلن حالة الطوارئ فورا، وسيجد تأييدا قويا من الشعب.
النخبة السياسية في السلطة والمعارضة معا لم تدرك ان التراشق بالمظاهرات، سيؤدي حتما الى انهيار الدولة المصرية ومؤسساتها، وسيحطم ما تبقى من هيبتها، وهذه نتيجة مأساوية لن تفيد احدا، وستؤدي الى انتكاسة للتحول الديمقراطي والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المنطقة بأسرها وليس مصر فقط، قد تستمر لسنوات.
تغنينا كثيرا بالثورة المصرية وسلميتها حتى بحّ صوتنا، واعتبرناها نموذجا يجب ان يحتــــذى في المنطقة بأسرها، ولكن يبدو ان هناك من يريد عكس ذلك، ونجح في مخططاته الجهنمية بامتياز.
مصر : هل ينقلب الجيش على الرئيس؟!
ماهر ابو طير
تواجه مصر يوما صعبا، لأن كل القوى تحشد لحسم المواجهة في مصر، ما بين الإسلاميين الذين يضمون جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، من جهة، وقوى المعارضة وانصار النظام البائد من جهة أخرى، والقوى الإقليمية والدولية التي لها من يحارب نيابة عنها. السيناريوهات التي يتم طرحها بشأن مصر متعددة، وبعضها يعتقد أن الرئيس سيجد نفسه أمام خيار الاستقالة الطوعي من موقعه، وهذا بالمناسبة احتمال ضعيف لأن نقد الرئيس لا يلغي كونه منتخبا بطريقة دستورية، وهو لن يتنازل تحت وطأة مطالبات خصومه وضجيجهم.
يقلل محللون من مخاطر يوم غد باعتبار ان جمع خمسة عشر مليونا من التواقيع لإسقاط الرئيس لا يعني أن كل هؤلاء سيتواجدون في ساحات الاعتصامات، ويعتقد هؤلاء ان هناك مبالغات بشأن يوم غد في المجمل.
الرأي الثالث يتحدث عن يوم لن يخلو من مواجهات خشنة، لكنه سيمر في نهاية المطاف، مع خسائر محتملة، لن تؤدي الى تغيير مسار الصراع.
الخسائر في مصر تحققت بمعزل عن نتائج يوم غد، لأن هذه المواجهات التي تغذيها قوى داخلية وخارجية حققت غاياتها بتدمير استقرار مصر، ونخر الداخل، وتهيئة البنية الاجتماعية لأي انشطارات، خصوصا في ظل حالة القتل واستعمال السلاح، والاقتتال على خلفية سياسية او دينية او مذهبية.
الجيش هو الفيصل الحاسم في مصر، وقد رأينا قيادات الجيش خلال إلقاء الرئيس المصري لخطابه الأطول في تاريخ مصر والعرب، وقد ارتسمت على وجهها علامات عدم الرضا والسخط، والجيش المؤهل الوحيد للفصل بين مكونات الصراع السياسي في مصر، اذا انحرف الصراع عن قواعده.
برغم ان الجيش يحمي شرعية مرسي حتى الآن، إلا أنه يتركها شرعية ضعيفة هشة لاعتبارات كثيرة، تتعلق بحسابات المؤسسة العسكرية، ولعل السؤال يتعلق بالتوقيت الذي قد يتدخل فيه الجيش المصري لحسم الصراع بأي اتجاه كان، وهذا التوقيت مرتبط بطبيعة ظرف يوم غد، وبمآلات الصراع في مصر، فالجيش لن يبقى على الحياد طويلا؟!.
هناك توطئة لمواجهة دموية في مصر، وهذا هو السيناريو الرابع الأخطر غداً، اذ حمل المتظاهرون في المنصورة الأسلحة الرشاشة، وفي القاهرة تم اطلاق النار فجر الجمعة على متظاهري ميدان التحرير، وهناك قتلى وجرحى، والدموية التي غابت لفترة لابأس بها عادت واطلت بنفسها هذه الايام، ولا أحد يعرف ما الذي يتم التخطيط له غدا ؟!.
هذا اسوأ سيناريو قد تواجهه مصر، الانزلاق في مواجهة دموية مطلوبة ومخطط لها قد تبدأ لأي سبب كان، عندها فإن اخطار الانقسام الداخلي ستتجلى فورا، وستكون مصر على حافة المذبح، اي مذبح الاقتتال الداخلي.
هذه اللحظة ستكون سببا بتدخل الجيش وهو تدخل لن تقف حدوده عند الشرعية، بل قد تتجاوز الشرعية نحو الانقلاب، لطي هذه الصفحة، بما لهذا التدخل من كلف اكثر سوءا، وهي كلف ستعيدنا الى مواجهات جديدة مع ذات الجيش.
المشهد في مصر معقد جدا، واسوأ ما فيه، عزم كل القوى السياسية بما فيها الحكم المصري، والقوى التي تحاربه وتخاصمه، على الحسم، وهذا يعني ان يوم غد لن يكون يوما عاديا، بل سيكون بوابة لمرحلة جديدة في مصر.
كل القوى تعرف ان من ينتصر غدا، سيحكم مصر لسنوات طويلة، ومن يسقط غدا، سيكون سقوطه مؤلما، ولا قدرة له على الخروج من هذا السقوط، سواءاً أكان من الحكم ام المعارضة ام من الحكم البائد.
خطاب الرئيس المصري جمع خصوم الرئيس في سلة واحدة، ومنح قوة لجبهتهم في سياق مواجهة الحكم، والخطاب انزلق الى نقد غير لائق لقوى كثيرة، مع الاقرار هنا ان أداء هؤلاء تجاه الرئيس ليس نظيفا، إلا أن الفرق بين استحقاقات الرئاسة، وحسابات من يعارضون خارج الحكم، فرق كبير.
الذي يحلل خطاب الرئيس يشفق على صاحبه من جهة، لمواجهته كل هذه الضغوط، الا انه يقرأ اعترافا بالفشل، واستدرارا للعاطفة، وتورطا بالتشهير بخصومه بدلا من تطبيق القانون على من يخالف القانون.
مصر امام عدة سيناريوهات، واسوأ هذه السيناريوهات الانزلاق الى مواجهة دموية واسعة، تسعى اليها اطراف عديدة لحسم الصراع، وهي ستؤدي بالضرورة الى تخلي الجيش عن محاذيره، واذا تخلى الجيش عن محاذيره حفظا لدماء الناس، فالمؤكد لحظتها ان مرسي سيسقط، وستعيد الأزمة المصرية تدوير نفسها من جديد.
مصر في اسوأ حالاتها..هذه هي الخلاصة.
يوم التقى الجمعان!
حلمي الأسمر/ الدستور الأردنية
بغض النظر عن أي اعتبارات أيديولوجية، لا أشعر أنني من الممكن أن أكون في صف الثورة المضادة في مصر، الأمر لا يتعلق بالدكتور محمد مرسي، ولا بالإخوان المسلمين، أو بما يسمونه «الإسلام السياسي» لا.
الأمر بتعلق بثورة شعبية جاءت برئيس منتخب، واقتلعت نظاما متواطئا مع العدو، نهب البلاد وأذل العباد، ولو جاء مكان مرسي رئيس آخر، كأبي الفتوح مثلا، أو حازم أبو إسماعيل، لواجهته قوى الفلول والجواسيس والمُضللين والمضللِين (بالفتح والكسر) بالشراسة ذاتها، لأن المطلوب ليس إسقاط حكم الإخوان، أو المرشد كما يقولون، بل تغييب أي خيار شعبي حر، يوقد شجرة كبرياء هذه الأمة، بدءا من أرض الكنانة، وهذه الشجرة تحديدا هي المقصودة، لأنها ظلالها ستمتد - حال استوائها على سوقها- إلى كل بلاد العرب والمسلمين، وستقتلع جبابرة وظلمة وجواسيس ومتواطئين، وستهدد مصالح طالما ارتوت من الخيانات ودم الشعوب المقهورة. لهذا كله، كان على كل الأفاعي والجرذان أن تلتقي لتقتلع هذه الشجرة المباركة، كي تبقى الأمور على ما هي عليه، من استلاب وخذلان واستسلام لعدو الأمة، ومن اعتادوا على امتطاء ظهرها، وإبقائها في حالة خمول وكسل وذل وهوان!
هل أدافع عن مرسي تحديدا، ولم لا؟ هل أقول صراحة أنه ليس الرئيس الذي تمنيته لمصر؟ ربما، ولكنه الآن غدا رمزا لثورة المظلومين والمستضعفين والمهمشين، والانتصار له انتصار لهم، أما من يقف ضده اليوم، فليسوا سواء، فثمة منهم من يعمل بتوجيه وتمويل، وآخرون يختلفون معه فكريا ويرونه تهديدا للدولة المدنية، وثمة من يرى في الإخوان الذين يمثلهم تيارا ظلاميا يهدد متعهم وانفلاتهم، وآخرون يسيئون فهم الرجل والتيار، وطرف مضلل يردد ما يقوله الإعلام الطاغي الممول بالملايين ممن يرتعدون خوفا من انتصار إرادة الشعوب، وهناك من عرفوا حقيقة الرجل فانحرفوا لهوى أو رشوة، وهناك من عرف فالتزم، ولكن على كل الأحوال، يبقى هو خيارا شعبيا أنا موقن انه سينتصر وسيهزم الجمع المناوئ -بإذن الله تعالى- وسيعلم المضللون والمضللون أنهم ارتكبوا خطأ فادحا باصطفافهم مع أعداء الأمة وخيار الشعب!
ليس مهما أن تكون من الإخوان المسلمين، أو حتى متدينا، لتدرك أن المؤامرة هي عليك ايها العربي العادي المسكين، الذي تحلم بربطة خبز غير مغمسة بالذل، واستنشاق هواء نقي، خال من القهر، وحياة تخلو من الاستبداد والعسف والظلم وتحكم جلاوزة السلطة، وحثالتها، ممن أدمنوا إذلالك وإرهابك وإرعابك. عليك أن تختار اليوم أن تكون مع حريتك وكبريائك، أو مع ديمومة الاستبداد الذي ثملت منه منذ عقود طويلة، منذ صاح أول فرعون في تلك البلاد: لا أريكم إلا ما أرى!
مرسي وإخوانه : سنة أولى فشل !!
عريب الرنتاوي/ الدستور الأردنية
هي بلا شك فترة قصيرة للحكم على أول تجربة إخوانية في الحكم .. بيد أنها كانت كافية للقول بأن “المكتوب يُقرأ من عنوانه”، وعنوان ما كُتبً وسُجّل خلال العائم الفائت، يمكن اختزاله بكلمة واحدة: الفشل.
وأحسب أنه يصعب على المراقب الموضوعي والمحايد، أن يسجل إنجازاً واحداً ذي مغزى، أمكن للنظام الجديد أن يحققه .. ومن دون الغرق في الإنكار والمكابرة، سيصعب على مرسي وإخوانه، أن يأتوا بشاهد واحد يدفع بالاتجاه المعاكس.
أمس انقسمت مصر إلى شطرين.. قسم مؤيد للرئيس وإخوانه وداعميه من السلفيين، وقسم آخر تمثله قوى المعارضة والمبادرات الشبابية ونخب حديثة ووطنيون مصريين ومواطنون اكتووا بنيران الفوضى وغول الأسعار وقلق الفلتان الأمني والتحريض المذهبي والديني، وغير ذلك من مشكلات وتحديات، لا يمكن تبرئة الإخوان من المسؤولية عنها.
انقسام الشارع المصري بين مؤيد لمرسي ومعارض له، حتى وإن كان “التوازن في القوى” هو سيّد الموقف، إنما ينهض كشاهد على الفشل .. فالرئيس الذي جاء بنصف أصوات الناخبين، ويعارضه اليوم، نصف المصريين، لا يمكن أن يحكم مصر بنظام “الحزب الواحد” وعقلية “الديكتاتور المتدثر بلبوس الدين وعمامة الإسلام”..هو فشل ذريع حتى لا يمكن التقليل من شأنه بحجة أنه رئيس منتخب، فالديمقراطية لا يمكن أن تقوم يوماً، على إنكار حقوق الآخرين وحرياتهم، واستبعادهم عن المشاركة في رسم السياسة وصنع القرار وصياغة الدستور ووضع التشريع. عام كامل من الحرب على المؤسستين العسكرية والأمنية، وحروب متشعبة على القضاء، ومطاردات للصحافة والإعلام، واستعداء لمؤسسات المجتمع المدني والحركات النسائية، ومناخات كراهية مع المكون المسيحي الرئيس، وعزف على الوتر المذهبي، كريه وبائس.
ولا يمكن بحال، القبول بالحجة الإخوانية التي طالما ادعى أصحابها بأن المعارضة هي من رفض “اليد الممدودة” لهم من الرئيس وأعوانه، مثل هذا الادعاء، طالما أشهره الإخوان في مواجهة “أيدٍ ممدودة” زعمت نظم الفساد والاستبداد أنها مدّتها للإخوان، في حوارات شكلية، ومشاركات ديكورية ودعوات للقيام بدور “شاهد الزور” .. الإخوان مع خصومهم ومجادليهم، يعيدون إنتاج سيرة وتجربة النظم البائدة، فكان الفشل سيد الموقف.
والانقسام في الزمن الإخواني، يأخذ طابعاً شديد الخطورة، إذ يغلف بلبوس المذهب والدين، ولقد تصدت منظمات حقوقية دولية، لخطاب التحريض المذهبي العنفي الذي تمارسه الجماعة مباشرة أو بصورة غير مباشرة، من خلال حلفائها السلفيين، ولقد شكلت جريمة أبو النمرس، وقتل وسجل أربعة مواطنين لهويتهم المذهبية، أحد أبرز العلائم على الفشل وعدم الصلاحية وغياب الاستعداد لقيادة مصر وحكمها.
الاقتصاد في تراجع، والاحتياطات إلى انكماش، والبطالة في تزايد، والأزمات تلف المصريين من جهاتهم الأربع، أزمة كهرباء وأزمة طاقة، وأزمة محروقات، وأزمة رغيف عيش، وأزمة أمن وأمان..لا يوجد قطاع واحد من قطاعات الإنتاج الاقتصادي والاجتماعي والخدمي، لم تعصف به رياح الأزمة خلال السنة الفائتة.
أما على مستوى السياسة الخارجية، فقد سجل حكم الإخوان، انحساراً في دور مصر وحضورها، وباتت الشقيقة الكبرى، في موضع “المطمع” لكل الأطراف الإقليمية والدولية .. من قطر التي حلمت بالسيطرة على معالم مصر ورموزها السيادية والسياحية مروراً بأثيوبيا التي تجرأت لأول مرة على تهديد شريان مصر الحيوي وسبب وجودها: النيل .. ناهيك عن اللاعبين الدوليين الكبار، الذي ما عادوا ينظرون لمصر كلاعب رئيس، بل ولا يجدون الحاجة للمرور بعاصمتها للتنسيق والتشاور.
أما على مستوى العلاقات المصرية – الإسرائيلية، فقد حافظت على روحها وحيويتها، خصوصاً في المجال الأمني، وبقي نظام الإخوان على التزامات نظام مبارك، وفياً للمعاهدات التي وقعها السادات مع إسرائيل .. وسقطت الأقنعة عن “المقاومة” و”الجهاد” و”على القدس زاحفين .. شهداء بالملايين”، لتحل محلها كتب التطمينات، واستمرار السفراء والسفارات، و”العزيز بيريز”.
لا شيء يخطر بالبال، يمكن أن يُحسب لنظام مرسي في عامه الأول، لكن “القوم” كعادة من سبقهم، لا يتقنون سوى البحث عن شمّاعات وأعذار، للتنصل من الفشل وإلقاء اللائمة على الآخرين، من دون أن يعترفوا لمرة واحدة، بأنهم أخطأوا، وأن يعددوا أخطاءهم، وأن يقرّوا بأنه يتعين عليهم إجراء مراجعة جذرية لمواقفهم وسياساتهم.
تفكير في أول يوليو
فهمي هويدي/ الشرق القطرية-الشروق المصرية
نستطيع أن نتصور الآن إطارا لما يمكن أن يحدث غدا (في 30 يونيو) ــ لكننا لا نعرف شيئا مما سيحدث في أول يوليو ــ وهو اليوم التالي مباشرة لمشهد الخروج المرتقب. علما بأن يوم الاثنين أول يوليو هو الموعد الذي تنتهي فيه مهلة الأسبوع التي حددها وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي وطالب القوى السياسية بأن تتوافق خلالها، الأمر الذي لا نرى له أثرا حتى الآن. وفيما هو معلن على الأقل فإن كلام الفريق السيسي لم يبين لنا ما يمكن أن يحدث إذا انتهت المهلة ولم يتحقق التوافق المنشود.
وإذ يبدو موقف القوات المسلحة غامضا ومثيرا للتساؤل بعد المهلة. فإن الصورة على الجانب الآخر تظل محاطة بالغموض أيضا. فقد فهمنا أن معارضي الدكتور محمد مرسي سوف يحتشدون فى ميدان التحرير بالقاهرة وفي بعض الميادين الأخرى في الدلتا والصعيد. فهمنا أيضا أن مؤيدي الرئيس سينزلون بدورهم لكي يثبتوا حضورهم في الشوارع والميادين من ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر إلى غير ذلك من الميادين والمساجد في أنحاء مصر. الشاهد أن الطرفين سينزلان إلى الشارع لكي يثبت كل منهما حضوره ويستعرض قوته الجماهيرية. ورغم أن الطرفين يتحدثان عن حرصهما على التظاهر السلمي، إلا أن وجودهما في الشارع يستدعي على الفور احتمالات العنف، سواء بسبب الانفعالات التي يتعذر السيطرة عليها. أو بسبب جموع البلطجية الذين يدفعون إلى تلك التظاهرات ويمارسون دورهم فى تأجيج الصراع ورفع منسوب العنف، وهو ما لمسناه في تجمعات أقل أهمية وفي مناسبات أصغر. فما بالكم بحدث مفصلي ومهم مثل التظاهر ضد الرئيس مرسى في ذكرى مرور عام على استلامه للسلطة.
في هذا الصدد فإن المراقب يستطيع أن يرى فى التظاهر والاعتصام أمام قصر الاتحادية يعد تمهيدا لعنف لا مفر منه، لأنه إذا كان المستهدف هو توصيل رسالة للرئيس أو العالم الخارجي، فإن ذلك يمكن أن يتحقق بالاحتشاد فى ميدان التحرير، علما بأن الرئيس السابق سقط وفرض عليه التنحى حين كانت الحشود متواجدة فى الميدان، ولم تكن هناك حاجة للذهاب إلى مقر الاتحادية أو مقر رئيس الجمهورية. وإذا كان توصيل الرسالة مضمونا من ميدان التحرير، فإن التحرك نحو قصر الاتحادية والاعتصام أمامه يرجح أن يكون له هدف آخر، لا يستبعد فى ظله احتمال محاولة اقتحام القصر، وهى عملية إذا تمت فأغلب الظن أن تسيل بسببها دماء غزيرة. لأن التعليمات التقليدية المتعارف عليها منذ زمن أن يطلق الحرس الجمهوري الرصاص «في المليان» على من يقتحم مقر رئاسة الدولة. أما الاحتمال الأكثر سوءًا فهو أن يتصدى الموالون للمعارضين فى هذه الحالة، الأمر الذى لابد أن يضاعف من غزارة الدماء التى ستسيل. لذلك فإنني أتمنى أن تترك عملية الدفاع عن القصر إلى الحرس الجمهوري والشرطة المحيطة، ليس فقط لتجنب إراقة مزيد من الدماء، ولكن أيضا لأن ذلك واجب تلك الجهات، حيث يعد مقر الاتحادية رمز الدولة المصرية وعنوانها بأكثر منه مقر وعنوان مكتب الرئيس محمد مرسي. ا أحد يتوقع أن يحسم الأمر لصالح أى طرف فى 30 يونيو. وأغلب الظن أن يكون الحاصل فى ذلك اليوم مؤشرا على ما يمكن أن يحدث بعده. ولست أشك في أن المعارضين سيبذلون غاية جهدهم لتحقيق مرادهم غدا من خلال وسائل عدة تمثل الحشود الكبيرة حدها الأدنى، وهو ذاته الذي سيلجأ إليه مؤيدو الرئيس من خلال الحشود المضادة. ولا أحد يشك في أن دعاة التهييج والفوضى سوف ينتهزون الفرصة لاستئناف دورهم، وتصعيده إلى أبعد مدى ممكن.
هكذا، فأغلب الظن أن يوم الاثنين سيكون استنساخا ليوم الأحد مسكونة بمنسوب أعلى فى التصعيد المرشح للاستمرار حتى نهاية الأسبوع (عنوان الصفحة الأولى الذي نشرته باللون الأحمر إحدى صحف الخميس 27/6 كان كالتالي: المواجهة مستمرة حتى آخر نفس) ورغم الاحتياطات المكثفة المتخذة لضبط الأمن فإن الانفلات ليس مستبعدا، لأن أية قوات أمنية من الشرطة أو الجيش لن تستطيع مواجهة الجماهير الغفيرة، خصوصا إذا ما تم استدراج الطرفين للاشتباك.
هذا التطور إذا حدث وهو الأرجح فإنه سوف يستدعي سؤالين أحدهما عن موقف قيادة القوات المسلحة، والثاني عن موقف الإدارة الأمريكية، التي تحتل مصر موقعا خاصا في سياستها إزاء الشرق الأوسط. يراودني سؤال ثالث عن موقف المراجع والعقلاء في مصر، ولكنني أتردد فى طرحه. ويحزنني أن أقول إنني لم أعد أعول عليه كثيرا، لأن هذه الشريحة من النخبة توزعت بين فريق آثر الصمت وآخر انخرط في الاستقطاب وانزلق إلى التحريض والتهييج، ومن ثم استقال عمليا من الدور التاريخي المنوط به.
الانذهال التراتبى فى خطاب التهارش المعلوماتى
أكرم القصاص/ اليوم السابع
من الأفضل للرئيس والجماعة أن نتعامل مع خطابه الأخير بنظرة كوميدية، لأن أى مواطن عادى أو طباقى سوف يصاب بالحيرة و«التملس الانهداقى»، من حجم الأرقام والمعلومات المتضاربة والخاطئة، فى الخطاب، التى تتجاوز الدعاية والإعلان، من الصعب على أى ذى عقل حتى لو كان «داقق عصافير» أن يبتلع حجم التناقضات والأخطاء والازدواجية «البلهنية» والتصفيق اللاإرادى.
وفى حين رأى البعض أنه لا يجب التوقف عند الإفيهات واللفتات الكوميدية مثل قصة الواد بتاع الجركن، والواد بتاع السكينة، لكن الانخراط فى الخطاب بجدية يصيب المتابع والمراقب «بانذهال تراتبى» من حجم الأخطاء التى تم دسها فى الخطاب، ومنها أسعار الطائرات التى أراد بها الرئيس أن يدلل على الفساد، فقال إنه تم شراء الطائرة الواحدة من بوينج بـ148 مليون جنه، بينما سعرها الحالى 98 مليونا، وخرجت شركة بوينج لتعلن أن الطائرة تم بيعها بـ70 مليونا فقط، وهو خطأ يفترض محاسبة من كتبه، لأنه يريد توريط الرئيس بمعلومات شفهية غير مدققة.
الخطأ الثانى أن الرئيس أراد تلخيص أزمة الكهرباء وتحدث عن الواد اللى بياخد عشرين جنيه ليقطع الكهربا حيث رد عمال الكهرباء بالأدلة ليكشفوا أن قطع الكهرباء يتم بخطة من الوزارة وبالكمبيوتر. وهو خطأ آخر يكشف عن ضحالة معلومات من يكتب الخطاب وضحالة من راجعه.
ناهيك عن بعككات وأخطاء منها عندما أراد الرئيس إدانة خصومه فقال إن النائب العام السابق وراء براءة متهمى موقعة الجمل، بينما من حقق فيها وأحالها قاضى تحقيقات وليس النائب العام، ثم إن النائب العام الحالى هو من تأخر فى تقديم الطعن على البراءة.
الرئيس أعلن أنه قال لكمال الشاذلى أنتم فاسدون فرد عليه الشاذلى أنتم أطهار، بينما كل الاعترافات والفيديوهات والصور تكشف عن اتفاقات ومقاسمات للمقاعد، بل الرئيس نفسه عندما كان مسؤولا عن الانتخابات يعترف فى حوار للمصرى اليوم أن الجماعة أخلت دوائر لسرور وعزمى لأنهم من أفاضل الناس، واعترف المرشد السابق بأنهم اتفقوا مع حسن عبدالرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة على عدد الدوائر والمقاعد. فإذا بنا أمام جماعة كانت تتقاسم وتقسم وتتفق وليس جماعة تعارض.
أما الأهم هنا فهو الازدواجية الرئاسية التى لم تعد صالحة فى ظل تدفق وانهمار المعلومات، وعلى سبيل المثال فإن الرئيس قال إن القضاء يجب ألا يعمل بالسياسة، فهو يقصد هنا القضاة المعارضين له، وليس الكل لأنه تجاهل تنظيم قضاة من أجل مصر أو قضاة من أجل مرسى الذين تم رصد رئيسهم وهو خارج من مكتب الإرشاد، فضلا عن أنهم استبقوا النتائج الانتخابات، ولا ننسى أن نظام مبارك كان يتهم قضاة الاستقلال بالعمل فى السياسة، والرئيس مرسى نفسه قال إنه دخل السجن لأنه ساندهم. بما يعنى أنه مع استقلال القضاة فى المعارضة، وضده فى السلطة. كل هذا وغيره يجعل من مصلحة مؤيدى الرئيس أن يركزوا على التنكيت ويتركوا الأرقام بدلا من أن يصابوا بحالة من التهارش المعلوماتى المتناق
ماذا يجري في الوطن العربي؟
عبد العزيز المقالح/ الخليج الاماراتية
سؤال على كل الألسنة، وبكل اللغات، وربما تغيرت صيغته عند البعض على النحو الآتي: ماذا يجري في أقطار الشرق الأوسط؟ وهي صيغة باتت تتردد كثيراً على ألسنة بعض العرب الذين غيّروا جلودهم وتخلّوا عن انتمائهم القومي تحت ذرائع مشبوهة . واللافت أن هذا الذي يجري في أقطار الوطن العربي من أقصى مشرقه إلى أقصى مغربه ليس سوى استمرار للهجمات المتلاحقة والهادفة إلى زعزعة الكيان التاريخي لهذا الوطن الكبير وإرباك أبنائه وصرفهم عن تحمل مسؤوليتهم في هذه الحقبة الخطرة من تاريخ الإنسانية . ولا ريب في أن أغلب ما يجري يثير الفزع ويضاعف من حالات الإحباط واليأس حتى عند أكثر المتفائلين وأشدّهم تشبثاً بالأمل، إذ ما من قطر عربي إلاّ ويعاني من حالة اضطراب تكبر مساحتها أو تصغر، والأخطر في الأمر أن الأقطار العربية التي كانت تشكل مركز النهوض والتجاوز باتت تشكل بؤرة الاضطرابات وتدفع بقية الأقطار إلى ظروف مشابهة وإلى صراعات ما كانت لتخطر على بال .
وماذا يتبقى من الوطن العربي إذا خرجت مصر والشام والعراق، هذا الثالوث المقدس للوحدة والتغيير والاستنارة؟ وما الذي تنتظره المجتمعات العربية في كل الأرض التي تأخذ هذه الصفة من مشاريع مستقبلية بعد أن تمحورت الصراعات والخلافات الراهنة على الماضي والدوران في فلك التعصب والكراهية ورفع وتيرة الخصام مع الحاضر والمستقبل؟ ولماذا ونحن نضع أقدامنا بالقرب من منتصف العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين نغرق في السجالات التي كانت الأمة قد تجاوزتها وبدأت تتجه صوب الطريق الذي يضمن لها التقدم ولأبنائها المزيد من الوئام والعيش المشترك؟ أسئلة كثيرة تحاصر المواطن العربي، وإجابات أكثر لكنها لا تلقى من المتصارعين آذاناً صاغية فقد جعلهم الاصطفاف المغلوط في وضع يتلاقى فيه الصمم مع العمى، وما يرافقهما من موت الإحساس والإدراك .
لقد كانت هناك في الواقع العربي وما تزال حالات من الانحراف الخطر في السلوك السياسي والاجتماعي، ومعالجة هذه الحالات لا تكون بالهروب منها أو مواجهتها بالتفتت والانحياز إلى التخندق في الانتماءات الضيقة وضرب قواعد الألفة والأواصر الجامعة، ولا بالاستقواء على الآخر الذي هو هنا أخي وابن وطني ولا تكون المواجهة أيضاً باستنفار أقلية طائفية أو مذهبية والدفع بالآخر للبحث عن مصادر استقواء مماثلة ، وما يترتب على مثل هذا التخندق المعيب من عبث وإهدار للطاقات وإغراق المجتمعات بمزيد من البؤس والحرمان، وتجاهل الهبوط المستمر في التعليم والخدمات الصحية، وتعطيل كل المبادرات الهادفة إلى وضع حلول للمشكلات المزمنة، وما أكثرها في مجتمعاتنا التي عانت وتعاني من غياب الحرية من الاختلال في تطبيق مبادئ المواطنة الفاعلة على أكثر من صعيد .
ويظل السؤال الأساس قائماً وهو: ما الذي جرى ويجري هنا وهناك في هذا القطر العربي أو ذاك؟ ومن بين الإجابات العديدة القول بأن ذلك نتيجة حتمية لمظاهر الانحراف الذي انطلقت منه مشاعر الكراهية من مكامنها، وما رافق ذلك من انقسام كل قطر عربي على نفسه، يحارب بعضه بعضاً ويكيد بعضه لبعض، والمثير واللافت هو: كيف اكتشفنا بعد عصور من الألفة والتعايش بين كل مكونات مجتمعاتها، أننا مختلفون في حين أننا لسنا كذلك، إنما هي أطماع حفنة من الساسة الطامحين والطامعين الذين يعرفون كيف يستغلون مشاعر البسطاء من الناس تحت دعاوى لا أساس لها من دين أو مذهب، فلم يكن الدين إلاّ قوة توحيد ومنهج تقارب، كما لم تكن المذاهب سوى اجتهادات فكرية لا يمكن لها أن تتناقض أو تتجاوز روح العقيدة .
ومن هنا يأتي دور العلماء ورجال الفكر والدعاة الصادقين في تصحيح الأعوجاج العقائدي والفكري وإعادة الجانحين إلى جادة الصواب حفاظاً على الدين وحرصاً على الوطن الذي يوشك أن يتهاوى تحت وطأة الخلافات التي بدأت تسحق مشاعر أبنائه وتعيدهم إلى المرحلة التي انطلقت منها مقولة “تفرقوا أيادي سبأ”!!


رد مع اقتباس