المقالات في الصحف المحلية
|
المقالات في الصحف المحلية
|
حديث القدس: ماذا بعد؟!
بقلم: أسرة التحرير
المقدسيون لا ينتظرون طعاماً او حقائب مدرسية!!
بقلم: سمير عزت غيث
كلام أوروبا وفعلها
بقلم: عوني صادق
إسرائيل سبب اللاسامية
بقلم: جهاد الخازن
الصهيونية واليهود وصناعة الخوف
بقلم: محمد خالد الأزعر
المفاوضات الأميركية - الإيرانية... الى أين؟
بقلم: هدى الحسيني
أطراف النهار: السبت الميّت؟
بقلم: حسن البطل عن جريدة الأيام
لأنه أصبح يحدد شرط التفاوض ويملك رداً على الاستيطان وتصالح مع "حماس"... أبو مازن بعد عرفات في مرمى الاستهداف الإسرائيلي
بقلم: حسين حجازي
الــــدور الــــمــــفــــقــــود
بقلم: صادق الشافعي
الأسرى يوجهون رسائلهم الأخيرة !!!
بقلم : عبد الناصر النجار
غياب الأدوية في وزارة الصحة.. إلى متى؟؟
بقلم: صلاح هنية
زَمَن المُصالَحَة يا صالْحَهْ
بقلم: آصف قزموز
أول الرقص حنجلة
بقلم: وليد بطراوي
تغريدة الصباح – الشحيحون والمشي النكير
بقلم: عدلي صادق
علامات على الطريق - إسرائيل والدائرة المغلقة!
بقلم: يحيى رباح
نبض الحياة – المسألة العراقية
بقلم: عمر حلمي الغول
لن يهزم المحتل أسرانا، ولكن..
بقلم: جواد بولس
مقالات جريدة القدس,,,,,
حديث القدس: ماذا بعد؟!
بقلم: أسرة التحرير
ما كشفته وسائل الاعلام الاسرائيلية امس من مخططات لبناء 12 ألف وحدة استيطانية في تكتل استيطاني واحد - موديعين - خلال السنوات الأربع القادمة وإقرار حوالي مائتي وحدة استيطانية في مستوطنة «بسغات زئيف» وقبل ذلك الاعلان امس الأول عن 1500 وحدة استيطانية جديدة وقبل أسبوع الاعلان عن أكثر من 3 آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية بما فيها القدس، وما يمارس بحق الأقصى المبارك والأماكن المقدسة عموما من انتهاكات فظة للقانون الدولي، يؤكد ان اسرائيل أسدلت الستار على ما يسمى «عملية السلام» وانها تدفع بقوة نحو التصعيد وهو ما يؤكده ايضا موقفها المتعنت من الإضراب عن الطعام الذي يخوضه المعتقلون الاداريون، مع كل ما يعنيه ذلك من رسم صورة قائمة للأسف للتداعيات والتطورات القادمة.
والسؤال الذي يطرح إزاء ما يبدو كهوة شاسعة بين ما تمارسه اسرائيل على الأرض من استيطان وتهويد للقدس وترسيخ للاحتلال وإمعان في إيذاء الشعب الفلسطيني وأسراه وبين ما يبدو كعجز في مواجهة ذلك عربيا وإسلاميا وفلسطينيا وتواطؤ من دول غربية، السؤال الذي يطرح هو: الى اين نسير؟ وما العمل؟ وكيف للساحة الفلسطينية ان تستعيد زمام المبادرة لترسيخ حقيقة الرقم الفلسطيني الصعب وتنقل رسالة اكثر جدية لاسرائيل وحلفائها من بيانات الشجب والاستنكار او نوايا التوجه للمنظمات الدولية او الدعوات الموجهة للعرب والمسلمين بالتحرك ؟
ان ما يجب ان يقال ازاء هذا الواقع المأساوي الذي يفرضه الاحتلال على شعبنا الفلسطيني ان من غير المعقول او المقبول ان يتواصل كل ذلك دون موقف فلسطيني موحد وجاد يشكل ركيزة أساسية لموقف عربي - إسلامي ومن ثم لموقف دولي ضاغط على اسرائيل وقادر على إلزامها بوقف كل هذه الانتهاكات.
وللأسف الشديد، وعلى الرغم من إعلان اتفاق تطبيق المصالحة وتشكيل حكومة التوافق الوطني الا اننا لا زلنا نشهد مؤشرات مقلقة ومواقف متضاربة وأداء مختلف هنا وهناك، وهو ما يضر بمصداقية الموقف الفلسطيني من جهة ويعيق جهود مواجهة التحدي الحقيقي للاحتلال الاسرائيلي.
كما ان ما يجب ان يقال ان إضراب الأسرى الذي تجاوز الخمسين يوماً وبالرغم من فعاليات التضامن الا ان هذه الفعاليات لا زالت أقل من مستوى الحدث شعبياً ورسمياً، كما ان التحرك على الصعيد الدولي ما زال ايضاً أقل من مستوى الخطورة الحقيقية التي يتعرض لها الأسرى المضربون عن الطعام، وهو تحد يختلف عن التحديات الأخرى كالاستيطان والانتهاكات اليومية لحقوق المواطنين.
ولذلك نقول ان تجاوز هذه المرحلة الحرجة من عمر قضيتنا عموماً وقضية أسرانا خاصة بات يتطلب جهداً أكبر ووحدة أمتن وتحركاً أوسع على كل الأصعدة، فما الذي يمنع مطالبة العرب بالتوجه الى مجلس الأمن مع هذا السيل الجارف من الاستيطان اللاشرعي ؟ وما الذي يمنع اتخاذ موقف عربي ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل بشأن قضية الأسرى ؟ أو بشأن دولة تجرأت على مخالفة قرارات الشرعية الدولية فأعلنت ان القدس العربية غير محتلة ؟
المقدسيون لا ينتظرون طعاماً او حقائب مدرسية!!
بقلم: سمير عزت غيث
لو تجولت في أسواق المدينة المقدسة داخل أسوارها وخارجها في اي وقت تشاء اثناء الذروة او عند السكون كي تتعرف على حالة تجارها واقتصادها من خلال عملية البيع والشراء والانتاج والاستيراد لانتهيت الى قناعة تثبت وهناً في القدرة وضعفاً في الحركة يمر بها الاقتصاد المقدسي وكم هي معاناة التجار ورجال الأعمال جراء انفاقات لا تتناسب مع حجم المبيعات وفي مقدمتها انفاقات الضرائب المفروضة قسراً والتي تغمض عيناك هنيهة من حيث عدم الالتزام بدفع فاتورة اي منها فان القانون يجيز المعاقبة وتقييد الحركة في كل الاتجاهات الى جانب مضاعفة الارقام الحسابية بلا مراعاة مهما كانت الاسباب.
جميع التجار يعولون على الزوار في المناسبات وغيرها لكنهم اصبحوا لا يلمسون ثماره كما كانت التوقعات بل تزداد الاوضاع سوءاً ويستمر رأس المال في التآكل مما يؤثر ذلك على حجم تجارتهم والتوقف او الحذر في جلب المزيد او التوسع في غياب افاق تظهر ملامح المستقبل.
شعارات الصمود التي تخرج من هنا وهناك كلما المت كارثة او مصيبة بالمقدسيين على املاكهم والنيل من امكانياتهم لزعزعة بقائهم ووجودهم لم تعد تخدعهم او تدغدغ عواطفهم واصبحت تمر على مسامعهم مثل غمامة صيف عابرة لا تسقط غيثا.
سمعنا من عدد من التجار ونحن نتجول في احد الاسواق جملة واحدة لا تتعدى سطر واحد او سطرين من الكلام: لا نريد طعاما او حقائب مدرسية من قادتنا عربا ومسلمين بل نريدهم ان يدفعوا عنا فاتورة «الارنونا» حتى نحترم شعاراتهم وتصبح ذو قيمة ومعنى.
بالفعل ليست ضريبة «الارنونا» عبئا بحد ذاته على المقدسيين تجارا ومواطنين عاديين بل هي جزء مما يقع عليهم من اعباء لو ازيح عن كاهلهم فان الصمود يصبح واقعا.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه: هل وصلت الرسالة ام نظل نضيعها بجمل مختلفة وتحمل نفس الفكرة حتى يتم القاء شعلة الواجب وتعلو الهمة ..؟!
كلام أوروبا وفعلها
بقلم: عوني صادق
لعل أكبر الأوهام التي عاشتها، ولا تزال تعيشها القيادات الفلسطينية منذ "برنامج النقاط العشر" المعتمد في العام ،1974 هو الوهم المراهن على ما يسمى "المجتمع الدولي" لاسترداد حقوق الشعب الفلسطيني في وطنه . و"المجتمع الدولي" في مفهوم وعرف هذه القيادات، كان ولا يزال ممثلاً في الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، حتى عندما كان لا يزال "الاتحاد السوفييتي" السابق قائماً .
وإذا كانت، ولا تزال، هذه القيادات ترى وتعرف أن الولايات المتحدة ليست إلا اسماً آخر لإسرائيل، إلا أنها رأت دائماً وترى أنها مجبرة على الاعتماد عليها وتفويضها "راعية لعملية السلام"، وترى أن الاتحاد الأوروبي في الوقت نفسه صديقاً أقرب، متعاطفاً مع الشعب الفلسطيني وقضيته، مع أن لا أحد يستطيع ألا يرى تبعية هذا "الصديق" للولايات المتحدة، ولو سياسياً على الأقل .
وليس مجهولاً لأحد أن هذه "الرؤية الفلسطينية" تأتي من أمرين: الكلام المعسول الذي تسمعه القيادات الأوروبية للقيادات الفلسطينية، والمساعدات المالية (المشروطة) التي تقدمها لها . وهكذا تكون المعادلة: قوة ونفوذ الولايات المتحدة، ومنح ومساعدات الاتحاد الأوروبي . لكن الحقائق عنيدة، كما يقال، وما أسهل أن تنكشف حقيقة هذا الصديق!
ففي يوم الأحد الماضي (8-6-2014)، وقع الاتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني اتفاق تعاون علمي، في إطار البرنامج العلمي الأوروبي المعروف باسم (هورايزون 2020)، والذي شكل لفترة طويلة موضوع خلاف بسبب النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في حزيران 1967 .
وتم التوقيع بحضور رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، الذي لم يفته أن يشارك في "مؤتمر هرتسليا" الأمني الإسرائيلي بكلمة، أظهرت مدى الحرص الأوروبي على "السلام في الشرق الأوسط"!
والبرنامج الذي تمت المصادقة على مشاركة الكيان الصهيوني فيه، خصص له ميزانية بلغت (80 مليار يورو)، حصة إسرائيل منها (4 .1 مليار يورو)، لتمويل البحث والابتكار . والكيان الصهيوني هو الدولة الوحيدة غير الأوروبية التي سمح لها بالمشاركة فيه . وقد قال باروزو، فيما يشبه تبرير هذه المشاركة: "إن إسرائيل تقوم بدور مهم في البحث والابتكار، وهي شريك مهم للاتحاد الأوروبي في هذه المجالات" .
وكانت المفاوضات بين الجانبين شاقة في الفترة التي سبقت التوقيع، ولكن في تشرين الثاني 2013 تم التوصل إلى "تسوية" بين الحكومة الإسرائيلية ووزيرة خارجية الاتحاد، كاترين أشتون، أرضت الطرفين . والحقيقة أنها أرضت الحكومة الإسرائيلية، وقبلتها أشتون كحيلة تغطي تراجع الاتحاد، حيث نص الاتفاق على أن "تحترم بالكامل المتطلبات القانونية والمالية للاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه الحساسيات السياسية والمواقف المبدئية لإسرائيل"! ورفض نتنياهو أن تذكر حدود 1967 في الاتفاق . لكن هذه "التسوية" تضمنت بنداً ينص على: "أن أي كيان يعمل وراء الخط الأخضر سوف يكون قادراً على التقدم بطلب الحصول على قروض مالية من ميزانية البحث العلمي الإسرائيلية، وليس من أموال هورايزون 2020" .
وقد اعتبرت جهات فلسطينية أن في الاتفاق ما ينطوي على اعتراف بضم القدس الشرقية، وقد أكد تصريح للمسؤول المالي الإسرائيلي في المشروع هذا المعنى أيضاً!
وكعادته، وعادتها، سارع الاتحاد الأوروبي وبعض دوله، بصورة جماعية وفردية، إلى إدانة الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة، وخصوصاً الاستيطانية منها، رداً على تشكيل "حكومة الوفاق الوطني" الفلسطينية، التي جاءت ثمرة لاتفاق المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس"، ثم جاء التوقيع على البرنامج العلمي . وفي كلمته التي ألقاها في مؤتمر هرتسليا، قال باروزو: "من أجل سلام مستقبلي، وتشكيل حكومة شرعية تمثيلية، يجب دعم المصالحة الفلسطينية" . لكنه استدرك معيداً "شروط الرباعية" قائلاً: "على أي حكومة فلسطينية أن تلتزم بنبذ العنف وبحل الدولتين مع التوصل إلى تسوية للنزاع عبر التفاوض وقبول الاتفاقيات والاعتراف بإسرائيل"! ودعا باروزو إلى "التحلي بالشجاعة السياسية واتخاذ خطوات حاسمة والرهان على السلام"!
وهكذا تتكشف صداقة "الاتحاد الأوروبي الصديق" عن كلام معسول وحفنة من الدولارات، وحض وتشجيع للقيادة الفلسطينية على التفاوض والتنازل عن الحقوق، باسم الحرص على السلام! أما المواقف الفعلية فهي دائما في السلة "الإسرائيلية" . ولقد تحدث البعض وبالغ في موضوع حملة المقاطعة ضد المستوطنات، وأهميتها خصوصاً في أوروبا، لأنها تستورد ما نسبته 32% من الصادرات "الإسرائيلية" .
وذهب البعض إلى تقدير الخسائر الإسرائيلية المتوقعة جراء ذلك بنحو (8 مليارات دولار) . لكن مصادر إسرائيلية قالت إن حملة المقاطعة تراجعت كثيراً في الفترة الأخيرة، وبالذات في أوروبا، وذكرت موقف أكبر منظمة طلابية أوروبية كانت قد رفضت المقاطعة، وقرار المحكمة العليا في بريطانيا الذي قضى بأن نشاط المستوطنات لا يتعارض مع القانون الدولي، وصندوق التقاعد الهولندي الذي سحب موقفه الذي كان مؤيداً للمقاطعة، وذلك وفقاً لصحيفة (معاريف) الإسرائيلية .
وبطبيعة الحال، فإن مواقف الشعوب الأوروبية ليست متطابقة مع المواقف الرسمية للاتحاد الأوروبي، لأن "الديمقراطية" لا تسمح بالتطابق، لكن الاعتبار في النهاية للمواقف الرسمية، ومن دون نكران لتأثير محدود لمنظمات المجتمع المدني . والقراران الأخيران للاتحاد حول الموقف من النشاط الاستيطاني، والموقف من "حكومة الوفاق" الفلسطينية، يظهران كيف تلتف حكومات الاتحاد على التعاطف الشعبي وتنتهي بتجاهله، إذ ربط القرار الأول بين موافقة القيادة الفلسطينية على استئناف المفاوضات ووقف الاستيطان، واشترط الثاني دعم الحكومة الفلسطينية بالتزامها بشروط الرباعية الدولية! وهكذا تظهر الحاجة مجدداً إلى عدم الأخذ بنصيحة السنيور باروزو .
إسرائيل سبب اللاسامية
بقلم: جهاد الخازن
أكثر من بليون إنسان حول العالم «يحملون وجهات نظر لا سامية».
من يقول هذا؟ تقوله رابطة مكافحة التشهير باليهود التي أُسست أصلاً للدفاع عن اليهود وانتهت بالدفاع عن إسرائيل، أي عن دولة مستوطنين صهيونيين أصلهم من الخزر يمارسون القتل والاحتلال والتشريد ولا حق لهم إطلاقاً بالوجود في أرض فلسطين.
يتبع ما سبق أن إسرائيل والمدافعين عنها هم أول سبب وأهم سبب للاسامية، فجرائم إسرائيل يراها العالم ويُحمّل يهود العالم كلهم وزرها، مع أن فيهم بعض أفضل طلاب السلام في العالم، وأختار أمثالاً «إسرائيلية» عليهم مثل أميرة هاس وجدعون ليفي ونوريت بيليد وميكو بيليد وغيرهم.
رابطة مكافحة التشهير باليهود أجرت استفتاء حول العالم شمل 53100 شخص وجهت إليهم الأسئلة التالية:
1- اليهود أكثر ولاء لإسرائيل من البلدان حيث يعيشون.
2- اليهود لهم نفوذ عالٍ في عالم البزنس.
3- اليهود لهم نفوذ عالٍ في الأسواق المالية العالمية.
4- اليهود يتحدثون كثيراً عمّا حلّ بهم من الهولوكوست.
5- اليهود لا يهتمون بما يصيب الناس غير اليهود.
6- اليهود عندهم سيطرة كبيرة على الشؤون الدولية.
7- اليهود عندهم سيطرة كبيرة على الحكومة الأميركية.
8- اليهود يعتقدون أنهم أفضل من الناس الآخرين.
9- اليهود يمارسون سيطرة كبيرة على الميديا العالمية.
10- اليهود مسؤولون عن معظم الحروب في العالم.
11- الناس الآخرون يكرهون اليهود بسبب تصرفاتهم.
الاستفتاء السابق يعني أنني والقارئ العربي لهذه السطور متهمان باللاسامية، إلا أنني أتكلم عن نفسي فقط وأقول إنني أردّ بالإيجاب على الأرقام واحد و7 و8، ونتائج الاستفتاء تظهر أن حوالى نصف العالم الذي يعرف اليهود يعتقد أنهم يقدمون مصلحة إسرائيل على مصلحة البلاد التي يقيمون فيها ما يعني أنهم متهمون بالخيانة. وعندنا في رابطة التشهير باليهود وايباك والميديا الليكودية الأميركية أمثال واضحة على تقديم الولاء الإسرائيلي.
وأقبل أن اليهود يديرون السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، لا العالم كلّه، بعد أن اشترى لوبي إسرائيل عدداً كافياً من المشترعين الأميركيين، ثمّ استشهد برأي الحاخام الراحل عوفاديا يوسف المعلن والمنشور أن سكان العالم كلّه يجب أن يكونوا خدماً لليهود لإثبات أنهم يعتبرون أنفسهم أفضل من غيرهم.
في المقابل، اليهود لهم نفوذٌ كبيرٌ في مجالات البزنس والأسواق المالية والميديا، إلا أنني أعزو هذا إلى مهاراتهم ولا «أعترض» ولا أرى هذا لاسامية، وإنما أراه تقصيراً من الآخرين.
وثمة سؤال مهم في الاستفتاء عن مسؤولية اليهود عن معظم الحروب في العالم، فجوابي هو لا قاطعة. المسؤول عن أكثر الحروب هو الغرب المسيحي لا اليهود، وأسوأ الحروب كان الحروب الدينيّة، ولاساميّة الغرب المسيحي انتهت بالمحرقة النازية وقتل ستة ملايين يهودي.
الألمان دفعوا تعويضات أو «خوّة» لليهود الناجين من المحرقة، إلا أننا دفعنا ثمناً أغلى كثيراً عندما ساعد الغرب المسيحي اليهود على احتلال فلسطين تكفيراً عن ذنوبه وليس لأي ذنب نحن اقترفناه.
بالتأكيد هناك لا سامية وأصرّ على أن إسرائيل مسؤولة عنها قبل أي طرف آخر، ومعها أنصاره.
الصهيونية واليهود وصناعة الخوف
بقلم: محمد خالد الأزعر
ينشد المستحيل من يبحث عن أبعاد أو نوازع إنسانية بحتة في الحركة الصهيونية. وقد كانت الأذرع والأجنحة الدعائية والاستخبارية في طليعة السياقات التنظيمية التي كونتها الحركة على نطاق عالمي. وقد أنيط بهذه الأذرع التغلغل في أوساط اليهود، وإقناعهم بكل السبل بفكرتها عن الملاذ الأخير والوحيد من الاضطهادات المزمنة التي تلاحقهم في مختلف المواطن. والواقع أن المساعي الصهيونية غير الحميدة لاستغلال مفهوم الاضطهاد والبناء عليه، لتمرير سلوك النزوح والهجرة إلى «الوطن الملاذ»، لم تكلل بمقادير متساوية من النجاح. فقد اختلفت ردود أفعال اليهود تجاه هذه المساعي، وفقاً لتباين أوضاعهم وموروثاتهم التاريخية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والحقوقية. وفي هذا المضمار، تحققت أقصى مراتب النجاح بين أوساط يهود روسيا وشرق ووسط أوروبا، باعتبارهم الأكثر انكشافاً وخضوعاً لموجات من الاضطهاد والغضب العام.
وليس هنا مقام تفنيد هذا الزعم. لكن المفاهيم الانعزالية للصهيونية وقعت هناك على بيئة مواتية، بحيث أينعت وآتت أكلها بنشاط تعبوي محدود، قياساً بما تم بذله في عوالم أخرى كالمنطقة العربية. وقناعتنا بهذا الخصوص، أن لعنة هذه المفاهيم كانت، ولعلها ما زالت، تجد ضالتها في الرواج والانتشار في البلاد التي يتشبع فيها اليهود بهواجس الانسحاق تحت الاضطهاد النوعي الديني. وهو وتر كانت الصهيونية تعرف كيف تنميه وتعزف عليه. لقد ساهمت الصهيونية عن عمد وسابق تدبير، في إيقاد نيران الفتن ضد اليهود، طالما كان هذا المناخ حافزاً على استقبال رؤاها وخطابها الأيديولوجي السياسي بقبول حسن.
ولم يكن هذا متوافراً لها في الحالة العربية. فمن المفارقات التي تغفلها الأدبيات الصهيونية أن اليهود العرب لم يتعرضوا لمبادرات عنصرية لافظة أو طاردة لهم بقوة وعنف على غرار «المحارق الأوروبية». ولذا، لا نعثر على موجات كبيرة لهجرة هذا القطاع من الرحاب العربية قبل 1948. كان اليهود جزءاً من النسيج العربي بكل مكوناته. ولم يحل الاختلاف الديني العقيدي بينهم وبين احتلال مكانات رفيعة على مختلف الصعد. ولا يبالغ من يذهب إلى أن بعضهم استحوذ في بعض الأقطار العربية على مواقع نوعية، تفوق كثيراً ما كان ينبغي لهم إذا ما روعي عنصر الكم وحده.
من هنا كانت صعوبة استقطاب اليهود العرب حول الصهيونية ومشروعها الاستيطاني بالأدوات الدعائية والأيديولوجية البحتة؛ التي تم التوسل بها في عالم الغرب. ومن هنا أيضاً، كان الجنوح الصهيوني نحو استخدام أدوات العنف الرامية إلى إثارة معاني الاضطهاد، واصطناع الخوف بين اليهود باصطناع موجباته، الأمر الذي حدث فعلاً غداة 1948، فكانت التفجيرات المعززة بأحاديث الوعيد ضد أهداف يهودية في كل من العراق واليمن وتونس وليبيا والمغرب.
وعلى رغم الخبث الشديد والتكتم والسرية المطلقة، التي أحاطت بتلك الأعمال الإجرامية، فإن الحقائق الخاصة بها راحت تتكشف تباعاً. أدبيات الصراع الصهيوني العربي، المعتمدة على جهود بحثية صارمة، تزخر بالروايات السود حول دور الاستخبارات الصهيونية الإسرائيلية بعد 1948 في هجرة يهود اليمن بعملية «البساط السحري»، وهجرة يهود العراق بعملية «عزرا ونحميا»، وهجرة يهود ليبيا عبر تدبير اعتداءات على بعضهم بالتزامن مع حرب 1967.
للإنصاف، فإن طائفة معتبرة من هذه الأدبيات، استندت إلى أعمال أكاديميين وصحافيين إسرائيليين عدول. ومن أحدثها البحث الذي أنجزه المؤرخ يجال بن نون من جامعة بار ايلان، مؤكداً فيه أن «جهاز الموساد أرسل قبل خمسين عاماً خلية كبيرة إلى المغرب لتنفيذ عمليات إرهابية ضد اليهود، تؤدي بتداعياتها إلى استفزازهم للهجرة إلى إسرائيل». وتوصل بن نون إلى أن رجال الخلية لم يتورعوا عن تهريب يهود مغاربة على متن سفينة كانوا يعلمون أنها غير صالحة للإبحار. وهي غرقت بالفعل مع ركابها الأربعة والأربعين. كل هذا الإجرام لأجل إثارة ضجة عالمية تتعاطف مع اليهود «الذين يموتون غرقاً وهم يسعون إلى الخلاص من حكم عربي إسلامي يضطهدهم». هذا فيض طازج من غيض الوسائل الصهيونية لتحقيق غايتهم .
وإذا كان شأن الصهيونية مع بعض اليهود على هذه الشاكلة من السلوك الهمجي، فكيف الحال مع «الأغيار» العرب والفلسطينيين؟
المفاوضات الأميركية - الإيرانية... الى أين؟
بقلم: هدى الحسيني
عندما وقعت أحداث أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، توقع كثيرون أن تغرق روسيا بتلك الأزمة فيتغير الوضع في سوريا. هذا بالفعل ما خطط له الأميركيون إنما لأبعد من سوريا أي حتى إيران.
تحريك أوكرانيا كان للضغط على الروس لتغيير موقفهم من سوريا، وإذا ما انشغل الروس بأوكرانيا تضعف إيران. كانت الفكرة أنه عندما ترى طهران أن موسكو بدأت تتراجع في سوريا، تصبح متوترة وعندها تبدأ التفاوض بجدية.
ما حصل كان العكس وباعتراف مصدر أميركي وثيق الاطلاع، ضمت روسيا جزيرة القرم، فأعلن صندوق النقد الدولي أنه يتعهد بمبلغ 17 مليار دولار، لكن تسهيلات صندوق البنك الدولي تأتي بشروط، واكتشف الغرب أنه لتصحيح الاقتصاد الأوكراني هناك حاجة لضخ 25 مليار دولار فورا، الأمر غير المتوفر خلال الأزمة الاقتصادية العالمية، وهكذا أثبت الروس أنهم قادرون على تجاوز الخضات، وأن لديهم استراتيجية يتبعونها وشعر الغرب بأنه في وضع لا يحتمل ردا عسكريا ولا ردا اقتصاديا، لأن المقاطعة التي استطاعوا تطبيقها كانت ضد أشخاص، خصوصا أن الشركات الغربية الكبرى (أميركية، بريطانية، فرنسية، ألمانية إلخ..) تستثمر في روسيا مثل شركتي النفط «إكسون»، و«بي. بي»، والشركة الألمانية «سيمنز»، ثم إن شركة «كوكا كولا» تبيع بمبلغ سبعة مليارات دولار سنويا في روسيا.
رأت روسيا أن الغرب يستعمل أوكرانيا كجبهة له في مواجهتها، لم تلجأ إلى المواجهة المفتوحة، لجأت إلى استغلال نقاط الضعف وأبرزها الاقتصاد الأوكراني، وبالتالي إذا اختار الغرب استعمال أوكرانيا ضدها، فلير كم سيكلف ذلك.
كل هذا جعل الإيرانيين يشعرون بأنهم أقوى، والنظام السوري أكثر ثقة لأن الروس أثبتوا أن لهم وجودا، وأنهم حاسمون ولم يتراجعوا.
يقول: باختصار أميركا تريد الانسحاب عسكريا وعدم الدخول في حروب جديدة، والأفضلية للسياسة الأميركية «الحالية » الوصول إلى اتفاق مع إيران، ولن ترد على البعض الذي يتساءل، لماذا لا تطلب الموضوع السوري من إيران؟
إدارة الرئيس باراك أوباما ترفض «مزج الأمور»، بعد الاتفاقية (!) تستطيع أن تناقش أمن الخليج، الإرهاب وعملية السلام «لأن لإيران دورا في كل هذه القضايا».
ترى الإدارة الأميركية في الاتفاق النووي أنه سيقوي جبهة الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، لأن برنامج روحاني الانتخابي «وعد» بتحسين الاقتصاد ورفع العقوبات، وكان هناك تلميح لإطلاق سراح السجناء السياسيين، لكن حسب مفهوم الإدارة الأميركية فإن المتشددين في إيران والحرس الثوري لا يريدون هذا وقد «يزعزعون» المفاوضات.
السؤال الملح لدى الإدارة الأميركية هو: هل الاتفاق سيتم التوصل إليه قبل 22 (تموز) المقبل – الوقت الزمني الذي حدد لانتهاء الستة أشهر المفروضة للمفاوضات – أو بعد انتخابات الكونغرس في شهر تشرين الثاني المقبل.
إذا لم يحصل الاتفاق سيكون أمام أوباما خياران: إما فرض مقاطعة إضافية أو الحرب، لكن لا يمكن لأوباما أن يتدخل عسكريا.
يقول محدثي: السلاح الأميركي هو المقاطعة.
في زيارته الأخيرة واجتماعه مع وزراء دفاع دول مجلس التعاون الخليجي، سمع تشاك هيغل وزير الدفاع الأميركي وجهة نظر تقول إن اتفاقا نوويا حسب الشروط الإيرانية سيساعد إيران على كسر الحصار الاقتصادي والمالي وتصبح أكثر تركيزا على إثارة المشكلات، وستزداد قوة (ما جرى يوم الاثنين في تركيا خرق لنظام المقاطعة).
كان الرد الأميركي أن للولايات المتحدة 35 ألف جندي في الخليج، نشرت شبكة نظام صواريخ دفاعية، لها 50 سفينة حربية، أعدت خططا حديثة لمواجهة أي تحرك إيراني، باعت الدول الخليجية أحدث الأسلحة، ثم لديها طائرات «إف - 22» المقاتلة الأكثر تقدما، وأجرت مناورات عسكرية مع دول الخليج وأخيرا هي ملتزمة بأمن الخليج.
الاتفاق مع إيران لن يكون إلا حسب الشروط الأميركية: ستصر على «تفتيش اقتحامي» بحيث يحق للمفتشين الذهاب إلى أي مكان، وفي أي وقت وسيكون هناك رقابة دائمة، حتى إذا خدع الإيرانيون تعود المقاطعة!
يقول المصدر الأميركي، إن الرئيس أوباما يفكر بتركته، وهناك شعور أنه إذا اتفق الأميركيون والإيرانيون ورفع الحصار، يمكن لإيران أن تنفتح أكثر على الدول الخليجية، ثم إذا وقعت أميركا على الاتفاقية مع إيران فإنها ستبذل جهدها لتثبت للخليج أنها ملتزمة بأمنه!
كيف؟ يجيب: ستطلب من إيران تعديل وتغيير مواقفها إزاء التدخل في البحرين واليمن ولبنان، الآن لا تريد طرح هذه القضايا (...) إذا وقعت الاتفاقية سيكون على إيران تغيير مواقفها من التدخل ودعم الإرهاب.
حسب محدثي، فإن التوصل إلى اتفاق يعني انتصار المعتدلين في إيران وهذا ما تريده واشنطن، لأنه مع الاتفاق ستتغير السياسة الإيرانية تجاه الخليج، بحيث «تصبح أكثر إيجابية» وقد تؤثر على الرئيس السوري بشار الأسد وسياسته. يضيف: طرح الإيرانيون استعدادهم لإخراج كل الموالين لهم من المسلحين من سوريا مقابل انسحاب بقية المسلحين الآخرين، والذي حدث أنه عندما دعا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة إيران للمشاركة في اجتماعات جنيف (بين النظام السوري والمعارضة)، حصل ضغط من «إيباك» والجمهوريين على أوباما، «لذلك تقول الإدارة لا نريد فعل أي شيء، (سوريا، فلسطين) حتى تنتهي المفاوضات حول النووي مع إيران».
يصر على أن الإدارة كانت تريد مشاركة إيران في تلك المفاوضات، لكن بسبب الضغط تراجعت، إلا أنها حتى الآن ترى أنه لحل الموضوع السوري هناك حاجة إلى المملكة العربية السعودية، وإيران، وتركيا والأردن وروسيا بالإضافة إلى أميركا.
وقبل الوصول إلى سوريا، فإن الولايات المتحدة خائفة في حال تم التوصل إلى اتفاق مع إيران، أن تقوم إسرائيل وأصدقاؤها والجمهوريون وبعض النواب الديمقراطيين بعرقلته، فلا يرفع الكونغرس قرار المقاطعة. «عندها ستحرج أميركا أمام العالم الذي ستكشف له إيران كيف تتعامل الدولة العظمى مع توقيعها، لهذا أوقفت عملية السلام الفلسطيني – الإسرائيلي لأنها لا تريد أن تضغط على إسرائيل».
من جهة أخرى عقدت «مشاورات» مباشرة بين إيران وأميركا. الأولى نسيت «الموت لأميركا» والثانية أرادت كسر الجمود. وقال مسؤول أميركي لوكالة «رويترز» إنه من أجل معرفة إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي مع إيران حول برنامجها النووي نعتقد أننا نحتاج إلى التواصل معها بدبلوماسية جد حيوية وهجومية.
هذا يكشف ألا تقدم في المفاوضات مع إيران، وأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق لا يكون اتفاقا حقيقيا لأن الكونغرس الأميركي يمنع ذلك، وقد يمنع تمديد المفاوضات ستة أشهر أخرى، كما ترغب إيران، إذا لم يكن هناك ما يثبت أن الأشهر الإضافية ستكون مثمرة. لذلك فإن محادثات جنيف الأميركية – الإيرانية هي موجهة للكونغرس الأميركي وليس لأي طرف آخر. أميركا تريد أن تقول إن هناك تقدما وبالتالي تمنع الكونغرس من التحرك لفرض مقاطعة إضافية، وإيران تريد إنهاء محادثات جنيف بطريقة تظهر تفاؤلها أيضا من أجل منع الكونغرس من الاستمرار في التشدد بالمقاطعة، لكن هل تستطيع إيران أن تقول علنا إن المحادثات جيدة وهناك تقدم؟
ما جرى في جنيف كان مجرد تقديم استعراض يقبل به الكونغرس. لكن السؤال هو هل الإيرانيون سيعطون حبلا طويلا لأوباما يستطيع السير عليه بين مقاعد الكونغرس؟ قد تعتبر الإدارة أن جلوسها للمرة الأولى وبشكل مباشر مع إيران ومن دون أوروبا، هو إنجاز بحد ذاته، وبالتالي على الكونغرس ألا يكسره أو يعطله. لكن ماذا على إيران أن تقول هي الأخرى للكونغرس الأميركي، فاللعبة فيها اثنان أميركا وإيران!
مقالات جريدة الأيام,,,,,
أطراف النهار: السبت الميّت؟
بقلم: حسن البطل عن جريدة الأيام
ليكن! أعطوا لأنفسهم يوم راحة في الأسبوع، ونسبوه إلى رب العالمين، خلافاً لما في آية "الكرسي" القرآنية. المسيحية اقتدت باليهودية، والإسلام اقتدى بالاثنين متأخراً في يوم الراحة الأسبوعية الرسمية في بعض الدول الإسلامية، لأن السبت هو "سبات" "وجعلنا الليل سباتاً والنهار معاشاً".
عملياً، فإن يوم الجمعة وصلاتها هو يوم "سبات"، الحركة في الدول الإسلامية، والسبت يوم "سبات - شابات" لدى أتباع الديانة اليهودية، والأحد يوم عطلة وسبات في الدول المسيحية .. وهكذا "يرتاح" أتباع الديانات السماوية ثلاثة أيام متتالية في أيام الأسبوع السبعة.
بقي السبت هو السبت لدى أتباع الديانات السماوية الثلاث، ولو من حيث الاسم في الديانتين اليهودية والإسلامية، ومن حيث الحرف (S) في دول الديانة المسيحية: Samedi بالفرنسية وSaturday بالانجليزية .. وربما في لغات فرنجية أخرى.
مثلاً هناك من يتسمّى، في الدول الإسلامية، "جمعة" ولا أحد يسمى "سبت" لكن في الدول المسيحية هناك من يسمى "سبت" ولكن بعد تحريفه الى "اليزابيت" والأصل هو "اليصابات = السبت".
يهمنا من وراء ذلك، أن معظم الصحافة اليومية إما "ترتاح" يوم الجمعة (ليرتاح القراء منها) فلا تصدر يوم السبت، وإما ترتاح يوم السبت فلا تصدر يوم الأحد.. وإما تصدر، كما في فلسطين، سبعة أعداد في سبعة أيام، دون راحة.
قبل اعتماد فلسطين رسمياً يوم السبت عطلة (لأن السبت اليهودي عطلة) كان موظفو الحكومة يجعلون السبت اليوم الأكثر قراءة للصحف الوطنية، وسايرهم في هذا أن اختار بعض كتاب صحيفة "الأيام" يوم "السبت" لكتابة مقالاتهم الأسبوعية، او نصف الأسبوعية. كان يوم الذروة في القراءة الصحافية وصار يوم موات.
هكذا، صار يوم الجمعة يوم همود الحركة في شوارع المدن والقرى، ويوم الولائم والطبخ العائلي ونفض البيوت، وأما يوم السبت، حيث تعجّ الحركة في الشوارع الفلسطينية، فصار يوماً للخروج بمشوار عائلي الى الخلاء، أو يوماً للتبضع من المحلات التجارية والزيارات والتسكع!
لكن، الذي تبلبل من إضافة السبت الى الجمعة يوم عطلة هو المدارس المسيحية في فلسطين، التي تعطّل الجمعة والأحد، ويداوم التلاميذ والطلاب يوم السبت، ولا أدري لماذا لا تكون العطلة الأسبوعية ثلاثة أيام، شاملة الجمعة والسبت والأحد لتنشيط الحركة التجارية وتقليل مصاريف شغل الحكومة!
من "ذكاء" موظفي القطاع الحكومي العام، أنهم كانوا قد تعمدوا اختيار يوم الخميس ليخوضوا إضرابات مطلبية، أو ليجمعوا اليوم الى عطلتي يومي الجمعة والسبت، وأحياناً يختارون يوم الاثنين لينعموا بأيام ثلاثة من العطلة.. إضافة لأيام إجازاتهم السنوية!
لكن، يحصل أن يصادف يوم عطلة رسمية فلسطينية أحد أيام الأسبوع، أو يوم إضراب واحتجاج وإغلاق عام وتام، كما في الإضراب العام تضامناً مع الأسرى الإداريين، يوم الاثنين الماضي من هذا الأسبوع.
قصدي من هذا العرض أن أطرح سؤالاً: لماذا ليس للصحافة الفلسطينية يوم عطلة أسبوعية، يصدر فيها ملحق أسبوعي من اعداد وطباعة اليوم السابق ويوزع يوم السبت مثلاً، حيث تتدنى نسبة قراء الصحف المتدنية أصلاً، كما هو الحال في لبنان العربي مثلاً، حيث تتوقف الصحف عن الصدور يوم الأحد، وهو يوم "ويك إند" او للرحلات ومشاوير النزهة أو "السيران" كما يقول إخواننا الشوام.
لدينا اتحاد للصحافيين والمحررين، لكن ليس نقابة لأصحاب ورؤساء تحرير الصحف كما في لبنان حيث "نقيب للصحافيين" وآخر "للمحررين" ومن ثم لا يتفق رؤساء تحرير الصحف الوطنية الفلسطينية على يوم مشترك لصدور الصحف.
كانت لجريدة "الأيام" تقاليد صدور خاصة في الصحافة الفلسطينية، اي بإصدار ملاحق أسبوعية، مثل "اليوم الثامن" وغيرها، ولا تزال "الأيام" ومطبعتها بالذات، تصدر ملاحق دورية منتظمة لصالح منظمات وحركات، وأحياناً تصدر ملاحق غير دورية، مثلما فعلت بإصدار ملحق رياضي دسم عن افتتاح مونديال البرازيل لكرة القدم وآخر يومي لمبارياته.
اذا كان يوم السبت هو، تقريباً، يوماً ميتاً في مطالعة الصحف اليومية، والتي لا تحتجب عن الصدور سوى في الأعياد الإسلامية الدينية الرسمية، مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، ومجموعهما، رسمياً، سبعة أيام .. لكن صحفنا تكتفي بيومين في عيد الفطر، وثلاثة أيام في عيد الأضحى، اي خمسة أيام على مدار السنة .. أووف!
انها تعمل كما الأفران، فهي "تعجن" في ليلة اليوم السابق، وتخبز في اليوم التالي، مع أن الأفران الحديثة لا تتوقف عن العجن والخبز يوماً واحداً، وقد لاحظتُ ان الصيدليات، التي كما الأفران لا تعطل أيام الإضرابات الوطنية، تغلق أبوابها يوم "الجمعة" بدلاً من مسايرة نظام عالمي في فتح "صيدليات مناوبة" .. وماذا إذا احتجت الى دواء ضروري في يوم الجمعة؟ عليك أن تشقى في البحث عن صيدلية نادرة مفتوحة، حيث تخلو صحفنا من نشر تذكرة للناس حول "الصيدليات المناوبة".
أعرف أن كتّاب الأعمدة اليومية في معظم الصحف والبلدان يكتبون خمسة أعمدة قصيرة في الأسبوع، لكن كتّاب الأعمدة في صحفنا (مثلي) مضطرون للكتابة سبعة أيام في سبعة، وعندما شكوت أمري لرئيس التحرير قال مداعباً .. ولماذا لا تكتب ثمانية أعمدة في أيام الأسبوع السبعة؟
أحياناً، التفّ أو أحتال على هذه المواظبة المرهقة 18 سنة، بإعادة نشر مادة قديمة غير سياسية يوم الجمعة، اذا كان عليّ واجب ثقيل في ذلك اليوم، أو بذريعة أن القارئ يتجدد خلال 18 سنة!
كنت، حتى سنوات قليلة خلت، أكتب واجبي العمودي من خارج البلاد .. لكن منذ العام 2009 صرت ألقم قراء العمود بمقالات قديمة، لمجرد أن رئيس التحرير يصر على ألاّ يغيب العمود عن الصدور يوماً واحداً، خلاف رسمة الكاريكاتير اليومية، وكتّاب عمود "دفاتر الأيام".
لنأمل خيراً وراحة في التصميم على الإنترنت الجديد لصفحة "آراء" للجريدة بكاملها؟!
لأنه أصبح يحدد شرط التفاوض ويملك رداً على الاستيطان وتصالح مع "حماس"... أبو مازن بعد عرفات في مرمى الاستهداف الإسرائيلي
بقلم: حسين حجازي
يمكن لنا تصوير واختزال ما حدث على أنه "بروفة" أو تمرين آخر على الطريقة النمطية، التي ترافق عادة جميع هذه العمليات السياسية، التي تستهدف إعادة بناء التحالفات أو الائتلافات المحلية او الوطنية، وخصوصا ما بعد خصومات وحروب أهلية وانقسامات. إسرائيل وربما بعكس الانطباع، النموذج الفاقع أو الأكثر قرباً، والصراعات المستترة غالبا وغير المستترة حينا آخر في معظم حركات التحرر القومية، بعيد الاستقلال وقبله على حد سواء.
لا داعي إذن لتضخيم المسألة وكأننا من جنس آخر من جنس الملائكة، كما كان يستخدم نايف حواتمة هذا التشبيه ساخراً زمن اليسار الجميل، فنحن أناس مختلفون وحذرنا السيد خالد البطش مبكراً وغيره كثيرون، من أنه وقد جرؤنا على المصالحة من عاقبة ان ينقض علينا الشيطان من التفاصيل، هل غفونا عند المهمة الشاقة على شاطئ البحر ليلا، وكان ليل غزة بديعاً وناعسا شأنه دوما في الصيف، عن هذه التفاصيل حتى أننا لم نكد نطوي صفحة الخلاف حتى اختلفنا من جديد عند أول مفترق؟ سريعاً هكذا مبكراً حتى قبل ان نتمم مراسيم الحفل؟
قد يشبه هذا في دراما الحياة العادية تلكم المشاجرات التي لا تنتهي بين الأزواج ابد الدهر، والتي أحياناً لا ينتظر حدوثها نهاية ما يسمى بشهر العسل، وتكون بذلك إيذاناً بعلامة إشارة الى المستقبل مما توصل اليه تولستوي المسكين أديب روسيا العظيم، الذي قضى نحبه منتحرا بفعل هذه المشاجرات، "من ان كل الزيجات او العوائل تعيسة ولكن كل واحدة تعيسة على طريقتها". حين يصارع الزوجان التعيسان طوال الوقت من اجل ترويض الواحد منهما الآخر حتى يقضي الله بالأخير على واحد منهما، هل يعني هذا انهما سوف يظلان في هذه المشاجرات الزوجية من تحت هذا الرداء الأشبه بالثياب التنكرية، والذي يسمى الاتفاق او الشراكة والمصالحة؟
ولكن دعونا نواصل هذه المقاربات التي لا تخلو من قصد مسبق بمحاولة التخفيف علينا، بإضفاء نوع من المزاحات او التفكهات على وضع جدي تماما، على أمل إقناع انفسنا بأن كل شيء تحت السيطرة ومقدور عليه حتى الآن. ولكن هل هذا التبسيط ممكن لإسقاطه على دلالة ما حدث؟ ان الدلالات إذن شغلنا الشاغل هنا.
هيا اذن نفهم معنى السلطة بمفهومها أو ماهيتها المجردة كما يحب ان يتحدث الفلاسفة، وهذا المفهوم يتكون من عنصرين هما أيضا الماء والنار. المال والقوة هنا ربما يعادل العنف أو العصا الهراوة والقدرة على الإكراه، اما المال الذي يعادل المياه فهو الثروة واحتكار الثروة هنا كما احتكار العنف هناك، وهي الثروة التي يرمز إليها بالجزرة ولكن التي هي الوظائف ثم الوظائف يا حبيبي، والتي لوح بها ممسكاً بالمحفظة ثلاث مرات جورج بوش الأب أثناء حملته الانتخابية. وكان نابليون لاحظ قبله ان الجيوش تزحف على بطونها ورددها هو أيضا ثلاث مرات : المال ثم المال ثم المال.
بيد "حماس" في غزة الهراوة التي تغلق البنك، يا للدلالة الرمزية التي ترقى الى الدراما التاريخية في هذه المقابلة المبارزة بين العصا الهراوة والبنك! وهي المقابلة المبارزة التي تعكس لنا حقيقة الانفصام البنيوي والرمزي الذي يعتري واقع او مفهوم السلطة الفلسطينية اليوم. ويضفي عليها هذه الفرادة او الاستثناء والتميز، وهو جوهر الأزمة ومكونها الرئيسي الذي سيرافقنا في غضون الفترة القادمة. فمن له الغلبة في القدرة على ترويض وتطويع الآخر المال ام القوة العصا أم الجزرة؟
نبدو في الحالة الغزية إذن كسلطة انفصام منشطرة او منفصلة عن مكونيها، وهذا ربما بخلاف الواقع المقابل في الضفة الغربية، ولكن هذا الوضع المركب او الموزاييك السياسي الذي يفسر وحده معادلة إسماعيل هنية، عن الخروج الطوعي من الحكومة ولكن البقاء في الحكم. وهي معادلة لا يمكن فهمها خارج التعارض الجوهري الآخر في نظرة كلا الطرفين، للدور الوظيفي للحكومة والسلطة باعتبارها من وجهة نظر "حماس" حكومة خدمات مادية، فيما تراها فتح امتدادا لسلطتها السياسية ودولتها السياسية المعترف بها حتى الآن. وان هذا التناقض بين مفهوم الحكومة السياسية والحكومة المادية، انما هو الذي يفسر لنا بالأخير الدوافع التي أملت على "حماس" إعادة استنساخ نموذج او سيناريو علاقة حزب الله بالدولة اللبنانية، بالفصل بين القوة والحكومة الشكل السياسي للدولة والحكم.
وهو النموذج الذي يحقق نجاحا الآن في حقيقة ان حزب الله هو الذي يقرر اليوم من يكون رئيس لبنان، بل وفي مواجهة التحول الأخير في العراق الذي أصاب الأميركيين بالذعر، لم يتردد جون كيري في سابقة هي الأولى من نوعها مخاطبة حزب الله مباشرة التدخل لإنهاء الأزمة السورية. بالرغم من ان أميركا لا تزال تصنف حزب الله كمنظمة إرهابية، فهل هذا السيناريو او الخيار ممكن؟
والجواب ان هذا هو البديل او احد الخيارات الممكنة التي ربما تفكر بها "حماس"، حين توجهت الى المصالحة باندفاعة واضحة، ولكن ماركس هو الذي يقول لنا ان الناس وهم يجابهون الظروف انما يصنعون الواقع بإرادتهم، ولكنهم غالبا لا يصنعونه وفق رغباتهم او اهوائهم، وإنما بصورة مستقلة عن هذه الأهواء والرغبات. والراهن ان سيطرة "حماس" المباشرة على غزة يوم 14 حزيران 2007 كانت ممكنة، ولكن محاولة حزب الله تكرار النموذج الحمساوي في لبنان يوم 8 ايار العام 2008، لم يكتب لها الاستمرار والنجاح.
وبالمقابل فإن عبد الفتاح السيسي هو الذي يحكم مصر الآن وليس حافظ الأسد او نجله بشار، وبالمثل فإن الرئيس محمود عباس ليس الجنرال اميل لحود في المقاطعة ولا حتى ياسر عرفات، الذي يمكن في وضع ما ان يلعب هذه اللعبة المزدوجة من تحت الطاولة مع "حماس"، لأنه بخلاف اميل لحود وسلفه عرفات يؤمن حقيقة بالخيار الدبلوماسي والمفاوضات والمقاومة الناعمة.
وهو في الواقع يحقق إنجازات ملموسة على هذا الصعيد، تشجعه على المضي في هذا الطريق، فهو ينجح في تطوير او شق مسار يأمل في نهايته بعزل وتطويق إسرائيل، وربما الطموح بتقويض تحالفاتها بعد ان تمكن من تسديد ضربة قاضية لاستراتيجيتها، بنيل الاعتراف الدولي بدولة فلسطين. وشيئا فشيئا وتدريجيا نحن نقترب من اللحظة الجنوب إفريقية، ووضع إسرائيل في مواجهة انسداد الأفق أمامها والاختيار بين حل الدولتين او الدولة الواحدة، وكلا الخيارين كفيل بإعادة إنتاج تفكيكها الداخلي، وهي الحافة التي تقف إسرائيل عندها اليوم. فيما هو ينجح بإعادة احتواء "حماس" وردها الى باطن العجل، وفي محاولة للعودة بالوضع الفلسطيني الداخلي الى ما كان عليه عشية العام 2006.
وهنا في الواقع يمكننا إعادة تركيب السياق الوحيد الذي من خلاله يمكن فحص مجالات العمل الممكنة المطروحة أمام الطرفين ابو مازن و"حماس" على حد سواء، انطلاقا من نقطة الاتفاق الوحيدة المشتركة التي يتقاطعان عندها في استراتيجيتهما معا، وهي سعي كلاهما للعودة الى الوضع الذي كان سائدا قبل الانتخابات عام 2006. ولكن ليس كارتكاسة سياسية بالنسبة لهما عن الحقائق الجديد او الإنجازات التي حققها كلاهما منذ ذلك الوقت، وانما بالبناء عليها. من وجهة نظر أبو مازن أولوية الخيار السياسي ومن وجهة نظر "حماس" التمكين المادي الذي تحقق على الأرض، وأظن أنه بقدر من الحنكة والذكاء القيادي فانه يمكن البناء على ذلك وتطوير نوع من الاستراتيجية، التي تقوم على قدر فعال وناجح من تبادل الأدوار او التقاسم الوظيفي لسد فجوة الانفصام والانشطار، الذي تحدثنا عنه في مكون السلطة، على طريقة إعطاء ما لله لله وما لقيصر لقيصر.
هل هذه المزاوجة وعقد الزواج ممكن بين شقي هذه المعادلة الثنائية التي يمكنها أن تشكل عماد الاستراتيجية الفلسطينية التطورية في المنظور القريب، كبديل عن مأزق المفاوضات الأحادية او المجردة كما المقاومة الأحادية المجردة ؟ وتعمل كقاسم مشترك متداعم يتفوق او يتخطى حدود اللعبة الداخلية، بتحقيق الفصل او فك الاشتباك بين السياسة البلدية المحلية الحكومة المادية المدنية، وبين القيادة الاستراتيجية التي هي هنا منظمة التحرير الفلسطينية. وحيث هنا يمكن إعادة تعريف المقاومة باعتبارها خادمة للاستراتيجية أي للسياسة والدبلوماسية، وهذه الأخيرة لحماية ظهرها وبالتالي إعادة موضعة وتوزيع الأدوار لكل طرف ضمن هذا السياق.
لكن هل لهذه الخشية او التحسب الإسرائيلي لإعادة إدماج غزة و"حماس" في هذه الاستراتيجية الثنائية، كتحول يمكن ان ينشأ حتى بمعزل عن إرادة الطرفين او التخطيط لغير المتوقع من وجهة نظر احد الطرفين؟ فإن إسرائيل بدأت فعليا الحرب الخفية ضد أبو مازن لتدفيعه الثمن نظير جرأته المصالحة مع "حماس"، وجعل "حماس" جزءا من الحل؟ وانه إذا تم استباق اغتيال عرفات برفع شعارات الإصلاح، لأنه لا يمكن اتهام عرفات بالتفريط السياسي. فإن المحاولة الجديدة تتخذ من اتهام الرجل بالتخاذل والتفريط السياسي مقدمة او شيفرة لها. وهي محاولة يمكن القول مسبقاً أنها فاشلة، اذا كانت هذه الدعاية الغبية لا يمكنها ان تقلب الحقائق. وهذه الحقائق اليوم أن الرجل هو الذي يحدد شروط المفاوضات لا إسرائيل، وهو من يملك أوراق التهديد بالضغط على إسرائيل، وتاليا انه هو الذي يعقد اتفاقا مع "حماس" رغم معارضة إسرائيل. ولكن ما لا أستطيع فهمه انا هو سذاجة الإعلام الحمساوي هنا.
الــــدور الــــمــــفــــقــــود
بقلم: صادق الشافعي
كل المنظمات والتكتلات السياسية القارية او الإقليمية التي قامت من "الكومونولث" وصولاً الى الاتحاد الأوروبي ودول "البريكس" تأسست بعد الأمم المتحدة، بموازاتها وليس نقيضاً لها.
أساس قيامها اختلف وأهدافها اختلفت. الدور الذي قامت من اجله تفاوت والدور الذي لعبته ايضا تفاوت. البعض منها اختفى والآخر اضمحل وبقيت منه الصورة فقط.
لكن ظل الأساس الذي قامت عليه اي منها هو توفر درجة من المشتركات والتقارب بين مكوناتها ومن الدور الذي تنشده والطموحات التي تسعى لتحقيقها.
كما ظل في صلب دورها، مساعدة الكل فيها لأي عضو منها يواجه مشكلة من أي نوع كانت وأن تكون هي الوحيدة التي تقوم بذلك أو أن تكون لها الأولوية المطلقة.
جامعة الدول العربية واحدة من هذه المنظمات الإقليمية، وغالبا انها الأقدم بينها، وبالتأكيد فإن بين الدول الأعضاء فيها من المشتركات ما هو أكثر بكثير مما بين أعضاء المنظمات أو التكتلات الأخرى، وأن في ظلمة أدراجها من الاتفاقات والبروتوكولات ما هو قادر على تغيير الكثير في واقعنا العربي لو رأت النور.
الجامعة لا تزال قائمة وموجودة وعاملة. ولكن، لماذا هي، ومنذ سنين كثيرة، مجرد هياكل ومسميات إدارية بدور مفقود وبلا فعل أو مضمون.
كما هو الحال في المنظمات والتكتلات الأخرى فانه يقع في صلب دور وعمل الجامعة وأهدافها حل الخلافات أو المشاكل التي قد تنشأ بين أعضائها، وحل المشاكل التي قد تواجه واحداً من أعضائها سياسية كانت أو اقتصادية أو تنموية أوعدوانية او غير ذلك.
ويتخذ الأمر صفة الأولوية في حال تعرض واحد أو أكثر من أعضائها الى نزاعات أو صراعات داخلية بين قوى محلية تهدد وحدة البلد واستقراره وسيادته وطابعه، وربما موقعه في المنظومة العربية ومسارها العام، وتهدد أيضاً بانتقال الفوضى الى دول أُخرى مجاورة، وقد تستدعى التدخل الخارجي حماية للمصالح.
وتتقدم أولوية الأمر اكثر، اذا ما استطال النزاع وبدا واضحاً ان اي من طرفيه – او أطرافه – غير قادر على حسمه لصالحه قبل تدمير البلد ونكب أهلها. عندها يصبح تدخل الجامعة العربية اكثر أساسية وإلحاحا في التصدي للمشكلة وتحمل مسؤولية الوصول بها الى حل سياسي توافقي يقوم على أساس المسلمات الوطنية الخاصة، وان تقوم بذلك بشكل طليعي ومبادر بنفسها وبقواها وأعضائها.
لقد قامت الجامعة بمثل هذا الدور من قبل:
حصل ذلك في أحداث لبنان 1958 ومنعت التدخل الخارجي، وحصل ذلك حين هدد الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم بغزو الكويت في أواخر الخمسينات وحشد قواته لذلك حينها، وأوقفه تدخل الجامعة في الوقت المناسب، وحصل مع بعض الاختلاف في الحرب الأهلية اللبنانية وإرسال قوات الردع العربية، دون ان ننسى مبادرة الجامعة بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية.
صحيح ان ذلك حصل في وقت كان هناك تكتل بزعامة مصر يشكل العمود الفقري للجامعة ويقودها، فما الذي يمنع ان تتكرر هذه المواقف للجامعة بقيادة اي تكتل يقودها الآن ؟
الحديث عن الدور المفتقد لجامعة الدول العربية يفرض نفسه الآن والعديد من الدول العربية أعضاء الجامعة وبعضهم من مؤسسيها يعيش حالة يمكن القول إنها غير مسبوقة وتتخطى بخطورتها حتى الحالات المشار اليها.
ودون الدخول الآن في الجدل حول من المحق ومن المخطئ او البحث في الأسباب والمسببات أو المضاعفات، وبالاقتصار فقط على رصد دور الجامعة العربية فإننا نكتشف بدون عناء غيابا مخيفا لأي دور فاعل ومؤثر للجامعة كما تفرضه طبيعتها ويتطلبه دورها الواجب.
وهو ما يطرح سؤالاً جاداً : إذا لم تقم الجامعة بدورها المنوط بها في هذه الظروف فمتى تقوم به وما قيمة وجودها؟
هل يقف دور الجامعة عند توجيه الدعوة وتأمين الغطاء لتدخل عسكري اجنبي ضد أحد أعضائها؟ وإذا كان التدخل ضرورياً ومطلوباً، فلماذا لم تجهّز له وتقوم به بقوى أعضائها ؟
وهل من طبيعة تكوينها أن يقتصر دورها على الانحياز لاحد طرفي الصراع وإسباغ الشرعية علية خصوصاً وهي تعلم ان هذا الطرف لا يمثل أغلبية ولا حتى نسبة وازنة من أهل البلد، وان انحيازها له لن يقدم له إضافة تمكنه او تساعده في حسم الصراع لصالحه؟
وهل ينتهي دور الجامعة ويرتاح ضميرها عندما تطلق مناشداتها الخالية من أي محتوى وتأثير، أم عندما تسكت على التدخل الخارجي الحاصل بما يشجعه على التمدد ويحول معظم الأرض العربية ساحة مفتوحة أمامه.
انكشاف وضع ودور جامعة الدول العربية الآن فيما يحصل في عدد من الدول العربية، وانكشافها قبل ذلك في الموضوع الفلسطيني والصراع مع دولة الاحتلال، يطرح بشكل حاد الواقع العربي بما هو عليه من انقسام وتشتت وانكفاء كل دولة من دوله على أوضاعها الداخلية ومصالحها الخاصة وانخراطها في تحالفات تخدم ذلك.
فالجامعة في النهاية ما هي إلا مرآة تنعكس فيها صورة الواقع العربي كما هي وبدون رتوش.
كما أن انكشاف وضعها يطرح أيضا غياب مشروع عربي موحد للإقليم الى جانب المشروعين التركي والإيراني القائمين فعلا، يتكامل معهما أو يقف في وجه أي منهما إذا لزم الأمر، من أجل فرض دور عربي مؤثر في الإقليم عموما ومن أجل الدفاع بشكل موحد عن حقوق البلدان العربية في الاستقلال الوطني والنمو والتطور والسيادة، ومن اجل استرداد حقوقها المغتصبة وأولها الحق الفلسطيني.
الأسرى يوجهون رسائلهم الأخيرة !!!
بقلم : عبد الناصر النجار
لا تزال الفعاليات التضامنية مع الأسرى المضربين عن الطعام منذ أكثر من خمسين يوماً دون الحد الأدنى المطلوب من الجماهير الفلسطينية لنقل هذه القضية إلى سلّم أولويات نضالنا، وتشكيل فعل ضاغط على سلطات الاحتلال التي تزداد عنجهيتها في معالجة هذا الملف.
هي مسيرات أو وقفات في أماكن متفرقة في مدن فلسطين وقراها ومخيماتها، ولكنها أضعف مما يجب أن نقدمه للأسرى الذين ضحّوا بربيع عمرهم من أجلنا، ومن أجل حريتنا، ومن أجل فلسطين مستقلة...
من المخجل بل المحزن أن يشارك في المسيرات عشرات الأشخاص وفي قليل منها المئات، ولا ندري ما هو شعور أي مواطن تمر مسيرة نضالية مع الأسرى ينظمها نادي الأسير أو المؤسسات الحقوقية والقانونية والجمعيات المدافعة عنهم ويكتفي فقط بالنظر إليها... وكأن الأمر لا قيمة له أو أن الأمر لا يعنيه.
أما في خيام الاعتصام المنصوبة في كثير من المناطق فحدث ولا حرج... فهي شبه خاوية إلاّ من القليلين من ذوي الأسرى أو بعض المحررين الذين يعرفون معنى الإضراب عن الطعام... ومدى تحمل الأسرى في سبيل هذه الخطوة النضالية... إحدى الخيام في مفترق رئيس في محافظة رام الله والبيرة منذ اليوم الأول لنصبها وحتى الآن لم نشاهد أحداً بداخلها، فلماذا نصبت، وما هو الهدف منها إذا لم تتحرك الجماهير.
ربما في الأيام الأخيرة ارتفعت وتيرة الفعاليات الاحتجاجية والتضامنية ولكنها بقيت دون الحد الأدنى الذي يخلق حالة جماهيرية جامعة.
خطورة القضية أن الأيام تمر بسرعة وأوضاع المضربين الصحية في تدهور مستمر... يناشدون هم وعائلاتهم العرب وأحرار العالم سرعة التدخل من أجل نيل حريتهم... وعندما تصل الأمور إلى تبرع المضربين عن الطعام بأعضائهم عند استشهادهم فهي رسالة يصفعون بها كل الوجوه ويؤكدون شعورهم بالخذلان...
أمام هذا الوضع، فإن سلطات الاحتلال تشعر بعدم وجود ضغوط حقيقية عليها، وتلعب على عامل الزمن أو وصول المضربين إلى مرحلة اليأس لوقف إضرابهم. بمعنى آخر هي لا تفهم إلاّ لغة القوة والمواجهة، ففي اللحظة التي تتأكد فيها قيادات الاحتلال من أن هناك خطورة على الأرض وأنها ستدفع ثمناً لمواقفها تجاه تعنتها في قضية الأسرى سيتغير المشهد... وهذا ما أكدته التجارب السابقة سواء في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي أو مجمل الإضرابات التي خاضها الأسرى خلال السنتين الماضيتين.
عندما تحولت القضية إلى هبّة جماهيرية أو انتفاضة تجاه سلطات الاحتلال، وبدأت تشعر بتدهور الأوضاع، تغيرت المواقف وأجبرت إدارات السجون على الاستجابة لمعظم مطالب الأسرى.
إذن نحن الآن أمام وضع في غاية الخطورة قبل أن تحمل وسائل الإعلام أخبار استشهاد أسير مضرب أو أكثر وعندها لا ينفع الندم، بل ربما سنظل نجلد أنفسنا بأننا تأخرنا كثيراً في دعمهم... وحمل قضيتهم.
هذه مسؤولية كل فلسطين من أعلى هرم القيادة وحتى القاعدة الجماهيرية، بحيث إن إعادة تعظيم هذه الفعاليات، وإيجاد قيادة موحدة لها في كل الأرض الفلسطينية، يشارك فيها كل مواطن حسب موقعه وقدرته على التأثير...
عندما نرى المسيرات بالآلاف... واقتراب المواجهات أكثر وأكثر من قوات الاحتلال... عندها سنقول نجحنا في خلق رأي عام محلي ودولي لوقف جرائم الاحتلال في هذا الملف.
غياب الأدوية في وزارة الصحة.. إلى متى؟؟
بقلم: صلاح هنية
سيستفز كلامي هنا كل المسؤولين في وزارة الصحة الذين ستكون أولى ردات فعلهم أن كاتب هذه السطور لا يعيش في الوطن بل يعيش في بلاد الواق واق، ألا يعلم كاتب هذه السطور الأزمة المالية التي نعيش فيها، ألا يعلم اننا نعمل على توحيد الوزارة بين الضفة وغزة، ألا يعلم.....؟؟؟؟؟!!!!
ترى لو كنت أعرف ولو كان المريض الذي زرع الكلية ومريض نزف الدم ومريض التصلب اللويحي ومريض ضغط الدم والسكري يعرف أيضا، واستمر الحال على حاله بان صيدليات ومستودعات وزارة الصحة فارغة من الأدوية، ما الذي ستضيفه لي ولهم المعرفة، كيف ستسعف المعرفة مريضا طال انتظاره في أروقة هذه المديرية وتلك التابعة لوزارة الصحة في هذه المحافظة أو تلك، ماذا تفيد المعرفة عندما أرى موظفين يتوجهون إلى مكاتبهم ولا يعالجون ولا يبادرون لحل الإشكالية بل يدحرجون كرتها صوب وزارة المالية وصوب غيرها.
القضية باختصار شديد لم يعد مقبولا ولم يعد مستوعبا ولن يكون بالإمكان ان يظل المرضى وعائلاتهم يصمتون وهم يتلقون ذات الجواب، وإذا كان إغلاق البنوك في المحافظات الجنوبية أدى الى تخصيص 20 مليون دولار لدفع رواتب من اغلقوا البنوك فإن أهالي المرضى سيجدون من يتبنى لهم مطالبهم من أجل الضغط والتأثير والمناصرة لضمان توفير الأدوية في وزارة الصحة لصالح المرضى، وإصلاح برنامج التأمين الصحي الذي لم يعد قادراً على تحمل ما هو مطلوب منه تغطيته، ولن يندفعوا ليقتدوا بحادثة البنوك في المحافظات الجنوبية.
المرض ليس خياراً تطوعياً للمريض بل هو قدر رباني والناس تحمد الله في السراء والضراء، وبالتالي فإن كل دول العالم تضع حقوق المرضى وتوفير العلاجات اللازمة لها على رأس سلم أولوياتها بتفاوت، بالتالي يجب ان تقوم وزارة الصحة بعمل الخيار الوحيد أمامها وهو توفير الأدوية للمرضى لأن هذا ليس تطوعاً، وليس خيارا من بين الف خيار، بل هو واجب منصوص عليه ضمن مسؤوليات ومهام الوزارة.
وأنا اعرف أن المسؤولين في وزارة الصحة لا تتدفق لهم المعلومات كما تتدفق لنا في جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة، وبعضهم يتعامل مع بعض الملاحظات على مواقع التواصل الاجتماعي بالطلب الأخوي ان يشطبها كاتبها أو أن يخفف قليلا وما هي إلا أيام وتظهر الصورة، انها أشهُر تلو أشهُر.
وأنا لا أشكك برغبة وزير الصحة والمديرين العامين والمستشارين والمديرين في حل إشكالية الأدوية وإشكالية التحويلات وإشكالية تطوير جودة الخدمة في المستشفيات وحل الوضع القائم في المقاصد والمطلع والمستشفيات الخاصة التي تشتري الوزارة الخدمة منها، ولكن النوايا والرغبات ليست كافية في ظل تفاقم الوضع.
عقدنا في جمعية المستهلك في محافظة رام الله والبيرة ورشة متخصصة حول (حقوق المستهلك في القطاع الصحي) بالتعاون والتنسيق مع وزارة الصحة واتحاد المستشفيات الخاصة والأهلية ونقابة الاطباء، تحاورنا حول كل صغيرة وكبيرة في القطاع، تحاورنا حول الأخطاء الطبية وتوصيفها، وتحدثنا عن التأمين الصحي والأدوية والأسعار، وخرجنا بتوصيات، ولكننا لا زلنا نعاني من نقص الأدوية في وزارة الصحة، والمرضى يصرخون ويقولون ماذا نفعل؟
محدثي الذي خضع لعملية زراعة الكلى قال لي: إنني ابتاع دوائي لغيابه عن وزارة الصحة بخمسة آلاف دولار، وأنا قد أستطيع، لكن ماذا يفعل الآخرون. أحدهم قال لي : يا رجل، أيعقل ان احداً لا يخطو خطوة لحل هذه المعضلة في القطاع الصحي.
وفي هذا السياق علينا أن نسأل المستشفيات الخاصة وليست جميعها طبعا كيف يتم استقبال حادث سير ويوضع المصابون على اسرة الطوارئ دون اي خطوة تذكر، وبعد اربع ساعات من السؤال عن الطبيب قيل لهم لقد غادر المستشفى، وقام احد الآباء بارسال رسالة له ان وضعه لن يكون في نقابة الأطباء جيداً اذا لم يعد للمستشفى لمتابعة مصابي الحادث، وبقيت إدارة الطوارئ بتعليمات من إدارة المستشفى ترفض التعاطي مع المصابين تارة بحجة اين التأمين للسائق، وبعد ست ساعات من الأخذ والرد تم إدخالهم، واولياء الأمور قالوا : لو أننا زعران أو ان لنا ظهراً يسندنا لكان حالنا غير ذات الحال، لماذا يضطر هؤلاء للوصول إلى هذا الاستنتاج المرفوض.
عذراً وزير الصحة الدكتور جواد عواد، هذه المقالة بداية حملة ضغط ومناصرة من أجل توفير الأدوية للمرضى في وزارة الصحة، ونرفض ان يستمر الحال على حاله كائنا ما كانت المبررات، خصوصا انك على رأس مهمتك الوزارية للمرة الثانية، بالتالي بإمكانك إتمام ملفاتك التي باشرتها في الحكومة السابقة.
زَمَن المُصالَحَة يا صالْحَهْ
بقلم: آصف قزموز
ولما تقادم فعل الجهاد والمجاهدينْ، وأصبح الفرد يحلم بالبقاء ناشداً سَلتهُ من غير تينْ، وأضحت البلاد تتخبط مَعفوسَةً من غزة حتى جنينْ، فرأينا العجب العُجاب من العاربين والمارقينْ، وما يشيبُ لهُ الكبير والصغير والوليدُ والجَنينْ، فامتشقت الثعالب في وجهنا زوراً وبُهتاناً سلاح الدينْ، وبرزت مصعرةً خدها للناس في ثياب الواعظينْ، فزاغت أبصارهم وأضاعوا التاريخ وهم يتغنونَ بأمجاد خالد وصلاح الدينْ، وظلت شعاراتهم تتقوقع في تخلفها بدعاء " يا ناصر السته عالستينْ"، وأسفلهم غدا متنكراً بجلباب الناصح الأمينْ، زُكْمُو مثل قَدُّوم الحلاوِة وْراسُو باللفه امْدوزَن عالقِدِّه وِالمَسطرينْ، يعني لا ذمة ولا أخلاق ولا دين أو يقينْ، وعلى الصراف الآلي يا غالي البلطجة والناس من الصبح عَ الدور مَلْطوعينْ، بالزعرنة والفلتنه سدوا لبنوك وهاجموا دايْرتْ شؤون اللاجئين، اتقول ساحة حرب والنصر عَ لبْوابْ، يا بَشَر يا إخوان يا متأسلمينْ، اتذكروا كلام الله "مناع للخيْر مُعْتَد أثيمْ" واحنا لا قابضين ولا صارفينْ، يا جماعة مين ينصفنا نروح لمين ونقول يا مينْ، لا تهملني لا تنساني يا شمس المساكينْ، من أرض الخوف ابْنندهلَك يا شمس المساكينْ، نسي الإنسان إنو إبليس انْخَلَق من نار مع إنو هُو انْخَلَق من طينْ، يا جماعة البلد صايرة عش دبابير مِتْوَشتِحْ عَ كِيفُوعش مجانينْ، والمفترين الفاسدين بالضلاله وِالمَذَلة طامْسينْ، الله وكيلكو هَجينُ وْواقع بسَلة تينْ، وعينك اتْشُوفهُم عند حْقوق الناس ذان من طين وْذان من عجينْ، بَس جِدِي مش ممكن يقدر يلعب عَ تيس جايين تُعُرْجوا بْحارْةِ مْكَرْسَحينْ.
حكايتنا يا جماعة ظهرت في يوم من الأيام في بلاد الصينْ، عن الشاب اللي زرع رز واعتنى لحد ما قرب ميعاد الحصيدة والحصادينْ. إذ وقف الشاب يوماً في أعلى تل فسيحْ، يتأمل السهول المغطاة بالأرز تعاند الشمس والريحْ، على مَدِّ النظر ما بين التل الهابط منبسطاً حتى المحيطْ، زمان العز وِالنَّخوِة أيام أبو جِلْدِة وأبو دُرَّه وِالْعَرْنيطْ، لما كانو الناس فُقَرا وْعَ قَد الحال لكن مِرْتاحين البالْ مَباسيطْ، كان الزرع وفير وحلم الشاب كبير وْسِرُّو باتِعْ على قد حالو وْغَوِيطْ.
كان يمني النفس بالحب وْبالآمال، مع اقتراب موعد الحصاد وجمع الأرز يا خالْ، مُؤمن إنو الحبة اللي ما بْتِنْزِل ابْغُرْبالْ ابتِنْزِل ابْتْشِرْبالْ. وْهيك بِيْكُون الشاب كَوَّن نَفسُه وأسس للزواج ممن يحبْ، وحقق لاستقرار مِنُّو لَحالو بْأمِنْ مُسْتَتِبْ،( طبعاً مش دايماً بتيجي العتمة على قد إيد الحرامي، ولا الرياح بما تشتهي السفن، علشان هيك اللي ما إلو حظ لا يتعب ولا يشقى، يعني الحسرة عاللي انكَب طْحينو بين الشوك صعبان عليه ايْلمُو، يعني صدق اللي قال: إن حظي كدقيقٍ فوق شَوْكٍ نثروهْ، ثم قالوا لِحفاةٍ يومَ ريحٍ إجْمَعوهْ، صَعُبَ الأمرُ عليهم إن من أشقاهُ ربي كيف أنتم تُسعدوهْ ؟!!).
المهم، وبينما كانت ساعة السعد بِجَني المحصول تقترب بانقضاء أيام عالبالْ، والشاب يا حبة عيني يحلم يتزوج من اللي انتظرها ليالي طْوالْ. وإذا بالقَدَر يقهقه ساخراً تارةً ويخرج له لسانه مشيراً بالأصبع الوسطى تارةً أخرى، حين أحس تحت أقدامه بهزة أرضية سرعان ما رأى في أعقابها مياه المحيط تتراجع الى الخلف في جوف المحيط تحفزاً للارتداد نحو اليابسَة بقوة، وهو ما يُنبِئ في علم الكوارث أن ارتداداً كارثيا لمياه المحيط سيجتاح اليابسة ويأتي على المحصول مغرقاً الناس والأهل القاطنين في السهول أسفل التل (طبعاً معروف لدينا أن أي اندفاع قوي الى الأمام يستلزم تراجعاً للخلف أولاً، ما عدا في بلادنا الله وكيلكم، يا بْنِتراجَع لَوَرى علشان ننطلق بقوة الى الأمام بنلاقي كإنو في حدا ماسك فينا وْبنظل كارين لورى لَوَرى، يا بنشد على حالنا وبنرفع الدووز أكثر من اللازم وبيصير فينا زي اللي عَزَّم بكل قوة تايركب عَ لحمار لكن من كثر عَزْمُوا أجا واقف من الجهة الثانية، وقال هيك بَقينا، زيو زي اللي باع وْما اشتَرى).
لكن تصوروا يا جماعة، الشاب كان عارف إنو في أمان لأن الماء مهما عَلا فلن يصل الى أعلى التل، إلا أن حسه العالي بالمسؤولية تجاه أهل قريته الواقعة في السهل أسفل التل جعله في موقف عصيب يختار من خلاله إما الأنا الفردية وحايد عن راسي بسيطة واللي مثل هذول عِنَّا كْثار زَيّ الهَم عالقَلِبْ، أو نحن الجمعية الأشمل والأكمل والأعَم واللي مثل هذول انقَطَع صِنْفْهُم وْوَصِفْهُم عندنا من زمان وِايَّام عبد المطَّلِبْ( الله يرحم أيام زمان واليوم صار يتذكر النشيد اليَعرُبي: لبَّيْكَ يا علم العروبة كلنا نفدي الحِمى، لبَّيْكَ واجعل من سواعدنا لِعِزِّك سُلَّما، لبَّيْك إن عطش اللِّوا سكب الشباب له الدِّما، ومرة يتذكر فوق التل تحت التل إسأل عنا الريح تندَلْ، لأ وِالأنكى من هيك ما أجاش على بالو غير عبارة كنا نرددها واحنا صغار "نموت جميعاً ويحيا الوطن"، فصرخ بحالو من قَحِف راسو: لمين بدو يحيا الوطن إذا بدنا نموت جميعاً، إحنا بدنا نعيش جميعاً ويحيا الوطن غصباً عن لِكبير قبل لِصغيرْ، وِاللي مش عاجْبو انشالله عُمْرُو ما عَجَبُو).
طبعاً لم يكن الوقت كافياً لنزوله من أعلى التل والوصول الى القرية لتحذير الناس للهروب نحو التل، ولم يفده الصراخ والعويل بأعلى صوته للوصول الى مسامع الناس أسفل التل، وحتى لا ينفد منه الوقت، قام على الفور بإشعال النار بحقله الصغير ليثير انتباه الناس الذين تنادوا وتدافعوا جميعاً صاعدين نحو التل لإنقاذ الحقول المشتعلة، بينما هبط مسرعاً ليلتقيهم في منتصف الطريق ليعودوا لالتقاط نسائهم وأطفالهم وكبار السن وبعض أشيائهم الممكنة، مِثِل عِنا فَرْد شِكِل خصوصاَ في الاجتياحات وِالْمَذابِحْ، وبلحظات كان أهل القرية جميعاً على قمة التل يتعاونون على إطفاء الحريق، وإن كان هناك من تخلفوا في القرية فهم المتقاعسون الذين لا يحبون سوى ذاتهم ومصالحهم، وبالتالي لا يستحقون الحياة ونعمها لأنهم غير جديرين بها.
صحيح إنو اتْخوزق الشاب بعون الله ورعايته على المستوى الشخصي المؤقت، حيث أخفق في تحقيق حلمه بالزواج في ذلك الموسم، ولم يتمكن من سداد ديونه ولا تأمين احتياجاته الضرورية لضيق الحال، ولا حتى الوفاء بوعده لأخته الصغيرة بشراء فستان جديد لها، ولا علاج أمه العجوز التي كانت تعاني من آلام الشيخوخة والروماتيزم وآثار الجلطات، لكنه بالمقابل نال شرف إنقاذ حياة قريةً كاملة، ما جعله بطلاً محبوباً من الجميع ويدينون له بالاحترام والتقدير، لأنه أثبت بجدارة قدرته على التضحية وحمل المسؤولية بأمانة ووفاء لسكان قريته، فاختاروه عمدة للقرية ونائباً بالبرلمان عنها، فكان العام الثاني عام تحقيق الأحلام والأهداف التي ضحى بها لأجل قريته وأقيمت الأفراح والليالي الملاحْ، وأدرك شهريار الصباحْ، فسكتت عن الكلام المباحْ، في رحاب الوطن المُتاحْ.
هل يا ترى لدينا من هم مستعدون للفداء والتضحية بمصالحهم الضيقة الصغيرة، لأجل بلدهم وشعبهم، لأجل مصالحة حقيقية غير مصلَحَة لَفَّتَّك ما لَفَّتَّك العارية من أية تضحية، والطامعة بالمكاسب وسداد فواتير الرواتب لوظائف عارية تماماً من الحق والقانون والشرعية.
عن أية مصالحة يمكن أن نتحدث ونحن لا نرى منها الأثَرْ، وعن أية حكومة واحدة والمقالة لا تبقي ولم تذرْ، يبغون منك الضرعَ أن يَدر لهم وتكرسهم مكانك بالمفيد المختَصَرْ، بطلنا عارفين هالمصالحة شو عملت وتر على وطن أم وطن على وترْ، نعم نعم، "الله يَلْطُفُ بِي ويَصرفُ ما أقاسي مِن كَدَرْ".
اعتادت القوى الاستعمارية الحديثة والقديمة أن تعمَد الى الاستثمار في إدارة أزمات ومشكلات الدول بدلاً من العمل على حلها وإنهائها، وهذا أمرٌ يتجلى بمقولة " مصائب قوم عند قوم فوائدُ"، فهل نحن أمام محاكاة لهذا المنهج ذي الأنياب الاستعمارية الأصل حتى على مستوى الجماعات والأفرادْ ؟!! وأين أمثال هذا الشاب الذين هم مستعدون للتضحية بمصالحهم الفردية والفئوية الفصائلية الضيقة، ولو من باب حتى تأجيل أحلامهم وطموحاتهم لحساب الشعب والوطن، وذلك أضعف الإيمان. فما نشهده اليوم من مقابحة أطاح حتى بالآمال بالمصالَحَة، وَيُرَسِّم الانقسام والانقلابَ في مُطارَحَهْ. علشان هيك خلونا نْغني عالصالحية يا صالِحَة، هذي هِيَ الآخْرَهْ يا فاخْرَهْ، في زَمن المصالَحَه يا صالْحَهْ.
أول الرقص حنجلة
بقلم: وليد بطراوي
مخطئ من ظن أن القبلات من "الخد هذا للخد هذا" التي تبادلها زعماء "حماس" و"فتح" قد أنهت سنوات من تبعات الانقسام، فقد يبدو ظاهرياً أن الانقسام قد انتهى بتشكيل حكومة الوفاق الوطني التي ما زالت "تتحنجل" لأن الشرخ الذي أحدثه الانقسام كان كبيراً كانشطار الذرّة، وما أدراك ما يحدث عند انشطار الذرّة. لن أدخل في تفاصيل توحيد الوزارات، أو توحيد أجهزة الأمن، أو الخلل الذي حدث في النسيج الاجتماعي أو المناصب التي وزعت هنا وهناك على غير الكفاءات، ولا الأموال الطائلة التي جبيت من المواطنين "خاوة"، ولكن ما يهمني هو "غسيل الدماغ" الذي زرعه القادة في عقول أفراد أجهزة أمن "حماس" التي ما زالت تسيطر على غزة، فكيف لابن الثامنة عشر الذي قيل له إن من لا يتفق معه "كافر" و"مرتد" و"عدو" ان يغير هذه الفكرة بمجرد "بوسات الخدود"، وكيف له ان يقبل بأن يتنحى وهو ما زال يقبض على العصا ويحمل السلاح، ويحكم بالحديد والنار، فهذا ما تعلمه، ومن شب على شيء شاب عليه.
"واكا واكا ايه ايه"
نعتز بمشاركة "محبوب العرب" الفلسطيني محمد عساف في أغنية بمناسبة انطلاق "المونديال" ونعتز بإصرار "شاكيرا" بأن يغني عساف وليس غيره. ولا ندري ما كان شعور عساف عندما غنى للناس وللشعوب بينما شعبه لن يكون مشاركاً في "المونديال" لكنه استطاع أن يعبر بالكلمات، التي كان شرط كتابتها أن تكون من الناس وإليهم، عن كثير من الشعوب. لست ناقداً فنياً، وقد أعجبني الأداء واللحن، لكن اللحن لم يعلق في ذهني، ولم أجده قريباً شعبياً من الناس، وقد يكون حرّك بعض المشاعر عند كثيرين، إلا انه لم يحرك المشاعر والأجساد لدى المعظم، ولا أعتقد أن أحداً من غيرنا سيتذكر هذا اللحن كما يتذكر كل إنسان وكل طفل لحن "واكا واكا ايه ايه".
من أين لك هذا؟
يرتبط مفهوم "من أين لك هذا؟" في السؤال عن ثروات الشخصيات العامة والمسؤولين في الحكومات وممثلي الشعب في البرلمانات وفي البلديات والهيئات المحلية، لكن قلّما نطرح هذا السؤال على أصحاب "البزنس" والقطاع الخاص. ما لفت نظري إلى هذه المسألة أن هناك الكثير ممن يبدؤون مشاريع صغيرة ويدفعون مبالغ طائلة "خلو أجر" ويلتزمون بمبالغ كبيرة كنوع من "الضمان" ولكنك لا ترى "رجالاً" تدخل محالهم ومعدلات البيع في محالهم تكاد تنعدم، لكنهم صامدون في السوق. فمن أين لهم هذا؟.
لهم الغد
قادتني زيارة عمل إلى قرية جبع القريبة من الرام، حيث زرت المقر الجديد لمؤسسة "بيالارا" (الهيئة العامة للإعلام وتفعيل الشباب). الزيارة تركت لدي انطباعات اعتز بها وبما قامت به المؤسسة، حيث قرر مجلس ادارتها ترميم احد البيوت القديمة والتاريخية في القرية مقابل اتفاق مع المالكين بإعفائهم من الأجرة لمدة 15 عاماً. وجدت في هذا عملاً تنموياً خالصاً، فقد تحول المكان من مرتع للأفاعي والزواحف والعقارب الى خلية نحل شبابية، ونتمنى على وزارة السياحة والآثار أن تزور المؤسسة للاطلاع أولا على ما قامت به، والتعرف على المكان المحيط الذي يحتوي على آثار تتعرض للسرقة، وللوقوف على المعالم الأثرية في القرية وأهمها قلعة رومانية تركت مهجورة، قد تصبح بعد الاهتمام بها مزاراً للسياح.
لو كنت مسؤولاً
وبالتحديد وزيراً جديداً (صيغة المذكر تنطبق على المؤنث أيضاً)، لما اتخذت قرارات تثير الجدل حتى لا يقال "من أول غزواته كسر عصاته". ولاستشرت ذوي الخبرة قبل اتخاذ أي قرار، فهم كثر ومنهم من له باع طويل في وزارتي. وان كنت اخجل من استشارة موظفي وزارتي لاستشرت جيوش الوزراء السابقين.
الشاطر أنا
الحفتلة يا جماعة هي فصل من فصول الشطارة. يعني الشاطر لازم يظل يتحفتل هون وهناك بلكي اجاه النصيب والرزقة. يعني انا لاني شاطر وين ما في مسؤول او وين ما في مشروع ووين ما في رزقة بحب دايماً اتحفتل. يعني مثلاً اذا بسمع انه في جماعة جايين ع البلد بدهم يعملوا مشروع بظل اتحفتل حواليهم، اذا زبطت هيها زبطت، واذا ما زبطت بصير اتحفتل حولين اللي زبطت معه، وبصير اقول له انه انا اللي رشحته انه ياخذ هالشغلة لانه هو الاحسن والافضل والاقدر على عملها، وبهيك ممكن تزبط معي واخذ منه اللى فيه النصيب. بس المشكلة اذا كان اشطر مني وطلع ضليع بالحفتلة وفاهمني وكاشفني ع حقيقتي!
مقالات الحياة الجديدة,,,,,
تغريدة الصباح – الشحيحون والمشي النكير
بقلم: عدلي صادق
لعل من أطرف المفارقات، التي رسمها الجاحظ (أبو عثمان بن محبوب) في كتاب "البخلاء" أنه ظل على امتداد السياق يضرب الوجه بالكف ويعدّل الطاقية، ويوالي بين الجِد واللهو، ويعتذر عن عدم الإفصاح عن أسماء كثيرين ممن روى حكاياتهم "لأن فيهم الصديق، والوليْ والمتجمّل" حسب تعبيره. وتراه يفضح البخيل وينقل سمات بيئته الخاصة، بمقدرة فائقة على صناعة الكلام والمداورة بمختلف المعاني. فهو من جهة، يشرح النزوات النفسية للبخيل ويصف عفونته، ومن جهة أخرى لا يُبغّض القارئ فيه، إذ يلف الحكاية بالطُرفة.
كثيرون من البخلاء، كانوا يدفعون عن أنفسهم هذا التوصيف، والجاحظ نفسه يساعدهم على دحض الاتهام، من خلال تعيين الفارق، في سياق ضاحك، بين البخيل والشحيح، ويَروي إنه قال مرة لرجل بدت عليه طباع البُخل، يُدعى عبد الله بن كاسب: "هل رضيت أن يُقال (عنك) عبد الله البخيل؟" أجاب الرجل: "لا أعدمني الله هذا الاسم". سأله الجاحظ مستغرباً: "وكيف؟" بمعنى كيف يتمنى امرؤ لنفسه أن يُنعت بالبُخل؟. أجاب الرجل:"لا يُقال فلانٌ بخيل، إلا وهو ذو مال، فسلّم اليَّ المال، وادُعني بأي اسم شئت". عندئذٍ، ربما يكون الجاحظ قد اقتنع، فاستدرك قائلاً:"لا يُقال فلان شحيح، إلا وهو ذو مال..". وهنا مربط الفرس في هذه السطور!
* * *
ليس أغرب ــ وربما ليس أغبى ــ ممن يُرى في المناسبات، واقترب من أحد الأثرياء المشار اليهم بالبنان، لكي يمحّضه وداداً وتبجيلاً، فيُفسح له الطريق حين يهم بالمشي، أو يوسع له المسافة حين يجلس. والأثرياء الفاقعون في بلادنا معدودون على أصابع اليد الواحدة، يُعرفون جميعاً بالاسم والشكل، دون أن يُعرف أن واحداً منهم، بذل من ماله شيئاً لصالح الناس، لكي يسد ثغرة مؤلمة في قطاع للخدمات ويلبي حاجة شديدة للتوسع الأفقي فيها، فيتكفل مثلاً، بإنشاء وتجهيز منظومة وحدات صغيرة لعمليات جراحة القلب والقسطرة، أو وحدات لغسيل الكلى. ولم نسمع أن واحداً منهم تكفل ببناء مدرسة للنابغين، ولا بمزرعة دجاج تنتج بيضاً لأحد مراكز الأيتام أو ذوي الاحتياجات الخاصة، مثلما يفعل أثرياء اليهود الكُثر، الذين يتوسلون القائمين على مشروعهم الاستيطاني، أن يتقبلوا منهم الإحسان والاعتذار، حين تكون تبرعاتهم ضئيلة قياساً على ثرواتهم.
أثرياؤنا الشحيحون، فوق شُحهم، متصيدون لتبرعات الآخرين قناصو مشروعات. فإن تعهد بلد مانح، بصرف مليوني دولار مثلاً، للتوسع في أبنية التعليم والصحة، وتكون المنحة أكثر من كافية لتغطية أكلاف بناء مدرستين مثلاً؛ يتدخل الثري لكي يجعلها مدرسة واحدة، ذات تشطيب هش ورديء، إذ يهرع رهط الأثرياء للتسابق على مناقصة قوامها الزيادة في أسعار يتوافقون على معدلها العام، الذي لا ينزلون عن سقفه. فهم يتمتعون بروح رياضية، فيما بينهم، يتنافسون ويتضاحكون كما هواة الصيد بالصنانير، على ضفاف الأنهار. يُبش واحدهم كلما رأى صاحبه يصطاد سمكة. وإن ابتنوا قرية جديدة فاخرة، فإنهم يضنّون عليها حتى بالأسماء التي تشبه بلادنا ويعرفها تاريخنا، كأن يُستعاد ذكر اسم "يبوس" الذي عرفت به القدس، أو "الجميزة" بالكنعانية، وهو اسم حيفا، الذي أقر به يوسابيوس مؤرخ الكنيسة. فلم يتبق لنا الكثير من الأسماء الكنعانية التي أطلقها الأجداد الفلسطينيون على مدنهم. فقد سرقها الصهيوني الكذوب وألصقها في قبعته وبدت وكأنها ذات أصل عبري. لكن "الجميزة" في مناخات الأثرياء، لا تصلح عنواناً لبيع أو شراء. فأية جُميزة هذه، التي سوف تجتذب مشترياً لشقة بخمسة أضعاف كلفة إقامتها، على أرض انتزعها الأثرياء، بنفوذهم، هي والطرق المؤدية اليها، بسعر تراب الصحراء؟! في هذا السياق، تُلح على الخاطر، عبارة الجاحظ في وصفه المتكرر لصاحبه الجشع أو البخيل: "وصديقٌ قد أُبتلينا بمؤاكلته"!
النضالات ومكابدات الغزو الصهيوني الهمجي، تتطلب نفوساً كريمة. والشحيحون غير ذوي أهلية لمسار تنموي أو لرفقة في الوطن، وإن كانوا يفتعلون الرقة والحماسة، في مناسبات الضجيج وفي مهرجانات شديدة الإضاءة تعلو فيها "الدلعونة" ويرفرف الشجن.
آكلون هم وليسوا مُطعمين. رافعو أسعار ومفتعلو مصاعب حياة، وبخلاء ماكثون لاقتناص اللقمة من يد الفقير. فهم مثلما وصفهم "ابن محبوب": جعل الواحد منهم في بطنه، ما يحمله عشرون جَمّالاً، وهل ينطلق الناس إلا من خفة في "الأكل"؟ وأي بَطينٍ يقدر على الحركة؟! "إن الكظيظ ليعجز عن الركوع والسجود، فكيف بالمشيْ النكير" وهذا الأخير، هو ذلك المشي الذي فيه شقاء.
علامات على الطريق - إسرائيل والدائرة المغلقة!
بقلم: يحيى رباح
معروف للجميع أن الاستيطان بمعناه العدواني والسلبي الشامل، كان وما يزال من الأفكار والقواعد المؤسسة لدولة إسرائيل مثلما كان فكرة وممارسة طلائعية لدى الحركة الصهيونية وقادتها الأوائل، وقد استمر العمل قبل الؤتمر الصهيوني الأول في عام 1897، وما بعده، لتشريع كل الوسائل للاستيلاء على أرض الشعب الفلسطيني بأساليب متعددة، تارة عن طريق استخدام النص الديني الملتبس كما في خرافة الوعد الإلهي، وصولاً إلى الأموال أمام الانهيار المتدرج للدولة العثمانية وكان المليونير اليهودي البريطاني اللورد روتشلد صاحب باع طويل لدى الأتراك ولدى البريطانيين بعدهم، بل لقد استخدمت الحركة الصهيونية وأداتها الوكالة اليهودية ومن ثم دولة إسرائيل بعد ذلك، كل ما لا يخطر على البال من أجل تعميق حركة الاستيطان وجعلها العمود الفقري للنشاط السياسي والعسكري، ابتداء من مذابح الطرد والتهجير القسري للشعب الفلسطيني، وإنكار وجوده أصلاً، وترويج مصطلحات سياسية عجيبة مثل مصطلح "الأرض المتنازع عليها" بعد احتلال الضفة والقدس عام 1967، بل إنه لا يوجد أسلوب من أساليب العدوان والعربدة، أو أساليب الغش والخداع والتزوير، والعودة إلى القوانيين البائدة مثل قوانين الاحتلال البريطاني أو الدولة التركية إلا وتم استخدامه لتحويل الاستيطان إلى فعل يومي مستمر.
ولكن هذه المرحلة الحالية في حياة إسرائيل تصل إلى ذروة التوحش الاستيطاني، لأنه مع مزيد الانحدار في المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف سواء على الصعيد الديني أو الفكري أو السياسي، فإن عناصر الاستيطان أنفسهم أصبحوا هم قادة إسرائيل، أصبحوا هم القادة في الجيش، والوزراء في الحكومة بل أصبح هؤلاء المستوطنون هم الجسم الرئيسي في حكومات نتنياهو، والحكومة الحالية على وجه الخصوص، وبينما كان قادة سياسيون إسرائيلون يلعبون لعبة الاستيطان لمضاعفة نفوذهم السياسي، أو كأداة للحصول على أصوات المستوطنين في الانتخابات، أو لاكتساب بعض المكاسب المالية من خلال تضخيم المخصصات المالية للاستيطان، انقلب الوضع تماماً، فأصبح قادة الحكومات ونموذجهم الأوضح نتنياهو هم الأدوات العمياء في يد الاستيطان بكل رموزه.
الآن، إسرائيل تعيش في دائرة مغلقة، الكل داخل قوقعة التطرف، والعمى العنصري، والجنون الاستيطاني، لا صوت يعلو خارج هذه القوقعة التي تعيش ضد قوانين التاريخ، وضد المزاج الدولي المتغير، وضد مصالح الجميع بما فيهم حلفاء إسرائيل نفسها، وكان آخر التفاصيل في إنغلاق هذه الدائرة هو انتخاب رؤبين ريبلن رئيساً لدولة إسرائيل، وبالتالي فقدت إسرائيل أي مساحة على صعيد القرار السياسي يدخل منها ضوء ولو بسيطاً يخترق جدار هذه الدائرة المغلقة، وهذه القوقعة الصماء، ولذلك فإن إسرائيل تندفع أكثر وأكثر نحو الصدام العنيف، نحو التفجير الشامل، لأنها أصبحت عاجزة بالمطلق عن التعامل مع أبسط الحقوق الفلسطينية ومع أبسط المتطلبات الفلسطينية، وأخطر دليل على ذلك أن إسرائيل التي ظلت لسنوات تشكك في أهلية التمثيل الفلسطيني، تقيم الدنيا ولا تقعدها ضد عودة الفلسطينيين إلى القاعدة الأصلية وهي القاعدة التي تجسد الوحدة الوطنية والمصالحة وإنهاء فصل الانقسام الأسود.
فلسطينياً، نحن نعي هذه الحقيقة، ونتابعها ونشتبك معها على مدار اليوم والساعة والدقيقة، وبسبب وعينا بهذه الحقيقة، فأن إسرائيل انحدرت إلى مرحلة الدائرة المغلقة، فإنه أصبح من أول الأولويات ومن أقدس الضرورات أن نعيد صياغة أدواتنا النضالية، على صعيد الإطارات التي يجب إعادة بنائها، وعلى صعيد المعايير التي تحكم حياة هذه الإطارات على اعتبار أننا في مرحلة اشتباك حتمي مع هذا الانغلاق الإسرائيلي الحدي القائم على قواعد العنصرية والعربدة والعدوان، يجب أن تتطور الأداة النضالية بما يتلاءم مع طبيعة المعركة ومعطياتها واحتمالاتها المتوقعة، وفي هذا الإطار يجب النظر إلى المؤتمر العام السابع لحركة فتح الذي تجري التحضيرات لانعقاده في موعده، والانتخابات التشريعية والرئاسية التي تعد العدة لإجرائها، ونرجو أن يكون الجهد بمستوى الهدف، وأن تكون النتائج بمستوى القصد النبيل.
نبض الحياة – المسألة العراقية
بقلم: عمر حلمي الغول
لم تكن الحرب الأميركية الأوروبية على العراق في تسعينيات القرن الماضي ومطلع القرن الحالي ضد نظام صدام حسين، ولا لأن الرئيس العراقي الراحل احتل الكويت، وإنما لأن الغرب عموماً وأميركا خصوصاً لديها مشروع الشرق الأوسط الكبير، وكي يحققوا هدفهم كان لا بد من اعادة تقسيم الدول العربية القائمة، وتمزيق نسيج الدولة الوطنية، التي انتجتها اتفاقية سايكس بيكو 1916، واعادة تشكيل المنطقة بما يتوافق مع الرؤية والمخطط الأميركي، ووضعوا السيناريوهات لبلوغ الهدف، وكان لا بد من تمزيق الدول المركزية الثلاث في الشرق العربي (مصر وسوريا والعراق)، ونجح سيناريو اغراق العراق في متاهة الحرب مع ايران ثم احتلال الكويت، ما حقق لهم النجاح في تصفية نظام البعث والإتيان بحلفاء طائفيين لتمزيق وحدة ونسيج الشعب والدولة العراقية بدعم من الدولة الايرانية، التي لها مصالح قومية في العراق والخليج عموماً، وللأسف بدعم من العديد من الدول العربية، التي تناست للحظة أو غابت عن بصيرة سياسييها أبعاد المخطط الاميركي.
ما يجري منذ عام 2003 في العراق من احتلال واعادة تشكيل لبنية ومكونات البناء القومي والنظام السياسي لم ينته، الأمر الذي يحتاج الى افعال وتفعيل عملية التمزيق للدولة العراقية على أساس ديني وطائفي ومذهبي واثني، لمواصلة السيناريوهات الأخرى في الدول العربية المختلفة، وخاصة الدول المركزية المذكورة ولم تستثن العربية السعودية ودول الخليج من المخطط المذكور.
ورغم هزيمة السيناريو الاميركي الاخواني (جماعة الاخوان) في مصر، الا أن المخطط ما زال جارياً العمل على تحقيقه، وهناك عشرات السيناريوهات المعدة لتنفيذه.
ما يجري الآن في العراق من انهيار للدولة العراقية ومؤسستها العسكرية التي تهاوت بشكل مريع أمام القوى الجهادية المعارضة للحكام ولجوء رئيس الوزراء نوري المالكي للولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي يميط اللثام عن المنحدر، الذي وصل اليه الحال في العراق الشقيق.
ورغم تضخيم آلة الاعلام الغربية – الاسرائيلية والنظام العراقي لدور تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام (داعش)، الا أن الأمر ليس تماماً كذلك، دون أن يعني ذلك انكار وجود وثقل ذلك التنظيم، الذي هو صنع الـ CIA لكن المؤكد أن هناك قوى قتالية على صلة عميقة بالبعث العراقي، حتى وإن حملت أسماء ذات صبغة اسلامية، وهو ما يشير الى أن العراق دخل فعلاً مع احتلال الموصل وكركوك وتكريت وغيرها من المدن مرحلة جديدة من الحرب الأهلية الدامية، والتي لها أكثر من طابع أولاً الطابع الاثني بين العرب والأكراد من جهة، وبين العرب والفرس من جهة ثانية، وثانياً الطابع الطائفي بين أتباع الطائفتين السنية والشيعية العرب والنتيجة المنطقية للتطورات الأخيرة دخول العراق مرحلة جديدة من التفتيت والتمزق إن لم تتمكن القوى الوطنية والقومية من استعادة زمام الأمور في الداخل العراقي، ولم تأت الانهيارات الأخيرة في مؤسسات النظام السياسي القائم بالصدفة، إنما لأن بناءه ارتكز على أساسات طائفية، أضف الى أن دور رئيس الوزراء الحالي ساهم بقوة في دفع الأمور الى المربع التراجيدي المأساوي، الذي وصلت له البلاد وبدعم صريح وواضح من النظام في ايران.
المطلوب من الدول العربية المختلفة وفي طليعتها مصر ودول الخليج دعم القوى القومية لاستعادة العراق الى الحاضنة العربية، وتنظيف العراق من عوامل الانقسام والتمزيق، وذلك لحماية بلدانها وللحؤول دون نجاح المخطط الأميركي.
لن يهزم المحتل أسرانا، ولكن..
بقلم: جواد بولس
في الرابع والعشرين من نيسان الماضي أعلن عشرات الأسرى الإداريين إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، وذلك احتجاجاً على قيام قوّات الأمن الإسرائيلية باعتقالهم من دون توجيه أي تهمة لهم أو تقديم لوائح اتهام، وحرمانهم عمليًا من فرصة الدفاع عن أنفسهم- كما يليق ببني البشر في هذا العصر، وببلاد الربيع العارم الزائف.
اتّسمت هذه الخطوة بعلامات ميّزتها عن محاولات إضراب سابقة نفذها بعض الأسرى الإداريين في العامين 2012، وفي نهاية العام المنصرم كذلك؛ فمنذ لحظة الإعلان الأولى انخرط تسعون أسيرًا، وفي طليعتهم قياديون بارزون، في الاضراب المعلن باسم جميع الأسرى الاداريين في سجون الاحتلال والمسنود من قبل الحركة الأسيرة كلّها التي عبّر قياديّوها عن موافقتهم ودعمهم للقرار، واستعدادهم لاتخاذ مبادرات إسنادية وتضامنيّة قد تتطور، كلّما استدعت الحاجة، إلى انضمام أعداد من الأسرى غير الإداريين للإضراب.
كانت ردّة فعل سلطات الاحتلال الاسرائيلية على إعلان الإضراب عنيفةً، واستهدفت قمع الخطوة ووأدها وليدةً، فمباشرةً قامت مصلحة سجون الاحتلال بنقل أسرى سجن "عوفر" المضربين إلى سجن "أيلون" في الرملة، ووضعهم في قسم كان لسنوات مغلقًا لعدم أهليته لعيش آدميين، وبالتوازي نقلت أسرى سجن "كتسيعوت"- (المعروف بأنصار) الصحراوي إلى قسم خيام بدائية ليتركوا في العراء وفي ظروف مأساويّة. هذا علاوةً على إحكام عزلهم عن العالم الخارجي بشكل تام وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية ولوازم معيشتهم اليومية.
حاول الإسرائيليون، عمليًّا "ضبع" الأسرى المضربين، فأنزلوا ضرباتهم الكيّدية الفورية والقاسية تباعًا، مؤملين أن تؤدي هذه إلى "إنبياق" الأسرى وانكسارهم الفوري. لم تؤتِ جميع الهجمات الاسرائيلية "أكلها"، فلقد كان الأسرى على جاهزيّة كاملة للتضحيّة، واستوعبوا بصبر وتحدٍ بارزين جميع تلك العقوبات، فمضت الأيام وطالت الليالي، حتى علا صوت أمعائهم المحاربة على وشيش السياط و"أزيزها".
من سوء حظ هذه التجربة أنّها تزامنت مع ثلاثة أحداث كبيرة شهدتها منطقتنا والعالم. فلقد كانت مخاضات المصالحة الفلسطينية طاغية على صدارة المشهد العام، ومثلها كانت الانتخابات في مصر، وزيارة البابا لفلسطين بما رافقها من تفاصيل وتداعيات.
على الرغم من ذلك، تفاعلت قطاعات شعبية ورسمية فلسطينية وأخرى مع اضراب الأسرى ومعاناتهم- وإن لم يرتقِ دعمهم إلى ما هو مرجو ومطلوب، خاصةً في غياب صوت الإخوة العرب والمسلمين، ومع ذلك فقد كان كافيًا لإمداد المضربين ورفاقهم بجرعات مهمة من الإسناد والمناصرة ساعدتهم على الصمود وصدّ الضغوطات الاسرائيلية على أنواعها.
في العزل ساءت أحوال الأسرى المضربين، وتدهورت صحّتهم بشكل ملموس وخطير، فأجبرت مصلحة السجون الاسرائيلية على نقل سبعين منهم وتوزيعهم على عشرة مستشفيات مدنية في سابقة نادرة أدّت الى زج المؤسسة الاسرائيلية في حالة طوارئ استثنائية، مربكة، مكلفة و"مستفزة"، ممّا استدعى ردود فعل قاسية من المستويين السياسي والأمني. لكنّه، في نفس الوقت، أجبر مصلحة السجون على الشروع بمحاولات حوار أوّلية مع المضربين وقياداتهم، علمًا بأن موقف هذه المؤسسة المعلن منذ البداية أن لا تفاوض مع مضربين.
في تلك الأثناء أعلن عشرات الأسرى عن انضمامهم للإضراب، فاتسعت حلقات الاسناد، وتخطّت جميع السجون والفصائل والقوى الفلسطينية، حاولت بعض الجهات نشر البلبلة حول قضية أعداد الأسرى المنخرطين في الإضراب وتسخير هذه القضية لتسخيف موقف الحركة الأسيرة، بينما كانت قضية أعداد الأسرى المنضمين للإضراب مهمة بدلالتين: انضمام أسرى جدد، وتزايد أعدادهم دون انقطاع بدل نقصانها، وكذلك بكون المنضمين الجدد يمثلون جميع القوى والفصائل.
خمسون يومًا مضت وحالة المضربين تزداد خطورة وعذاباتهم تشتدّ. مؤسسات دولية أعلنت مواقفها وإدانتها لسياسة إسرائيل ونهجها، وكانت من أهمّها صرخة الأمين العام للأمم المتحدة، بانكي مون، التي دوّت صريحةً ومباشرة؛ فإمّا أن تقدّم إسرائيل هؤلاء الأسرى إلى المحاكمات العادية ليحظوا بحقهم بالدفاع عن أنفسهم، وإما أن تطلق سراحهم فورًا.
إلى ذلك، شهدنا حراكًا ملموسًا في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية التي بدأت تتعاطى مع أخبار المضربين بروح إيجابية، وكانت صحيفة "هآرتس" الأبرز في هذا المشهد، حيث خصصت لأيام متتالـية خبرها الرئيسي وافتتاحيتها لقضية الأسرى الاداريين، وما يلحق بهم من ظلم وإجحاف.
الجانب الاسرائيلي يرصد جميع هذه المتغيّرات، وهو يتابع بقلق صمود مئات الأسرى وما يتفاعل من غليان في جميع السجون، ولذا فهو يمضي في محاولاته لكسر الإضراب قبل أن يحقق نتائجه. أسلحته في هذه المواجهة متعددة، ورهاناته كثيرة؛ أهمّها ما يبثه من إشاعات سامة ومحبطة تستهدف تيئيس الأسرى والشارع الفلسطيني، حيث يكد عملاء الاحتلال وينشطون. وإلى جانب هذه المحاولات يبقى تخطيطه لوقوع خلافات بين الفصائل والقوى هي كبرى أمنياته وأخطرها، فكلّنا يعي أن المصالحة المنشودة ما زالت هشة، وأن جسر ما حفر من أخاديد وهوّات في الجسد الفلسطيني، هو عملية معقدة وطويلة، ولذا فكل شرارة قد تشعل النار في حقول الألغام المنتشرة على طول الوطن وعرضه.
لن يهزم المحتل صمود أسرانا، أمّا أهل تلك الحركة وشعبها فقادرون على هزيمتها. تاريخ فلسطين والعرب يضج بهذه النكسات والهزائم. هذه أيام مصيرية وحاسمة. تضحيات الأسرى المضربين جسيمة، وتستدعي قدرًا كبيرًا من المسؤولية والانضباط من جميع المسؤولين والقادة.
نحن في نادي الأسير نذرنا أن نعمل، ونسخر كل طاقاتنا لنكون بجانب من يئن هناك في العتمة واللامكان، ونحن نعرف من تجربة ودربة أن الإسرائيليين يراهنون علينا/عليكم، وعلى سوس خشبنا، فهل ستكون فلسطين هذه المرة كشجرة الأرز لتفوت "عليهم" ما يحلمون به وينتظرونه؟
أما آن لهذا الظلم أن ينجلي، ويعود أصحاب الوعد والإيمان إلى حضن عائلاتهم وخضرة الوطن؟